أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد إيهُوم - التحريم الديني للذة:














المزيد.....

التحريم الديني للذة:


رشيد إيهُوم

الحوار المتمدن-العدد: 4318 - 2013 / 12 / 27 - 14:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الأديان باختلافها هي عبارة عن أوامر ونواهي تفرض على الأشخاص الالتزام بقواعدها انطلاقا من مجموع الأفكار والعقائد المؤسسة لها. وتعتبر الأديان السماوية ( اليهودية والمسيحية والإسلام) أكثر الأديان صرامة في مجال الشرائع.
وسنركز في تحليلنا هذا على مسألة التحريم التي نجدها في الديانات الثلاث .لأن التحريم يعتبر كما أسلفنا الذكر من جملة المنظومات التشريعية التي تتحكم في قيام أي دين معين.
والتحريم يشمل كل الجوانب التي ترتبط بالغرائز والشهوات حيث يقوم هذا التحريم بالحد أو منع هذه الشهوات من التحقق.
فالدين إذن هو رادع لدوافع الشخص وبالتالي يعمل هذا التحريم على تنظيم الدوافع الفردية لتتلاءم مع جملة القيم داخل المجتمع ؛ فالفرد في هذا المستوى يخضع لأنا أعلى جمعي un surmoi collectif يفرض رقابته على الغرائز الفردية .
لكن ما نود الخوض فيه هنا ليس الأسس العقائدية والطقسية التي تتأسس عليها هذه الأديان أو الفعل التحريمي كأداة للضبط الفردي والجماعي. لكن المسألة التي تهمنا هي التحريم كفعل زجري للذة، تضبط وتمنع اللذة le plaisir ولا تترك المجال لتحققها وإرضائها وإن كان ذلك ممكنا فلا يتجاوز إطاره الضيق والمحدود. فالجنس مثلا كلذة إيروسية باستعمالنا لمصطلح فرويد ،لا يمكن للشخص في إطار الدين أن يمارسه خارج الدائرة المرسومة له. فمن كان يريد تحقيق هذه اللذة فالزواج هو الإطار الوحيد الذي يسمح فيه بذلك.
فتحريم اللذة هو في حد ذاته يحمل بعدا مازوخيا الهدف منه هو صلب الذات ومنعها من تحقيق إشباعها الكافي.
فهذه النزعة الصوفية التي تميز كل الأديان تمنع الذات من الخضوع لمنطق الإشباع المباشر، زد على ذلك أن تحقيق هذه اللذة لا يكون أمرا خاصا بالفرد وحدة بل إن الجماعة كذلك تكون معنية بتوزيع هذا الرأسمال الجنسي le capital sexuel وفق ضوابط ومعايير خاصة.
الديانات السماوية وغيرها تمنع اللذة من التحقق في العالم الدنيوي والفاني وتعد "المؤمنين" بتأجيل كل تلك المغريات الدنيوية إلى حين الانتقال إلى العالم الأخروي. العالم الذي يصبح فيه كل شيء جائز وقابل للتحقيق . وهنا لا أقصد اللذة الجنسية فقط التي لا يمكن لها أن تتحقق إلا في إطارها المشروع أي داخل مؤسسة "الزواج". بل إني أقصد كل اللذات الأخرى التي يمكن للذات أن تحقق بها نشوتها كلذة الخمر والغناء وغيرها.
الدين بهذا المنطق يقوم بمنع كل ماهو جميل في الحياة ، لأن اللذائذ هي المبتغى الذي تطمح إليه الذات . وليس العيب في ذلك المنطق بحد ذاته أي منطق تقنين هذه اللذة ومنع الفوضى والإشباع البهيمي الذي من شأنه أن يؤثر في الوجود الإنساني داخل كل مجتمع . بل إن ما يلاحظ خاصة عند المسلمين أن منطق التحريم يسود هذه المجتمعات وتصبح ذهنية التحريم هي التي تحدد التشريع الديني.
وينتشر بسبب ذلك الفقهاء الذين يقتصر تفكيرهم وعملهم على إصدار الفتاوى المحرمة لكل فعل داخل المجتمع يحمل سمة اللذة ؛ والأمثلة على ذلك متعددة.ومقابل ذلك يتم إغفال مسائل أهم بكثير من قمع شهوات الأفراد ألا وهي البحث والتجديد والإصلاح الذي يجب على الفقهاء والمشرعين الدينيين أن ينكبوا عليه بدل اهتمامهم بحميميةl’extrême intimité de l’individu الأفراد والدخول في أمور شخصية تهم الفرد فقط دون غيره.
والأكثر خطورة في الأمر أن هذه التحريمات التي تميز الأديان تجعل معتنقيها يصابون بالوسوسة فيما يتعلق بسلوكهم . فنجد الفرد تسيطر عليه الوساوس القهرية obsessions compulsifs في كل ما يتعلق بنظافته وغرائزه وشهواته. وهنا يكون هذا التشريع الديني السبب الأول في نشر المرض النفسي بين أفراد هذه المجتمعات. فعوض أن يهتم المؤمن بإخلاصه لخالقه وينكب على العمل والإبداع والتطوير،من أجل تحديث المجتمع وعصرنته نجده مهووسا بالتفكير في الاستنجاء والإستبراق؟!!!
وكما يقول ميشيل فوكو المجتمعات الأكثر قمعا للجنس هي المجتمعات الأكثر هوسا به .
وهذا ينطبق على الأمة العربية الإسلامية التي نجد أن لذة الجنس تقمع بشدة تحت ذريعة أن ضبطها أمر واجب وإلا فسدت الأخلاق والقيم وإنتشرالإنحلال الأخلاقي . سنتفق مع هذا الكلام ربما، لكن أن نجعل كل تفكيرنا منصبا على قمع الجنس فهذا ما جعل مجتمعاتنا مجتمعات مكبوتة ومضطربة جنسيا. وبفعل القمع الزائد والتحريم المبالغ فيه فإن أنواعا كثيرة من الظواهر الشاذة من قبيل البيدوفيليا والشذود الجنسي وغيرها أصبحت منتشرة بين ظهرانينا .



#رشيد_إيهُوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد إيهُوم - التحريم الديني للذة: