أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - خارطة الطريق - ستة منطلقات لبناء الدولة الديمقراطية وقلب حكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية















المزيد.....



خارطة الطريق - ستة منطلقات لبناء الدولة الديمقراطية وقلب حكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4393 - 2014 / 3 / 14 - 22:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مؤخرا اعلن الوزير الاول السيد عبدالاله بنكيران امام برلمان حزبه ، انه واثق من حتمية الفوز الساحق بالانتخابات الجماعية المزمع اجراءها في غضون هذا العام او العام المقبل ، كما طمأن مناضلي حزبه ، كذلك ، بحتمية الفوز في الانتخابات التشريعية التي ستجيء مباشرة بعد الانتخابات الجماعية في سنة 2016 . ان هذه الثقة العمياء في النفس ، ليس لها من تفسير غير تكرار المشهد السوريالي للحكومة الحالية ، والتي اجمعت جميع التحليلات على انها حكومة كارثة بامتياز ، بسبب تخصصها فقط في ضرب القوة الشرائية للمواطنين من خلال الزيادات المهولة والخطيرة التي مست كل المواد الشعبية ، ومن خلال اهدار حقوق الشغيلة في التهديد بالسجن للمضربين ، والاقتطاع من اجورهم ، وتهديد الموظفين بمراجعة سلالم الترقية والأجور والمكتسبات التي راكمتها الشغيلة بنضالات استغرقت سنوات ، وهنا لا ننسى التحضير للإجهاز على صناديق التقاعد بتحميل المتقاعدين المسؤولية عن فراغ الصناديق ، مع الشروع في ( اصلاح ) تدمير نظام التقاعد بواسطة الرفع من المساهمات والاقتطاعات ، واحتساب التقاعد فقط على السلم الاخير الذي شغله الموظف خلال العشر سنوات الاخيرة ، كما لا ننسى الاجهاز على صندوق المقاصة ، وتعرية الشعب والجماهير امام غول الارتفاع المهول للأسعار ، وأمام انظار النقابات المتواطئة في هذه الضربة المسعورة الموجهة الى القدرة الشرائية للمواطنين . امّا اذا رجعنا الى المنظومة التعليمية ، ومنظومة الادارة والعدالة ، ومنظومة الادارة المغربية بصفة عامة ، فان الرتب الدنيا التي صنفت فيها المؤسسات الدولية المتخصصة المغرب ، دليل ساطع على التدهور العام الذي اصاب ويصيب منظومة القيم العامة في الدولة ، وهو ما يعطي ارتسامات بإمكانية حصول هزات شعبية جماهيرية ضد هذا الوضع الكارثي للحكومة .
فهل تأكيد السيد عبدالاله بنكيران على حتمية الفوز في الانتخابات القادمة ، هو ارادة طبيعية في مواصلة السياسة الحكومية اللاّشعبية التي اضرت بجميع الفئات التي يتكون منها المجتمع ، خاصة البرجوازية الصغيرة ، والبرجوازية ما فوق الصغيرة ؟ فلأول مرة بدأنا نسمع بتهديد التجار ورجال الاعمال بالمناطق الجنوبية ، بالعصيان وبالامتناع عن التسجيل في السجل الضرائبي ، و بالامتناع عن اداء الضرائب التي ستفرض عليهم .
ان ما يستغرب له امام هذه الكارثة الاجتماعية للحكومة ، هو ابتلاع النقابات العمالية للسانهم رغم الزيادات المهولة التي اصابت جميع المواد والمنتوجات بدون استثناء ، وهنا نتساءل . لماذا دعت (ك د ش ) و ( ا م ش ) للإضراب العام في سنة 1981 فقط لان الحكومة قررت زيادة عشر سنتيمات في الخبز . ولماذا الاضراب العام في 1984 بسبب سياسة التقويم الهيكلي والزيادات الطفيفة التي مست المواد الشعبية للمواطنين ؟ ولماذا الاضراب العام من طرف ( ك د ش ) و ( ا ع ش م ) في سنة 1991 بسبب تهرب الحكومة من الحوار الاجتماعي مع النقابات ؟ ولماذا لم تبادر تلك النقابات الى اعلان الاضراب العام كاحتجاج على الزيادات المهولة التي حصلت ابان الحكومة التي ترأسها الاستاذ عبد الرحمن اليوسفي ، وحصلت بشكل بشع وكارثي اثناء الحكومة التي يتواجد بها حزب العدالة والتنمية متبوئا الوزارة الاولى ؟
اولا ، مخطأ من يعتقد ان السيد عبدالاه بنكيران يحكم . ان السيد بنكيران هو معول لتنفيذ برامج مملات عليه من فوق . الم يصرح السيد بنكيران بان فؤاد الهمة لعب دورا اساسيا في تشكيل الحكومة السابقة والحكومة الحالية ؟ ومن يقل السيد الهمة ، يعني مستشاره الشرقي ضريس الذي يملي عليه التوجهات ويرسم له المخططات حتى ولو كانت مضرة . فهل الحكومة الحالية مثل جميع الحكومات السالفة تتمتع باستقلالية في اتخاذ القرار السياسي في القضايا الاستراتيجية ، والقضايا ذات الحساسية المفرطة . فاذا كان حزب العدالة والتنمية قد احرز على ما مجموعه 107 مقعد في الانتخابات ، وهي رغم انها نسبة مهمة لم يسبق لأي حزب سياسي ان احرزها في الاستحقاقات التي عرفها المغرب ، فان امكانية تشكيله للحكومة يبقى امرا مستبعدا لعدم حصوله على الاغلبية المطلقة التي تمكنه من تكوين حكومة منسجمة ، تتمتع بالاستقلالية والمبادرة في اتخاذ القرارات . فبفضل حكومة الظل التي سماها بنكيران بالحكومة العميقة التي رئيسها الهمة ووزير داخليتها الضريس ووزير خارجيتها الطيب الفاسي الفهري ، دخلت الى الحكومة مع حزب العدالة والتنمية ، احزاب كانت تعتبر التحالف ، او حتى الجلوس ، بل حتى التنسيق مع الحزب الاخواني خطا احمرا . فماذا يجمع حزب الحركة الشعبية بزعامة تلميذ ادريس البصري العنصر بحزب العدالة والتنمية ، وهنا لا نستغرب عدم خجل العنصر ، حين قال اثناء عزم القصر على تولي الاستاذ اليوسفي للوزارة الاولى ، بان حزب الحركة الشعبية هو الحزب المؤهل الذي تتوفر فيه جميع الشروط الموضوعية لتكوين حكومة مع الاتحاد الاشتراكي ، باعتباره اقرب الى هذا الحزب سياسيا وثقافيا . وهنا نتساءل : هل كان العنصر يدرك بحسه البصروي ، النهاية المأساوية التي وصل اليها الاتحاد الاشتراكي اليوم بعد تعيين لشكر على رأسه ، ام ان جهات نافدة هي التي سربت للعنصر المآل الحقيقي ، والمآل القريب الجديد الذي سيضحى عليه حزب الاتحاد الاشتراكي . الآن ان الاتحاد ينسق مع احزاب انشأتها وزارة الداخلية في فترات متعاقبة ، مثل الاتحاد الدستوري ، والتجمع الوطني للأحرار اللذين انشأهما ادريس البصري ، و كانا يصنفان بتسمية احزاب الادارة ، كذلك ينسق ويجلس مع حزب الدولة الذي انشأه الهمة من موقعه كوزير للداخلية حزب الاصالة والمعاصرة . فماذا يجمع هؤلاء الاحزاب بالاتحاد الاشتراكي ، غير ان هذا الاخير اضحى معولا لحكومة الظل ينفد التعليمات بأحسن وجه ممكن . ثم ماذا يجمع الحزب الاخواني بحزب التقدم والاشتراكية غير التماهي والتنافس في خدمة حكومة الظل . الم يكن التقدم والاشتراكية يعتبر العدالة والتنمية خطا احمرا ؟ . اذن كيف يقول خالد الناصري مؤخرا ان تحالف الحزبين هو تكتيكي وليس استراتيجي ، ام ان لعاب الوزارة اعمى ( الشيوعيين ) المزيفين عن التمييز بين ما كانوا يروجونه من شعارات وقوالب مكذوب عليها ، وان ما يجمع الاخوان و (الحداثيين ) هو التصارع على الريع الحكومي اكثر من الريع البرلماني ؟
ان تشكيل الحكومة الحالية والسابقة ، وباعتراف عبدالاله بنكيران ، اثثها السيد الهمة المحسوب ورئيس على الحكومة العميقة ، ومن ثم فان القاء نظرة بسيطة على الاشخاص التي تكونها يوضح ان العديد من الوزراء في الحكومة يمثلون فعليا حكومة الظل ، او الحكومة العميقة التي يتشكى منها بنكيران ، ويصف اعضاءها بالعفاريت والتماسيح . فماذا يعني وجود مستشار الهمة الشرقي الضريس ؟ وماذا يعني وجود وزراء باسم التكنوقراط المفترى عليهم ، وهم اعضاء سياسيون فاعلون في الحكومة الشكلية باسم الحكومة العميقة ؟
اما الوزراء المنتمين الى الاحزاب المشاركة في الحكومة مثل الحركة الشعبية ، التجمع الوطني للأحرار ، حزب التقدم والاشتراكية ، وحزب الاستقلال الذي خرج من الحكومة ، فهم معاويل يخدمون مخططات الحكومة العميقة بأساليب مفضوحة وغاية في البلادة . ان بعض التصريحات التي يطلقها بعض الوزراء السابقين او الحاليين بشأن حزب العدالة والتنمية ، وتبرير التحالف معه بالتحالف التكتيكي وليس التحالف الاستراتيجي ، هو خدعة وأكذوبة يحقها المواطنون من مختلف الطبقات .
اذن انطلق " الرواج " التحضيري للانتخابات الجماعية من جديد في غضون هذا العام او العام الذي يليه ، كما ان جميع الفرق ( السياسية ) تحضر للانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في سنة 2016 ، والموعد ليس ببعيد لمن اراد وفعلا ان يفوز بالرهان الذي يوصله ، اما الى الاندماج الكلي في مسلسل التغيير الهادف ، او البقاء رهينا الى تعليمات وتوجيهات الحكومة العميقة . فالمسألة تعني اما الارتباط بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية ، وبخدمة الكتلة الناخبة ، ومن وراءها الجماهير التي صوتت لصالح المنتخبين محليين او جهويين بالنسبة للانتخابات الجماعية ، او بالنسبة للمنتخبين الوطنيين الذين سيدخلون البرلمان ، وإما استمرار الوضع على ما هو عليه ، مع انتظار مفاجئات شعبية ستتجاوز الاحزاب والنقابات الحالية ، لان الوضع المتردي لا يمكن له الاستمرار . من هنا بدأت التكهنات حول مدى اتساع او ضيق " الانفتاح القادم " وحول توقيت انطلاق التجربة الديمقراطية الثالثة في عهد العاهل محمد السادس .
وبغض النظر عن المسارات العامة التي قد تتخذها الانتخابات القادمة ، فان دروس التجربة الديمقراطية الميتة لا زالت حية في اذهان الناس عبر جميع المحطات التي تم فيها تزوير الارادة الشعبية لصناعة خرائط انتخابية لا تعكس التمثيلية الحقيقية للقوى الفاعلة في الساحة ، وهذا يجعل المشاركة الشعبية ، رغم حجمها الضيق بسبب الاهمال والمقاطعة ، تأخذ شكل فلكلور موسمي لإضفاء مصداقية مكذوب عليها على مؤسسات مصطنعة لا حقيقة لها بما ينطق به الواقع العملي والشعبي ، الهدف تزيين الواجهة الخارجية المفضوحة لدا الدوائر الاوربية التي تتعامل معها بكل حيطة وحذر .
