أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسعد عربيد - نيبال: الثورة المنسية















المزيد.....



نيبال: الثورة المنسية


مسعد عربيد

الحوار المتمدن-العدد: 1239 - 2005 / 6 / 25 - 11:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نيبال: الثورة المنسية
إحتمالات حرب الشعب في حقبة العولمة

باستثناء بعض اللقطات الاخبارية الخاطفة، تكاد نيبال والثورة التي تندلع في أطرافها تكون شأناً منسياً بين أحداث العالم وتظل آلام شعبها ومعاناته غائبة أو مغيبة عن وعينا ووعي الطبقات الشعبية في أرجاء الوطن العربي والمعمورة باسرها. وفيما عدا القليل مما يتسرب من وسائل الاعلام الرأسمالية المعولمة، تشدد هذه الاجهزة من التعتيم والحصار الخانقين على هذه الثورة. وحتى عندما أعلن النظام الملكي الاحكام العسكرية الطارئة وبطش بمئات من أبناء هذا البلد الجريح (الاول من شباط/ فبراير 2005)، أمعنت الامبريالية وإعلامها في خطابها المعسول حول حقوق الانسان والديمقراطية، في حين إستمرت في دعمها للدكتاتورية الملكية الحاكمة في حربها للقضاء على "المتمردين" و"الارهابيين" الماويين.
ومن أجل الوصول الى فهم موضوعي للأزمة النيبالية، فانه لا يمكن الفصل بين ما حدث في الأول من شباط (فبراير) 2005 من إعلان ملك نيبال كتماندو غيانيندرا لحالة الطوارئ العسكرية وإقالة الحكومة وتعليق الحريات المدنية وما تخللها من بطش بالجماهير ومنع وسائل الاعلام من تغطية الاحداث في نيبال من ناحية، وبين الثورة الشعبية المسلحة التي إنطلقت في 13 فبراير1996 وما فتأت تتنامى تحت قيادة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)، من ناحية ثانية. فإجراءات الملك تلك لم تكن مجرد ردة فعل فورية، بل ان مردها يكمن في تنامي الحركة الشيوعية الثورية وإتساع نفوذها في البلاد وتضييقها الخناق عليه وعلى نظامه وخشيته من الانهيار الوشيك. وعليه كان على الملك أن يتصدى لسؤال الحياة أم الموت!
فما هي خلفية الصراع المحتدم في نيبال اليوم وهل سيتمكن الملك النيبالي، كما يحلو أن يتبجح، من السيطرة على أوضاع البلاد وإعادة "الاستقرار والطمأنينة" الى أفئدة المواطنين؟ هل سيتأتى له أن يسحق الثورة العارمة التي إنطلقت هبة شعبية قبل تسعة أعوام لتسيطر اليوم على أكثر من 80% من الريف النيبالي متصدية لجيشه المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا والهند؟

I
خلفية الصراع في نيبال

حتمية التاريخ والجغرافية

تمتد نيبال في أحضان جبال الهيمالايا وتقع كالشطيرة في فخ جغرافي بين الهند التي تحدها من الغرب والجنوب والصين التي تتاخمها من الشرق والشمال، وليس لها أي منفذ بري سوى عبر هذين البلدين.
رغم أن التاريخ الحديث لا يسجل إحتلالاً "رسمياً" لنيبال، إلاّ أن هذا البلد ما برح يرزح تحت الهيمنة الاجنبية منذ أوائل القرن التاسع عشر متأرجحاً بين الهيمنة البريطانية والهندية. وقد أنتج هذا الارتباط المزمن بلداً يكاد يخلو من أي شكل من أشكال التنمية والصناعة والتحديث والتكنولوجيا. ورغم أن نيبال لم تشهد أنماطاً "متطورة" من هيمنة العولمة كمثيلاتها من بلدان العالم الثالث الفقيرة، إلاّ أنها سقطت فريسة لنظام السوق العالمي وإملاءاته.
لم تتوقف، منذ أواخر القرن الثامن عشر، الانتفاضات الشعبية في نيبال ضد العدو المزدوج، الحكومة الطاغية وهيمنة القوى الاجنبية على حد سواء. ففي عام 1815، إنتفض الشعب النيبالي على بريطانيا وأحرز إنتصارات عديدة ضد جيشها. إلا أن النظام الملكي إستسلم لبريطانيا وتنازل عن ثلث أراضيه. وتوالت بعد ذلك هبّات الشعب النييبالي حتى إندلعت ثورة 1950، بعد عام من إنتصار الثورة الشيوعية في الصين، مطالبة بتحقيق الديمقراطية، إلاّ أنها إنتهت بتنصيب الملك (جد الملك الراهن) على عرش نيبال. فقد إستنجد النظام الطاغي آنذالك، وفي محاولة يائسة لمواجهة الثورة، بالهند طالباً المعونة لحماية عرشه. ولم تتوانى الهند عن إنزال قواتها لسحق القوى الثورية في المناطق الغربية للبلاد.
إستأثرت الاسرة الملكية Shah بالحكم بين عامي 1951 ـ 1990 وحرّمت كافة الاحزاب السياسية وقسمت البلاد عام 1960 الى ولايات إقطاعية تأتمر باوامر مجالس حكومية تسمى بانتشايات Panchayat يقف على رأسها الملك متمتعاً بسلطة مطلقة. وفي أعقاب الانتفاضة الشعبية التي عمت البلاد عام 1990، إضطر الملك يوم 9 نوفمبر 1990 للقبول بنظام "ملكي دستوري" وببرلمان منتخب. إلاّ انه سرعان ما حنث بوعوده وتبددت الاوهام بان النظام البرلماني الجديد سيجلب الاستقرار للبلاد ويتيح الفرصة لازدهارها ويقدم الحلول للاوضاع المتردية التي إحتجزت تنمية نيبال لهيمنة الهند لعقود طويلة وتركتها أسيرة للإقطاع والفساد.

فجوة إجتماعية سحيقة

تعتبر نيبال من أفقر بلدان العالم ويرزح شعبها (27 مليونا) تحت ظروف إقتصادية وإجتماعية بدائية ومتخلفة: يعيش 70% من سكانها تحت خط الفقر، وتجتاح البطالة 47% من قواها العاملة. يبلغ متوسط الاعمار في نيبال 20 عاماً، أما معدل الوفيات بين الاطفال فيبلغ 77% (عشرة أضعاف تلك النسبة في اليابان أو السويد) وتتجاوز نسبة الامية ال 50%.
يهيمن 10% من السكان على 46% من إجمالي الدخل القومي ويملك هؤلاء 65% من الاراضي الصالحة للزراعة، في حين تقطن أغلبية الشعب النيبالي المناطق الريفية رازحةً تحت أقسى ظروف الفقرحيث لا يتوفر الغذاء الكافي والطاقة الكهربائة وحيث تشح المياء الصالحة للشرب وتنعدم المتطلبات الصحية الاساسية. وتتسبب هذه الفجوة الاجتماعية والاقتصادية وغياب أبسط أشكال العدالة الاجتماعية في درجة قصوى من الاستقطاب الاجتماعي.
تفتقر نيبال الى الطرق المعبدة ووسائل المواصلات. وتترامى في أرجائها مناطق شاسعة مأهولة بالسكّان، إلاّ انها نائية يستعصي الوصول اليها إلاّ بعد أيّام عديدة من السير على الاقدام. تسكن أغلبية النيباليين الريف (من 85% ـ 90% من مجمل سكان البلاد)، مما يجعل الارض وملكيتها المسألة المركزية في نضال الفلاحين ضد الاستغلال الاقطاعي. وتتشكل أغلبية سكان الريف من المزارعين الذين لا يملكون الارض بل يعملون مأجورين لكبار ملاّكي الاراضي، يتقاذهم العوز فلا يلقون الغذاء الكافي للوفاء بحاجات أطفالهم وعائلاتهم. أمّا القلة التي ما زالت تملك ما تبقى لها من أرضها، فيتنازعها الخوف من أصحاب القروض وتعيش التوتر الدائم بين العوز ("لا نملك من الاراضي ما يفي بحاجتنا") والقلق (" تثقلنا الديون الكبيرة ونخشى أن نخسر ما تبقى من أرضنا للمدينين").

