أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الحب الأول _قصة قصيرة















المزيد.....

الحب الأول _قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4395 - 2014 / 3 / 16 - 01:24
المحور: الادب والفن
    


الحب الأول

استثمرت ناديا غياب زوجها المفاجئ للذهاب عند العرافة التي حددت لها يومين في الاسبوع لمراجعتها,كانت دقات قلبها تحكي قصة الاضطراب الذي رسم بملامحه على قسمات وجهها فبدا متلونا بين الشحوب وبين حمرة الخجل,همست في أذن نفسها لا بد من أن أصل بحل أنها حكاية مجرد حكاية مثلها ألاف تحدث يوميا لكنني لا أتمكن من أن أنسجها إلا مرة واحدة وبالصدفة ,تحاول أن لا تتعثر في مشيتها تتماسك وتتزن لتعط انطباعا لمن يرى السيدة ناديا الست التي تظهر دوما أمام الناس بتلقائيتها التي تحفي تحتها خيبات كثيرة ابتدأ من خيبة الخيار المصيري الذي ربطها بهذا الزوج المتناقض الغرائبي في تفكيراته إلى الكثير من قصص الفشل والإحباط.
في ليلة الخميس الماضية وكالعادة ناديا تخرج مع صديقاتها للمتنزه في جلسة نسائية خاصة لا تخلو أحيانا من أسرار ومكاشفات تصب أحيانا بحميميات من الخصوصيات العائلية فيما يكون الرجال في مجموعة ثانية مشتركين بأحاديث تتعلق بالعمل وأحيانا بالسياسة لكن المشترك بينهما جميعا انهم على هواية واحدة شرب الأراجيل مع قناني البيرة حتى يتم التئام المجموعتين لأحياء ليلة موسيقية على أنغام عود زوج نادية برقته في تحريك ريشته على أوتار تنزف ألحانا تشبه ألحان السماء,في تلك الليلة أعطتها واحدة من الشلة رقم هاتف العرافة كي تجد حلا.
تعود مشكلة ناديا إلى الأيام الأولى من زواجهما الذي صمد لحد الآن لثلاث سنوات مربكة ومرتبكة لا يفهم الزوجان حلا لها,الناس تسأل ما المانع من عدم الإنجاب أحيانا تسمع ناديا من أهل زوجها كلام يجرح كبرياء امرأة تعرف أنها بريئة من تهمة يحاول الآخرون إلصاقها بها دون دليل ولكن حبها لزوجها أكبر من هذه الأمور تتجاهل أحيانا وتطلب منهم أحيانا الدعاء لها , لا تريد أن تفصح عن سر المشكلة,حتى صديقتها التي نصحتها بالعرافة كانت تعتقد أن سبب عدم الحمل يعود لشيء روحي تلبس بناديا أو زوجها كل التحاليل التي في حوزتها تثبت أن الزوجان سليمان مئة بالمائة.
في الأيام الأولى للزواج كانت ناديا تفسر ما يحدث على أن الأمر طبيعي جدا وقرأت في السابق عن حالات مماثلة لكنها أيضا كانت بحاجة إلى ما يعوضها عن ذلك,مرت الأيام الأولى عليها بتعامل رياضي لكن ما إن أنقضى الأسبوع الثاني باتت تدرك وتخشى أن الوضع ليس كما تصورت أنها أمام مشكلة حقيقية,زوجها من الخجل يداري الوضع بالهروب للأمام يحاول تقليل وقع الحال عليها بافتعال المرض أحيانا وأحيانا بالهدايا أو السفر إلى أماكن جميلة قد تمنحه شيء من الاطمئنان أن ناديا لا تبوح بما لديها من وضع أصبح لا يحتمل بعد مرور أشهر تميزت بفشل كل المحاولات منها ومنه في تدارك الوضع.
وقفت في صبيحة أحد الأيام وهي في غاية الاكتئاب والثورة طلبت منه تفسير لهذا الوضع وإلا ستتخذ قرارا مصيريا لقد فاض الكيل لم تعد تستوعب شيئا إنها بحاجة إلى أن تفهم,لقد كسرت حاجو الحياء والتردد وطالبت لأول مرة أن تعرف ما يمكن أن يقنعها بالبقاء وأن تبحث عن حل مناسب ,أنزوى في أحد الأركان من الغرفة المطلة على حديقة المنزل ينظر بحيرة لما يجري أمامه من أحداث يمكن أن يؤتيها أصغر ما في الكائنات الحية دون أن يتمكن هو من الإتيان بها,يعرف جيدا أن يمكنه أن يفعلها وفعلها أكثر من مرة خارج هذه الغرفة اللعينة بل خارج وجود هذه الإنسانة ,لكن لماذا لا يستطيع معها فهل شيء.
