أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - عندما يتحوّل «جنيف» إلى منصّة لقتل السوريين















المزيد.....

عندما يتحوّل «جنيف» إلى منصّة لقتل السوريين


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4385 - 2014 / 3 / 6 - 07:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في سوريا ينفجر بركان الدم والقتل العقائدي، فيطغى الخوف على الجميع. بينما لغة القتل والدمار تحوّل سوريا إلى ساحة للرقص على رائحة الدماء المهدورة، في وقت تستعيد فيه الوحشية الذئبية وفوضى القتل شعاراتها من بطن التاريخ، لتنحر بأسلحتها العمياء جوف السوريين، مستلهمة جنونها الدموي ممن يؤسسون إلى خراب كوني.

وما الصراع الذي اكتنف مفاوضات جنيف إلا امتداد لشلالات الدم، وصدى صوت العنف الذي يطغى على أي صوت سياسي عقلاني. فالتفاهم الروسي الأميركي الإيراني بشأن الملف النووي ومؤتمر «جنيف 2»، لم يَحُل دون تفاهم آخر أميركي سعودي فرنسي يسعى إلى مواصلة الدعم والتمويل لأطراف بات القتل هدفها الأساس. وهما تفاهمان يسيران بشكل متوازٍ في استراتيجية متعاكسة. في هذا الإطار، لم يكن «جنيف 2» مدخلاً إلى إرساء حل سياسي سلمي، إنما مسار عبثي مفتوح على مزيد من الدموية التي من الممكن أن تفضي إلى بقاء الأسد وخصومه معاً. لكن بعد أن يتم إنهاك قوى الحرب في معارك هدفها الأساس تدمير سوريا وقتل شعبها بما يكفي لتقاسم السلطة وسدّ جوع شركات إعادة الإعمار، في مشهد عنوانه العريض الجنون والتباكي الكاذب على دماء السوريين.
إن راعيي مؤتمر «جنيف 2» يقرّان ضمناً بأن أي تحوّل ديموقراطي في سوريا لن يكون لمصلحتهما. لذلك كان تفخيخه من الداخل هو العنوان الأساس لمجريات المؤتمر الذي أكدنا فشله قبل انعقاده. وهذا لم يخالف توقعات السوريين الذين باتوا يتعلقون بحبال الهواء للخروج من المذبحة، التي كما يبدو أنها لن تنتهي في الأفق القريب. إضافة إلى ذلك، فقد كشف المؤتمر عن حالة الفوضى والتناقض التي تعيشها القوى الدولية والإقليمية والأطراف السورية المتصارعة.
لقد أكدنا منذ البداية أن حماية السوريين من تداعيات الصراع، وإخراج المجتمع السوري من الأزمة، يمران بالضرورة من بوابة الحل السياسي الذي يشكّل الحوار الوطني مدخله الأساس. لكن هذا لم يكن مقنعاً للأطراف العصابية. ومع تعمّق الأزمة ودخول الجهاديين، الذين قلبوا موازين القوى في وجه السوريين التواقين إلى التغيير الوطني الديموقراطي، وصولاً إلى انتزاع أدوات الحل من أيدي السوريين، وتحويل سوريا إلى ميدان مفتوح لمواجهات سنية شيعية في سياق من التداخل والتراكب المعقد، أصبحنا على يقين بأن المخرج من الأزمة السورية لن يكون إلا عبر تسوية دولية، رغم اقتناعنا بأنها لن تعبّر عن مصالح السوريين وتطلعاتهم، بقدر ما ستكون تعبيراً من مصالح الدول الكبرى. لكن على ما يبدو، حتى هذه التسوية لن تجد لها طريقاً للتنفيذ، إلا بعد تدمير ما تبقى من سوريا وتمزيق نسيجها الاجتماعي وتعميق الصراع الدموي المتمحور حول الذات الطائفية والمذهبية والعشائرية والجهوية... ويشكّل هذا التحوّل استباحة مفرطة وكاملة لحقوق الشعب السوري، التي تدوسها أقدام الغرباء، والأطراف الدولية المتصارعة. وما تهديد المجموعات الإسلامية لكل مشارك في مؤتمر جنيف أو لكل من يدعو إلى حل سياسي بالقصاص إلا بداية في تعميق صراع باتت نهاياته سراباً.