لذا لابد من العودة للتذكير بالمنطلقات الصحيحة من المسألة الديمقراطية عامة كما يفهمها كل التقدميون والديمقراطيون المخلصون ، مع ضرورة طرح وظائف الانتخابات ومفهوم النضال الديمقراطي وأهدافه ووسائله ، علما بان وضوح الخط هو شرط سلامة الممارسة الديمقراطية وابتعادها عن انصاف الحلول السلبية وعن عقم الخط الانتخابي الضيق . وقبل ان نشرع في تحديد هذه المنطلقات نجد من الاهمية بمكان ان نثير بعض الحقائق التي لابد منها لكي يعرفها الشعب المغربي وقواه الحية ، وهي ان الحكومة العميقة او حكومة الظل حكومة الاقطاع السياسي البلطجية ليست هي الملك ، والملك ليس هو هذه الحكومة . وبالرجوع الى تاريخ تكوين الحكومات المغربية لم يسبق ان سمعنا ان الملك ترأس مجلسا لحكومة الظل او الحكومة العميقة ، بل ان ما نشاهده ونسمعه ان الملك ترأس مجلس الحكومة التي ادت اليمين الدستوري بين يديه ، كما لم يسبق ان سمعنا ان حكومة الظل ادت اليمين امام الملك ، ورغم ذلك فان الحكومة المؤدية لليمين تفتقد الى المشروعية الوطنية والى المصداقية ، لأنها لا تمثل الاغلبية الساحقة من الشعب الذي درج على مقاطعة الانتخابات بسبب لا جدوى ولا خير يرجى منها . وعلى الرغم من انها منتخبة من قبل اقلية ناخبة ، إلاّ انها لا تمثل كذلك جميع هذه الاقلية ، لان بعضها يكون قد صوت لأحزاب ليست عضوا في الحكومة الحالية . وهو ما يجعلها حكومة تصريف اعمال لمواجهة ظرف طارئ خارج عن ارادة رسّامي الخرائط الحزبية والسياسية المنتمين الى حكومة الاقطاع السياسي والبلطجي . لذا فان حكومة الاقطاع ليست هي الملك وهذا ليس هو تلك الحكومة ، لان الملك يمكن ان ’يذلّ اعضاءها او بعضهم مثل ما حصل لعبدالهادي بوطالب زمن الحسن الثاني ، وحصل للمحجوبي احرضان عندما طرد من الحركة وعوض بالعنصر التلميذ النجيب لإدريس البصري . كذلك نستذكر المآل الذي انتهى له ادريس البصري عندما وضع الملك محمد السادس نهاية لتعجرفه .
وكما ان حكومة الاقطاع السياسي ليست هي الملك ، فان هذه الحكومة ليست هي المخزن والمخزن ليس هو تلك الحكومة . ان المخزن يضم كبار ضباط القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والعديد من العلماء وزعماء القبائل الذين هم ليسوا اعضاء في تلك الحكومة . واذا كانت هذه هي الحقيقة فان الخطورة هي حين تحاول حكومة الاقطاع السياسي البلطجية تقديم نفسها على انها هي الملك وهي المخزن ، ومن ثم ، فان الخطورة بالنسبة لهذا الحكومة التي تسيطر على الدولة وتخرب البلاد والعباد ، انها تتصرف باسم الملك ، فتستغل اسمه في تحقيق مآربها ونزواتها ومصالحها الشخصية الضيقة ، وليس مصالح الملك او الشعب اللذين تتعارض مصالحهما مع مصالح الحكومة البلطجية ، وهي حكومة بلطجية لأنها سرقت الدولة وهربتها حيث ينتشر الفساد بجميع اوجهه المعروفة ، كما انها حكومة بلطجية لأنها لم تأت بواسطة الانتخابات ولم ينتخبها احد ، بل هي مفروضة بشكل استبدادي غاية في الباشعة . لذا فان تدميرها ومحاكمتها وتتريكها تبقى من اولى الاولويات والمسؤوليات الجسام التي على الديمقراطيين الانكباب عليها . فاذا كانت مسافة الالف ميل تبدأ بخطوة ، فان التطورات المتلاحقة التي عرفها المغرب ، جعل من فرص التغيير الديمقراطي تقطع 999 ميلا ، ولم تبق إلاّ خطوة واحدة للوصول الى دولة الحق والقانون ودولة المساواة بين المواطنين وربط المسؤولية بالمحاسبة . ان ما حصل مؤخرا لعبداللطيف حموشي المدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بفرنسا ، وما حصل باكرا نيا ويحصل بالعديد من البلاد العربية يجعل من المستحيل تكرار مجازر 1965 و 1981 و 1984 و 1990 . كما ان الموقف الامريكي بخصوص توسيع صلاحيات المينورسو بالصحراء سوف لن يسمح بمجزرة افقير او البصري ، لان المحكمة الجنائية الدولية ، والمحاكم الاوربية مثل الاسبانية والفرنسية والمحكمة الاوربية ، وجمعيات حقوق الانسان من لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف الى منظمة العفو الدولية الى يومان رايتس ووش ... لخ ، ستتدخل بما يكفل احترام حقوق الانسان ، وحق التعبير والتظاهر ، وأكيد انه عند سقوط ضحايا ستكون العقوبات في مستوى الجرائم المرتكبة .
المنطلق الاول : لا بد من وضع حد للإقطاعية السياسية لحكومة الظل عدوة الديمقراطية ومدمرتها :
ان المسألة الديمقراطية في المغرب تطرح اول ما تطرح ، التساؤل الجذري حول مشروعية حكومة الظل البلطجية . ان الاقطاعية السياسية التي تشكل جوهر الحكومة العميقة كما سماها احد معاويلها السيد عبدالاه بنكيران ، تنفي مبدأ الديمقراطية من اصلها لا سيما من خلال :
1 ) استعمال الحكومة الرسمية واجهة للاستعمال فقط ، في حين تسيطر حكومة الظل على كافة السلط التشريعية منها والتنفيذية ، مع وضع الجهاز القضائي في تبعية مباشرة لها ، اي لحكومة الظل . وهنا نتساءل عن منْ منع وقفة نادي القضاة المطالب باستقلالية القضاء ونزاهته ؟ اليس ممثل الحكومة العميقة في الحكومة الشكلية الشرقي ضريس ؟ وهل كان لهذا الجرأة والمقدرات العلمية على اتخاذ مثل هكذا قرار دون اللجوء الى رئيسه الذي هو مستشاره السيد الهمة ؟
2 ) عدم الاعتراف بالأحزاب السياسية والهيئات السياسية الحقيقة ، وليست المصطنعة ، كمؤسسات ذات تمثيلية ، مع الفصل اصلا بين التمثيلية والانتخاب ، بل واعتبار العلاقة " مباشرة مع الشعب " الذي يتم التعامل مع افراده كرعايا تابعين وليس كمواطنين . وهنا نتساءل بخصوص تحقير الشعب . لماذا لم يتم الرجوع الى الشعب لاستفتائه عن مشروع الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ؟ ولماذا لم يتم الرجوع الى الشعب عندما وافق الحكم على الاستفتاء لتقرير المصير في نيروبي الثاني ، وعند قبول اتفاق الاطار الذي انجزه جميس بيكر ؟ ثم لماذا لم يتم الرجوع الى الشعب لاستفتائه عندما تم التوقيع على وقف اطلاق النار مع البوليساريو ، وتحت انظار الامم المتحدة في سنة 1991 لتنظيم الاستفتاء في الصحراء ؟ . ان الشعب في المغرب يصلح فقط للتطبيل والتهييج ، ويصلح وحده ، ولوحده ، وليس عائلة آل الفاسي ، او عائلة زمرة العصبية القبلية البلطجية المكونة لحكومة الاقطاع السياسي ، وقودا في الصحراء .
3 ) اعتبار حكومة الظل البلطجية نفسها هي الملك والملك هو الحكومة ، وهذا يجعل من الحكومة العميقة مستعصية عن النقد ، لأنها اضحت مقدسة ، فلا يجوز معارضة سياستها او المس بها ، او حتى التفكير في ذلك ، فآي عمل او تعامل سياسي يجب ان يندرج وفقا لقانون هذه الحكومة في اطار احترام القيم السياسية الاقطاعية التي تتفنن فيها الحكومة الاقطاعية السائدة ، حيث يستمد العمل السياسي مشروعيته من مشروعية حكومة الظل الاقطاعية وليس العكس .
هذا هو جوهر حكومة الاقطاع السياسي المطلق ممارسة ودستورا ، حيث عكست جميع الدساتير التي عرفها المغرب بانفراد حكومة الظل دائما بوضعها غير الطبيعي ضمن معادلة مختلة الاوزان السياسية لتقنين اوضاع السلطة الاستبدادية المطلقة التي لم تجعل من الديمقراطية في يوم من الايام ، هدفا ولا طريقا في الحكم ، بل عملت دوما هذه الحكومة اللاّشرعية لأنها لن تأت بواسطة الانتخابات الشعبية ، على محاربتها والتحالف تاريخيا وحاليا مع القوى الاستعمارية لإحباط اي تطلع شعبي نحوها . وهذا ما يجعل هذه الحكومة المجسدة للإقطاع السياسي ان تكون نشازا في المعادلة الشعبية ، لأنها تستقوي فقط بالأجهزة المختلفة من بوليس وسلطة وجيش ودرك في فرض نفسها على الشعب الذي يرفضها ، وهذا ما يدفعها دائما الى طرح مفهومها السياسي الخاص للديمقراطية ، على انها صيغة للتساكن بين الحاكمين والمحكومين . وهذا ما فطن له عبدالاله بنكيران مؤخرا حين بدأ في مجاملة رموز الحكومة العميقة ويعترف بخصالهم ( الحميدة ) بعد ان كال لهم من السب والشتم ما لم يقله اشد اعداءها غلاظا .
هكذا نجد ان حكومة الاقطاع السياسي التي سماها بنكيران بالحكومة العميقة تحرص على افراغ الديمقراطية من مدلولها الحقيقي ، وتمييعها بجعلها لعبة تنافس سياسي يتصدر دفتها اللوبي المتحكم من موقع " الحَكَم " الابوي الذي تتهافت عليه كل الاطراف للتظلم والتباكي على ما يسمونه نفاقا وتملقا ب " الاعتاب الشريفة " للاستفادة من إراداته ، ولاستمداد المشروعية منه ، لا من الشعب المفروض فيه انه مصدر جميع السلطات في الدولة .
قد يبدو هذا التحليل مجرد تكرار للبديهيات ، لكن ما الذي جعل بديهيات الامس ومسلماته تصبح اليوم موضع طعن وتشكيك من طرف البعض ؟ وما الذي تغير في جوهر حكومة الاقطاع السياسي وطبيعتها حتى يتسابق هذا البعض اليوم مثل الامس ، على لعب دور " المعارضة البناءة " التي لعبها الاتحاد الاشتراكي منذ النصف الاول من السبعينات وحتى مطلع العشرية الاولى من الالفية الثالثة ؟ رافضا استخلاص الدروس ومتماديا في تحريفه وتزييفه الخاص للديمقراطية ؟ فما هي الدروس اولا ؟
المنطلق الثاني : وظائف الانتخابات :
اذا كانت الاقطاعية السياسية هي جوهر الحكم المطلق ، فان الطابع السائد في الخطاب الايديولوجي والسياسي للحكومة العميقة يبقى هو الازدواجية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم المغرقة والغارقة في التخلف التقليداني الاركاييكي ، بحجة الانتماء الى اهل الدار ، ومن جهة اخرى ، التهافت اللبرالي الممسوخ في الشكل واللهجة . وهذا يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الاصول الاقطاعية للحكومة العميقة ، والتطلع نحو الليبرالية والعصرنة الممسوخة والمشوهة ، حيث لا يأخذون من الغرب غير القشور المضرة بحضارة الشعب المغربي الحقيقية ، هدفهم من ذلك افلاس النشء تمهيدا لإفلاس الامة . ان حكومة الاقطاع السياسي الفاسدة لا يمكنها العيش إلاّ في وضع اجتماعي مماثل فاسد ، ومن ثم تحرص على افساد البطانة ليستثب لها الاستمرار ، والبطانة لكي تؤدي وظيفتها المرسومة بعناية لا بد لها من تفسد معها الامة حتى يسود الفساد ارجاء الدولة ويكون مقبولا شعبيا وطبقيا . وهنا تلعب الاجهزة الايديولوجية التي تتحكم فيها حكومة الاقطاع السياسي الفاسدة من تلفزة وصحف ووكالات انباء دورا خطيرا في مسخ هوية الامة وضرب حضارتها الرافضة للفساد . في هذا الاطار نجد كثرة برامج الغناء والرقص ( ستار اكاديمي ، برنامج فاصلة ، ستوديو دوزيم ، اغاني الرّاي الساقطة ، موسيقى اكناوة ، الموسيقى الروحية ، مع ما تبثه القنوات الخليجية من اراب مول مثلا .. ) مع الاستثمار التخديري في كرة القدم ، حيث تجد المغاربة يتعاركون من اجل فريقي البارصا وريال مدريد ( ان طلبت من المغربي ان يسرد لك تاريخ الكرة الاسبانية فانه سيظل يتكلم ودون انقطاع لمدة شهر كامل ، لكن ان طلبت منه ان يحكي لك عن تاريخ بلاده ومقاومته وعن جيش التحرير المغربي وعن عبدالله ابراهيم و عبدالرحيم بوعبيد ومحمد بن عبدالكريم الخطابي وموح او حمو الزياني والمختار السوسي واحمد الهيبة ماء العينين .. فانه يجهله بالتمام والكمال ) .
ان هذه المعادلة القائمة تهدف بالأساس الى اخضاع البرجوازية الوطنية والتحكم فيها ، كما تهدف الى سجن الفئة العليا من البرجوازية الصغيرة في دور لا يمس الهياكل الاساسية ، بل لا يسعى حتى الى ترميمها وإصلاحها ومعارضتها " معارضة بناءة " .