خالد قبل أن يتعرف على ناديا كان يعيش قصة حب مع زميلة الدراسة في الثانوية العامة ولاحقا في الجامعة تزامل الاثنان لأكثر من عشر سنوات ومعروف أنه في حدود معارفهم وفي العائلتين أنهما أكثر من خطيبين ,لكن شاءت الظروف أن تقحمهما بالغير متوقع عندما بدأ الصداع الحاد المتكرر يتناوب على يوميات حياة خطيبته ليكتشف لاحقا أنها مصابة بورم في الرأس وأن فرصة العلاج والشقاء ضئيلة جدا,حاولت وحاول معها أن يتشبثا بالحياة بأي صورة حتى أنه في مراحل متقدمه من مرضها طلب أن يتزوجها رغبة منه برفع معنوياتها لكنها رفضت أن تكون عبئا على حبيب العمر وهي مسافرة بلا عودة.
ناديا تعرق هذه القصة بتفاصيلها المملة وتعرف أن حنين خالد لا ينتهي بحدود زواجه منها,لكنها فعلت ما يمكن أن يعوضه ذلك الحنين فهي تملك تفاصيل ووجه وجسد يشبه حبيبته السابقة حتى الاسم هو ذاته,قالت لها زميلة في العمل بما يشبه النبوءة أن هذا الزواج لا يمكن أن يعمر ولا يستمر إنه خداع للذاكرة فقط ,ذاكرة الحبيب لا تنتهي عند حدود الأشياء الظاهرة,جراحات الذاكرة لا تلتئم عادة تبقى متقدة مثل الجمر لكنها أصرت أن تثبت العكس لزميلتها,كانت تمتلك روح تحدي أثبتته الآن مرارا , لا يمكن أن يكون التحدي موقفا مناسبا للمواجهة قد يكون شجاعا ومتهورا يؤدي للانتحار أما عاصفة الحنين تبقى لحبيب الأول.
حاول خالد ونجح في مرة واحدة لم تتكرر عندما قرأ في احدى الأبحاث أن أسباب الفشل هذه عقلية وليست لها علاقة بالقضايا العضوية والوظيفية وعلى المبتلى بها أن يحيد العقل بذاكرته ويفصل بينهما لو أراد النجاح,جرب بعد تمرين شاق مع نفسه وكاد أن ينجح لولا لحظات مرت استحضرت كل الماضي الحزين بما فيه من يؤس وفرح وذكريات أشغلته عن التركيز فخر مغشيا عليه كأني محارب أنهكت ساعات القتال الطويلة كل قواه,حاول أن يعيد الكره,الحنين كان أقوى لديه من المحاولة عزف لحن الحزن السرمدي منتظرا القدر أن يمطر حظا من السماء.
وحدها ناديا لديها الحل السحري الذي لا أظن أن حلا أخر يمكن أن يكون بديلا,حل يمتلك من العلمية والمصداقية ما ينهي المشكلة برمتها لكم اعتدادها بنفسها ومحاولة أن لا تكون ضحية القربنة التي تكره فكرتها أصلا جعلها ترفض الإذعان لهذا الحل,إنه سر الاعتزاز بالأنوثة الخاصة,قابلت طبيبا نفسانيا وشرحت له المشكلة , خالد يعاني من متلازمة نفسية بسبب التشابه البدني والاسمي أيضا بين الحبيبة والزوجة وعلى الأخيرة أن تجري تغيرات مهمة في شخصيتها وحتى تعويد الزوج على المناداة عليها باسم جديد لتبعد خالات الاسترجاع القهري القوية التي تربطه بعالم الموتى ,ترددت كثيرا في تنفيذ الحل وأخيرا هي الآن تسير باحثة عن حل يرضي غرور لامرأة في تحديها للحب الأولي



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام وواقع المسلمين ج2
- الإسلام وواقع المسلمين
- من يمنحني روح
- الدين بدالة التدين أفتراق في الجوهر والمضمون ح2
- الدين بدالة التدين أفتراق في الجوهر والمضمون ح1
- حلم بلون العسل ..... المر _قصة قصيرة
- البعدية وأعلان أنتصار العقل
- الدين والقومية والجغرافيه
- المرأة بين حق الوجود وحق الوجوب
- الفكر العربي بين روميو وجوليت وعنتر وعبله
- شيخوخة الفلسفة وأزمة العقل
- ولادة اللحظة تاريخية الزمن أم زمنية التأريخ.
- مسافات الوهم
- الحس الإنساني في كتابات المرأة Anaba Biskra مثالا.
- مقتطفات فلسفية
- شجرة الأحلام _قصة قصيرة
- لا بوابات ... لا طرقات ...لا شيء أمام
- (( فنان الشعب))
- عبود ومولير .... الراين ودجلة , يوسف العاني وشجون الفن
- الدومينو والسياسة والبندقية _ قصة قصيرة


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - الحب الأول _قصة قصيرة