أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -العمل- شَرٌّ لا بدَّ منه!















المزيد.....

-العمل- شَرٌّ لا بدَّ منه!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4361 - 2014 / 2 / 10 - 11:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ما أكثر ما قيل في "العمل"، والحضِّ عليه، والإشادة به، وتمجيده، والإعلاء من شأنه، وتِبْيان أهميته؛ فـ "العمل حَقٌّ"، و"العمل واجب"، و"العمل عِبادة"، و"العمل خَلَق الإنسان"، و"العمل أصل اللغة والحضارة".
رئيس سابق لشركة بريطانية لصناعة السيَّارات أوْضَح، على خير وجه، وبكلمات قليلة، مفهوم "العمل" لديه، ولدى أمثاله من سادة العمل، إذْ قال: "أنا، في منصبي (الإداري) هذا لا أعمل من أجل صناعة السيَّارات؛ وإنَّما من أجل صناعة النقود"!
في كلامه الجامع المانع هذا، نَقِف على الهدف النهائي لكلِّ ربِّ عمل، ألا وهو تحويل "المال" إلى "رأسمال"، بصرف النَّظر عن الوسيلة، أو عن السلعة التي يُنْتِج، أو الخدمة التي يُقدِّم.
أمَّا المرؤوسين في الشركات، من عمَّال وموظفين، فبعضهم (وهُمْ قِلَّة) يَزْعُمون أنَّهم "مُسْتَمْتِعون" بعملهم، وبعضهم (وهُمْ كُثرة) يَزْعُمون أنَّهم لا يَسْتَمْتِعون بالعمل؛ لكنَّهم يَسْتَمْتِعون، فحسب، بالمال الذي يَحْصَلون عليه من عملهم، وبعضهم (وهُمْ قِلَّة أيضاً) يَزْعُمون أنَّهم لا يَسْتَمْتِعون بالعمل، ولا بالمال؛ وإنَّما بما يَحْصَلون عليه من طريق إنفاق (لا اكتناز) المال.
وليس ثمَّة ما هو أسوأ من حال إنسان تَجْتَمِع فيها "عبودية العمل"، و"عبودية المال"، فتراه يُنْفِق عُمْره في اكتناز الذهب والفضة، لا أهمية لديه لإجابة أسئلة من قبيل "متى يعيش؟"، و"كيف يعيش؟".
نِعْمَة "العمل" لا يعرفها على خير وجه، ويستطيع، من ثمَّ، أنْ يُحَدِّثكَ عنها، ويشرحها لكَ، إلاَّ الذي حَرَمَهُ "الله" إيَّاها؛ فإنَّ فاقِد الشيء (والذي لا يعطيه، من ثمَّ) هو خير من يُحدِّثكَ عن أهمية هذا الشيء.
والعمل نِعْمَة؛ لكنْ بمعناها "النِّسْبي"؛ فـ "كأس العمل" بعضه ممتلئ، وبعضه فارِغ؛ وإنِّي لأعني بـ "الفارِغ (منه)" أوجهه السَّلبية، وما أكثرها؛ و"الإنسان الحُر"، الذي يَلِده "المجتمع الحُر"، إنَّما هو الإنسان الذي تحرَّر من "عبودية العمل ".
"مَنْ لا يَعْمَل لا يأكل"؛ فهل وقَفْتُم على معاني هذا "المبدأ (أو الشعار)"، وعلى ما يكتنفه من إيجابيِّ المعنى وسلبيِّه؟
مَنْ لا يَعْمَل لا يأكل؛ ومَنْ لا يأكل يموت جوعاً (ومرضاً، وتموت قَبْله كرامته الإنسانية). و"العمل" هو أنْ "تُعْطي" قَبْل أنْ تأخذ، وحتى تأخذ؛ فالعمل يشبه "الدَّيْن"، العامِل هو "الدائن"، ورَبُّ العمل هو "المدين"؛ وليس "الأجْر" الذي يتقاضاه العامِل على عمله إلاَّ دَيْنٍ له على رَبِّ العمل يُسدِّده هذا "المدين" في نهاية كل شهر (عَمَل). لكنَّ هذا "الدَّيْن" لا يشبهه "دَيْن"؛ فـ "المدين"، في "الدَّيْن العادي المألوف"، يَدْفَع "فائدة" أيضاً؛ أمَّا هذا "المَدين"، أيْ "رب العمل"، فلا يَدْفَع "فائدة"، ولا يَدْفَع "الدِّيْن كاملاً"؛ إنَّه يَدْفَع جزءاً فحسب من هذا "الدَّيْن"، مُسمِّياً هذه "المدفوع" أجراً عادلاً.
إنَّني مع ذاك المبدأ (مَنْ لا يَعْمَل لا يأكل) إذا ما كان مبتغاه (في التطبيق) هو أنْ يُعاقِب المجتمع كل مَنْ لا يَعْمَل وهو قادِرٌ على العمل (وعلى عَمَلٍ متاح له).
لكنَّ هذا المُراد عقابه (عَمَلاً بذاك المبدأ) ليس مُمِكناً عقابه؛ لأنَّه غير محتاجٍ إلى العمل؛ فهو غنيٌّ بما يجعله مُسْتَغْنٍ عن العمل؛ إنَّه من "الذَّوات (أو من أبنائهم)"؛ فلا تتوعَّدوه بهذا العقاب حتى لا يسخر منكم، ويهزأ؛ وهو أقوى منكم حتى في "المنطق"؛ فإذا حاولتم إقناعه بأنَّ مَنْ لا يَعْمَل لا يأكل، فهو سيأتيكم بدليل مُفْحَم على أنَّ مَنْ لا يَعْمَل (مِنَ الذَّوات، ومن "الطبقة" المفضَّلة على العالمين) يَمْلِك، وعلى أنَّ مَنْ يَعْمَل (من العمَّال) لا يَمْلِك. إنَّه يَمْلِك ما يُمكِّنه من أنْ يُرْغِم مَنْ لا يَمْلِك على العمل عنده، وما يُسْبِغ عليه نِعْمَة التحرُّر من عبودية العمل؛ أمَّا مأكله (وسائر أوجه عيشه الرغيد) فيحسده عليه "أهل الجنَّة".