اذن من هنا كان الحرص الدائم لدى حكومة الاقطاع السياسي ، هو احداث اكبر ما يمكن من الرواج السياسي ( السوق ) ، لكن في اطار لا يتجاوز حدود وسقف " الطبقة السياسية " ، سيرا على مبدأ : " السياسة مع النخبة ولها " اما الشعب المغبون فيكتفي بلعب دور كمبراس ، او خادم لحكومة الاقطاع السياسي في العملية السياسية التي تكون مغشوشة من اصلها . وهذا هو تكتيك الانفتاح الذي مارسته مثل هذه الحكومات منذ افقير والى ادريس البصري ، ثم حاليا حيث يتم التحضير للانتخابات في ظل وضع اقتصادي وسياسي متأزم ، وفي ظل تراجعات خطيرة مست قضية الصحراء المغربية ، سواء بتوسيع قاعدة المطالبين بالاستفتاء لتقرير المصير بالأقاليم الجنوبية من المملكة ، وسواء تراجع المجتمع الدولي ، وخاصة الدول التي تقرر السياسة الدولية من تأييد حل الحكم الذاتي الذي لقي في ابانه ، وبفضل تفجيرات 16 ماي /2003 دعما بسبب الحرب على الارهاب التي انخرط فيها في المغرب بدون شروط . اذن في ظل وضع مأزوم على كافة المستويات ، وضائقة سياسية واضحة ، تتطلب من حكومة الاقطاع السياسي حتى لا تنفلت الامور من بين ايديها وتقدم الى المقصلة ، ترتيب اوضاعها من جديد . ان هذا يعني ان الانفتاح بصيغته العملية وهي الانتخابات ، يؤدي عدة وظائف نوجزها اجمالا في ثلاثة : اضفاء المشروعية على حكومة الاقطاع السياسي البلطجية لأنها لم تأت بالانتخابات ، وتسيطر على مقدرات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فهي بذلك سارقة للبلد وللشعب ، ثم تجديد التحالف الحاكم سواء من خلال الاحزاب المكونة للحكومة ، او تلك الاحزاب التي تلعب دور المعارضة البرلمانية ، وهي كلها معاويل في ايدي حكومة الاقطاع السياسي تؤثث بها المشهد السياسي بما ’يزلّج الواجهة الخارجية ، وبما يطيل الاستبداد والطغيان في الداخل الوطني . وهنا لا فرق بين الاصالة والمعاصرة ، او التجمع الوطني للأحرار ، او الاتحاد الدستوري ، او الحركة الشعبية ، او جبهة القوى الديمقراطية ، او حزب التقدم والاشتراكية ، او حزب المؤتمر الوطني الاتحادي ، او الاتحاد الاشتراكي ، او حزب الاستقلال ، وأخيرا تقنين اساليب القمع السياسي والإيديولوجي لحكومة الاقطاع السياسي . فلننظر اذن عن قرب الى هذه الوظائف على ضوء " التجارب الديمقراطية " الماضية وخاصة منها ما استدرج تحت نعت " مسلسل التحرير والديمقراطية " الذي لا يزال ساريا الى اليوم . فمنذ 1975 ونحن نجتر هذا المسلسل ونخسر الملايير من الدراهم لإقناع المغاربة به ، لكن الى الآن كل شيء فشل فشلا دريعا ، فلا المسلسل الديمقراطي عرف طريقه الصحيح ، ولا مسلسل التحرير حسم في قضية الصحراء المغربية ، بل لقد حصل تراجع خطير في المسلسلين وباعتراف الملك حين وجه خطاب مكاشفة عن القضية الوطنية بمناسبة افتتاح البرلمانية الخريفية مؤخرا .
1 -- ) اذا كانت الاستفتاءات الدستورية قد استهدفت اضفاء المشروعية على طبيعة الاقطاع السياسي لحكومة الظل ، فان الانتخابات تعدت ذلك نحو فرض مشروعية الوضع الاستبدادي لهذه الحكومة بترتيبه الجديد ، اي بتكامل الصفة التقليدانية للحكومة البلطجية مع واجهة ليبرالية شكلية مركبة من برلمان مزور لا يمثل ارادة الامة ، ومجالس وهيئات موازية كالمناظرات وغيرها .
هكذا ، فبعد ان تمكنت الحكومة العميقة من فك عزلتها داخليا ( استقطاب الاحزاب وتعيين لشكر وشباط ونبيل بنعبدالله ...) وخارجيا بفضل تفجيرات 16 مايو ،2003 وانخراط المغرب في مسلسل الحرب على ( الارهاب ) بدون شروط ، وتمكنها من اقبار مشروع 20 فبراير بسبب اخطاء استراتيجية لهذه الحركة وللتنسيقيات التي ساهمت في اقبارها ، وإضفاء على نفسها طابع ( الوطنية ) مكان الخيانة الواضحة المتمثلة في الاقرار بالحكم الذاتي مرة ، ومرات عديدة بالاستفتاء لتقرير المصير وفي عدة محطات منذ سنوات 1966 و 1967 و 1968 و 1969 و 1982 ، الى قبول اتفاق الاطار الذي ينصص من جهة على حكم ذاتي لمدة خمس سنوات ، ومن جهة على الاستفتاء لتقرير المصير بعد انقضاء مدة خمس سنوات من عمر الحكم الذاتي الذي سيمهد بكل سهولة للانفصال ، بل ومن خلال موقف الاستفتاء هذا فان الواقفين من وراءه يعتبرون قضية الصحراء المغربية هي قضية تصفية استعمار طالما انها تناقش دوريا من قبل اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة ،، لخ ، فان حكومة الاقطاع السياسي البلطجية بسبب اغتصابها للسلطة ، لم تتردد في تسجيل مكاسب عن طريق تقنين وضعيتها بنيل " تزكية وطنية " للدستور الذي صوتت له الاحزاب معاويل الحكومة العميقة ، وقاطعته الاحزاب المعارضة الحقيقية من اتجاهات سياسية وإيديولوجية مختلفة بما فيها جماعة العدل والإحسان .
ان هذا التحول الذي لم يكن مفاجئا بسبب الاخطاء المرتكبة من قبل المعارضة ، وبسبب اخماد حركة 20 فبراير ، وبسبب السبق في رسم الخريطة السياسية والحزبية ، جعل من التصويت على تعديل دستور 2011 هو تصويت على حكومة الاقطاع السياسي التي استغلت هذا المعطى الجديد في الساحة ، ولتبدأ هجومها المضاد بالرجوع الى ما قبل التعديل على الدستور .
هكذا سنجد استعمال حزب اللاعدالة واللاتنمية ككمبراس في تمرير العديد من القرارات المجحفة واللاوطنية التي اضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين وللشعب ، والحق اضرارا كبيرة بمكتسباتهم التي حققوها عبر سنوات من النضال المرير ، فتم التراجع عن كل شيء ، وكأننا عدنا الى سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي . كما كان من نتيجة تلك الخبطة ، وبعد اتضاح الصورة الحقيقية عمّا كانت عليه قبل التعديل الدستوري ، ان دخلت علاقات المغرب بسبب اخطاء حكومة الاقطاع السياسي ، مرحلة الازمة مع الولايات المتحدة الامريكية الداعية الى توسيع صلاحيات المينورسو بالصحراء ، ومع فرنسا بسبب تصريحات سفير فرنسا بواشنطن المهينة للمغرب ، وبسبب قضية عبداللطيف حموشي مدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بسبب تهم تتعلق بالتعذيب .
2 -- ) اما الوظيفة الثانية ، وهي محاولة حكومة الاقطاع السياسي من تجديد التحالف ( الحاكم ) . وهذا يبرز من خلال ظاهرتين ، اولهما تذويب البرجوازية المتوسطة ، او على الاقل الفئة العليا منها ، في اطار الطبقة الاقطاعية الرأسمالية ، وتجريدها من صفات الوطنية ومن امكانية التطور المستقل المتبقية لديها ، هذا في الوقت الذي اندحرت الفئات السفلى منها الى مصاف الطبقة الفقيرة . وباختصار ، فان ما حدث هو تفكيك البرجوازية الوطنية كطبقة ، وتحويلها الى معاويل تستخدم عند الحاجة وعند الطلب ، وما تعيين شباط ولشكر ونبيل بنعبدالله ، واستقطاب يساريين قدامى الى صفوف الرسميات مثل الوضيع وحرزني وبكوش وبنزكري ووو .. ، وتقوية هذا الوجود في الوقت الحاضر ، إلاّ تعبير سياسي عن هذا التطور الاجتماعي الممسوخ الذي حصل منذ ( مسلسل التحرير والديمقراطية ) --- فشل المسلسلان فشلا دريعا ( الديمقراطية هي ديمقراطية حكومة الاقطاع السياسي ) و ( التحرير فشل وباعتراف خطاب الملك الاخير في البرلمان لما دعا المغاربة الى عدم التعويل على اي شيء ، وبان مستقبل الصحراء يبق مفتوحا على جميع الابواب ) ، والى العشرية الثانية من الالفية الثالثة .
اما الظاهرة الثانية ، فهي ان حصيلة هذه التجربة في مجموعها ، قد انحصرت في المفهوم الذي عبرت عنه حكومة الاقطاع السياسي منذ سيطرتها واغتصابها على الحكم بعد وفاة الحسن الثاني ، اي عجن الطبقة السياسية بهدف تكوين اطرا جديدة للملكية ، بفتح باب اوسع للتمييع والارتشاء والتدرب على اساليب الحكم العتيقة ، كما تريد وتفهم حكومة الاقطاع السياسي ، لا كما تجسدها نواميس وعادات المخزن التقليدي . ان خلق نخبة هجينة وصولية عانت من سنوات عجاف ، كان اخراجا امثل لتمكين حكومة الاقطاع السياسي من ايجاد ادوات طيعة تمكنها وتساعدها على بسط هيمنتها على الدولة ، وليس على المجتمع الذي يكرهها . ان عمل حكومة الاقطاع السياسي على استقطاب عناصر النخبة الخائنة والوصولية والهجينة ، لخلق ( قوة ) جديدة على انقاض قوة الامس المتحكمة ، وإشراكها في اللعبة ( التجربة الجديدة ) ، وعلى اختلاف مشاربها ، هو عمل ماكر مبني على تصور مغشوش يصور الاحزاب كمجرد مدارس لتكوين اطر قد يستحيل استيعابها ودمجها في جهاز حكومة الاقطاع السياسي البلطجية . من هنا نفهم لماذا عملت هذه الحكومة الاستبدادية المافيوزية والظالمة والمعتدية والسارقة لمقدرات الدولة والأمة على تمييع المشهد الحزبي ، وتبخيس الاحزاب بما انتهى بها الى الموت المحقق . اما الاحزاب التي لا تزال ترفض هذا الغزو التتري لحكومة الظل للدولة ، فهي امّا مغضوب عليها وامّا انها تصارع في مجتمع ’مضبّع تائه وفاقد للبوصلة الموصلة الى شاطئ النجاة . لذا لم يتفاجئ احد عندما اضحى الاتحاد الاشتراكي ينسق مع حزب الاصالة والمعاصرة ، وأصبح يجلس مع التجمع الوطني للأحرار ، والحركة الشعبية ، والاتحاد الدستوري في الحكومة وفي المعارضة ، رغم انه كان لا يتردد في وصفهم بالأحزاب الادارية التي انشأتها وزارة الداخلية ، كما اصبحنا نرى كيف يجلس ( حزب التقدم والاشتراكية ) مع حزب اللاعدالة واللاتنية في الحكومة وفي خارجها .
3 -- ) غير ان الوظيفة الحاسمة للانتخابات المصنوعة بدقة ، تبقى هي احتكار حكومة الاقطاع السياسي ، سلطة تحديد الحقل السياسي المشروع ، ورمي اي عمل او نضال ديمقراطي غير انتخابوي في اللاشرعية . فعلى عكس ما يذهب اليه اصحاب الخط الانتخابوي وليس الانتخابي من ان " المسلسل الديمقراطي " سمح للجماهير باقتحام الساحة السياسية ، وهذا ما برر به حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، والحزب الاشتراكي الموحد مشاركتهما في انتخابات 2007 ، إلاّ ان هذا الطرح مردود عليه ، لأن الاتصال بالجماهير او بالشعب يجب ان يكون يوميا وليس موسميا ، وهذا هو سبب نكوص الحركة الجماهيرية بالارتباط بالحركة الحزبية ، وهو سبب غزو وسيطرة الحركة الاسلاموية على الساحة .
