أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - دستور دولة المدينة المنورة















المزيد.....



دستور دولة المدينة المنورة


سمير إبراهيم خليل حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1240 - 2005 / 6 / 26 - 09:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا هو دستور دولة المدينة الذى أخفاه إسلام السلطة عن الناس ليقيم بدلا عنه سلطة طاغوت يزعم بها أنها دين الله
سمير إبراهيم حسن
ٱلصحيفة
دستور دولة ٱلمَدينةُ ٱلمُنَوَّرةُ
مثلُ ٱلدِّيمقراطيَّةِ وٱلفيدراليَّةِ ٱلأوَّلُ

ٱلصحيفة
مؤلف ٱلكتاب سمير إبراهيم حسن
ٱلطبعة ٱلأولى 1/2005

جميع ٱلحقوق محفوظة للمؤلف
[email protected]
[email protected]

ٱلناشر دار ٱلمنارة للدراسات وٱلترجمة وٱلنشر
ص.ب 822 ٱللاذقية- سوريا
مكتبة نينار للدراسات وٱلترجمة وٱلنشر وٱلتوزيع
هاتف 417596-041 / تليفاكس 434133-041 ٱللاذقية- سوريا
[email protected]

ٱلتوزيع دار ٱلفرات للنشر وٱلتوزيع
ص.ب 113-6435 بيروت – لبنان
هاتف 750054-1-961 فاكس 750053-1-961
ٱلتوزيععبر ٱلإنترنيت www.alfurat.com



مدخل إلى ٱلكتاب

يفهم من قول ٱلقرءان "لا ٱكراه فى ٱلدِّين". أنَّ أفكار ٱلناس ومفاهيمهم ومواقفهم. لا قيد عليهم فيها من قبل أىِّ سلطة تهتدى بكتاب ٱللَّه. كما يبين لنا ٱلقرءان أنَّ ٱلتفريق بين ٱلناس. بسبب مواقفهم ومفاهيمهم. أمر لا يُقبل فى ٱلحياة ٱلدنيا وأنَّ ٱلتفريق بينهم لا يحدث إلا فى يوم ٱلحساب:
"إنَّ ٱلّذين ءَامنواْ وٱلّذين هَادُواْ وٱلصَّـٰبئينَ وٱلنَّصَـٰرى وٱلمَجُوسَ وٱلّذينَ أَشْرَكُواْ إنَّ ٱللَّه يفصِلُ بينهم يومَ ٱلقيـٰمةِ إنَّ ٱللَّه على كلِّ شَىءٍ شهيد" 17 ٱلحج.
وهؤلآء يمثِّلون مواقف ٱلناس جميعها. ويقول لنا ٱلبلاغ أن ٱلفصل فى ٱلحياة ٱلدنيا بين أصحاب هٰذه ٱلمواقف عمل يخالف ٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان).
فٱلسلطة ٱلتى تريد أن تهتدى بٱلبلاغ. لا يجوز لهاۤ أن تقوم على موقف ومفهوم واحد. وعليها عندما تضع ميثاقها (دستورهاۤ) أن يكون مفهوم ٱلقول فى ٱلبلاغ (17 ٱلحج) ظاهرًا فيه إلى جانب مفهوم ٱلقول فى ٱلبلاغات ٱلتالية:
"لاۤ إكراهَ فى ٱلدّينِ" 256 ٱلبقرة.
"وقُلِ ٱلحَقُّ من ربِّكم فَمَن شآء فليُؤمن وَمَن شآء فليكفُر"29 ٱلكهف.
"ولو شآء ٱللَّه ماۤ أَشركواْ وما جعلنـٰكَ عليهم حفيظًا وماۤ أنتَ عَليهِم بوكيلٍ" 107 ٱلأنعام .
"ولو شآء ٱللَّه لَجَمَعَهُم على ٱلهُدى فلا تكُونَنَّ من ٱلجـٰهلينَ"35ٱلأنعام.
"أَفَلَم ياْيئََسِ ٱلَّذينَ ءَامَنُوۤاْ أَن لو يَشآءُ ٱللَّهُ لََهَدَى ٱلنَّاسَ جميعًا" 31ٱلرعد.
وما تعلَّمناه عن ٱلدولة ٱلإسلامية. يبين لنا سلطة تجمع بين ٱلدولة ودينٍ واحدٍ يحمل ٱسم ٱلإسلام. ولا توجد فى تعليمنا أسس لاختيار ٱلحاكم. ولا لأسلوب سلطته. ولا لمدة حكمه.
بل إنَّ ما تعلَّمناه يُظهر لناۤ أنَّ مدَّة سلطة ٱلحاكم تنتهى بموته أو بقتله. وأنَّ أسلوب سلطته يتبع منهاج نفسِه ٱلذى ٱكتسبه. وأنَّه لا خيرة للناس فى ٱلأمر إلا ٱلطاعة له.
وإلى يومنا هٰذا يغفل ٱلتعليم ما ورد فى ٱلبلاغات ٱلسابقة. كما يغفل عن لون وأسلوب ٱلسلطة فى ٱلمدينة وسلطة ٱلنَّبى فيها. وهو لا يأتى على ذكر كلِّ ذٰلك. كماۤ أنَّه يغفل عن تعليم مفاهيم تتصل بٱلأمر فىۤ أيامنا هٰذه. من مثل مفاهيم ٱلديمقراطية وٱلفيدرالية وحقَّ ٱلفرد وٱلجماعة فى ٱختيار أسلوب عيشه وعمله وسكنه. وهو لا يأتى على ذكر ٱلعهد ٱلدولى ٱلمتعلق بٱلحقوق ٱلمدينيَّة وٱلفكريَّة وٱلسياسيَّة ٱلصادر بقرارات ٱلجمعية ٱلعامة للأمم ٱلمتحدة.
وما نسمعه ٱليوم من شعارات للإسلام ٱلسياسى وكهنوته. ٱلتى تنفى ٱلأخر. وتحتقره. وتبيح قتله. بسبب مخالفته فى ٱلموقف وٱلمفاهيم. يستند إلى ذٰلك ٱلتعليم ٱلَّذى يبدأ زرعه فى نفوسنا من طفولتنا. وقد كنا نظنُّ. بفعل ما تعلَّمناه. أنَّ هؤلآء يستندون بتعليمهم للناس وبشعاراتهم ٱلسياسية. إلى ٱلبلاغ ٱلعربى وإلى حكم ٱلنَّبى فى ٱلمدينة ٱلمنورة.
ونحن لم نكن نتوقع. بفعل ما تعلَّمناه. أن يكون لدولة ٱلمدينة ٱلمنورة دستورًا. وهٰذا ما غفل عنه ٱلتعليم وما زال يغفل عنه إلى يومنا هٰذا.
إلاۤ أن أعمالى ٱلتى تركزت على ٱلبلاغ ٱلعربى. جعلتنىۤ أستنبط وأرىۤ أنَّ رسولا يُطلب إليه تبليغ رسالة ٱللَّه للناس جميعًا لا يمكنه أن يؤسس سلطة تنفى ٱلأخر. وتحتقره. وتبيح قتله. بسبب فكرٍ ومفهومٍ وموقفٍ يختلف معه فيه.
هٰذا ٱلأمر جعلنىۤ أعود وأنظر فى ٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان). وقد خرج نظرى فيه بكتابى "ٱلحكم ٱلرسولى". وقد جآء عملى ناقصًا. إذ لم أنسخ ٱلصحيفة فى ٱلكتاب. كما لم أفصِّل فيه ٱلقول عنها. فعدت إلى ٱلبلاغ ناظرًا باحثًا مستنبطًا. وسأعود فى كلِّ مرَّة إليه. جاعلا من إدراكى وٱستنباطى قوتين متحركتين يتولَّد عنهما فهم وفقه جديد.
كماۤ أننى عدت إلى قصص ٱلبشر ٱلتى قصَّت ٱلحدث ٱلَّذى جرى فى يثرب. وكان كتاب ٱلسِّيرة. على ٱلرغم من بعد مؤلفه عن زمن دولة ٱلمدينة. هو ٱلكتاب ٱلرئيس من بين كتب ٱلقصص. وفيه ورد كتاب للنَّبى محمد. وفى ٱلكتاب تسمية له بٱسم ٱلصحيفة. وهو ٱسم لميثاقٍ يُبيِّنُ ما فيه أنَّه دستور دولة ٱلمدينة ٱلمنورة ٱلتى قامت علىۤ أرض يثرب عام 622 ميلادية.
وأول ما ظهر لى من أمر هٰذه ٱلدولة. أنها حملت ٱسمًا لا يدلُّ على قومٍ. ولا على مكانٍ. فٱسم ٱلمدينة يدل على ما يدلُّ عليه ٱلفعل "دَيَنَ" ومن دليله ٱسم "ٱلدِّين" وكذٰلك ٱسم "ٱلدَّين". وهو ٱلذى يبين ميثاقًا فيه أشراط لأسلوب عيشٍ فى ظلِّ حكم مدينىٍّ. وهو ما يعرف ٱليوم بٱلمجتمع ٱلمدنى ٱلذى يوثِّق عيش أفراده بأشراط ٱلدستور.
وكان هٰذا ٱلأمر مفتاحًا لقلبى سهَّل علىَّ ٱلعقل بين بنود ٱلصحيفة وٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان). وكذٰلك عقل ما فيها مع دساتير ٱلدول ٱلديمقراطية فى يومنا هٰذا. ومع مجموعة ٱلعهود ٱلدولية لحقوق ٱلإنسان. وقد وجدت فى بنود ٱلصحيفة أنها دستور لدولةٍ تُعرف أمثالها ٱليوم بٱسم ٱلدولة ٱلاتحادية ٱلفيدرالية ٱلديمقراطية. بل أقول بعد أن راجعت بنود ٱلصحيفة. أنها ميثاقُ حكمٍ لأول دولة ٱتحادية فيدرالية ديمقراطية فى حياة ٱلإنسان.
كماۤ أقول بعد أن عقلت ما فيها من بنود. مع دساتير ٱلدول ٱلحديثة ٱلتى تحمل مثل هٰذه ٱلتسمية. ومع ٱلعهود ٱلدولية لحقوق ٱلناس. أنَّ دساتير هٰذه ٱلدول وعهودها تقترب من دستور دولة ٱلمدينة ولم تصل بعدُ إلى مَثَلِها.
وقد أردت لقولى هٰذا أن يسبق عرضَ بنود ٱلصحيفة. حتى يكون محرضًا على ٱلنظر فيها من دون ٱستخفاف. وبعيدًا عن تلك ٱلمفاهيم ٱلتى زرعها فى نفوسنا تعليم سلاطين إسلام قريش وكهنوته فى ٱلماضى. وشعارات ومفاهيم وأفعال ٱلإسلام ٱلسياسى وكهنوته فىۤ أيامنا هذه.
لقد أبعد ٱلاثنان ويبعدان. عن شعوب بلاد ٱلشام نعمة عيشٍ. كان ٱلنَّبى قد ضربه لنا مثلا لعشر سنوات قبل موته.
ولقد رأيت أن أجعل مضموم ٱلصحيفة كتابًا ثانيًا من بعد كتاب ٱلحكم ٱلرسولى. أعرض فيه لما جآء فيها من مفاهيمٍ تتعلق بدولة ٱلمدينة. وهى مفاهيم غفل عنها تعليم ٱلأبآء لنا. وجعلنا تعليمُهم لا نسأل ٱلَّذى يعتلى ٱلسلطة عن ميثاقٍ للحكم.
وكما عاشوا فى ٱلماضى فى ظل سلطةٍ عرفيةٍ (قانون طوارئ) بدأت من بعد حكم ٱلنَّبى فى ٱجتماع سقيفة بنى ساعدة. فقد ٱمتدت من بعده إلى يومنا هٰذا.
وبعملى هناۤ أكمل ما نقص من أفكارٍ فى كتابنا ٱلحكم ٱلرسولى. وقد جئت هنا بنسخة عن ٱلصحيفة كما جآءت فى كتاب ٱلسيرة لابن هشام وتوزيع ج. شالر لها فى ٱلنسخة ٱلألمانية.
إذن هٰذا ٱلكتاب فيه مراجعة وتطوير لما جآء فى كتاب ٱلحكم ٱلرسولى ٱلمنشور عام 2000 عن دار ٱلحوار. أو هو تكميل لنقص فيه. فقد جآء ٱلكتاب من دون نسخٍ للصحيفة. كما سبق قولنا. وهى ٱلتىۤ أرى فيها ميثاقًا (دستورًا) لمثلٍ سياسىٍّ. كان ٱلنَّبىُّ محمد قد أسسه وأقام به دولةً فى عام 622 ميلادية علىۤ أرض مهجرٍ له هى يثرب.
وبسبب ماۤ أرـٰه من أهمية فى مضموم ٱلصحيفة. توجَّه جهدى هناۤ إلى عرض ما فى ٱلصحيفة من مفاهيم. وبه نعقل مع مفاهيم ٱلاسلام ٱلسياسى وشريعته ٱلتى لا تقبل بأخر. وٱلتى تُرجف فى ٱلمدينة. وتملأ ٱلأرض صخبًا. فٱلمثل ٱلذى ضربه ٱلرسول فى دولة ٱلمدينة يبين كيف تفترق سلطة ٱلحكم ٱلرَّسولى ٱلمدينى عن سلطة ٱلطاغوت ٱلتى تقوم على دينٍ ورأى واحدٍ. ولا تسمح بدينٍ ورأى أخر.
وقد أفردت هنا فصلا عرضت فيه لدليل كلمة سلطة. وقد سبق وروده عرض ٱلصحيفة لما لمفهوم ٱلكلمة من أهمية فىۤ إدراك ٱلميثاق ٱلذى تضمّه ٱلصحيفة.
لقد رأينا فى مطالب ٱلإسلام ٱلسياسى. وفى مفاهيم ٱلكهنوت ٱلذى يرفده فى تكوينهاۤ. أنها تمثل مطالب ومفاهيم ٱلإسلام للطاغوت. وأنَّ أصحابها هم ٱلَّذين يعتدون على من يسير على طريق ٱلمثل ٱلرسولى.
 

لقد شارك أهلُ يثرب ٱلنَّبىَّ محمدٍ فى قيام دولة ٱلمدينة. وقد كتب ٱلنَّبى ميثاقًا للدولة. كانوا قد تعاهدوا عليه فى لقآئى ٱلعقبة ٱلأول وٱلثانى. وصار هٰذا ٱلميثاق ٱلذى حمل ٱسم ٱلصحيفة دستورًا لدولة ٱلمَدينة. وبه ٱجتمع أهل يثرب ٱلموزعون على عدد من ٱلدولٍ ٱلقبيلية. وكوَّنوا فيما بينهم دولة ٱتحادية فيدرالية. هى دولة ٱلمدينة.
وما سيأتى فى هٰذا ٱلكتاب يستند إلى ٱلصحيفة وبنودها ٱلسابعة وٱلأربعين. ٱلتى تعرض وتبيِّن لنا شرعًا مدينيًّا (قانونًا مدنيًّـا). كما هو مفهوم ٱلشرع ٱلمدينى ٱليوم. ومثله ما يطالب به دعاة ٱلمجتمع ٱلمدنى فى بلاد ٱلشام. ٱلتى تخضع جميعها للاستبداد ٱلسلطوى وٱلسياسى وٱلدينى.

لقد رأيت أنَّ ما فى ٱلصحيفة هو صناعة بشرٍ يهتدىۤ إدراكُه بما ورد إلى قلبه من بلاغ عربى. وقد فَرَقت هٰذه ٱلصناعة مفاهيم ٱلبشر محمد عن مفاهيم قومه قريش. وصارت أساسًا لأمة جديدة. يعلن عنها ٱلبند ٱلأول فى ٱلصحيفة: "أنهم أمة واحدة من دون النَّاس".
هٰذه ٱلأمة كان ٱسم أهلها من قبل دولة ٱلمدينة "أهل يثرب". وهم أهل ٱلشقاق وٱلخلاف وٱلنزاع وٱلمرض وٱلجهل وٱلتخلف عن ٱلأقوام ٱلأخرى. وهٰذا ما يدل عليه ٱلاسم "يثرب".
ومن بعد ٱلصحيفة ودولة ٱلمدينة صاروا "أهل ٱلمدينة". وبها صاروۤا "أمة واحدة من دون ٱلناس" تعيش وفق أشراط ميثاقها.
وتبيِّن بنود ٱلصحيفة أنهاۤ أوَّل صناعة فى تأسيس ميثاق دولة ٱتحادية فيدرالية ديمقراطية. لاۤ إكراه فيها على ٱلفرد. ولا على دولة من دول ٱلاتحاد.
كما يستند عملى فى هٰذا ٱلكتاب إلى ٱلبلاغ ٱلعربى "ٱلقرءان" ٱلهادى وٱلموجِّه للبشر محمد مؤسس ٱلصحيفة ودولتها.
ويأتى عملى هنا بمفاهيم تخالف ٱلمفاهيم ٱلمستقرة فى قلوب ٱلكثير من ٱلناس. وقد كنت مثلهم. ٱلأمر ٱلَّذى يجعلنىۤ أتوجَّه إليهم أطلب ٱلعذر. بسبب مخالفتى لما تعبوا فى ٱكتسابه من تعليم ومفاهيم ٱلأبآء. سوآء ءَكانوۤا أصحاب مفاهيم فى ٱلدِّين. أم أصحاب مفاهيم فى ٱلقوم (ٱلقومية).
كماۤ أطلب منهم ٱلصبر حتى يكملوا تلاوة كتابى هٰذا. وأن لا يتركوا منهاج عبادة ٱلعجل (منهاج ٱلعجلة ونقص ٱلصبر) يتحكَّم فىۤ أحكامهم.
ومع طلبى هٰذا تذكير للجميع. أنَّ ٱسم ٱلمشركين يدلُّ على ٱلجاهلين فى كلِّ وقت. وهم أصحاب ٱلقول:
"ما سمعنا بهـٰذا فىۤ ءابآئنا ٱلأوَّلين"36 ٱلقصص.
وقولهم يبين جهلهم وٱمتناعهم عن قبول أىِّ جديد. كما يكشف عن ظنِّهم أنَّ ءابآءَهم مصدر كلّ علم وقول فيه.
وٱلَّذىۤ أرجوه أن تكون أحكام من يتلو كتابى هٰذا. لا تستند إلى هٰذا ٱلقول.

لقد رأيت وماۤ أزال أرى. فيما سجَّله ٱلقصاصون (ٱلمؤرخون) عن ٱلسَّلف (ٱلأبآء) من مفاهيمِ سياسةٍ. ومفاهيمِ دينٍ. ومفاهيم قومٍ. يبيِّن إدراك ٱلسَّلف للمسألة لاۤ أكثر. وهم إمَّا أن يكونوا ٱتَّبعوا مَثَل دولة ٱلمدينة. أو أنَّهم ٱتَّبعوا سبيلا أخر. أما مفاهيمهم فتتعلق بهم. وهى مسئوليتهم وحدهم. وهو ما يبيِّنه لنا ٱلبلاغ ٱلعربى:
"ولا تُسئَلون عما كانواْ يعملون"141ٱلبقرة.
كماۤ أنَّنا لا نعقل مع مفاهيمهم. وسبب ذٰلك أنهم بشر. وأنَّ إدراكهم محدود بٱكتسابهم من ٱلعلم وٱلمعرفة. ولقد ماتوا. وتوقف تطور مفاهيمهم عند ٱلحد ٱلذى وصل إليه إدراكهم. وأنَّنا نرىۤ أنَّ ٱلذى يعقل مفاهيمه مع مفاهيم ٱلسَّلف. يعقل مع ميِّتٍ يُميت ويقطع على نفسه سبيل ٱلتطور فىۤ إدراكه وٱستنباطه. كماۤ أنه يخالف ٱلأمر ٱلعربى:
"لا يلتفت منكم أحد" 65 ٱلحجر.
أمَّا ٱلأصل ٱلصَّواب فىۤ أن نعقل مع مفاهيم حىٍّ قيُّوم وردت إلينا فى كتابٍ مرسلٍ من عنده. أو نعقل مع مفاهيم تخرج بوسيلة ٱلبحث ٱلعلمى. وتصدقه أعمال ٱلاختبار. أو مع ٱلأثنين معًا.
أما ما قاله وعمله ٱلسلف فهو قولهم وعملهم. وعليهم مسئوليته.
 

لقد كانت مسألة ٱلحكم ٱلسياسى فى ٱلمدينة ٱلمنوَّرة. وما زالت كما يظنُّ ٱلناس. أنَّها حكمُ قومٍ ودينٍ على رأسه رسول. فٱلرَّسول هاجر من موطنه مكَّة بسبب ظلم قومه قريش له ولمن تبعه. وهو قبل هجرته كان يجاهد قومه ليقبلوۤا إعلان سورة ٱلكافرين "لكم دينكم ولى دينِِ". وفيه بيان ٱلخِيرة فى ٱلرأى وفى ٱلدِّين. فلم يقبل قومه قريش هٰذا ٱلإعلان. ورفضوۤا أن يكون فى مكَّة دين أخر إلى جانب دين أهلها.
وبسبب جهاده. لاقى من قومه قريش طغوًى. وتهديدًا بٱلقتل له ولمن ٱتَّبعه. فدفع ذٰلك أتباعه إلى ٱلهجرة أوَّل مرَّة إلى ٱلحبشة. ثم إلى يثرب. وبعد لقآء ٱلرسول فى ٱلعقبة مع وفدٍ من أهل يثرب . لحق بٱتباعه إلىۤ أرضها. وهى بلد أجنبى وأقوام أخرون. وما تبينه كتب ٱلقصاصين (ٱلمؤرخين). أنَّ أهل يثرب كانوا يعيشون فى نزاع طويل بين فرقآئها ٱلذين يتوزعون على عدَّة دول قبيلية. لكلٍّ منها دينها وشرعها وأعرافها وقضآؤها. وقد ساقت حاجة أهل يثرب إلى الخلاص من ٱلنزاع وٱلاقتتال. فيما بين أطرافها ٱلقبيلية. لأن يصير ٱلرجل ٱلمهاجر محمد رئيس دولة ٱتحادية. تَجمعُ أهلَ يثرب وفق ميثاق مدينىٍّ سطَّره بنفسه. وقبل به أطراف يثرب. وبه توقف نزاعهم وٱقتتالهم. وهو ما يظهر من ٱلبلاغ ٱلعربى:
"وٱعتصمواْ بحبل ٱللَّه جميعًا ولا تفرَّقواْ وٱذكرواْ نعمة ٱللَّه عليكم إذ كنتم أعدآءً فألَّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمتهۤ إخوٰنًا" 103 ءال عمران.
حبل ٱللَّه هو ٱلميثاق ٱلذى يقوم على ٱلهداية بأمر ٱللَّه. وأول تأثير للهداية على ٱلناس فى قبولهم لمفهوم ٱلقول ٱلعربى "لاۤ إكراه فى ٱلدِّين". فأهل يثرب كانوۤا أعدآء لا يقبل أحدهم بٱلأخر. وبٱلميثاق (ٱلصحيفة/ ٱلدستور) صاروۤا إخونًا. وبه صاروۤا أهل ٱلمدينة. وأصحاب أول ميثاق لحقوق ٱلإنسان.
 

فى كتب ٱلقصص (ٱلتاريخ) وصف يبين ٱٰختلافا فى ٱلأرآء وفى ٱلمواقف. داخل دولة ٱلمدينة ٱلاتحادية مع رئيسها ٱلنَّبى. يَظهرُ من ٱمتناع ٱلبعض عن ٱلمشاركة فى بعض حروب ٱلدولة. أو ٱلمشاركة فى نفقات ٱلحرب.
وتبين هٰذه ٱلقصص. أنَّ رئيس ٱلدولة ٱلاتحادى. لم يلجأ إلى منع ٱلاختلاف. أو إلىۤ إكراه ٱلممتنع عن ٱلحرب أو ٱلنفقات على ٱلمشاركة فيها.
وفى تلك ٱلقصص أرآء لِّمؤلفيها. ترىۤ أنَّ ٱلمخالفة فى ٱلرأى وٱلموقف جريمة.
أما ٱلنظر فى هٰذا ٱلاختلاف. فيبين أن إعلان سورة ٱلكافرين كان يجرى فى دولة ٱلمدينة مع ما جآء فى ٱلبلاغ ٱلعربى:
"لاۤ إكراه فى ٱلدِّين"256 ٱلبقرة .
وهو أمر كان قد رفضه طاغوت مكة. فدفع ٱلرسول وأصحابه إلى ٱلهجرة من ديارهم.
وما رأيته فىۤ أرآء مؤلفى ٱلقصص. أنها تبين إسلامًا لمفهوم وموقف طاغوت مكَّة ودينه. وليس إسلامًا لدين ٱللَّه. وهو مفهوم وموقف نرـٰه ٱليوم فيما يعرف بٱلإسلام ٱلسياسى وشريعته ٱلإسلامية. ٱلذى لا يقبل هو ٱلأخر بإعلان سورة ٱلكافرين وبإعلان سورة ٱلبقرة. وهو ٱليوم يعمل. بكلِّ قوته ٱلمعرفية ٱلأبآئية. للوقوف فى وجه ٱلفيدرالية فى ٱلعراق. لا يريد لطوائفه ٱلمتعددة أن تعتصم بحبل ٱللَّه. وأن تعيش فى نعمة ٱتحاد فيدرالى كٱلذىۤ أقامه رسول ٱللَّه فى ٱلمدينة. وجعله مثلا للناس يهتدون بسبيله. ولسان حاله ٱلشهير "أهل مكة أدرى بشعابها". فهم يوكِّدون أنَّهم أهل مكَّة لاۤ أهل ٱلمدينة. وحروب مكَّة ضد ٱلمدينة قآئمة ولم تتوقف بفتح مكَّة إلى يومنا هٰذا.
 


لقد جآء فى كتاب ٱلحكم ٱلرَّسولى أن ٱلحروب ٱلتى خاضتها دولة ٱلمدينة. كانت حروب دفاع وحروب وقاية. ولم تكن حروب عدوان وسطو مسلح. كما تظهر فى كتب ٱلقصاصين من ٱلسَّلف. أو فىۤ أعمال ٱلباحثين من ٱلخلف.
كما جآء فيه. أن سلطة ٱلدولة من بعد ٱلرسول. لم تكن سلطة خليفة للمثل ٱلرَّسولى. بل رأيناۤ أنها عادت إلى سبيل طاغوت مكة وقد رفعت إعلانه ٱلجديد ٱلقديم "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". وقد زعمت أنه من أقوال ٱلرسول. لتبدأ حربها على ميثاق دولة ٱلمدينة. وعلى هيئة ٱلسلطة ٱلفيدرالية ٱلديمقراطية ٱلتىۤ أقامها رسول ٱللَّه.
وفى كتابى هٰذا. أرىۤ أنَّ ٱلسلطة ٱلتى قامت من بعد ٱلرَّسول. أبطلت ٱلعمل بإعلان سورة ٱلكافرين. وبإعلان سورة ٱلبقرة. ونسبت إلى ٱلرَّسول إعلان طاغوت مكة بثوبه ٱلجديد "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". لتسيِّغ (تبرر) ما تقوم به من أفعال طاغوت.
كما جآء فى ٱلكتاب. أنَّ رجال ٱلدولة من بعد ٱلرسول هم خلفآء سلطة لا خلفآء رسالة. ولا خلفآء حكم مدينى. ولقد وصل هۤؤلآء ٱلرجال إلىۤ إعادة ٱلسلطة بكاملها إلى طاغوت مكَّة وأركان دولته بيت أبى سفيان. فى هيۤئة سلطة ملكية. ودولة إمبراطورية تحمل ٱسم ٱلبيت ٱلأموى ومصالحه. لا ٱسم ومصالح ٱلمدينة وأهلها.
ما رأيته وماۤ أزال أرـٰه فى دولة ٱلمدينة. أنه حكم مَّدينىّ. كما يُعرف ٱليوم هٰذا ٱلمفهوم. فقد أَُبدل ٱسم "يثرب" بٱسم "ٱلمدينة". وبه أُشهر لون ٱلحكم فيها. ودلَّ على دولةٍ مدينيَّة يَسِيدُ فيها شرع مدينىّ (قانون مدنى). يستند على توجيه ٱلرِّسالة "لاۤ إكراه فى ٱلدِّين".

لقد كان كتاب "ٱلحكم ٱلرَّسولىّ" هو أول كتبى. ٱلتى طرقتُ فيها مسألة إقامة دولة وحكم سياسىٍّ للمجتمع. بهداية رسالة ٱللَّه. وركزت ٱلجهد فى هٰذا ٱلكتاب. على عودةٍ إلى دستور ٱلدولة ٱلتىۤ أسسها رسولُ ٱللَّه محمد فى "يثرب" موطن هجرته. وقد جعلهاۤ أوَّل حكمٍ مَّدينىٍّ فيدرالى ديمقراطى. منارة للناس ومرشدًا إلى سبيل ٱلحكم ٱلمدينى. يدلَّنا على ذٰلك ٱلاسم ٱلذى ٱختاره لها "ٱلمدينة ٱلمنورة". ودستورها ٱلذى تركه وثيقة تحمل ٱسم ٱلصحيفة.
وتبين لىۤ أن ٱلدولة ٱلتى جآءت من بعد حكم ٱلرسول. لم تتَّبع ٱلمثل ٱلرَّسولى. بل ٱنقلبت عليه فى ٱجتماع سقيفة بنى ساعدة. بدعوى قومية. وبتحريضٍ ودفعٍ مِّن مَّلإ مكَّة. ٱلذين يسعون لاستعادة سلطة قريش ٱلتى سقطت بفتح مكَّة. وقد شنت هٰذه ٱلدولة. حربها على بعض ٱلدول ٱلمؤسسة لدولة ٱلمدينة. وعلى حلفآئها. وزعمت فى حربها. دفاعًا عن دينٍ يُكره ٱلناس على ٱلدخول فيه. وهو زعم على ٱلضد مع إعلان سورة ٱلكافرين وإعلان سورة ٱلبقرة.
وكان دفع هٰذه ٱلحرب يأتى من قريش عدو دولة ٱلمدينة ٱلرئيس. ورؤسآء هٰذه ٱلحرب فى مختلف ٱلمواقع من ملإ قريش وحلفآئها وهم خالد بن ٱلوليد وعكرمة بن أبى جهل ومهاجر بن أمية ٱلمخزومى وعمرو بن ٱلعاص وٱلعلآء ٱلحضرمى وشرحبيل بن حسنة. وقد ٱستطاعت سّلطة ٱلانقلاب قهر تلك ٱلدول. وأكرهتها على ٱلخضوع لسلطتها ٱلَّتى بدأت تتخذ بعدًا ملكيًّا عالميًّا من بعد أبى بكر وحتَّى ٱلحرب ٱلعالمية ٱلأولى عام 1914. وقد تجزَّأت هٰذه ٱلسلطة بعد تلك ٱلحرب إلى دول متفرقة. ٱحتفطت كلّ منها بدين مكَّة وطاغوتها.
وإلى يومنا هٰذا. ما زال أتباع تلك ٱلسلطة يقاتلون لتبقى. يُسيِّغون (يبررون) قتالهم تارة بزعم ٱلقومية. وتارة أخرى بزعم ٱلشريعة ٱلإسلامية.
وفى كتابنا هٰذا جهد يبيِّن. أنَّ هٰذه ٱلشريعة لا تلتقى مع ٱلبيان ٱلعربى "ٱلقرءان". بل هى فى صفِّ ٱلذين يلغون فيه. ويعتدون عليه. بزعم ٱلإسلام. من دون بيانٍ لوجهة ٱلإسلام ٱلَّذى يزعمون.
 

لقد صار ٱلمهاجر رئيس دولة فى ٱلمهجر. وسبب ذٰلك. قدرته بفعل ٱلرسالة وٱلنبوَّة وٱلهداية. على تقديم حلٍّ للنزاع. بين ٱلدول ٱلقبيلية ٱلمكونة منها يثرب. ومَثَلُه فى ذٰلك كمثل أوديب. ٱلذى ترك ملكه فى كورنثوس وهاجر فى ٱلأرض. فمرَّ على طيبة عابرًا ٱلسبيل. ووجد أنَّ أهلها قد ألقى ٱلاسفنكس (أبو ٱلهول) عليهم أحجية. ومن لا يعرف حلها قتله. ولم يكن فى طيبة من يعرف حل تلك ٱلاحجية. وكان فيها ملك مؤقت. وقد أعلن أنَّ من يحل ٱلأحجية له عرش طيبة. فكان عبور أوديب فىۤ أرض طيبة سببًا لزوال ٱلمرض وٱلجهل عن أهلها. وصار ذٰلك ٱلغريب ٱلعابر ٱلسبيل. بعلمه وبمعرفته. ملكًا فى طيبة.
هٰذا ٱلأمر يبين لنا جواز ولاية ٱلغريب. بسبب ما ٱكتسب من علم ومعرفة وخبرة. ولحاجة ٱلخلاص من ٱلجهل وٱلفقر وٱلمرض. وهو أمر يبطل كلَّ أسباب ٱلاحتجاج على ولاية ٱلغربآء. ٱلذين يملكون علمًا ومعرفة وخلاصًا.
وما نرـٰه ٱليوم فى مواقف ٱلإسلام ٱلسياسى وٱلقومى فى ٱلعراق. أنَّ ٱلأثنين لا يقبلون بٱلفيدرالية وٱلديمقراطية. وكلاهما لا يقبلان إلا بمثل أهل مكة. ٱلذين لا يقبلون بأخر ولا بدينه. وهما يدفعان أهل ٱلعراق. إلى فرقٍ متخالفة ومتحاربة. كما كان حال أهل يثرب من قبل ٱعتصامهم بحبل ٱللَّه. وإذا بقىَ حال ٱلتثريب فى ٱلعراق. ستضطر كلّ فرقة لتأسيس دولة يحيط بها ٱلأعدآء من أهل ٱلعراق. وكلُّ ذٰلك بسبب جاهلية إسلام مكَّة ٱلسياسى. ٱلذى يزعم بحاكمية دين بنى أميَّة. أو بنى ٱلعباس. ومعه جاهلية ٱلقومية. ٱلتى لا سند لها فيما تدعيه إلا مفاهيم ٱلظن ٱلتى تزعم أصلاً من ماضٍ ميِّت.
فلو أنَّ أهل ٱلعراق يتبعون ٱلمثل ٱلرسولى فى دولة ٱلمدينة وميثاقها ٱلمعروض فى ٱلصحيفة. وبٱلمِثل يعتصمون بحبل ٱللَّه. يخلِّصون أنفسهم من شقآء أهل يثرب. وتقوم علىۤ أرض ٱلعراق دولة على سبيل دولة ٱلمدينة.

ٱللاذقية 5/9/2004 سمير إبراهيم حسن












ٱلسلطة

مفهوم ٱلسلطة يدل على قوة توجيه محكمة فى ٱلأشيآء. وهى فيها على هيۤئة منهاجٍ program مُّوزَعٍ. ويبدأ فعل ٱلسلطة مع بدء ٱلتكوين. ٱلميِّت وٱلحىِّ على ٱلسَّوآء. وجرىُ فعلها يخضع لسنَّة عامَّة. هى سنَّة ٱلأطوار. ٱلتى نرى بيانها فى ٱلبلاغ:
"ما نَنسَخ مِن ءَايةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بخيرٍ مِّنهآ أَو مِثلِهَآ أَلَم تَعلَم أَنَّ ٱللَّهَ على كُلِّ شَىءٍٍ قَدِير"106ٱلبقرة.
وهى فى مملكة ٱلبهيم من دون إدراكٍ لَّها (ٱلغريزة). وقد وصلت ٱلأطوار بٱلسلطة عند ٱلبشر. إلى طور إدراك قوتها. وإلىۤ إدراك أثرها على ٱلناس. وإلى ٱلتأثير فى توجيهها وٱلتحكم فى وجهة تطور ٱلناس. وقد وصل تطور سلطة ٱلبشر ٱلمدركة إلى ٱلمثل ٱلرَّسولىّ فى دولة ٱلمدينة ٱلمنوَّرة. وفيه مثل عن خير سلطة للإنسان.
لقد بدأ ٱلبشر سلطته بقوَّة ٱلجسم. وهى ٱلقوة ٱلأولى ٱلظاهرة للسلطة فى مملكة ٱلبهيم وما تزال. أمَّا ٱلبشر ٱلذى تحوَّل إلى ءادم ثمَّ إلىۤ إنسانٍ. وبدأ مسيرة ٱلإدراك وٱلعلم بفعل ٱلرسالات ٱلمتتابعة. وبفعل ٱلخبرة ٱلتى ٱكتسبها. فقد بدأت سلطته بقوة ٱلجسم (كما هى فى ٱلأصل). ثم تطورت من قوة ٱلجسم وحده إلى كلٍّ من قوة ٱلجسم وٱلعلم وٱلمال. وقد ظهرت قوة ٱلمال كقوة رئيس فىۤ أطوار من حياة ٱلبشر. فقامت ممالك مالٍ عظيمة. ونشأت ٱلمدآئن وٱلأمصار ٱلكبيرة ٱلتى يكثر فيها ٱلعبيد من ٱلناس.
وفى طور من أطوار سلطة ٱلمال برزت قوة ٱلعلم بهداية ٱلنبإ. وأخذ مكان ٱلمال وإلى جانبه قوة ٱلجسم. وهو ما نرـٰه فى ٱلبلاغ ٱلعربى:
"وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ ٱللَّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلكُ عَلَينَا وَنَحنُ أَحَقُّ بٱلمُلْكِ مِنهُ وَلَم يُؤتَ سَعَةً مِّن ٱلمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصطَفَـٰه عليكُمۡ وَزَادَهُ بَسطَةً فِى ٱلعلم وٱلجسم" 247 ٱلبقرة.
وفيه بيان أنَّ ٱلمال هو صاحب ٱلسلطة ٱلتى تَسيد. ويظهر ذٰلك من ٱلقول "وَلَم يُؤتَ سَعَةً مِّن ٱلمَالِ". وفيه ما يُظهر أنَّ إدراك ٱلناس يطلب ٱلسلطة للمال وحده.
أمَّا ما قاله ٱلنَّبىّ فيبيِّن جمع بين ٱلعلم وٱلجسم معًا. فى صاحب ٱلسلطة ٱلمَلِك (علم وجسم من دون خبآئث وأمراض).
لقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى أنَّ سلطة ٱلملوك ٱلأنبيآء كانت طورًا من أطوار ٱكتساب ٱلبشر للخبرة فى توجبه شؤونهم. وقد وصل بها ٱلتطور إلىۤ أخر ٱلطور. ليبدأ من بعدها طور تُنسى فيه سلطة ٱلملوك ٱلأنبيآء. وتؤسس سلطة جديدة تقوم على ميثاق بين ٱلناس. وبها يتوقف ٱلنَّسخ لسلطة ٱلملوك. ويبدأ نسيُها ويأتى خير منها.
ويحدث هٰذا بفعل قوة إدراك وعلم ٱلناس. وهم إن علموا بٱلسنَّة وأطوارها يأتون بسلطة يفصلون فيها بين ٱلدولة ومفاهيم ٱلناس ٱلمختلفة عن ٱلدين.
لقد بيَّن ٱلبلاغ أنَّ سلطة ٱلملوك تأتى بٱلذنوب ولو كان صاحب ٱلسلطة نبيًّا. وهو ما نرـٰه فى ٱلبلاغ وعلى لسان ٱلملك ٱلنَّبى "سُلَيمَـٰٰن":
"قالَ رَبِّ ٱغفِر لى وَهَب لى مُلكًا لا ينبغى لأحدٍ مِّن بعدى"35 ص.
فهو يطلب ٱلمغفرة لذنوبه. وهو ٱلملك ٱلنَّبى. وذنوبه حدثت بسبب سلطة ٱلمُلك وطُول فترتها. وهى ٱلتى تجعل أفعال ٱلتَّمنى وطلب ٱلشَّهوات تكثر عند صاحب ٱلسلطة ٱلملك. وقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى أن ٱلرُّسل وٱلأنبيآء يوقعون تحت تأثير سلطة ٱلهوى عندما يتمنون:
"وماۤ أرسلنا من قَبلِكَ من رَّسُولٍ ولا نبىٍّ إلاّۤ إذا تمنَّىٰۤ أَلقى ٱلشَّيطٰن فىۤ أُمنيَّتهِ فينسخُ ٱللّهُ ما يُلقى ٱلشّيطـٰنُ ثُمَّ يُحكِمُ ٱللّهُ ءايِـٰتهِ وٱللّهُ عليم حكيم (52) لِِّيَجعَلَ ما يُلْقى ٱلشَّيطـٰنُ فِتنَةً لِّلَّذين فى قلوبهم مََّرَض وٱلقاسيةِ قلوبُهم وإنَّ ٱلظـٰلمين لفى شِقاقٍ بعيدٍ (53) ولِيَعلمَ ٱلَّذِين أُوتواْ ٱلعِلْـمَ أنَّهُ ٱلحقّ من رَّبِّكَ فيؤمنواْ به فتُخبِِتَ له قُلوبُهم وإنَّ ٱللّهَ لهادِ ٱلَّذِين ءامنوۤاْ إلىٰ صرٰطٍ مُّستقيم (54)ٱلحج.
هٰذه ٱلبلاغات تبين أن ٱلتمنى مدخل للفكر ٱلشيطانى (ٱلظنون وٱلتخريص). ولا يفلتُ رسول ولا نبىّ من حكمها. أما ٱلنَّسخ لما يلقى ٱلشيطان فيبينه ٱلبلاغ ٱلعربى:
"واللَّهُ خَلَقَكم وما تَعملَون"96ٱلصافات.
وفيه بيان أنَّ جميع ٱحتمالات أعمالنا مخلوقة فينا. ومنهاۤ أعمال ٱلنَّسخ (صورة طبق ٱلأصل عن ٱلأمنية). "فينسخُ ٱللّهُ ما يُلقى ٱلشّيطـٰنُ". وهٰذا يجرى من قبل ٱلناس. ٱلذين تميل أنفسهم إلى ٱلظن. وهم أصحاب ٱلقلوب ٱلمريضة وٱلقاسية. ٱلذين يتمسكون بٱلنسخة ٱلشيطانية. لأنها تناسب تفكيرهم ٱلمريض ٱلمتحجر. وهم ٱلذين ينفرون من ٱلعلم وبحوثه.
أما ٱلذين أوتواْ ٱلعلم". فيتناولون ٱلنسخة ٱلشيطانية ويبدأون ٱلنظر فيها. فيتوكَّد لهم كذبها. وتطمئن قلوبهم لوعد ربهم.
ونرى فيما قاله بعض ٱلسلف. من ٱلذين ظنوا فىۤ أنفسهم ٱلقدرة على تفسير ٱلقرءان. وقد توصل إدراكهم لدليلٍ لغوٍ فى كلمة "نسخ". فقالوا فيه ما هو من دليل "مَحَوَ وزال". وإدراكهم أوقعهم فى تحريف ٱلكلمة عن موضعها. وساقهم ٱلتحريف. إلى صناعة تحريف لا يتوقف عندها وحدها. بل يمتدُّ إلى ما يلحق بها من مفاهيم. وهم خالفوا دليل ٱلكلمة. ولغوا فى ٱلبلاغ ٱلعربى ٱلذى يبين طرفين. ٱلأول هم ٱلَّذين "فى قلوبهم مََّرَض وٱلقاسيةِ قلوبُهم". وهم ٱلذين ينسخون قول ٱلنَّبى ٱلذى فعل فى صنعه ٱلتَّمنى. وٱلثانى هم "ٱلَّذِين أُوتواْ ٱلعِلْـمَ". وهم ٱلذين ينظرون فيما نسخه ٱلناس. ويعلمون أنه من صنع ٱلتَّمنى. وعمل ٱلطرفين مخلوق فى كل إنسان. وهو ما يبينه ٱلبلاغ ٱلعربى:
"واللَّهُ خَلَقَكم وما تَعملَون"96ٱلصافات.
ٱلتَّمنى هو طلب لشىء من دون توفر أشراط وجوده. وقد بيَّن ٱلبلاغ أنَّ ٱلتَّمنى لا يتحقق:
"أم للإنسٰن ما تمنَّى"24ٱلنجم.
"وقالواْ لن يدخلَ ٱلجنة إلا من كان هودًا أو نصٰرى تلك أمانيّهم قُل هاتوا بُرهٰنكم إن كنتم صٰدقين"111ٱلبقرة.
وهۤؤلآء يوزعون ٱلجنة ظنًّا وتخريصًا. وفاعل ذٰلك هو ٱلتَّمنى كما يبين ٱلبلاغ ٱلعربى.
لقد وكَّد ٱلبلاغ ٱلعربى دليل "نسخ" فى مواقع كثيرة من ٱلكتاب. وبيَّن أنَّ ٱلكلمة تدل على صورةٍ عن ٱلشىء أو ٱلأمر تطابقه:
"هٰذا كتٰبنا ينطق عليكم بٱلحقِّ إنَّا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"29 ٱلجاثية.

