أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - لا خوف على تونس !















المزيد.....

لا خوف على تونس !


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 09:46
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لست منخرطا في هذا الهلع من حركة النهضة .

أجبرت حكومة علي العريض على الإستقالة تحت ضغط الإحتجاجات الإجتماعية الأخيرة وعلاقتها بقانون الميزانية لسنة 2014 . وكما كان متوقعا، مرة أخرى ترتكب حركة النهضة خطأ فادحا، فتكشف بسرعة غير متوقعة عن موقفها الحقيقي من خارطة الطريق. فأحداث العنف التي اندلعت مساء اليوم جاءت كرد فعل مباشر على هذا السقوط الاستباقي الناعم لحركة النهضة. وخروجها من الحكم ملوثة بعار الدم والفشل الذريع في إدارة الدولة والمجتمع.

عملت حركة النهضة خلال توليها السلطة على تمديد الفترة الانتقالية لافتكاك أكثر ما يمكن من وقت التوانسة من أجل "أخونة" الدولة وتفكيك المجتمع، وتشكيل أذرعة عسكرية وشبه عسكرية ستحتاجها لاحقا في ترويع المواطنين بالسلاح وحرق المنشآت الرسمية، لفرض شروطها على الحكومة القادمة وعلى المجتمع السياسي بصورة عامة، ولمجابهة خارطة الطريق ووقف تنفيذ البند المتعلق بمراجعة التعيينات.

لا أعتقد أن هنالك في خارطة الطريق ما يوحي بالسعي لإخراج حركة النهضة من المعادلة السياسية. بل أنها تتجه ومعها تتجه مجمل الطبقة السياسية إلى تخطي هذه المرحلة من خلال نبذ العنف، وتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية بمشاركة جميع القوى السياسية دون إقصاء أحد. وقد وعد مهدي جمعة مسنودا باتحاد الشغل واتحاد الأعراف والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأغلبية الشعب التونسي بالخروج من الأزمة في أسرع وقت ممكن. وخارطة الطريق التي وضعت بخصائص تونسية و اتفق حولها الجميع باستثناء الجناح المتطرف في حركة النهضة، تحمل من الآليات والتوافقات ما يؤمِّنُ الخروج من الأزمة فيما لو التزم بها الجميع. ويبقى مستقبل استقرار تونس وقدرتها على تخطي محنتها باحترام حركة النهضة لخارطة الطريق المقترحة، والامتناع الكامل عن استخدام العنف ضد قوات أمن تونس وشعبها؛ ومشاركة أفرادها في العملية الديموقراطية بصفتهم مواطنين توانسة يحرصون على حماية وحدة بلادهم واستنهاض اقتصادها.

يتوجب على قيادة حركة النهضة أن تتعلم الدروس وتراجع سياساتها ومواقفها؛ وألا تغتر وتستقوى على تونس بميليشياتها المسلحة، ولا بعلاقتها الاستراتيجية بالتنظيمات الإرهابية، ولا بمدراء الآمن الموالين لها، ولا بأتباعها الذين زرعوا في مفاصل الإدارة، ولا بالمال العام الذي نهب، ولا بالمليارات المتدفقة من دول الخليج بتزكية غربية ... فكل هذه الأمور لا يمكن اعتبارها عناصر قوة تمكن حزبا سياسيا يحترم نفسه من قيادة دولة في مرحلة ثورة ديمقراطية. بل أن ما تعتبره حركة النهضة عناصر قوة وتغول لا تعدو أن تكون أنيابا هشة لعصابة مارقة عن القانون تقاوم من أجل البقاء. عليهم أن يدركوا أن لا قوة لهم أمام قوة تونس الكامنة في نسبة تمدرس عالية جدا، وفي مدرسة عصرية قائمة منذ ستين عاما، وفي قضاء حديث وموحد، وفي نساء تونس، وفي إتحاد الشغل، وفي مجتمع مدني حي ومتماسك، وفي حركة ثقافية واسعة متنوعة ومتقدمة جدا. وإلى جانب كل هذا رصيد من عملية تحديث جارية منذ قرن ونصف. عليهم أن يتحلوا بالحس السياسي وبفهم بلادهم وشعبهم في ترحاله التاريخي بدلا من أن ينظروا إلى السطح وفي حدود أرنبة العنف . عليهم أن يقتنعوا أنهم لم يقدروا على لي ذراع إتحاد الشغل وهم في السلطة ، فكيف سيلوون ذراع تونس وهم خارج الحكم؟؟؟

ولكل هذا أتمنى على راشد الغنوشي وجماعته حماية للتيار الإسلامي بالدرجة الأولى، وحماية لتونس، أن ينظروا ولو مرة واحدة إلى الواقع دون مرايا محدبة، ليفهموا أن تونس عصية على الإرهاب، وأنها لن تحكم بالعنف مستقبلا وإلى يوم القيامة.

لا نريد دماء أخرى تسيل، لا نريد أن تتطور أعمال العنف التي تمارسها حركة النهضة من خلال روابطها في رد فعل صبياني، إلى الحد الذي تضطر فيه الأجهزة الأمنية إلى الرد بصورة حاسمة. ولا نريد أن نسمع بايداع قيادات نهضاوية في السجون تمهيداً لمحاكمتهم بسبب تعدياتهم المسلحة على قوات الأمن، وتهديدهم للسلم الأهلي، و دعمهم للارهاب. والحال أن هذه القيادات كانت أمس في المراكز الأولى بالدولة التونسية.