ان هذا المسلسل لم يكن في الواقع إلاّ تطبيعا للمزيد من تهميش الجماهير الشعبية ، وانتهاك حقوقها الدنيا ، باسم الديمقراطية هذا المرة . هكذا بقيت تلك الجماهير مبعدة ، ولا يتم اللجوء اليها إلاّ بشكل ظرفي موسمي ، سواء من قبل حكومة الاقطاع السياسي ، او من طرف القيادات الحزبية العاجزة ، لتزكية وضع من الاوضاع ، كما كان الشأن في جميع المسلسلات والمحطات الانتخابية ، الشيء الذي طبع المسلسل المزعوم بطابعه النخبوي الواضح . ان هذه السياسة ليس لها من تفسير غير الاستهزاء ، وعدم الثقة في الجماهير التي كانت تعبر دائما عن نضجها ووعيها السياسي بمقاطعة الاغلبية الساحقة من الشعب للمسلسلات المغشوشة التي تركز للاستبداد والهيمنة من قبل الحكومة العميقة كما سماها عبدالاله بنكيران ، او كما اسميها انا بحكومة الاقطاع السياسي الابدية . إذن هنا يكمن الدور الايديولوجي للانتخابات ، فقد اثبت القمع الجسدي لانتفاضة يونيو 1981 ، وانتفاضة ،1984 ، وانتفاضة 1991 ، وتدمير حركة 20 فبراير بسبب الاخطاء القاتلة التي مكنت حكومة الاقطاع السياسي من استرداد المبادرة ، أن محاولة اضفاء المشروعية على حكومة الاقطاع السياسي اللاشرعية باسم الديمقراطية ، ليست في نهاية الامر ، سوى شكل من القمع الايديولوجي . ان هذه الانتفاضات لهي دليل ساطع على خروج الاغلبية الساحقة من المواطنين عن ديمقراطية حكومة الاقطاع السياسي التي تريدها ديمقراطية تشكل حزاما واقيا وقيدا على النضال الشعبي القاعدي ، لهذا كانت تلك الهبّات الشعبية ومقاطعة الاكثرية الساحقة من الشعب للمناورات السياسية المتحكم فيها من قبل ، بمثابة حسما شعبيا مع شعارات حكومة الاقطاع السياسي البلطجية ، وإعلانا عريضا ليس فقط عن فشل ( الاجماع الوطني ) اجماع شباط ولشكر ونبيل بنعبدالله مع حكومة الظل العميقة ، بل كان اعلانا مدويا عن نهاية وهم ( الاجماع الوطني ) وحجة قاطعة على الطابع الهامشي النخبوي لما كان يسمى بمسلسل ( التحرير والديمقراطية ) ولا يسمى منذ ذاك الوقت والى اليوم ب ( التجربة الديمقراطية ) وإفلاسها المدوي على جميع الواجهات .
لذا ، فان المشهد المرسوم بوضوح ، هو ان الشعب في واد ترفض اكثريته المطلقة املاءات حكومة الاقطاع السياسي الشوفينية ، ومن جهة حكومة سيطرة على الملك وتستخدمه وبدون شعور منه في خدمة مصالح حكومة الاقطاع ، وليس مصالح الشعب والملك التي تتقاطع في التعارض مع مصالح الحكومة العميقة .
اذن هذه الحكومة ، بما انها لم تأت بانتخابات تشريعية شعبية ، ورغم ذلك تسيطر على مقدرات الدولة ، ومسئولة عن انتشار الفساد بكل اشكاله المعروفة ، فهي بذلك حكومة بلطجية مافيوزية لا تتردد في ممارسة الاعتداء والظلم كلما كانت مصالحها مهددة بالفضح والتعرية ، لذلك تصبح مسألة قلبها ومحاكمتها وتتريكها من اول الاولويات في جدول اعمال الشعب المغربي .
المنطلق الثالث : مفهوم النضال الديمقراطي بين مغالطة " الاجماع الوطني " والخط الوطني المستقل :
لقد ادى اختلاف التعامل مع المنطلقين اللذين ذكرنا ، الى فرز فهمين وممارستين متعارضتين للعمل الديمقراطي . الاولى تقوم على قاعدة عدم المس بمشروعية حكومة الاقطاع السياسي اللاديمقراطية ، بل والمساهمة في تثبيت تلك المشروعية بالضبط ، تحت تغطية شعار " الاجماع الوطني " الذي يؤلف بين مكونات النخبة السياسة المغربية على اختلاف مواقعها ، سلطة ومعارضة ، وعلى هذه القاعدة ، ركب التيار ( الاصلاحي ) موجة ( التحرير والديمقراطية ) ويركب اليوم ( لشكر شباط بنعبدالله .. لخ ) مسلسل ( التجربة الديمقراطية الفريدة بالمنطقة العربية والمغاربية ) منطلقا من ان :
--- الانتخابات وسيلة لتحسين ( صورة المغرب وسمعته ) ، وعلى ان تقديم هذه المصلحة على انها مصلحة وطنية منزهة عن الصراع الدائر بين حكومة الاقطاع السياسي والجماهير الشعبية الرافضة لها ، إنما هو تزييف لطبيعة القضية نفسها ، وإقحام للعمل السياسي كله في خط حكومة الاقطاع السياسي ، وإبعاده عن الخط الوطني المستقل . فمن المشاركة في " مجلس مراقبة الانتخابات " دون تحقيق اي مكاسب فعلية ، الى عودة " المعارضة " الى حظيرة البرلمان الممسوخ في سبعينات القرن الماضي ، الى الارتماء وبدون شروط في مسلسل حكومة الظل الاقطاعية منذ العشرية الثانية من الالفية الثالثة ، ومنذ القيام بالحملات الدبلوماسية لفائدة الطرح الرسمي بخصوص الصحراء المغربية ، لأن التبريرات المقدمة كانت تنقصها الجدية والقدرة على الاقناع ، ولا سيما وان دخول التيار الاصلاحي " معركة الديمقراطية " من باب " الاجماع الوطني " قد قاده سريعا الى بث الخلط والغموض حول طبيعة هذه المعركة ايضا ، التي تحولت الى معركة " دونكيشوتية " ضد " اعداء الديمقراطية " المجهولين ، الذين لا يعرفهم إلاّ اقطاب الاصلاح ، الى التأييد غير المسبوق لاتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكر ، الى الاصطفاف وراء قرار وقف اطلاق النار في الصحراء لتنظيم الاستفتاء ، الى تأييد مقترح الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ... لخ ، كلها حلقات افقدت الاحزاب والنقابات زخمها الجماهيري وتحولت الى كمشة من السماسرة والمريدين بحيث اضحى الانتماء الى الحزب او النقابة ، هو الولاء لشخص الزعيم ، وليس للمبادئ غير الموجودة اصلا .
ان اكبر وهم حاول هؤلاء زرعه في اذهان مناضليهم ، وفي اذهان الجماهير عامة ، هو نزاهة حكومة الظل العميقة وبراءتها من كل الخروقات والممارسات اللاديمقراطية . فغداة جميع الانتخابات الجماعية والبرلمانية لم يلجأ زعماء ( الاصلاح ) الذين تحولوا منذ سبعينات القرن الماضي والى اليوم الى مجرد معاويل ، الى استخلاص الدروس من تجربتهم المرة ، بل نجدهم يسارعون الى تبرئة ذمة حكومة الاقطاع السياسي ، ويتهمون فقط بعض مربع المحيط بالتجاوز والمسؤولية عن التزوير ، وتمييع الحياة السياسية ، وتضبيب المشهد السياسي والحزبي ، وهم هنا ، وكالعادة يركزون على تبرير " عدم تطبيق التوجهات والأوامر السامية " من طرف الادارات المحلية والشيوخ والمقدمين والقياد والعمال ، وكأن هؤلاء تحركهم العفاريت والتماسيح ، لا توجهات حكومة الظل نفسها .
لن نطيل الحديث عن الطرح الاصلاحي للديمقراطية ، فقد انفضح امره عند الخاص والعام ، وبات طرحا معزولا في الساحة بعدما جمع حوله من دخلاء ومنتفعين ، وبعدما تحطمت مغالطة " الاجماع الوطني " تحت ضربات الموقف الشعبي الذي تقاطع اغلبيته الساحقة المهازل الانتخابية ، ولا تعير اهتماما الى فلكلور تشكيل الحكومات المصطنعة التي تسيرها الحكومة العميقة ، كما تحطمت هذه المغالطة " الاجماع الوطني " بتضحيات القواعد المناضلة التي رسمت باستماتتها ووفائها للعمل الشريف خطا وطنيا مستقلا في كل القضايا الوطنية منها والديمقراطية ، رافعة شعارا دقيقا يربط بين المهام المرحلية والتطلعات الاستراتيجية ، ألا وهو شعار فك الاجماع حول حكومة الاقطاع السياسي ، والتقدم نحو الوحدة الشعبية الحقيقية ، آمال مستقبل الاجيال الصاعدة . ان هذا الشعار كان ولا يزال ، بممارسته التنظيمية والجماهيرية ، مقياس فرز جوهري داخل الحركة التغييرية المغربية ، بل والساحة السياسية ككل ، ذلك انه اعاد وضع الصراع الديمقراطي على حقيقته ، اي مواجهة ايديولوجية وسياسية وطبقية لسياسة حكومة الاقطاع السياسي ، ومفاهيمها التي غلفتها بشعار " المسلسل والمسلسلات " التي لم ننتهي منها الى اليوم ، كما التقت فيها مصلحتها مع مصلحة فئات اخرى ، عبّرت عنها تنظيمات وقوى متباينة ، هي البرجوازية المتوسطة من خلال حزبها ، والإصلاح من خلال مواقعه " القيادية " .
وباختصار ، فان الخط الوطني المستقل ، بتمكنه من عزل اطروحات الحكومة العميقة والإصلاح معها ، وتطويق اثرها السلبي على الجماهير ، قد اعاد الاعتبار لمفهوم النضال الديمقراطي بمعناه الثوري ، ومن خلاله لمفهوم السيادة الشعبية ، في انصهارها مع النضال الاجتماعي اليومي للجماهير الكادحة .
المنطلق الرابع : اقرار سيادة الشعب كأفق ثوري للنضال الديمقراطي :
ان الديمقراطية ، إما ان تكون واقعا يسود العلاقات الاجتماعية والسياسية او لا تكون . في هذا الصدد يقول المهدي بن بركة " ليست الديمقراطية يافظة تعرض على السياح ، انها حقيقة يجب ان تفتح لكل واحد امكانية التقدم والمعرفة ، وتتطلب تنظيما اجتماعيا يحتاج هو نفسه الى تغييرات في الهياكل ، وليس فقط مراجعة دستور في غياب الممثلين الحقيقيين للجماهير الشعبية . ان تطبيق الديمقراطية على الحياة السياسية ، يعني البحث عن الماسكين الحقيقيين بزمام القوة السياسية لإخضاعهم لإرادة الشعب " . فبهذا الوضوح الذي لا يحتاج الى تفسير ، حدد الشهيد المهدي بن بركة المضمون الاجتماعي للديمقراطية الذي يعني استحالة الجمع بين واقع القهر والهيمنة ، وبين ايجاد مؤسسات ديمقراطية فعلية .
ان النضال الديمقراطي يجب اذن ، ان يبقى وفيا للهدف الاستراتيجي الثابت ، الذي هو : تحقيق السيادة الشعبية ، وبالتالي فعليه ان يتجنب الفخ الذي تنصبه حكومة الاقطاع السياسي باستمرار لمحاولة حصره في افق ضيق ، وجعله في نهاية الامر ، يخدم مشروعية حكومة الظل ويرممها ، ويسمح للإقطاع السياسي بإيجاد واجهة شكلية تصونه من العزلة الداخلية والخارجية . إن اي انزلاق في هذا الاتجاه ، او اي مبادرة تضع الالتزام بالعمل على تحقيق سيادة الشعب جانبا ، وتتوهم امكانية الاصلاح الايجابي للأوضاع القائمة ، لا يمكنها ان تنعكس إلاّ بمردود سلبي ، وهذه حقيقة جوهرية استنتجناها من منطلقنا الاول ، اي من تحديد طبيعة حكومة الاقطاع السياسي الراهنة التي تجدها غير راغبة ، بل غير قادرة على تحقيق اية تجربة ديمقراطية ليبرالية ، عدا التجارب البرلمانية المزيفة والمشوهة التي تبقى في كل الاحوال سجينة الايديولوجية الاقطاعية السياسية لحكومة الظل عدوة الديمقراطية ومدمرتها .
ان وضع النضال الديمقراطي في افقه الثوري الصحيح ، يعني انه لا يشكل اختيارا تكتيكيا تفرضه ضرورة الرواج السياسي ، بل محورا اساسيا لكفاح الجماهير وقواها الحية الحقيقية . ان تحقيق السيادة الشعبية كهدف ثوري لهذا الكفاح ، يقتضي بدوره ، نهج اساليب ثورية في تثقيف وتنظيم الجماهير ، لا اساليب التسلط والانحراف والتعامل مع المناضلين بنفس المنطق المخزي لحكومة الاقطاع السياسي التي تشكل عماد الحياة اللاديمقراطية المفروضة قهرا وتسلطا واستبدادا على الشعب المغربي .
ان النضال الديمقراطي ، مثل كل المعارك النضالية ، إذا لم ينطلق من وضوح تام في المواقف ازاء حكومة الاقطاع السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم ، وإذا لم يتبلور هذا الوضوح على مستوى الشعارات والمهام النضالية اليومية وليس الموسمية بوضع الخط الفاصل مع الطبقة السائدة ، وسياستها وشعاراتها ، فانه لن يؤدي إلاّ الى نتائج عكسية تضر بالمسيرة النضالية الثورية كما هو ملاحظ اليوم .