"مَنْ لا يَعْمَل لا يأكل" إنَّما هو مبدأ للجريمة، يرتكبها "سادة العمل"، مع دولهم وحكوماتهم، في حقِّ مَنْ لا يَعْمَل؛ لكونه لا يَجِد عملاً (وهو القادر على العمل، المؤهل له).
إنَّهم يَنْظرون إلى كل مَنْ تضيق به سوق العمل (التي بضيقها إنَّما تعكس مصالحهم الفئوية والطبقية الضَّيِّقة) على أنَّه مِنَ "الفائض السُّكَّاني"، ويستحق "عقاب مالتوس"، عقاب "الموت جوعاً (ومرضاً)"، ودَوِس كرامته. وفي جزءٍ من هذه الفئة الاجتماعية الواسعة المتَّسِعة، يَسْتَثْمِرون جهوداً هي لجهة غاياتها وثمارها "شَرٌّ اجتماعي وأخلاقي.."؛ فَمِن هذه الفئة (التي لا هَمَّ لأفرادها إلاَّ أنْ يدرأوا عن أنفسهم خطر الموت جوعاً) يُجنِّدون أُناساً لأعمال تترفَّع الوحوش عنها، كمثل "البَلْطَجَة".
وطالما رَأَيْنا جيش العاطلين عن العمل (وهو في بلادنا جيشٌ، أفراده مهدَّدون بالموت جوعاً) يُمارِس ضَغْطاً في اتِّجاه خَفْض منسوب الآدامية في أجور ورواتب العمال والموظَّفين الصغار، و"سوقاً" تزدهر فيه "حِرْفة النَّخاس"؛ وثمَّة نَخَّاسون كُثْر يحتاجون إلى هذه "البضائع البشرية الرَّخيصة" في تأدية أعمال (ومهمَّات) قَذِرَة، لا يَقْبَل تأديتها إلاَّ إنسان أَفْقَدَه افتقاده العيش الكريم، المتأتي من عَمَلٍ تَعَذَّر عليه الحصول عليه، البقية الباقية من آدميته، فأصبح أداة طيِّعة في يد وليِّ نعمته الذي هو من "الذَّوات"، المُحْكمين قبضاتهم الاقتصادية والسياسية .. على المجتمع والشعب.
ولقد ابتلانا الله، نحن أهل الشرق، والشرق العربي على وجه الخصوص، بأسياد ورؤساء مؤسَّسات وأعمال لا يُميِّزون أبداً خِدْمَة العامل والموظَّف لهم (بصفتهم الوظيفية والمهنية) مِنْ جَعْلِه خادِماً (شخصياً) لهم، يؤدِّي أعمالاً لا تمتُّ بصلةٍ إلى عمله الحقيقي أو الرَّسمي؛ فإمَّا أنْ يستخذي ويَقْبَل (وهو ابن مجتمع تُهْضَم فيه الحقوق) وإمَّا أنْ يَجِد نفسه، مع عائلته، في الشارع، موسِّعاً جيش العاطلين عن العمل.
ثمَّ (وشَرُّ البلية ما يُضْحِك) يتساءلون في دهشة واستغراب (وكأنَّهم "الفضيلة" تشكو ضعفها إلى أفلاطون) قائلين: لِمَ كلُّ هذا العنف في سلوك شبابنا؟!
لقد زرعوا الشَّوْك متوهِّمين أنْ يحصدوا عنباً، وأنْ يجنوا ورداً!
في شبابنا مات كل ما يُحِبُّون؛ فهل نلومهم إذا ما كرهوا حتى أنفسهم؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل خَرَج الكون إلى الوجود من -البُعد الرابع- Hyperspace؟
- كوزمولوجيا جدلية
- عندما يَسْتَمِدُّون من القرآن شرعية لوجود إسرائيل!
- حقُّ العودة-.. هل فَقَدَ -واقعيته-؟
- خَبَر غير سار للاجئين الفلسطينيين في الأردن!
- مأساة ثورة!
- حقيقة إشكاليَّة الحقيقة!
- عَصْرُ اضطِّهاد النِّساء لم يَنْتَهِ بَعْد عند العرب!
- دستور لشَرْعَنة الانقلاب!
- سقوط -التأويل العلمي- ل -آيات الخَلْق-!
- ميثولوجيا سياسية!
- -المادية- تُجيب عن أسئلة الدِّين!
- سورية.. صراعٌ ذَهَبَ بما بقي من -يقين-!
- -العامِل الإيراني- في جولة كيري!
- الاستثمار الدِّيني في فرضية -الجسيمات الافتراضية- Virtual Pa ...
- السؤال الذي يَعْجَز الدِّين عن إجابته!
- آدم وحواء.. وثالثهما!
- كيف لِمَنْ يَعْتَقِد ب -آدم وحواء- أنْ يَفْهَم داروين؟!
- البابا فرانسوا: حتى الله يتطوَّر!
- هذا الدليل البسيط على صواب أو خطأ نظرية -تمدُّد الكون-!


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -العمل- شَرٌّ لا بدَّ منه!