بعد هذه ٱلإطالة فى بيان مسألة ٱلشهوات بفعل ٱلتَّمنى. نعود إلى سلطة ٱلملوك. ٱلتى طلب ٱلنَّبى ٱلملك سليمٰن من ربِّه أن تتوقف بقوله "لا ينبغى لأحدٍ مِّن بعدى". فٱلفعل "بغى" يدل على "تجاوز الحدِّ وٱلعدوان وٱلظلم". وهٰذا يبيِّن أنَّ سلطة ٱلملك فيها تجاوز للحدود وعدوان وظلم للناس.
وما فى طلب ٱلملك سليمٰن أن لا يكون هٰذا ٱلبغى لأحد من بعده. وهو يبيِّن للناس أنَّ هٰذه ٱلسلطة لا حاجة لهم فيها من بعده.
كما يبيِّن إدراكه لما قام به من أعمال جعلته يطلب ٱلمغفرة من ربِّه. وفيها ذنوب ساقه إليها ٱلمُلك ٱلطويل وأفعال ٱلتَّمنى وٱلشهوات.
وهٰذا ٱلأمر نرـٰه فى سلطة رسول ٱللَّه محمد. من دون أن يكون ملكًا. ويظهر ذٰلك من توجيه ٱلبلاغ له:
"إنَّا فتحنا لك فتحًا مُّبينًا(1) لِّيغفرَ لك ٱللَّهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّرَ ويُتِمَّـ نعمتَهُ عليكَ ويهديكَ صِرَٰطًا مُّسقيمًا(2)" ٱلفتح.
ٱلذنوب جعلت سليمٰن يطلب من ربِّه أن يتوقف بغى سلطة ٱلملوك من بعده "لا ينبغى لأحدٍ مِّن بعدى". وأن تكون ٱلسلطة شأنًا لِّلناس من دون ملوكٍ.
إلاۤ أنَّ ٱلناس غفلوا عن ٱلأمر. وٱتَّبعوا من بعد سليمٰن سلطة ٱلملوك وبغيهم وأمانيَّهم وطاغوتهم.
أما ذنوب ٱلنبى محمد. فقد صنعها ترأسه لتجمّعٍ سياسى بدأ فى مكة عام 610ميلادية. وٱستمر فيها إلى ٱلعام 622. وهو عام هجرته إلى يثرب. ٱلتى صار فيها رئيسًا للدولة ٱلاتحادية. وٱلتى ٱمتدت لفترة عشر سنوات. قبل أن يدركه ٱلموت عام 632 ميلادية.
هٰذا ٱلوقت ٱلطويل. يجعل من صاحب ٱلسلطة عرضة للأهوآء وٱلتمنى. وبها تحدث ٱلذنوب.
هٰذه ٱلذنوب نشأت بفعل طول فترة سلطته. وقد غفرها له ٱللَّه. كما يبين ٱلبلاغ (2ٱلفتح). لأنه يتولى تأسيس أول دولة ٱتحادية فيدرالية ديمقراطية. لتكون ٱلمثل ٱلمبصر للناس إلى قيام ٱلسَّاعة. وقد زاد فى ٱحتمال ٱلذنوب. ما لاقته ٱلدولة من عدوان طاغوت مكة وحلفآئه.
لقد غفل ٱلناس عن طلب سليمٰن من ربِّه. وأقاموا سلطة طاغوت من ٱلكهنة علىۤ أرض "ٱلإمبراطورية ٱلرومانية". وزعموۤا أنَّ سلطتهم هى ٱلدين. وقد أطاع ٱلناس هٰذه ٱلسلطة. وٱتبعوا لغوها ٱلذى يشبه لغو كهنوت ٱللغة فى ٱلسان ٱلعربى. قرونًا عديدة. إلىۤ أن ضاق عليهم ٱلأمر. فثاروا على طاغوتها. وأسقطوه. وأسقطوا معه لغته ٱللاتينية. ٱلتى لغوت فى ٱلدين وفى كلِّ أمر. فعادوۤا إلى لسان فطرة كلٍّ منهم. بعد أن حصروا سلطة ٱلكهنة فى دولة "ٱلفاتيكان".
إلاۤ أن تأثير سلطة ٱلطاغوت ٱللاتينية أعاد إلى ٱلقارة ٱلأوروبية سلطة ٱلطاغوت بثوبها ٱلقومى. ٱلتى دفعت شعوب ٱلقارة إلى جحيم حربين كونيتين. وهم ٱليوم يتوجهون إلى بنآء ٱتحاد لم يكتمل بعد.

لقد سبق تجمُّعُ مهاجرين إلى ٱلبر ٱلأمريكى فى صناعةٍ تقترب من ٱلمثل ٱلرسولى. أقاموا دولة تتزين بحرية ٱلرأى وٱلعلم وٱلقوة وٱلعز. وهى ٱلتى ٱنتصرت على ٱلطاغوت ٱلقومى فى ٱلقارة ٱلأوروبية. وبتأثيرها يبنى من دوله ٱتحادًا لم تكتمل هيۤئته ٱلسياسية إلى ٱليوم. ولم تتحدد معالمه. هل سيكون ٱتحاد فيدرالى ديمقراطى أم ٱتحاد طاغوت كما كان ٱلاتحاد ٱلسوفياتى؟
أمَّا ٱلإسلام ٱلسياسى وكهنوته. فما زالوا ينوحون على سلطة ٱلملوك وٱلأمانىّ. ويطلبون من ٱلناس أن يتبعوا دين ملوكهم. ومنهم قوم ٱلرَّسول. ٱلذين غفلوا وما زالوا يغفلون عن ٱلأمر. وهو ما تبينه سورة "يسۤ":
"يسۤ(1) وَﭐلقرءَانِ ﭐلحَكِيمِ(2) إِنَّكَ لَمِنَ ﭐلمُرسَلِينَ(3) علىٰ صِرَٰطٍٍ مُّستَقِيمٍ(4) تَنزِيلَ ﭐلعَزِيزِ ﭐلرَّحِيمِ(5) لِتُنذِرَ قَومًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُم فَهُم غَـٰفِلُونَ(6) لَقَد حََقَّ ﭐلقَولُ عَلَىٰۤ أَكثَرِهِم فَهُم لا يُؤمِنُونَ(7) إِنَّا جَعَلنَا فِىۤ أَعنَـٰقِهِم أَغلَـٰلا فَهِىَ إلى ﭐلأذقانِ فهم مُقمَحُونَ(8) وجعلنا مِن بَينِ أيدِيهِم سَدًّا ومِن خلفِهِم سَدًّا فأغشَينَٰهم فَهُم لا يُبصِرُونَ(9) وَسَوَآء عَليهِم ءََأَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم لا يُؤمِنُونَ(10)" يسۤ.
فى هٰذه ٱلبلاغات مسآئل وصفيّة تتعلق بٱلقوم "هم وءَابآؤهم غافلون عن ٱلإنذار..أكثرهم لا يؤمنون.. مقمحون..لا يبصرون..لا ينفعهم ٱلإنذار". ويبيِّن لنا ٱلبلاغ أنّ حال قوم ٱلرّسول هٰذا يبقىۤ إلى يوم ٱلحساب:
"وقال ٱلرّسولُ يَـٰرَبِّ إنّ قومى ٱتَّخَذُواْ هٰذا ٱلقرءانَ مَهجُورًا" 30 ٱلفرقان.
وأنَّ لسانهم صنع لغةً تلغوا فى ٱلبلاغ ٱلعربى (كما كانت تفعل ٱللّغة ٱللاتينية). وتبثُّ بدلا مِّن ٱلحقِّ باطلا وتخريصًا. أوقعهم تحت سلطة ملوكٍ طاغوتٍ. سـعوا بظنٍّ وتخريص. إلى بلوغ مُلك سليمٰن. فبغى قوم ٱلرَّسول علىۤ أنفسهم. وبغى ٱلملوك على ٱلناس بذنوبهم وبأفعال ٱلطاغوت.
إنَّ ٱلظنَّ وٱلتخريص وٱللَّغو هىۤ أسسُ قيام سلطة ٱلطاغوت. وهىۤ أسسُ ٱلجهل وٱلنفور من ٱلعلم فى كلِّ وقت. وهٰذه ٱلأسس ما زالت إلى يومنا هٰذا. تصارع من أجل بقياها.
ليس بعد ٱلمثل ٱلرَّسولى أىُّ بلاغ من ٱللَّه إلى قيام ٱلساعة. وللناس ٱلخيرة فىۤ أمرهم. يختارون طاغوتًا أو يختارون رسولا. فٱلبلاغ ٱلعربى يبيِّن لهم هٰذه ٱلخيرة:
"وَقُل ٱلحَقُّ مِن رَبِِّكُم فَمَن شَآءَ فَليُؤمِن وَمَن شَآءَ فَليَكفُر"29 ٱلكهف.
ٱلناس مسئولون عن ٱختيارهم لهيۤئة ٱلسلطة فى حياتهم من دون إكراه عليهم. وفى ٱختيارهم تُحدّد مسئوليتهم. وإنَّ طاعتهم لسلطة ٱلملوك تجعل ٱلملوك يستخفّون بهم. وهـٰذا ٱلأمر يوقعهم فى عقاب عظيم فى حياتهم ٱلدنيا ويوم يقوم ٱلحساب:
"فَٱستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كَانُواْ قَومًا فَـٰسِقِينَ"54 ٱلزخرف.
لقد ٱتَّبع ٱلكثير من ٱلناس ٱلفسق عن ٱلأمر ٱلمبيَّن فى قول سليمٰن. وفى ٱلمثل ٱلمدينى ٱلمنير. وما زال كثير منهم يدعوۤا إلى سلطة ملوكٍ طاغوت بٱسم ٱلدين. ظنًّا أنَّ هٰذه ٱلسلطة. هى ٱلأمر ٱلمقضى به دينًا لحكم ٱلناس إلى قيام ٱلساعة. وهو ما تظهره مطالب ٱلإسلام ٱلسياسى بـ "ٱلحاكمية". وبها يظهر سبيلهم ٱلمكّى. وبغضهم للمثل ٱلمدينى. ودعوتهم للعدوان عليه. كما كان يفعل طاغوت مكة.
إنَّ شعوب بلاد ٱلشام. وهم قوم ٱلرسول ٱلذين هجروا ٱلقرءان:
"وقال ٱلرَّسولُ يٰربِّ إنَّ قومى ٱتَّخذوا هٰذا ٱلقرءانَ مهجورًا"30 ٱلفرقان.
هم أكثر شعوب ٱلأرض طاعة للملوك ٱلذين يستخفُّون بهم. وهم أبعد ٱلناس عن إدراك قول سليمٰن وٱلمثل ٱلمدينى.
كماۤ أنهم أكثر شعوب ٱلأرض ٱقتتالا على سلطة ٱلمال. وأقل شعوب ٱلأرض تعليمًا وحبًّا للعلم.
وهم وحدهم ٱلذين يطلقون ٱسم عالِمٍ على كاهنٍٍ. وفى ٱلقرءان قرن للكاهن مع ٱلمجنون:
"فذكِّر فماۤ أنت بنعمة ربِّك بكاهنٍ ولا مجنون"29ٱلطور.
أمَّا ٱسم عالم. فلا يكون صوابًا إلا على ٱلذى يبيِّن معالمَ وحدودَ وألوانَ ٱلأشيآء وٱلنفع بها. وهو ٱلذى يحدِّثُ مكتسباته من علوم ومعرفة مع كلِّ بيانٍ علمىٍّ (قُرء).
كماۤ أن قوم ٱلرسول هم وحدهم ٱلذين يصنعون جوآئز للشعر وٱلشعرآء. ولا توجد فى ديارهم جآئزة لفيزيآئى. أو رجل علم حقٍّ. وفى ٱلقرءان ٱلبيان ٱلتالى:
"وَمَا عَلَّمنَـٰهُ ٱلشِّعرَ وَمَا يَنبَغِى لَهُ إِن هُوَ إِلَّا ذِكر وَقُرءان مُُّبِين"69يسۤ.

ٱلقرءان ٱسم مِّن أصل ٱلفعل قرأ. ٱلذى يدل علىۤ إخراج ما هو مكنون من رموز فى ٱلأشيآء. تبين ٱلعلم فى تكوينها. وبفعل قرأ يجرى بيانُ كتبِ ٱلحقِّ. وكيف بدأ خلقه. ودليل هٰذا ٱلفعل يظهره ٱسم ٱلجمع فى ٱلبلاغ ٱلعربى:
"وٱلمُطلَّقٰتُ يتربَّصنَ بأنفسِهِنَّ ثلٰثةَ قُروۤءٍ"228ٱلبقرة.
وهى ثلاثة بيانات تخرج من جوفها فتبين دمًا يُستدلُّ به أنها غير حاملٍ.
هٰذا ٱلفعل نرى مثله فيما يخرجه علمآء ٱلفيزيآء وٱلبيولوجيا وٱلعلوم ٱلأخرى من جوف ٱلأشيآء. وهم ينظرون ويبحثون فى كيف بدأ خلقها. وبأعمالهم يخرج بيان. هو قرء. وجمع بياناتهم فى ٱلأشيآء. هو قروۤء. وفىۤ أعمالهم طاعة للأمر:
"ٱقرأ بٱسمـِ رَبِّكَ ٱلَّذى خَلق" 1 ٱلعلق.
أما ما يبيِّنه لنا ٱللَّه فى كتابه فهو قرءان. وٱسم قرءان مطلق ٱلصفة. لأنه بيان وتبيان لكلِّ شىءٍ:
"ونزّلنا عليكَ ﭐلكِتَٰبَ تِبيََٰنًا لكلِّ شَىءٍ وهدًى ورحمةً وبشرى للمسلمين" 89 ٱلنّحل.

أمَّا ٱلشعر فقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى من يتَّبعه ويصنع له جوآئز:
"وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُم ٱلغَاوُنَ (224) أََلَم تَرَىۤ أَنَّهُم فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ( 225) وَأَنَّهُم يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلُونَ ( 226)" ٱلشعرآء.
وهو ما فعله ٱلسلف من قوم ٱلرسول. ويفعله ٱلخلف ٱليوم.
أما صناعة ٱلدولة فى قوم ٱلرسول. فهى صناعة مكيَّة. تنفر من ٱلمثل ٱلمدينى وتعاديه. وتتهرب من ٱلعهود ٱلدولية ٱلمتعلقة بحقوق ٱلإنسان. بزعم شريعة إسلامية هى شريعة دين أهل مكَّة.
 

لقد رأينا فى بنود ٱلصحيفة أنَّ سلطة ٱلحكم ٱلمدينىُّ. هى ٱلمثل فىۤ إقامة حكمٍ يستند إلى ٱلمفاهيم ٱلتى ورد بعضها فيما بعد فى ٱلعهد ٱلدولى لحقوق ٱلإنسان. وٱلمنتشرة بتعريفات "ٱلدِّيقراطية وٱلمجتمع ٱلمدنى وحقوق ٱلإنسان وتحريم ٱلسخرة وحرية ٱلاعتقاد وٱختيار ٱلعمل وٱلأجر وٱلسَّكن وحرية حركة وتنقل ٱلناس من دون حدود بين ٱلدول".
جميع هٰذه ٱلمفاهيم. ٱلتى ساق ٱلتطورُ النَّاسَ إليها ليصنعوا عهدًا لحقوق ٱلإنسان. كان ٱلمثل ٱلرَّسولى فى دولة ٱلمدينة قد جعلها مبصرةً لعشر سنواتٍ.
فٱلمدينة دولة دينها فىۤ أشراط ٱلميثاق. فلا يسأل حاكمها عن دين. ولا سخرة فيها. ولا خدمة إلزامية فى جيشها. ولا حدود تَحدُّها حتى تبلغ سلطتها طوعًا جميع ٱلأرض.
 

بقى لنا قول يتعلق بمدينة ٱليوم وهى ٱلأرض كلها. ونحن نرى فيما يُعرف ٱليوم بٱسم ٱلعولمة مفهوم ٱلمدينة ٱلكبرى. ٱلَّذى نرىۤ أنَّه ٱلحدُّ ٱلَّذى يجعل ٱلأرض تخضع طوعًا لسلطة وميثاق فيدراليين.
وما نرـٰه فى هٰذا ٱلمفهوم أنَّ أصحابه لم يدركوا ٱلبلاغَ ٱلعربىَّ ٱلموجَّه للناس جميعًا:
"قُل يـٰۤأيُّها ٱلناسُ إنِّى رسولُ ٱللَّهِ إليكم جميعًا"158ٱلأعراف.
فإنَّ أول أشراط ٱلعولمة ٱلصالحة فى كتاب ٱللَّه. هو أرض صالحة لعيش ٱلناس كما جعلها ٱللَّه منذ ٱلبدء. تجمعهم على ٱختلافهم فى ٱلمواقف وٱلمفاهيم وهيئة ٱلسلطة فى كل دولة من دول ٱلمدينة ٱلكبرى. وقد طلب ٱللَّه من ٱلناس أن يحافظوا عليها صالحة من دون فساد فيها:
"ولا تُفسِدواْ فى ٱلأرض بعد إصلَٰحها"56 ٱلأعراف.

إنَّ مفهوم ٱلفساد فى ٱلأرض هو أبرز أسس ٱلعولمة. لأن ٱلفساد فى ٱلأرض لا يتوقف عند ٱلحدود بين ٱلدول. وهٰذا ما نجده فى ٱلبلاغ ٱلعربى ٱلَّذى ينهى عن ٱلفساد فى ٱلأرض كلها.
ولنأخذ مثلاً على ٱلفساد فى ٱلمآء. ٱلذى جعل ٱللَّه منه كلَّ شىءٍ حىٍّ. فما بيَّنه ٱلبحث ٱلعلمى. أن نسبة ٱلمآء فى كلِّ جسم حىٍّ (نبات كان أم داۤبَّة بما فى ذٰلك ٱلإنسان) هى 80٪ من وزنه. وٱليوم نجد مراكز ٱلعلم فى ٱلأرض وهيۤئة ٱلأمم ٱلمتحدة تحذِّر من مخاطر نقص ٱلماۤء ٱلصالح فى ٱلأرض كلها. وهو تحذير لا يلقى من ٱلناس إذنًا صاغية فى معظم ٱلأرض. وجميع ٱلناس (ٱلمتقدم منهم وٱلمتخلف) يتسابقون فى فسادها. وكلّ مِّنهم يفسد فيها على طريقته. فٱلمتقدم يفسد فيها وهو يسابق فى ٱلصناعة وٱستهلاك ٱلطاقة. أما ٱلمتخلف فيفسد فيها فى سباقه لزيادة عدد ٱلساكنين للأرض من أولاده. وهو يتكاثر كما تتكاثر ٱلفطور. وكلّ مِّنهما يفسد فيها. فيظلم نفسه ويظلم معه ٱلأخر.
إنَّ أول أمر لإصلاح هٰذا ٱلفساد. هو فىۤ إدراك خطره. ثمَّ ٱلبدء فى ٱلإصلاح بعد ٱلعلم فى سبيله. ويأتى وقف تزايد عدد ٱلأحيآء وفى مقدمتهم وقف تزايد ٱلناس فىۤ أول أعمال ٱلإصلاح. ويجرى ذٰلك فى ٱلصيطرة على حدود ٱلتكاثر فى كلِّ ٱلأرض.

أما ٱلصناعة فعلى ٱلناس أن يوقفوا ٱلسباق فى زيادة عدد ٱلمصانع. وفى زيادة ٱستهلاك ٱلطاقة. وأن يوجهوا سباقهم إلى تقليل ما تخلفه تلك ٱلصناعة من فساد.
فما نرـٰه أن أصحاب ٱلعولمة يسعون لزيادة عدد ٱلساكنين فى ٱلأرض. لظنهم أن زيادة عددهم يزيد فى ٱلاستهلاك. وبه تزيد أنفال (أرباح) تجارتهم. وهۤؤلآء يظلمون أنفسهم بظنهم. كما يظلمون ٱلناس جميعًا. لأن زيادة عدد ٱلساكنين يذهب بٱلمآء ويزيد فى ٱلطرح ٱلَّذى يفسد فى ٱلأرض وفى قميصها (غلافها ٱلجوى). كما يزيد فى عدد ٱلمصانع ٱلتى تُبنى من أجل زيادة ٱلاستهلاك وزيادة ٱلفساد.

إنَّ ٱلأرض واحدة من دون حدود. يدلنا على ذٰلك خطر ٱلفساد فيها. كماۤ أنها ٱليوم كُلُّها "مدينة". ٱلفاعل فى مدينيَّتها هو سنَّةُ ٱلأطوار. سَوآء ءَأدرك ٱلناس جميعهم ٱلمثل ٱلرَّسولىّ. أمۡ لم يدركوه.







ٱلصحيفة

ما نرـٰه فى ٱلصحيفة. أنها كتاب فيه مفاهيم تُبين ما تبينه دساتير ٱلدول من أسسٍ تحكم سَنَّ ٱلتشريع (ٱلقوانين) فى ٱلدولة. وٱبن هشام فى كتابه "ٱلسيرة ٱلنبوية". يبين أنَّه لم يدرك من ٱلصحيفة أكثر من أنها كتاب من ٱلنَّبى. فلم يرَ فى بنود ٱلكتاب أنَّه ميثاق بين عدد من ٱلدول. وهو بذٰلك يبين ٱلإدراك ٱلذى يَسيد فى قلوب أبنآء زمانه من ٱلمفكرين. وقد توفى يوم 13 من شهر ربيع الأَخر سنة 218 للهجرة 890 للميلاد. وهٰذا يبين زمنًا بعيدًا عن زمن دولة ٱلمدينة. ٱلتى قامت وعاشت عشر سنوات (622– 632ميلادية). كما يبين تأثير سلطة ٱلطاغوت فى تكوين مفاهيم ٱلناس بعيدًا عن مفهوم ٱلميثاق. وهو تأثير ما زال إلى يومنا هٰذا فى جميع بلاد ٱلشام وفى ٱلبلاد ٱلتى تحمل شعوبها ٱسم ٱلإسلام.
لقد بدأ تحرك طاغوت مكَّة لاستعادة سلطته بعد وفاة ٱلرسول. وفى سقيفة بنى ساعدة. وعمل بعد ٱستعادته للسلطة على تغيِّبب مفهوم ٱلمدينة ودستورها عن قلوب ٱلناس. فنشر بدلا منه مفهوم سلطة ٱلقوم. وعظَّم شأن قريشٍ. لينتهى هٰذا ٱلتعظيم فى بيت من بيوتهاۤ. أعلن عن نفسه سلطة زعمت أنَّها تستمد شرعيتها من ٱلسمآء بٱسم ٱلبيت ٱلأموى. ولقد سقطت هٰذه ٱلسلطة فى صراعها مع بيت أخر من قريش. هو ٱلبيت ٱلعباسى. وكلّ مِّنَ ٱلبيتين أقام سلطة طاغوت ٱتخذت هيئة إمبراطورية. وعملت على تكوين مفاهيم تجعل ٱلناس يظنون أنها دولة خلافة لسلطة ٱلنَّبى ودولته ٱلمدينة ٱلمثل ٱلمنير.
لقد أبعدت سلطة هٰذه ٱلبيوت مفهوم ٱلميثاق. حتى صار واحد من ٱلمفكرين كـ ٱبن هشام. لا يرى فى كتاب ٱلنَّبى محمد أنَّه يبيِّن ميثاقا (دستورًا) لدولة ٱلمدينة ٱلمنورة.
لقد ٱستمرت سلطة ٱلبيوت وٱلظنِّ بٱلخلافة حتى سقطت سلطة ٱلبيت ٱلعثمانى فى ٱلحرب ٱلكونية ٱلأولى من ٱلقرن ٱلعشرين. وما جآء من بعدها ٱستمد شرعيته من تلك ٱلمفاهيم ٱلبيتيَّة. وعلىۤ أجزآء من أرض ٱلدولة ٱلإمبراطورية. ٱلتى تجزأت إلى دول عديدة. لكلٍّ منها سلطة بيت من ٱلبيوت. وحوله جيش من ٱلكهنة ٱلذين يفتون بشرعيته ٱلسَّماويَّة.

ما رأيناه فى كتاب ٱلنَّبى محمد. يختلف عمَّا رأـٰه ٱبن هشام فيه. وكذٰلك عمَّا رأـٰه كهنة ٱلأمس. وما يرـٰه كهنة ٱليوم. وعرضُنا لذٰلك ٱلكتاب يظهر ٱلسبب فى ٱختلافنا معهم جميعًا. ومن ٱلبدء. يُظهر لنا ٱلكتاب أنَّه من أعمال ٱلنَّبى وليس ٱلرَّسول. ومن ٱلبند ٱلأول فيه. تتحدَّد أمَّة جديدة. لا تحمل ٱسم قومٍ. بل هى "أمة واحدة من دون ٱلناس". وهو مفهوم يدل على منهاجها ٱلمدينىّ. ولا يكترث بمفهوم ٱلقوم.
وفيما يلى كتاب ٱلنَّبى بٱلخط ٱلمسطور فى كتاب ٱبن هشام. وبٱلتوزيع إلى بنودٍ. كما جآء فى ٱلنسخة ٱلألمانية لـ ج. شالر. وقد ورد فى كتاب ٱلنَّبى ٱسم "ٱلصحيفة" ليدل علىۤ أنَّ هٰذا ٱلكتاب للنشر وٱلإعلان:
"بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ
هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمّدٍ النّبِيّ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ.
ٱلبند ٱلأول: إنّهُمْ أُمّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النّاسِ.
ٱلبند ٱلثانى: الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ وَهُمْ يَفْدُونَ عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلثالث: وَبَنُو عَوْفٍٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى كُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلرابع: وَبَنُو سَاعِدَةَ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلخامس: وَبَنُو الْحَارِثِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلسادس: وَبَنُو جُشَمٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلِهِمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلسابع: وَبَنُو النّجّارِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلثامن: وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلتاسع: وَبَنُو النّبِيتِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلعاشر: وَبَنُو الْأَوْسِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلحادى عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ.
ٱلبند ٱلثانى عشر: وَأَنْ لَا يُحَالِفَ مُؤْمِنٌ مَوْلَى مُؤْمِنٍ دُونَهُ.
ٱلبند ٱلثالث عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى مَنْ بَغَى مِنْهُمْ أَوْ ابْتَغَى وَسِيعَة ظُلْمٍ أَوْ إثْمٍ أَوْ عُدْوَانٍ أَوْ فَسَادٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنّ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ وَلَدَ أَحَدِهِمْ.
ٱلبند ٱلرابع عشر: وَلَا يَقْتُلُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنًا فِي كَافِرٍ وَلَا يَنْصُرُ كَافِرًا عَلَى مُؤْمِنٍ.
ٱلبند ٱلخامس عشر: وَإِنّ ذِمّةَ اللّهِ وَاحِدَةٌ يُجِيرُعَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ مَوَالِي بَعْضٍ دُونَ النّاسِ.
ٱلبند ٱلسادس عشر: وَإِنّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُود فَإِنّ لَهُ النّصْرَ وَالْأُسْوَةَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ.
ٱلبند ٱلسابع عشر: وَإِنّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ لَا يُسَالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا عَلَى سَوَاءٍ وَعَدْلٍ بَيْنَهُمْ.
ٱلبند ٱلثامن عشر: وَإِنّ كُلّ غَازِيَةٍ غَزَتْ مَعَنَا يُعْقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
ٱلبند ٱلتاسع عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ يُبِئْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا نَالَ دِمَاءَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى أَحْسَنِ هُدًى وَأَقْوَمِهِ.
ٱلبند ٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسَهَا وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ.
ٱلبند ٱلحادى وٱلعشرون: وَإِنّهُ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلاً عَنْ بَيّنَةٍ فَإِنّهُ قَوَدٌ بِهِ إلّا أَنْ يَرْضَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ كَافّةٌ وَلَا يَحِلّ لَهُمْ إلّا قِيَامٌ عَلَيْهِ.
ٱلبند ٱلثانى وٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَقَرّ بِمَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَآمَنَ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْصُرَ مُحْدِثًا وَلَا يُؤْوِيهِ وَأَنّهُ مَنْ نَصَرَهُ أَوْ آوَاهُ فَإِنّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللّهِ وَغَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.
ٱلبند ٱلثالث وٱلعشرون: وَإِنّكُمْ مَهْمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ عليه ٱلسلام.
ٱلبند ٱلرابع وٱلعشرون: وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ.
ٱلبند ٱلخامس وٱلعشرون: وَإِنّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ.
ٱلبند ٱلسادس وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي النّجّارِِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلسابع وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْحَارِثِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلثامن وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي سَاعِدَةَ مِثلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلتاسع وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي جُشَمٍ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ. ٱلبند ٱلثلاثون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْأَوْسِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلحادى وٱلثلاثون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ.
ٱلبند ٱلثانى وٱلثلاثون: وَإِنّ جَفْنَةَ بَطْنٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلثالث وٱلثلاثون: وَإِنّ لِبَنِي الشّطِيبَةِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ.
ٱلبند ٱلرابع وٱلثلاثون: وَإِنّ مَوَالِيَ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلخامس وٱلثلاثون: وَإِنّ بِطَانَةَ يَهُودَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلسادس وٱلثلاثون: وَإِنّهُ لَا يَخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِإِذْنِ مُحَمّدٍ عليه ٱلسلام وَإِنّهُ لَا يُنْحَجَزُ عَلَى ثَأْرٍ جُرْحٌ وَإِنّهُ مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ فَتَكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إلّا مِنْ ظَلَمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَبَرّ هَذَا.
ٱلبند ٱلسابع وٱلثلاثون: وَإِنّ عَلَى الْيَهُودِ نَفَقَتَهُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتَهُمْ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْحَ وَالنّصِيحَةَ وَالْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ وَإِنّهُ لَمْ يَأْثَمْ امْرُؤٌ بِحَلِيفِهِ وَإِنّ النّصْرَ لِلْمَظْلُومِ.
ٱلبند ٱلثامن وٱلثلاثون: وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ.
ٱلبند ٱلتاسع وٱلثلاثون: وَإِنّ يَثْرِبَ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ.
ٱلبند ٱلأربعون: وَإِنّ الْجَارَ كَالنّفْسِ غَيْرَ مُضَارّ وَلَا آثِمٌ.
ٱلبند ٱلحادى وٱلأربعون: وَإِنّهُ لَا تُجَارُ حُرْمَةٌ إلّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا.
ٱلبند ٱلثانى وٱلأربعون: وَإِنّهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ اشْتِجَارٍ يُخَافُ فَسَادُهُ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَتْقَى مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ.
ٱلبند ٱلثالث وٱلأربعون: وَإِنّهُ لَا تُجَارُ قُرَيْشٌ وَلَا مَنْ نَصَرَهَا .
ٱلبند ٱلرابع وٱلأربعون: وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ.
ٱلبند ٱلخامس وٱلأربعون: وَإِذَا دُعُوا إلَى صُلْحٍ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ فَإِنّهُمْ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ وَإِنّهُمْ إذَا دُعُوا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنّهُ لَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إلّا مَنْ حَارَبَ فِي الدّينِ عَلَى كُلّ أُنَاسٍ حِصّتُهُمْ مِنْ جَانِبِهِمْ الّذِي قِبَلَهُمْ.
ٱلبند ٱلسادس وٱلأربعون: وَإِنّ يَهُودَ الْأَوْسِ مَوَالِيَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ. مَعَ الْبِرّ الْمَحْضِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ.
ٱلبند ٱلسابع وٱلأربعون: وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ لَا يَكْسِبُ كَاسِبٌ إلّا عَلَى نَفْسِهِ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَصْدَقِ مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ وَإِنّهُ لَا يَحُولُ هَذَا الْكِتَابُ دُونَ ظَالِمٍ وَآثِمٍ وَإِنّهُ مَنْ خَرَجَ آمِنٌ وَمَنْ قَعَدَ آمِنٌ بِالْمَدِينَةِ إلّا مَنْ ظَلَمَ أَوْ أَثِمَ وَإِنّ اللّهَ جَارٌ لِمَنْ بَرّ وَاتّقَى وَمُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ".
 

ٱسم "يثرب" يدل على ٱلحال ٱلذى كان يَسيد فى ذٰلك ٱلمكان وبين أهله. فٱلاسم من أصل ٱلفعل "ثَرَبَ". وفيه دليل ٱلنزاع وٱلخصام وٱلاقتتال وٱلجوع وٱلمرض وٱلخوف.
ويظهر لنا هٰذا ٱلدَّليل من قول يوسف لأخوته بعد قدومهم إليه وهو عزيز مصر:
"قال لا تثريبَ عليكم ٱليوم"92يوسف.
وهو يبين لهم ٱلأمن وٱلاطمئنان على عيشهم. وكذٰلك هو حال أهل يثرب من بعد ٱلصّحيفة وٱلحكم ٱلرَّسولىّ ٱلمدينى. فقد صاروا أهل ٱلمدينة. وصار فض ٱلنزاع بينهم يتبع ٱلشرع ٱلمدينى (ٱلقانون ٱلمدنى). ٱلذى تتبين سُبُله من بنود دستور دولة ٱلمدينة.
لقد بدأت ٱلصحيفة بتعريف لأهل دولة ٱلمدينة علىۤ أنهم "أمة واحدة من دون النَّاس". وهٰذا يبين أن أهل دولة ٱلمدينة قد تعاهدوا على تكوين منهاج يختلف عن مناهج ٱلناس جميعهم حتى ذٰلك ٱلوقت.
وقد سبق هٰذا ٱلتعريف بيان مكونات هٰذه ٱلأمة ٱلجديدة من "الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ".

ٱلمؤمنون هم ٱلذين ٱكتسبوا علمًا يجعلهم يصدقون ويثقون بهٰذا ٱلمنهاج. وٱسم ٱلمؤمنين لا يدل على ٱلإيمان بٱللَّه وٱليوم ٱلأخر. وهو ما يبينه ٱلبلاغ ٱلعربى:
"إنَّ ٱلَّذين ءَامنواْ وٱلَّذين هَادواْ وٱلنَّصٰرىٰ وٱلصَّٰبئينَ مَن ءَامنَ بِٱللَّهِ وٱليومـِ ٱلأَخِرِ وعَمِلَ صَٰلحًا فلهم أجرُهُم عِندَ رَبِّهمـ ولا خوف عليهمـ ولا هُمـ يحزنونَ" 62 ٱلبقرة.
فٱلَّذين ءَامنوا. كما يقول ٱلبلاغ. مَن ءَامن منهم ومن ٱلمعدودين ٱلأخرين "بِٱللَّهِ وٱليومـِ ٱلأَخِرِ وعَمِلَ صَٰلحًا".
وهٰذا يبين أن ٱلذين ءامنوا منهم من يؤمن بٱللّه وٱليوم ٱلأخر ومنهم من لا يؤمن. وما يدل عليه ٱلفعل ءَامن هو ٱجتماع دليل ٱلأفعال (صدَّق ووثق وٱطمئنَّ). فٱلتصديق وٱلوثوق وٱلاطمئنان صفات للذين يعلمون سوآء ءكانوا يؤمنون بٱللَّه وبٱليوم ٱلأخر أم لا يؤمنون. وهۤؤلاۤء هم "مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ". فهم تجمُّع من أقوامٍ مختلفة. يجمع بينهم ميثاق وإرادة للعيش ٱلمدينى بعلمٍ بعيدًا عن سلطة ٱلطاغوتٍ.