إذن لا غرابة مرة اخرى ، ان يؤدي خوض " المعركة الديمقراطية " بمنطق " الاجماع الوطني " غير الموجود ، اجماع الانتهازيين والوصوليين ، معاويل حكومة الاقطاع السياسي ، ووسائله وضوابطه ، الى عزلة اصحابها وبقائهم سجناء ما سماه المهدي بن بركة ب " اصناف الحلول السلبية " ، ومؤسسات الحكومة العميقة النخبوية والهامشية ، وانفضاح امرهم على الصعيدين الوطني والديمقراطي الدولي ، وعند الخاص والعام كما اسلفنا اعلاه . وللتذكير فان الحزب الشيوعي الفرنسي قطع جميع علاقاته مع حزب " التقدم والاشتراكية " . كما ان صورة الاتحاد " الاشتراكي للقوات الشعبية " بعد تعيين لشكر على رأسه اضحت مهزوزة وسط الاحزاب الاشتراكية الدولية .
ولا بأس ان نلخص مع الشهيد المهدي بن بركة ما آلت اليه سياسة " الاجماع الوطني " منذ سنة 1974 والى اليوم : " انه من البديهي أن من يكتفي بالخطة التكتيكية " المرحلية " ، دون ان ينطلق من افق استراتيجي ، يكون مصيره إما أن يسرق منه الخصم سياسته ، وإما ان يظهر بمظهر الانتهازية " .
المنطلق الخامس : الكتلة التاريخية الديمقراطية تجسيدا للخط الجماهيري المستقل :
اذا كان النضال الديمقراطي ، بمعناه الاصيل ، وليس بما الصق به من تشويهات وتحريفات انتخابية ضيقة ، يقتضي فرز العدو الرئيسي والأساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الوطني الحر ، والتصدي لتكتيكه السياسي بخط وطني مستقل ، فان الانفتاح الذي يجب ان يسود في الحقيقة ، هو بين القوى الوطنية التغييرية الحق التي يوحد بينها هدف اقامة سيادة الشعب ، وتحرير البلاد من السيطرة الاجنبية بكل مظاهرها . لذلك نقول ان لا اجماع حقيقي غير الاجماع الشعبي حول ضرورة الديمقراطية الحقيقية كعنوان لمرحلة التحرر الوطني بكاملها .
ان الديمقراطية إذ تعتبر بهذا المعنى ، معركة شاملة ، فهي تتطلب استعدادا شاملا يدمج كل الطبقات الشعبية والتنظيمات الوطنية الثورية على الاوضاع المتعفنة ، في نضال يومي من اجل ايقاف عدوان وظلم حكومة الاقطاع السياسي على المستضعفين ، و ايقاف انتهاك الحقوق الديمقراطية وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها كونيا ، لا كما تفهمها حكومة الظل العميقة ، وإنهاء الاعتقال السياسي ، وإقرار مواطنة المواطنين ، وبكلمة ، في سبيل مواجهة استبداد ودكتاتورية وطغيان حكومة الاقطاع السياسي .
ان الكتلة التاريخية الديمقراطية يجب ان تكون تجسيدا متكتلا لهذا التطلع الديمقراطي الحقيقي ، وإطارا وحدويا لتحقيقه من خلال :
--- تكثيف الدعاية للمفهوم التقدمي الحقيقي للديمقراطية .
--- الجواب على الوضع القائم حاليا ، لتعميق القطيعة مع الطبقة السائدة المفلسة ، وبالضبط تأكيد القطيعة النهائية مع حكومة الاقطاع السياسي ، والنضال ضدها في كل الواجهات السياسية والنقابية والثقافية والجمعوية والحقوقية .
--- تنمية وتطوير الفرز الايديولوجي والسياسي والتنظيمي على طريق بلورة الاداة الثورية القادرة على الوصول الى بناء الدولة الديمقراطية الحقيقية بدل دولة حكومة الاقطاع السياسي .
ان تعميق التوجه الوحدوي على اساس هذه المفاهيم ، هو الكفيل بتوفير شروط العمل التكتلي ، وشق الطريق نحو بناء الكتلة التاريخية الوطنية العريضة ، كهدف ثابت و’بعد استراتيجي للممارسة الآنية .
والخلاصة ان القضية الديمقراطية شكلت ولا تزال تشكل ، محور الصراع في مجتمعنا ، وستظل كذلك ، لغاية حل التناقض الرئيسي في البلاد ، وفرض السلطة الوطنية الديمقراطية .
ان المعركة الديمقراطية بهذا المفهوم ، معركة دائمة ومستمرة ، ولا يمكن اختزالها في لعبة انتخابية فوقية . انها معركة شاملة غايتها الاسمى اقرار سلطة الشعب بتصفية سيطرة واستبداد حكومة الاقطاع السياسي السائدة التي تقف عائقا في وجه التحرر الوطني الديمقراطي .
المنطلق السادس : الموقف السياسي من المشاركة او عدم المشاركة في الانتخابات القادمة :
بالرجوع الى جميع الاستحقاقات التي عرفها المغرب من انتخابات جماعية وبرلمانية ومن استفتاءات ، يتبين ان الصف الوطني لم يكن منسجما مع الموقف الصحيح الذي كان ينبغي اتخاذه من هذه العلميات . لذا نجد ان تضارب المواقف كان يساهم في اضعاف الاحزاب التي كانت تدعي الارتباط بالجماهير وبالدفاع عن مصالح الشعب المستضعف ، بل سنجد التضارب في المواقف من العمليات الانتخابية حتى داخل الحزب الواحد ، وسواء كان التضارب بين رفاق الدرب بخصوص تحديد الموقف من الانتخابات كما كان عليه الحل داخل الاتحاد الاشتراكي بين الاصلاحيين جماعة المكتب السياسي التي كانت مع المشاركة في الانتخابات باعتبارها واجهة من واجهة النضال الديمقراطي ، وراديكاليي ذاك الوقت من مجموعة " اللجنة الادارية الوطنية " التي تحولت الى حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذين كانوا يرفضون المشاركة في انتخابات من اجل تبيض وجه النظام اللاديمقراطي ، لذا كانوا يشترطون للمشاركة ، ضرورة تحقيق بعض الشروط ، منها تعديل الدستور بواسطة مجلس تأسيسي ، وحياد وزارة الداخلية ، واعتبار الانتخابات وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ، لأن غايتهم في ذاك الزمان كانت ابعد من اجراءات اصلاحية ابانت التجربة عن فشلها ، سواء بتمييع المشهد السياسي ، او بنشر الضبابية بخصوص الهيئة المتحكمة في القرار السياسي بالدولة ، المهم من هذا ان التيار الراديكالي شارك بكثافة في المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 الذي قطع مع ماضي الاتحاد الراديكالي ، وتبنى المنهجية الديمقراطية في ممارسة الشأن العام ، فهو يكون بذلك قد تخلى عن مطالب الستينات ، وطرح الاصلاح من منظور برجوازي اساسه الانتخابات من جهة ، ومن جهة ، ومن خلال دورهم الاساسي في صياغة قرارات المؤتمر ، يكونون قد آمنوا بالعمل من داخل النظام وليس من خارجه . بطبيعة الحال ان تلك المواقف المتذبذبة ، والتي كانت صادمة في حينه لقوى سياسية اكثر راديكالية ، كانت تعول على مجموعة الاختيار الثوري لانجاز المشروع الايديولوجي العام ، كان فيها التيار ، اي يسار الاتحاد ، يتمتع بنفوذ ووجود قوي في العديد من القطاعات خاصة الطلابية والتعليمية ، لكن الموقف غير المفهوم و الملفت للانتباه لذا اليسار الماركسي ، هو مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 دون ان يتحقق له ادنى مطلب من المطالب التي دأب يتحجج بها في تبرير مقاطعته للاستحقاقات السياسية التي عرفها المغرب ، ورغم ان الحزب الذي اصبح ضعيفا جدا قدم شيكا على بياض للدولة ، فانه حصل على صفر من الاصوات في تلك الانتخابات .
ان هذا التناقض الصارخ ، يذكرنا كذلك بمقاطعة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الاستفتاء على الدساتير ، بدعوى انها ممنوحة من الحكم ، وأنها ليست نتاج مجلس تأسيسي دستوري منتخب من الشعب ، يعكس ارادته في وضع دستور يستجيب للتطلعات الكبرى للشعب المغربي ، كما يذكرنا بمقاطعته للانتخابات الجماعية التي جاءت على اساس الدستور المعدل او المرمم ، لكنه كان يشارك في الانتخابات البرلمانية التي كانت تأتي بعد عملية الاستفتاء . وهذا التناقض ليس له ما يبرره غير العشوائية في اتخاذ القرارات ، كما يرجع سببه الى الخلط المفاهيمي والمصلحي بين قادة الحزب ، بين من كان يغازل النظام لاستصدار منافع سياسية ومادية ضيقة وهم الاكثرية التي ستعرف تحولات ارتدادية انتهت بتعيين لشكر على رأس الحزب بعد ان تم افراغه من تاريخه وهويته وماضية ، وبين من كان يراهن على هزات عفوية قد تخدم مطامحه ومطامعه السياسية بأهون التكاليف وبأسرع الطرق .
وبالرجوع الى المشهد السياسي منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة ، سنجد ان الحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة شاركا في الانتخابات الجماعية والتشريعية سنة 2007 . واذا كان الحزب الاول قد تمكن من ادارة بعض البلديات الفقيرة والهزيلة ، وتمكن ببعض الافراد من دخول البرلمان ، فان المصيبة كانت بالنسبة لحزب الطليعة الذي قدم لوزارة الداخلية شيكا على بياض ، لكنه لم يصوت عليه احد في الانتخابات ، رغم ان مقره الرئيسي يوجد قبالة المدرسة الابتدائية التي جرى بها الاقتراع . وإذا كانت هذه المشاركة قد حصلت ضمن الدستور القديم ، وفي غياب المجلس التأسيسي ، وتحت وصاية النظام ، فان ما استعصى عن الفهم ، هو مقاطعتهما للانتخابات التشريعية التي جاءت بعد التعديل الذي ادخل على الدستور في سنة 2011 . والحجة هي ان الدستور الجديد هو دستور ممنوح ، ولا يعكس الارادة الشعبية للمواطنين ، وكأن مشاركتهما في انتخابات 2007 ، كانت ضمن دستور شعبي يعكس الارادة المغيبة للمواطنين .
اما جماعة العدل والإحسان فهي ولدواعي تخصها ومعروفة ، فقد كانت تقاطع جميع الاستحقاقات السياسية التي عرفها المغرب .
اذن امام هذا الخلط في المواقف يصبح السؤال الراهن بخصوص تحديد الموقف الصحيح من الانتخابات ، ليس هو القبول او عدم القبول بها ، او المشاركة او عدم المشاركة فيها ، بل ان السؤال يصبح في الجدوى ، والقيمة المضافة التي ستتحقق من المشاركة او المقاطعة . فإذا كانت المشاركة الكثيفة ستؤدي الى الالتصاق بالجماهير والشعب المتغنى به من قبل الجميع ، حاكمين وسياسيين محكومين رغم انه ، اي الشعب ، هو المغيب الرئيسي في الاستشارات المطبوخة ، ويستعمل ككمبراس لتزكية واقع ووضع شاد غير مقبول ، وهو ما يشكل خديعة واستبلاد لهذا الشعب تتخذ ، اي الخديعة ، باسمه ،،، كما اذا كانت الغاية من المشاركة هي تمكين ممثلي الشعب الحقيقيين من وضع اليد على المجالس الجماعية والبلدية لانجاز التنمية المحلية ضمن التنمية الشمولية ، وقطع دابر الفساد بالأشراف على الميزانية وتوجيهها بما يخدم الجماهير التي صوتت على الجماعة القروية او البلدية ، مع ما يستتبع ذلك من تحويل منتخبي هذه الجماعات الى مجالس مجالسية .. لخ ، تصبح المشاركة في الانتخابات فرض عين وواجبة شرعا وملزمة سياسيا . اما ذا كانت الغاية من المشاركة هي التزلييج والمسخ وتمييع المشهد السياسي بإجراءات مغشوشة و مكذوب عليها ، مع استمرار نفس الهياكل العقيمة المتجاوزة التي تشكل بؤر الفساد بجميع اشكاله المعروفة ، فان المشاركة في خدمة هذه المسرحية الهزلية والهزيلة ، لاستمرار خدمة سياسة وبرامج حكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية والاستعبادية ، يصبح جريمة اخلاقية سياسية ، ومن ثم تصبح المشاركة في هذا الحال عملا محرما و باطلا ، وتصبح خيانة ما بعدها خيانة لمستقبل المغرب و مستقبل الاجيال الصاعدة .