طبيعة الصراع: رؤية ماوية

يتشدق القصر الملكي وأبوقه الاعلامية (المحلية منها والمعولمة) بان الصراع المحتدم في نيبال هو بين "الديمقراطية" و"الارهاب":
ـ ديمقراطيةٍ: أعلنها النظام الملكي عام 1990 في دستور صاغته قوى عينها الملك، وفي برلمان انتخب من قوى وأحزاب سياسية تواطئت مع النظام الملكي في "إصلاح سياسي برلماني" وفي تغيير عن طريق النضال السلمي؛
ـ وإرهابٍ: يتمثل في ثورة شعبية ماوية تسيطر على وتدير شؤؤن 80% من الريف النيبالي، وتحظى بدعم ما يقارب 18 مليون نيبالي من أصل 27 مليون (مجمل سكّان البلاد) ويتوزع ثوارها ومساندوها في 70 مقاطعة من أصل 75 مقاطعة نيبالية تتواجد فيها سلطة شعبية مؤيدة لهم أو تقع تحت سيطرتهم بمستويات متفاوتة.
يأتي هذا التزييف للواقع في سياق الحرب المعولمة ضد الارهاب حيث تتسابق، بشكل ممجوج وغبيٍ، أعتى الديكتاتوريات لتلحق بخطاب الامبريالية وإملاءات الامبراطورية فتلصق تهمة الارهاب بانبل ظاهرة في التاريخ البشري: نضال الشعوب ضد الاحتلال الاجنبي (فلسطين والعراق مثالان آخران) والاستغلال ومن أجل الحرية والمساواة والتنمية.
إلاّ أن الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) يرى أن جذور الصراع تعود الى نظام إقطاعي ـ بيروقراطي تربعت على عرشة عائلة ملكية لما ينوف على قرنين وربع القرن، وتوارثته حكومات إقطاعية إستبدادية (رغم بعض الاصلاحات الديكورية التي حلّت بين عامي 1950 ـ 1990). هذا هو السبب الجذري في كافة التناقضات الطبقية والاثنية والاجتماعية في نيبال. فالتناقض الرئيسي، إذن يكمن في صراع طبقي يتفجر في مجتمع شبه إقطاعي/شبه كولونيالي تصطف طبقاته في معسكرين متناحرين: الطبقات الاقطاعية والبراجوزية من جهة، وفي المعسكر المضاد تقف الطبقات البروليتارية المعدمة والفقيرة.
أمّا الحل لازمة البلاد ومعضلات المجتمع، كما يتضح من رؤية الحزب وتشخيصه لطبيعة التناقضات، فلن يكون عن طرق النضال البرلماني. فقد أثبت تاريخ الصراع بين الملكية والديمقراطية، منذ عام 1950، بما لا يدع مجالاً للشك بانه دون تصفية تامة للملكية الاقطاعية وصنيعتها، الجيش الملكي، فانه لا يمكن إقامة أو ضمانة أي شكلٍ من أشكال الديمقراطية. كما أكدت تلك التجارب تكراراً أن "الملكية الدستورية" التي يتم العمل بها في بعض الدول الرأسمالية الغربية لا يمكن أستنساخها أو إعادة إنتاجها في المجتمعات شبه الاقطاعية/شبه الكولونيالية. وعليه يرى الحزب أن الاصرار على إنتهاج السياسات البرلمانية وإملاءات القوى الدولية الداعمة لها لا تتجاوب مع الضرورة التاريخية للشعب النيبالي وتتعارض مع الواقع المادي لاوضاعه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وميزان القوى القائم في البلاد، وتأتي في سياق الحفاظ على المؤسسة الملكية المتعفنة ومصالحها.
فقد جاءت التطورات التي تلت عام 1990 (إقرار الدستور والبرلمان) لتؤكد أن الملك إستطاع، كما فعل والده ماهندرا ، أن ينقلب على هذه الانجازات والعودة مجدداً الى السلطة الملكية المطلقة. وفي ـاكيده على نهج الحزب في الثورة الشعبية المسلحة ومصداقيتها كوسيلة رئيسية للنضال وإنجاز التغيير الاجتماعي، يقول براتشاندا Prachanda، زعيم ذلك الحزب:"لقد عرّت إجراءات الملك يوم 1 فبراير 2005 النهج الاصلاحي وأكدت فشله في الحياة السياسية النيبالية كما أكدت وهن القوى السياسية البرلمانية". ويتابع براتشاندا مؤكداً أن الاستقطاب الاجتماعي في نيبال قد وصل حدوده القصوى بين الماويين والملكيين، مضيفاً أنً إنقلاب الاول من شباط/فبراير 2005 قد نقل البلاد الى مرحلة جديدة، منعطف جديد، والى معركة حاسمة بين الاوتوقراطية والجمهورية. لا يطمح الماويون الى مقعد في البرلمان أو الى تحقيق بعض المكاسب السياسية، بل هم يخوضون حرباً طويلة الامد للاستيلاء على السلطة وإقامة حكومة اشتراكية جديدة في البلاد مثل الحكومة الثورية التي تقوم الان في الريف النيبالي وتدير شؤونه تحت قيادة الحزب الماوي.
وعليه، فحقيقة الصراع الذي يجري في نيبال اليوم ليس بين "ديمقراطية" و "إرهاب" بل بين حكم ملكي اوتوقراطي تزعزت ركائزه وارتعشت فرائسه يحاول مستميتاً إستعادة سيادته وسلطته، وبين إستكمال ثورة ديمقراطية شقت طريقها منذ عام 1996 كآخر حلقات نضال الشعب النيبالي الذي إمتد عقوداً عديدة.

