أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فوزي بن يونس بن حديد - يا أطيب شعب














المزيد.....

يا أطيب شعب


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 12:09
المحور: سيرة ذاتية
    


كان يوما فارقا في حياتي، عندما وصلت أرض السلطنة قبل أكثر من 22 سنة، كان ذلك في يوم الحادي عشر من سبتمبر، الجو حار نسبيا، والرطوبة عالية، لم أكن أدري أني في دولة أخرى غير التي ولدت فيها ونشأت، نزلت من الطائرة والفرح يملؤني أني وصلت بخير والحمد لله فهي المرة الأولى التي أسافر فيها بالطائرة، وللطائرة حكاية معي سأتركها لوقتها، استقبلني أحد المشايخ من تونس في مطار مسقط الدولي " مطار السيب الدولي"، ركبنا السيارة ونحن نسير في شوارع مسقط وهي تستقبل يومها الجديد بصبح قد أسفر، كان يوم الجمعة تحديدا، يوم بركة ونفحات جميلة وهواء عليل استنشقته وأنا أرقب الشوارع ذات اليمين وذات الشمال، قلت في نفسي هل هذه سلطنة عمان التي سمعت عنها أم أنا في حلم لم أستيقظ منه بعد.
عادت بي الذكرى قليلا إلى بلدي وعائلتي وإخواني الذين تركتهم هناك وهم لا شك الآن يتذكرونني، بقيت أحلم وأنا في اليقظة، أصارع نفسي وأحاول أن أقنعها أنني في مشهد جديد وحياة جديدة مختلفة عما ألفته من قبل، كان الأمر في البداية صعبا، وصعوبته تكمن في أنني لأول مرة أخرج فيها من بلدي وأترك فيها أهلي، فكان أشبه بصعقة كهربائية رجّت في جسمي لينتفض ويجد نفسه أمام باب ألوانه زاهية ومزركشة وبساط أحمر مفروش وقد استأذنك ضميرك للدخول والبحث عن الجديد والمفيد، كان شيخي يحدثني عن البلاد كيف هي نظيفة وهادئة ومتميزة وكم هو شعبها طيب وكريم ومتخلق، شعرت حينها بنفخة روح سرت في كامل جسدي واختصرت غربتي.
كانت البلاد مختلفة بها أجناس متعددة، ولباسهم شد انتباهي، أخذت في المشي الى الجامع فإذا بي أسمع الخطيب على المنبر ينثر كلمات دخلت قلبي تساءلت من يكون؟ تركت ذلك لحين الفراغ من الصلاة، كانت المفاجأة من العيار الثقيل، لم أكن أتصور أن التقي به بهذه السهولة، سألني شيخي عن الخطيب من يكون، قلت لا أعرف وكيف أعرف أحدا وأنا حديث العهد بالبلاد، أجاب إنه مفتي عمان الشيخ الجليل أحمد بن حمد الخليلي، كاد يغمى علي من شدة هول الموقف، رجل بهذا المنصب في البلاد يخطب على منبر ويقف أمام الناس بلا حراس، قال ستعرفه أكثر عندما تلتقيه، أَوَ ذلك سهلٌ أجبته، بعد الصلاة وقف العمانيون وغيرهم في صف طويل ليصافحوا عالما كبيرا له صيت عظيم، أذهل العالم بخلقه وتواضعه وابتسامته الجميلة على محياه، اقتربت منه وقلبي يخفق بقوة، كدت أهرب من الصف، لم أتعوّد على مصافحة مسؤول كبير، إلا أنني تماسكت وحاولت أن أخفي هلعي ووجلي وإن كان باديا على وجهي، عندما جاء دوري ورأيت من قبلي ينحني له إجلالا واحتراما، أقبلت عليه وصافحته بكلتا يدي فابتسم لي رغم أنه لا يعرفني فزاد قلبي توقيرا واحتراما لهذه الشخصية العظيمة وهي تعيش وسط شعب يحترمها أشد الاحترام.
لا أخفيكم أن تلك المصافحة منحتني الثقة، وزرعت في قلبي الأمان من أول يوم، فغصت في بحر العلاقات ومضيت أوطّن نفسي على حب العمانيين الذين بدت الطيبة على محيّاهم والكرم قد غشاهم وكأني أعيش في عصر مختلف عن العصر الذي مضيت فيه نصف عمري، أعيش بين فتية آمنوا بربهم فزادهم هدى وتقى وعلما ورفعة وخلقا، وبين مشايخ دهش الآخرون لغزارة علمهم وتفوقهم، واحتار المخالفون قبل الموافقين في تواضعهم وابتسامتهم فكانوا بحق مشعل نور يتلألأ في الأفق، عشت بين أصحابي وأحبابي فترة لا يستهان بها تعلمت منهم الكثير، أنسوني الغربة التي عادة يشعر بها كل من ترك وطنه وسافر، أحاطوني بالرعاية الكاملة والحظوة البالغة، ذكروني بعصر الصحابة رضوان الله عليهم وأنا أقرأ صحائفهم، بعد أن ذقنا مرارة الاستبداد في بلدنا.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت عظة
- المرأة في قفص الاتهام
- شاعر يغرد خارج السرب
- أمتي متى السفر؟
- الفكر الإباضي يشع من جديد
- هل يعقد جنيف 2؟
- ما السر وراء رجوع إيمان عياد لقناة الجزيرة؟
- فيصل القاسم وراء القضبان
- لقاء مع القمة
- من يسمعني؟
- أمة مجنونة، هل تستفيق
- ماذا لو تغير التاريخ
- ورطة الإرهاب
- لا جهاد إلا في القدس
- رسالة إلى أوباما لعله يتوب
- سوريا تنتصر مرة أخرى
- الطفولة تنتهك حرماتها
- تونس تبحث عن حل
- الزهايمر يضرب الدوحة
- السعودية تعاقب الشعب التونسي


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فوزي بن يونس بن حديد - يا أطيب شعب