أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الصمد فروات - مقومات المشروع التحديثي للمجتمعين المصري و الياباني خلال القرن التاسع عشر















المزيد.....

مقومات المشروع التحديثي للمجتمعين المصري و الياباني خلال القرن التاسع عشر


عبد الصمد فروات

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 22:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كانت المجتمعات البشرية في الفترة الوسيطية مجتمعات متساوية إلا أنه ابتدءاً من العصر الحديث وقع تفاوت بين المجتمع الأوربي من جهة و المجتمعات الأخرى من جهة ثانية ،بحيث انتقل الأول من مرحلة الركود إلى مرحلة النهضة التي دشنت مجموعة من الإصلاحات المهمة على مستوى الاقتصاد و الدين و الفكر وغيرها؛ وهو التفاوت الذي حصل عندما ركب المجتمع الأوربي البحر باحثاً عن العوالم المجهولة لاسيما عن الطريق المؤدية مباشرة إلى الهند ،وهو ما تأتى له بعد مغامرات رجاله الذين صنعوا تاريخه وتركوا بصمتهم عليه ،وبذلك استطاع هذا المجتمع من ضرب عصفورين بحجر واحد ،فقد تم القضاء على الوساطة التجارية العربية ،وتم الحصول على ثروات مهمة من الذهب والمعادن وهو ما أسفر عن ظهور طبقة بورجوازية قوية من حيث المال و السلطة ،ساعدتها على حمل مشعل مشروعها التحديثي لمجتمعها الأوربي بعدما استثمرت ثرواتها في قطاعات حيوية كالصناعة مثلاً ،مما أفضى إلى ظهور دول قوية كابريطانيا التي صارت تدعى بالإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس هذا فضلا عن دولة فرنسا ،واللتان انتقلتا إلى حركة إمبريالية أوربية قسمت العالم إلى قسمين قسم تحت نفوذ بريطانيا وقسم أخر تحت نفوذ فرنسا ؛ في حين كانت المجتمعات الأخرى لازالت تعاني من تخلفها و تغط في سباتها ،لهذا السبب هناك من سعى إلى محاولة الدخول إلى النظام الرأسمالي من بابه الحر بمجرد صدمة الحداثة كما هو الشأن بالنسبة للمجتمع الياباني و منها من عجز عن تجاوز حاله و الانفتاح على علوم غيره و الدخول إلى النظام الرأسمالي من بابه الواسع نظراً لظروفه الداخلية المتدهورة كما هو حال المجتمع المصري
فماهي مقومات المشروع التحديثي للمجتمعين المصري و الياباني خلال القرن التاسع عشر ؟