مسألة المراة والنوع في مركز الصراع

تتواجد المرأة في جيش التحرير الشعبي وتلعب دوراً أساسياً في كافة مؤسساته وأجهزته بما في ذلك المجلس الشعبي الثوري الموحد أعلى السلطات الماوية (يحتل النساء اربعة من أصل 37 منصباً في هذا المجلس).
لقد تصدى الحزب الماوي لمعالجة مسألة المرأة ودورها في المجتمع وفي صفوف الحزب الشيوعي وقيادته. وقد قدمت القيادات النسوية الحزبية مساهمات لا مجال هنا للاستفاضة فيها، إلاّ أنه يجدر القول أن الكوادر النسائية في الحزب تصدت لإشكاليات العلاقة مع الرجل والامتيازات التي يتمتع بها في المجتمع البطريركي وداخل الحزب ذاته وكافة أجهزيه ومستوياته القيادية دون حرج أو مواربة. ورغم ضيق المجال في هذه الدراسة، فلا بد أن نشير الى مساهمتين أساسيتين لما لهما من علاقة وثيقة بالصراع الطبقي ونضالات المرأة في المجتمع النيبالي، ولانهما شكلتا شاغلاً وهاجساً دائمين في مسيرة الحركة الشيوعية منذ عهد روزا لوكسمبرغ وأوائل المناضلات الشيوعيات، ولانهما تبشران بفكر جذري وتجربة أصيلة تجدر بنا متابعتهما :
ـ صحيح أن نضال المرأة نضال أكثر تعقيداً من نضال الرجل بحكم أوضاعها ومهامها المنزلية والاجتماعية وكذلك بسبب تمسك الرجل بامتيازات خاصة، إلاّ أن حلّ مسألة المرأة لا يمكن أن ينجز إلاّ بازالة الملكية الخاصة حيث أن تلك الملكية هي التي تدفع المرأة باستمرار، ومهما تكررت وتطورت الثورات الاجتماعية، للعودة الى الانشطة المنزلية للحفاظ على الملكية الخاصة للرجل.
ـ أما المساهمة الثانية والتي تستلهم عبر الماضي فيمكن إيجازها فيما يلي: ان أحد الاسباب الرئيسية، في الانحلال البيروقراطي والذي تحول في النهاية الى ثورة مضادة في النظام السوفياتي السابق، وإخفاقات الثورة الثقافية وما تبعها من العودة من جديد الى العلاقات الاجتماعية الرأسمالية في الصين، أن سبب هاتين الظاهرتين مشترك وربما واحد في كلتا الحالتين، وهو إخفاق الحركات والاحزاب في هاتين التجربتين في التصدي بشكل سليم لمسألة المرأة والنوع ومسألة القيادة النسائية.

II
نيبال في النظام العالمي الجديد

نيبال في فخ الصراعات الاقليمية

إحتلت نيبال، على مدى العقود الاخيرة، موقعاً متميزاً في جيوستراتيجية الهند، كما شكلت طموحات هذا الجار وأطماعه التوسعية في الهيمنة على نيبال دوراً حاسماً في تاريخ ومصير ذلك البلد ورسمت ملامح العلاقة بين البلدين. فلم تتورع الهند عن التدخل العسكري المباشر عام 1950 ـ 1951 لحماية عرش الملك تريبوفان Tribuvan، بل تابعت تدخلها، في غضون ستينات وسبعينات القرن المنصرم، عبر كافة أشكال الدعم العسكري للنظام الملكي الحاكم من أجل ضمانة إستمراره وإرتباطه بها حفاظاً على مصالحها الجيوستراتجية في ذلك الجزء من آسيا. ويعد أن إنتصرت الثورة الاشتراكية في الصين عام 1949 وإحتدم النزاع بين الهند والصين سقطت نيبال في فخّ هذا النزاع وذهبت ضحيه له. وفي مسعىً إستباقي للحيلولة دون توطيد علاقات الجوار الصينية ـ النيبالية، إنتزعت الهند عام 1965 صفقة عسكرية ما زالت سارية المفعول تحرّم بموجبها على نيبال شراء الاسلحة إلا من الهند وبريطانيا والولايات المتحدة أو دول اخرى توصي بها الهند وتوافق عليها مسبقاً.
تُحكم الهند هيمنتها الاقتصادية على نيبال وتسيطر على كافة الانشطة الاقتصادية فيها وتلعب دور الرافعة الرئيسية، بالاضافة الى عوامل اخرى، لإبقاء نيبال مرتبطة بالنظام الرأسمالي العالمي. وبالاضافة الى نهب الموارد الطبيعية، كالمياه ، تفرض الهند عنوة عقوداً تجارية غير متكافئة وتستغل العمّال النيباليين الذين يعبرون الحدود الى الهند بحثاً عن لقمة العيش.
إلاّ أنه رغم ذلك كله، فإن النظام الهندي يشعر بالقلق الشديد إزاء تنامي العلاقة بين الماويين في البلدين، الهند ونيبال. كما تخشى الحكومة الهندية تسرب "العنف الماوي" كما يسمونه الى تلك الاجزاء من الهند حيث يتمتع الراديكاليون اليساريون الهنود بدعم شعبي كبير.

الامبريالية الرأسمالية و"المعضلة الماوية"

نعم إنها المعضلة الماوية. هكذا تشخص الادارة الاميركية الحالة النيبالية والصراع المحتدم في ذلك البلد وثورة شعب باسره.
تقوم الاستراتيجية الاميركية حيال الثورة النيبالية على ركيزتين رئيسيتين، ربما تعودان بنا الى المشهد الفيتنامي:
(1) توجيه ضربات عسكرية حاسمة ومتكررة للثوار مما يتطلب توفير الاسلحة وكافة أشكال الدعم العسكري للنظام الملكي.
(2) تنظيم حملة تخاطب "القلوب والعقول" وهو ما يعني في معجم الامبريالية إنشاء المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية (NGOs) وإغداق الاموال عليها وتغليف سياسياتها وغاياتها بمشاريع وشعارات "الدعم الانساني" والمساهمة في "تنمية" المناطق الفقيرة وتعبيد الطرق في المناطق النائية من البلاد وتعزيز الديمقراطية ... وغيرها كما هو حاصل في الوطن العربي وبلدان اميركا اللاتينية. وقد تحولت هذه المشاريع والشعارات خلال السنوات الاخيرة، وهذا هو المقصود، الى "ثورة مضادة" لحرب الشعب والثورة النيبالية.
إضافة الى سياسات الامبريالية الاميركية في تثبيت النظام الملكي الحاكم للحفاظ على مصالحها في شبه القارة الهندية، هناك دوافع أخرى ترسم الدور الاميركي في نيبال. ويقف في قمة هذه العوامل التخوف الاميركي من تعاظم الدور الصيني إقليمياً ودولياً والعمل الحثيث على محاصرته. ومن الناحية الثانية تسعى الاميريالية الى مراقبة الدور الذي تلعبه الهند في المنطقة "والإشراف" عليه. وعلى ضوء هذه العوامل تهدف السياسات الامبريالية من وراء الدعم المستمر للنظاك الملكي الى هدفين أساسيين:
1) إبقاء نيبال في توتر عسكري مستمر وايقاع هذا البلد الصغير الفقير في فخ النزاعات العسكرية والسياسية المتواصلة بين الهند والصين.
2) تصعيد التوتر بين الهند والصين، مما يوفر للولايات المتحدة القدرة على التحكم في صياغة سياسياتها الاقليمية في ذاك الجزء من آسيا.
إلاّ أن الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) يرى أن هذا الدعم الخارجي للنظام الملكي لا يتعدى كونه دعماً مرحلياً وأن هذا النظام يسير حتماً نحو العزلة الخانقة. لذا طالب الحزب مراراً جاريه (الهند والصين)، أن يكفا عن دعم هذا النظام وعن وضع العراقيل أمام دمقرطة البلاد مؤكداً لهما بأن المقولة التي ترى في النظام الملكي "عامل إستقرار" وضمانة للسلام في المنطقة قد فات أوانها وأن الضمانة الوحيدة للسلام والاستقرار في نيبال والمنطقة باسرها تكمن في نظام جمهوري وديمقراطي جديد.