أما ٱلمسلمون فهم ٱلذين تحالفوا مع ٱلمؤمنين. وهم لونان كما يبين ٱلبلاغ ٱلعربى. ٱلأول مسلم لِّربِّ ٱلعلمين. وإسلامه مثل إسلام إبرٰهيم. وهو ٱلذى ينظر فى كيف بدأ ٱلخلق ويتَّبع سنَّة ٱلرَّبِّ فلا يخالفها (سنة ٱلرَّبِّ هى ما يعرف بٱلقوانين ٱلموضوعية substantive lawكقانون ٱلجاذبية). وهٰذا من ٱلمؤمنين بسنة ٱلرَّب. كما يؤمن بٱللَّه وٱليوم ٱلأَخر. وهو لا يتَّبع ملَّة ٱلأبآء. بل يحنف عنها بفعل نظره وعلمه.
وٱلثانى هو ٱلذى ألقى سلاحه بسبب ضعفه ونقص حيلته. أو هزيمته فى حرب أو صراع. وفى ٱلبلاغ ٱلعربى بيان لإسلامه:
"قَالتِ ٱلأعرابُ ءَامنَّا قُل لم تُؤمنُواْ ولٰكن قُولُواْ أَسلمنا ولمَّا يَدخُلِ ٱلإيمـٰنُ فى قُلُوبِكُم وإن تُطيعواْ اللَّه ورسولَهُ لا يلِتكُم من أعمٰلِكُم شيئاً إنَّ اللَّه غفور رحيم "14 ٱلحجرات.
"تقـٰتلونََهُم أو يُسلِمُونَ"16 ٱلفتح.
فهو مسلم للمنتصر. وإسلامه ليس لربِّ ٱلعالمين.
ومن هؤلآء من سلَّم أمره للمؤمنين وٱتبعهم فى وجهتهم لتأسيس دولة ٱلمدينة. وٱلاثنان هم تجمُّع من أقوام مختلفة "مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ".
وتبين ٱلبنود ٱلتالية بعد ٱلبند ٱلأول أن هٰذه ٱلأمة تتكون من خليط. وبه يتكون منهاجهاۤ (أمَّتها) ٱلذى يفترق عن منهاج ٱلناس. وفى تلك ٱلبنود تُعدّ مصادر هٰذا ٱلخليط:
ٱلبند ٱلثانى: الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ وَهُمْ يَفْدُونَ عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلثالث: وَبَنُو عَوْفٍٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى كُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلرابع: وَبَنُو سَاعِدَةَ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلخامس: وَبَنُو الْحَارِثِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلسادس: وَبَنُو جُشَمٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلِهِمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلسابع: وَبَنُو النّجّارِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلثامن: وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلتاسع: وَبَنُو النّبِيتِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ٱلبند ٱلعاشر: وَبَنُو الْأَوْسِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
تسعة بنود تعدُّ مصادر تكوين هٰذه ٱلأمة ٱلمؤسسة لدولة ٱلمدينة ودستورها. كما تبين هٰذه ٱلبنود ثمانية دول قبيلية (نسبة إلى ٱلقبيلة) هم قبآئل يثرب. وكلّ مِّنها دولة. ولكلٍّ منها ٱستقلالها ٱلذاتى وحدودها وتشريعها وأحكامها ٱلداخلية. كما كان ٱلأمر فى كل واحدة منها قبل قيام دولة ٱلاتحاد. وهو ما يبينه ٱلقول: "على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم ٱلأولى". مسآئل ٱلتشريع وٱلأمن ٱلداخلى وٱلتعليم وٱلاقتصاد وغيرها من ٱلمسآئل ٱلمتعلقة بحياة ٱلناس فى ٱلمجتمع. وهى فى كلِّ دولة من دول ٱلاتحاد كما كانت قبل قيامه.
أما دولة ٱلمهاجرين من قريش. فهى ٱلدولة ٱلتاسعة من بين ٱلدول ٱلمؤسسة للاتحاد. وهم "على ربعتهم يتعاقلون بينهم". فلم يُذكر فى ٱلصحيفة أنهم يتبعون معاقلهم ٱلأولى. فهم مهاجرون من معاقل طاغوت قريش. وهم يتعاقلون بأسلوبٍ يختلف عن معاقلهم ٱلأولى فى مكَّة.
وفى بنود ٱلصحيفة بعد ذٰلك. بيان أسس هٰذا ٱلميثاق. من ٱلبند ٱلحادى عشر ولغاية ٱلبند ٱلثانى وٱلعشرين.
ٱلبند ٱلحادى عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ.
ٱلبند ٱلثانى عشر: وَأَنْ لَا يُحَالِفَ مُؤْمِنٌ مَوْلَى مُؤْمِنٍ دُونَهُ.
ٱلبند ٱلثالث عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى مَنْ بَغَى مِنْهُمْ أَوْ ابْتَغَى وَسِيعَةَ ظُلْمٍ أَوْ إثْمٍ أَوْ عُدْوَانٍ أَوْ فَسَادٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنّ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ وَلَدَ أَحَدِهِمْ.
ٱلبند ٱلرابع عشر: وَلَا يَقْتُلُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنًا فِي كَافِرٍ وَلَا يَنْصُرُ كَافِرًا عَلَى مُؤْمِنٍ.
ٱلبند ٱلخامس عشر: وَإِنّ ذِمّةَ اللّهِ وَاحِدَةٌ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ مَوَالِي بَعْضٍ دُونَ النّاسِ.
ٱلبند ٱلسادس عشر: وَإِنّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنّ لَهُ النّصْرَ وَالْأُسْوَةَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ.
ٱلبند ٱلسابع عشر: وَإِنّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ لَا يُسَالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا عَلَى سَوَاءٍ وَعَدْلٍ بَيْنَهُمْ.
ٱلبند ٱلثامن عشر: وَإِنّ كُلّ غَازِيَةٍ غَزَتْ مَعَنَا يُعْقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
ٱلبند ٱلثامن عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ يُبِئْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا نَالَ دِمَاءَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى أَحْسَنِ هُدًى وَأَقْوَمِهِ.
ٱلبند ٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسَهَا وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ.
ٱلبند ٱلحادى وٱلعشرون: وَإِنّهُ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيّنَةٍ فَإِنّهُ قَوَدٌ بِهِ إلّا أَنْ يَرْضَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ كَافّةٌ وَلَا يَحِلّ لَهُمْ إلّا قِيَامٌ عَلَيْهِ.
ٱلبند ٱلثانى وٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَقَرّ بِمَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَآمَنَ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْصُرَ مُحْدِثًا وَلَا يُؤْوِيهِ وَأَنّهُ مَنْ نَصَرَهُ أَوْ آوَاهُ فَإِنّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللّهِ وَغَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.
ٱلبند ٱلثالث وٱلعشرون: وَإِنّكُمْ مَهْمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ عليه ٱلسلام.
وفى ٱلبند ٱلثالث وٱلعشرون تظهر سلطة ٱلنبى. وهو رئيس ٱلدولة فى هٰذه ٱلأمة ٱلجديدة: "وَإِنّكُمْ مَهْمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ عليه ٱلسلام".
وفى ٱلبند ٱلثانى وٱلأربعين يظهر أنَّ للنبى سلطة ٱلحَكم بين هٰذه ٱلدول ٱلمتحالفة. وهو رئيسها ٱلاتحادى. وله سلطة ٱلحِكم فيما يختلفون: "وَإِنّهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ اشْتِجَارٍ يُخَافُ فَسَادُهُ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَتْقَى مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ".
وهٰذا لا يُظهره أميرًا. كما يزعم ٱلإسلام ٱلسياسى. بل رئيسًا فيدراليًّا له سلطة ٱلحكم بين دول ٱلاتحاد.
ثم يبين ٱلبند ٱلسادس وٱلثلاثون سلطته فى ٱلحرب كرئيس لهٰذه ٱلدولة ٱلفيدرالية "وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد عليه ٱلسلام". وهو خروج إلى ٱلحرب. فٱلنَّبى هو صاحب سلطة ٱلخروج إلى ٱلحرب. لأنه ٱلرئيس ٱلاتحادى. وليس لرئيس دولة من دول ٱلفيدرالية أن يخرج بدولته إلى حرب من دون أمر رئيس ٱلدولة ٱلاتحادية.
وفى ٱلصحيفة بيان ٱلالتزامات ٱلمالية فى حال ٱلحرب بين أطراف ٱلدولة:
ٱلبند ٱلرابع وٱلعشرون: وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ.
وبيان تعدد ٱلمفاهيم وٱلمواقف ٱلفكرية وٱلدينية فى هٰذه ٱلأمة ٱلجديدة تظهره ٱلبنود ٱلتالية:
ٱلبند ٱلخامس وٱلعشرون: وَإِنّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ.
ٱلبند ٱلسادس وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي النّجّارِِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلسابع وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْحَارِثِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلثامن وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي سَاعِدَةَ مِثلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلتاسع وٱلعشرون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي جُشَمٍ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ. ٱلبند ٱلثلاثون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْأَوْسِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ.
ٱلبند ٱلحادى وٱلثلاثون: وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ.
ٱلبند ٱلثانى وٱلثلاثون: وَإِنّ جَفْنَةَ بَطْنٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلثالث وٱلثلاثون: وَإِنّ لِبَنِي الشّطِيبَةِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ.
ٱلبند ٱلرابع وٱلثلاثون: وَإِنّ مَوَالِيَ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلخامس وٱلثلاثون: وَإِنّ بِطَانَةَ يَهُودَ كَأَنْفُسِهِمْ.
ٱلبند ٱلسادس وٱلثلاثون: وَإِنّهُ لَا يَخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِإِذْنِ مُحَمّدٍ عليه ٱلسلام وَإِنّهُ لَا يُنْحَجَزُ عَلَى ثَأْرٍ جُرْحٌ وَإِنّهُ مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ فَتَكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إلّا مِنْ ظَلَمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَبَرّ هَذَا.
ٱلبند ٱلسابع وٱلثلاثون: وَإِنّ عَلَى الْيَهُودِ نَفَقَتَهُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتَهُمْ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْحَ وَالنّصِيحَةَ وَالْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ وَإِنّهُ لَمْ يَأْثَمْ امْرُؤٌ بِحَلِيفِهِ وَإِنّ النّصْرَ لِلْمَظْلُومِ.
ٱلبند ٱلثامن وٱلثلاثون: وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ.

ٱسم يهود هو ٱسم ٱلذين هادوا فى ٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان). وهم ٱلذين يلتفتون إلى خلفٍ. وقد ٱلتصق هٰذا ٱلاسم بٱلذين يظنون أنهم أتباع موسىۤ إلى يومنا هٰذا. وٱلسبب هو أنَّ بعضهم يوجِّه حاضره لإعادة بنآء مملكة داوود. وهى مملكة ميِّتة.
أما هٰذا ٱلاسم فى ٱلقرءان. فهو ينطبق على كلِّ سلفىٍّ. وفى كلِّ وقت. ومن أى قومٍ.
وفى ٱلبند ٱلسابع وٱلثلاثين يظهر أن سلطة ٱلدولة. تقوم على ٱلأسس ٱلتى تنفى مفهوم ٱلطاغوت عنها "وأن بينهم النُّصح والنصيحة والبر دون الإثم".
ثم تتابع بنود ٱلصحيفة بيان سياسة هٰذه ٱلدولة. سوآء ءكانت سياستها ٱلداخلية:
ٱلبند ٱلتاسع وٱلثلاثون: وَإِنّ يَثْرِبَ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ.
أم كانت سياستها مع دول ٱلجوار:
ٱلبند ٱلأربعون: وَإِنّ الْجَارَ كَالنّفْسِ غَيْرَ مُضَارّ وَلَا آثِمٌ.
وكذلك سياستها ٱلمتعلقة بٱلتدخل فى شؤون دولة أخرى:
ٱلبند ٱلحادى وٱلأربعون: وأن لا تُجارُ حُرمَة إلا بإذن أهلها.
وهٰذا يبين أن تدخل ٱلدولة فى شؤون غيرها. يعود إلى طلب هٰذا ٱلغير. ومن دون عدوان ولا طمع.
وفى ٱلبند ٱلثالث وٱلأربعين تحديد لِّعدوِّ ٱلدولة ٱلفيدرالية "وأن لا تُجارُ قريش ولا من نصرها".
قريش هم قوم ٱلرسول. وهم ٱلذين يتسلطون ويطغون فى مكَّة. لا يقبلون بأخر ولا بمفهوم عن ٱلدينٍ إلى جانب مفهومهم.
وفى دستور دولة ٱلمدينة تحديد لعدوّ دولة ٱلمدينة جآء بٱسم ٱلقوم قريش. ويلحق بها "من نصرها" فىۤ أفعال عدوانها وطاغوتها. فقريش دولة قومٍ معتدين جعلت أهل ٱلصحيفة يثبِّتون ٱسمها فى ٱلدستور. لأنها عدو لا يتوقف عدوانه علىۤ أهل ٱلمدينة. بسبب تمسك ٱلقوم بمفاهيم ٱلتعالى وٱلكفر بحرية ٱلرأى وٱلدين وٱلاختيار. وهٰذا كان ورآء إبعاد مضموم ٱلصحيفة بعد سقيفة بنى ساعدة وإلى يومنا هٰذا.
وتبين ٱلصحيفة أنَّ دولها ٱلاتحادية تنصر بعضها على من يعتدى علىۤ أرض يثرب. وهىۤ أرض ٱلدولة ٱلفيدرالية:
ٱلبند ٱلرابع وٱلأربعون: وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ.
إنَّ ٱلتناصر "عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ". يبين إلتزامًا دفاعيًّا. أمَّا ٱلإلتزام بٱلهجوم فهو تطوع من دون إكراه: "وأن من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم".
وفى مسألة ٱلصلح تبين ٱلصحيفة فى ٱلبند ٱلخامس وٱلأربعين إلتزام أطرافها بعقود ٱلدولة ٱلفيدرالية: "وَإِذَا دُعُوا إلَى صُلْحٍ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ". فلا يسعَ فريق منهم إلى نقضه. بل عليه أن يصالح ويلبس ٱلصلح.
ويبين ٱلبند ٱلسادس وٱلأربعون ما على ٱلدولة ٱلفيدرالية من إلتزام مع حلفآئها: "وَإِنّ يَهُودَ الْأَوْسِ مَوَالِيَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ. مَعَ الْبِرّ الْمَحْضِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ".
وفى ٱلبند ٱلسابع وٱلأربعين بيانُ توجُّهِ ٱلدولة إلى ٱلأعمال وٱلأفعال ٱلصالحة: "وأن البر دون الإثم". وفيه أن ٱلعقوبة تقترن بفعل ظلمٍ وبفاعله: وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ لَا يَكْسِبُ كَاسِبٌ إلّا عَلَى نَفْسِهِ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَصْدَقِ مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ وَإِنّهُ لَا يَحُولُ هَذَا الْكِتَابُ دُونَ ظَالِمٍ وَآثِمٍ".
وفى ٱلصحيفة ما يبين أبعد ما فى ٱلدولة ٱلديمقراطية من حرية. سوآء ءكانت حرية ٱلفرد. أم حرية دولة من دول ٱلاتحاد: "وَإِنّهُ مَنْ خَرَجَ آمِنٌ وَمَنْ قَعَدَ آمِنٌ بِالْمَدِينَةِ إلّا مَنْ ظَلَمَ أَوْ أَثِمَ". وفيه أن ٱلخروج إلى ٱلحرب أو ٱلقعود عنها لاۤ إكراه فيه. لا على ٱلفرد. ولا على دولة من دول ٱلاتحاد. وهٰذا ٱلأمر يبينه ٱلبلاغ ٱلعربى:
"فَقَاتِل فِى سبيلِ ٱللَّه لا تُكَلَّفُ إلاَّ نفسَكَ وحرِّضِ ٱلمؤمنينَ"84 ٱلنسآء.
"يَـٰۤأيُّها ٱلنَّبِىُّ حَسبُكَ ٱللَّه ومَنِ ٱتّبَعَكَ من ٱلمُؤمِنِين ( 64) يَـٰۤأيُّها ٱلنَّبِىُّ حَرِّضِ ٱلمُؤمنين على ٱلقتال ( 65)" ٱلأنفال.
وما يظهر فى ٱلبلاغ أن ٱلقتال تطوع مِّن دون إكراهٍ. وما يعرف بٱلخدمة ٱلإلزامية فى جميع ٱلدول ٱلتى تزعم فى دساتيرها ٱلإسلام يخالف ٱلبلاغ ٱلعربى. كما يخالف دستور دولة ٱلمدينة. وهى ٱلمثل ٱلأول على ما ينادى به ٱليوم بٱلدولة ٱلعلمانية ٱلديمقراطية. فحتى ٱلدول ٱلديمقراطية تنتهك حقوق ٱلإنسان بإكراه أفرادها على خدمة إلزامية فى جيشها (قصرت أم طالت). يستثنى منها دول فىۤ أوروبا كٱلدنمرك وهولندا وٱلنروج وٱلسويد.
إلاۤ أنَّ ٱلصحيفة تبين أن ٱلذى تطوع للقتال. سوآء ءكان فردًا أم دولة من دول ٱلاتحاد. عليه أن يحافظ على قوة ٱلدولة ٱلفيدرالية فى ٱلحرب. كما فى ٱلسلم. فليس له أن ينسحب من ٱلقتال. أو يسالم منفردًا. كما ليس له أن يقاتل منفردًا. وأن أمر ذٰلك بيد رئيس ٱلدولة ٱلاتحادى. ٱلذى يعمل من بعد "ٱلنصح وٱلنصيحة". أما ٱلفرد أو واحدة من دول ٱلاتحاد. فإنَّ سلمه أو قتاله منفردًا يفقد ٱلدولة ٱلفيدرالية توازنها وقوتها وهيبتها. وهٰذا ما جآء عنه فى ٱلبندين ٱلسابع عشر وٱلثامن عشر: "وَإِنّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ لَا يُسَالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا عَلَى سَوَاءٍ وَعَدْلٍ بَيْنَهُمْ".
وإنَّ ٱلدولة ٱلتى ٱشترك جيشها فى حرب هجوم تقوم بها ٱلدولة ٱلاتحادية ليس لهاۤ أن تتراجع حتى نهاية تلك ٱلحرب: "وَإِنّ كُلّ غَازِيَةٍ غَزَتْ مَعَنَا يُعْقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا".
فٱلدولة ٱلتى تشترك فى هجوم قامت به ٱلدولة ٱلاتحادية. لا يجوز لها ٱلتوقف أو ٱلتراجع حتى تنتهى ٱلحرب ٱلقآئمة.
وتبين ٱلصحيفة موقفًا لا يجيز ٱلطعن فى ٱلظهر: "وأن لا يحالف مؤمنا مولى مؤمن دونه". كما تبين إلتزام ٱلجميع بقرار ٱلسلطة ٱلاتحادية ٱلقاضى بردع ٱلعدوان ٱلداخلى وٱلظلم وٱلفساد. سوآء ءكان ٱلمعتدى دولة من دول ٱلاتحاد. أم كان فردًا من أفرادها: "وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى مَنْ بَغَى مِنْهُمْ أَوْ ابْتَغَى وَسِيعَةَ ظُلْمٍ أَوْ إثْمٍ أَوْ عُدْوَانٍ أَوْ فَسَادٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنّ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ وَلَدَ أَحَدِهِمْ".
ولا تقصر هٰذه ٱلمسألة على دولة من دول ٱلاتحاد أو أفرادها. بل تمتد إلى ٱلحلفآء من خارجها: "وَإِنّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنّ لَهُ النّصْرَ وَالْأُسْوَةَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ".
**
ما عرضنا له من بنود ٱلصحيفة. نجد مثله فى بنود دساتير بعض دول ٱلديمقراطية ٱليوم (ٱلتى يقول عنها ٱلإسلام ٱلسياسى أنها دول كفر). من مثل ٱلتضامن ٱلاجتماعى ٱلذى يوجّه ٱلعون إلى من يحوج إليه:
ٱلبند ٱلحادى عشر: "وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا (مثقلا بدين أو عيشه ضيِّق) بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ".
ٱلبند ٱلتاسع عشر: وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ يُبِئْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا نَالَ دِمَاءَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى أَحْسَنِ هُدًى وَأَقْوَمِهِ.
وتُظهر ٱلصحيفة مسألة علىۤ أهمية عظيمة ٱليوم. وهى تتعلق بما يعرف ٱليوم بٱلإرهاب كٱلخطف وحجز ٱلرهآئن وقتلها وغيرها من أعمال يقوم بها من ورد ٱسمه بـ "ٱلمُحدث":
ٱلبند ٱلحادى وٱلعشرون: وَإِنّهُ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيّنَةٍ فَإِنّهُ قَوَدٌ بِهِ إلّا أَنْ يَرْضَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ كَافّةٌ وَلَا يَحِلّ لَهُمْ إلّا قِيَامٌ عَلَيْهِ.
ٱلبند ٱلثانى وٱلعشرون: وَإِنّهُ لَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَقَرّ بِمَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَآمَنَ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْصُرَ مُحْدِثًا وَلَا يُؤْوِيهِ وَأَنّهُ مَنْ نَصَرَهُ أَوْ آوَاهُ فَإِنّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللّهِ وَغَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ.
ٱلمحدث هو ٱلذى يثير حدثًا مرجفًا يؤذى به ٱلناس فى دمآئهم وأموالهم. وقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى (ٱلقرءان) ٱلردّ على ٱلمرجف وكذٰلك ٱلمحرّض عليه:
"لئن لم ينتهِ ٱلمنافقون وٱلَّذين فى قلوبهم مرض وٱلمرجفون فى ٱلمدينة لنغرينّك بهم ثمّ لا يجاورونك فيهآ إلا قليلا (60) ملعونين أينما ثُقفواْ أُخذواْ وقتّلواْ تقتيلا(61) سنّة ٱللَّه فى ٱلذين خَلَواْ من قبل ولن تجد لسنّّة ٱللَّه تبديلا(62)" ٱلأحزاب.
وفيه بيان يتعلق بٱلمنافق. وهو ٱلذى ينفخ فى صدور ٱلجهلة من ٱلناس ويحرضهم على ٱلحدث. فٱلذين فى قلوبهم مرض هم ٱلذين لا يدركون ولا يعلمون. وهم يتَّبعون قولَ ٱلمنافق بسبب مكانته ٱلاجتماعية أو ٱلسياسية. وهؤلآء هم مسلمون للمنافق. ويظنون أن قوله هو ٱلحقّ. ومنهم يخرج ٱلمرجفون فى ٱلمدينة. وهم ٱلذين يُحدثون فيها فعلاً يباغتون به ٱلناسَ ٱلغافلين. يؤذون به من يؤذون ويقتلون من يقتلون. وهم ٱلذين يُعرفون ٱليوم بٱلاسم "إرهابيون" خطأ. فدليل ٱسم "إرهابى" يتبع دليل ٱلفعل "رَهَبَ" وفيه دليل ٱلأفعال (علم وخشى وخشع وخضع). ومنه ٱسم "راهب ورهبانية". وهٰذا ٱلخطأ من أفعال ٱللَّغو فى ٱلِّسان.
لقد بين ٱلبلاغ أن قتل ٱلاثنين لا يحتاج إلى محاكمة. فهم "ملعونين أينما ثُقفواْ أخذواْ وقتّلواْ تقتيلا". أى يطاردون ويقتلون بعد إلقآء ٱلقبض عليهم. وبيّن ٱلبلاغ أنَّ هٰذا "سنّة ٱللَّه". كما بين أنّ هٰذه ٱلسنّة قآئمة قبل نزول ٱلقرءان ومن بعده. وأنَّه لا تبديل لها "سنّة ٱللَّه فى ٱلذين خَلَواْ من قبل ولن تجد لسنّّة ٱللَّه تبديلا".
وما نرـٰه فى عمل ٱلإسلام ٱلسياسى ٱليوم أنَّه مثل عمل ٱلمنافقين. فهم يحرضون ٱلذين يتبعونهم على ٱلقتل وإحداث ٱلرجفة فى مدينة ٱليوم. وهى ٱلأرض كلَّها. ويأتى تحريضهم بوعدٍ كاذب لأوْلـٰئك ٱلذين يصدِّقونهم أنَّه لهم ٱلجنَّة. وقد بيَّن ٱلبلاغ ٱلعربىُّ كذب هٰذا ٱلوعد:
"وقالواْ لن يدخلَ ٱلجنة إلا من كان هودًا أو نصٰرى تلك أمانيّهم قُل هاتوا بُرهٰنكم إن كنتم صٰدقين"111 ٱلبقرة.
وقول ٱلإسلام ٱلسياسى مثل قول هۤؤلآء. وما قولهم إلاۤ أمانى كاذبة. وهم فى كذبهم يطلقون ٱسم ٱلشهيد على من يُقتل من ٱلمرجفين وهو ٱسم ٱلحى ٱلقيوم ٱلسميع ٱلبصير ٱلذى يعلم غيب ٱلسَّمٰوٰت وٱلأرض.

لقد قامت دولة ٱلمدينة ٱلمنورة لتكون مثلا مبصرًا للناس. وٱسم ٱلمنوَّرة يدل على ٱلنُّور ٱلهادىۤ إلىۤ إقامة حكمٍ مدينى مفتوح لاۤ إكراه فيه. ولم يورد فى ٱلصحيفة تعريف أو تحديد لحدود تلك ٱلدولة. وقد تُرك ذٰلك للناس ٱلذين يسعون بتطوع إلى قيامها على ٱلأرض جميعها.
وقد ظهر لناۤ أنَّ ٱلصحيفة ميثاق لسلطة حكمٍ مدينىٍّ رسولىّ. قام فى يثرب فجعلها ٱلمدينة ٱلمنورة. وظهر لنا فى ٱلصحيفة ٱلإقرار بسيادة كلِّ فريقٍ متعاهدٍ عليها. فلا جواز لأحدٍ ٱلمساس بها بما فى ذٰلك دينه وطوآئفه وشرعه وحياته ٱلاجتماعية.
كما ظهر لنا أنَّ ٱلنَّبى هو حاكم حَكَم بين ٱلمتعاهدين. ٱلذين نبذوا سياسة ٱلعدوان وتعاهدوا على ردّه عنهم وعن حلفآئهم. سوآء ءَكان من ٱلداخل أم من ٱلخارج.
ويبرز فى ٱلصحيفة ٱلوجه ٱلإنسانى لهٰذا ٱلتعاهد. من نصرة للمظلوم. وإعانة ٱلمثقل بٱلدَّين وٱلعيال. ومعاقبة مثير ٱلفساد. وضبط أعمال ٱلثأر وتقييدها بٱلقاتل وأهل بيته. أو دفع ٱلبدل ٱلمالى بدلاً من ٱلقتل ( أى إلغآء عقوبة ٱلإعدام). وأهل ٱلقتيل هم ٱلذين يحدِّدون ٱلعقوبة للقاتل. فلاۤ إكراه عليهم فيما شرعه ٱللَّه من قتل ٱلقاتل أو ٱلبدل ٱلمالى. وليس للدولة أن تسنَّ شرعًا يُكره ٱلناس على لونٍ واحد من ٱلعقوبة.
ومن أبرز ٱلمفاهيم ٱلتى تظهر فى ٱلصحيفة (وٱلتى نريد للإسلام ٱلسياسى أن ينظر فيها مع رجال كهنوته) هى تعدد مفاهيم ٱلمتعاهدين من مؤمنين ويهود ومسلمين وتابعين. جميعًا سَوَآء فى خِيرة ٱلرأى وٱلمفاهيم. وهٰذا ٱلأمر هو من أول أسس ٱلحكم ٱلديمقراطى. ٱلَّذى يرى فيه جماعة ٱلإسلام ٱلسياسى ٱلعدو ٱلأول لدينه ٱلمزعوم إسلامًا. كما كان حال عدو دولة ٱلمدينة قريش.
 

إذا عقلنا بين ما يجرى ٱليوم فى ٱلقارة ٱلأوربية. وهو مثل على تأسيس دولة ٱتحاد لم تكتمل هيۤئته. وبين دولة ٱلمدينة. فإنَّ أشراط ٱلدخول فى ٱلاتحاد ٱلأوروبى لا تجعله على ٱلسبيل ٱلمدينى ٱلرسولى. فهىۤ أشراط تطلب ٱلتَّغيِّر من طبيعة وأسلوب ٱلتشريع فى ٱلدولة ٱلطالبة ٱلدخول فيه لتكون متماثلة مع ميثاقه. ولنا فى ٱلأشراط على تركيا ما يبيِّن تمسُّك أهل ٱلسلطة فىۤ أوروبا بمفاهيم هىۤ أقرب إلى طاغوت مكة وإسلامه ٱلسياسى. كما يبين أنَّ أهل ٱلسلطة فى تركيا يتمسكون بأسلوب أخر من أساليب طاغوت مكة ٱلقديم.
وهٰذا يبين ٱلشَّدَّ بين طاغوتين من طواغيت مكة. ٱلفرق بينهما هو فيما يمثله ٱلاتحاد ٱلأوروبى من قوة.
أمَّا ما نجده فى ٱلصحيفة فإنَّ كل دولة من دول ٱلاتحاد ٱلمدينى لهاۤ أسلوبها ٱلقاۤئم فيها من تشريع وٱقتصاد وتعليم. كما كانت عليه من قبل ٱلاتحاد "على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم ٱلأولى". وأنَّ ٱلسلطة ٱلتى تتنازل عنها ٱلواحدة من دول ٱلاتحاد لصالح سلطة ٱلدولة ٱلاتحادية هى سلطة قرار ٱلحرب وٱلسلم إلى جانب سلطة ٱلحكم بين دول ٱلاتحاد ذاتها عند وقوع خلاف بينها.
ونرى فى تكوين فيدرالية ٱلولايات ٱلمتحدة ما يشبه ٱلاتحاد ٱلمدينى. ولنا فى حدثٍ جرى عام 1620 ميلادية وما زال يجرىۤ إلى يومنا هٰذا ما يبين هٰذا ٱلشَّبه. وقد قام به ثلة مِّنَ ٱلمهاجرين إلى ٱلبر ٱلأمريكى عبروا بحر ٱلمحيط مهاجرين إلى مكان مجهول. وفىۤ أنفسهم إقامة مجتمع جديد من دون لعب أو عبث. وقد كان أمامهم فسحة للعيش من دون قيود لو أنهم أرادوا ذٰلك. ولكنهم كتبوا ميثاقًا بينهم يحكم عيشهم وتطورهم. وقد بدأوه بٱلقول "بسم ٱللَّه". وختموه بٱلقول "ءَامين". وقد أطلقوا ٱسم "ماى فلور my flower" على ذٰلك ٱلميثاق ٱلذى جآء فيه: "نحن ٱلموقعين أدناه ....نعلن بهٰذا ٱلميثاق فى وقار متبادل أمام ٱللَّه وبحضورنا جميعًا أننا تعاهدنا معًا فى مجتمع مدنى سياسى".
وبعد مرور واحد وعشرين سنة من ذٰلك ٱلميثاق. وفى سنة 1641 ظهرت مجموعة "ماساتشوستس للحريات" وهىۤ أول دستور وضع فى "نيو إنجلند". وما زال ٱلنَّاس هناك يعيشون فى ظل ذٰلك ٱلميثاق إلى ٱليوم. وقد أسسوۤا أكبر دولة ديمقراطية فيدرالية فى ٱلأرض إلى يومنا هٰذا. ونورد هنا بعض تلك ٱلمجموعة:
"لا يجوز أن يقتل إنسان أو يلطخ شرفه أو سمعته أو يقبض عليه أو يعتقل أو ينفى أو تقطع أوصاله أو يعاقب بصورة أخرى أو يحرم من زوجته أو أطفاله أو تصادر أمواله المنقولة أو ٱلثابتة أو يضار بحجة تطبيق ٱلقانون أو ممارسة ٱلسلطة ما لم يكن بحكم قانون صريح صادر فى ٱلبلد يخول ذٰلك وقد وضعته محكمة عامة وأعلن بٱلقدر ٱلكافى لاطلاع ٱلناس ...".
ٱلمجتمع ٱلمدينى ٱلسياسى هو ما تعاهد عليه ٱلمهاجرون إلى ٱلبر ٱلأمريكى. وكان قد ضربه ٱلمهاجر ٱلرَّسول محمد مثلا مبصرًا لفترة عشر سنوات بدءًا من عام 622 للميلاد. ومن بعد مرور ألف سنة بدأ أولٰئك ٱلمهاجرون يرفعون قواعد ٱلمدينة على ٱلبر ٱلأمريكى.

هذه هى ٱلصحيفة ميثاق دولة ٱلمدينة ٱلمنورة. وقد ظهر لنا من بنودهآ أن دولة ٱلمدينة لم تكن دولة قوم ولا دولة جغرافيا ولا دولة وفق مفهوم ضيق للدين كما يظن ٱلكثيرون. وفى مقدمتهم كهنوت ٱلإسلام لدين مكة. وهى كما رأينا فى بنودها تبين دستورًا لدولة مدينية فيدرالية ديمقراطية. ٱلفرد فيهاۤ إنسان يوجَّه إليه عون ٱلدولة.
لقد وفّرت ٱلصحيفة ٱلأسس ٱلتشريعية لنشر ٱلبلاغ ٱلعربى. كما وفرت للفرد ٱلخِيرة فى ٱتّباع ٱلبلاغ أو ٱلبقآء على ما وصل إليه إدراكه. فلا حرج عليه ولاۤ إكراه فىۤ أىٍّ من ٱلموقفين. وقد حقق حكم ٱلنَّبى فى ٱلمدينة ٱلمنوّرة كلّ أشراط قيام ٱلحكم ٱلمدينى فى هيئته ٱلفيدرالية ٱلديمقراطية إلى قيام ٱلساعة. وكان ٱلمثل ٱلمبصر للمهاجرين من قريش ولأهل يثرب لفترة عشر سنوات. تكفيهم لأن يكتسبوا خبرة ٱلحكم ٱلمدينى من بعد حكم ٱلنَّبى.
كماۤ أن هٰذا ٱلحكم قد جمع ٱلأسباب لتحقيق ٱلنَّصر على ٱلمعتدين ٱلذين حشدتهم سلطة ٱلطاغوت فى مكّة. فٱلقتال من دون إكراه كان ورآء تحقيق ٱلنصر على ٱلمعتدين.
 

لم نجد فى ٱلصحيفة ما يخالف ٱلبلاغ "لآ إكراه فى ٱلدين". كما يفعل ٱليوم كهنة مكة فى مصر من إكراهٍ لبعض ٱلمفكرين على ٱلطلاق من أزواجهم بزعم دين ٱللَّه. بل تبين بنود ٱلصحيفة أن لا علوّ ولا سلطة لأحد بسبب دينه.
وما نجده فىۤ أعمال ٱلسلف وٱلخلف أن ٱلدولة ٱلإسلامية ٱلتى تلقى عند ٱلكهنوت وٱلإسلام ٱلسياسى تقديسًا وٱتباعًا. هى تلك ٱلدولة ٱلتى بدأت قصتها بانقلاب ٱلسقيفة. وتابعت سلطتها ٱلإمبراطورية إلى نهاية ٱلحرب ٱلكونية ٱلأولى. ومن بعدها تجزأت سلطتها ٱلمكية (قومية وإسلامية) إلى دول صغيرة ما زالت قآئمة إلى يومنا هٰذا.
أما دولة ٱلمدينة فقد غلَّفها نسيان كهنوت مكة وٱلإسلام ٱلسياسى. وهم لا يذكرون فى قصصهم وتعليمهم عنها شيئًا ولا عن ميثاقها. ولو أنهم علموۤا أن تمزيقها وتمزيق رسالة ٱللَّه يمرُّ من دون أن يلتفت إليه أحد. لعجَّلوۤا إليه وإلى ٱلتخلص من كلِّ أثر لذٰلك ٱلمثل ٱلمدينى ٱلذىۤ أسقط ولو لوقت قصير سلطة ٱلإكراه ٱلمكى. ورفع فى دولة ٱلمدينة إعلان سورة ٱلكافرين "لكم دينكم ولىَ دينِ" ومعه إعلان سورة ٱلبقرة "لاۤ إكراه فى ٱلدين".

لقد رفع طاغوت مكة ٱلجديد بعد انقلابه فى سقيفة بنى ساعدة مفاهيمه علىۤ أنها دين ٱللَّه. وزعم كاذبًا أنه أكمل رسالة ٱللَّه (ٱلحركات وٱلنقط). وقد أراد بزعمه أن يظهرها ضعيفة. فيسهل عليه ضياعها. ولقد كان زعمه هٰذا مدخلا له ليقول من بعده ما يشآء. وينسب قوله للرسول علىۤ أنه وحى من خارج ٱلرسالة ويتقدم عليها. فأسَّس مؤسسة كهنة لدين مكَّة ولسلطة طاغوتٍ ما زالت قآئمة إلى يومنا هٰذا. وكان أساس قوته فى نشر وتعليم لغوه.
ونجد فيما سطَّره ٱلسَّلف من مسيِّغاتٍ (مبررات) لحروب ٱلدولة ٱلتىۤ أخذت ٱلسلطة فىۤ انقلاب ٱلسقيفة. وفيما شرَّعوه من مفاهيم عن ٱلارتداد. أنَّه يدخل فى مفهوم سلطة ٱلطاغوت ٱلذى لا يقبل إلا بسلطته ودينه. وهو ما كان عليه ٱلأمر فى مكة قبل ٱلفتح. وقد تابع هٰذا ٱلطاغوت فى صناعة مفاهيمه. بزعم أنَّ ٱلرسول قال بها. فبدأ صناعته لحديثٍ يزعم أنه قول للرَّسول. وبه أسس مسيِّغاته لقيام سلطة ملكٍ مكيَّة. راحت فى ٱلبداية ترفع من شأن قريش وتميزها عن غيرها من ٱلأقوام. حتى ٱستقرَّت ٱلسلطة فى بيت من بيوت قريش هو ٱلبيت ٱلأموى. وقد تطورت هٰذه ٱلصناعة حتى شملت كلَّ ٱلمفاهيم ٱلتى تُبقى سلطة ملك ٱلبيت قآئمة. وتسيِّغ أعمال طاغوتها بٱسم ٱلدين. ومن صناعتها تحريف ٱلكثير من ٱلكلمات عن موضعها وجعل ٱلدليل يناقض بعضه ويضل ٱلناس عن ٱلحقِّ.
ومن أمثلة فعل ٱلتحريف ما جرى مع كلمة جهاد. ٱلَّذى نجد أنَّ دليل ٱلكلمة لا يفترق عن دليل ٱلفعل جهد. ٱلَّذى يدلنا على فعل يُبذل فى ٱلعلم وٱلبحث فى ٱلحقّ. وفيه ٱلمشقة وتحمّل ٱلضيق وٱلصعوبة وٱلصَّبر عليه. إلى جانب ٱلتضحية بلذة ٱلعيش من أجل ٱلوصول إلى ٱلمأرب ٱلعلمى ٱلحقّ. ومقابلته مع ٱلظن وٱلباطل لدحضه. ومع ٱلبلاغ لتصديقه.
أما ٱلذين دفعوا ووجهوۤا إلى ٱلقتال بسبب ما زعموا به من ٱرتداد عن ٱلدِّين. فقد حاربوا مَن أسَّسوا دولة ٱلمدينة وميثاقها فى ٱلصحيفة. وأرغموهم على ٱلخضوع لسلطة قريش ودينها ٱلقديم ٱلجديد "لا يجتمع دينان فى جزيرة ٱلعرب". وسمّوا حربهم هٰذه جهادًا بقوة ٱللَّغو وٱلكفر.
ونحن إذ لم نجد فى ٱلبلاغ أىّ تأييد لوجهتهم ولا لتسميتهم للحرب وٱلقتال بٱسم "جهاد". بل رأيناۤ أنهم وقعوا فى مخالفة ٱلبلاغ. وفى ٱلبلاغ ٱلعربى بيان ذٰلك:
"وٱلَّذين ٱتَّخذواْ من دونِهِ أَوليآء ٱللَّه حفيظ عليهِم ومآ أنتَ عليهِم بِوكيلٍ " 6 ٱلشورى.
فٱلّذين ٱتخذوا من دون ٱللّه أوليآء ٱللَّه وحده ٱلحفيظ وٱلوكيل عليهم. وليس للنَّبىّ وٱلرَّسول مثل هٰذا ٱلحقِّ. فكيف سيكون لرجل سياسة أخر مثله ؟
ثمَّ أين هو إعلان سورة ٱلكافرين وإعلان سورة ٱلبقرة فى هٰذه ٱلدولة ؟
إن مواصلة ٱلنظر فى ٱلبلاغ تزيد ٱلمسألة ظهورًا وبيانًا:
"وكذٰلك أوحينآ إليكَ قُرءَانًا عربيًّا لِتُنذِرَ أُمَّ ٱلقُرى وَمَن حَولَها وتُنذِرَ يومَ ٱلجمعِ لا ريبَ فيه فَريق فِى ٱلجنَّة وفَريق فِى ٱلسَّعير" 7 ٱلشورى.
يبيّن هٰذا ٱلبلاغ "عربية ٱلوحى". أى ٱلظهور وٱلكشف وٱليسر وٱلفصاحة وٱلبيان. وفيه إنذار بيوم ٱلجمع وفصل ٱلناس إلى فريقين ومقرين. ولا توجد أىّ علامة إلى حرب ٱلذين ٱرتدوا عن دينهم. أو ٱلذين ٱتخذوا من دونه أوليآء.
لقد خلط لغو ٱلكافرين بين بلاغ ٱلجهاد وبلاغ ٱلقتال. وفاعل ٱلخلط بيّنه ٱلبلاغ:
"وقالَ ٱلَّذينَ كَفَرُواْ لا تَسمَعُواْ لهٰذا ٱلقرءان وٱلغواْ فيه"26 فصلت.
لقد لغوا فيه بوسآئل عديدة. كجمع كلام ٱلبشر. وقول وفعل رجال سياسة أخذوا ٱلسلطة من بعد موت ٱلنَّبى. وما نسبوه من قولٍ له علىۤ أنَّه حديث موحىۤ إليه من خارج ٱلرسالة ويتقدمها. وزعموۤا أن ٱلشِّعر وسيلة لبيان دليل لسان ٱلقرءان وفيه عن ٱلشِّعر:
"وما هو بقول شاعرٍ قليلا ما تؤمنون"41ٱلحاقة.
"وما علَّمناه ٱلشعر وما ينبغى له إن هو إلا ذكر وقرءان مبين"69 يس.
وعن ٱلذين يتبعون ٱلشعرآء:
"وٱلشّعرآء يتبعهم ٱلغاون"224ٱلشعرآء.
لقد جمعوا كل هٰذا ٱلخليط ليلغوا فىۤ أحسن ٱلحديث:
"ٱللَّه نَزَّلَ أحسنَ ٱلحديثِ كتـٰبًا مُّتَشَـٰبِهًا"23 ٱلزمر.
أحسن ٱلحديث هو ٱلقرءان. وقد بلّغه ٱلرَّسول حديثًا. وهو أصدق حديث كما يبيِّن ٱلبلاغ ٱلعربى مستنكرًا:
"وَمَن أَصدَقُ مِن ٱللَّه حَديثًا"87 ٱلنسآء.
أما ٱلذين كفرواْ فيتابعون إصرارهم علىۤ أحاديث أخرى. وقد جآء فى ٱلبلاغ ٱلعربى وصف لِّقلوبهم وإيمانهم:
"وإذا ذُكِرَ ٱللَّه وحدَهُ ٱشمأزَّت قُلُوبُ ٱلّذينَ لا يُؤمنون بٱلأخرة"45ٱلزمر.
"وإذا ذَكَرتَ رَبَّكَ فى ٱلقرءَانِ وحدَهُ ولَّواْ على أدبـٰرِهم نفورًا"46 ٱلإسرآء.
فهم لا يؤمنون باللَّه وحده ويلزمهم وسيط:
"ذٰلِكُم بأَنَّهُ إذا دُعِىَ ٱللَّه وحدهُ كَفَرتُم وإن يُشرَك بِهِ تُؤمِنواْ فٱلحُكمُ للَّهِ ٱلعَلىِّ ٱلكبيرِ" 12 غافر.
وهم يؤمنون بأحاديث ٱلناس ويقدمونها على حديث ٱللَّه:
"فَبِأىِّ حَديثٍ بَعدَ ٱللَّه وءاياتهِ يُؤمنونَ"6ٱلجاثية.