في المقابل، مطلوب من كل القوى السياسية التحلي بأعلى درجات الصبر والمسوولية الوطنية. الآن، وقد نجح الشعب التونسي بقواه الحية في إخراج حركة النهضة من سدة الحكم، على خلفية الفشل والتورط في الإرهاب. فلنبدأ في تنفيذ خارطة الطريق نحو مستقبل أفضل لتونس. والتوانسة جميعا مدعوون إلى فتح باب التصالح والتعاون على أسس وطنية جامعة تحمي وحدة شعب تونس، واستقراره، وأمنه، وتنشط عجلة اقتصادها. ولنستعد لمواجه نماذج العنف السياسي المقرون بالتحريض على التدمير، وحرق المؤسسات العامة والخاصة والمرافق الحكومية، وقتل الأبرياء. ولنمضي إلى بناء دولة ديموقراطية تتلاءم مع طبيعة العصر، وقادرة على مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية.

نتمنى أيضا على الحكومة المقبلة، أن تنتبه إلى أن جذر الأزمة وفتيل النزاع يكمن في الفقر والحرمان والبطالة، وفي جهات منكوبة ومهمشة، تستغيث منذ عقود وتطالب بالبدء فورا في إنجاز ما يفتح أمل الناس في الدولة وفي المستقبل. وفي هذا السياق لابد من وجود رغبة جدية لدى حكومة الكفاءات الوطنية في تحقيق تطلعات القوى الشبابية الثورية، وتشريكها في بناء المستقبل، سيما وأن هذه القوى الجديدة، المارقة عن مربعات الأحزاب والإيديوليجيات، تريد إقامة دولة عصرية تقوم على ركائز العدل و الحرية، وتقضي على الفقر والآستبداد، وتحصّن المجتمع من كل المخاطر المؤدية إلى تفكك الدولة والمجتمع معا.وهذا ما يجعلها سندا طبيعيا لحكومة مستقلة تقف خارج التجاذبات.

وأخيرا، نتمنى ألا تتساهل حكومة السيد مهدي جمعة مع من مارس الإرهاب، ومن حرّض على العنف ضد الدولة، أو من قام بأعمال مخلة بالأمن، أو بالإعتداء على المواطنين. وأن يصارح التوانسة حول ملف آغتيال الشهيدين الكبيرين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حتى يثبت أنها حكومته تتصرف بطريقة شفافة وتسعى لاستعادة موقع تونس كدولة في أذهان المواطنين وفي نظر العالم .

وأتوقع أن تتصرف الحكومة الجديدة بحذر تجاه وفود الدول الغربية التي ستتكثف زياراتها .. وأن تأخذ بعين الآعتبار أنها لن تأتي لحماية "حركة النهضة" بل لمعرفة الموقف الرسمي من القضايا الإقليمية، ومن مسألة الشراكة والاتفاقيات المذلة للشعب التونسي، تلك التي تورط فيها نظام بن علي، وما إذا كانت هذه الحكومة ستُؤَسِّسُ للمحافظة على إلتزامات الدولة تجاه الموسسات المالية والسياسات النيوليبيرالية المتوحشة مثلما فعلت حكومتي النهضة، أم أنها ستُؤَسِّسُ لبناء لتوجه وطني جديد ينسجم مع تحقيق أهداف الثورة. وفي هذه الحالة ستعمل على تعطيلها والتآمر عليها. فشعب تونس قام بتحرك وطني ثوري كانت له آثار كبيرة في عموم المنطقة والعالم. وقد أصيب مخططو السياسات الغربية بالهلع خصوصا بعد أن ألهمت الثورة التونسية شعوب المنطقة ، و أعادت لها الثقة في النفس وروح التمرد على الظلم ورفضه، وأعادت لساحات المواجهة أفكار التحرر وشعارات الكرامة الوطنية .. وهذا ما يجعل الغرب يقرأ ألف حساب لهذا الشعب، ولا ينظر بعين الرضا لإصراره على المضي في مسار ثورته إلى آخر الطريق، خصوصا بعد تنفيذ الخطوة الأولى في برنامج طرد حركة النهضة من الحكم وهي بديل الغرب الآستراتيجي على نظام بن علي. ولا ننسى أن رمزية نجاح الديمقراطية في تونس/ منبع الثورة، يحمل تهديدا للمصالح الإستعمارية من جهة توقع إنتشار رياح النجاح إلى منابع النفط وإلى فلسطين المحتلة.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطلع إلى الحداثة ، والإرتداد إلى الخلف
- مرة أخرى : كيف يجب أن نفهم الحوار الوطني في تونس ؟
- محنة تونس اليوم، هي الثمرة المرة لنظام الإستبداد
- الفضيلة والإرهاب
- حول الديمقراطية والشورى في الرد على الشيخ راشد الغنوشي
- حول -مبادرة منظمات المجتمع المدني لتسوية الأزمة السياسية-
- دفاعا عن التاريخ، في الرد على فوبيا-اليسار
- الشيخ راشد الغنوشي و مرجعية السياسة التركية
- أن تمنح الحكم للإسلام السياسي ، كأنك منحت سلاحا لمجنون
- الإنتقال الديمقراطي في تونس : مقتضيات التحالف مع القطب الليب ...


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عزالدين بوغانمي - لا خوف على تونس !