حرب الشعب... وحرب ضد الارهاب!

وصفت الحكومة النيبالية، في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، الحركة الماوية في نيبال ب"الارهابية" بعد أن قامت الهند، الداعمة للنظام الملكي، بالامر ذاته. ولعله من باب المفارقة حقّاً، وإن لم تكن مستغربة، أن يتسم خطاب الملك النيبالي لحلفائه الامبرياليين ولإعدائه من الثوار الشيوعيين ومسانديهم بنبرة الرئيس الاميركي بوش ذاتها: إما تكون معنا، وإلاّ فانت ضدنا!
وبالطبع ضمت الولايات المتحدة صوتها الى زعيق الارهاب ذاته ولم تفتأ تصف الصراع في نيبال في سياق "حربها ضد الارهاب" والايحاء "بعلاقة" أو "إحتمال" وجود علاقة أو صلة بين الثورة الشيوعية الماوية ومجموعات ارهابية مثل منظمة القاعدة. ولعل في هذا ما يخفي التخوفات الحقيقية من إنتشار عدوى الثورة الماوية وتأثيراتها الجيوستراتيجية في تلك المنطقة من آسيا والتي أخذت تعصف بها رياح التغيير القادم.
إضافة الى الهند ودعمها المتواصل للمؤسسة الحاكمة، تضخ الولايات المتحدة الاميركية ملايين الدولارات لدعم الملك وتزود جيشه الملكي Royal Nepalese Army (RNA) بالاسلحة والدورات التدريبية والخبراء والمستشارين العسكريين. أمّا بريطانيا فقد إستضافت عام 2002 "لقاءً" دولياً لبحث الاوضاع "المتدهورة" في نيبال والتشاور في الاجراءات اللازمة لسحق الثورة الشيوعية الماوية. وقد عبر عن هذا "التحالف" الامبريالي وزير الخارجية البريطاني آنذاك بقوله بانه لا بد من النظر الى صراع النظام النيبالي مع الثوار كجزء من صراع أوسع وأشمل "من الحرب ضد الارهاب". كما صرح الوزير ذاته لاحقاً في أعقاب زيارة قام بها لنيبال:" إن الرسالة التي تحملها زيارتي واضحة وهي: لن نسمح للماويين بالانتصار في نيبال، لا يجوز أن نسمح لهم بالانتصار".

مذبحة في القصر أم قرار في مواجهة الثورة؟

نقلت وسائل الاعلام تفاصيل مذبحة شهدها القصر الملكي في الاول من حزيران (يوينو) 2001 ذهب ضحيتها الملك بيراندا Birenda آنذاك وجلة افراد عائلته. وقد اقترف هذه الجريمة، حسب ما ورد من أنباء، أبن الملك والذي لقي حتفه لاحقاً متأثراً بجراحه في تلك المذبحة. إلاّ أن الادلة تتزايد على أن ما حصل حقيقةً هو انقلاب عسكري دامي وبتدخل وكالة المخابرات المركزية CIA. وترجح تفسيرات عديدة، كما تشير التطورات اللاحقة، الى أنّ تصفية الملك جاءت نتيجة لمواقفه المتأرجحة والمترددة حيال الحركة الشيوعية الماوية المتصاعدة وعدم إمتلاكه القرار الحاسم في مواجهة شاملة معها. فما أن توفي الامير القاتل متأثرأ بجراحه حتى إنتقلت السلطة الى ولي العهد غيانيندرا Gyanendra (الملك الحالي) والتي شاءت "الصدفة" وربما "المصادفة" أن يكون في رحلة خارج البلاد ليلة حدوث مذبحة القصر تلك. ولعل أفضل دليل على نية غيانيندرا المبيته هي تلك القرارت والإجراءات التي سارع في إتخاذها لدى عودته الى البلاد وإعتلائه العرش الملكي والتي شملت التصدي الكامل والحاسم لثوار حرب العصابات الماويين.


III
الماوية: إستراتيجية حرب الشعب

نشأة الماوية وولادة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)