إنَّ ما يدعو إليه ٱليوم كهنوت مكة ومعه ٱلإسلام ٱلسياسى للجهاد. يتبع مسيرة ٱللَّغو للذين كفروا منذ ٱلبداية. وهم عندما يحاورهم ٱلبعض يلجأون إلى موتى. من مثل ٱبن تيمية وغيره. ويزعمون أن قول ٱلميِّت هو ٱلقول ٱلفصل فى ٱلدِّين. فأىُّ ربٍّ يعبدون ؟ وأىُّ حديث يتَّبعون ؟
ونحن نرى فى ٱلأمر ٱلعربى ما يرشدنا إلى ٱلحقِّ:
"ولا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلم إنَّ ٱلسَّمعَ وٱلبَصَرَ وٱلفُؤادَ كُلُّ أَوْلـٰۤئِكَ كانَ عَنهُ مَسئُولاً "36 ٱلإسرآء.
وفيه توجيه لناۤ إلى حسيَّة إدراك ٱلعلم. وجعل ٱلإتباع يرتبط به. كما يوجّهناۤ إلى ٱلكفّ عن ٱتباع ٱلسَّلف. بما فى ذٰلك ٱلأنبيآء منهم. فقد جآء فيه عن إبرٰهيم وإسمٰعيل وإسحٰق وٱلأسباط:
"تِلكَ أُمَّة قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت ولَكُم ما كسبتم ولا تُسئَلونَ عَمَّا كانواْ يفعلون"134 و141ٱلبقرة.
فبين لنا فراغ ٱلحياة ٱلدنيا من هٰذه ٱلأمة. ٱلتى مضت وذهبت منها. ولن تعود إليها مرة أخرى. وبيّن أن "ما كسبت" متعلق بها وحدها. وأن "ما كسبتم" يتعلق بنا. كما بيّن أن مسئولية ٱلعمل تتعلق بٱلَّذى قام به وحده "ولا تسئلون عمّا كانوا يعملون".
لقد وجدنا فى هٰذا ٱلبلاغ إدانة لموقف كهنوت ٱليوم وإسلامه ٱلسياسى. ٱلَّذى يطلب إليناۤ أن نهجر ٱلقرءان ونهود فىۤ أعمالناۤ إلىۤ أعمال ٱلذين خلوا. وقد بين لنا ٱلبلاغ أنَّ ٱلأنبيآء "أمَّة قد خلت" فكيف هو حال ٱبن تيمية وغيره من ٱلموتى؟
لقد بين لنا ٱلبلاغ أنَّ عمل ٱلأنبيآء مسئوليتهم وحدهم "لها ما كسبت". وبين أنَّ أعمالنا نحن واجبة ٱلإتباع للأمر "ولا تقف ما ليس لك به علم" وعلينا مسئولية ذٰلك "ولكم ما كسبتم".
كما بيّن ٱلبلاغ أن ما كسبتم مسئولية فردية:
"كلُّ نفسٍ بِمَا كَسَبَت رهِينة"38ٱلمدثر.
"كلُّ امرئٍ بما كَسَبَ رهين"21ٱلطور.
ولا تكون ٱلمسئُولية جماعيَّة إلاّ فى موقف جماعىّ. من مثل ٱلاجتماع حول ٱمرئٍ يُولَّىۤ أمر ٱلحكم بين ٱلناس. وهٰذا ٱلاجتماع إماۤ أن يكون على ٱمرئٍ يسير حكمه على مفهوم "لكم دينكم ولىَ دينِ" و"لاۤ إكراه فى ٱلدين". أو على مفهوم "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب". وهنا تبرز ٱلحاجة إلىۤ إدراك مفهوم سورتى ٱلبقرة وٱلكافرين. ٱلَّذى تظهر لنا منهماۤ أبرز أشراط حرية ٱلرأى وٱلقول وٱلاختيار.
لقد بيّن ٱلبلاغ لناۤ أن ٱلولىّ هو ٱللَّه. وهو ٱلوكيل وٱلحفيظ. وأن ٱلاجتماع علىۤ أوليآء يحكمون فىۤ أمور معاش ٱلناس وحياتهم. يجب أن يكون على ٱلّذين يؤمنون:
"إنَّما وليُّكم ٱللَّه ورسُولُه وٱلَّذين ءَامنواْ ٱلَّذين يُقيمون ٱلصَّلوٰةَ ويُؤتُون ٱلزَّكَوٰةَ وهُم راكِعُون"55ٱلمائدة.
فٱلولىّ هو ٱللَّه. ورسولُه ولىّ بٱلرسالة. وقد ضرب لنا ٱلمثل فى دولة ٱلمدينة لفترة عشر سنوات. وكان ٱلمثل وما زال ٱلأسوة ٱلحسنة لمن يريد حكما يهتدى ببيان ٱللَّه.
أمَّا "ٱلذين ءامنواْ" فهم ٱلذين يعلمون. ومنهم "ٱلذين يقيمون ٱلصَّلوٰة ويؤتون ٱلزكوٰة وهم راكعون". وهؤلآء هم ٱلذين لا يغفلون ولا يعتدون ويأتون بٱلصالح فى ٱلقول وٱلعمل وهم ٱلذين يفعلون ذٰلك طوعًا وطلبًا. ومن هؤلآء يجرى ٱختيار ٱلولىّ حتى ولو كان أدناهم. وهو ما يبيِّنه ٱلبند ٱلخامس عشر فى ٱلصحيفة: "وَإِنّ ذِمّةَ اللّهِ وَاحِدَةٌ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ مَوَالِي بَعْضٍ دُونَ النّاسِ".
ٱللَّه يُجير ولا يُجار:
"قُل مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شىءٍ وَهُوَ يُجيرُ ولا يُجارُ عليه إن كُنتُم تَعلَمُونَ" 88 ٱلمؤمنون.
فٱلذى يجير من ٱلناس على ٱلناس مؤمنًا وليس جاهلا. وهو إنسان يعلم ولو كان أدناهم مرتبة ونسبًا ومالا. كما كان ٱلأمر مع ٱلملك طالوت. وقد بيّن ٱلبلاغ أن من يتخذ هٰكذآ أوليآء هو ٱلغالب:
"ومَن يَتَوَلَّ ٱللَّه ورسُولَهُ وٱلَّذينَ ءامنواْ فإنَّ حِزبَ ٱللَّه هُمُ ٱلغـٰلبُونَ"56ٱلمائدة.
حزب ٱللَّه هم ٱلَّذين ءامنوا "ٱلذين يقيمون ٱلصَّلوٰة ويؤتون ٱلزكوٰة وهم راكعون". وهم ٱلَّذين يعلمون أنَّ ٱلفصل بين ٱلناس لا يحدث إلا يوم ٱلحساب. وهم يصدقون ٱلبلاغ (17 ٱلحج) ولا يوجهون أفعالهم ولاۤ أقوالهم وجهة تخالفه.
أمّا ٱلذين يجتمعون حول أوليآء يتبعون قول ٱلأبآء. أو يتحزبون لأخٍ أو طاۤئفةٍ أو طبقةٍ أو قومٍ. فهؤلآء هم ٱلجاهلون. وهم ٱلَّذين يكفرون بٱلبلاغ جميعه ولا يلتفتون إليه. ومنهم ٱلَّذين ينسخون ما يلقى ٱلشيطان. وهؤلآء نصيبهم ٱلوهن وٱلضعف:
"مَـثَـلُ ٱلَّذين ٱتَّخذواْ من دونِ ٱللَّه أوليآء كَمَثَلِ ٱلعَنكَبُوتِ ٱتّخذت بيتًا وإنَّ أوهنَ ٱلبُيُوتِ لَبَيتُ ٱلعنكبوتِ لو كانواْ يَعلَمُونَ"41 ٱلعنكبوت.
لم يترك ٱلبلاغ مسألة عن سمة ٱلحاكم إلاّ وبيّنها. فهناك ٱلأبآء وٱلإخوان ٱلّذين لا يعلمون:
"يَـٰۤأيها ٱلَّذين ءامنواْ لا تَتَخِذواْ ءَابآءكم وإخوانَكُم أوليآء إِنِ ٱستحبُّواْ ٱلكُفرَ على ٱلإيمٰن وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فأُوْلـٰۤئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلمون"23 ٱلتوبة .
وهناك ٱلذين يتعصبون لموقف ٱلقوم. أو لموقف حزب. وبيّن أن مثل هٰذا ٱلتعصب هو موقف جاهلى يقسر ٱلناس على ٱتباع طريق واحد:
"أَفَحُكمَ ٱلجاهليَّة يَبغُونَ ومَن أحسَنُ مِنَ ٱللَّه حُكمًا لِقومٍ يُوقِنون(50) يَٰۤأيها ٱلَّذين ءامنواْ لا تَتَّخِذواْ ٱليَهودَ وٱلنَّصٰرى أَوليآء بَعضُهُم أوليآء بعضٍ ومن يَتَولَّهُم مِنكُم فإنَّهُ منهم إنَّ ٱللَّه لا يهدِى ٱلقومَ ٱلظَّٰلمين(51)" ٱلمائدة.

لقد بيَّنا في كتابنا "ٱلكلمة" أن ٱليهود هو ٱسم لأصحاب ٱلموقف ٱلقومى ٱلمتعالى ٱلمتعصب. ٱلَّذى يسـخّر ٱلدِّين تخريصًا لخدمة مفهوم "ٱلشعب ٱلمختار". وٱليهودى هو ٱلَّذى يشدّ حاضره إلى نسبٍ فى ماضٍ ميِّتٍ. يهودُ إليه ويسعى لقيامه من ٱلموت. وهٰذا ٱلاسم لا يدلُّ على من يتَّبع كتاب موسى. بل هو ٱسم لكلِّ سلفىّ أفكاره ميِّتة.
كذٰلك ٱسم ٱلنصارى من أصل ٱلفعل نصر. وهو ٱسم لأصحاب ٱلمواقف ٱلحزبية ٱلَّذين يتناصرون على حقٍّ وباطل. ومَثَلُهم فى جماعة ٱلإسلام ٱلسياسى ٱليوم وٱلحركة ٱلشيوعية بٱلأمس وأمثالهم من ٱلطوآئف.
أما ما يتعلق بٱلذين ينسبون أنفسهم إلى ٱلرسالات ٱلدينية ٱلسابقة على ٱلقرءان. فقد جآء فى ٱلبلاغ أنهم ٱلذين أوتوا ٱلكتٰب:
"يـٰۤأيها ٱلَّذينَ ءَامنواْ لا تَتَّخِذواْ ٱلَّذينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُم هُزُوًا ولَعِبًا مِنَ ٱلَّذينَ أُوتُواْ ٱلكتـٰبَ من قَبلِكُم وٱلكُّفَّارَ أَوليآء وٱتَّقواْ ٱللَّه إن كُنتُم مُؤمِنين"57 ٱلمائدة.
وفيه ٱلأمر ظاهر بيّن "لا تتخذواْ ٱلّذين ٱتَّخذواْ دينكم هُزُوًا ولعبًا ... وٱلكُفَّـار". ويبيّن ٱلبلاغ أن "ٱلّذين أوتواْ ٱلكتٰب من قبلكم" قسمان. ٱلأول "ٱلّذين ٱتخذواْ دينكم هزوًا ولعبًا". تبيِّنهم كلمة "من" ٱلتى تدل على ٱلبعض. وهم فى موقف واحد مع ٱلكفّار. ولا يجوز ٱتخاذهم أوليآء. وٱلثانى هو ٱلبعض ٱلأخر من "ٱلّذين أُوتواْ ٱلكتـٰب من قبلكم". ٱلذين لا يعتدون. ولا يهزون. ولا يلعبون. ويقيمون ٱلتورـٰة وٱلإنجيل. فهم أصحاب شرعة ومنهاج. ويفعلون ٱلخيرات. وهؤلآء لا يشملهم ٱلنهى فى ٱلبلاغ. ويجوز ٱتخاذ من تتوفر فيه سمات ٱلحاكم ٱلمدينى وٱلحَكَم ٱلرَّسول وليًّا.
لقد ٱستثنى ٱلبلاغ من "ٱلذين أوتواْ ٱلكتـٰب من قبلكم" ٱلَّذى يهزو ويلعب. بسبب ما فى نفسه من دليل ٱلسخرية وٱلإهمال وٱلعبث وٱلحمق وٱلبعد عن ٱلجدّ. ومن كانت هٰذه سماته يسوق ٱلمجتمع إلى هلاك محتوم. وهٰذه ٱلسمات ليست حصرًا "بٱلذين أوتواْ ٱلكتـٰب من قبلكم". فهى سمات ٱلَّذى يهزو ويلعب من دون ٱستثنآءٍ لأحد. بما فى ذٰلك ٱلذين جعلوا من أنفسهم أصحاب دين ٱللَّه من كهنوت وإسلام سياسى. يبيحون سفك دم من يخالف مفاهيم طاغوتهم ويرفع إعلان سورتى ٱلكافرين وٱلبقرة.
لقد بين ٱلبلاغ ٱلعربى أنَّ شرعة ومنهاج "ٱلذين أوتواْ ٱلكتـٰب" هى شرعة من عند ٱللَّه:
"لِكُلٍّ جَعَلنَا مِنكُم شِرعَةً ومِنهاجًا ولو شَآء ٱللَّه لَجعَلَكُم أُمَّةً وٰحِدةً ولكن لِيبلُوَكُم فى مآ ءَاتـٰكُم فاستَبِقُواْ ٱلخيراتِ إلى ٱللَّه مرجِعُكُم جَمِيعاً فَيُنبِئُكُم بِمَا كُنتُم فِيهِ تَختَلِفُون"48 ٱلمائدة.
فٱلَّذى يتبع شرعة ومنهاجًا من عند ٱللَّه لا يسخر ولا يهزو من شرعة ومنهاج ٱلأخرين. بل يسابق فى فعل ٱلخيرات. ويجدُّ ليكون حَاكمًا مدينيًّا يقيِّد نفسه بميثاق ٱلمدينة (دستورها). وأن ٱتخاذ ٱلولى هو من كلّ ٱلذين يؤمنون ويتبعون ميثاق ٱلمدينة. من دون ٱلنظر أو ٱلسؤال عن دينه. وهو ما تظهره بنود ٱلصحيفة.
لقد جآء ٱلأمر إلى ٱلرَّسول لإتباع شريعة من ٱلأمر. وٱلبلاغ ٱلتالى يبيّن ذٰلك:
"ثُمَّ جَعلنَـٰك على شَرِيعَةٍ مِنَ ٱلأمرِ فَٱتَّبعها ولا تَتَّبِع أهوآء ٱلَّذينَ لا يعلمونَ"18 ٱلجاثية.
فٱلَّذى يظهره هٰذا ٱلبلاغ أن هٰذه ٱلشريعة لا تقوم على ٱتباع أهوآء ٱلجاهلين. وأنّها لا تقوم إلاّ على ٱلعلم ٱلمهدى بٱلبلاغ ٱلعربى. وقد ٱلتزم ٱلنَّبى هٰذا ٱلأمر وأقام دولة ٱلمدينة. لتكون مثلاً مبصرًا منيرًا للناس وحدثًا أصيلاً فى حياتهم. وعن هٰذا ٱلحدث ورد فى ٱلبلاغ:
"هٰذا بصـٰۤئِرُ للنَّاسِ وهُدًى ورحمةً لِّقومٍ يُوقِنُونَ"20ٱلجاثية.
أما ٱلذين ٱتخذوا من ٱلتعصب للأبآء. أو ٱلأخ. أو ٱلقوم. أو لفريق من ٱلمجتمع (ٱلطآئفة أو ٱلطبقة أو ٱلحزب). أو ٱلَّذى يهزو ويلعب. وٱلكفار. فهؤلآء يتخذون من مواقف ٱلأخرين مواقف سخرية وعبث وإهمال وعدوان. ويسيرون بٱلناس فى طريق سلطة ٱلطاغوت ٱلتى تمثل "حكم ٱلجاهلية". ومثل هؤلآء لا يحلُّ ٱتخاذ أوليآء منهم إلاّ ٱستثنآء كما يبيّن ٱلبلاغ:
"لا يَتَّخِذِ ٱلمُؤمنونَ ٱلكَـٰفِرينَ أَوليآء مِن دِونِ ٱلمُؤمنينَ ومَن يَفعَل ذَٰلِكَ فليسَ مِنَ ٱللَّه فى شَىءٍ إلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنهُم تُقٰٰٰةً ويُحَذِّرُكُمُ ٱللَّه نَفسَهُ وإلى ٱللَّه ٱلمَصيرُ"28ءال عمران.
ٱلاستثنآء "أن تتقواْ منهم تقـٰةً". وهٰذا يرتبط بميزان ٱلمواقف. أمَّا ٱدعآء ٱلتقوى من دون ميل موازين ٱلقوى لصالح ٱلكافرين فيعلمه ٱللَّه ولن ينفع معه ٱلإدعآء.
 

إلى هنا نستطيع ٱلقول أنَّ سلطة حكم ٱلنبى فى ٱلمدينة ٱلمنوَّرة. كما تظهر فى ٱلصحيفة. لم تكن سلطة إكراه فى ٱلدين ولا سلطة قومٍ. بل كانت سلطة سياسةٍ مدينيَّة. تغلب عليها سمة ٱلحَكَم ٱلمنحاز لوجهة ميثاق مدينى (دستور دولة مدينية) يوافق ٱلبلاغ فى جميع رسالات ٱللَّه. وٱلحيادى لوجهة ٱلوحدات ٱلمتعاهدة عليه. ولوجهة دين كلٍّ مِّنها.
ولو أنَّ حكم ٱلنَّبى فى ٱلمدينة كان يمثل سلطة إكراه فى ٱلدين (كما يظهر عند ٱلقصاصين أو ٱلباحثين أو كما يدعوۤا إليه ٱلإسلام ٱلسياسى). لحقَّ لنا نسبته إلى سلطة ٱلطاغوت ٱلتى تخالف ٱلبلاغ.
أما ما وجدناه فى مضموم ٱلصحيفة فينفى عن حكم ٱلنَّبى هٰذه ٱلسمة ٱلأحادية ٱلتوجُّه. ويظهر لنا حكمًا مفتوحًا على ٱلجميع من دون ٱستثنآء.
أمَّا ٱلسياسة ٱلخارجية ٱلتى طرقها حكم ٱلنَّبى فى ٱلمدينة فتوجهت إلى ٱلدفاع وردّ ٱلعدوان ٱلَّذى صنعته قريش وطاغوتها فى مكَّة. كما توجهت إلى دعوة مفتوحة للصلح وٱلسلم وإلغآء ٱلعدوان من حياة ٱلناس. ودعوة للاعتصام بحبل ٱللَّه. وبه تتوفر أسباب ٱلعيش ٱلمشترك للجميع وٱلقدرة على ٱلعون وٱلبرّ ونصرة ٱلمظلوم وٱلمثقل بٱلدين وٱلعيال.
لقد وجّه ٱلنَّبى ٱلحكم بميثاق مدينى مهدىّ بٱلبلاغ ٱلعربى. وضرب ٱلمثل فىۤ إتباع ٱلبلاغ. فلم يتدخل فىۤ أمور حلفآئه ٱلخاصة وأعرافهم ٱلتى يتعاقلون بها. وكان حكمه يمثل تراصًّا طوعيًّا على ٱلعون وٱلأمن ٱلاجتماعيين. وعلى أمن ٱلديار. من دون إكراه ولا عدوان ولا فساد. فهو رئيس دولة يتولى ضرب ٱلمثل وٱلأسوة ٱلحسنة. ورسول يدعو لإتباع رسالة ٱللَّه. فلا يحقُّ له أن يخالف ٱلبلاغ ويبقى رسولاً.
 

إنَّ ٱلبحوث ٱلتى تناولت حكم ٱلنبى فى ٱلمدينة. وكذٰلك ٱلسلطة ٱلتى جآءت من بعده. جميعهاۤ أغفلت ٱلمَثَلَ ٱلرَّسولى وأغفلت ميثاقه فىۤ أعمالها. كماۤ أنها خلطت بين قصص ٱلناس وٱلرسالة من وجهةٍ. ولم ترى فى بحوثها مفهوم ٱلمدينة وٱلحكم المفتوح من ٱلوجهة ٱلأخرى. وسبب ذٰلك ٱلخلط هو ٱلتعصب لدين مكَّة إلى يومنا هٰذا. وإتباع أعمال ٱلذين خَلوا. وترك ٱلبلاغ بتأثير ٱلرَّيب فيه. ٱلَّذى صنعه ٱلسلف بزعمه تعدُّد نسخه وتخالفها عن بعضها. إلى جانب زعمٍ بإكمال نقصٍ فى كتاب ٱللَّه (ٱلحركات وٱلنقط). وقد جآءت أعمالهم. على ٱختلاف مناهجهم. وربطت ٱلبلاغ بقصص ٱلناس بعد وفاة ٱلرَّسول من دون نظر فيه.
ونجد فى تلك ٱلبحوث. وأخصُّها ٱلشارحة للبلاغ. تقديم قول ٱلناس علىۤ أنه بديل للبلاغ لا يقبل ٱلحوار. فٱبن عباس بحر لا يُخالَف له قول. وعلمُهُ. كما يظهر عند ٱلشارحين. يساوى علم ٱللَّه. ونحن لا نريد ظلمًا لابن عباس. فقد يكون لا علم له بما يُنسب إليه.
كما يظهر فىۤ أعمال ٱلشارحين تشريع يخالف ٱلبلاغ. ويوافق ميول سلطة ٱلطاغوت وميول ٱلملإ ٱلَّذى يتَّبعها. وقد خالف ٱلشارحون ومعهم ٱلكثير من ٱلناس ٱلأمر ٱلإلهى:
"ٱقرأْ بِٱسمـِ رَبِِّكَ ٱلَّذى خَلَقَ"1 ٱلعلق .
فحرَّضوا ٱلناس على ٱلامتناع عن ٱلفعل قرأ ٱلَّذى يُخرج ناموس ٱلحقّ من ٱلشىء ٱلمنظور فيه. وصار ٱلناس من قوم ٱلرَّسول لا يقرأون. وهٰذا جعلهم يُلبسون ٱلشارحين ورجال ٱلكهنوت لقب ٱلعلمآء ظنًّا وتخريصًا. وقد بين لنا ٱلبلاغ (36 ٱلإسرآء) سبيل ٱلإتباع. فٱلواجب ٱلعلمىّ يحتِّم على ٱلباحث ٱلتفريق بين بلاغ ٱللََّه وبين قصص ٱلناس وتوجهاتهم. فبلاغ ٱللَّه هو ٱلميزان ٱلَّذى يوزن به عمل وقول ٱلناس "يوافق أوامر ٱللَّه أو يخالفها". وقد جآء فى ٱلبلاغ:
"لا تَعبُدُونَ إلاَّ ٱللَّه"83 ٱلبقرة.
عبد ٱللَّه عمل عملاً موافقًا لأمر ٱللَّه. وعبد من دون ٱللَّه عمل عملاً من دون ٱلنظر وٱلأخذ بأمر ٱللَّه.

لقد بيّن ٱلبلاغ إرادة ٱللَّه من ٱلرسالة بدءًا من نفخ ٱلرُّوح وٱنتهآء بٱلقرءان:
"إِنِّى جَاعِل فِى ٱلأَرضِ خَليفَةً"30 ٱلبقرة.
وهٰذه ٱلخلافة بدأت فى ٱلتعليم:
"وعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأسمآء كُلَّها" 31 ٱلبقرة.
ٱلأسمآء كلَّها تدلُّ أنَّ ٱسم كلَّ شىء معلَّم فى نفس ءادم. وهو أمر نشبهه بتنزيلنا ٱلويندوزwindows فىۤ أوعية كومبيوتر. فٱلأسمآء كلّها معلَّمة فى نفس ءادم وهى نوافذها. ومن نفسه تخرج بفعل ٱلنظر ٱلذى تجريه ٱلنفس فى ٱلأشيآء. فإذا ٱمتنعت ٱلنفس عن ٱلنظر وٱكتفت بما قاله ٱلسَّلف. تبقى نوافذ ٱلويندوز فيها مغلقة ويبقى منهاج سلوك ٱلبهيم يسوقها. فتأتىۤ أفعالها فاجرة بقوة مفاهيم ٱلسلف ٱلمصيطرة عليها. فتوقع فى ٱلظلم وتسفَّه.
لقد بين لنا ٱلبلاغ أنَّ تنزيل منهاج ٱلبهيم فى ٱلنفس يسبق تنزيل منهاج ٱلتقوى:
"ونَفـسٍ وما سوَّـٰها/7/فَألهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقوـٰهَا/8/" ٱلشمس.
لأنَّ أصل ٱلنفس فى منهاج ٱلوحش أولا (ٱلغريزة). وأنَّ منهاج ٱلتقوى لا يعمل إلا بمتابعة أعمال ٱلنظر وٱلبحث وٱلقرء. وبها تزكَّى ٱلنفس. وكلُّ نفس لا تعمل فى ٱلنظر وٱلبحث فى ٱلأشيآء. ولا تقرأ ما فيها من علمٍ فى خلقها. وتقفُ ما ليس لها به علم. تبقى نوافذ ويندوزها مغلقة على ٱلأسمآء ٱلمعلَّمة فيها. ويبقى ٱلمنهاج ٱلأول يسوقها. وهٰذا ٱلمنهاج يتحول إلى منهاج فجور بتحول ٱلبشر ٱلوحش إلىۤ إنسان بعد نفخ ٱلرُّوح فى قلبه.
أمَّا ٱلإنسان ٱلذى يتابع ٱلنظر وٱلبحث وٱلقرء وٱلزيادة فى ٱلعلم. فيقوى منهاج ٱلتقوى فى نفسه ويحدُّ من أفعال منهاج ٱلفجور. وهو ما يبينه ٱلبلاغ ٱلعربى:
"يـٰبنِى ءَادم قد أنزلنا عليكم لباسًا يوٰرِى سوءٰتكم"26 ٱلأعراف.
ٱلذىۤ أنزله علينا هو ٱلقرءان. وهو أخر طور من أطوار ٱلويندوزwindows ومنهاجه بلسانٍ عربىٍّ مُّبينٍ. فيه بيان وتبيان لكلِّ شىء. وفيه منهاج وقاية من كلِّ فعلٍ شيطانىٍّ. ومَثَلُه فى مناهج ٱلوقاية من أعمال ٱلفساد فى شبكة ٱلإنترنيت.
تنزيل ٱلقرءان فى ٱلقلب هو تنزيل لأخر نسخة مطورة من ٱلويندوز ٱلموحى للناس من ٱللَّه. وفيه أخر تطوير لمناهج ٱلوقاية. وهٰذا يجعله لباسًا يوقى من كل فعل يفسد. سوآء ءكان سيئة أرادها الفاعل. أم سوءة من دون إرادته. فٱلقرءان منهاج يجعل ٱلقلب يوارىۤ أفعال ٱلسَّوءة (فعل ٱلسيئة من دون إرادة) فكيف بٱلسيِّئة ؟

إن حكم ٱلنَّبى هو حكم ٱهتدى بٱلبلاغ. فأقام حكمًا مدينيًّا رسوليًّا مثلا مبصرًا للناس لفترة عشر سنوات. وظهر من بنود ٱلصحيفة (دستور دولة ٱلمدينة). أنَّ علاقة ٱلحاكم بٱلناس وبمواقفهم ٱلتى عددها ٱلبلاغ (17الحج) تقوم على ٱلصفح وٱلعفو وٱلاستغفار وٱلشورى. وهو ما يبينه ٱلأمر ٱلتالى:
"فَٱعفُ عَنهُم وٱستَغفِر لَهُم وشَاورهُم فِى ٱلأمرِ"159 ءال عمران.
فٱلَّذى يتخذ موقفًا يختلف مع ٱلحَكَم ٱلرَّسول. لا يعاقبه ٱلحَكَمُ. بل يستغفر له. ويشاوره فى ٱلأمر ٱلَّذى ٱختلف معه فيه. فٱلحَكم ٱلرَّسول لا يهزو ولا يلعب بمواقف ٱلناس. ولا ينفرد فى ٱلأمر ٱلَّذى يتعلق بحياتهم.
وما نرـٰه أنَّ ٱلحَكَمَ ٱلرَّسول ليس قَصرًا على فعل وعمل وقول ٱلرَّسول وٱلنَّبىّ محمدٍ. ٱلَّذى قام بضرب ٱلمثل فيه. فٱلبلاغ يبيِّن أنَّ ٱلنّبوّة خُتمت. أما ٱلدَّعوة إلى ٱلرِّسالة فأمرها مفتوح أمام ٱلناس ما داموا فى ٱلوجود. وفى ٱلبلاغ ٱلتالى بيان ذٰلك:
"ما كانَ مُحمَّد أَبآ أَحَدٍ مِن رِجَالِكُم ولٰـكن رَسُولَ اللَّه وخَٰتَمَ ٱلنَّبيِّنَ"40 ٱلأحزاب.
فٱلخَاتم للنبوَّةِ. أمَّا ٱلرَّسول فلا خاتم له. لأنه رسول ٱللَّه للناس جميعًا:
"قل يـٰۤأيها ٱلناس إنِّى رسولُ ٱللَّهِ إليكم جميعًا"158 ٱلأعراف.
فهو رسول ٱللَّه فى وقت بعثته وإلى قيام ٱلسَّاعة. وهو ما يدل عليه ٱلندآء "يـٰۤأيها ٱلناس ..إليكم جميعًا". وٱلناس جميعًا هم ٱلذين عاشوا فى وقت بعثته وٱلذين يولدون ويعيشون من بعدها فى جميع ٱلأرض. فٱلندآء يشملنا ويشمل من يعيش بعدناۤ إلىۤ أخر ٱلناس. وأنّ كلّ من ينزِّل ٱلرسالة فى قلبه. ويدعو إلى سبيل ربه وفق ٱلبلاغ:
"ٱدعُ إلى سَبيلِ ربِّكَّ بٱلحكمَةِ وٱلموعظَةِ ٱلحَسَنَةِ وجـٰدلهُم بٱلَّتِى هِى أَحسَنُ إِنَّ ربَّكَ هُو أعلَمُ بمن ضَلَّ عن سبيلِهِ وهوَ أعلمُ بٱلمهتدين/125/ وإن عاقبتُم فعاقِبُواْ بمثلِ ما عوقِبتُم به ولَئِن صبرتُم لَهُوَ خير لِّلصَّـٰبرين/126/ وٱصبر وما صبرُكَ إلاَّ بٱللَّه ولا تَحزَن عليهم ولا تَكُ فِى ضَيقٍ مِّمَّا يمكُرُونَ /127/ إنَّ ٱللَّه مع ٱلّذين ٱتّقواْ وٱلَّذين هم مُحسِنُون /128/"ٱلنحل.
يجعل من نفسه رسولا للَّه من دون نبوَّة. لأنَّ ٱلنبوَّة خُتمت. وتُرك أمرها للذين يسيرون فى ٱلأرض ينظرون كيف بدأ ٱلخلق.
هٰذا ٱلأمر يبين للناس أنَّ من يحكم وفق ٱلرسالة فلا يخالفها. هو حَكَم رَّسول فى كلِّ وقتٍ. وهو يدعوۤ إلى سبيل ٱللَّه بٱلحكمة وٱلموعظة ٱلحسنة. ويفتح كلَّ ٱلطُّرقِ وٱلأبواب أمام ٱلأرآء وٱلمواقف على ٱختلاف توجهاتها. ويصبر على جدالها فلا يحزن. ولا يضيق صدره. ولا يسارع إلى عقابٍ. ويبقى فعله موسومًا بوصف ٱلمحسن. كمآ أنَّه لا يعتدِى على طريقة أىِّ فئةٍ فىۤ أدآء مناسكها كما ترـٰها هٰذه ٱلفئة أو تلك. عملاً بٱلبلاغ ٱلتالى:
"لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا منسكًا هُم ناسِكُوهُ فلا يُنـٰزعُنَّكَ فِى ٱلأمرِ وٱدعُ إلىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدًى مُّستقيمٍ"67 ٱلحج.
وهو لا يجادل أىَّ فئةٍ فىۤ أدآئها مناسكها. ولها ما ترـٰه وعليها مسئولية ذٰلك. فٱللَّه ٱلَّذى يعلم صواب أدآئها من خطإه:
"وإن جـٰدلُوكَ فقُلِ ٱللَّه أَعلمُ بِما تَعملُونَ"68 ٱلحج.
وعن ٱلحكم بين ٱلفئات وٱلطوآئف وٱختلاف أدآء كلٍّ منها عن ٱلأخرى. نجد ٱلحَكَم ٱلرَّسول يتركه للَّه يوم ٱلقيامة:
"ٱللَّه يَحكُمُ بينكُم يَومَ ٱلقِيَـٰمةِ فيما كنتم فيه تَختَلِفُون"69 ٱلحج.
فٱلحَكَم ٱلرَّسول يدعوۤ إلى سبيل ٱللَّه. ويلتزم ٱلقول وٱلفعل ٱلموافقين لما يدعوۤ إليه. ولا يتبع أهوآء أىّ فئةٍ أو طآئفة:
"فَلِذٰلِك فٱدعُ وٱستَقِم كمآ أُمرتَ ولا تتبع أهوآءهُم وقُل ءَامنتُ بماۤ أَنزَلَ ٱللَّه من كتـٰبٍ وأُُمِرتُ لأَعدِلَ بينكُم ٱللَّه ربُّنا وَرَبُّكُم لناۤ أعمـٰلُنا ولكم أعمـٰلُكُم لا حُجَّةَ بيننا وبَينَكُم ٱللَّه يجمعُ بيننا وإليهِ ٱلمَصِيرُ"15ٱلشورى.

لقد ورد فى جميع ٱلقصص ٱلقديمة عوامل مشتركة فيما بينها. وهٰذه ٱلعوامل تظهر نزاعًا على ٱلسلطة بعد وفاة ٱلرَّسول برز فى سقيفة بنى ساعدة بين ٱلفرقآء ٱلمشاركين فى تأسيس دولة ٱلمدينة. وتبيِّن هٰذه ٱلقصص أنَّ ٱلفرقآء ٱنقسموۤا إلى فريقين كبيرين. ٱلمهاجرون ومعهم ملأ قريشٍ. وٱلأنصار وهم أهل ٱلمدينة. وأنّ ٱلمهاجرين طالبوا بٱلإمارة لأنفسهم فىۤ إعلانهم "منا الأمراء ومنكم الوزراء". وكان أهل ٱلمدينة فى ٱلمقابل يطلبون تقاسم ٱلسلطة مع ٱلمهاجرين "منا أمير ومنكم أمير".
وما يبينه طلب ٱلمهاجرين هو ٱرتدادهم عن ٱلصحيفة. وذٰلك بمطالبتهم وسعيهم لحصر رئاسة ٱلسلطة فيهم وفى قومهم قريش. ولا يوجد فى ٱلصحيفة. ولا فى ٱلبلاغ ٱلعربى. ما يؤيد طلبهم. كما يبين طلبهم تعالٍ علىۤ أهل ٱلمدينة. وهزو بهم أصله فى نفوسهم ٱلتى نشأت فى ظل طاغوت مكة.
كما يبين أنهم بعد أن ٱتَّبعوۤا إعلان سورة ٱلكافرين من قبل ٱلهجرة. ٱرتدوا عنه طمعًا فى ٱلسلطة من دون شورى. وقد حرضهم على ذٰلك ملأ مكة ٱلذى يسعى لاستعادة سلطته ودينه.
أمَّاۤ أصحاب ٱلقصص فيكشفون عن موقفين. مؤيد لقريشٍ ومؤيد للأنصار "أهل يثرب" وكلّ يسوق ٱلقصة إلى جانب فريق.
أمَّا ٱلبلاغ ٱلعربى فلم يترك مسألة تتعلق بٱلحكم. سوآء ءَكان حكمُ رسولٍ أمۡ سلطةُ طاغوتٍ. إلاّ وفصّل ٱلقول فيها.

وإذا عدنا إلى قصَّة ٱلحدث بعد وفاة ٱلرَّسول. نجد أنَّ ٱلنزاع بين ٱلمهاجرين وٱلأنصار لم يُردّ إلى ٱللَّه ورسوله. وٱلسبب أنَّ أتباعَ ٱلرَّسول لم يكونوا جميعهم أتباع بلاغٍ منذ ٱلبداية فى مكَّة قبل ٱلهجرة. وكذٰلك فى ٱلمدينة بعد ٱلهجرة إليها. ولم يكن موقف جميع أهل يثرب يستند على ٱلإيمان بٱلبلاغ ٱلَّذى ينشره ٱلرَّسول بحديثه.
أمَّا ٱلَّذى غيَّر مجرى ٱلحدث فكان ميزان ٱلقوى ٱلَّذى بدَّله فريق طاغوت مكة من بعد فتح مكَّة. وقد ٱستطاع هٰذا ٱلفريق أن يقلبه لصالحه من بعد وفاة ٱلرَّسول. فقام بتحريض ٱلمهاجرين علىۤ أخذ ٱلسلطة بيدهم وهو من ورآئهم. ثم بعد حين عادت مقاليد ٱلسلطة جميعهاۤ إليه. فأسس دولته ٱلأموية ٱلتى يعلو فيها شأن طاغوت بيت من بيوت قريش. فٱلمهاجرون من مكة. وكذٰلك ٱلأنصار (أهل يثرب) لم يكونوۤا أتباع بلاغٍ. وأنَّ ما رفعوه من شعارات تخالف ٱلبلاغ يبيّن ذٰلك. كمآ أنَّ مواقفهم. ٱلتى تظهرها ٱلشعارات. تبين أنهم خالفوا ٱلصحيفة. وسبب ذٰلك أنها لم تترسخ فى قلوبهم.






