اذن ، ان الموقف من المشاركة او المقاطعة يتحدد بالقيمة المضافة التي سيضيفها احد الموقفين لخدمة الساكنة والمنطقة ، ومنها خدمة الجهة في اطار الخدمة التي يجب ان تسدى للوطن ككل .
اذن ما هو الموقف العملي الذي يجب اتخاذه ممن يدعي انه فعلا يدافع عن الشعب وعن الجماهير الشعبية ، وانه يحارب الفساد والمفسدين ويحارب استبلاد واستبداد واستعباد حكومة الاقطاع السياسي ؟
اذا كانت الحركة الطلابية المغربية ضمن اطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، تعتبر ان لكل حركة جماهيرية صداها في الجامعة ، فان على قوى التغيير الحقيقية ان تعتبر ان لكل هم شعبي ’مواطني صداه في حقلها السياسي . من هنا فان الضرورة الملحة تفرض التجرد والتخلص من ارث الثمانينات والتسعينات الذي لم تستفد منه سوى حكومة الاقطاع السياسي ، لتؤبد استمراريتها المطعون فيها شعبيا ، وان تطوي الصفحة وتجري المصالحة حتى يمكن بحق بناء الكتلة التاريخية التي تستهدف بالمقام الاول الدفاع عن الجماهير ، وعن الشعب الفاقد لبوصلة الاتجاه الصحيح ، ومن ثم تكوين قوة الدفاع المضاد الذي سيختزن جميع التيارات ، والتنظيمات ، والأحزاب ، والجمعيات المختلفة بما فيها حملة الشواهد المعطلين ... لخ ، للإطاحة بحكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية ، وتمكين الجماهير من استعادت الثقة في نفسها ، وفي ممثليها المدافعين الحقيقيين عليها . ان الوصول الى بناء هذه الكتلة ليس بالأمر الصعب ، بل هو من السهولة بمكان ، لان تربته مخزونة في هموم الجماهير التي ستنقاد الى هذه الكتلة مادامت غايتها هي الدفاع عن مصالحها . لكن للوصول الى هذا الحلم الذي ليس بالمستحيل ، على التنظيمات والتيارات ان تترك جانبا التمايز الايديولوجي والتنظيمي والمفاهيمي ولو مرحليا الى حين انجاز القفزة النوعية ، مثل اثارة او التمسك بدغدغة النفوس ، بنظريات لم تطبق حتى في البلاد التي ظهرت فيها من قبيل دكتاتورية البروليتارية غير الموجودة بالمفهوم الماركسي اللينيني في جميع البلاد العربية ، كما يجب على التيارات و التنظيمات التي تشتغل في الحقل الديني ، ان تتخلى عن اسلوب التعامل مع الاخرين بمنطق القوي الغالب والمستقوي ، وان تنخرط في العملية السياسية سياسيا وليس دينيا ، وان تأخذ العبرة من حركة النهضة التونسية التي وافقت على العلمانية ما دامت قد ’اقرّت بواسطة استفتاء شعبي جماهيري . فإذا تخلى اليساريون مرحليا عن اشكال التمايز والاختلاف الايديولوجي والتنظيمي والمفاهيمي ، وإذا تخلى الاسلاميون عن فهم التنظيم الكبير والقوي ، وتخلوا عن ادلجة الدين بالسياسة ، وشمر الجميع عن ساعدهم لخدمة الجماهير ، امكن آنئذ بناء الكتلة التاريخية التي هي اهون في النجاح من الجبهة التي تحتفظ فيها التيارات ، والأحزاب باستقلالية ذاتية ، قد تستعمل في الانشقاق ، كما قد تستغل في اضعاف الجبهة ، حين تتعرض للاختراق من قبل عملاء حكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية والاستبلادية والاستعبادية .
اذن السؤال هو ، ما الموقف من الانتخابات الجماعية القادمة ؟ ونحن حين نركز على هذه الانتخابات فذلك لان اهميتها القصوى هي اخطر بكثير من الانتخابات البرلمانية . فاذا كان البرلماني ، رغم انه ينتخب في الدائرة الانتخابية التي انتخب فيها ، إلا ان اغلبية وقت تواجده يكون بالبرلمان بالرباط ، في حين ان المجلس الجماعي القروي والبلدي ، هو موجود دائما وسط الساكنة التي انتخبته ، ومن ثم فهو على اتصال يومي بهمومها ومشاكلها المختلفة ، كما انه يلعب الدور الاهم في تأطيرها وتكوينها سياسيا وليس ايدولوجيا ، ومن ثم فان دور المجلس يكون اساسيا ومحوريا في التنمية المحلية الحقيقية ، من خلال اشراك المواطنين في كيفية صرف الميزانية ، واعتماد المشاريع المحسنة للوضع المادي لساكنة الجماعة القروية او البلدية ومنها لساكنة الجهة . ان هذا التطور في العمل ، يجعل من المجلس هيئة تكون محصنة ، ليس فقط بالقوانين التي لا تطبق في الغالب ، بل يكون محصنا بقوى الدفاع الذاتي الشعبية المحلية ، التي ستسرع للدفاع عن مكتسباتها ، ومن اهمها الدفاع عن اختياراتها وممثليها .
انطلاقا من هذا التصور للشأن العام المغربي ، يصبح لزاما على جميع القوى السياسية التي تنشد التغيير الحقيقي بما يستجيب لنواميس الكون الديمقراطية ، ان تتنازل عن التمايزات الايديولوجية والنصية ، ويصبح لزاما على الحركات الاسلامية ان كانت تؤمن فعلا بالجماهير ، ان تتنازل عن مظاهر الاستقواء والغلبة ، وان تعالج الشأن العام سياسيا وليس دينيا ، وعلى الجميع ان يطرحوا في قمة جدول الاعمال موضوع اساسي ، هو خدمة الشعب ، بتقديم مصلحة الجماهير عن مصلحة التنظيم . من هنا تصبح المشاركة في الانتخابات الجماعية فرض عين ، وواجبة شرعا ، وملزمة سياسيا ، لان تلك الانتخابات هي التي ستمكن التغييريين من التواصل مع الشعب على مستوى القرية والبلدية والمنطقة والجهة ، اما الانتخابات التشريعية التي يتقوقع برلمانيوها ببرلمان العاصمة ، فيمكن مقاطعتها ، لأنها في الحقيقة لا تنتج غير العقم والشذوذ السياسي ، مما يجعل المواطنين يكرهونها ، ويفرون من مشاهدات مهازلها في التلفزات الوطنية .
وللمشاركة في الانتخابات الجماعية يتعين على قوى الكتلة التقدم بلوائح مستقلة ، وبدون عنوان سياسي ، تضم خيرة المناضلين الذين سيطرحون المشاكل المحلية على الساكنة التي ستستجيب حتما بالتصويت لفائدة لوائح الكتلة . لقد تطور وعي الناس ولم يعد ينقصهم غير الاداة السياسية لصقل مواهبهم وأفكارهم السياسية ، لان المسألة تتعلق بمستقبل الجماعة والبلدية والمنطقة والجهة ، وتتعلق بمستقبل ابناءهم المعرضين للشارع . وحين ستتمكن الكتلة من الوصول الى المجالس بعد تصويت الناخبين المحليين عليها ، يصبح من واجب الساكنة ان تعين لجانا محلية تتكون من اطر صناديد ومثقفين ثوريين جماهريين يلعبون دور العلاقة ، او همزة الوصل ، بين المجلس القروي والبلدي ، وبين الساكنة ، ومن ثم فان هذه الاخيرة ومن خلال هذه اللجان ، تراقب سير صرف الميزانية ، كما تساهم باقتراحاتها في اشكال التنمية المختلفة التي تحتاج اليها الساكنة من بناء مستشفيات بناء وإصلاح الطرق ، بناء المدارس ، القناطر ، التشغيل .. .. لخ
وبمرور الزمن ومع تزايد ارتباط الساكنة بممثليها ، ستتحول هذه الجماعات القروية والبلدية الى مجالس مجالسية تعبر بالوضوح والمكشوف عن التطلعات الجماهيرية بالجهة ككل . ان هذا السيناريو السهل النجاح اذا توفرت الارادة ، سيلاقي من يضع له العصا في العجلة مثل السلطات على مستوى العمالة او الولاية ، كما قد يجد معارضة لوبي الفساد الذي ستهتز مصالحه حين ستشرع الجماهير في تجسيد ارادة اختيارها الديمقراطي ، وإشرافها من خلال المجالس ولجان الصناديد على السهر الايجابي في صرف الميزانية بما يخدم الساكنة المحلية ويخدم الجهة ، ومنها الوطن في اطار المقاربة الشمولية للتنمية ، لمواجهة كل مظاهر الهشاشة المستشرية في الوطن .
في مثل هذا الحال ، فرغم محاولة سلطات الوصاية المفترضة ، لان المسألة اصبحت محسومة حين انتخبت الساكنة ممثليها الحقيقيين ، وضع العصا في عجلة المجلس ، فان هذه المحاولة لن تنفعها في شيء ، لان المجلس سيكون محصنا بالساكنة التي ستهب للدفاع عن اختياراتها وعن ممثليها وعن حقوقها و مكتسباتها المشروعة . وهنا تتعدد اساليب وأوجه النضال المختلفة ، بدءا بتنظيم وقفات تضامنية امام المجالس ، الى تنظيم وقفات احتجاج واستنكار امام سلطات الاقليم او العمالة ، الى الدعوة لتنظيم اضراب انداري على مستوى الجماعة ثم على مستوى الجهة ، الى تنظيم اعتصامات بالساحات العمومية بصفة متقطعة مثلا مرة في الاسبوع ، الى مرتين في الاسبوع ، الى تنظيم اعتصامات مفتوحة مع شن اضراب عن الطعام . وإذا استمرت سلطات العمالة او الاقليم في غيّها رغم الاستنكار الشعبي ، هنا يمكن اعلان العصيان المدني على مستوى الجهة ، واذا تطورت الامور الى ما لا يحمد عقباه ، يمكن اعلان العصيان المدني بمجموع التراب الوطني للدفاع عن الشعب ضد اجراءات ومعاويل حكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية والاستعبادية .
اضافة الى محاولات سلطات الوصاية بعرقلة المشاريع الهادفة لتنمية الساكنة ، يمكن ان يحصل تهديد آخر من قبل القوى المهددة مصالحها من سيطرة الارادة الشعبية . ان هذه القوى تتكون من الاحزاب السياسية التي كونتها وزارة الداخلية في فترات متعاقبة ، وكلما كانت الحاجة السياسية تدعو الى ذلك ، مثل حزب الحركة الشعبية ، التجمع الوطني للأحرار ، الحزب الوطني الديمقراطي الذي تحول الى الحزب الديمقراطي الوطني ، الاتحاد الدستوري ، جبهة القوى الديمقراطية وحزب الاصالة والمعاصرة الذي اسسه فؤاد علي الهمة من موقعه كوزير منتدب في وزارة الداخلية ، حزب محمود العرشان .. اضافة الى جميع الاحزاب الصغيرة التي تجهلها وزارة الداخلية رغم انها مسجلة عندها .
ويبقى التساؤل عن الموقف الذي سيتخذه الاتحاد الاشتراكي بقيادة لشكر ، حزب الاستقلال بقيادة شباط ، حزب التقدم والاشتراكية بقيادة نبيل بنعبدالله وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي الذي هو الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ، وهذه الاخيرة هي الحزب . ان هذه الاحزاب ستحاول الانخراط في العراك والحراك الشعبي لمحاولة طعنه من الخلف ونسفه من الداخل ، لكن ، وحيث انها ستعجز وستفشل في ذلك لأن الصراع يخوضه الشعب من خلال ممثليه بالكتلة التاريخية ، ضد حكومة الاقطاع السياسي ، وحيث ان مناوراتها ستكون مفضوحة ، هنا لا مناص لها آنئذ من التخندق الى جانب الاحزاب الادارية المدعمة للحكومة الاقطاعية التي تأتمر بأوامرها ، سواء في لعب دور المشارك في الحكومة ، او في لعب دور المعارض لها في البرلمان . وهنا يجب الاخذ بمحمل الجد ، ان مكان حزب العدالة والتنمية الذي احرق جميع اوراقه ، هو ضمن هذه المجموعة التي تريد الاحتفاظ وديمومة الهياكل البالية المتجاوزة التي لم تنتج غير الفساد على حساب التنمية المحلية بالجماعات القروية والبلدية .
لكن مهما حاولت هذه المجموعة المرتبطة بحكومة الاقطاع السياسي عرقلة المبادرات الشعبية والجماهيرية ، فإنها لن تستطيع زحزحة الاعمدة المتينة التي تقوم عليها الكتلة التاريخية المدعمة والمحصنة من قبل ساكنة الجماعة القروية والبلدية وساكنة الجهة ، بل لا يمكنها ان تعرقل التحول الديمقراطي الكبير الذي فرضته درجة التحولات السياسية التي قطعها المغرب منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة ، لذا فان هذه المجموعة ستجد نفسها اقلية هامشية لا يمكنها ان تقف امام زحف التاريخ الذي لا يرحم ، لأن المسألة تخص المستقبل والشعب وأبناءه وأبناء ابناءه .