بينما إنهمك العالم منذ بداية تسعينات القرن المنصرم في التنظيرات باندحار الاشتراكية وإنهيار أنظمتها، وجزم منظرو رأس المال بموتها وخروجها من التاريخ بلا عودة، شقّ شعب نيبال درباً آخراً وكان له وقفة اخرى. ففي أوائل عام 1996، أعلن الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) ثورته المسلحة مستلهماً برؤية ماو تسى تونغ في حرب الشعب طويلة الأمد. ونشهد اليوم هذه الحركة الثورية وقد تنامت وإتسعت رقعة دعمها الجماهيري بين الفلاحين الفقراء. وتواجه هذه الثورة قوات الجيش الملكي في صدامات مسلحة يومية، وأصبحت تفرض سيطرتها فعلياً على أغلبية الريف النيبالي، لتشق طريقها الى المشهد السياسي وتنتصب عاملاً حاسماً في تقرير مصير البلاد.
توالت الانتفاضات الفلاحية، كما ألمحنا سابقاً، ضد الانظمة الدكتاتورية الحاكمة طوال القرن التاسع عشر. وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تصاعدت هذه الانتفاضات ضد النخبة الحاكمة الموالية للهند والتي كانت صنيعتها وأداة هيمنتها على نيبال.
في خضم هذا النضال، ولد الحزب الشيوعي النيبالي عام 1949 متزامناً مع إنتصار الثورة الشيوعية الماوية في الصين الشعبية والتي تركت بصماتها على نشوء الحركة الثورية في نيبال ومسيرتها الماوية. كما تزامن نشوء هذا الحزب مع نهوض الحركات الماوية في الهند وواكب موجة حركات التحرر العالمية في بلدان العالم الثالث التي إتسم بها النصف الثاني من القرن العشرين. ويؤكد براتشاندا Prachanda ، زعيم الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي)، أن تأثير أيديولوجية ماو تسى تونغ واستراتيجيته في حرب الشعب طويلة الامد قد تجاوزموته (1976) الى يومنا هذا حيث تقوم رؤية الحزب الماوي النيبالي على ان ما يحتاجه بلد مثل نيبال هو "ثورة ديمقراطية جديدة" تهدف الى الاطاحة بالنظام الحاكم والمضي قدماً في إقامة المجتمع الاشتراكي الجديد.
ظل إختيار الدرب الماوي في نيبال وفي صفوف الحركة الثورية والحزب الشيوعي النيبالي ذاته، موضوعاً خلافياً لسنوات طويلة. فقد حاجج الكثيرون من قادة الحركة الشيوعية النيبالية بان الحرب الثورية لن تحظى بالنجاح حيث أن نيبال بلد محاصر وسرعان ما ستسحق الثورة، وعليه فان من باب الطيش والمجازفة الانطلاق في مشروع الثورة. يقول براتشاندا في تلك المرحلة: "لقد إحتد النقاش، لدى الإعداد لانطلاقة الثورة، حول إختيار الكفاح المسلح بسبب تأثر الكثيرين بالنضال "السلمي"، والعمل من خلال البرلمان، والتوجهات اليمينية والبرجوازية الصغيرة، إضافة الى ترسخ التقاليد العتيدة للحركة الاصلاحية. وقد قلنا آنذاك، بان العملية الممكنة والوحيدة لا بد أن تشكل دفعة وقفزة كبيرة الى الامام، لا أن تقتصر على التغيير التدريجي".
تبنى الحزب مبكراً نظرية حرب الشعب طويلة الامد حسب رؤية ماو لنضال الشعوب في المجتمعات الاقطاعية وشبه الاقطاعية. ووجدت قيادة الحزب في الحالة النيبالية ما يتوافق مع المبدأ الاساسي لاستراتيجية هذه الحرب وفي رؤية ماو في ان القوى الثورية التي تشكل طليعة النضال في مثل هذه المجتمعات عادة ما تبدأ صغيرة العدد قليلة العدة إذا ما قورنت بقوات العدو والنظام الحاكم. وباعتماد حرب الاغوار (العصابات) ومن خلال خوض معارك صغيرة ضمن عملية ثورية طويلة الامد وتجنب المعارك العسكرية الحاسمة والصدامات الكبيرة، تستطيع قوات الثورة كسب دعم الجماهير وإكتساب المزيد من القوة والعتاد وتوسيع نطاق سيطرتها. ينتقل الثوار من ثمّ الى بناء القواعد في الريف في مرحلة لاحقة وإقامة السيطرة العسكرية والسيادة السياسية في مناطق واسعة منه مما يتيح لها محاصرة المدن والوصول الى السلطة السياسية في البلاد.
وإستناداً الى هذه الرؤية الاستراتيجية، لا يتوانى الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) عن التأكيد على أن الثورة النيبالية التي يقودها هي جزء من النضال الاممي في سبيل الشيوعية وانه، أي الحزب، جزء من الحركة الثورية الاممية (Revolutionary International Movement-RIM) والتي تضم بين صفوفها العديد من المنظمات والاحزاب التي ترفع لواء الماركسية ـ اللينينية ـ الماوية في كافة بقاع العالم.
يؤكد الماويون النيباليون أن ثورتهم الديمقراطية الجديدة، رغم تعدد مراحلها، لا بد أن تمتلك منذ البداية رؤية إستراتيجية واضحة وموقفا محددا حيال الاشتراكية والشيوعية. فالعملية الثورية، رغم تعدد مراحلها، هي عملية موحدة تستنير بايديولوجية وسياسة البروليتاريا وغايتها في الوصول الى عالم شيوعي. وعليه، فهناك "خط أحمر" يمر عبر هذه العملية ويربط كافة مراحلها. ورغم أن طرف هذا الخط يبدأ في الثورة الديمقراطية الجديدة، إلاّ أنه يشق طريقه عبر الاستمرارية الثورية وصولاً الى المجتمع الاشتراكي تحت راية ديكتاتورية البروليتاريا. وتتحقق هذه العملية في سياق النضال الاممي للشعوب المقهورة وكجزء لا يتجزء من حركتها وتقدم مسيرة الثورة العالمية.

حرب الشعب طويلة الأمد

يقوم المبدأ الاساسي في حرب الشعب طويلة الأمد على "المحافظة على الذات وإفناء العدو". وقد قسّم ماو تسى تونع هذه الحرب الى ثلاث مراحل: "المرحلة الاولى هي الهجوم الاستراتيجي للعدو ودفاعنا الاستراتيجي والمرحلة الثانية هي مرحلة المحافظة الاستراتيجية من جانب العدو وتحضير الهجوم المضاد من جانبنا. أما المرحلة الثاللثة فهي مرحلة هجومنا المضاد الاستراتيجي والتراجع الاستراتيجي للعدو".
ترتكز إستراتيجية ماو تسي تونغ في حرب الشعب على أن الثورة في البلدان المستغَلة تمر بمرحلتين أساسيتين. المرحلة الاولي هي مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة التي تقودها البروليتاريا وتهدف الى إنهاء السيطرة الامبريالية على البلاد والسير نحو تغيير النظام الاجتماعي وإزالة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية القائمة في مجتمع ما قبل الرأسمالية (وخاصة تلك الاقطاعية وشبه الاقطاعية). وتختلف هذه المرحلة عن الثورة الديمقراطية الاجتماعية التي تقود الى بناء النظام الرأسمالي. ويتطلب النضال في هذه المرحلة بناء الجبهة العريضة الموحدة لكافة الطبقات والفئات الاجتماعية التي تلتقي على أرضية برنامج دحر الامبريالية والاقطاعية والرأسمالية البيروقراطية بقيادة البروليتاريا وحزبها. وتعبد هذه المرحلة الطريق، حسب الرؤية الماوية، للمرحلة الثانية، مرحلة البناء الاشتراكي.


IV
سمات الحالة النيبالية من منظور ماوي

الكفاح المسلح أم الخيار البرلماني؟

تصدى الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) على مدى سنوات نضاله الطويلة، كغيره من الاحزاب الشيوعية في نيبال، لإشكالية العمل من خلال النضال البرلماني السلمي ونظام التعددية الحزبية المزعوم أو من خلال الكفاح المسلح من أجل دحر النظام الحاكم. وقد حسم الحزب موقفه بوضوح لصالح الخيار الثاني حين أعلن الانطلاقة المسلحة في 13 شباط/فبراير 1996.
وقد إختار الحزب درب الكفاح المسلح في ظروف محلية ودولية صعبة وخانقة. فعلى المستوى المحلي، عصفت بالقوى والاحزاب السياسية في نيبال دوامة مزقت صفوفها وبعثرت جهودها. وبينما تغنّى العديد من هذه القوى "بالنضال البرلماني السلمي" وتذرع بان الاوضاع والظروف المحلية والدولية غير مؤاتية لخوض الكفاح المسلح، شقّ الحزب وحيداً الطريق الصعب في الثورة الشعبية المسلحة والحرب طويلة الامد.
أما على المستوى الدولي، فقد جاء قرار الحزب في مناخ ساد فيه نهج الهزيمة على كافة الاصعدة: هزيمة المعسكر الاشتراكي (إنهيار الاتحاد السوفيتي والاشتراكية الاوروربية) وهيمنة نظام عالمي احادي القطب وهزيمة الحركات الثورية في أميركا اللاتينية (السلفادور) بعد أن ألقت السلاح ولجأت الى أساليب النضال السياسي والبرلماني.
ولم يكن إختيار الكفاح المسلح ولا توقيته قراراً عفوياً أو رغائبياً، بل إستند الى تحليل قياد الحزب للظروف الموضوعية والذاتية والسمات الخاصة للريف والفلاحين النيباليين. وقد إرتأت هذه القيادة أن الشروط ناضجة ومؤاتية لانطلاقة الثورة المسلحة وضمانه ديمومتها، كما إستقر الرأي في صفوف الحزب على أن الكفاح المسلح كفيل بتوحيد وتجنيد الفلاحين وتوفير التربة الملائمة لحرب الشعب.
وهنا تكمن، وهذا هو الآهم، إحدى السمات المميزة للثورة الماوية في نيبال والتي إرتكزت على قراءة موضوعية للظروف المحلية والدولية مسترشدة بالماوية ومستلهمة استراتيجيتها في حرب الشعب طويلة الأمد.