سنحاول من خلال هذا العرض التعرف على مقومات المشروع التحديثي للمجتمعين المصري و الياباني خلال القرن التاسع عشر.
قام محمد علي أثناء ولايته على مصر (1805-1849) بتجربة تحديثية على المستوى العسكري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والهدف من ذلك هو محاولة تجاوز التخلف والتقهقر الذي أصبح يعيشه المجتمع المصري خلال هذه الفترة وبناء دولة عربية قوية عاصمتها مصر ،ومن ثم بدأ محمد علي هذه الإصلاحات بإصلاح الجيش عن طريق إعلان التجنيد الإجباري وبناء مدارس عسكرية والاستفادة من خبرة أطر أجنبية نظراً لكفاءتها المهنية كما قام بإنشاء أسطول بحري يضاهي الأساطيل البحرية الأوربية فضلاً عن تشيده مصانع خاصة بصناعة الأسلحة والألبسة العسكرية .أما اقتصاديا فقد قام بإلغاء "نظام الالتزام" الذي كان معمولا به في فترة حكم الممالك كما أعاد توزيع الأراضي على الفلاحين وزودهم بأدوات متطورة من أجل رفع منتجاتهم، و قام ببناء عدد كبير من المصانع وفرض ضرائب جمركية على كل السلع التي تدخل إلى مصر،تم شجع على الاستثمار في جميع القطاعات الصناعية و الفلاحية .أما ثقافيا فقد شجع محمد علي العلم والعلماء بحيث أنشأ مطبعة البولاق سنة 1821م كما قام بإرسال بعثات طلابية إلى بعض الدول الأوربية والهدف من ذلك هو محاولة تكوين نخبة مصرية قادرة على النهوض بمجتمعها يومئذ من واقع التخلف ، وبنى عدداً كبيراً من المدارس والكليات وساهم يومئذ قي ظهور بعض الشخصيات المتنورة والتي دعت إلى تغيير الواقع الاجتماعي في المجتمع المصري منها "رفاعة الطهطاوي" صاحب كتاب "تخليص الإبريز في تلخيص باريز" ، كما اهتم بإصلاح المجتمع عن طريق الدعوة إلى المساواة بين الناس كما دعا إلى التعايش بين الطوائف الدينية وشجع على الهجرة إلى مصر عن طريق توفير فرص الشغل للأجانب،وبهذه الإصلاحات حاول محمد علي إدخال المجتمع المصري إلى النظام الرأسمالي من بابه الواسع لكنه لم يستطع ذلك وهذا راجع إلى عوامل ذاتية وموضوعية منها عدم التوفر على بورجوازية تتبنى الإصلاحات التي قام بها محمد علي وتساهم في تطوير المجتمع المصري ؛ولم يجد المشروع التحديثي الذي قام به محمد علي الأرضية المناسبة لنجاحه .
أما العوامل الخارجية فيمكن حصرها في تكالب الدول الأوربية على الإمبراطورية العثمانية (الرجل المريض)علما بأن مصر كانت ولاية خاضعة لسلطة الباب العالي ،وبالتالي لم يكن في صالح الدول الأوربية أن تتأسس يومئذ دولة عربية قوية على أنقاض الإمبراطورية العثمانية ؛ومن تم حاولت هذه الدول الأوربية إبطال مشروع محمد علي التحديثي ونجحت في ذلك بعدما فرضت معاهدة لندن على مصر1840م وبالتالي فشل المشروع التحديثي بعدما تقلص عدد الجيش المصري باعتباره حجر الزاوية في التجربة التحديثية .
بيد أن اليابان بعدما تعرضت لصدمة عسكرية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1853م والتي كان هدفها فك عزلة اليابان عن العالم الخارجي وفتح أسواقها أمام التجارة الخارجية ، فكان أمامها خيارين ،خيار أول أن تطور نفسها في فترة وجيزة وتدخل بالتالي إلى النظام الرأسمالي من بابه الواسع ،وخيار ثاني يتجلى في الاستسلام لأمر الواقع وانتظار الاستعمار لإقحامها رغماً عنها في النظام الرأسمالي؛لكن الميجي اختار الحل الأول وقام بتجربة تحديثية على صعيد جميع المستويات، بحيث رفع شعار "على الكل أن يتحد من أجل إخراج اليابان من الوضعية التي عليها "، وقد وجد الأرضية الملائمة للقيام بذلك ،بحيث ساهمت عدة عوامل ذاتية وموضوعية في إنجاح هذه التجربة التحديثية منها العزلة التي كانت تعيشها اليابان عن العالم الخارجي والتي دامت حوالي قرنين ونصف من الزمان(1700-1854) ، وما ترتب عن هذه العزلة من أثار إيجابية منها بقاء اليابان بعيدة عن التأثيرات الخارجية ،كما ساهمت هذه العزلة في توحيد السوق الوطنية اليابانية ،وعليه لما تولى الميجي زمام الأمور سنة1868 قام بعدة إصلاحات ،بحيث حاول