بين 30 حزيران 2012، تاريخ صدور إعلان جنيف، ولحظة انعقاد جلساته المفتوحة في 22/1/2014 انفتح الفضاء السوري على صراع أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، وتشريد الملايين ودمار طال معظم البنى التحتية. وإذا كان الصراع لحظة إعلان بيان جنيف ينحصر بين الجيش العربي السوري و«الجيش الحر»، فإن من الصعوبة الآن بمكان إحصاء عدد وجنسيات المجموعات المقاتلة على الأرض السورية. وهذا يزيد من صعوبة إيقاف القتال. لذا يجب التركيز على إنجاز خطوات أولية ومتدرجة لإيقاف القتال. فقرار أممي يقضي بإخراج المقاتلين غير السوريين خارج الحدود السورية وإيقاف جرائم الحرب، واحترام قوانين الحرب التي تفرض على أطراف الصراع حماية المدنيين العزل، والإفراج عن النساء والأطفال والمرضى ومعتقلي الرأي، وإدانة الخطف، أياً تكن الجهة التي تقوم به، وتسوية وضع المخطوفين، وكذلك رفع العقوبات الغذائية والدوائية عن سوريا، من الممكن أن يشكل مدخلاً إلى مناخ سياسي جديد. لكن مماطلة بريطانيا وفرنسا وأميركا... وممارستها تجارة الوهم والبؤس، وكذلك ارتفاع صراخ الائتلاف برفض الحوار والتفاوض «قبل رحيل الأسد»، فإنها تجهض الحل السياسي. وهذا يرتبط باستخدام أطراف دولية بعينها حق الفيتو ضد أي طرف معارض يرفض أن يكون ضمن دوائر الولاء والسيطرة، ويتمسّك برفض العنف والتدخل الخارجي. وأكثر من هذا، قاد السيد روبرت فورد من وافقه الرأي من المعارضة إلى جنيف. وهذا يشكّل اعتداءً صارخاً على حق المعارضة السورية في تشكيل وفدها الذي يجب أن يكون ممثلاً لكل أطياف المعارضة الوطنية، ومعبراً عن تطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية. إن الآليات التي اتبعها المحور الأميركي في التعامل مع ملف المعارضة والأزمة، بشكل عام، يجرّد الشعب السوري من حقه في تقرير مصيره. كذلك فقد انعكس تخلي القيادة الروسية عن دورها المتوازن، سواء من جهة علاقتها بوفدي الحوار، أو بملف الأزمة بشكل عام، على مجرى المفاوضات. فالموقف الروسي، والوصاية الأميركية، والتدخل الغربي والخليجي، كل ذلك كان كفيلاً بتفجير المؤتمر. وانعكس هذا على تمسّك وفد الائتلاف بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية، ورفع سقف مطالبه التي انحصرت في كيفية الاستيلاء على السلطة، من منطلق تكريس هوسه بالشرعية والتمثيلية، واشتغاله على إثبات ولائه للدول الداعمة له. وهذا يتناقض مع مطالب السوريين الذين يرون أن حل الأزمة يبدأ من إيقاف الصراع بين مكونات المجتمع السوري ومحاربة الإرهاب والبدء بعملية انتقال ديموقراطي. في المقلب الآخر، فإن إصرار الوفد الحكومي على مكافحة الإرهاب رغم وجاهته، لم يتجاوز حدود إدراك السلطة لخطورة التغيير السياسي على مستقبلها. فتمسك الوفد الحكومي بموقفه كان يعبّر صراحة عن ميول الحكومة الروسية. ومن منطلق تحفظاتنا على مواقف وآليات اشتغال الائتلاف، وكذلك آليات الوفد الحكومي، فإننا نرى أن التغيير الذي يشتغل على تحقيقه الائتلاف، وكذلك ما يهدف إلى تمكينه الوفد الحكومي، لا يعبّران عن التوجهات الحقيقية للشعب. وعلى هذا الأساس، نرى أن مواقف كلا الطرفين، ساهمت في فتح الصراع على المجهول. فإفشال المؤتمر أو فشله لن يغير شيئاً، كون المؤتمر بالأساس ولد ميتاً، نتيجة التناقض الدولي وغياب الإرادات الجادة في إيجاد أي حل سياسي. ورغم مساهمة الجميع في قتل المؤتمر، إلا أن أحداً لا يجرؤ على دفنه، لأن ذلك يعني الفراغ الكارثي على الصعيد السياسي والإنساني والوطني. وهذا يستوجب مجدداً التأكيد على أنه لا بد من اعتماد آليات سياسية وقواعد عقلانية منهجية مختلفة عما هو سائد حتى الآن، إذ يجب أن يكون للسوريين الحق في الأمل والمشاركة، كونهم الأقدر على رسم معالم طريق الخلاص من الحرب والتسلط، خارج