ملاحق
سيرة ابن هشام > الجزء الأول
[ عَهْدُ الرّسُولِ عَلَى مُبَايِعِي الْعَقَبَةِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ( أَبِي ) مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْيَزَنِيّ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الصّنَابِحِيّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ، قَالَ "ُكنْت فِيمَنْ حَضَرَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى، وَكُنّا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَبَايَعْنَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بَيْعَةِ النّسَاءِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ الْحَرْبُ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاَللّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانِ نَفْتَرِيهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ. فَإِنْ وَفّيْتُمْ فَلَكُمْ الْجَنّةُ. وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ إنْ شَاءَ عَذّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ " قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الزّهْرِيّ، عَنْ عَائِذِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْخَوْلَانِيّ أَبِي إدْرِيسَ أَنّ عُبَادَةَ بْنَ الصّامِتِ حَدّثَهُ أَنّهُ قَالَ "َايَعْنَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاَللّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانِ نَفْتَرِيهِ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ فَإِنْ وَفَيْتُمْ فَلَكُمْ الْجَنّةُ، وَإِنْ غَشِيتُمْ مِنْ ذَلِكَ ( شَيْئًا ) فَأُخِذْتُمْ بِحَدّهِ فِي الدّنْيَا، فَهُوَ كَفّارَةٌ 38لَهُ وَإِنْ سُتِرْتُمْ عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَأَمْرُكُمْ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ إنْ شَاءَ عَذّبَ وَإِنْ شَاءَ غَفَر "
[ كِتَابُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَمُوَادَعَةُ يَهُودَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَادَعَ فِيهِ يَهُودَ وَعَاهَدَهُمْ وَأَقَرّهُمْ عَلَى دِينِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَشَرَطَ لَهُمْ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ. "بسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمّدٍ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَثْرِبَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَحِقَ بِهِمْ وَجَاهَدَ مَعَهُمْ إنّهُمْ أُمّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ دُونِ النّاسِ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ وَهُمْ يَفْدُونَ عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو عَوْف ٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، كُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو سَاعِدَةَ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو الْحَارِثِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو جُشَمٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلِهِمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو النّجّارِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو النّبِيتِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَنُو الْأَوْسِ عَلَى رِبْعَتِهِمْ يَتَعَاقَلُونَ مَعَاقِلَهُمْ الْأُولَى، وَكُلّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تَفْدِي عَانِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَالْقِسْطِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَتْرُكُونَ مُفْرَحًا بَيْنَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي فِدَاءٍ أَوْ عَقْلٍ "قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الْمُفْرَحُ الْمُثْقَلُ بِالدّيْنِ وَالْكَثِيرُ الْعِيَالِ.وَأَنْ لَا يُحَالِفَ مُؤْمِنٌ مَوْلَى مُؤْمِنٍ دُونَهُ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى مَنْ بَغَى مِنْهُمْ أَوْ ابْتَغَى دَسِيعَةَ ظُلْمٍ أَوْ إثْمٍ أَوْ عُدْوَانٍ، أَوْ فَسَادٍ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنّ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْهِ جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَ وَلَدَ أَحَدِهِمْ وَلَا يَقْتُلُ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنًا فِي كَافِرٍ وَلَا يَنْصُرُ كَافِرًا عَلَى مُؤْمِنٍ وَإِنّ ذِمّةَ اللّهِ وَاحِدَةٌ يُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدْنَاهُمْ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ <503> مَوَالِي بَعْضٍ دُونَ النّاسِ وَإِنّهُ مَنْ تَبِعَنَا مِنْ يَهُودَ فَإِنّ لَهُ النّصْرَ وَالْأُسْوَةَ غَيْرَ مَظْلُومِينَ وَلَا مُتَنَاصَرِينَ عَلَيْهِمْ وَإِنّ سِلْمَ الْمُؤْمِنِينَ وَاحِدَةٌ لَا يُسَالَمُ مُؤْمِنٌ دُونَ مُؤْمِنٍ فِي قِتَالٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ إلّا عَلَى سَوَاءٍ وَعَدْلٍ بَيْنَهُمْ وَإِنّ كُلّ غَازِيَةٍ غَزَتْ مَعَنَا يُعْقِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ يُبِئْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِمَا نَالَ دِمَاءَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتّقِينَ عَلَى أَحْسَنِ هُدًى وَأَقْوَمِهِ وَإِنّهُ لَا يُجِيرُ مُشْرِكٌ مَالًا لِقُرَيْشٍ وَلَا نَفْسَهَا، وَلَا يَحُولُ دُونَهُ عَلَى مُؤْمِنٍ وَإِنّهُ مَنْ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلًا عَنْ بَيّنَةٍ فَإِنّهُ قَوَدٌ بِهِ إلّا أَنْ يَرْضَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ وَإِنّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ كَافّةٌ وَلَا يَحِلّ لَهُمْ إلّا قِيَامٌ عَلَيْهِ وَإِنّهُ لَا يَحِلّ لِمُؤْمِنٍ أَقَرّ بِمَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَآمَنَ بِاَللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْصُرَ مُحْدِثًا وَلَا يُؤْوِيهِ وَأَنّهُ مَنْ نَصَرَهُ أَوْ آوَاهُ فَإِنّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللّهِ وَغَضَبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ وَإِنّكُمْ مَهْمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ وَإِنّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَنْفُسُهُمْ إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي النّجّار ِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْف ٍ وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْحَارِثِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ; وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي سَاعِدَةَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ; وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي جُشَمٍ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ; وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي الْأَوْسِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْف ٍ وَإِنّ لِيَهُودِ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ، إلّا مَنْ ظَلَمَ وَأَثِمَ فَإِنّهُ لَا يُوتِغُ إلّا نَفْسَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَإِنّ جَفْنَةَ بَطْنٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ وَإِنّ لِبَنِي الشّطِيبَةِ مِثْلَ مَا لِيَهُودِ بَنِي عَوْفٍ، وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ وَإِنّ مَوَالِيَ ثَعْلَبَةَ كَأَنْفُسِهِمْ وَإِنّ بِطَانَةَ يَهُودَ كَأَنْفُسِهِمْ وَإِنّهُ لَا يَخْرَجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلّا بِإِذْنِ مُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّهُ لَا يُنْحَجَزُ عَلَى ثَأْرٍ جُرْحٌ وَإِنّهُ مَنْ فَتَكَ فَبِنَفْسِهِ فَتَكَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ إلّا مِنْ ظَلَمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَبَرّ هَذَا; وَإِنّ عَلَى الْيَهُودِ نَفَقَتَهُمْ <504> وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ نَفَقَتَهُمْ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ حَارَبَ أَهْلَ هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْحَ وَالنّصِيحَةَ وَالْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ وَإِنّهُ لَمْ يَأْثَمْ امْرُؤٌ بِحَلِيفِهِ وَإِنّ النّصْرَ لِلْمَظْلُومِ وَإِنّ الْيَهُودَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ مَا دَامُوا مُحَارَبِينَ وَإِنّ يَثْرِبَ حَرَامٌ جَوْفُهَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَإِنّ الْجَارَ كَالنّفْسِ غَيْرَ مُضَارّ وَلَا آثِمٌ وَإِنّهُ لَا تُجَارُ حُرْمَةٌ إلّا بِإِذْنِ أَهْلِهَا، وَإِنّهُ مَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ مِنْ حَدَثٍ أَوْ اشْتِجَارٍ يُخَافُ فَسَادُهُ فَإِنّ مَرَدّهُ إلَى اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَإِلَى مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَتْقَى مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ وَإِنّهُ لَا تُجَارُ قُرَيْشٌ وَلَا مَنْ نَصَرَهَا. وَإِنّ بَيْنَهُمْ النّصْرَ عَلَى مَنْ دَهَمَ يَثْرِبَ، وَإِذَا دُعُوا إلَى صُلْحٍ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ فَإِنّهُمْ يُصَالِحُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ وَإِنّهُمْ إذَا دُعُوا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنّهُ لَهُمْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إلّا مَنْ حَارَبَ فِي الدّينِ عَلَى كُلّ أُنَاسٍ حِصّتُهُمْ مِنْ جَانِبِهِمْ الّذِي قِبَلَهُمْ وَإِنّ يَهُودَ الْأَوْسِ، مَوَالِيَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا لِأَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ. مَعَ الْبِرّ الْمَحْضِ؟ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ مَعَ الْبِرّ الْمُحْسِنُ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصّحِيفَةِ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَإِنّ الْبِرّ دُونَ الْإِثْمِ لَا يَكْسِبُ كَاسِبٌ إلّا عَلَى نَفْسِهِ وَإِنّ اللّهَ عَلَى أَصْدَقِ مَا فِي هَذِهِ الصّحِيفَةِ وَأَبَرّهِ وَإِنّهُ لَا يَحُولُ هَذَا الْكِتَابُ دُونَ ظَالِمٍ وَآثِمٍ وَإِنّهُ مَنْ خَرَجَ آمِنٌ وَمَنْ قَعَدَ آمِنٌ بِالْمَدِينَةِ، إلّا مَنْ ظَلَمَ أَوْ أَثِمَ وَإِنّ اللّهَ جَارٌ لِمَنْ بَرّ وَاتّقَى، وَمُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.




العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49
الديباجة
إن الدول الأطراف في هذا العهد، إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وإذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وإذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإذ تضع في اعتبارها ما على الدول، بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة، من الالتزام بتعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته، وإذ تدرك أن على الفرد، الذي تترتب عليه واجبات إزاء الأفراد الآخرين وإزاء الجماعة التي ينتمي إليها، مسئولية السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد، قد اتفقت على المواد التالية:
الجزء الأول
المادة 1
1.لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
2.لجميع الشعوب، سعيا وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.
3.على الدول الأطراف في هذا العهد، بما فيها الدول التي تقع على عاتقها مسئولية إدارة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي والأقاليم المشمولة بالوصاية، أن تعمل على تحقيق حق تقرير المصير وأن تحترم هذا الحق، وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة.
الجزء الثاني
المادة 2
1. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
2. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية.
3. تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد:
(أ) بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية،
(ب) بأن تكفل لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني، وبأن تنمى إمكانيات التظلم القضائي،
(ج) بأن تكفل قيام السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصالح المتظلمين.
المادة 3
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوى الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد.
المادة 4
1. في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي.
2. لا يجيز هذا النص أي مخالفة لأحكام المواد 6 و 7 و 8 (الفقرتين 1 و 2) و 11 و 15 و 16 و 18.
3. على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فورا، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك. وعليها، في التاريخ الذي تنهى فيه عدم التقيد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته.
المادة 5
1. ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه.
2. لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترفه بها في أضيق مدى.
الجزء الثالث
المادة 6
1. الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.
2. لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.
3. حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، يكون من المفهوم بداهة أنه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لأية دولة طرف في هذا العهد أن تعفى نفسها على أية صورة من أي التزام يكون مترتبا عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
4. لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.
5. لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفيذ هذه العقوبة بالحوامل.
6. ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد.
المادة 7
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.
المادة 8
1. لا يجوز استرقاق أحد، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
2. لا يجوز إخضاع أحد للعبودية.
3. (أ) لا يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي،
(ب) لا يجوز تأويل الفقرة 3 (أ) على نحو يجعلها، في البلدان التي تجيز المعاقبة على بعض الجرائم بالسجن مع الأشغال الشاقة، تمنع تنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها من قبل محكمة مختصة،
(ج) لأغراض هذه الفقرة، لا يشمل تعبير "السخرة أو العمل الإلزامي"
"1" الأعمال والخدمات غير المقصودة بالفقرة الفرعية (ب) والتي تفرض عادة على الشخص المعتقل نتيجة قرار قضائي أو قانوني أو الذي صدر بحقه مثل هذا القرار ثم أفرج عنه بصورة مشروطة،
"2" أية خدمة ذات طابع عسكري، وكذلك، في البلدان التي تعترف بحق الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، أية خدمة قومية يفرضها القانون على المستنكفين ضميريا،
"3" أية خدمة تفرض في حالات الطوارئ أو النكبات التي تهدد حياة الجماعة أو رفاهها،
"4" أية أعمال أو خدمات تشكل جزءا من الالتزامات المدنية العادية.
المادة 9
1. لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه.
2. يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.
3. يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
4. لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.
5. لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.
المادة 10
1. يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.
2. (أ) يفصل الأشخاص المتهمون عن الأشخاص المدانين، إلا في ظروف استثنائية، ويكونون محل معاملة على حدة تتفق مع كونهم أشخاصا غير مدانين،
(ب) يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين. ويحالون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم.
3. يجب أن يراعى نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي. ويفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملون معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني.
المادة 11
لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي.
المادة 12
1. لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته.
2. لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.
3. لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد.
4. لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده.
المادة 13
لا يجوز إبعاد الأجنبي المقيم بصفة قانونية في إقليم دولة طرف في هذا العهد إلا تنفيذا لقرار اتخذ وفقا للقانون، وبعد تمكينه، ما لم تحتم دواعي الأمن القومي خلاف ذلك، من عرض الأسباب المؤيدة لعدم إبعاده ومن عرض قضيته على السلطة المختصة أو على من تعينه أو تعينهم خصيصا لذلك، ومن توكيل من يمثله أمامها أو أمامهم.
المادة 14
1. الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.
2. من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا.
3. لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
(أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها،
(ب) أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه،
(ج) أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له،
(د) أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة حكما، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
(هـ) أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام،
(د) أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة،
(ز) ألا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.
4. في حالة الأحداث، يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم.
5. لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه.
6. حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم ابطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة، وفقا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل، كليا أو جزئيا، المسئولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.
7. لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد.
المادة 15
1. لا يدان أي فرد بأية جريمة بسبب فعل أو امتناع عن فعل لم يكن وقت ارتكابه يشكل جريمة بمقتضى القانون الوطني أو الدولي. كما لا يجوز فرض أية عقوبة تكون أشد من تلك التي كانت سارية المفعول في الوقت الذي ارتكبت فيه الجريمة. وإذا حدث، بعد ارتكاب الجريمة أن صدر قانون ينص على عقوبة أخف، وجب أن يستفيد مرتكب الجريمة من هذا التخفيف.
2. ليس في هذه المادة من شئ يخل بمحاكمة ومعاقبة أي شخص على أي فعل أو امتناع عن فعل كان حين ارتكابه يشكل جرما وفقا لمبادئ القانون العامة التي تعترف بها جماعة الأمم.
المادة 16
لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
المادة 17
1. لا يحوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته.
2. من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس.
المادة 18
1. لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
2. لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
3. لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
4. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.
المادة 19
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
المادة 20
1. تحظر بالقانون أية دعاية للحرب.
2. تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
المادة 21
يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
المادة 22
1. لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
2. لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.
3. ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.
المادة 23
1. الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
2. يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة.
3. لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
4. تتخذ الدول الأطراف في هذا العهد التدابير المناسبة لكفالة تساوى حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. وفى حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم.
المادة 24
1. يكون لكل ولد، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، حق على أسرته وعلى المجتمع وعلى الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا.
2. يتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويعطى اسما يعرف به.
3. لكل طفل حق في اكتساب جنسية.
المادة 25
يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:
(أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية،
(ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين،
(ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.
المادة 26
الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
المادة 27
لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات أثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم.
الجزء الرابع
المادة 28
1. تنشأ لجنة تسمى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (يشار إليها في ما يلي من هذا العهد باسم "اللجنة"). وتتألف هذه اللجنة من ثمانية عشر عضوا وتتولى الوظائف المنصوص عليها في ما يلي.
2. تؤلف اللجنة من مواطنين في الدول الأطراف في هذا العهد، من ذوى المناقب الخلقية الرفيعة المشهود لهم بالاختصاص في ميدان حقوق الإنسان، مع مراعاة أن من المفيد أن يشرك فيها بعض الأشخاص ذوى الخبرة القانونية.
3. يتم تعيين أعضاء اللجنة بالانتخاب، وهم يعملون فيها بصفتهم الشخصية.
المادة 29
1. يتم انتخاب أعضاء اللجنة بالاقتراع السري من قائمة أشخاص تتوفر لهم المؤهلات المنصوص عليها في المادة 28، تكون قد رشحتهم لهذا الغرض الدول الأطراف في هذا العهد.
2. لكل دولة طرف في هذا العهد أن ترشح، من بين مواطنيها حصرا، شخصين على الأكثر.
3. يحوز ترشيح الشخص ذاته أكثر من مرة.
المادة 30
1. يجرى الانتخاب الأول في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من بدء نفاذ هذا العهد.
2. قبل أربعة أشهر على الأقل من موعد أي انتخاب لعضوية اللجنة، في غير حالة الانتخاب لملء مقعد يعلن شغوره وفقا للمادة 34، يوجه الأمين العام للأمم المتحدة إلى الدول الأطراف في هذا العهد رسالة خطية يدعوها فيها إلى تقديم أسماء مرشحيها لعضوية اللجنة في غضون ثلاثة أشهر.
3. يضع الأمين العام للأمم المتحدة قائمة أسماء جميع المرشحين على هذا النحو، بالترتيب الألفبائي ومع ذكر الدولة الطرف التي رشحت كلا منهم، ويبلغ هذه القائمة إلى الدول الأطراف في هذا العهد قبل شهر على الأقل من موعد كل انتخاب.
4. ينتخب أعضاء اللجنة في اجتماع تعقده الدول الأطراف في هذا العهد، بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة، في مقر الأمم المتحدة. وفى هذا الاجتماع، الذي يكتمل النصاب فيه بحضور ممثلي ثلثي الدول الأطراف في هذا العهد، يفوز في الانتخاب لعضوية اللجنة أولئك المرشحون الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات وعلى الأغلبية المطلقة لأصوات ممثلي الدول الأطراف الحاضرين والمقترعين.
المادة 31
1. لا يجوز أن تضم اللجنة أكثر من واحد من مواطني أية دولة.
2. يراعى، في الانتخاب لعضوية اللجنة، عدالة التوزيع الجغرافي وتمثيل مختلف الحضارات والنظم القانونية الرئيسية.
المادة 32
1. يكون انتخاب أعضاء اللجنة لولاية مدتها أربع سنوات. ويجوز أن يعاد انتخابهم إذا أعيد ترشيحهم. إلا أن ولاية تسعة من الأعضاء المنتخبين في الانتخاب الأول تنقضي بانتهاء سنتين، ويتم تحديد هؤلاء الأعضاء التسعة فورا انتهاء الانتخاب الأول، بأن يقوم رئيس الاجتماع المنصوص عليه في الفقرة 4 من المادة 30 باختيار أسمائهم بالقرعة.
2. تتم الانتخابات اللازمة عند انقضاء الولاية وفقا للمواد السالفة من هذا الجزء من هذا العهد.
المادة 33
‏ 1. إذا انقطع عضو في اللجنة، بإجماع رأى أعضائها الآخرين، عن الاضطلاع بوظائفه لأي سبب غير الغياب ذي الطابع المؤقت، يقوم رئيس اللجنة بإبلاغ ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فيعلن الأمين العام حينئذ شغور مقعد ذلك العضو.
2. في حالة وفاة أو استقالة عضو في اللجنة، يقوم رئيس اللجنة فورا بإبلاغ ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، فيعلن الأمين العام حينئذ شغور مقعد ذلك العضو ابتداء من تاريخ وفاته أو من تاريخ نفاذ استقالته.
المادة 34
1. إذا أعلن شغور مقعد ما طبقا للمادة 33، وكانت ولاية العضو الذي يجب استبداله لا تنقضي خلال الأشهر الستة التي تلي إعلان شغور مقعده، يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإبلاغ ذلك إلى الدول الأطراف في هذا العهد، التي يجوز لها، خلال مهلة شهرين، تقديم مرشحين وفقا للمادة 29 من أجل ملء المقعد الشاغر.
2. يضع الأمين العام للأمم المتحدة قائمة بأسماء جميع المرشحين على هذا النحو، بالترتيب الألفبائي، ويبلغ هذه القائمة إلى الدول الأطراف في هذا العهد. وإذ ذاك يجرى الانتخاب اللازم لملء المقعد الشاغر طبقا للأحكام الخاصة بذلك من هذا الجزء من هذا العهد.
3. كل عضو في اللجنة انتخب لملء مقعد أعلن شغوره طبقا للمادة 33 يتولى مهام العضوية فيها حتى انقضاء ما تبقى من مدة ولاية العضو الذي شغر مقعده في اللجنة بمقتضى أحكام تلك المادة.
المادة 35
يتقاضى أعضاء اللجنة، بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، مكافآت تقتطع من موارد الأمم المتحدة بالشروط التي تقررها الجمعية العامة، مع أخذ أهمية مسؤوليات اللجنة بعين الاعتبار.
المادة 36
يوفر الأمين العام للأمم المتحدة ما يلزم من موظفين وتسهيلات لتمكين اللجنة من الاضطلاع الفعال بالوظائف المنوطة بها بمقتضى هذا العهد.
المادة 37
1. يتولى الأمين العام للأمم المتحدة دعوة اللجنة إلى عقد اجتماعها الأول في مقر الأمم المتحدة.
2. بعد اجتماعها الأول، تجتمع اللجنة في الأوقات التي ينص عليها نظامها الداخلي.
3. تعقد اللجنة اجتماعاتها عادة في مقر الأمم المتحدة أو في مكتب الأمم المتحدة بجنيف.
المادة 38
يقوم كل عضو من أعضاء اللجنة، قبل توليه منصبه، بالتعهد رسميا، في جلسة علنية، بالقيام بمهامه بكل تجرد ونزاهة.
المادة 39
1. تنتخب اللجنة أعضاء مكتبها لمدة سنتين. ويجوز أن يعاد انتخابهم.
2. تتولى اللجنة بنفسها وضع نظامها الداخلي، ولكن مع تضمينه الحكمين التاليين:
(أ) يكتمل النصاب بحضور اثني عشر عضوا،
(ب) تتخذ قرارات اللجنة بأغلبية أصوات أعضائها الحاضرين.
المادة 40
1. تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها والتي تمثل إعمالا للحقوق المعترف بها فيه، وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق، وذلك:
(أ) خلال سنة من بدء نفاذ هذا العهد إزاء الدول الأطراف المعنية،
(ب) ثم كلما طلبت اللجنة إليها ذلك.
2. تقدم جميع التقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يحيلها إلى اللجنة للنظر فيها. ويشار وجوبا في التقارير المقدمة إلى ما قد يقوم من عوامل ومصاعب تؤثر في تنفيذ أحكام هذا العهد.
3. للأمين العام للأمم المتحدة، بعد التشاور مع اللجنة، أن يحيل إلى الوكالات المتخصصة المعنية نسخا من أية أجزاء من تلك التقارير قد تدخل في ميدان اختصاصها.
4. تقوم اللجنة بدراسة التقارير المقدمة من الدول الأطراف في هذا العهد. وعليها أن توافي هذه الدول بما تضعه هي من تقارير، وبأية ملاحظات عامة تستنسبها. وللجنة أيضا أن توافي المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتلك الملاحظات مشفوعة بنسخ من التقارير التي تلقتها من الدول الأطراف في هذا العهد.
5. للدول الأطراف في هذا العهد أن تقدم إلى اللجنة تعليقات على أية ملاحظات تكون قد أبديت وفقا للفقرة 4 من هذه المادة.
المادة 41
1. لكل دولة طرف في هذا العهد أن تعلن في أي حين، بمقتضى أحكام هذه المادة، أنها تعترف باختصاص اللجنة في استلام ودراسة بلاغات تنطوي على ادعاء دولة طرف بأن دولة طرفا أخرى لا تفي بالالتزامات التي يرتبها عليها هذا العهد. ولا يجوز استلام ودراسة البلاغات المقدمة بموجب هذه المادة إلا إذا صدرت عن دولة طرف أصدرت إعلانا تعترف فيه، في ما يخصها، باختصاص اللجنة. ولا يجوز أن تستلم اللجنة أي بلاغ يهم دولة طرفا لم تصدر الإعلان المذكور. ويطبق الإجراء التالي على البلاغات التي يتم استلامها وفق لأحكام هذه المادة:
(أ) إذا رأت دولة طرف في هذا العهد إن دولة طرفا أخرى تتخلف عن تطبيق أحكام هذا العهد، كان لها أن تسترعى نظر هذه الدولة الطرف، في بلاغ خطى، إلى هذا التخلف. وعلى الدولة المستلمة أن تقوم، خلال ثلاثة أشهر من استلامها البلاغ، بإيداع الدولة المرسلة، خطيا، تفسيرا أو بيانا من أي نوع آخر يوضح المسألة وينبغي أن ينطوي، بقدر ما يكون ذلك ممكنا ومفيدا، على إشارة إلى القواعد الإجرائية وطرق التظلم المحلية التي استخدمت أو الجاري استخدامها أو التي لا تزال متاحة،
(ب) فإذا لم تنته المسألة إلى تسوية ترضى كلتا الدولتين الطرفين المعنيتين خلال ستة أشهر من تاريخ تلقى الدولة المستلمة للبلاغ الأول، كان لكل منهما أن تحيل المسألة إلى اللجنة بإشعار توجهه إليها وإلى الدولة الأخرى،
(ج) لا يجوز أن تنظر اللجنة في المسألة المحالة إليها إلا بعد الإستيثاق من أن جميع طرق التظلم المحلية المتاحة قد لجئ إليها واستنفدت، طبقا لمبادئ القانون الدولي المعترف بها عموما. ولا تنطبق هذه القاعدة في الحالات التي تستغرق فيها إجراءات التظلم مددا تتجاوز الحدود المعقولة،
(د) تعقد اللجنة جلسات سرية لدى بحثها الرسائل في إطار هذه المادة،
(هـ) على اللجنة، مع مراعاة أحكام الفقرة الفرعية (ج)، أن تعرض مساعيها الحميدة على الدولتين الطرفين المعنيتين، بغية الوصول إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في هذا العهد،
(و) للجنة، في أية مسألة محالة إليها، أن تدعو الدولتين الطرفين المعنيتين المشار إليهما في الفقرة الفرعية (ب) إلى تزويدها بأية معلومات ذات شأن.
(ز) للدولتين الطرفين المعنيتين المشار إليهما في الفقرة الفرعية (ب) حق إيفاد من يمثلها لدى اللجنة أثناء نظرها في المسألة، وحق تقديم الملاحظات شفويا و/أو خطيا،
(ح) على اللجنة أن تقدم تقريرا في غضون اثني عشر شهرا من تاريخ تلقيها الإشعار المنصوص عليه في الفقرة الفرعية (ب):
"1" فإذا تم التوصل إلى حل يتفق مع شروط الفقرة الفرعية (هـ)، قصرت اللجنة تقريرها على عرض موجز للوقائع وللحل الذي تم التوصل إليه،
"2" وإذا لم يتم التوصل إلى حل يتفق مع شروط الفقرة الفرعية (هـ)، قصرت اللجنة تقريرها على عرض موجز للوقائع، وضمت إلى التقرير المذكرات الخطية ومحضر البيانات الشفوية المقدمة من الدولتين الطرفين المعنيتين.
ويجب، في كل مسألة، إبلاغ التقرير إلى الدولتين الطرفين المعنيتين.
2. يبدأ نفاذ أحكام هذه المادة متى قامت عشر من الدول الإطراف في هذا العهد بإصدار إعلانات في إطار الفقرة (1) من هذه المادة. وتقوم الدول الأطراف بإيداع هذه الإعلانات لدى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يرسل صورا منها إلى الدول الأطراف الأخرى. وللدولة الطرف أن تسحب إعلانها في أي وقت بإخطار ترسله إلى الأمين العام. ولا يخل هذا السحب بالنظر في أية مسألة تكون موضوع بلاغ سبق إرساله في إطار هذه المادة، ولا يجوز استلام أي بلاغ جديد من أية دولة طرف بعد تلقى الأمين العام الإخطار بسحب الإعلان، ما لم تكن الدولة الطرف المعنية قد أصدرت إعلانا جديدا.
المادة 42
1. (أ) إذا تعذر على اللجنة حل مسألة أحيلت إليها وفقا للمادة 41 حلا مرضيا للدولتين الطرفين المعنيتين جاز لها، بعد الحصول مسبقا على موافقة الدولتين الطرفين المعنيتين، تعيين هيئة توفيق خاصة (يشار إليها في ما يلي باسم "الهيئة") تضع مساعيها الحميدة تحت تصرف الدولتين الطرفين المعنيتين بغية التوصل إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام أحكام هذا العهد،
(ب) تتألف الهيئة من خمسة أشخاص تقبلهم الدولتان الطرفان المعنيتان. فإذا تعذر وصول الدولتين الطرفين المعنيتين خلال ثلاثة أشهر إلى اتفاق على تكوين الهيئة كلها أو بعضها، تنتخب اللجنة من بين أعضائها بالاقتراع السري وبأكثرية الثلثين، أعضاء الهيئة الذين لم يتفق عليهم.
2. يعمل أعضاء الهيئة بصفتهم الشخصية. ويجب ألا يكونوا من مواطني الدولتين الطرفين المعنيتين أو من مواطني أية دولة لا تكون طرفا في هذا العهد أو تكون طرفا فيه ولكنها لم تصدر الإعلان المنصوص عليه في المادة 41.
3. تنتخب الهيئة رئيسها وتضع النظام الداخلي الخاص بها.
4. تعقد اجتماعات الهيئة عادة في مقر الأمم المتحدة أو في مكتب الأمم المتحدة بجنيف. ولكن من الجائز عقدها في أي مكان مناسب آخر قد تعينه الهيئة بالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع الدولتين الطرفين المعنيتين.
5. تقوم الأمانة المنصوص عليها في المادة 36 بتوفير خدماتها، أيضا، للهيئات المعينة بمقتضى هذه المادة.
6. توضع المعلومات التي تلقتها اللجنة وجمعتها تحت تصرف الهيئة، التي يجوز لها أن تطلب إلي الدولتين الطرفين المعنيتين تزويدها بأية معلومات أخرى ذات صلة بالموضوع.
7. تقوم الهيئة، بعد استنفادها نظر المسألة من مختلف جوانبها، ولكن على أي حال خلال مهلة لا تتجاوز اثني عشر شهرا بعد عرض المسألة عليها، بتقديم تقرير إلى رئيس اللجنة لإنهائه إلى الدولتين الطرفين المعنيتين:
(أ) فإذا تعذر على الهيئة إنجاز النظر في المسألة خلال اثني عشر شهرا، قصرت تقريرها على إشارة موجزة إلى المرحلة التي بلغتها من هذا النظر،
(ب) وإذا تم التوصل إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام حقوق الإنسان المعترف بها في هذا العهد، قصرت الهيئة تقريرها على عرض موجز للوقائع وللحل الذي تم التوصل إليه،
(ج) وإذا لم يتم التوصل إلى حل تتوفر له شروط الفقرة الفرعية (ب)، ضمنت الهيئة تقريرها النتائج التي وصلت إليها بشأن جميع المسائل الوقائعية المتصلة بالقضية المختلف عليها بين الدولتين الطرفين المعنيتين، وآراءها بشأن إمكانيات حل المسألة حلا وديا، وكذلك المذكرات الخطية ومحضر الملاحظات الشفوية المقدمة من الدولتين الطرفين المعنيتين،
(د) إذا قدمت الهيئة تقريرها في إطار الفقرة (ج) تقوم الدولتان الطرفان المعنيتان، في غضون ثلاثة أشهر من استلامهما هذا التقرير، بإبلاغ رئيس اللجنة هل تقبلان أم لا تقبلان مضامين تقرير الهيئة.
8. لا تخل أحكام هذه المادة بالمسؤوليات المنوطة باللجنة في المادة 41.
9. تتقاسم الدولتان الطرفان المعنيتان بالتساوي سداد جميع نفقات أعضاء اللجنة على أساس تقديرات يضعها الأمين العام للأمم المتحدة.
10. للأمين العام للأمم المتحدة سلطة القيام، عند اللزوم، بدفع نفقات أعضاء الهيئة قبل سداد الدولتين الطرفين المعنيتين لها وفقا للفقرة 9 من هذه المادة.
المادة 43
يكون لأعضاء اللجنة ولأعضاء هيئات التوفيق الخاصة الذين قد يعينون وفقا للمادة 42، حق التمتع بالتسهيلات والامتيازات والحصانات المقررة للخبراء المكلفين بمهمة للأمم المتحدة المنصوص عليها في الفروع التي تتناول ذلك من اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها.
المادة 44
تنطبق الأحكام المتعلقة بتنفيذ هذا العهد دون إخلال بالإجراءات المقررة في ميدان حقوق الإنسان في أو بمقتضى الصكوك التأسيسية والاتفاقيات الخاصة بالأمم المتحدة والوكالات المتخصصة، ولا تمنع الدول الأطراف في هذا العهد من اللجوء إلى إجراءات أخرى لتسوية نزاع ما طبقا للاتفاقات الدولية العمومية أو الخاصة النافذة فيما بينها.
المادة 45
تقدم اللجنة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تقريرا سنويا عن أعمالها.
الجزء الخامس
المادة 46
ليس في أحكام هذا العهد ما يجوز تأويله على نحو يفيد إخلاله بما في ميثاق الأمم المتحدة ودساتير الوكالات المتخصصة من أحكام تحدد المسئوليات الخاصة بكل من هيئات الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة بصدد المسائل التي يتناولها هذا العهد.
المادة 47
ليس في أي من أحكام هذا العهد ما يجوز تأويله على نحو يفيد إخلاله بما لجميع الشعوب من حق أصيل في التمتع والانتفاع الكاملين، بملء الحرية، بثرواتها ومواردها الطبيعية.
الجزء السادس
المادة 48
1. هذا العهد متاح لتوقيع أية دولة عضو في الأمم المتحدة أو عضو في أية وكالة من وكالاتها المتخصصة، وأية دولة طرف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، وأية دولة أخرى دعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تصبح طرفا في هذا العهد.
2. يخضع هذا العهد للتصديق. وتودع صكوك التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
3. يتاح الانضمام إلى هذا العهد لأية دولة من الدول المشار إليها في الفقرة 1 من هذه المادة.
4. يقع الانضمام بإيداع صك انضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
5. يخطر الأمين العام للأمم المتحدة جميع الدول التي وقعت هذا العهد أو انضمت إليه بإيداع كل صك من صكوك التصديق أو الانضمام.
المادة 49
1. يبدأ نفاذ هذا العهد بعد ثلاث أشهر من تاريخ إيداع صك الانضمام أو التصديق الخامس والثلاثين لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
2. أما الدول التي تصدق هذا العهد أو تنضم إليه بعد أن يكون قد تم إيداع صك التصديق أو الانضمام الخامس والثلاثين فيبدأ نفاذ هذا العهد إزاء كل منها بعد ثلاث أشهر من تاريخ إيداعها صك تصديقها أو صك انضمامها.
المادة 50
تنطبق أحكام هذا العهد، دون أي قيد أو استثناء على جميع الوحدات التي تتشكل منها الدول الاتحادية.
المادة 51
1. لأية دولة طرف في هذا العهد أن تقترح تعديلا عليه تودع نصه لدى الأمين العام للأمم المتحدة. وعلى أثر ذلك يقوم الأمين العام بإبلاغ الدول الأطراف في هذا العهد بأية تعديلات مقترحة، طالبا إليها إعلامه عما إذا كانت تحبذ عقد مؤتمر للدول الأطراف للنظر في تلك المقترحات والتصويت عليها. فإذا حبذ عقد المؤتمر ثلث الدول الأطراف على الأقل عقده الأمين العام برعاية الأمم المتحدة. وأي تعديل تعتمده أغلبية الدول الأطراف الحاضرة والمقترعة في المؤتمر يعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقراره.
2. يبدأ نفاذ التعديلات متى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وقبلتها أغلبية ثلثي الدول الأطراف في هذا العهد، وفقا للإجراءات الدستورية لدى كل منها.
3. متى بدأ نفاذ التعديلات تصبح ملزمة للدول الأطراف التي قبلتها، بينما تظل الدول الأطراف الأخرى ملزمة بأحكام هذا العهد وبأي تعديل سابق تكون قد قبلته.
المادة 52
بصرف النظر عن الإخطارات التي تتم بمقتضى الفقرة 5 من المادة 48، يخطر الأمين العام للأمم المتحدة جميع الدول المشار إليها في الفقرة 1 من المادة المذكورة بما يلي:
(أ) التوقيعات والتصديقات والإنضمامات المودعة طبقا للمادة 48،
(ب) تاريخ بدء نفاذ هذا العهد بمقتضى المادة 49، وتاريخ بدء نفاذ أية تعديلات تتم في إطار المادة 51.
المادة 53
1-يودع هذا العهد، الذي تتساوى في الحجية نصوصه بالأسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والفرنسية، في محفوظات الأمم المتحدة.
2. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بإرسال صور مصدقة من هذا العهد إلى جميع الدول المشار إليها في المادة 48.


















اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1984 تاريخ بدء النفاذ: 26 حزيران/يونيه 1987، وفقا لأحكام المادة 27 (1)
إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، إذ ترى أن الاعتراف بالحقوق المتساوية وغير القابلة للتصرف، لجميع أعضاء الأسرة البشرية هو، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلم في العالم، وإذ تدرك أن هذه الحقوق تستمد من الكرامة المتأصلة للإنسان، وإذ تضع في اعتبارها الواجب الذي يقع على عاتق الدول بمقتضى الميثاق، وبخاصة بموجب المادة 55 منه، بتعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومراعاتها على مستوى العالم، ومراعاة منها للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلتاهما تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومراعاة منها أيضا لإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975، ورغبة منها في زيادة فعالية النضال ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية في العالم قاطبة، اتفقت على ما يلي:
الجزء الأول
المادة 1
1. لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد "بالتعذيب" أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
2. لا تخل هذه المادة بأي صك دولي أو تشريع وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاما ذات تطبيق أشمل.
المادة 2
1. تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي.
2. لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب.
3. لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب.
المادة 3
1. لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
2. تراعى السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.
المادة 4
1. تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأي عمل آخر يشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب.
2. تجعل كل دولة طرف هذه الجرائم مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة.
المادة 5
1. تتخذ كل دولة طرف ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على الجرائم المشار إليها في المادة 4 في الحالات التالية:
(أ) عند ارتكاب هذه الجرائم في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية أو على ظهر سفينة أو على متن طائرة مسجلة في تلك الدولة،
(ب) عندما يكون مرتكب الجريمة المزعوم من مواطني تلك الدولة،
(ج) عندما يكون المعتدى عليه من مواطني تلك الدولة، إذا اعتبرت تلك الدولة ذلك مناسبا.
2. تتخذ كل دولة طرف بالمثل ما يلزم من الإجراءات لإقامة ولايتها القضائية على هذه الجرائم في الحالات التي يكون فيها مرتكب الجريمة المزعوم موجودا في أي إقليم يخضع لولاياتها القضائية ولا تقوم بتسليمه عملا بالمادة 8 إلى أية دولة من الدول التي ورد ذكرها في الفقرة 1 من هذه المادة.
3. لا تستثنى هذه الاتفاقية أي ولاية قضائية جنائية تمارس وفقا للقانون الداخلي.
المادة 6
1. تقوم أي دول طرف، لدى اقتناعها، بعد دراسة المعلومات المتوفرة لها، بأن الظروف تبرر احتجاز شخص موجود في أراضيها يدعى أنه اقترف جرما مشارا إليه في المادة 4 باحتجازه أو تتخذ أية إجراءات قانونية أخرى لضمان وجوده فيها. ويكون الاحتجاز والإجراءات القانونية الأخرى مطابقة لما ينص عليه قانون تلك الدولة على ألا يستمر احتجاز الشخص إلا للمدة اللازمة للتمكين من إقامة أي دعوى جنائية أو من اتخاذ أي إجراءات لتسليمه.
2. تقوم هذه الدولة فورا بإجراء التحقيق الأولى فيما يتعلق بالوقائع.
3. تتم مساعدة أي شخص محتجز وفقا للفقرة 1 من هذه المادة على الاتصال فورا بأقرب ممثل مختص للدولة التي هو من مواطنيها، أو بممثل الدولة التي يقيم فيها عادة إن كان بلا جنسية.
4. لدى قيام دولة ما، عملا بهذه المادة، باحتجاز شخص ما، تخطر على الفور الدول المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 5، باحتجاز هذا الشخص وبالظروف التي تبرر اعتقاله. وعلى الدولة التي تجرى التحقيق الأولى الذي تتوخاه الفقرة 2 من هذه المادة أن ترفع فورا ما توصلت إليه من النتائج إلى الدول المذكورة مع الإفصاح عما إذا كان في نيتها ممارسة ولايتها القضائية.
المادة 7
1. تقوم الدولة الطرف التي يوجد في الإقليم الخاضع لولايتها القضائية شخص يدعى ارتكابه لأي من الجرائم المنصوص عليها في المادة 4 في الحالات التي تتوخاها المادة 5، بعرض القضية على سلطاتها المختصة بقصد تقديم الشخص للمحاكمة، إذا لم تقم بتسليمه.
2. تتخذ هذه السلطات قرارها بنفس الأسلوب الذي تتبعه في حالة ارتكاب أية جريمة عادية ذات طبيعة خطيرة بموجب قانون تلك الدولة. وفى الحالات المشار إليها في الفقرة 2 من المادة 5 ينبغي ألا تكون معايير الأدلة المطلوبة للمقاضاة والإدانة بأي حال من الأحوال أقل صرامة من تلك التي تنطبق في الحالات المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 5.
3. تكفل المعاملة العادلة في جميع مراحل الإجراءات القانونية لأي شخص تتخذ ضده تلك الإجراءات فيما يتعلق بأي من الجرائم المشار إليها في المادة 4.
المادة 8
1. تعتبر الجرائم المشار إليها في المادة 4 جرائم قابلة لتسليم مرتكبيها في أية معاهدة لتسليم المجرمين تكون قائمة بين الدول الأطراف. وتتعهد الدول الأطراف بإدراج هذه الجرائم كجرائم قابلة لتسليم مرتكبيها في كل معاهدة تسليم تبرم بينها.
2. إذا تسلمت دولة طرف طلبا للتسليم من دولة لا تربطها بها معاهدة لتسليم المجرمين، وكانت الدولة الأولى تجعل التسليم مشروطا بوجود معاهدة لتسليم المجرمين، يجوز لهذه الدولة اعتبار هذه الاتفاقية أساسا قانونيا للتسليم فيما يختص بمثل هذه الجرائم. ويخضع التسليم للشروط الأخرى المنصوص عليها في قانون الدولة التي يقدم إليها طلب التسليم.
3. تعترف الدول الأطراف التي لا تجعل التسليم مرهونا بوجود معاهدة بأن هذه الجرائم قابلة لتسليم مرتكبيها فيما بينها طبقا للشروط المنصوص عليها في قانون الدولة التي يقدم إليها طلب التسليم.
4. وتتم معاملة هذه الجرائم، لأغراض التسليم بين الدول الأطراف، كما لو أنها اقترفت لا في المكان الذي حدثت فيه فحسب، بل أيضا في أراضى الدول المطالبة بإقامة ولايتها القضائية طبقا للفقرة 1 من المادة 5.
المادة 9
1. على كل دولة طرف أن تقدم إلى الدول الأطراف الأخرى أكبر قدر من المساعدة فيما يتعلق بالإجراءات الجنائية المتخذة بشأن أي من الجرائم المشار إليها في المادة 4، بما في ذلك توفير جميع الأدلة الموجودة في حوزتها واللازمة للإجراءات.
2. تنفذ الدول الأطراف التزاماتها بمقتضى الفقرة 1 من هذه المادة وفقا لما قد يوجد بينها من معاهدات لتبادل المساعدة القضائية.
المادة 10
1. تضمن كل دولة إدراج التعليم والإعلام فيما يتعلق بحظر التعذيب على الوجه الكامل في برامج تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، سواء أكانوا من المدنيين أو العسكريين، والعاملين في ميدان الطب، والموظفين العموميين أو غيرهم ممن قد تكون لهم علاقة باحتجاز أي فرد معرض لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن أو باستجواب هذا الفرد أو معاملته.
2. تضمن كل دولة طرف إدراج هذا الحظر في القوانين والتعليمات التي يتم إصدارها فيما يختص بواجبات ووظائف مثل هؤلاء الأشخاص.
المادة 11
تبقى كل دولة قيد الاستعراض المنظم قواعد الاستجواب، وتعليماته وأساليبه وممارساته، وكذلك الترتيبات المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال التوقيف أو الاعتقال أو السجن في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، وذلك بقصد منع حدوث أي حالات تعذيب.
المادة 12
تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية.
المادة 13
تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعى بأنه قد تعرض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفى أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم.
المادة 14
1. تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني، إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب بما في ذلك وسائل إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن، وفى حالة وفاة المعتدى عليه نتيجة لعمل من أعمال التعذيب، يكون للأشخاص الذين كان يعولهم الحق في التعويض.
2. ليس في هذه المادة ما يمس أي حق للمعتدى عليه أو لغيره من الأشخاص فيما قد يوجد من تعويض بمقتضى القانون الوطني.
المادة 15
تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال.
المادة 16
1. تتعهد كل دولة طرف بأن تمنع، في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي لا تصل إلى حد التعذيب كما حددته المادة 1، عندما يرتكب موظف عمومي أو شخص آخر يتصرف بصفة رسمية هذه الأعمال أو يحرض على ارتكابها، أو عندما تتم بموافقته أو بسكوته عليها. وتنطبق بوجه خاص الالتزامات الواردة في المواد 10، 11، 12، 13 وذلك بالاستعاضة عن الإشارة إلى التعذيب بالإشارة إلى غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
2. لا تخل أحكام هذه الاتفاقية بأحكام أي صك دولي آخر أو قانون وطني يحظر المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو يتصل بتسليم المجرمين أو طردهم.
الجزء الثاني
المادة 17
1. تنشأ لجنة لمناهضة التعذيب (يشار إليها فيما بعد باسم اللجنة) وتضطلع بالمهام المنصوص عليها فيما بعد. وتتألف اللجنة من عشرة خبراء على مستوى أخلاقي عال ومشهود لهم بالكفاءة في ميدان حقوق الإنسان، يعملون في اللجنة بصفتهم الشخصية. وتقوم الدول الأطراف بانتخابهم مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل وفائدة اشتراك بعض الأشخاص من ذوى الخبرة القانونية.
2. ينتخب أعضاء اللجنة بطريق الاقتراع السري من قائمة بأشخاص ترشحهم الدول الأطراف. ولكل دولة طرف أن ترشح شخصا واحدا من مواطنيها. وتضع الدول الأطراف في اعتبارها فائدة ترشيح أشخاص يكونون أيضا أعضاء في اللجنة المعنية بحقوق الإنسان المنشأة بمقتضى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولديهم الاستعداد للعمل في لجنة مناهضة التعذيب.
3. يجرى انتخاب أعضاء اللجنة في اجتماعات الدول الأطراف التي يدعو إلى عقدها مرة كل سنتين الأمين العام للأمم المتحدة. وفى تلك الاجتماعات التي ينبغي أن يتكون نصابها القانوني من ثلثي الدول الأطراف ويكون الأشخاص المنتخبون لعضوية اللجنة هم الحائزون على أكبر عدد من الأصوات وعلى الأغلبية المطلقة لأصوات ممثلي الدول الأطراف الحاضرين المصوتين.
4. يجرى الانتخاب الأول في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية. ويقوم الأمين العام للأمم المتحدة، قبل موعد كل انتخاب بأربعة أشهر على الأقل، بتوجيه رسالة إلى الدول الأطراف يدعوها فيها إلى تقديم ترشيحاتها في غضون ثلاثة أشهر. ويقوم الأمين العام بإعداد قائمة بأسماء جميع المرشحين على هذا النحو مرتبة ترتيبا أبجديا، مع بيان الدول الأطراف التي رشحتهم، ويقدم هذه القائمة إلى الدول الأطراف.
5. ينتخب أعضاء اللجنة لفترة مدتها أربع سنوات، ويكونون مؤهلين لإعادة انتخابهم في حالة ترشيحهم مرة أخرى. غير أن مدة عضوية خمسة من الأعضاء الذين يتم انتخابهم في المرة الأولى تنتهي بعد سنتين، ويقوم رئيس الاجتماع المشار إليه في الفقرة 3 من هذه المادة بعد الانتخاب الأول مباشرة، باختيار أسماء هؤلاء الأعضاء الخمسة بطريق القرعة.
6. في حالة وفاة أحد أعضاء اللجنة أو استقالته أو عجزه لأي سبب آخر عن أداء مهامه المتعلقة باللجنة، تقوم الدولة الطرف التي رشحته بتعيين خبير آخر من مواطنيها للعمل في اللجنة للفترة المتبقية من مدة عضويته شريطة الحصول على موافقة أغلبية الدول الأطراف، وتعتبر الموافقة قد تمت ما لم تكن إجابة نصف عدد الدول الأطراف أو أكثر على ذلك بالنفي وذلك في غضون ستة أسابيع بعد قيام الأمين العام للأمم المتحدة بإبلاغها بالتعيين المقترح.
7. تتحمل الدول نفقات أعضاء اللجنة أثناء أدائهم لمهامهم المتعلقة باللجنة.
المادة 18
1. تنتخب اللجنة أعضاء مكتبها لمدة سنتين. ويجوز إعادة انتخابهم.
2. تضع اللجنة نظامها الداخلي على أن ينص، في جملة أمور على ما يلي:
(أ) يكتمل النصاب القانوني بحضور ستة أعضاء،
(ب) تتخذ مقررات اللجنة بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين.
3. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بتوفير ما يلزم من الموظفين والتسهيلات لأداء اللجنة مهامها بمقتضى هذه الاتفاقية على نحو فعال.
4. يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بالدعوة إلى عقد الاجتماع الأول للجنة. وبعد عقد اجتماعها الأول، تجتمع اللجنة في المواعيد التي ينص عليها نظامها الداخلي.
5. تكون الدول الأطراف مسئولة عما يتم تحمله من نفقات فيما يتعلق بعقد اجتماعات الدول الأطراف واللجنة بما في ذلك رد أي نفقات إلى الأمم المتحدة مثل تكلفة الموظفين والتسهيلات التي تكون الأمم المتحدة قد تحملتها وفقا للفقرة 3 من هذه المادة.
المادة 19
1. تقدم الدول الأطراف إلى اللجنة، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، تقارير عن التدابير التي اتخذتها تنفيذا لتعهداتها بمقتضى هذه الاتفاقية، وذلك في غضون سنة واحدة بعد بدء نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة للدولة الطرف المعنية. وتقدم الدول الأطراف بعد ذلك تقارير تكميلية مرة كل أربع سنوات عن أية تدابير جديدة تم اتخاذها، وغير ذلك من التقارير التي قد تطلبها اللجنة.
2. يحيل الأمين العام للأمم المتحدة التقارير إلى جميع الدول الأطراف.
3. تنظر اللجنة في كل تقرير، ولها أن تبدى كافة التعليقات العامة التي قد تراها مناسبة وأن ترسلها إلى الدولة الطرف المعنية. وللدولة الطرف أن ترد على اللجنة بما ترتئيه من ملاحظات.
4. وللجنة أن تقرر، كما يتراءى لها، أن تدرج في تقريرها السنوي الذي تعده وفقا للمادة 24 أية ملاحظات تكون قد أبدتها وفقا للفقرة 3 من هذه المادة، إلى جانب الملاحظات الواردة إليها من الدولة الطرف المعنية بشأن هذه الملاحظات. وللجنة أيضا أن ترفق صورة من التقرير المقدم بموجب الفقرة 1 من هذه المادة، إذا طلبت ذلك الدولة الطرف المعنية.
المادة 20
1. إذا تلقت اللجنة معلومات موثوقا بها يبدو لها أنها تتضمن دلائل لها أساس قوى تشير إلى أن تعذيبا يمارس على نحو منظم في أراضى دولة طرف، تدعو اللجنة الدولة الطرف المعنية إلى التعاون في دراسة هذه المعلومات، وتحقيقا لهذه الغاية إلى تقديم ملاحظات بصدد تلك المعلومات.
2. وللجنة بعد أن تأخذ في اعتبارها أية ملاحظات تكون قد قدمتها الدولة الطرف المعنية وأية معلومات ذات صلة متاحة لها، أن تعين، إذا قررت أن هنالك ما يبرر ذلك، عضوا أو أكثر من أعضائها لإجراء تحقيق سرى وتقديم تقرير بهذا الشأن إلى اللجنة بصورة مستعجلة.
3. وفى حالة إجراء تحقيق بمقتضى الفقرة 2 من هذه المادة، تلتمس اللجنة تعاون الدولة الطرف المعنية. وقد يشمل التحقيق، بالاتفاق مع الدولة الطرف، القيام بزيارة أراضى الدولة المعنية.
4. وعلى اللجنة، بعد فحص النتائج التي يتوصل إليها عضوها أو أعضائها وفقا للفقرة 2 من هذه المادة أن تحيل إلى الدولة الطرف المعنية هذه النتائج مع أي تعليقات واقتراحات قد تبدو ملائمة بسبب الوضع القائم.
5. تكون جميع إجراءات اللجنة المشار إليها في الفقرات 1 إلى 4 من هذه المادة سرية، وفى جميع مراحل الإجراءات يلتمس تعاون الدولة الطرف. ويجوز للجنة وبعد استكمال هذه الإجراءات المتعلقة بأي تحقيق يتم وفقا للفقرة 2، أن تقرر بعد إجراء مشاورات مع الدولة الطرف المعنية إدراج بيان موجز بنتائج الإجراءات في تقريرها السنوي المعد وفقا للمادة 24.
المادة 21
1. لأية دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن، في أي وقت، بموجب هذه المادة، أنها تعترف باختصاص اللجنة في أن تتسلم بلاغات تفيد أن دولة طرفا تدعي أن دولة طرف أخرى لا تفي بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقية في أن تنظر في تلك البلاغات. ولا يجوز تسلم البلاغات والنظر فيها وفقا للإجراءات المبينة في هذه المادة، إلا في حالة تقديمها من دولة طرف أعلنت اعترافها باختصاص اللجنة فيما يتعلق بها نفسها. ولا يجوز للجنة أن تتناول، بموجب هذه المادة، أي بلاغ إذا كان يتعلق بدولة طرف لم تقم بإصدار مثل هذا الإعلان. ويتم تناول البلاغات الواردة بموجب هذه المادة، وفقا للإجراءات التالية:
(أ) يجوز لأي دولة طرف، إذا رأت أن دولة طرفا أخرى لا تقوم بتنفيذ أحكام الاتفاقية الحالية، أن تلفت نظر تلك الدولة الطرف لهذا الأمر برسالة خطية وعلى الدولة الطرف التي تتسلم الرسالة أن تقدم إلى الدولة الطرف التي بعثت إليها بها في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ تسلمها الرسالة، تفسيرا أو أي بيان خطى يوضح فيه الأمر ويتضمن، بقدر ما هو ممكن وملائم، إشارة إلى الإجراءات ووسائل الانتصاف المحلية التي اتخذت أو ينتظر اتخاذها أو التي تتوفر بالنسبة لهذا الأمر،
(ب) في حالة عدم تسوية الأمر بما يرضى كلا من الدولتين الطرفين المعنيتين في غضون ستة أشهر من تاريخ ورود الرسالة الأولى إلي الدولة المتسلمة يحق لأي من الدولتين أن تحيل الأمر إلى اللجنة بواسطة إخطار توجهه إلى اللجنة وإلى الدولة الأخرى،
(ج) لا تتناول اللجنة أي مسألة تحال إليها بمقتضى هذه المادة إلا بعد أن تتأكد من أنه تم الالتجاء إلى جميع وسائل الانتصاف المحلية المتوفرة بالنسبة لهذا الأمر واستنفادها، وفقا لمبادئ القانون الدولي المعترف بها عموما، ولا تسرى هذه القاعدة في حالة إطالة مدة تطبيق وسائل الانتصاف بصورة غير معقولة أو في حالة عدم احتمال إنصاف الشخص الذي وقع ضحية لانتهاك هذه الاتفاقية على نحو فعال،
(د) تعقد اللجنة اجتماعات مغلقة عند قيامها بدراسة البلاغات المقدمة لها بموجب هذه المادة،
(هـ) مع مراعاة أحكام الفقرة الفرعية (ج)، تتيح اللجنة مساعيها الحميدة للدول الأطراف المعنية بهدف التوصل إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام الالتزامات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. وتحقيقا لهذا الغرض، يجوز للجنة أن تنشئ، عند الاقتضاء، لجنة مخصصة للتوفيق،
(و) يجوز للجنة أن تطلب إلى الدول الأطراف المعنية، المشار إليها في الفقرة الفرعية (ب) أن تزودها بأية معلومات ذات صلة في أية مسالة محالة إليها بمقتضى هذه المادة،
(ز) يحق للدول الأطراف المعنية، المشار إليها في الفقرة الفرعية (ب)، أن تكون ممثلة أثناء نظر اللجنة في المسألة وأن تقدم مذكرات شفوية أو كتابية أو كليهما،
(ح) تقدم اللجنة تقريرا، خلال اثني عشر شهرا من تاريخ استلام الإخطار المنصوص عليه في الفقرة الفرعية (ب)،
"1" في حالة التوصل إلى حل في إطار أحكام واردة في الفقرة الفرعية (هـ)، تقصر اللجنة تقريرها على بيان موجز بالوقائع والحل الذي تم التوصل إليه.
"2" في حالة عدم التوصل إلى حل في إطار أحكام الفقرة الفرعية (ج)، تقصر اللجنة تقريرها على بيان موجز بالوقائع على أن ترفق به المذكرات الخطية ومحضرا بالمذكرات الشفوية التي أعدتها الدول الأطراف المعنية.
ويبلغ التقرير في كل مسألة إلى الدول الأطراف المعنية.
2. تصبح أحكام هذه المادة نافذة المفعول إذا أصدرت خمس من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية إعلانات بموجب الفقرة 1 من هذه المادة. وتودع الدول الأطراف هذه الإعلانات لدى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيرسل نسخا منها إلى الدول الأطراف الأخرى. ويجوز سحب أي إعلان في أي وقت بإخطار يوجه إلى الأمين العام. ولا يخل هذا السحب بنظر أية مسالة تشكل موضوع بلاغ سبقت إحالته بمقتضى هذه المادة، ولا يجوز تسلم أي بلاغ من أية دولة طرف بمقتضى هذه المادة بعد أن يتسلم الأمين العام إخطار سحب الإعلان ما لم تكن الدولة الطرف المعنية قد أصدرت إعلانا جديدا.
المادة 22
1. يجوز لأية دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن في أي وقت أنها تعترف بمقتضى هذه المادة باختصاص اللجنة في تسلم ودراسة بلاغات واردة من أفراد أو نيابة عن أفراد يخضعون لولايتها القانونية ويدعون أنهم ضحايا لانتهاك دولة طرف في أحكام الاتفاقية. ولا يجوز للجنة أن تتسلم أي بلاغ إذا كان يتصل بدولة طرف في الاتفاقية لم تصدر مثل هذا الإعلان.
2. تعتبر اللجنة أي بلاغ مقدم بموجب هذه المادة غير مقبول إذا كان غفلا من التوقيع أو إذا رأت أنه يشكل إساءة لاستعمال حق تقديم مثل هذه البلاغات أو أنه لا يتفق مع أحكام هذه الاتفاقية.
3. مع مراعاة نصوص الفقرة 2، توجه اللجنة نظر الدولة الطرف في هذه الاتفاقية التي تكون قد أصدرت إعلانا بموجب الفقرة 1 ويدعى بأنها تنتهك أيا من أحكام الاتفاقية إلى أية بلاغات معروضة عليها بمقتضى هذه المادة. وتقدم الدولة التي تتسلم لفت النظر المشار إليه إلى اللجنة في غضون ستة أشهر تفسيرات أو بيانات كتابية توضح الأمر ووسائل الانتصاف التي اتخذتها تلك الدولة، إن وجدت.
4. تنظر اللجنة في البلاغات التي تتسلمها بموجب هذه المادة في ضوء جميع المعلومات المتوفرة لديها من مقدم البلاغ أو من ينوب عنه ومن الدولة الطرف المعنية.
5. لا تنظر اللجنة في أية بلاغات يتقدم بها أي فرد بموجب هذه المادة ما لم تتحقق من:
(أ) أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية،
(ب) أن الفرد قد استنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة، ولا تسرى هذه القاعدة في حالة إطالة مدة تطبيق وسائل الانتصاف بصورة غير معقولة أو في حالة عدم احتمال إنصاف الشخص الذي وقع ضحية لانتهاك هذه الاتفاقية على نحو فعال.
6. تعقد اللجنة اجتماعات مغلقة عند قيامها بدراسة البلاغات المقدمة لها بموجب هذه المادة.
7. تبعث اللجنة بوجهات نظرها إلى الدولة الطرف المعنية وإلي مقدم البلاغ.
8. تصبح أحكام هذه المادة نافذة المفعول إذا أصدرت خمس من الدول الأطراف في هذه الاتفاقية إعلانات بموجب الفقرة 1 من هذه المادة. وتودع الدول الأطراف هذه الإعلانات لدى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي سيرسل نسخا منها إلى الدول الأطراف الأخرى. ويجوز سحب أي إعلان في أي وقت بإخطار يوجه إلى الأمين العام، ولا يخل هذا السحب بنظر أية مسألة تشكل موضوع بلاغ سبقت إحالته بمقتضى هذه المادة، ولا يجوز تسلم أي بلاغ من أية دولة طرف بمقتضى هذه المادة بعد أن يتسلم الأمين العام إخطار سحب الإعلان ما لم تكن الدولة الطرف المعنية أصدرت إعلانا جديدا.
المادة 23
يحق لأعضاء اللجنة ولأعضاء لجان التوفيق المخصصة، الذين يعينون بمقتضى الفقرة الفرعية 1 (هـ) من المادة 21 التمتع بالتسهيلات والامتيازات والحصانات التي يتمتع بها الخبراء الموفدون في مهام متعلقة بالأمم المتحدة كما هو منصوص عليه في الفروع ذات الصلة من اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها.
المادة 24
تقدم اللجنة إلى الدول الأطراف وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تقريرا سنويا عن أنشطتها المضطلع بها بموجب هذه الاتفاقية.
الجزء الثالث
المادة 25
1. يفتح باب التوقيع على هذه الاتفاقية لجميع الدول.
2. تخضع هذه الاتفاقية لإجراء التصديق. وتودع صكوك التصديق لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
المادة 26
يفتح باب الانضمام إلى هذه الاتفاقية لجميع الدول. ويصبح الانضمام ساري المفعول عند إيداع صك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
المادة 27
1. يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية في اليوم الثلاثين بعد تاريخ إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
2. يبدأ نفاذ الاتفاقية بالنسبة لكل دولة تصدق عليها أو تنضم إليها بعد إيداع صك التصديق أو الانضمام العشرين في اليوم الثلاثين بعد تاريخ قيام الدولة بإيداع وثيقة التصديق أو الانضمام الخاصة بها.
المادة 28
1. يمكن لأي دولة وقت التوقيع أو التصديق على هذه الاتفاقية أو الانضمام إليها، أن تعلن أنها لا تعترف باختصاص اللجنة المنصوص عليه في المادة 20.
2. يمكن لأي دولة طرف تكون قد أبدت تحفظا وفقا للفقرة 1 من المادة أن تسحب هذا التحفظ، في أي وقت تشاء، بإرسال إخطار إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
المادة 29
1. يحوز لأي دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تقترح إدخال تعديل عليها وأن تقدمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويقوم الأمين العام بناء على ذلك. بإبلاغ الدول الأطراف بالتعديل المقترح مع طلب بإخطاره بما إذا كانت هذه الدول تحبذ عقد مؤتمر للدول الأطراف للنظر في الاقتراح والتصويت عليه. وفى حالة تأييد ثلث الدول الأطراف على الأقل في غضون أربعة أشهر من تاريخ هذا التبليغ، لعقد هذا المؤتمر، يدعو الأمين العام إلى عقده تحت رعاية الأمم المتحدة. ويقدم الأمين العام أي تعديل تعتمده أغلبية من الدول الأطراف الحاضرة في المؤتمر والمصوتة إلى جميع الدول الأطراف لقبوله.
2. يبدأ نفاذ أي تعديل يتم اعتماده وفقا للفقرة 1 من هذه المادة عندما يخطر ثلثا الدول الأطراف في هذه الاتفاقية الأمين العام للأمم المتحدة بقبولها التعديل طبقا للإجراءات الدستورية لكل منها.
3. تكون التعديلات، عند بدء نفاذها، ملزمة للدول الأطراف التي قبلتها. وتبقى الدول الأطراف الأخرى ملزمة بأحكام هذه الاتفاقية وبأية تعديلات تكون قد قبلتها.
المادة 30
1. أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول فيما يتعلق بتفسير هذه الاتفاقية أو تنفيذها ولا يمكن تسويته عن طريق التفاوض، يطرح للتحكيم بناء على طلب إحدى هذه الدول. فإذا لم تتمكن الأطراف في غضون ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الموافقة على تنظيم التحكيم، يجوز لأي من تلك الأطراف أن يحيل النزاع إلى محكمة العدل الدولية بتقديم طلب وفقا للنظام الأساسي لهذه المحكمة.
2. يجوز لكل دولة أن تعلن في وقت توقيع هذه الاتفاقية أو التصديق عليها أو الانضمام إليها، أنها لا تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة 1 من هذه المادة. ولن تكون الدول الأطراف الأخرى ملزمة بالفقرة 1 من هذه المادة بالنسبة لأي دولة طرف تكون قد أبدت هذا التحفظ.
3. يجوز في أي وقت لأي دولة طرف أبدت تحفظا وفقا للفقرة 2 من هذه المادة أن تسحب هذا التحفظ بإرسال إخطار إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
المادة 31
1. يحوز لأي دولة طرف أن تنهى ارتباطها بهذه الاتفاقية بإخطار كتابي ترسله إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ويصبح الإنهاء نافذا بعد مرور سنة على تاريخ تسلم الأمين العام هذا الإخطار.
2. لن يؤدى هذا الإنهاء إلى إعفاء الدولة الطرف من الالتزامات الواقعة عليها بموجب هذه الاتفاقية فيما يتعلق بأي عمل أو إغفال يحدث قبل التاريخ الذي يصبح فيه الإنهاء نافذا. ولن يخل الإنهاء بأي شكل باستمرار نظر أي مسألة تكون اللجنة ماضية في نظرها بالفعل قبل التاريخ الذي يصبح فيه الإنهاء نافذا.
3. بعد التاريخ الذي يصبح فيه إنهاء ارتباط دولة طرف بالاتفاقية نافذا، لا تبدأ اللجنة النظر في أية مسألة جديدة تتعلق بتلك الدولة.
المادة 32
يعلم الأمين العام للأمم المتحدة جميع أعضاء الأمم المتحدة وجميع الدول التي وقعت هذه الاتفاقية أو انضمت إليها بالتفاصيل التالية:
(أ) التوقيعات والتصديقات والانضمامات التي تتم بموجب المادتين 25، 26،
(ب) تاريخ بدء نفاذ هذه الاتفاقية بموجب المادة 27، وكذلك تاريخ بدء نفاذ أية تعديلات تدخل عليها بموجب المادة 29،
(ج) حالات الإنهاء بمقتضى المادة 31.
المادة 33
1-تودع هذه الاتفاقية، التي تتساوى نصوصها الأسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية في الحجية لدى الأمين العام للأمم المتحدة.
2. يرسل الأمين العام للأمم المتحدة نسخا مصدقة من هذه الاتفاقية إلى جميع الدول.


إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من
ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3452 (د-30) المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975
المادة 1
1. لأغراض هذا الإعلان، يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسديا كان أو عقليا، يتم إلحاقه عمدا بشخص ما بفعل أحد الموظفين العموميين، أو بتحريض منه، لأغراض مثل الحصول من هذا الشخص أو من شخص آخر علي معلومات أو اعتراف، أو معاقبته علي عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو تخويف أشخاص آخرين. ولا يشمل التعذيب الألم أو العناء الذي يكون ناشئا عن مجرد جزاءات مشروعة أو ملازما لها أو مترتبا عليها، في حدود تمشي ذلك مع "القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء".
2. يمثل التعذيب شكلا متفاقما ومتعمدا من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
المادة 2
أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة هو امتهان للكرامة الإنسانية، ويدان بوصفه إنكار لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المادة 3
لا يجوز لأي دولة أن تسمح بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو أن تتسامح فيه. ولا يسمح باتخاذ الظروف الاستثنائية، مثل حالة الحرب أو خطر الحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخري، ذريعة لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
المادة 4
علي كل دولة أن تتخذ، وفقا لأحكام هذا الإعلان، تدابير فعالة لمنع ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة داخل إطار ولايتها.
المادة 5
يراعي، في تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وغيرهم من الموظفين العموميين الذين قد تناط بهم المسؤولية عن أشخاص محرومين من حرياتهم، السهر علي جعله يكفل المراعاة التامة لحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما يدرج هذا الحظر، علي النحو المناسب، في ما يصدر من قواعد أو تعليمات عامة بشأن واجبات ووظائف أي فرد يناط به دور في حراسة الأشخاص المعنيين أو علاجهم.
المادة 6
علي كل دولة أن تجعل طرق الاستجواب وممارساته، وكذلك الترتيبات المعمول بها في حجز ومعاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم في إقليمها، محل مراجعة مستمرة ومنهجية بهدف تفادي جميع حالات التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
المادة 7
علي كل دولة أن تكفل النص في قانونها الجنائي علي أن جميع أعمال التعذيب المعرفة في المادة 1 تعتبر جرائم. وتنطبق الصفة ذاتها علي الأفعال التي تشكل اشتراكا في التعذيب أو تواطؤا عليه أو تحريضا عليه أو محاولة لارتكابه.
المادة 8
لكل شخص يدعي أنه تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بفعل موظف عمومي أو بتحريض منه، الحق في أن يشكو إلي السلطات المختصة في الدولة المعنية، وفي أن تدرس قضيته دراسة محايدة من قبل هذه السلطات.
المادة 9
علي السلطات المختصة في الدولة المعنية، حيثما وجدت دواع معقولة للاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب المعرفة في المادة 1 قد ارتكب، أن تشرع فورا في إجراء تحقيق محايد حتى وإن لم تكن هناك شكوى رسمية.
المادة 10
إذا ثبت من تحقيق أجري بموجب المادة 8 أو المادة 9 أن عملا من أعمال التعذيب المعرفة في المادة 1 قد ارتكب، تقام الدعوى الجنائية ضد المتهم أو المتهمين بالجريمة وفقا للقانون القومي. وإذا اعتبر أن الإدعاء بارتكاب أشكال أخري من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة يستند إلي أساس صحيح، يخضع المتهم أو المتهمين بالجريمة للإجراءات الجنائية أو التأديبية أو غيرها من الإجراءات المناسبة.
المادة 11
إذا ثبت أن عملا من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد ارتكب بفعل موظف عمومي أو بتحريض منه، كان من حق المجني عليه الإنصاف والتعويض وفقا للقانون الوطني.
المادة 12
إذا ثبت أن الإدلاء ببيان ما كان نتيجة للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لا يجوز اتخاذ ذلك البيان دليلا ضد الشخص المعني أو ضد أي شخص آخر في أية دعوى.


إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري

اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 47/133 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1992.
إن الجمعية العامة،إذ تضع في اعتبارها أن الاعتراف لجميع أفراد الأسرة البشرية بكرامتهم الأصلية وبحقوقهم المتساوية وغير القابلة للتصرف هو، بموجب المبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة وسائر الصكوك الدولية، أساس الحرية والعدالة والسلم في العالم،إذ تضع في اعتبارها أيضا أن من واجب الدول، بموجب الميثاق، ولا سيما المادة 55 منه، تعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتقيد بها،وإذ يساورها بالغ القلق لما يجري في بلدان عديدة وعلي نحو مستمر في كثير من الأحيان، من حالات اختفاء قسري، يأخذ صورة القبض علي الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم علي أي نحو آخر، علي أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو علي أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون،وإذ تري أن الاختفاء القسري يقوض أعمق القيم رسوخا في أي مجتمع ملتزم باحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأن ممارسة هذه الأفعال علي نحو منتظم يعتبر بمثابة جريمة ضد الإنسانية،وإذ تذكر بقرارها 33/173 المؤرخ 20 كانون الأول/ديسمبر 1978، الذي أعربت فيه عن قلقها بشأن التقارير الواردة من أنحاء مختلفة من العالم والمتعلقة بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعى، وعن قلقها كذلك إزاء الكرب والأسى اللذين تسببهما هذه الإختفاءات، وطالبت الحكومات بأن تعتبر القوات المكلفة بإنفاذ القانون وحفظ الأمن مسئولة قانونا عن التجاوزات التي قد تؤدي إلي حالات اختفاء قسري أو غير طوعي،إذ تذكر أيضا بالحماية التي تمنحها لضحايا المنازعات المسلحة اتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977، وإذ تضع في اعتبارها علي وجه الخصوص المواد ذات الصلة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحمي حق الشخص في الحياة وحقه في الحرية والأمن وحقه في عدم التعرض للتعذيب وحقه في الاعتراف بشخصيته القانونية،وإذ تضع في اعتبارها أيضا اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، التي تنص علي أنه يجب علي الدول الأطراف أن تتخذ تدابير فعالة لمنع أعمال التعذيب والمعاقبة عليها، وإذ تضع في اعتبارها مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين وإعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة، والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، وإذ تؤكد أن من الضروري، بغية منع حالات الاختفاء القسري، ضمان التقيد الصارم بمجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، الواردة في مرفق قرارها 43/173 المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1988، وبالمبادئ المتعلقة بالمنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام بإجراءات موجزة، الواردة في مرفق قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1989/65 المؤرخ في 24 آيار/مايو 1989، التي أيدتها الجمعية العامة في قرارها 44/162 المؤرخ في 15 كانون الأول/ديسمبر 1989. وإذ تضع في اعتبارها أنه، وإن كانت الأعمال التي تشمل الاختفاء القسري تشكل انتهاكا للمحظورات الواردة في الصكوك الدولية آنفة الذكر، فإن من المهم مع ذلك وضع صك يجعل من جميع حالات الاختفاء القسري جريمة جسيمة جدا ويحدد القواعد الرامية للمعاقبة عليها ومنع ارتكابها، تصدر هذا الإعلان بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بوصفه مجموعة من المبادئ الواجبة التطبيق علي جميع الدول، وتحث علي بذل كل الجهود حتى تعم معرفة الإعلان ويعم احترامه.
المادة 1
1. يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية ويدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأعادت تأكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشأن.
2. إن عمل الاختفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له، من حماية القانون، وينزل به وبأسرته عذابا شديدا. وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل، ضمن جملة أمور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون، وحقه في الحرية والأمن، وحقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما ينتهك الحق في الحياة أو يشكل تهديدا خطيرا له.
المادة 2
1. لا يجوز لأي دولة أن تمارس أعمال الاختفاء القسري أو أن تسمح بها أو تتغاضى عنها.
2. تعمل الدول علي المستوي الوطني والإقليمي، وبالتعاون مع الأمم المتحدة في سبيل الإسهام بجميع الوسائل في منع واستئصال ظاهرة الاختفاء القسري.
المادة 3
علي كل دولة أن تتخذ التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع وإنهاء أعمال الاختفاء القسري في أي إقليم خاضع لولايتها.
المادة 4
1. يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها بالعقوبات المناسبة التي تراعي فيها شدة جسامتها في نظر القانون الجنائي.
2. يجوز للتشريعات الوطنية أن تتضمن النص علي ظروف مخففة بالنسبة للشخص الذي يقوم، بعد اشتراكه في أعمال الاختفاء القسري، بتسهيل ظهور الضحية علي قيد الحياة، أو بالإدلاء طوعا بمعلومات تسمح بإلقاء الأضواء علي حالات اختفاء قسري.
المادة 5
بالإضافة إلي العقوبات الجنائية الواجبة التطبيق، يجب أن تترتب علي أعمال الاختفاء القسري المسؤولية المدنية لمرتكبيها والمسؤولية المدنية للدولة أو لسلطاتها التي نظمت عمليات الاختفاء المذكورة أو وافقت عليها أو تغاضت عنها، وذلك مع عدم الإخلال بالمسؤولية الدولية للدولة المعنية وفقا لمبادئ القانون الدولي.
المادة 6
1. لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة عن أي سلطة عامة، مدنية كانت أو عسكرية أو غيرها، لتبرير عمل من أعمال الاختفاء القسري. ويكون من حق كل شخص يتلقى مثل هذه الأوامر أو تلك التعليمات ومن واجبه عدم إطاعتها.
2. علي كل دولة أن تحظر إصدار أوامر أو تعليمات توجه إلي ارتكاب أي عمل يسبب الاختفاء القسري أو تأذن به أو تشجع عليه.
3. يجب التركيز علي الأحكام الواردة في الفقرتين 1 و 2 من هذه المادة في تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين.
المادة 7
لا يجوز اتخاذ أي ظروف مهما كانت، سواء تعلق الأمر بالتهديد باندلاع حرب أو قيام حالة حرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة استثنائية أخري، ذريعة لتبرير أعمال الاختفاء القسري.
المادة 8
1. لا يجوز لأي دولة أن تطرد أو تعيد ( refouler) أو تسلم أي شخص إلي أي دولة أخري إذا قامت أسباب جدية تدعو إلي الاعتقاد بأنه سيتعرض عندئذ لخطر الاختفاء القسري.
2. تقوم السلطات المختصة، للتحقق من وجود مثل هذه الأسباب، بمراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك القيام، عند الاقتضاء، بمراعاة حدوث حالات ثابتة من الانتهاك المنتظم لحقوق الإنسان علي نحو خطير أو صارخ أو جماعي في الدولة المعنية.
المادة 9
1. يعتبر الحق في الانتصاف القضائي السريع والفعال، بوصفه وسيلة لتحديد مكان وجود الأشخاص المحرومين من حريتهم أو للوقوف علي حالتهم الصحية و/أو تحديد السلطة التي أصدرت الأمر بحرمانهم من الحرية أو نفذته، ضروريا لمنع وقوع حالات الاختفاء القسري في جميع الظروف بما فيها الظروف المذكورة في المادة 7 أعلاه.
2. يكون للسلطات الوطنية المختصة، لدي مباشرة هذه الإجراءات، حق دخول جميع الأماكن التي يحتجز فيها الأشخاص المحرومون من حريتهم وكل جزء من أجزائها، فضلا عن أي مكان يكون ثمة ما يدعو إلي الاعتقاد باحتمال العثور علي هؤلاء الأشخاص فيه.
3. يكون كذلك لأي سلطة مختصة أخري مرخص لها بذلك بموجب تشريع الدولة المعنية أو أي صك قانوني دولي تكون الدولة طرفا فيه، حق دخول مثل هذه الأماكن.
المادة 10
1. يجب أن يكون كل شخص محروم من حريته موجودا في مكان احتجاز معترف به رسميا، وأن يمثل وفقا للقانون الوطني، أمام سلطة قضائية بعد احتجازه دون تأخير.
2. توضع فورا معلومات دقيقة عن احتجاز الأشخاص ومكان أو أمكنة احتجازهم، بما في ذلك حركة نقلهم من مكان إلي آخر، في متناول أفراد أسرهم أو محاميهم أو أي شخص آخر له مصلحة مشروعة في الإحاطة بهذه المعلومات، ما لم يعرب الأشخاص المحتجزون عن رغبة مخالفة لذلك.
3. يجب الاحتفاظ بسجل رسمي يجري تحديثه باستمرار بأسماء جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم في كل مكان من أمكنة الاحتجاز. وإضافة إلي ذلك، يجب علي كل دولة أن تتخذ الخطوات اللازمة لإنشاء سجلات مركزية مماثلة. وتوضع المعلومات الواردة في هذه السجلات في متناول الأشخاص المذكورين في الفقرة السابقة وفي متناول أي سلطة قضائية أو أي سلطة أخري وطنية مختصة ومستقلة، وأي سلطة مختصة، مرخص لها بذلك بموجب التشريع الوطني أو أي صك قانوني دولي تكون الدولة المعنية طرفا فيه، تسعي إلي تقصي مكان وجود أحد الأشخاص المحتجزين.
المادة 11
يجب أن يتم الإفراج عن أي شخص من الأشخاص المحرومين من حريتهم علي نحو يتيح التحقق بصورة موثوق بها من أنه أفرج عنه فعلا، وأنه، علاوة علي ذلك، أفرج عنه في ظل أوضاع تكفل احترام سلامته البدنية وقدرته علي ممارسة حقوقه ممارسة كاملة.
المادة 12
1. تضع كل دولة في إطار قانونها الوطني، قواعد تحدد الموظفين المرخص لهم بإصدار أوامر الحرمان من الحرية، والظروف التي يجوز في ظلها إصدار مثل هذه الأوامر، والجزاءات التي يتعرض لها الموظفون الذين يرفضون دون مسوغ قانوني تقديم المعلومات عن حرمان شخص ما من حريته.
2. كما تكفل كل دولة ممارسة رقابة صارمة، بما في ذلك تحديد التسلسل الواضح لمراقبة من يزاولون المسؤوليات، علي جميع الموظفين المكلفين بالقيام بعمليات القبض علي الأشخاص واعتقالهم واحتجازهم ووضعهم في الحجز ونقلهم وحبسهم، كما تكفل ممارسة تلك الرقابة علي غيرهم من الموظفين الذين يخولهم القانون استعمال القوة والأسلحة النارية.
المادة 13
1. علي كل دولة أن تكفل لكل من لدية علم أو مصلحة مشروعة ويدعي تعرض أي شخص لاختفاء قسري، الحق في أن يبلغ الوقائع إلي سلطة مختصة ومستقلة في إطار الدولة التي تقوم بإجراء تحقيق سريع وكامل ونزيه في شكواه، ومتي قامت أسباب معقولة للاعتقاد بأن اختفاء قسريا قد ارتكب، فعلي الدولة أن تبادر دون إبطاء إلي إحالة الأمر إلي تلك السلطة لإجراء هذا التحقيق، وإن لم تقدم شكوى رسمية. ولا يجوز اتخاذ أي تدابير لاختصار ذلك التحقيق أو عرقلته.
2. علي كل دولة أن تكفل للسلطة المختصة الصلاحيات والموارد اللازمة لإجراء التحقيق بفعالية، بما في ذلك صلاحيات إجبار الشهود علي الحضور وتقديم المستندات ذات الصلة، والانتقال علي الفور لمعاينة المواقع.
3. تتخذ الإجراءات التي تكفل لجميع المشاركين في التحقيق، بمن فيهم الشاكي والمحامي والشهود والذين يقومون بالتحقيق، الحماية من سوء المعاملة أو التهديد أو الانتقام.
4. يسمح لجميع الأشخاص المعنيين بناء علي طلبهم، بالإطلاع علي نتائج التحقيق، ما لم يكن في ذلك إضرار بسير التحقيق الجاري.
5. توضع أحكام خاصة لضمان المعاقبة بالعقوبات المناسبة علي أي معاملة سيئة أو تهديد أو عمل انتقامي أو أي شكل من أشكال التدخل، تقع لدي تقديم الشكوى أو أثناء إجراء التحقيق.
6. يجب أن يكون من الممكن دائما إجراء التحقيق، وفقا للطرق المذكورة أعلاه، ما دام مصير ضحية الاختفاء القسري لم يتضح بعد.
المادة 14
يجب إحالة جميع المتهمين بارتكاب عمل من أعمال الاختفاء القسري في دولة ما، إلي السلطات المدنية المختصة في تلك الدولة لإقامة الدعوى والحكم عليهم، إذا كانت النتائج التي أسفر عنها التحقيق الرسمي تبرر ذلك، ما لم يكونوا قد سلموا إلي دولة أخري ترغب في ممارسة ولايتها طبقا للاتفاقات الدولية المعمول بها في هذا المجال. وعلي جميع الدول اتخاذ التدابير القانونية المناسبة لكفالة محاكمة أي شخص خاضع لسلطتها، متهم بارتكاب عمل من أعمال الاختفاء القسري يتضح أنه خاضع لولايتها أو سلطتها.
المادة 15
يجب علي السلطات المختصة في الدولة، أن تراعي عند اتخاذها قرار منح اللجوء لشخص ما أو رفضه، مسألة وجود أسباب تدعو إلي الاعتقاد بأن الشخص قد شارك في الأعمال الشديدة الخطورة المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 4 أعلاه، أيا كانت الدوافع علي ذلك.
المادة 16
1. يجري إيقاف الأشخاص المدعي بارتكابهم أيا من الأعمال المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 4 أعلاه، عن أداء أي واجبات رسمية أثناء التحقيق المشار إليه في المادة 13 أعلاه.
2. ولا يجوز محاكمتهم إلا بواسطة السلطات القضائية العادية المختصة في كل بلد دون أي قضاء خاص آخر، ولا سيما القضاء العسكري.
3. ولا يجوز السماح بأي امتيازات أو حصانات أو إعفاءات خاصة في مثل هذه المحاكمات، وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
4. تضمن للأشخاص المدعي ارتكابهم هذه الأعمال معاملة عادلة بمقتضى الأحكام ذات الصلة، المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي أي صك دولي آخر معمول به في هذا المجال، وذلك في جميع مراحل التحقيق وإقامة الدعوى وإصدار الحكم.
المادة 17
1. يعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة مستمرة باستمرار مرتكبيها في التكتم علي مصير ضحية الاختفاء ومكان إخفائه، وما دامت هذه الوقائع قد ظلت بغير توضيح.
2. إذا أوقف العمل بسبل التظلم المنصوص عليها في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يوقف سريان أحكام التقادم المتصلة بأعمال الاختفاء القسري إلي حين إعادة العمل لتلك السبل.
3. إذا كان ثمة محل للتقادم، فيجب أن يكون التقادم المتعلق بأعمال الاختفاء القسري طويل الأجل بما يتناسب مع شدة جسامة الجريمة.
المادة 18
1. لا يستفيد الأشخاص الذين ارتكبوا أو أدعي أنهم ارتكبوا الجرائم المشار إليها في الفقرة 1 من المادة 4 أعلاه، من أي قانون عفو خاص أو أي إجراء مماثل آخر قد يترتب عليه إعفاء هؤلاء الأشخاص من أي محاكمة أو عقوبة جنائية.
2. يجب أن يؤخذ في الاعتبار، عند ممارسة حق العفو، شدة جسامة أعمال الاختفاء القسري المرتكبة.
المادة 19
يجب تعويض الأشخاص الذين وقعوا ضحية اختفاء قسري، وأسرهم، ويكون لهم الحق في الحصول علي التعويض المناسب، بما في ذلك الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيلهم علي أكمل وجه ممكن. وفي حالة وفاة شخص نتيجة لاختفاء قسري، يحق لأسرته الحصول علي التعويض أيضا.
المادة 20
1. علي الدول أن تمنع وتحظر اختطاف أبناء الآباء الذين يتعرضون للاختفاء القسري أو الأطفال الذين يولدون أثناء تعرض أمهاتهم للاختفاء القسري، وعليها أن تكرس جهودها للبحث عن هؤلاء الأطفال وتحديد هويتهم، وإعادتهم إلي أسرهم الأصلية.
2. بالنظر إلي الحاجة إلي الحفاظ علي المصلحة العليا للأطفال المذكورين في الفقرة السابقة، يجب أن تتاح الفرصة، في الدول التي تعترف بنظام التبني، لاستعراض مسألة تبني هؤلاء الأطفال والقيام، بصورة خاصة، بإلغاء أي حالة تبن ناشئة في الأساس عن عمل اختفاء قسري. بيد أنه ينبغي الإبقاء علي هذا التبني إذا أبدي أهل الطفل الأقربون موافقتهم عليه عند بحث المسألة.
3. يعتبر اختطاف أبناء الآباء الذين تعرضوا للاختفاء القسري أو الأطفال المولودين أثناء تعرض أمهاتهم للاختفاء القسري، كما يعتبر تزوير أو إخفاء وثائق تثبت هويتهم الحقيقية، جريمة شديدة الجسامة، يجب معاقبتها علي هذا الأساس.
4. علي الدول أن تبرم، عند الاقتضاء، اتفاقات ثنائية أو متعددة الأطراف تحقيقا لهذه الأغراض.
المادة 21
ليس في أحكام هذا الإعلان ما يشكل إخلالا بالأحكام المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو في أي صك دولي آخر، ولا يجوز تفسيرها بأنها تقيد أو تنتقص من أي حكم من تلك الأحكام.
مبادئ توجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة اعتمدها مؤتمر الأمم لمتحدة الثامن لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في هافانا من 27 آب/أغسطس إلى 7 أيلول/سبتمبر 1990 حيث أن شعوب العالم تؤكد في ميثاق الأمم المتحدة، في جملة أمور، تصميمها على تهيئة ظروف يمكن في ظلها أن تسود العدالة، وتعلن أن من بين أهدافها تحقيق التعاون الدولي في تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون أي تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، وحيث أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على مبادئ المساواة أمام القانون، وافتراض البراءة، والحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة، وحيث أنه لا تزال توجد في حالات كثيرة فجوة بين الرؤية التي تقوم عليها تلك المبادئ وبين الحالة الفعلية، وحيث أنه ينبغي أن يسير تنظيم وإدارة شؤون العدالة في كل بلد على هدى تلك المبادئ، كما ينبغي بذل الجهود لتحويلها كاملة إلى واقع ملموس، وحيث أن أعضاء النيابة العامة يضطلعون بدور حاسم في إقامة العدل، وأن القواعد المتعلقة بأدائهم لمسؤولياتهم الهامة ينبغي أن تعزز احترامهم للمبادئ الآنفة الذكر والتزامهم بها، بحيث تسهم في إقامة عدالة جنائية منصفة وفي وقاية المواطنين من الجريمة بصورة فعالة، وحيث أن من الجوهري تأمين حصول أعضاء النيابة العامة على المؤهلات المهنية اللازمة للاضطلاع بوظائفهم، عن طريق تحسين أساليب تعيينهم وتدريبهم القانوني والمهني، ومن خلال تهيئة كافة الوسائل التي تلزمهم لأداء دورهم بطريقة سليمة في مكافحة الإجرام، وبصفة خاصة في أشكاله وأبعاده الجديدة، وحيث أن الجمعية العامة اعتمدت بقرارها 34/169 المؤرخ في 17 كانون الأول/ديسمبر 1979، مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، بناء على توصية مؤتمر الأمم المتحدة الخامس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين، وحيث أن مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين طلب، في قراره 16، من لجنة منع الجريمة ومكافحتها أن تدرج ضمن أولويتها مبادئ توجيهية تتعلق باستقلال القضاة واختيار القضاة وأعضاء النيابة، وتدريبهم مهنيا، ومركزهم، وحيث أن مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين اعتمد المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي اعتمدتها الجمعية العامة لاحقا في قراريها 40/32، المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985، و 40/146، المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985، وحيث أن إعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة يوصى بأن تتخذ، على الصعيدين الدولي والوطني، تدابير لتحسين سبل وصول ضحايا الإجرام إلى العدالة الجنائية ومعاملتهم معاملة منصفة ورد حقوقهم إليهم وتعويضهم ومساعدتهم، وحيث أن المؤتمر السابع طلب، في قراره 7، من اللجنة أن تنظر في الحاجة إلى وضع مبادئ توجيهية تتناول، في جملة أمور، اختيار أعضاء النيابة وتدريبهم المهني ومركزهم، وما ينتظر منهم من مهام وسلوك، ووسائل تعزيز مساهمتهم في السير السلس لنظام العدالة الجنائية، وتعاونهم مع الشرطة، ونطاق سلطاتهم الاستنسابية، ودورهم في الإجراءات الجنائية، وأن تقدم تقارير عن ذلك إلى مؤتمرات الأمم المتحدة القادمة، فإن المبادئ التوجيهية الواردة أدناه، التي أعدت لمساعدة الدول الأعضاء في مهامهم المتمثلة في ضمان وتعزيز فعالية أعضاء النيابة العامة وحيادهم وعدالتهم في الإجراءات الجنائية، وينبغي أن توضع في الاعتبار وتحترم من جانب الحكومات في إطار تشريعاتها وممارستها الوطنية، وأن يوجه إليها انتباه أعضاء النيابة العامة وسائر الأشخاص مثل القضاة والمحامين وأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية، والجمهور بوجه عام، وقد صيغت هذه المبادئ التوجيهية، على نحو أساسي، من أجل أعضاء النيابات العامة، بيد أنها تنطبق بنفس القدر، وحسب الاقتضاء، على أعضاء النيابة العامة المعينين لحالات خاصة.
المؤهلات والاختيار والتدريب
1. يتعين أن يكون الأشخاص الذين يختارون لشغل وظائف النيابة العامة ذوي نزاهة ومقدرة وحاصلين علي تدريب ومؤهلات ملائمة.
2. تكفل الدول ما يلي:
(أ) تضمين معايير اختيار أعضاء النيابة العامة ضمانات تحول دون تعيينهم على أساس التحيز أو المحاباة، بحيث تستبعد أي تمييز ضد الأشخاص يستند إلى العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي وغيره من الآراء، أو المنشأ الوطني والاجتماعي أو الأصل العرقي أو الملكية أو المولد أو الحالة الاقتصادية أو أي وضع آخر، ولا يستثنى من ذلك سوى أن اقتضاء كون المرشح لتولى منصب عضو النيابة العامة من رعايا البلد المعنى لا يعتبر تمييزا،
(ب) تأمين التعلم والتدريب الملائمين لأعضاء النيابة العامة، كما ينبغي توعيتهم إلى المثل والواجبات الأخلاقية لوظائفهم، والحماية الدستورية والقانونية لحقوق المشتبه بهم والضحايا، و حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي يعترف بها القانون الوطني والدولي
الحالة وشروط الخدمة
3. ينبغي لأعضاء النيابة، بوصفهم أطرافا أساسيين في مجال إقامة العدل، الحفاظ دوما على شرف مهنتهم وكرامتها.
4. تكفل الدول تمكين أعضاء النيابة العامة من أداء وظائفهم المهنية دون ترهيب أو تعويق أو مضايقة أو تدخل غير لائق، ودون التعرض، بلا مبرر، للمسؤولية المدنية أو الجنائية أو غير ذلك من المسؤوليات.
5. تؤمن السلطات حماية أعضاء النيابة وأسرهم بدنيا عندما تتعرض سلامتهم الشخصية للخطر بسبب اضطلاعهم بوظائف النيابة العامة.
6. تحدد، بموجب القانون أو بموجب قواعد أو لوائح منشورة، شروط لائقة لخدمة أعضاء النيابة العامة وحصولهم على أجر كاف، وحيث ينطبق ذلك، لمدة شغلهم لمناصبهم ومعاشهم التقاعدي وسن تقاعدهم.
7. تستند ترقية أعضاء النيابة العامة، حيثما وجد نظام لها، إلى عوامل موضوعية منها، على الخصوص، المؤهلات المهنية والمقدرة والنزاهة والخبرة، ويبت فيها وفقا لإجراءات منصفة ونزيهة.
حرية التعبير وتكوين الرابطات والانضمام إليها
8. لأعضاء النيابة العامة، شأنهم شأن غيرهم من المواطنين، الحق في حرية التعبير والعقيدة وتشكيل الرابطات والانضمام إليها وعقد الاجتماعات. ويحق لهم، بصفة خاصة، المشاركة في المناقشات العامة للأمور المتصلة بالقانون وإقامة العدل، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وكذلك الانضمام إلى منظمات محلية أو وطنية أو دولية أو تشكيلها وحضور اجتماعاتها، دون أن يلحق بهم أي أذى من الوجهة المهنية بسبب عملهم المشروع أو عضويتهم في منظمة مشروعة. وعليهم أن يتصرفوا دائما، في ممارسة هذه الحقوق، طبقا للقانون والمعايير والآداب المعترف بها لمهنتهم.
9. لأعضاء النيابة العامة حرية تشكيل الرابطات المهنية أو غيرها من المنظمات التي تمثل مصالحهم وتعزز تدريبهم المهني وتحمى مركزهم، والانضمام إليها.
دور أعضاء النيابة العامة في الإجراءات الجنائية
10. تكون مناصب أعضاء النيابة العامة منفصلة تماما عن الوظائف القضائية.
11. يؤدى أعضاء النيابة العامة دورا فعالا في الإجراءات الجنائية، بما في ذلك بدء الملاحقة القضائية، والاضطلاع، ضمن ما يسمح به القانون أو يتمشى مع الممارسة المحلية، بالتحقيق في الجرائم والإشراف على قانونية التحقيقات، والإشراف على تنفيذ قرارات المحاكم، وممارسة مهامهم الأخرى باعتبارهم ممثلين للصالح العام.
12. على أعضاء النيابة العامة أن يؤدوا واجباتهم وفقا للقانون، بإنصاف واتساق وسرعة، وأن يحترموا كرامة الإنسان ويحموها ويساندوا حقوق الإنسان، بحيث يسهمون في تأمين سلامة الإجراءات وسلامة سير أعمال نظام العدالة الجنائية.
13. يلتزم أعضاء النيابة العامة، في أداء واجباتهم، بما يلي:
(أ) أداء وظائفهم دون تحيز، واجتناب جميع أنواع التمييز السياسي أو الاجتماعي أو الديني أو العنصري أو الثقافي أو الجنسي أو أي نوع آخر من أنواع التمييز،
(ب) حماية المصلحة العامة، والتصرف بموضوعية، والمراعاة الواجبة لموقف كل من المتهم والضحية، والاهتمام بكافة الظروف ذات الصلة، سواء كانت لصالح المتهم أو ضده،
(ج) المحافظة على سرية المسائل التي يعهد إليهم بها، ما لم يتطلب أداء واجبهم أو دواعي العدالة خلاف ذلك،
(د) دراسة آراء وشواغل الضحايا في حالة تأثر مصالحهم الشخصية، وضمان إبلاغ الضحايا بحقوقهم عملا بإعلان مبادئ العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة.
14. يمتنع أعضاء النيابة العامة عن بدء الملاحقة القضائية أو مواصلتها، أو يبذلون قصارى جهدهم لوقف الدعوى، إذا ظهر من تحقيق محايد أن التهمة لا أساس لها.
15. يولى أعضاء النيابة العامة الاهتمام الواجب للملاحقات القضائية المتصلة بالجرائم التي يرتكبها موظفون عموميون، ولاسيما ما يتعلق منها بالفساد، وإساءة استعمال السلطة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وغير ذلك من الجرائم التي ينص عليها القانون الدولي، وللتحقيق في هذه الجرائم إذا كان القانون يسمح به أو إذا كان يتمشى مع الممارسة المحلية.
16. إذا أصبحت في حوزة أعضاء النيابة العامة أدلة ضد أشخاص مشتبه فيهم وعلموا أو اعتقدوا، استنادا إلى أسباب وجيهة، أن الحصول عليها جرى بأساليب غير مشروعة تشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان بالنسبة للمشتبه فيه، وخصوصا باستخدام التعذيب أو المعاملة أو المعاقبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية، أو بواسطة انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، وجب عليهم رفض استخدام هذه الأدلة ضد أي شخص غير الذين استخدموا الأساليب المذكورة أو إخطار المحكمة بذلك، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان تقديم المسئولين عن استخدام هذه الأساليب إلى العدالة.
الصلاحيات الاستثنائية
17. يقتضي، في البلدان التي تكون فيها وظائف أعضاء النيابة العامة متسمة بصلاحيات استنسابية، أو يوفر القانون أو القواعد أو النظم المنشورة مبادئ توجيهية من أجل تعزيز الإنصاف واتساق النهج عند البت في عمليات الملاحقة القضائية، بما في ذلك بدء الملاحقة أو صرف النظر عنها.
بدائل الملاحقة القانونية
18. يولى أعضاء النيابة العامة، وفقا للقانون الوطني، الاعتبار الواجب لإمكان صرف النظر عن الملاحقة القضائية ووقف الدعاوى، بشروط أو بدون شروط، وتحويل القضايا الجنائية عن نظام القضاء الرسمي، وذلك مع الاحترام الكامل لحقوق المشتبه فيهم والضحايا. ولهذا الغرض، وينبغي أن تستكشف الدول، بشكل تام، إمكان اعتماد خطط للاستعاضة عن الملاحقة القانونية، ليس فقط لتخفيف الأعباء المفرطة عن كاهل المحاكم، بل كذلك لتجنيب الأشخاص المعنيين وصمة الاحتجاز السابق للمحاكمة والاتهام والإدانة، وكذلك الآثار الضارة للسجن.
19. في البلدان التي تكون فيها وظائف أعضاء النيابة العامة متسمة بصلاحيات استنسابية فيما يتعلق بقرار ملاحقة الحدث قضائيا أو عدم ملاحقته، ينبغي إيلاء اعتبار خاص لطبيعته الجرم وخطورته ولحماية المجتمع وشخصية الحدث وخلفتيه. وينبغي لأعضاء النيابة العامة، لدى اتخاذ هذا القرار، أن ينظروا بصفة خاصة في بدائل الملاحقة المتاحة في إطار قوانين وإجراءات قضاء الأحداث، ويتعين على أعضاء النيابة العامة أن يبذلوا قصارى جهدهم للامتناع عن اتخاذ إجراءات قضائية ضد الأحداث إلا في حالة الضرورة القصوى.
العلاقة مع الوكالات أو المؤسسات الحكومية الأخرى
20. ضمانا لعدالة الملاحقة القضائية وفعاليتها، يسعى أعضاء النيابة العامة جاهدين إلى التعاون مع الشرطة والمحاكم ومزاولي المهن القانونية وهيئات الدفاع العامة، وسائر الوكالات أو المؤسسات الحكومية.
الإجراءات التأديبية
21. يستند، في معالجة المخالفات التي يرتكبها أعضاء النيابة العامة والتي تستحق إجراءات تأديبية، إلى القانون أو النظم المستندة إلى القانون وتعالج الشكاوى التي تقدم ضدهم، وتدعى أنهم تجاوزوا، بوضوح، نطاق المعايير المهنية، معالجة سريعة ومنصفة وفى إطار إجراءات ملائمة. ويكون لهم الحق في الحصول على محاكمة عادلة. ويخضع القرار لمراجعة مستقلة.
22. تكفل الإجراءات التأديبية التي تتخذ ضد أعضاء النيابة العامة إجراء التقييمات واتخاذ القرارات على أسس موضوعية. وتحدد هذه الإجراءات وفقا للقانون ومدونات قواعد السلوك المهني وسائر المعايير والقواعد الأخلاقية الراسخة، وعلى هدى هذه المبادئ التوجيهية.
التقيد بالمبادئ التوجيهية
23. يتقيد أعضاء النيابة العامة بهذه المبادئ التوجيهية، ويبذلون أقصى مستطاعهم لمنع انتهاكها ولمجابهة هذا الانتهاك بحزم.
24. يتولى أعضاء النيابة العامة الذين يوجد لديهم ما يدعوهم إلى الاعتقاد بأن هذه المبادئ التوجيهية قد انتهكت أو توشك أن تنتهك، بإبلاغ ذلك إلى السلطات العليا التي يتبعونها، وكذلك، حيث تدعو الضرورة، إلى أية سلطات أو هيئات مختصة غيرها تملك صلاحية المراجعة أو التصحيح.






مبادئ أساسية بشأن استقلال السلطة القضائية

اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في ميلانو من 26 آب/أغسطس إلى 6 أيلول/ديسمبر 1985كما اعتمدت ونشرت علي الملأ بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985/40/146 المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985 حيث أن شعوب العالم تؤكد في ميثاق الأمم المتحدة، في جملة أمور، تصميمها على تهيئة ظروف يمكن في ظلها أن تسود العدالة وعلى تحقيق التعاون الدولي في ميدان تعزيز وتشجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون أي تمييز، وحيث أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص خصوصا على مبادئ المساواة أمام القانون وافتراض البراءة، والحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة ونزيهة مشكلة وفقا للقانون، وحيث أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يضمنان كلاهما ممارسة هذه الحقوق بالإضافة إلى أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يضمن كذلك الحق في المحاكمة دون تأخير بغير موجب، وحيث أنه لا تزال توجد في حالات كثيرة فجوة بين الرؤية التي تقوم عليها تلك المبادئ وبين الحالة الفعلية، وحيث أنه ينبغي أن يسير تنظيم وإدارة شؤون القضاء في كل بلد على هدى تلك المبادئ، كما ينبغي بذل الجهود لتحويلها كاملة إلى واقع ملموس، وحيث أن القواعد التي تخضع لها ممارسة الوظائف القضائية ينبغي أن تهدف إلى تمكين القضاة من التصرف وفقا لتلك المبادئ، وحيث أن القضاة مكلفون باتخاذ القرار الأخير بشأن حياة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم وواجباتهم وممتلكاتهم، وحيث أن مؤتمر الأمم المتحدة السادس لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين طلب، في قراره 16، من لجنة منع الجريمة ومكافحتها أن تدرج ضمن أولوياتها وضع مبادئ توجيهية تتعلق باستقلال القضاة واختيار القضاة وأعضاء النيابة، وتدريبهم مهنيا، ومركزهم، وحيث أن من المناسب، بناء على ذلك، إيلاء الاعتبار أولا لدور القضاة بالنسبة إلى نظام القضاء ولأهمية اختيارهم وتدريبهم وسلوكهم، فإنه ينبغي للحكومات أن تراعى وتحترم، في إطار تشريعاتها وممارساتها الوطنية، المبادئ الأساسية التالية التي وضعت لمساعدة الدول الأعضاء في مهمتها المتعلقة بضمان استقلال السلطة القضائية وتعزيزه، وأن تعرض هذه المبادئ على القضاة والمحامين وأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية والجمهور بوجه عام. مع أن هذه المبادئ وضعت بصورة رئيسية لتنطبق على القضاة المحترفين في المقام الأول، فإنها تنطبق بدرجة مساوية، حسب الاقتضاء، على القضاة غير المحترفين حيثما وجدوا.
استقلال السلطة القضائية
1. تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه. ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.
2. تفضل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الوقائع ووفقا للقانون، ودون أية تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب.
3. تكون للسلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي كما تنفرد بسلطة البت فيما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد في القانون.
4. لا يجوز أن تحدث أية تدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها، في الإجراءات القضائية ولا تخضع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم لإعادة النظر. ولا يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية أو بقيام السلطات المختصة، وفقا للقانون، بتخفيف أو تعديل الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية.
5. لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة. ولا يجوز إنشاء هيئات قضائية، لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول والخاصة بالتدابير القضائية، لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية.
6. يكفل مبدأ استقلال السلطة القضائية لهذه السلطة ويتطلب منها أن تضمن سير الإجراءات القضائية بعدالة، واحترام حقوق الأطراف.
7. من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها بطريقة سليمة.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات
8. وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية كغيرهم من المواطنين التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع، ومع ذلك يشترط أن يسلك القضاة دائما، لدى ممارسة حقوقهم، مسلكا يحفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء.
9. تكون للقضاة الحرية في تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية استقلالهم القضائي، وفى الانضمام إليها.
المؤهلات والاختيار والتدريب
10. يتعين أن يكون من يقع عليهم الاختيار لشغل الوظائف القضائية أفرادا من ذوى النزاهة والكفاءة، وحاصلين على تدريب أو مؤهلات مناسبة في القانون. ويجب أن تشتمل أي طريقة لاختيار القضاة. على ضمانات ضد التعيين في المناصب القضائية بدوافع غير سليمة. ولا يجوز عند اختيار القضاة، أن يتعرض أي شخص للتمييز على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو الآراء السياسية أو غيرها من الآراء، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي، أو الملكية أو الميلاد أو المركز، على أنه لا يعتبر من قبيل التمييز أن يشترط في المرشح لوظيفة قضائية أن يكون من رعايا البلد المعنى.
شروط الخدمة ومدتها
11. يضمن القانون للقضاة بشكل مناسب تمضية المدة المقررة لتوليهم وظائفهم واستقلالهم، وأمنهم، وحصولهم على أجر ملائم، وشروط خدمتهم ومعاشهم التقاعدي وسن تقاعدهم.
12. يتمتع القضاة، سواء أكانوا معينين أو منتخبين، بضمان بقائهم في منصبهم إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامية أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب، حيثما يكون معمولا بذلك.
13. ينبغي أن يستند نظام ترقية القضاة، حيثما وجد مثل هذا النظام، إلى العوامل الموضوعية ولا سيما الكفاءة والنزاهة والخبرة.
14. يعتبر إسناد القضايا إلى القضاة ضمن إطار المحكمة التي ينتمون إليهما مسألة داخلية تخص الإدارة القضائية.
السرية والحصانة المهنيتان
15. يكون القضاة ملزمين بالمحافظة على سر المهنة فيما يتعلق بمداولاتهم وبالمعلومات السرية التي يحصلون عليها أثناء أداء واجباتهم الأخرى خلاف الإجراءات العامة، ولا يجوز إجبارهم على الشهادة بشأن هذه المسائل.
16. ينبغي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير، وذلك دون إخلال بأي إجراء تأديبي أو بأي حق في الاستئناف أو في الحصول على تعويض من الدولة، وفقا للقانون الوطني.
التأديب والإيقاف والعزل
17. ينظر في التهمة الموجهة أو الشكوى المرفوعة ضد قاض بصفته القضائية والمهينة وذلك على نحو مستعجل وعادل بموجب إجراءات ملائمة. وللقاضي الحق في الحصول على محاكمة عادلة. ويكون فحص الموضوع في مرحلته الأولى سريا، ما لم يطلب القاضي خلاف ذلك.
18. لا يكون القضاة عرضة للإيقاف أو للعزل إلا لدواعي عدم القدرة أو دواعي السلوك التي تجعلهم غير لائقين لأداء مهامهم.
19. تحدد جميع الإجراءات التأديبية وإجراءات الإيقاف أو العزل وفقا للمعايير المعمول بها للسلوك القضائي.
20. ينبغي أن تكون القرارات الصادرة بشأن الإجراءات التأديبية أو إجراءات الإيقاف أو العزل قابلة لإعادة النظر من جانب جهة مستقلة. ولا ينطبق ذلك على القرارات التي تصدرها المحكمة العليا أو السلطة التشريعية بشأن قضايا الاتهام الجنائي وما يماثلها.








اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي
الاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي

اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 تموز/يوليه 1948، في دورته الحادية والثلاثين تاريخ بدء النفاذ: 4 تموز/يوليه 1950، وفقا لأحكام المادة 15
إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، وقد دعاه مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلي الانعقاد في سان فرانسيسكو، وانعقد فيها في دورته الحادية والثلاثين يوم 17 حزيران/يونيه 1948، وقد قرر أن يعتمد، علي شكل اتفاقية، مقترحات معينة تتصل بموضوع الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي وهو موضوع البند السابع من جدول أعمال الدورة، وإذ يري أن ديباجة دستور منظمة العمل الدولية تعتبر "الاعتراف بمبدأ الحرية النقابية" وسيلة لتحسين أوضاع العمال ولإقرار السلام، وإذ يري أن إعلان فيلادلفيا قد أكد مجددا أن "حرية التعبير والحرية النقابية" شرطتان أساسيان لاطراد التقدم، ولما كان مؤتمر العمل الدولي قد أقر بالإجماع، في دورته الثلاثين، المبادئ التي ينبغي أن تكون أساسا للتنظيم الدولي،
وإذ يري أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثانية، قد تبنت هذه المبادئ ورجت منظمة العمل الدولية أن تواصل بذل كل ما في وسعها لكي يصبح في المستطاع عقد اتفاقية دولية أو عدة اتفاقيات دولية، يعتمد، في هذا اليوم التاسع من شهر تموز/يوليه عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين، الاتفاقية التالية التي ستدعي "اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي لعام 1948":
الباب الأول: الحرية النقابية
المادة 1
يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية تكون هذه الاتفاقية نافذة إزاءه بوضع الأحكام التالية موضع التنفيذ.
المادة 2
للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق.
المادة 3
1. لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وصياغة برامجها.
2. تمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يحد من هذه الحقوق أو يحول دون ممارستها المشروعة.
المادة 4
لا تخضع منظمات العمال وأصحاب العمل لقرارات الحل أو وقف العمل التي تتخذها سلطة إدارية.
المادة 5
لمنظمات العمال وأصحاب العمل حق تكوين اتحادات واتحادات حلافية والانضمام إليها، كما أن لكل منظمة أو اتحاد أو اتحاد حلافي من هذا النوع حق الانتساب إلي منظمات دولية للعمال وأصحاب العمل.
المادة 6
تنطبق أحكام المواد 2 و 3 و 4 من هذه الاتفاقية علي اتحادات منظمات العمال وأصحاب العمل واتحاداتها الحلافية.
المادة 7
لا يجوز إخضاع اكتساب منظمات العمال وأصحاب العمل واتحاداتها الحلافية للشخصية القانونية لشروط يكون من شأنها الحد من تطبيق أحكام المواد 2 و 3 و 4 من هذه الاتفاقية.
المادة 8
1. علي العمال وأصحاب العمل، ومنظمات أولئك وهؤلاء، في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه الاتفاقية أن يحترموا القانون الوطني، شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الأشخاص والجماعات المنظمة.
2. لا يجوز للقانون الوطني، ولا للأسلوب الذي يطبق به، انتقاص الضمانات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية.
المادة 9
1. تحدد القوانين واللوائح الوطنية مدي انطباق الضمانات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية علي القوات المسلحة والشرطة.
2. طبقا للمبدأ المقرر في الفقرة 8 من المادة 19 من دستور منظمة العمل الدولية، لا يعتبر تصديق أي عضو لهذه الاتفاقية ذا أثر علي أي قانون أو حكم قضائي أو عرف أو اتفاق قائم بالفعل، يتمتع أعضاء القوات المسلحة أو الشرطة بمقتضاه بأي حق تضمنه هذه الاتفاقية.
المادة 10
في هذه الاتفاقية، يراد بكلمة "منظمة" أية منظمة للعمال أو لأصحاب العمل تستهدف تعزيز مصالح العمال أو أصحاب العمل والدفاع عنها.
الباب الثاني: حماية حق التنظيم النقابي
المادة 11
يتعهد كل عضو من أعضاء منظمة العمل الدولية تكون هذه الاتفاقية نافذة إزاءه باتخاذ جميع التدابير اللازمة والمناسبة لضمان تمكين العمال وأصحاب العمل من ممارسة حق التنظيم النقابي في حرية.
الباب الثالث: أحكام متنوعة
المادة 12
1. في ما يتعلق بالأقاليم المشار إليها في المادة 35 من دستور منظمة العمل الدولية بصيغتها المعدلة بصك تعديل دستور منظمة العمل الدولية لعام 1946، عدا الأقاليم المشار إليها في الفقرتين 4 و 5 من المادة المذكورة المعدلة علي النحو المذكور، يقوم كل عضو في المنظمة يصدق علي هذه الاتفاقية بإيداع المدير العام لمكتب العمل الدولي، لدي التصديق، أو في أقرب وقت ممكن بعده، بيانا يحدد فيه:
(أ) الأقاليم التي بشأنها يتعهد بأن يتم تطبيق أحكام الاتفاقية دون تعيير،
(ب) الأقاليم التي بشأنها يتعهد بأن يتم تطبيق أحكام الاتفاقية مع تغييرات، مع ذكر تفاصيل هذه التغييرات،
(ج) الأقاليم التي لا تنطبق عليها الاتفاقية، مع ذكر مبررات عدم انطباقها في هذه الحالات،
(د) الأقاليم التي بشأنها يتحفظ باتخاذ قراره.
2. تعتبر التعهدات المشار إليها في الفقرتين الفرعيتين (أ) و (ب) من الفقرة 1 من هذه المادة جزءا لا يتجزأ من التصديق، ويكون لها مثل آثاره.
3. لأي عضو، في أي حين، أن يلغي بإعلان لاحق، كليا أو جزئيا، أية تحفظات أوردها في إعلانه الأصلي عملا بالفقرات الفرعية (ب) و (ج) و (د) من الفقرة 1 من هذه المادة.
4. لأي عضو، في أي حين يجوز فيه الانسحاب من هذه الاتفاقية طبقا لأحكام المادة 16، أن يوجه إلي المدير العام إعلانا جديدا يدخل، علي أي صعيد آخر، تغييرات علي مضامين أي إعلان سابق ويذكر الموقف الراهن في أية أقاليم يحددها.
المادة 13
1. حين تكون المسائل التي تعالجها هذه الاتفاقية داخلة في اختصاصات الحكم الذاتي التي يملكها أي إقليم غير متروبولي، يجوز للعضو المسئول عن العلاقات الدولية لهذا الإقليم أن يوجه إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي، بالاتفاق مع حكومة الإقليم المذكور، إعلانا يقبل به، باسم ذلك الإقليم، التزامات هذه الاتفاقية.
2. يمكن أن يوجه إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي إعلانا بقبول التزامات هذه الاتفاقية:
(أ) أي اثنين أو أكثر من أعضاء المنظمة، بصدد أي إقليم موضوع تحت سلطتهما أو سلطتهم المشتركة، أو
(ب) أية سلطة دولية تكون مسؤولة عن إدارة أي إقليم بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة أو بمقتضى أي حكم آخر، بصدد هذا الإقليم.
3. يجب أن تذكر الإعلانات الموجهة إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي عملا بالفقرتين السابقتين من هذه المادة هل ستطبق أحكام الاتفاقية في الإقليم المعني دون تغيير أم رهنا بإدخال تغييرات عليها، فإذا ذكر الإعلان أن أحكام الاتفاقية ستطبق رهنا بإدخال تغييرات عليها وجب أن يذكر تفاصيل هذه التغييرات.
4. للعضو أو الأعضاء أو السلطة الدولية المعنيين بالأمر، أن يتخلوا كليا أو جزئيا، في أي حين، بإعلان لاحق، عن حق اللجوء إلي أي تغيير أشير إليه في أي إعلان سابق.
5. للعضو أو الأعضاء أو السلطة الدولية المعنيين بالأمر، في أي حين يجوز فيه الانسحاب من هذه الاتفاقية طبقا لأحكام المادة 16، أن يوجهوا إلي المدير العام إعلانا يدخل، علي أي صعيد آخر، تغييرات علي مضامين أي إعلان سابق، ويحدد الموقف الراهن بشأن تطبيق الاتفاقية.
الباب الرابع: أحكام ختامية
المادة 14
توجه صكوك التصديق الرسمية لهذه الاتفاقية إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي، الذي يقوم بتسجيلها.
المادة 15
1. لا تلزم هذه الاتفاقية إلا أعضاء منظمة العمل الدولية الذين تم تسجيل صكوك تصديقهم لها لدي المدير العام.
2. ويبدأ نفاذها بعد اثني عشر شهرا من التاريخ الذي يكون قد تم فيه تسجيل المدير العام لصكي تصديق عضوين.
3. وبعد ذلك يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية إزاء كل عضو بعد اثني عشر شهرا من التاريخ الذي يكون قد تم فيه تسجيل صك تصديقه.
المادة 16
1. لأي عضو صدق هذه الاتفاقية أن ينسحب منها لدي انقضاء عشر سنوات علي وضعها موضع النفاذ، وذلك بوثيقة توجه إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي، الذي يقوم بتسجيلها. ولا يسري مفعول هذا الانسحاب إلا بعد سنة من تاريخ تسجيله.
2. كل عضو صدق هذه الاتفاقية ولم يمارس، خلال السنة التي تلي انقضاء فترة السنوات العشر المذكورة في الفقرة السابقة، حق الانسحاب الذي تنص عليه هذه المادة، يظل مرتبطا بها لفترة عشر سنوات أخري، وبعد ذلك يجوز له الانسحاب من هذه الاتفاقية لدي انقضاء كل فترة عشر سنوات بالشروط المنصوص عليها في هذه المادة.
المادة 17
1. يقوم المدير العام لمكتب العمل الدولي بإشعار جميع أعضاء منظمة العمل الدولية بجميع صكوك التصديق والإعلانات والتحفظات ووثائق الانسحاب التي يوجهها إليه أعضاء المنظمة.
2. علي المدير العام، حين يقوم بإشعار أعضاء المنظمة بتسجيل صك التصديق الموجهة إليه، أن يسترعي نظر أعضاء المنظمة إلي التاريخ الذي سيبدأ فيه نفاذ هذه الاتفاقية.
المادة 18
يقوم المدير العام لمكتب العمل الدولي بإيداع الأمين العام للأمم المتحدة بيانات كاملة عن جميع صكوك التصديق والإعلانات ووثائق الانسحاب التي قام بتسجيلها ووفقا للمواد السابقة، كيما يقوم هذا الأخير بتسجيلها وفقا لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة.
المادة 19
لدي انقضاء كل فترة عشر سنوات تلي بدء نفاذ هذه الاتفاقية، يقدم مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلي المؤتمر العام تقريرا حول سير تطبيق هذه الاتفاقية، كما يدرس مسألة ضرورة أو عدم ضرورة إدراج بند في جدول أعمال المؤتمر حول تنقيحها كليا أو جزئيا.
المادة 20
1. إذا حدث أن اعتمد المؤتمر اتفاقية جديدة تنطوي علي تنقيح كلي أو جزئي، وما لم تنص الاتفاقية الجديدة علي خلاف ذلك،
(أ) يستتبع تصديق أي عضو للاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح، بمجرد قيام هذا التصديق، وبصرف النظر عن أحكام المادة 16 أعلاه، انسحابه الفوري من هذه الاتفاقية، إذا، ومتي، أصبحت الاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح نافذة المفعول،
(ب) تصبح هذه الاتفاقية، اعتبارا من بدء نفاذ الاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح، غير متاحة للتصديق من قبل الأعضاء.
2. تظل هذه الاتفاقية علي أية حال، بشكلها ومضمونها الراهنين، نافذة المفعول إزاء الأعضاء الذين صدقوها ولكنهم لم يصدقوا الاتفاقية المنطوية علي التنقيح.
المادة 21
يكون النصان الإنكليزي والفرنسي لهذه الاتفاقية متساويين في الحجية.
النص الوارد أعلاه هو النص الرسمي للاتفاقية التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية وفقا للأصول في دورته الحادية والثلاثين المنعقدة في سان فرانسيسكو والتي أعلن اختتامها في اليوم العاشر من تموز/يوليه 1948.
وإثباتا لذلك، ذيلناه بتواقيعنا في هذا اليوم، الحادي والثلاثين من آب/أغسطس 1948.