السمات المميزة للحالة النيبالية

إضافة الى ما ذكرناه أعلاه، فقد رأت قياد الحزب أن الحالة النيبالية تتميز بسمات خاصة تؤهلها لخوض حرب الشعب وتحقيق النصر. ويمكننا إيجاز بعض هذه الخصوصيات فيما يلي:
ـ نظام الدولة المركزي شبه الاقطاعي الفاسد والعاجزعن إدارة المناطق النائية في البلاد وإحكام قبضته عليها.
ـ تباعد المسافات بين المدن والريف الممتد في أطراف البلاد وضعف أو غياب وسائل المواصلات في أجزاء كبيرة منها مما يعيق حركة قوات النظام ووصوله الى تلك المناطق.
ـ العديد من العوامل الديمغرافية والجغرافية والتي توفر إمكانية العمل الثورى وتسهل القدرة على تعبئة الجماهير وتجنيدهم، نذكر منها على سبيل المثال، غياب أي سلطة حكومية في المناطق النائية حيث يقطن قسم كبير من سكان البلاد.
ـ تفشي الفقر المدقع وتأثيراته البالغة على كافة جوانب الحياة.
ـ إنتشار الافكار الشيوعية بين الجماهير.
ـ إزدياد عدد العمال النيباليين المهاجرين الى الهند حيث تتوفر لهم فرصة التعرف والتفاعل مع الافكار الثورية مما يحولهم الى عناصر داعمة للثورة (أو قواعد خلفية مساندة) سواء خلال فترة إقامتهم وعملهم في الهند أو بعد عودتهم الى نيبال.
ـ وفيما يتعلق بخصوصيات العلاقة مع الهند، فقد أدركت قيادة الحزب أنه في حين تشكل الهند خطراً مباشراً على الثورة وأمنها وإستمرارها، إلاّ أنها أيقنت وبنفس القدر من الاهمية، بأن إندلاع الثورة في نيبال سيؤدي الى توفير العوامل الكفيلة بتجذير الاوضاع المحلية وتثوير المنطقة بأسرها، إذ تضحى ثورة نيبال مثالاً تقتدي به شعوب شبه القارة الهندية.

هجرة العمال النيباليين الى الهند: ربّ ضارة نافعة

هرباً من البطالة المستفحلة وبحثاً عن لقمة العيش، يرتحل آلاف المزارعين النيباليين المعدمين كل عام الى الهند. وعبر رحلات العذاب تلك وفي مصانع الهند يلتحق هؤلاء العمال بالطبقة العاملة الهندية ويقضون شهوراً وسنين عديدة يعودون بعدها الى مزارعهم وحقولهم وعائلاتهم. ولو أخذنا بعين الاعتبار تعاظم الحركات الماوية الهندية وإنتشار شعبيتها خاصة في الولايات الهندية المتاخمة لنيبال، لأدركنا كيف توفر هذه "التجربة الهندية" التربة الخصبة لتسييس المزارعين النيباليين تمهيداً لانخراطهم في النضال لدى عودتهم الى بلدهم.
ولعله من باب المفارقة أن تصبح رحلات الاغتراب هذه للعمال النيباليين عاملاً إيجابياً وحافزاً لدعم الثورة في بلدهم الاصل وذلك بفضل الحركة الماوية النيبالية القوية المتنامية بين صفوف هؤلاء العمال الذين يصبحون، لدى عودتهم الى بلادهم، رافداً رئيسياً لثورتهم ومورداً لا ينضب لحرب الشعب طويلة الامد. إضافة الى هذا تلعب الحركة الماوية الهندية دوراً هاماً في الحياة السياسية للشعب النيبالي من خلال نضالها ضد نظامها الحاكم ومناهضتها لسياسات الهند العدوانية والتوسعية حيال نيبال، كما تقوم أيضاً بدعم نضال الشعب النيبالي وتقيم مع حركته وقيادته الماوية علاقات الاخوّة والدعم والنضال المشترك.

الفلاحون: الركيزة الاساسية للبنية الحزبية

ساهمت عدة عوامل في إحداث تغييرات عميقة في بنية الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) . فقد غادر الحزب عدد كبير من الكوادر الذين ترددوا في إعتناق إستراتيجية حرب الشعب أو بسبب قمع النظام الحاكم أو عدم قدرتهم على التخلي عن أعمالهم والانتقال الى العمل السري التام والنضال تحت الارض، إضافة الى الكثيرين من مناضلي الحزب الذين لاقوا حتفهم على أيدي قوات النظام الحاكم.
أثرت هذه العوامل في صياغة القاعدة البشرية للحزب وأدّت إلى تكثيف وجود الفلاحين في صفوف الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي) وتعاظم دورهم حتى بلغوا اليوم الأغلبية بين أعضائه. إلاّ أن هناك عوامل إضافية هامة أدت بهذا الحزب لأن يصبح الحزب الفلاحي الذي نراه اليوم، مثل غياب أو ضعف العامل الديني بين سكان المناطق الغربية من نيبال مما ساهم في تقبل الجماهير للافكار الثورية والتمسك بها.
لم يقتصر دعم الحزب على طبقة الفلاحين، بل إنخرطت في صفوفه فئات وطبقات إجتماعية اخرى من المجتمع النيبالي رأت في النضال ضد النظام الحاكم ما يمثل مصالحها وطموحاتها بعد أن تيقنت من أنه لا يمكن تحقيق هذه المصالح إلاّ من خلال تحول ثوري شامل للمجتمع النيبالي. فبالاضافة لسكان الريف الذين يسعون إلى إستعادة اراضيهم، حظيت الثورة الماوية بمساندة ومشاركة المرأة التي تناضل من أجل المساواة والقضاء على التقاليد البطريركية والاقطاعية والاستغلالية. كما وقفت بجانب الثورة الاقليات الاثنينة التي تسعى إلى إنهاء كافة أشكال التمييز المترسخة في النظام القائم. كذلك إلتحق بالحركة الثورية الملايين من جماهير الشعب التي تتوق الى الحقوق الديمقراطية والانعتاق من الهيمنة الاجنبية وتحقيق الاستقلال الوطني. وتتعاطف قوى إجتماعية اخرى من شتى ألوان الطيف الاجتماعي والاقتصادي مع الثورة مثل قطاعات كبيرة من الطبقة الوسطى والمثقفين والفنانين وموظفي الحكومة الذي يسعون الى تصفية النظام شبه ـ الاقطاعي والفساد الذي يعم الاجهزة الحكومية والتخلص من الهيمنة الاجنبية. إلا أنه رغم هذا التأييد الشعبي العريض، فان القلب النابض لهذه الثورة يكمن في الريف النيبالي حيث أسس ثوار العصابات قواعدعم ومراكزهم.
تمكن الثوار منذ السنوات الاولى بعد إنطلاقة الثورة أن يطردوا الكثيرين من موظفي الحكومة والشرطة وكبار ملاكي الاراضي من الريف وخصوصاً من المناطق الغربية المعروفة باسم Rolpa و Rukum . وقد خلق هذا فراغاً في السلطة وإدارة شؤون تلك المناطق سرعان ما ملأه الثوار وبسطوا سيطرتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية. وهكذا إكتمل جزء إستراتيجي من الخطة الماوية (إقامة القواعد) والتي تعتبر المرحلة التي تسبق محاصرة المدن وتضييق الخناق على النظام الحاكم، ومن ثَم الانتقال للاستيلاء على السلطة. كما بدأت الملايين من جماهير الشعب، سكان هذه المناطق وأصحاب القرار فيه، تسهم من خلال هذه التجربة في الحكم الذاتي والاستيلاء على السلطة وادارة شؤونها وبناء اسس المجتمع الجديد الذين يتوقون اليه بعد الاطاحة بالنظام الحاكم.