إنشاء عسكرتريا على الشاكلة الأوربية لكنه استنتج أن تحديث الجيش على الشاكلة الأوربية يستلزم الشروع -أثناء ذلك وقبله - في تحديث البنيات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية ،وهذا ماعبر عنه آنئذ ب"بلد غني وجيش قوي" فقررت النخبة الحاكمة التعلم في مدرسة الغرب من أجل التطور و التقدم ،فقامت حكومة الميجي بالاستيلاء على أراضي الشوغون من أجل استغلالها لصالح الدولة كما فرضت ضرائب نقدية على كبار التجار و الفلاحين عوض الضرائب العينية ،وحاولت إلغاء النظام الإقطاعي عن طريق إقناع رجال "الديميو" على التنازل عن إقطاعاتهم لصالح الإمبراطور ،وبالتالي وضعت حكومة الميجي حداً نهائيا لبنيات اجتماعية عتيقة ،كما قامت بإنشاء عدة مصانع ساهمت في ظهور تكتلات اقتصادية ضخمة والتي أصبحت ملكاً لبعض الأسر اليابانية التي ساهمت يومئذ بشكل كبير في التجربة التحديثية لليابان ،كما تم تقسيم اليابان إلى مراكز إدارية يعين على كل منها حاكم وجب أن تتوفر فيه شروط الكفاءة و خدمة الإمبراطور، ونظراً لضرورة توفر برجوازية يابانية تقود هذه التجربة التحديثية فإن رجال الساموراي تحولوا إلى برجوازية وطنية احتضنت أبناء الشعب الياباني وساهمت في تدريسهم وأرسلت المتفوقين منهم في إطار بعثات علمية إلى أوربا ،وأعلنت المساواة بين الناس ،و التشبث بالتراث الياباني خاصة نظرية التعصب للقومية اليابانية ونظرية الكوكوتاي(الأرض اليابانية هي أرض مقدسة ) ،وقد نتج عن هذه الإصلاحات دخول اليابان إلى النظام الرأسمالي من بابه الواسع الحر ،بل أكثر من هذا أصبحت تتوفر اليابان على عسكرتريا قوية هزمت جيرانها وأحدثت تخوفاً في صفوف الدول الأجنبية ،الشيء الذي مكن اليابان من إلغاء المعاهدات اللامتكافئة التي عقدتها مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية، وعقدت معاهدات جديدة لكن هذه المرة من باب "الند لند"
بنــــــاء عـــلى ما تـــقـــدم يقــول كــارل يــونغ "إن الفرد عندما يتعرض لصدمة يفقد توازنه لفترة ما و من تم قد يستجيب لها بنوعين من الاستجابة الأولى النكوص إلى الماضي لاستعادة التوازن و التمسك به بديلاً عن و اقعه المر فيصبح انطوائيا (استجابة سلبية) والثانية قبول الصدمة و الاعتراف بها تم محاولة التغلب عليها فيكون في هذه الحالة انبساطيا (استجابة ايجابية)وإذا حاولنا أن نطبق هذه النظرية على كل من البلدان العربية و اليابان سنلاحظ أن الأولى عندما تعرضت لصدمة الحداثة الأوربية طرح أمامها خيارين الخيار الأول التطور في فترة وجيزة و الدخول إلى الرأسمالية من بابها الواسع ،وخيار ثاني الاستسلام و ترك الأحوال كماهي إلى أن يأتي الاستعمار ويقحمها بالقوة في النظام الرأسمالي ،فاختارت البلدان العربية الخيار الثاني (استجابة سلبية) أما اليابان فإنها اختارت الخيار الأول فدخلت إلى النظام الرأسمالي من موقع حر و مستقل (استجابة ايجابية)
------------------------------------------------------
• الحيمر، عبد السلام، النخبة المغربية وإشكالية التحديث، الطبعة الأولى ،الدارالبيضاء،مطبعة النجاح الجديدة ، 2001
• طوسون ،عمر ، البعثات العلمية في عهد محمد علي ثم في عهد عباس الأول وسعيد، الإسكندرية ،مطبعة صلاح الدين ،1935.
• طوسون،عمر،صفحات من تاريخ مصر في عهد محمد (الجيش المصري البري والبحري (،القاهرة،مطبعة مدبولي ،1996.
• ضاهر ،مسعود،النهضة العربية و النهضة اليابانية تشابه المقدمات واختلاف النتائج، الكويت ،المجلس الوطني للثقافة والفنون و الآداب،1978 .
• بول بايروك ،مأزق العالم الثالث ،دار الحقيقة ،بيروت ،1973.






#عبد_الصمد_فروات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحد تمفصلات المخزن المغربي خلال القرن التاسع عشر -البيعة- نم ...


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الصمد فروات - مقومات المشروع التحديثي للمجتمعين المصري و الياباني خلال القرن التاسع عشر