اتفاقية تحريم السخرة
الاتفاقية (رقم 105) الخاصة بتحريم السخرة
أقرها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 25 حزيران/يونيه 1957، في دورته الأربعين تاريخ بدء النفاذ: 17 كانون الثاني/يناير 1959، وفقا لأحكام المادة 4
إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، وقد دعاه مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلي الانعقاد في جنيف، وانعقد فيها في دورته الأربعين يوم 5 حزيران/يونيه 1957، وقد نظر في موضوع السخرة، الذي يشكل البند الرابع من جدول أعمال دورته، وقد أحاط علما بأحكام اتفاقية السخرة لعام 1930، وبعد أن لاحظ أن الاتفاقية الخاصة بالرق، المعقودة عام 1926، تنص علي وجوب اتخاذ جميع التدابير الضرورية للحؤول دون تحول عمل السخرة أو العمل القسري إلي ظروف تماثل ظروف الرق، وأن الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق، المعقودة عام 1956، تنص علي التحريم الكلي لإسار الدين والقنانة، وبعد أن لاحظ أن الاتفاقية الخاصة بحماية الأجور، المعقودة عام 1949، تنص علي وجوب دفع الأجور في مواعيد منتظمة وتحظر أساليب الدفع التي تحرم العامل من أية قدرة صادقة علي ترك عمله، وقد استقر رأيه علي اعتماد مقترحات إضافية بشأن تحريم بعض أشكال السخرة أو العمل القسري التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان التي استهدفها ميثاق الأمم المتحدة وحددها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد قرر أن تصاغ هذه المقترحات في شكل اتفاقية دولية،
يعتمد، في هذا اليوم الخامس والعشرين من حزيران/يونيه عام ألف وتسعمائة وسبعة وخمسين، الاتفاقية التالية التي ستدعي "اتفاقية تحريم السخرة، لعام 1957":
المادة 1
يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية يصدق هذه الاتفاقية بحظر أي شكل من أشكال عمل السخرة أو العمل القسري، وبعدم اللجوء إليه:
(أ) كوسيلة للإكراه أو التوجيه السياسي أو كعقاب علي اعتناق آراء سياسية أو آراء تتعارض مذهبيا مع النظام السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي القائم، أو علي التصريح بهذه الآراء، أو
(ب) كأسلوب لحشد اليد العاملة واستخدامها لأغراض التنمية الاقتصادية، أو
(ج) كوسيلة لفرض الانضباط علي العمال، أو
(د) كعقاب علي المشاركة في إضرابات، أو
(هـ) كوسيلة للتمييز العنصري أو الاجتماعي أو القومي أو الديني.
المادة 2
يتعهد كل عضو في منظمة العمل الدولية يصدق هذه الاتفاقية علي اتخاذ تدابير فعالة لكفالة الإلغاء الفوري الكامل لعمل السخرة أو العمل القسري علي النحو المحدد في المادة 1 من هذه الاتفاقية.
المادة 3
ترسل الصكوك الرسمية لتصديق هذه الاتفاقية إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي، الذي يقوم بتسجيلها.
المادة 4
1. لا تلزم هذه الاتفاقية إلا أعضاء منظمة العمل الدولية الذين سجلت صكوك تصديقهم لها لدي المدير العام.
2. ويبدأ نفاذ هذه الاتفاقية بعد اثني عشر شهرا من التاريخ الذي يكون المدير العام فيه قد سجل صكي تصديق عضوين.
3. وبعد ذلك يبدأ نفاذ هذه الاتفاقية إزاء أي عضو بعد اثني عشر شهرا من تاريخ تسجيل المدير العام صك تصديقه لها.
المادة 5
1. لأي عضو صدق هذه الاتفاقية أن ينسحب منها بعد انقضاء عشر سنوات علي بدء نفاذها الأصلي، وذلك بوثيقة ترسل إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي، الذي يقوم بتسجيلها، ولا يبدأ نفاذ مفعول هذا الانسحاب إلا بعد سنة من التاريخ الذي سجل فيه.
2. كل عضو صدق هذه الاتفاقية ثم لم يمارس، خلال السنة التالية للسنوات العشر المذكورة في الفقرة السابقة، حق الانسحاب الذي تنص عليه هذه المادة، يظل مرتبطا بها لفترة عشر سنوات أخري، وبعدئذ يجوز له الانسحاب من هذه الاتفاقية لدي انقضاء كل فترة عشر سنوات تالية وبالشروط المنصوص عليها في هذه المادة.
المادة 6
1. يقوم المدير العام لمكتب العمل الدولي بإشعار جميع أعضاء منظمة العمل الدولية بتسجيل جميع صكوك التصديق ووثائق الانسحاب الواردة إليه من قبل أعضاء المنظمة.
2. علي المدير العام، حين يقوم بإشعار أعضاء المنظمة بتسجيله صك التصديق الثاني الوارد إليه، أن يسترعي نظر أعضاء المنظمة إلي التاريخ الذي سيبدأ فيه نفاذ هذه الاتفاقية.
المادة 7
يقوم المدير العام لمكتب العمل الدولي بإبلاغ الأمين العام للأمم المتحدة بكامل التفاصيل المتعلقة بجميع صكوك التصديق ووثائق الانسحاب التي قام بتسجيلها طبقا لنصوص المواد السابقة، كيما يسجلها بدوره طبقا لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة.
المادة 8
يقوم مجلس إدارة مكتب العمل الدولي، كلما رأي ذلك ضروريا، بتقديم تقرير إلي المؤتمر العام حول سير تطبيق هذه الاتفاقية، كما يدرس مسألة ضرورة أو عدم ضرورة إدراج بند في جدول أعمال المؤتمر حول تنقيحها كليا أو جزئيا.
المادة 9
1. إذا حدث أن اعتمد المؤتمر العام اتفاقية جديدة تنطوي علي تنقيح كلي أو جزئي لهذه الاتفاقية، وما لم تنص الاتفاقية الجديدة علي خلاف ذلك:
(أ) يستتبع تصديق العضو للاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح، بمجرد قيام هذا التصديق، انسحاب العضو المذكور من هذه الاتفاقية فورا، وبصرف النظر عن أحكام المادة 5 أعلاه، إذا، ومتي أصبحت الاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح نافذة المفعول،
(ب) وتصبح هذه الاتفاقية، اعتبارا من تاريخ بدء نفاذ الاتفاقية الجديدة المنطوية علي التنقيح، غير متاحة للتصديق من قبل الأعضاء،
(ج) وتظل هذه الاتفاقية علي أي حال، بشكلها ومضمونها الراهنين، نافذة المفعول إزاء الأعضاء الذين صدقوها ولكنهم لم يصدقوا الاتفاقية المنطوية علي التنقيح.
المادة 10
يكون النصان الإنكليزي والفرنسي لهذه الاتفاقية متساويين في الحجية.
النص الوارد أعلاه هو النص الرسمي للاتفاقية التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية وفقا للأصول في دورته الأربعين المنعقدة في جنيف والتي أعلن اختتامها في اليوم السابع والعشرون من شهر حزيران/يونيه 1957.
وإثباتا لذلك، ذيلناه بتواقيعنا في هذا اليوم، الرابع من تموز/يوليه 1957.



اتفاقية تشجيع المفاوضة الجماعية
الاتفاقية (رقم 154) الخاصة بسياسة العمالة اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 19 حزيران/يونيه 1981، في دورته السابعة والستين تاريخ بدء النفاذ: 11 آب/أغسطس 1983، وفقا لأحكام المادة 11 إن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية،وقد دعاه مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلي الاجتماع في جنيف، حيث عقد دورته السابعة والستين في 3 حزيران/يونيه 1981، وإذ يؤكد مجددا الفقرة من إعلان فيلاديفيا التي تعترف بـ "الالتزام الرسمي لمنظمة العمل الدولية بأن تعزز بين أمم العالم وضع برامج من شأنها أن تحقق ... الاعتراف الفعلي بحق المفاوضة الجماعية"، ويشير إلي أن هذا المبدأ "ينطبق تماما علي جميع الشعوب في كل مكان"، وإذ يضع في الاعتبار الأهمية الرئيسية للمعايير الدولية المتضمنة في اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم النقابي، 1948، واتفاقية الحق في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، 1949، وتوصية الاتفاقات الجماعية، 1951، وتوصية التوفيق والتحكيم الطوعي، 1951، واتفاقية وتوصية علاقات العمل (في الخدمة العامة)، 1978، واتفاقية وتوصية إدارة العمل، 1978، وإذ يري أن المطلوب هو بذل مزيد من الجهود لتحقيق أهداف هذه المعايير، وبصورة خاصة المبادئ العامة الواردة في المادة 4 من اتفاقية الحق في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، 1949، وفي الفقرة 1 من توصية الاتفاقات الجماعية، وإذ يري بناء علي ذلك أنه ينبغي استكمال هذه المعايير بتدابير ملائمة توضع علي أساسها وتستهدف تشجيع المفاوضة الجماعية الحرة والطوعية، وإذ قرر اعتماد بعض المقترحات المتعلقة بتشجيع المفاوضة الجماعية، وهو موضوع البند الرابع في جدول أعمال هذه الدورة، وإذ قرر أن تأخذ هذه المقترحات شكل اتفاقية دولية، يعتمد في هذا اليوم التاسع عشر من حزيران/يونيه عام واحد وثمانين وتسعمائة وألف، الاتفاقية التالية التي ستسمي اتفاقية المفاوضة الجماعية، 1981:
الجزء الأول: النطاق والتعاريف
المادة 1
1. تنطبق هذه الاتفاقية علي جميع فروع النشاط الاقتصادي.
2. يجوز أن تحدد القوانين أو اللوائح أو الممارسات الوطنية مدي انطباق الضمانات المنصوص عليها في هذه الاتفاقية علي القوات المسلحة والشرطة.
3. يجوز أن تحدد القوانين أو اللوائح أو الممارسات الوطنية طرائق خاصة لتطبيق هذه الاتفاقية فيما يتعلق بالخدمة العامة.
المادة 2
في مفهوم هذه الاتفاقية، يشمل تعبير "المفاوضة الجماعية" جميع المفاوضات التي تجري بين صاحب عمل، أو مجموعة من أصحاب العمل أو واحدة أو أكثر من منظمات أصحاب العمل من جهة، ومنظمة عمال أو أكثر من جهة أخري، من أجل:
(أ) تحديد شروط العمل وأحكام الاستخدام، و/أو
(ب) تنظيم العلاقات بين أصحاب العمل والعمال، و/أو
(ج) تنظيم العلاقات بين أصحاب العمل أو منظماتهم ومنظمة أو منظمات عمال.
المادة 3
1. يجوز، في حالة اعتراف القانون الوطني أو الممارسات الوطنية بوجود ممثلين للعمال وفقا لتعريفهم في الفقرة الفرعية (ب) من المادة 3 من اتفاقية ممثلي العمال، 1971، أن تحدد القوانين أو الممارسات الوطنية مدي شمول تعبير "المفاوضة الجماعية" أيضا، في مفهوم هذه الاتفاقية، للمفاوضات مع هؤلاء الممثلين.
2. تتخذ عند الاقتضاء، في حالة شمول تعبير "المفاوضة الجماعية" أيضا للمفاوضات مع ممثلي العمال المشار إليهم في تلك الفقرة، وفقا للفقرة 1 من هذه المادة، تدابير ملائمة تضمن عدم استخدام وجود هؤلاء الممثلين في إضعاف مكانة منظمات العمال المعنية.
الجزء الثاني: طرائق التطبيق
المادة 4
يتم نفاذ أحكام هذه الاتفاقية بموجب القوانين أو اللوائح القانونية، وذلك ما لم تكن هذه الأحكام نافذة عن طريق اتفاقات جماعية، أو قرارات تحكيمية، أو عن أي طريق آخر يتفق مع الممارسات الوطنية.
الجزء الثالث: تشجيع المفاوضة الجماعية
المادة 5
1. تتخذ تدابير تكيف مع الظروف الوطنية من أجل تشجيع المفاوضة الجماعية.
2. تكون أهداف التدابير المشار إليها في الفقرة 1 من هذه المادة هي:
(أ) تيسير إمكانية المفاوضة الجماعية لجميع أصحاب العمل وكافة مجموعات العمال في فروع الأنشطة التي تغطيها هذه الاتفاقية،
(ب) شمول المفاوضة الجماعية تدريجيا لجميع المسائل التي تغطيها الفقرات الفرعية (أ) و (ب) و (ج) من المادة 2 من هذه الاتفاقية،
(ج) تشجيع وضع قواعد إجرائية يتفق عليها بين منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال،
(د) عدم إعاقة المفاوضة الجماعية بسبب عدم وجود قواعد تنظم الإجراء الواجب اتباعه أو بسبب عدم كفاية أو عدم ملائمة مثل هذه القواعد،
(هـ) تشكيل هيئات ووضع إجراءات لتسوية نزاعات العمل لكي تساعد علي تعزيز المفاوضة الجماعية.
المادة 6
لا تحول أحكام هذه الاتفاقية دون تطبيق نظم للعلاقات المهنية تجري فيها المفاوضة الجماعية في إطار آلية أو هيئات للتوفيق و/أو التحكيم تشترك فيها الأطراف في عملية المفاوضة الجماعية بصورة طوعية.
المادة 7
تكون التدابير التي تتخذها السلطات العامة لتشجيع وتعزيز تنمية المفاوضة الجماعية موضع استشارات مسبقة، وكلما أمكن، موضع اتفاق بين منظمة أصحاب العمل ومنظمات العمال.
المادة 8
لا توضع التدابير التي تتخذ لتعزيز المفاوضة الجماعية ولا تنفذ بطريقة تعيق حرية المفاوضة الجماعية.
الجزء الرابع: أحكام نهائية
المادة 9
لا تمثل هذه الاتفاقية مراجعة لأية اتفاقية أو توصية موجودة حاليا.
المادة 10
تبلغ التصديقات الرسمية لهذه الاتفاقية إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيلها.
المادة 11
1. لا تلزم هذه الاتفاقية سوي الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية التي سجلت تصديقاتها لدي المدير العام.
2. وتدخل حيز النفاذ بعد انقضاء اثني عشر شهرا علي تاريخ تسجيل تصديقي دولتين عضوين لدي المدير العام.
3. وبعدئذ، تصبح هذه الاتفاقية نافذة بالنسبة لأي دولة عضو بعد انقضاء اثني عشر شهرا علي تاريخ تسجيل تصديقها.
المادة 12
1. يجوز لأي دولة عضو تصدق هذه الاتفاقية أن تنقضها بعد انقضاء عشر سنوات علي تاريخ نفاذ الاتفاقية لأول مرة، بمستند ترسله إلي المدير العام لمكتب العمل الدولي لتسجيله. ولا يكون هذا النقض نافذا إلا بعد انقضاء سنة علي تاريخ تسجيله.
2. كل دولة عضو تصدق هذه الاتفاقية ولا تمارس حقها في النقض المنصوص عليه في هذه المادة أثناء السنة التالية لانقضاء فترة العشر سنوات المذكورة في الفقرة السابقة، تكون ملتزمة بها لمدة عشر سنوات أخري، ويجوز لها بعد ذلك أن تنقض هذه الاتفاقية بعد انقضاء كل فترة عشر سنوات وفقا للشروط المنصوص عليها في هذه المادة.
المادة 13
1. يخطر المدير العام لمكتب العمل الدولي جميع الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية بتسجيل جميع التصديقات والنقوض التي يبلغه بها أعضاء المنظمة.
2. يلفت المدير العام انتباه الدول أعضاء المنظمة، عند إخطارها بتسجيل التصديق الثاني الذي أبلغ به، إلي التاريخ الذي تدخل فيه هذه الاتفاقية حيز النفاذ.
المادة 14
يبلغ المدير العام لمكتب العمل الدولي الأمين العام للأمم المتحدة التفاصيل الكاملة لجميع التصديقات ومستندات النقص التي تسجل لديه وفقا لأحكام المادة السابقة، لكي يسجلها الأمين العام وفقا للمادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة.
المادة 15
يقدم مجلس إدارة مكتب العمل الدولي إلي المؤتمر العام، كلما رأي ضرورة لذلك، تقريرا عن تطبيق هذه الاتفاقية، وينظر فيما إذ كان هناك ما يدعو إلي تسجيل موضوع مراجعتها كليا أو جزئيا في جدول أعمال المؤتمر.
المادة 16
1. إذا اعتمد المؤتمر اتفاقية جديدة تراجع هذه الاتفاقية كليا أو جزئيا وما لم تنص الاتفاقية الجديدة علي خلاف ذلك:
(أ) يستتبع تصديق أي دولة عضو للاتفاقية الجديدة المراجعة، قانونا، النقض الفوري لهذه الاتفاقية علي الرغم من المادة 12 أعلاه، شريطة أن تكون الاتفاقية الجديدة المراجعة قد دخلت حيز النفاذ،
(ب) يقفل باب تصديق الدول الأعضاء لهذه الاتفاقية اعتبارا من تاريخ نفاذ الاتفاقية الجديدة المراجعة.
(ج) تظل هذه الاتفاقية، علي أي حال، نافذة في شكلها ومضمونها الحاليين، بالنسبة للدول الأعضاء التي صدقتها ولم تصدق الاتفاقية المراجعة.
المادة 17
الصيغتان الإنكليزية والفرنسية لنص هذه الاتفاقية متساويتان في الحجية.










إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية

إن الجمعية العامة، تعتمد الإعلان التالي: إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية
أولا - القيــَم والمبادئ
1 - نحن، رؤساء الدول والحكومات، قد اجتمعنا بمقر الأمم المتحدة في نيويورك من 6 إلى 8 أيلول/سبتمبر 2000، في فجر ألفية جديدة، لنؤكد مجددا إيماننا بالمنظمة وميثاقها باعتبارهما أساسين لا غنى عنهما لتحقيق مزيد من السلام والرخاء والعدل في العالم.
2 - إننا ندرك أنه تقع على عاتقنا، إلى جانب مسؤوليات كل منا تجاه مجتمعـه، مسؤولية جماعية هي مسؤولية دعم مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة والعدل على المستوى العالمي. ومن ثم فإن علينا، باعتبارنا قادة، واجبا تجاه جميع سكان العالم، ولا سيما أضعفهم، وبخاصة أطفال العالم، فالمستقبل هو مستقبلهم.
3 - إننا نؤكد من جديد التزامنا بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده التي ثبت أنها صالحة لكل زمان ومكان، بل أنها قد ازدادت أهمية وقدرة على الإلهام مع ازدياد الاتصال والتداعم بصورة مستمرة بين الأمم والشعوب.
4 - إننا مصممون على إقامة سلام عادل ودائم في جميع أنحاء العالم وفقا لمبادئ الميثاق ومقاصده. وإننا نكرس أنفسنا مجددا لدعم كل الجهود الرامية إلى دعم المساواة بين جميع الدول في السيادة، واحترام سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي، وحل المنازعات بالوسائل السلمية، ووفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي، وحق الشعوب التي لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي في تقرير المصير، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واحترام ما لجميع الناس من حقوق متساوية دون أي تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، والتعاون الدولي على حل المشاكل الدولية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذات الطابع الإنساني.
5 - وإننا نعتقد أن التحدي الأساسي الذي نواجهه اليوم هو ضمان جعل العولمة قوة إيجابية تعمل لصالح جميع شعوب العالم. ذلك لأن العولمة، في حين أنها توفر فرصا عظيمة، فإن تقاسم فوائدها يجري حاليا على نحو يتسم إلى حد بعيد بعدم التكافؤ وتوزع تكاليفها بشكل غير متساو. ونحن ندرك أن البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية تواجه صعوبات خاصة في مجابهة هذا التحدي الأساسي. ولذا فإن العولمة لا يمكن أن تكون شاملة ومنصفة تماما للجميع إلا إذا بذلت جهود واسعة النطاق ومستمرة لخلق مستقبل مشترك يرتكز على إنسانيتنا المشتركة بكل ما تتسم به من تنوع. ويجب أن تشمل هذه الجهود سياسات وتدابير على الصعيد العالمي تستجيب لاحتياجات البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية وتصاغ وتنفذ بمشاركة فعلية من تلك البلدان.
6 - إننا نعتبر قيما أساسية معينة ذات أهمية حيوية للعلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين. ومن هذه القيم:- الحرية - للرجال والنساء الحق في أن يعيشوا حياتهم وأن يربوا أولادهم وبناتهم بكرامة وفي مأمن من الجوع والخوف من العنف أو القمع أو الظلم. وخير سبيل لضمان هذه الحقوق هو الحكم النيابي الديمقراطي المستند إلى إرادة الشعوب.- المســاواة - يجب عدم حرمان أي فرد أو أمة من فرصة الاستفادة من التنمية. ويجب ضمان المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص للرجل والمرأة. - التضامـن- يجب مواجهة التحديات العالمية على نحو يكفل توزيع التكاليف والأعباء بصورة عادلة وفقا لمبدأي الإنصاف والعدالة الاجتماعية الأساسيين. ومن حق الذين يعانون، أو الذين هم أقل المستفيدين، أن يحصلوا على العون من أكبر المستفيدين.- التسامح- يجب على البشر احترام بعضهم البعض بكل ما تتسم به معتقداتهم وثقافاتهم ولغاتهم من تنوع. وينبغي ألا يخشى مما قد يوجد داخل المجتمعات أو فيما بينها من اختلافات، كما لا ينبغي قمعها، بل ينبغي الاعتزاز بها باعتبارها رصيدا ثمينا للبشرية. وينبغي العمل بنشاط على تنمية ثقافة السلام والحوار بين جميع الحضارات.- احترام الطبيعـة - يجب توخي الحذر في إدارة جميع أنواع الكائنات الحية والموارد الطبيعية، وفقا لمبادئ التنمية المستدامة. فبذلك وحده يمكن الحفاظ على الثروات التي لا تقدر ولا تحصى التي توفرها لنا الطبيعة ونقلها إلى ذريتنا. ويجب تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك الحالية غير المستدامة، وذلك لصالح رفاهنا في المستقبل ورفاهية ذريتنا.- تقاسم المسؤولية - يجب أن تتقاسم أمم العالم مسؤولية إدارة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد العالمي، والتصدي للأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين، والاضطلاع بهذه المسؤولية على أساس تعدد الأطراف. والأمم المتحدة، بوصفها المنظمة الأكثر عالمية والأكثر تمثيلا في العالم يجب أن تؤدي الدور المركزي في هذا الصدد.
7 - ولتحويل هذه القيم المشتركة إلى إجراءات، حددنا أهدافا رئيسية نعلق عليها أهمية خاصة.
ثانيا - السلم والأمن ونزع السلاح
8 - لن ندخر جهدا في سبيل تخليص شعوبنا من ويلات الحروب، سواء داخل الدول أو فيما بينها، التي أودت بحياة أكثر من 5 ملايين شخص في العقد الأخير. وسنسعى أيضا إلى القضاء على المخاطر التي تمثلها أسلحة التدمير الشامل.
9 - لذلك، نقـرر ما يلي:
- تعزيز احترام سيادة القانون، في الشؤون الدولية والوطنية على السواء، ولا سيما لكفالة امتثال الدول الأعضاء لقرارات محكمة العدل الدولية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة، في أي قضية تكون فيها أطرافا.
- زيادة فعالية الأمم المتحدة في صون السلام والأمن بتزويدها بما يلزمها من موارد وأدوات لمنع الصراعات وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية وحفظ السلام وبناء السلام والتعمير بعد الصراع. ونحيط علما، في هذا الصدد، بتقرير الفريق المعني بعمليات الأمم المتحدة للسلام(1)، ونرجو من الجمعية العامة أن تنظر في توصياته على وجه السرعة.
- تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، وفقا لأحكام الفصل الثامن من الميثاق.
- كفالة تنفيذ الدول الأطراف للمعاهدات في مجالات مثل الحد من التسلح ونزع السلاح، والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ودعوة جميع الدول إلى النظر في التوقيع والتصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية(2).
- اتخاذ إجراءات متضافرة ضد الإرهاب الدولي، والانضمام في أقرب وقت ممكن إلى جميع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
- مضاعفة جهودنا لتنفيذ التزامنا بمكافحة مشكلة المخدرات في العالم.
- تكثيف جهودنا لمكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية بجميع أبعادها، بما فيها الاتجار بالبشر وتهريبهم وغسل الأموال.
- التقليل إلى الحد الأدنى مما ينجم عن الجزاءات الاقتصادية التي تفرضها الأمم المتحدة من آثار ضارة بالسكان الأبرياء، وإخضاع أنظمة الجزاءات لعمليات استعراض منتظمة، وإزالة ما للجزاءات من آثار ضارة بالأطراف الأخرى.
- السعي بشدة إلى القضاء على أسلحة التدمير الشامل، ولا سيما الأسلحة النووية، وإلى إبقاء جميع الخيارات متاحة لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك إمكانية عقد مؤتمر دولي لتحديد سبل القضاء على الأخطار النووية.
- اتخاذ إجراءات متضافرة من أجل القضاء المبرم على الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، ولا سيما بزيادة الشفافية في عمليات نقل الأسلحة ودعم تدابير نزع السلاح على الصعيد الإقليمي، مع مراعاة جميع توصيات مؤتمر الأمم المتحدة المقبل المعني بالاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.
- دعوة جميع الدول إلى النظر في الانضمام إلى اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد، وتدمير تلك الألغام(3)، وكذلك إلى بروتوكول اتفاقية الأسلحة التقليدية المعدل المتعلق بالألغام(4).
10 - نحث الدول الأعضاء على مراعاة الهدنة الأولمبية، على أساس فردي وجماعي، في الحاضر والمستقبل، ودعم اللجنة الأولمبية الدولية فيما تبذله من جهود لتعزيز السلام والتفاهم بين البشر من خلال الرياضة والمثل الأولمبية.
ثالثا - التنمية والقضاء على الفقر
11 - لن ندخر أي جهد في سبيل تخليص بني الإنسان، الرجال والنساء والأطفال، من ظروف الفقر المدقع المهينة واللاإنسانية، التي يعيش فيها حاليا أكثر من بليون شخص. ونحن ملتزمون بجعل الحق في التنمية حقيقة واقعة لكل إنسان وبتخليص البشرية قاطبة من الفاقة.
12 - لذلك نقرر أن نهيئ - على الصعيدين الوطني والعالمي - بيئة مؤاتية للتنمية وللقضاء على الفقر.
13 - إن النجاح في تحقيق هذه الأهداف يعتمد، في جملة أمور، على توافر الحكم الرشيد في كل بلد. ويتوقف أيضا على وجود حكم سليم على الصعيد الدولي، وعلى الشفافية في النظم المالية والنقدية والتجارية. ونحن ملتزمون بوجود نظام تجاري ومالي متعدد الأطراف يتسم بالانفتاح والإنصاف وعدم التمييز والقابلية للتنبؤ به ويرتكز على القانون.
14 - نشعر بالقلق إزاء ما تواجهه البلدان النامية من عقبات في تعبئة الموارد اللازمة لتمويل تنميتها المستدامة. ولذا سنبذل قصارى جهدنا لكفالة نجاح الاجتماع الحكومي الدولي الرفيع المستوى المعني بتمويل التنمية، المقرر عقده في عام 2001.
15 - نتعهد أيضا بمعالجة الاحتياجات الخاصة لأقل البلدان نموا ونرحب في هذا الصدد بعقد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نموا في شهر أيار/مايو 2001، وسوف نعمل على كفالة نجاحه. وندعو البلدان الصناعية إلى القيام بما يلي:
- اعتماد سياسة تسمح أساسا بوصول جميع صادرات أقل البلدان نموا إلى أسواقها دون فرض رسوم أو حصص عليها، وذلك بحلول موعد انعقاد ذلك المؤتمر؛
- تنفيذ البرنامج المعزز لتخفيف ديون البلدان الفقيرة المثقلة بالديون دون مزيد من الإبطاء؛ والموافقة على إلغاء جميع الديون الثنائية الرسمية المستحقة على تلك البلدان مقابل تحمّلها التزامات قابلة للإثبات بالتقليل من الفقر؛ و
- منح المساعدة الإنمائية بقدر أكبر من السخاء، ولا سيما للبلدان التي تبذل جهودا حقيقية لتوظيف مواردها للتقليل من الفقر.
16 - نحن مصممون أيضا على الاهتمام بمشاكل ديون البلدان النامية المنخفضة أو المتوسطة الدخل، بصورة شاملة وفعالة باتخاذ تدابير متنوعة على المستويين الوطني والدولي لجعل تحمل ديونها ممكنا في المدى الطويل.
17 - نقرر أيضا الاهتمام بالاحتياجات الخاصة للبلدان النامية الجزرية الصغيرة، بتنفيذ برنامج عمل بربادوس(5) ونتائج دورة الجمعية العامة الاستثنائية الثانية والعشرين تنفيذا سريعا وتاما. ونحث المجتمع الدولي على كفالة مراعاة الاحتياجات الخاصة للبلدان النامية الجزرية الصغيرة، لدى وضع مؤشر لمواطن الضعف.
18 - إننا ندرك الاحتياجات والمشاكل الخاصة للبلدان النامية غير الساحلية، ونحث المانحين الثنائيين والمتعددي الأطراف على حد سواء على زيادة المساعدات المالية والتقنية المقدمة إلى هذه الفئة من البلدان لتلبية احتياجاتها الإنمائية الخاصة ولمساعدتها على التغلب على العوائق الجغرافية من خلال تحسين نظمها للنقل العابر.
19 - نقرر كذلك ما يلي:
- أن نخفض إلى النصف، بحلول سنة 2015، نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد، ونسبة سكان العالم الذين يعانون من الجوع، ونسبة السكان الذين لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة للشرب أو دفع ثمنها.
- أن نكفل، بحلول ذلك العام نفسه، أن يتمكن الأطفال في كل مكان، سواء الذكور أو الإناث منهم، من إتمام مرحلة التعليم الابتدائي، وأن يتمكن الأولاد والبنات من الالتحاق بجميع مستويات التعليم على قدم المساواة.
- أن ينخفض معدل وفيات الأمهات، بحلول ذلك العام نفسه، بمقدار ثلاثة أرباع ووفيات الأطفال دون سن الخامسة بمقدار ثُلثي معدلاتهما الحالية.
- أن يوقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، ووباء الملاريا والأمراض الرئيسية الأخرى التي يعاني منها البشر وشروعها في الانحسار بحلول ذلك التاريخ.
- تقديم مساعدة خاصة إلى الأطفال الذين أمسوا يتامى بسبب فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز).
- تحقيق تحسُّن كبير في حياة 100 مليون شخص على الأقل من سكان الأحياء الفقيرة وفقا لما اقترح في مبادرة "مدن خالية من الأحياء الفقيرة"، وذلك بحلول عام 2020.
20 - نقرر أيضا ما يلي:
- تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة باعتبارهما وسيلتين فعالتين لمكافحة الفقر والجوع والمرض، ولحفز التنمية المستدامة فعلا.
- وضع وتنفيذ استراتيجيات تتيح للشباب في كل مكان فرص حقيقية للحصول على عمل لائق ومنتج.
- تشجيع صناعة المستحضرات الطبية على جعل العقاقير الأساسية متاحة على نطاق أوسع ومتيسرة لجميع الأشخاص الذين يحتاجون إليها في البلدان النامية.
- إقامة شراكات متينة مع القطاع الخاص ومع منظمات المجتمع المدني، سعيا إلى تحقيق التنمية والقضاء على الفقر.
- كفالة أن تكون فوائد التكنولوجيات الجديدة، وبخاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، متاحة للجميع، وفقا للتوصيات الواردة في الإعلان الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة2000(6).
رابعا - حماية بيئتنا المشتركة
21 - يجب أن نبذل قصارى جهودنا لتحرير البشرية جمعاء، وقبل أي شيء آخر تحرير أبنائنا وأحفادنا، من خطر العيش على كوكب أفسدته الأنشطة البشرية على نحو لا رجعة فيه، ولم تعد موارده تكفي لإشباع احتياجاتهم.
22 - نؤكد مجددا دعمنا لمبادئ التنمية المستدامة، بما في ذلك المبادئ المنصوص عليها في جدول أعمال القرن 21(7)، المعتمدة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية.
23 - لذلك نقرر، أن نطبق، في جميع أنشطتنا البيئية، أخلاقيات جديدة لحفظ الطبيعة ورعايتها، ونقرر كخطوة أولى ما يلي:
- بذل قصارى جهودنا لضمان بدء نفاذ بروتوكول كيوتو في موعد لا يتجاوز الذكرى السنوية العاشرة لانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية في عام 2002، والشروع في الخفض المطلوب لانبعاثات غازات الدفيئة.
- تكثيف الجهود الجماعية لإدارة الغابات بجميع أنواعها وحفظها وتنميتها تنمية مستدامة.
- الحث بشدة على تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي(8) واتفاقية مكافحة التصحر تنفيذا تاما في البلدان التي تتعرض لجفاف أو لتصحر أو لكليهما بصورة خطيرة، ولا سيما في أفريقيا(9).
- وقف الاستغلال غير المحتمل لموارد المياه، بوضع استراتيجيات لإدارة المياه على كل من الصعيد الإقليمي والوطني والمحلي، بما يعزز إمكانية الحصول عليها بصورة عادلة مع توافرها بكميات كافية.
- تكثيف التعاون من أجل خفض عدد وآثار الكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبب فيها الإنسان.
- كفالة حرية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بتسلسل الجين البشري (مجموعة العوامل الوراثية).
خامسا - حقوق الإنسان، والديمقراطية، والحكم الرشيد
24 - لن ندخر جهدا في تعزيز الديمقراطية وتدعيم سيادة القانون، فضلا عن احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها دوليا، بما في ذلك الحق في التنمية.
25 - لذلك نقرر ما يلي:
- احترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان(10) والتقيد بأحكامه بصورة تامة.
- السعي بشدة من أجل حماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع وتعزيزها بصورة تامة في جميع بلداننا.
- تعزيز قدرات جميع بلداننا على تطبيق المبادئ والممارسات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأقليات.
- مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة وتنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(11).
- اتخاذ تدابير لكفالة احترام وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين والعمال المهاجرين وأسرهم، والقضاء على الأفعال العنصرية وكراهية الأجانب المتزايدة في مجتمعات كثيرة، وتعزيز زيادة الوئام والتسامح في جميع المجتمعات.
- العمل بصورة جماعية لجعل العمليات السياسية أكثر شمولا، مما يسمح بمشاركة جميع المواطنين فيها بصورة حقيقية في مجتمعاتنا كافة.
- كفالة حرية وسائط الإعلام لكي تؤدي دورها الأساسي، وضمان حق الجمهور في الحصول على المعلومات.
سادسا - حماية المستضعفين
26 - لن ندخر جهدا في كفالة تقديم كل المساعدات والحماية الممكنة إلى الأطفال وجميع السكان المدنيين الذين يعانون بصورة جائرة من آثار الكوارث الطبيعية وعمليات الإبادة الجماعية والصراعات المسلحة وغيرها من حالات الطوارئ الإنسانية، حتى يمكنهم استئناف حياتهم الطبيعية في أقرب وقت ممكن.
لذلك نقرر ما يلي:
- توسيع نطاق حماية المدنيين في حالات الطوارئ المعقدة، وتعزيز هذه الحماية وفقا للقانون الإنساني الدولي.
- تعزيز التعاون الدولي، بما في ذلك تقاسم أعباء المساعدة الإنسانية المقدمة إلى البلدان المستقبلة للاجئين وتنسيق تلك المساعدة، ومساعدة كل اللاجئين والمشردين على العودة طوعا إلى ديارهم في ظروف تصون أمنهم وكرامتهم، وإدماجهم بسلاسة في مجتمعاتهم.
- التشجيع على التصديق على اتفاقية حقوق الطفل(12) وبروتوكوليها الاختياريين المتعلقين بإشراك الأطفال في الصراعات المسلحة، وببيع الأطفال وبغاء الأطفال والتصوير الإباحي للأطفال(13)، وتنفيذ ذلك بصورة تامة.
سابعا - تلبية الاحتياجات الخاصة لأفريقيا
27 - سندعم توطيد الديمقراطية في أفريقيا ونساعد الأفارقة في نضالهم من أجل السلام الدائم والقضاء على الفقر والتنمية المستدامة، وبذلك ندمج أفريقيا في صلب الاقتصاد العالمي.
28 - لذلك نقرر ما يلي:
- تقديم دعم تام للهياكل السياسية والمؤسسية للديمقراطيات الناشئة في أفريقيا.
- تشجيع ودعم الآليات الإقليمية ودون الإقليمية لمنع الصراعات وتعزيز الاستقرار السياسي، وكفالة تدفق الموارد بصورة يعوّل عليها من أجل عمليات حفظ السلام في القارة.
- اتخاذ تدابير خاصة لمواجهة تحديات القضاء على الفقر والتنمية المستدامة في أفريقيا، بما في ذلك إلغاء الديون، وتحسين الوصول إلى الأسواق، وزيادة المساعدة الإنمائية الرسمية، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وأيضا نقل التكنولوجيا.
- مساعدة أفريقيا على بناء قدرتها على التصدي لانتشار وباء فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والأمراض الوبائية الأخرى.
ثامنا - تعزيز الأمم المتحدة
29 - لن ندخر جهدا لكي تصبح الأمم المتحدة أداة أكثر فعالية في السعي إلى تحقيق جميع هذه الأولويات: الكفاح من أجل التنمية لجميع شعوب العالم، ومكافحة الفقر والجهل والمرض؛ ومناهضة الظلم؛ ومحاربة العنف والإرهاب والجريمة؛ والحيلولة دون تدهور بيتنا المشترك وتدميره.
30 - لذلك نقرر ما يلي:
- إعادة تأكيد المركز الأساسي للجمعية العامة باعتبارها الجهاز الرئيسي للتداول وتقرير السياسات والتمثيل في الأمم المتحدة وتمكينها من أداء ذلك الدور بفعالية.
- تكثيف جهودنا لإجراء إصلاح شامل لمجلس الأمن بجميع جوانبه.
- مواصلة تعزيز المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ارتكازا على المنجزات التي حققها مؤخرا، لمساعدته على الاضطلاع بالدور المسند إليه في الميثاق.
- تعزيز محكمة العدل الدولية لضمان العدالة وسيادة القانون في الشؤون الدولية.
- تشجيع التشاور والتنسيق بصورة منتظمة فيما بين الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة في سعيها إلى أداء وظائفها.
- كفالة تزويد المنظمة في المواعيد المحددة وعلى أساس قابل للتنبؤ به بما يلزمها من موارد للوفاء بولاياتها.
- حث الأمانة العامة على أن تستخدم تلك الموارد على أفضل نحو، وفقا لقواعد وإجراءات واضحة تقرها الجمعية العامة، لما فيه مصلحة جميع الدول الأعضاء، وذلك باعتماد أفضل الممارسات الإدارية والتكنولوجيات المتاحة، وبالتركيز على تلك المهام التي تنعكس فيها الأولويات المعتمدة للدول الأعضاء.
- تشجيع الانضمام إلى اتفاقية سلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها(14).
- كفالة مزيد من الترابط في السياسات، وزيادة تحسين التعاون بين الأمم المتحدة ووكالاتها ومؤسسات بريتون وودز ومنظمة التجارة الدولية، وأيضا الهيئات المتعددة الأطراف الأخرى، من أجل التوصل إلى نهج تام التنسيق في معالجة مشاكل السلام والتنمية.
- مواصلة تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والبرلمانات الوطنية من خلال المنظمة العالمية للبرلمانات، أي الاتحاد البرلماني الدولي، في شتى الميادين، بما في ذلك السلام والأمن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والقانون الدولي وحقوق الإنسان والديمقراطية وقضايا الجنسين. و- إتاحة فرص أكبر للقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني بصفة عامة للإسهام في تحقيق أهداف المنظمة وتنفيذ برامجها.
31 - نرجو من الجمعية العامة أن تقوم على نحو منتظم باستعراض التقدم المحرز في تنفيذ أحكام هذا الإعلان، ونطلب إلى الأمين العام أن يصدر تقارير دورية لتنظر فيها الجمعية العامة للعلم ولكي تكون أساسا لاتخاذ مزيد من الإجراءات.
32 - نؤكد رسميا من جديد، في هذه المناسبة التاريخية، أن الأمم المتحدة هي الدار المشتركة التي لا غنى عنها للأسرة البشرية كلها، والتي سنسعى من خلالها إلى تحقيق آمالنا جميعا في السلام والتعاون والتنمية. ولذلك نتعهد بأن نؤيد بلا حدود هذه الأهداف المشتركة ونعلن تصميمنا على تحقيقها.
الجلسة العامة 8 أيلول/سبتمبر 2000
_________________________
* وثيقة الأمم المتحدة A/RES/55/2.
(1) A/55/305-S/2000/809، انظر: الوثائق الرسمية لمجلس الأمن، السنة الخامسة والخمسون، ملحق تموز/يوليه وآب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2000، الوثيقة S/2000/809.
(2) A/CONF.183/9.
(3) انظر CD/1478.
(4) البروتوكول المعدل لحظر أو تقييد استعمال الألغام والأفخاخ المتفجرة والأجهزة الأخرى (CCW/CONF.I/16 (Part I) ، المرفق باء).
(5) برنامج العمل المعني بالتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية ]تقرير المؤتمر العالمي المعني بالتنمية المستدامة للدول الجزرية الصغيرة النامية، بريدجتاون، بربادوس، 25 نيسان/أبريل-6 أيار/مايو 1994 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع:A.94.I.18 والتصويبان)، الفصل الأول، القرار 1، المرفق الثاني[.
(6) E/2000/L.9.
(7) تقرير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، ريودي جانيرو، 3-14 حزيران/يونيه 1992 (منشورات الأمم المتحدة، رقم المبيع: A.93.I.8 والتصويبان)، المجلد الأول: القرارات التي اتخذها المؤتمر، القرار 1، المرفق الثاني.
(8) انظر: برنامج الأمم المتحدة للبيئة، اتفاقية التنوع البيولوجي (مركز الأنشطة البرنامجية للقانون البيئي والمؤسسات البيئية)، حزيران/يونيه 1992.
(9) A/49/84/Add.2، المرفق، التذييل الثاني.
(10) القرار 217 ألف (د-3).
(11) القرار 34/180، المرفق.
(12) القرار 44/25، المرفق.
(13) القرار 54/263، المرفقان الأول والثاني.
(14) القرار 49/59، المرفق.
(14) القرار 49/59، المرفق.






مضموم ٱلكتاب

مدخل إلى ٱلكتاب 5
ٱلسلطة 29
ٱلصحيفة 49
ملاحق 117






















صـدر للمؤلف

ٱلدين خرافة أم علم دار ٱلمنارة – ٱللاذقية 1999
ٱلاستنساخ دار ٱلمنارة – ٱللاذقية 2000
ٱلكلمة دار ٱلمنارة – ٱللاذقية 2000
ٱلحكم ٱلرَّسولى دار ٱلحوار – ٱللاذقية 2000
منهاج ٱلعلوم ٱلدار ٱلوطنية ٱلجديدة
ٱلكتاب ٱلأول دمشق 2002
منهاج ٱلعلوم ٱلدار ٱلوطنية ٱلجديدة
ٱلكتاب ٱلثانى دمشق 2002
أنبآء ٱلقرءان دار ٱلفرات- بيروت 2005
تستقرّ فى محراب ٱلفيزيآء
منهاج ٱلعلوم - ٱلكتاب ٱلثالث



#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بشرط واحد.. طريقة التسجيل في اعتكاف المسجد الحرام 2024-1445 ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- -تصريحات ترامب- عن اليهود تثير عاصفة من الجدل
- أصول المصارف الإسلامية بالإمارات تتجاوز 700 مليار درهم
- 54 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى
- ترامب: اليهود المصوتون للديمقراطيين يكرهون إسرائيل واليهودية ...
- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سمير إبراهيم خليل حسن - دستور دولة المدينة المنورة