V
إحتمالات حرب الشعب في حقبة العولمة

ثورة نيبال وخيارات الانسانية

لقد نظّر جهابذة الفكر البرجوازي ومن تذيلَ بهم من مثقفي وأكاديميي الغرب الرأسمالي والعالم الثالث ل"هزيمة مشروع الثورة" ونهاية التاريخ. ومن اجل تبرير اطروحاتهم، إستعانوا بكثافة "المتغيرات" الدولية والاقليمية والمحلية وغياب الظروف "الموضوعية والذاتية" للتغيير الاجتماعي وإستحالة الافلات من قبضة العولمة وهيمنة الامبراطورية. وتتويجاً لنظرياتهم، أسقطوا المقاومة خياراً للشعوب، والكفاح المسلح وسيلة لنضالها المشروع، ورأوا في العنف الثوري هراءً. أما حرب الشعب طويلة الامد فليست، من منظورهم، سوى مجازفة لا تحمد عقباها.
لقد فعلوا ذلك من أجل تدمير إرادة الطبقات الشعبية ووعيها بالضرورة التاريخية للاستيلاء على السلطة وإقامة حكم الشعب كوسيلة وحيدة لتحقيق العدالة الاجتماعية وإمكانية التنمية والديمقراطية الحقيقية وبناء الاشتراكية وصولاً الى المجتمع الشيوعي. فعاثوا في الارض فساداً ووعظوا في شعوب الارض بان الخيار الاوحد هو، في أحسن الاحوال، "درب النضال البرلماني" عبر الوسا ئل السياسية. كل هذا تمّ وسط "إجماع" دولي مطبق وإنصياع تام للسيد الجديد، وفي مناخ أوهمونا بانه زمن صدام الحضارات وهيمنة الرب الاوحد: راس المال.
إذن، نعيش في عالم عصفت به عولمة رأس المال وهيمنة القطب الأوحد وكأنهما خيار الانسانية اليتيم الذي تتصدق به الامبريالية على شعوب الارض.
إلاّ أن الواقع المادي يفرز لنا حالة ووقائع مختلفة، ويفصح لنا عن الجزء الآخر المستتر، وهو الاهم: فالعالم أيضاً يشهد تمركزاً لثروة في أيدي القلة وإستقطاباً إجتماعياً وإقتصاديا لم يشهد التاريخ البشري له مثيلاً، كما يغرق هذا العالم في مزيد من الفقر والبؤس وكافة أشكال الاستغلال بمقياس لم نعهده من قبل. لذا فهو عالم تزدحم فيه التناقضات لتصل حدود التناحر وتختمر فيه شروط الثورة والتغيير دون أن تقبل الاطراف المستقطبة والمتناحرة سوى الحسم بفناء طرف ليحيا الطرف الآخر. هكذا شاءت حركة التاريخ وهكذا علمتنا قوانين التناقض منذ أن بزغ فجر البشرية.
* * *
ُترى، هل صيحاتنا هذه صدىً للماضي التليد؟ أم هي خلجات ثورية ماركسية تحجرت في ستينات القرن الفائت ولم تستطع الإفلات من دوجما (dogma) الماضي، فأخفقت في قراءة الواقع الراهن وخلطت قوانين التناقض والصراع وتكتيك النضال والاستراتيجية وعجزت عن اللحاق
"بالألفية الثالثة" وقوانين اللعبة في القرن الواحد والعشرين؟
هل يمكن لحرب الشعب طويلة الامد أن تقوم لها قائمة في حقبة تهيمن فيها عولمة رأس المال و"حربها ضد الارهاب" وتتكالب فيها قوى التحالف الامبريالي وأذنابها من كومبرادور وعملاء محليين مرتبطين بالطرف المهيمن؟
هل يكتب لهذه الحرب النجاح في سياق نظام عالمي تكاد تغيب فيها كافة أشكال المعارضة الدولية أو الاقليمية، الشعبية أو الرسمية، (باستثناء بعض أشكالها الجنينية)، نظام إندحر فيه القطب الاشتراكي، والذي شكل بغض الطرف عما قيل من تفسيرات وتحليلات، قطباً معارضاً أو، في حده الادنى، مزاحماً لقطب راس المال؟
كيف تصمد ثورة كهذه في عالم تقتصر فيه المقاومة على مواقع قليلة ومحاصرة (فلسطين والعراق مثالاً)، ولا تتجاوز المعارضة فيه (منذ سياتل 1999) بعض الاشكال الشعبية من مظاهرات وإعتصامات ضد الحرب والامبريالية والعولمة؟
إذا كانت نيبال لا تختلف عن غيرها من دول العالم الثالث الفقيرة ولا تتميز طبقاتها الشعبية المسحوقة عن مثيلاتها في تلك البلدان، فكيف إستطاع شعبها أن ينظم صفوفه في حرب شعبية طويلة الامد دخلت عامها التاسع وخلفت العديد من الانجازات لتنتصب اليوم مستعدة لمواجهة تحديات المستقبل الجسيمة ومخاطره؟
* * *
نيبال ... تثبت لنا عكس ذلك، أن مشروع الثورة لم يهزم، وتقدم لنا ثورتها الماوية، من روح تجربتها ودماء أبنائها، جزءً من الاجابة على هذا التحدي الذي يواجه الانسانية وخياراتها.
فإذا ما قام الحزب الثوري، بقيادة رائدة تمسك بفهم طبقي مادي وموضوعي لاوضاع الشعب والعالم من حوله، وبقراءة علمية ودقيقة للشروط الذاتية والموضوعية، وبالايديولوجية الماركسية وبالماوية في استراتيجية حرب الشعب ومقارعة العدو الامبريالي، إذا ما توفر هذه المتطلبات فان الثورة ممكنة، وسيكون النصر حليفها، في كل الازمنة وفي حقبة العولمة أيضاً..
