أحمد تيسير أعرج
الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 20:00
المحور:
الادب والفن
سماء المخيم على اعمدة .
المخيم الضيق ....ليس مجرد بيوت متلاصقة .... ليس مجرد ازقة تفصلها سنتمترات معدودة ....ليس مجرد اطفال يقطعون مياه الصرف الصحي بشغف مميت , وكأنها عالمهم المستقل ...المخيم ليس طابور لا ينتهي , وليس بطاقات زرقاء , وليس ضجيج وصراخ ....المخيم ليس مجرد مكعبات لا تنفصل من طوب متسخ يعلوها خزانات مياه سوداء تمتص اشعة الشمس الدافئة لتخرم اطفال المخيم منها .... المخيم ليس حقائب مدرسية زرقاء تغلق الشارع الرئيسي الواسع الذي لا يتجاوز 3 امتار مرتين كل يوم .
في المخيم وفقط , تسقط كل قوانين الهندسة , فالسماء الواسعة لا ترتكز الا على اصابع اطفال المخيم , هم يخافون سقوط السماء فوق رؤوسهم , لذلك تراهم دائماً يرفعون علامة النصر ليسندوا السماء .
في المخيم نسمات هواء مغرورة , تأبى ان تختلط بسماء المدينة . كل شئ في المخيم مختلف , فلا جوع كجوع المخيم . وعلى خدود المخيم المتقاربة , تترادف كل المتاقضات , فلا دفئ كبرد المخيم , ولا ليل كصبح المخيم , لا صمت كصخب المخيم , ولا عهر كشرف المخيم .
في زقاق المخيم كل شئ كاذب , حتى الامثال الشعبية تكذب . فالأجداد تركوا الحصرم على دوالي يافا هناك , الأجداد لم يأكلوا الحصرم , ولكن هنا , الابناء يضرسون .
في وسط المخيم , وعلى مقاعد القش القديمة ... "الاجداد يكذبونا" ..فهم يزعمون انهم سيعودون غداً , وسيهجرون زقاق المخيم . ولكن بعيداً عنهم , وعلى الحدود الفاصلة بين المخيم والمدينة ,الاطفال لا يكذبون , فلا وطن لهم سوى المخيم .... وما بين وسط المخيم وحدوده الفاصلة ... تنام القصص ... ويكذب الاجداد ... ويكبر الابناء ... وتغفوا الاحلام ...... وتستمر مياه الصرف الصحي بالجريان .
#أحمد_تيسير_أعرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