ودائما وفي اطار القوى التي ستحاول نسف الكتلة التاريخية من الداخل ، يجب الاشارة الى القيادات البورصية للأجهزة النقابية من ( ك د ش ) الى ( ا ع ش م ) الى ( ا م ش ) الى ( الفدرالية الديمقراطية للشغل ) الى نقابة حزب العدالة والتنمية . ان حكومة الاقطاع السياسي التي تضخ سنويا الملايين من الدراهم في صناديق هذا النقابات البورصية لشراء سكوتها ، سوف ’تخندق قيادات هذه الاجهزة الى جانب حكومة الاقطاع السياسي ، وهو ما بدأ يلاحظ الآن من سبق قيادات هذه الاجهزة من قيادة بعض ( النضالات ) المشكوك فيها ، بغية تهجين واستيعاب وتغليف اية مبادرة جماهيرية قد تتجاوز هذه القيادات في المستقبل ، وإجهاضها قبل ان تصل الى مبتغاها ، كما ان هذه الاستراتيجية المفضوحة ، ستجعل من هذه القيادات تنوب عن العمال والموظفين في المفاوضات المفترض فتحها مع حكومة الاقطاع السياسي ، وهو ما يؤدي الى اجهاض المبادرات التغييرية ، وتهجينها بما ينتهي بها الى اغلاق الصفحة . فهل حكومة الاقطاع السياسي تضخ سنويا ملايين الدراهم في صناديق النقابات وصناديق الاحزاب الموالية وصناديق الصحافة الهجينة ، من اجل وجه الله ، ام انها تضخ تلك الاموال لشراء سكوتها وتآمرها عند الحاجة ؟
وهنا دائما ، وفي محاولات حكومة الاقطاع السياسي الدفاع عن مصالحها التي اضحت مهددة بفعل الوعي السياسي والاجتماعي ، وبفضل الحاجة الى التغيير التي اصبحت امرا واجبا وملحا ، ستحاول هذه الحكومة الاستبدادية المفروضة من فوق ، وهي بلطجية لأنها لم تأت بواسطة انتخابات ، التمسك ما امكن بامتيازاتها الريعية ، وهي باعتبارها بلطجية ، فإنها لن تتردد في استعمال ودفع البلطجية للهجوم على الساكنة المسالمة التي تطالب بحقوقها بنظام وانتظام . ان هذه المرحلة التي تعني اليأس وفقدان الامل بفعل افتضاح حقيقة هذه الحكومة ، سوف لن يغير من قوة الشعب قيد انملة ، كما ان هؤلاء البلطجية سيكونون معرضين للمحاكمات الشعبية التي ستنزل عليهم اشد العقوبات مع محرضيهم على الفوضى و الفتنة المضرّين بالمصالح العليا للمواطنين .
بعد نجاح الكتلة في امتحان الانتخابات الجماعية ، وبعد تفاعلها وانخراطها التام في الاوراش الشعبية والجماهيرية التي تخص التنمية المحلية في افق تحقيق التنمية على الصعيد الوطني ، تكون الكتلة قد حققت اهم خطواتها العملية نحو كسب تأييد الساكنة على مستوى الجماعات المحلية من قروية وبلدية وعلى مستوى الجهة . ان هذا النجاح فيما لو تحقق ، ويمكن ان يتحقق بكل سهولة إذا تخل الجميع عن اسباب التفرقة والشقاق ، وعطلوا جانبا الاختلافات المذهبية والإيديولوجية ، وانتصروا لمطالب الساكنة على حساب المطالب التنظيمية ، تكون الكتلة وفي ظرف سنة كفترة انتقالية على اقدر تقدير ، قد مهدت الطريق الى المعركة الكبرى الاستراتيجية التي هي وضع الدستور الديمقراطي المدني العصري لبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تغرف كل قراراتها من الارادة الشعبية ومن صناديق الاقتراع لا غير . ان هذه المعركة الدستورية التي ستكون شرسة بفعل مقاومة حكومة الاقطاع السياسي لها ، ستكون الضربة القاضية للحكومة العميقة ، وستكون المرحلة النهائية للوصول الى عقلنة الممارسة السياسية ، وربط المسؤولية بالمحاسبة مع اخضاع جميع المؤسسات الامنية للرقابة القضائية والبرلمانية .
في خضم هذا التفاعل السياسي الذي يعتمد في نضاله فقط الاساليب السلمية ، ما دامت المطالب مشروعة ومعقولة ، يمكن ان نتساءل عن دور الملك في هذا الحراك ودور مؤسسة الجيش المفروض فيها انها ملزمة بالدفاع عن الشعب وعن حوزة التراب الوطني .
موقع الملك من الحراك السياسي :
كما قلنا سابقا ، إن الملك ليس هو حكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية ، كما ان هذه الحكومة ليست هي الملك . وبالرجوع الى تاريخ الحكومات المغربية ، لم يسبق في التاريخ ان سمعنا ان الملك ترأس اجتماعا للحكومة العميقة ، او ان هذه الحكومة قد ادت قسم التنصيب امام الملك ، لكن ما نسمعه ونشاهده في التلفاز هو ان الملك يرأس فقط الحكومة التي ادت اليمين بين ايدي جلالته ، وهي كما تتكون من اشخاص ينتمون الى الاحزاب ، تتكون كذلك من اشخاص تكنوقراط غير منتمين ، في حين ان وزراء الحكومة العميقة يتكونون فقط من اللامنتمين من السلطويين والتقليدانيين . لذا يبق التساؤل مشروعا حول المسافة التي قد يتخذها الملك من حكومة الاقطاع السياسي ومن الكتلة التاريخية الممثلة لأغلبية المواطنين .
هنا لا يجب اقتراف نفس الخطأ الاستراتيجي الذي سقطت فيه حركة 20 فبراير ، حين وضعت الملك لأول مرة في فوهة بركانها ، فعوض ان تكسبه اليها كحليف ، افتقدته حين خلقت منه عدوا بالمجان ، وهو الخطأ الذي استغلته حكومة الاقطاع السياسي بسرقة الملك في واضحة النهار ، حين ابعدته عن الشعب ، وجعلته من حيث لا يشعر يصطف الى جانبها ، بعد ان فبركوا له وهم فوبيا الشعب الملتصق والمرتبط الحقيقي بالنظام الملكي .
ان الصراع ضد حكومة الاقطاع السياسي ، لا يجب ان يكون صراعا ضد الملك ، بل يجب ان يكون صراعا ضد من يتخفى وراء الملك لتحقيق مآرب شخصية لا علاقة لها بمصالح الملك التي يجب ان تكون هي مصالح الشعب . وحين يكون الهدف من الحراك هو محاربة الاستبداد والطغيان ، فمن المفروض في الملك ان يدعم كل الخطوات التي يريدها الشعب ، وهنا فان العلاقة بين الملك وبين الشعب ، ستنسج ثورة جديدة للملك والشعب ضد حكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية ، وعوض ان يكون الملك مدعما بالانتهازيين والوصوليين والمفسدين ، سيكون مدعما من قبل الشعب الذي وحده ضامن الدولة والملكية . وهنا لا ننسى انه حين توفي الحسن الثاني ، فان الشعب ومن سمّاهم في وقت من الاوقات ب ( الاوباش ) هم من سار في جنازته ، وليس آل الفاسي ولا زمرة العصبية القبيلة المافيوزية الذين تشفوا في وفاته . ان الملك سيكون مجبرا على الانخراط التام في ورش الاصلاح والديمقراطية ، وهو سيكون مجبرا على ذلك لان مستقبله مع الشعب وليس مع حكومة الاقطاع السياسي ، لأنه لا يمكن لحاكم ان يحكم ارضا خلاء بدون شعب .
لذا فان الاستعانة بالملك والتنسيق معه من اجل الاعداد للدستور الديمقراطي ، سيكون حقا ثورة في الاتجاه الصحيح ، لأنه لا يمكن ان نظل حبيسي تسلط الحكومة العميقة التي لا تخضع لأية محاسبة ولا مسؤولية ، رغم انها المتحكمة في زمام امور الدولة .
وبالرجوع الى المشهد السياسي ، سنجد ان الملك لم يجني من الشعب إلاّ الخير ، في حين ورطته حكومة الاقطاع السياسي في عدة فضائح اساءت الى سمعة المغرب والى شخص الملك . فمن ورط الملك في قضية البيدوفيلي دنيال كلفان ؟ من ورط الملك في قضية جزيرة ليلى ؟ من ورط المغرب في قضية ابعاد اميناتو حيضر من بلادها ؟ من ورط الملك في الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب بها ؟ من يقف وراء توسيع قاعدة الانفصال في الصحراء ؟ ومن ومن ومن .. هل الشعب ام حكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية ؟
ان التنسيق بين الملك وبين الكتلة التاريخية بهدف بناء الدولة الديمقراطية المدنية ، مع الاخذ بعين الاعتبار بالخصوصية المغربية التي تجسد الاصول الفريدة ، سيكون اكبر ضربة توجه لحكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية ، وهو ما سيشكل قطيعة مع الفوضى والضبابية وعدم الوضوح وربط المسؤولية بالمحسابة .
وبالرجوع الى الحكومة العميقة سيتبين انها تستمد قوتها بطريقة خبيثة ميكيافيلية من الملك ، فتشرع من ثم في الممارسة والتصرف باسم الملك لخدمة اجندتها الخاصة التي لا علاقة لها باجندة الشعب والملك . من هنا فان مظاهر استقواء هذه الحكومة المسيطرة على الحكومة المنصبة التي ادت اليمين بين ايدي جلالته ، هو افراغ الحكومة الشكلية من مصادر القوة التي تستخدمها الحكومة العميقة في تصفية الحسابات وفي خدمة المخططات وفي ترهيب المعارضين حتى يخلو لها الجو وحيدة ، وحتى تستأثر بالساحة السياسية لفبركة مشاهد سياسية غاية في البشاعة والبلادة ، غرضها البقاء من اجل البقاء لا غير .
ان من آليات ممارسة السلطة لدا الحكومة العميقة هي الاستحواذ على الاجهزة الامنية المختلفة في فبركة التقارير وفي تضبيب المشهد وفي ممارسة البطش والإرهاب السياسي والتنظيمي للمعارضين . ان هذه الآليات التي تخرج عن سيطرة الحكومة الشكلية التي على رأسها السيد عبدالاله بنكيران ، هي المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وهيئة الولاة والعمال ورجال السلطة بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للقوات المساعدة . ان الرئيس الفعلي لهذه الاجهزة هو الوزير الاول في الحكومة العميقة السيد فؤاد الهمة ، ووزير الداخلية الحقيقي مستشار الهمة هو المدعو الشرقي ضريس ، اما وزير الخارجية الحقيقي فهو المدعو الطيب الفاسي الفهري والقائمة المتبقية معروفة . ان اخطر العناصر في الحكومة التي سماها الوزير الاول بالحكومة العميقة ، هما الهمة والضريس ، وهنا نتساءل كما يمكن لغيرنا كذلك ان يتساءل لمعرفة خطورة حكومة الظل : ماذا يمكن الانتظار مثلا من السيد فؤاد الهمة ، وهو الذي ردد سابقا ما مفاده ، أنه تعلم " تمغْربيت في لبواطْ ’دو نْوي " اي في الحانات الليلية ، وهنا لماذا لم يقل انه تعلم ( تمغْربيت ) في الاصول والأعراف المغربية رغم انه انشأ حزبا باسم " الاصالة والمعاصرة " ، وهنا نفهم لماذا فشل الرجل في جميع الملفات التي ’اسندت اليه ، وبما فيها انشاء الحزب على طريقة حسني مبارك وزين الدين بنعلي . ثم ماذا سننتظر من الهمة إذا كان مستشاره الشرقي الضريس وبطرق غاية في الخساسة ، لا يخجل وهو يسرق اعمال الاطر بوزارة الداخلية ، ويقدمها الى رؤساءه المضبعين والمبلدين والاميين حفيظ بنهاشم وعبدالعزيز علابوش ، على انها من انتاجه ومن مبتكراته ؟ بل ماذا ننتظر من شخص كان يختلي بالكاتبات منهن العازبات ومنهن المتزوجات بالوزارة ، بل ماذا ننتظر من شخص وهو متصرف ممتاز ورجل سلطة ، ضبطه احد رجال القوات المساعدة ( مْخزْني ) وهو يمارس على الكاتبة ( م ) بمكتب غير المأسوف عن ذهابة عبدالسلام الزيادي ؟ والفضيحة التي تم التستر عليها كانت قنبلة بين كل اطر مصلحة المستندات بمديرية الشؤون العامة التي تحولت الى المديرية العامة للشؤون الداخلية ؟ وهل من فساد وبالمكشوف والواضح ، حين يقوم الشرقي ضريس بتعيين اخاه عاملا على اقلين سيدي بنور ، ثم يقوم بتعيين اخاه عمر ، وهذا بالمناسبة لا شواهد جامعية له ( كان فقيه مْشارطْ وكان كيتْسخّر ) خليفة قايد ، وفي ظرف وجيز رقاه الى رئيس دائرة ، ورغم بلوغه سن التقاعد منذ اكثر من خمس سنوات ـ فهم لم ’يحلْ على التقاعد ، بل ظل يزاول الى ان عينه مؤخرا مديرا جهويا مندوبا لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بجهة مراكش تنسيفت . فهل هذا حلال على الضريس وعلى عائلته وحرام على غيره ، في الوقت الذي لا يتردد فيه في اصدار الاوامر لتكسير جماجم وعظام حملة الشواهد العليا المعطلين .