نيبال.. هي الانتفاضة الشعبية المسلحة الوحيدة التي تستنير بالماركسية والتي شهدتها الانسانية منذ جيل كامل. ففي ذلك البلد النائي إستطاع شعب صغير فقير محشو كالشطيرة بين أطماع دولتين عظمتين، يفتقر الى الموارد والتصنيع والتكولوجيا ولا يحظي بدعم خارجي ودولي، إستطاع أن ينطلق في ثورة شعبية تعتمد حرب شعب طويلة الامد استراتيجيةً والماوية ايديولوجيةً. وقد تمكن هذا الشعب، على مدى السنوات التسع الماضية، أن يستمر في زحفة ويزداد صلباً. فلم يطاله عسكر الملك الذين سارعوا منذ لحظات الولادة الاولى، لتسديد الضربات المتلاحقة للوليد الجديد مقسمين غليظ الأيمان بانهم سيقضون على هذا "التمرد" في غضون أسابيع. كما لم تتمكن منه قوات التحالف الاجنبي الامبريالي، بكل ما اوتيت من قوة وجبروت. لقد إستطاع الماويون النيباليون، خلال فترة وجيزة نسبياً، أن يكسبوا دعم الملايين من الفلاحين وأن يخوضوا حرب عصابات ناجحة وفعّالة ضد القوات الحكومية وأن يقيموا سيطرتهم السياسية في أغلب المناطق الريفية (80%) في نيبال. هذه هي الحقيقة المادية والموضوعية التي تمثل أمامنا رغم الادعاءات المضادة والحملات المسعورة الكاذبة.
* * *
تشير القراءة الموضوعية للحالة النيبالية أن الاوضاع في ذلك البلد تخطو بثبات ووضوح نحو إنفصام تام. ولعله يمكننا من الناحية العملية تقسيم البلاد الى جزئين منفصلين ومختلفين، تقوم في كل منهما دولة وجيش وإقتصاد وحتى ثقافة مختلفة عن مثيلاتها في الجزء الآخر. نعم، تقف نيبال اليوم على مفترق طريق:
ـ نيبال المستقبل الذي تقوده قوى الثورة الشعبية نحو مستقبل يقرره شعب نيبال ويقوم على سلطة الشعب وديكتاتورية البروليتاريا؛
ـ ونيبال الماضي الذي تشده قوى الاستبداد والاقطاع والكومبرادور الى الوراء، الى دنيا الفقر والبؤس والقمع.
ففي جزء من البلاد، تنحصر سيطرة الجيش الملكي في العاصمة والمراكز الحكومية والمدن الكبرى والمناطق التي تربطها الطرق المعبدة. أما في الجزء الآخر، فقد قام الجيش الشعبي النيبالي Nepalese People’s Army (NPA) بتحريرالريف وتثبيت سلطة الشعب على كافة مرافق الحياة والانشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هناك، في المناطق المحررة، تمارس الجماهير سلطتها عبر اللجان الثورية الشعبية التي تنفذ السياسات المركزية وتخضع "للمجلس الشعبي الثوري الموحد" والذي يمثل الشكل الجنيني للحكومة الشعبية المركزية تحت قيادة الحزب الشيوعي النيبالي (الماوي).
في نيبال، تحتدم المواجهة بين هذين المعسكرين يومياً وتقع الاشتباكات المسلحة بشكل دوري في 73 مقاطعة من أصل 75 مقاطعة في البلاد. فكيف يمكن لعاقل أن يصدق أن تكون هذه الثورة العارمة وهذا القدر من التأييد الشعبي والممارسة الفعلية للشعب في حكم ذاته، تمرداً أو إرهاباً؟
* * *
إلاّ أن القراءة المتأنية للواقع تشير الى أنه في حين يمسك ثوار نيبال بشعلة الثورة مضيئين الدرب لحلم الانسان منذ كان وأينما كان، وفي حين يتشبثون، بدون مواربة أو إستيحاء أو إعتذار، بخطاب الكفاح المسلح وحرب الشعب وصولاً الى السلطة وبناء المجتمع الاشتراكي الجديد، فان المخاطر التي تحيق بهذا الشعب وثورته الماوية كثيرة وجسيمة ودموية.
فلا يستبعد أحد أن يلجأ الملك الى عمليات الابادة الجماعية لقطاعات عريضة من الشعب وخصوصاً الفلاحية منها، ظنّاً بانه سينهي "التمرد" و"المتمردين".
ولا أحد يظن ان الهند، وطاقم الامبريالية، سيقف مكتوف الايدي حيال تعاظم الثورة وسيطرتها. ولن تكون المرة الاولى لتدخل الهند عسكرياً في نيبال وإن كانت هذه المرة أكثرها خطورة في تاريخ هذا البلد. وربما يأتي هذا التدخل إجتياحاً كاسحاً وبدعم امبريالي دولي من جهة، وبصمت وتواطؤ الكثير من الجيران ودول الاتحاد الاوروبي وغيرها، من جهة اخرى.
ستشهد نيبال المزيد من المذابح، وكما قال د. باهورام باتّاراي، عضو المكتب السياسي للحزب:" ستسيل المزيد من الدماء على أرض نيبال. إلاّ أن هذه الدماء لن تذهب هدراً، لأن ولادة نيبال الديمقراطية والجمهورية لم تعد بعيدة المنال". ليست حرب الشعب في نيبال طفرة أو حالة شاذة في تاريخ الشعوب. كما انها ليست خارجة عن سياق التاريخ وحركته، بل هيّ صرخة إيقاظ لشعوب وعمال وفلاحي الارض أن عالماً آخراً، أفضل وأكثر عدالة، ممكن، وان هذا العالم عالمنا وليس عالمهم، وأن المستقبل لنا وليس لهم!



#مسعد_عربيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب الاميركيون والانتخابات الاميركية: مفاهيم وخلفيات
- العرب الاميركيون والانتخابات الاميركية: إشكاليات وتحديات
- الانتخابات الاميركية ـ الرئيس الاميركي: نموذجاً أم استثناءً؟
- مشاهدات مغترب في إشكاليات الانتخابات الاميركية ـ الحلقة الاو ...
- بين ناصر ولينين تأملات في الموت المبكّر وإغتيال الحلم
- الانتفاضة الساباتية بعد عشرة اعوام: مرحلة جديدة أم خيار بين ...
- في رحيل إدوارد سعيد مفكراً وإنساناً
- الهيمنة المطلقة...خواطر في اسلحة الدمار -الاشمل
- تشى غيفارا ... والحضور الدائم خواطر في الغيفارية في زمن العو ...
- مستقبل الاشتراكية في كوبا: اشكاليات الحاضر وتحديات المستقبل


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسعد عربيد - نيبال: الثورة المنسية