الوصاية والتبعية. لهذا، فإن إقامة لقاء وطني شامل يضع الأسس لمشروع سياسي عقلاني ومنهجي يمثل السوريين مدنياً وسياسياً، يعتبر مطلباً ملحاً. فالقادة الإسلاميون الذين اشتغلوا على تكميم أفواه المعارضين الذين لا يتفقون مع آرائهم، يشكّلون نموذجاً لكثيرين من حملة «راية الثورة» المسروقة من أصحابها الحقيقيين. كذلك فإن الإسلاميين في «المناطق المحررة» تحولوا إلى كابوس أشد قمعاً وتخلفاً. فهذه الجماعات تمارس سياسات التجويع والحصار والاعتقال والتعذيب والخطف الذي يطال في كثير من الأحيان أصحاب الرأي والإعلاميين والناشطين الحقوقيين الذين يفضحون ممارساتهم.
لقد أفسح قادة الائتلاف وكتائبه المقاتلة المجال لدخول عناصر وجماعات الجهاد العالمي، وتساهلوا مع الخطاب الإسلامي المتطرف، وشكلوا غطاءً لممارسات قمعية ذات بُعد طائفي عمّقت من حواجز الخوف الإثني والديني عند شرائح اجتماعية كثيرة. وهذا جعلهم مصدر قلق ورعب للعالم. وقد مهدت هذه الممارسات الطريق لإصدار حكم الإعدام بحق «الثورة».
أما بالنسبة إلى زمن المفاوضات، فكلا الطرفين يرى في إطالته والتلاعب به، إمكانية لتحقيق تغيير في الوقائع الميدانية، وهذا سينعكس تلقائياً على المواقف السياسية لكلا الطرفين. وفي الوقت ذاته يتم التلاعب ببقية أطياف المعارضة السياسية والمدنية. من جهة السلطة، فإنها تعتمد منهجية أمنية تتجاوز حدود الناشطين وأصحاب الرأي والسياسيين. كذلك، فإن «أصدقاء سوريا» وأدواتهم، يعملون على إقصاء معارضة الداخل. وكأنّ الهدف هو شرذمة المعارضة وإبعاد أطرافها الوطنية الديموقراطية المدنية عن أي عملية سياسية. فالطرفان يرفضان العمل على قواعد سياسية تؤسس لبناء جسم سياسي وطني ديموقراطي يقوم على التشاركية والاعتراف المتبادل من أجل توحيد الجهود لوقف العنف ومحاربة الإرهاب، مهما كانت أشكاله وهويته ومصادره. وهذا يفتح الباب على ضرورة توافق أممي يُخرج سوريا من أزمتها، ويضمن التزام الأطراف الخارجية بحل سوري، يحيّد سوريا عن الوصاية الدولية. فمحاربة الإرهاب ضرورة، لكن بشرط أن تطال جذوره ومسبّباته. وكذلك يجب عدم اختزال المفاوضات التي تتعلق بالمرحلة الانتقالية، في عملية نقل السلطة، كما يراها وفد الائتلاف ومن يقف خلفه. وبين كلا الهدفين، يجب ألا ننسى رفع العقوبات لإعادة بناء سوريا التي ساهم في تدميرها أمراء الحرب، وإيصال الإغاثة الإنسانية ورفع الحصار عن المدن وتحرير المعتقلين والمخطوفين... فالحل السياسي يجب أن يكون من أجل الوطن لا من أجل بعض الزعامات السياسية.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أولية في ظاهرة التضخم
- إعادة الإعمار مدخل إلى النهب النيوليبرالي في سوريا
- المثقف السوري زمن الأزمة
- إلى أن يحين موعد الجولة الثانية من «جنيف 2»
- الاقتصاد المنزلي وأهميته في الأزمة السورية
- ... و«الائتلاف» المعارض يذهب وحيداً
- آفاق المستقبل القادم
- خريطة طريق لما بعد «جنيف 2»
- حتى لا تنكسر إرادة الشعب... السوري
- إشكالية الشباب السوري
- محطات في تطور الاقتصاد السوري
- ... وهل نحتاج إلى اقتصاد الحرب؟
- الفكر العلماني: مقاربة للواقع السوري
- السوريون وجهاً لوجه أمام مؤتمر «جنيف 2»
- بخصوص الدولة المأزومة
- وطنية السوريين في مواجهة قوى الاستكبار العالمي
- تحولات المشهد السوري
- الأزمة السورية وإشكالية الوعي الجديد
- مستنقع الاقتصاد الحر( النموذج السوري).
- إشكالية الهوية السورية في سياق الأزمة الراهنة


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - عندما يتحوّل «جنيف» إلى منصّة لقتل السوريين