ثم ماذا سننتظر من الشرقي الضريس اذا كان مستشاره في الاعمال الخسيسة والقدرة والوسخة ،هو المجرم نور الدين بن إبراهيم الذي مارس الشطط في استعمال السلطة عندما كان نائبا لمدير مديرية مراقبة التراب الوطني عبدالعزيز علابوش وعندما مارس كمدير على المديرية بالنيابة ، او عندما كان نائبا للمدير العام الجنرال حميدو لعنيكري ، او عندما اصبح واليا مستشارا للشرقي الضريس ؟ ، مثل اصدار التوجيهات بأمر الضريس شفويا وليس كتابيا الى الامن لتحريف بحث عن مقاصده حتى ينتهي به الامر الى الحفظ في المحكمة ، او اطلاق العنان للكلاب الظّالة من الاجهزة المعلومة لتشويه سمعة الناس والاعتداء عليهم ظلما وعدوانا ؟
وبالمناسبة ، ومن هذا المنبر الحر والديمقراطي ، ادعو جلالة الملك نصره الله باعتباره الممثل الاسمى للامة ، الى الحرص على سلامتي الجسدية والمعنوية كما ينصص على ذلك الدستور صراحة ، وانني احمل المسؤولية الجنائية والمدنية للبلطجيين المدعو الشرقي الضريس والمدعو نور الدين بن ابراهيم عن اي اعتداء او جريمة تحصل اليوم او غذا او مستقبلا ، امام باب بيتي او في الحي الذي اسكنه ، او بالشارع العام من قبل بلطجي او مخبول او مجرم . ان لغة التحريظ على الناس ومن بعد التي مارسها نور الدين بن ابراهيم عندما كان بمديرية مراقبة التراب الوطني ، لا تزال متواصلة الى الآن . ان المعركة مفتوحة ومتواصلة ، لا تراجع ولا تنازل ، والايام بيننا ستكشف ما اقول .
اذن فلتؤسس الكتلة التاريخية الديمقراطية ، ولتنسق مع الملك جميع الخطوات الهادفة الى بناء الدولة الديمقراطية المدنية ، مع الاحتفاظ بالطبع بالخصوصيات المميزة للتاريخ والهوية المغربية . وان حصل هذا التغيير والذي لن يتحقق بسهولة ، إلاّ اذا انتصر الجميع للشعب ، وليس للاختلافات التنظيمية والإيديولوجية ، ستكون اكبر وأعظم ثورة في تاريخ الانسانية في قرن الالفية الثالثة التي نعيش . ان هذه الثورة بين الملك والشعب بقيادة الكتلة ستدخل المغرب الى خلق الحدث من بابه الواسع ، وبالإضافة الى انها ستجد الترحيب والدعم المطلق من اوربة وأمريكا والعالم الغربي ، ستكون صمام امان للدولة وللوحدة الترابية للمملكة .
موقف مؤسسة الجيش من الحراك السياسي :
في خضم هذا التفاعل السياسي ، ’تطرح بعض الاسئلة عن موقف مؤسسة الجيش من الحراك ، وهل ستنضم الى مطالب الشعب بالإصلاح ام انها ستنحاز الى جانب الحكومة العميقة كما سمّاها السيد عبدالاله بنكيران ، واسميها أنا بحكومة الاقطاع السياسي الاستبلادية والاستبدادية ، ام ان الجيش سيتخذ نفس المسافة من فرقاء الصراع ، كما حصل في مصر وفي تونس وحصل اليوم في اكرانيا وحصل سابقا في جورجيا ؟
اولا ، على الكتلة الديمقراطية ان ترفض كل المحاولات الانقلابية المغشوشة ، وأيا كانت الشعارات التي تحملها ، وأيا كانت القوى السياسية التي ستوظفها او تتحالف معها . ان منطق التاريخ علمنا ان الانقلابين ينقلبون على السياسيين في اول فرصة تتراء لهم ، فينكلون بهم اشد تنكيل ، ومن لم يتم اعدامه تنتظره سنوات عجاف بسجون الانقلابيين . من هنا فان الانقلاب ، هو خروج من نظام استبداد وطغيان حكومة الاقطاع السياسي ، الى نظام اكثر استبدادا وطغيانا وفاشية ، لان العقيدة العسكرية ، خاصة العربية والعالم ثالثية هي ضد الديمقراطية . لذا يجب رفض الانقلابية والانقلابات العسكرية قطعا .
ان مؤسسة الجيش هي جزء من هذا الكيان ومن هذا الشعب ، لان منه ، اي الشعب ، تتكون القوات المسلحة الملكية جنودا وضباط صف وضباط . لذا فان المؤسسة العسكرية تتأثر بكل ما يجري في المجتمع ، وهي ليست منعزلة او مفصولة عنه وعن كل ما يدور فيه من صراعات ، وما يشهده من تناقض اساسي تناحري بين حكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية والاستبلادية ، وأوسع الجماهير الشعبية التي تعاني من الظلم والاستبداد والاستغلال الفاحش على يد نفس الاقلية وأسيادها الامبرياليين . فكان من الطبيعي اذن ان ينعكس هذا التناقض الصارخ داخل الجيش نفسه لنجد تصنيفا وصراعا غير معلن طبقيا ما بين قاعدته الشعبية المضطهدة والمستغلة من جنود وضباط صف وضباط وطنيين من جهة ، وفئة الضباط الكبار المعتنقين للتقاليد والثقافة الكلونيالية الفرنسية . وهنا كذلك ، كان من الطبيعي ان نجد في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، وحتى اليوم اذا ضعفت الدولة ، الامبريالية وعملاءها تخط وتدبر المؤامرات والدسائس للسيطرة والهيمنة على الجيش من اعلى ، كما جرى في العديد من بلدان امريكا اللاتينية وإفريقيا والوطن العربي ، خاصة وان هذه المؤسسة تعتبر ، بحكم نمط تنظيمها وقوة سلاحها ، مصدرا اساسيا " للسلطة او الحكم المستقبلي " . وهذه المؤامرات لا تستهدف ضرب المد الجماهيري بشكل عام ، وإجهاضه والحيلولة دون تجدره وتعمقه وحسب ، لكنها موجهة ايضا ، بنفس المنطق ومن اجل نفس الاهداف الرجعية ،ضد الجنود والضباط من البرجوازية الصغيرة وما فوق الصغيرة ، والقاعدة الواسعة للجيش .
اذن من هذا المنطلق سنطرح السؤال الاساسي : ما هو الموقف الذي يمكن للجيش ان يتخذه من الحراك ؟
من المفروض ان المهمة الاساسية لأي جيش في العالم ، هي الدفاع عن الشعب وعن الوحدة الترابية للدولة . وبما ان التناقض الاساسي في المجتمع يرخي بظلاله على بنية الجيش ، فانه من غير المستبعد ان ينحاز الضباط الكبار المستفيدين من الوضع الى جانب حكومة الاقطاع السياسي . لكن ماذا سيغيرون من طبيعة مشكل سياسي وراءه شعب ؟ هل سيجرئون على اطلاق النار وقتل الناس المسالمين المطالبين بالإصلاح بالتنسيق مع الملك وليس ضده ؟
ان ما حصل للمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني السيد عبد الطيف حموشي في فرنسا التي يعتبرها المغرب صديق استراتيجي ، وتعتبره هي عشيقة رخيصة ، وان ما يقوم به القاضي المكلف بملف المهدي بن بركة ، وان ما يقوم به القضاء الاسباني بخصوص الصحراويين المختفين في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ، وما تقوم به اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار بخصوص القضية الوطنية ، وبالرجوع الى الموقف الامريكي من توسيع صلاحيات المينورسو بالصحراء المغربية ، وبالرجوع الى التقرير الاخير لوزارة الخارجية الامريكية حول حقوق الانسان في المغرب بالصحراء ، وبالرجوع الى التقارير التي تصدرها لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف ، وما تنشره منظمة العفو الدولية يومن رايتس ووتش ... لخ ، يجعل من المستحيل اعادة مجزرة 1965 ومجزرة 1981 و مجزرة 1984 ومجزرة 1991 . ان اطلاق الرصاص على الناس العزّل والمسالمين ، لا يعني انكشاف ضعفهم ، وضعفهم اهون من بيت العنكبوت ، لأنه بفعل تصرفات حكومة الاقطاع السياسي ، المغرب اليوم مثل باخرة في وسط بحر هائج ، تتلاطمها الامواج من جميع الجهات ، ولا احد يعلم ، هل ستتحطم او ستغرق ام ستنقلب . وكيف ما كان الامر ( تحطم او انقلاب او غرق فان الضربة ستكون موجعة ) ، بل ان اطلاق الرصاص يعني حتمية نهايتهم الاكيدة . ان الامم المتحدة ومجلس الامن ومنظمات حقوق الانسان والمحاكم الاوربية والمحكمة الجنائية الدولة .. لخ ستكون لهم بالمرصاد ، وفي هذه المرة فان القاتل لن يفلت بجلده مثل السابق في سنة 1965 و 1981 و 1984 و 1991 .
اذن باستثناء الضباط الكبار المستفيدين من الوضع ، والذين اصبحوا مراقبين في ممارساتهم المختلفة لحقوق الانسان من قبل المنظمات الدولية التي لن تسمح بقتل المسالمين الابرياء ، فان مؤسسة الجيش التي هي من الشعب واليه ، ستنضم الى ثورة الملك والشعب لبناء الدولة الديمقراطية العصرية الحديثة مع الاحتفاظ بالخصوصيات المرجعية المميزة للشخصية المغربية .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص الديني والنظام الراسمالي من المرأة وجهان لعملة واحدة
- هل تراجعت الحكومات الاسلاموية ؟
- اي سر وراء مصرع الجنرال احمد الدليمي ؟
- الحزب الشيوعي
- حركة الجمهوريين المغاربة
- الاخطاء الكبرى المرتكبة في حق القضية الوطنية
- اين الحقيقة في تصفية عبدالرزاق لمروري وزجته ؟
- حق التظاهر في الشارع العام مصر -- المغرب
- شهور اكتوبر نوفمبر ديسمبر ويناير على الابواب
- هل فهمتم شيئا ؟ خديجة الرياضي -- (الدولة مجازا ) زمرة العصبي ...
- الاعتقال السياسي بين سلطة القانون وسلطة الامر الواقع
- الدولة الحكومة المجتمع -- طبائع الاستبداد --
- قوة المغرب في تنوعه الثقافي
- اللغة العربية والركب الحضاري -- خسئت ياعيوش --
- الوحدة العربية بين الحلم والغبار
- خواطر ومستملحات انتخابية
- ما العمل في حل قضية الصحراء المغربية ؟ بين السيناريوهات المف ...
- فقدان الأمل وانتشار الخوف -- اسباب ظهور التطرف الاسلاموي
- تردي الوضع العربي - نزاع الصحراء مسمار في نعش المغرب العربي
- الاساطير وما ادراك من الاساطير


المزيد.....




- بايدن لـCNN: ترامب لا يعترف بالديمقراطية ولن يتقبل الهزيمة ف ...
- البنتاغون: أمريكا ستبدأ بإرسال المساعدات لغزة عبر الرصيف الع ...
- البيت الأبيض: عملية عسكرية كبرى في رفح ستُقوي موقف -حماس- في ...
- رئيس الوزراء البولندي يعترف بوجود قوات تابعة للناتو في أوكرا ...
- إسرائيل تسحب وفدها من مفاوضات القاهرة لوقف النار مع حماس ومس ...
- بالفيديو.. -سرايا القدس- تستهدف جنودا من الجيش الإسرائيلي مت ...
- مشاركة النائب رشيد حموني في برنامج مع ” الرمضاني” مساء يوم ا ...
- -محض خيال-.. تركيا تنفي تخفيف الحظر التجاري مع إسرائيل
- RT تستطلع وضع المستشفى الكويتي برفح
- رئيس الوزراء: سلوفينيا ستعترف بالدولة الفلسطينية بحلول منتصف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - خارطة الطريق - ستة منطلقات لبناء الدولة الديمقراطية وقلب حكومة الاقطاع السياسي الاستبدادية