أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - ثلاثة أصناف















المزيد.....

ثلاثة أصناف


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 09:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كيف نجزم بأنك إذا ما تبوءت منصباً سياسياً مرموقاً ستكون نزيهاً؟
أنت كمواطن تحتج بشدة على أداء السياسي الفلاني لمفسدةٍ في عمله. لماذا تحتج؟ هل تحتج لأن ذاك السياسي يختلف معك أخلاقياً, فتعتقد أن أخلاقياته تنافي أخلاقياتك؟.
ما هي أخلاقياتك السياسية؟
قد لا أكون كمواطن مهتماً بأداء ونزاهة السياسيين حين توجيه النقد لهم, وكل ما يعنيني أن ما حصلوا عليه من مناصب وعناوين أنا من يستحقها, هكذا أعتقد, فأنا الرجل المناسب في المكان المناسب , وكل هؤلاء السياسيين غير مناسبين , ولكن العدل مُغيب , والحق غائب , والأستحقاقات ضائعة , وتباً للجمهور الذي ما ألتفت إلي , ولا اختارني, ولا وفر لي بصوته منصباً ومُرتباً وقصراً وشُهرةً وحراساً , وسأظل ناقماً على هذه المظلومية التي ألحقها بي الناس .
يوجد مثل هذه النماذج بين صفوفنا كمواطنين , فتراه يتصور نفسه المنقذ , المخلص , الكامل المكمل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه , انه مواطن نرجسي , مولع بتمجيد ذاته أمام ذاته أولاً, ومن ثم أمام الآخرين , وحين النقاش معه لتبيان المواصفات الخارقة التي وهبها الله له نراه ينتفض ويمتعض ( وينطعج ) ويلعن الزمن الذي جعله يُجالس الجُهال والعوام من البشر , ويذهب في رؤى تُخبره بأنْ لا الزمان زمانه , ولا المكان مكانه , ولا الوقت وقته , فهو الغريب الوحيد بين آلاف المتشابهين في التخلف , ويندب حظه العاثر على غفلة الناس عنه , وعن تفوقه , التفوق الذي لم يُفصح عنه .
لا تتصوروا أن هذه الحالة غير منتشرة , بل هي ظاهرة متفشية , ومن اسباب تفشيها الواقع السياسي المتدني , وسعة مساحة الديمقراطية , فالواقع السياسي المتدني جعل كل من هب ودب يقول بأحقيته في الحصول على منصب سياسي سلطوي , ومجتمعنا يفهم السلطة بشكل أوضح من فهمه للحكومة المؤسساتية , والدولة المدنية , والديمقراطية , وتأتي الفسحة التي وفرتها الديمقراطية لتُغري أناسا أكثر بإمكانية الدخول لعالم السلطة , فباب الترشيح والمنافسة مفتوح , وما على الراغب إلا إقناع العدد الكافي لانتخابه , والمائدة غنية بما لذ وطاب .
عند البعض تجد الحالة أخف بريقاً, فهم يبتون بعدم جدارة أي من السياسيين المتواجدين في الحكم , وبالنسبة لهم لا يمكن أن يُصلح الوضع , ولا أمل في المستقبل السياسي , فالعراق يحتاج لقيادات سياسية تحمل مواصفات نوعية لا تتوفر في رجالات العملية السياسية , ولكن ؛ وبعد الاستفسار عن تلك المواصفات النادرة , وعن أصحابها , تصطدم برؤى مريضة , مُعيبة , موبوءة , مختلة , تُمجد التافهين , والمتلعثمين , والمتسكعين , والمجانين , والشياطين , فتشد من أزر هذه النماذج السخيفة وتعتبرها الأمل , والرجاء , والخلاص , وتُضفي عليها الكفاءة والعلم والحكمة , وتجعل منها شخصيات لا يمكن التخلي عنها , فهي النوابغ الجهبذية , والنورانية التنويرية, وفيها تكمن القوة القدسية , والحدسية , ويصل التمجيد الى الحد الذي يوهمك أن من يتحدثون عنهم آلهة تفوق البشر قوة وعقل وقدرة .
الصنف الأول ( الذي يعتقد بأحقيته في السياسة ومكاسبها ) يُعول كثيراً على الصنف الثاني ( الذي يُمجد التافهين ) , والصنف الثاني لا يملك الجرأة على القول بأنه يستحق المناصب العليا في السلطة , فهؤلاء همج رعاع , لا يُجيدون الحديث والنقاش , فتراهم يتعلقون بشخوص قريبين من فهمهم ومفاهيمهم , معروفين , شهيرين , يُجيدون شيئاً من لقلقة اللسان , فيتخذوهنم مثالاً يُعظموه لكي يوهموا أنفسهم وغيرهم أن آراءهم معتبرة , ذات قيمة , فجل رغبتهم أن يُقال عن آرائهم واعتقاداتهم أنها صحيحة , ومن يقول عن آرائهم أنها صحيحة؟
الصنف الثالث , صنف لا يفقه من مجريات الحياة سوى ما يتعلق بمأكله ومشربه وقوت عائلته وكم طابوقة أو ( بلوكة ) يُشيد بها بيتاً يجعل منه كهف نيادرتال البدائي , وكم من من هؤلاء يُطلق أطفاله صباحاً ويتذكرهم عند الغداء , وبعده يطلقهم , ويتذكرهم عند العشاء , فلا مدرسة , ولا تربية , ولا أم واعية , ولا مستقبل , وقد يكبر الأبناء ويرتقون للصنف الثاني , أو حتى الأول , والعشوائيات تكثر , والتجاوزات تتسع , ومعها يكثر البؤس , واشياء أخرى...
نرجع الى مقدمة حديثنا , سائلين كل مواطن منتقد لأداء السياسيين عن معتقداته الاخلاقية في العمل السياسي , وأود أن لا يتصور القارئ العزيز أنني أقف مع السياسي الفاسد الفاشل , ولست أريد النيل من المواطن , وهو أحد أركان بناء الدولة , والتصنيف الذي سقته يُبرئ حديثي مما قد يفهم منه خطأً.
صار لزوماً أن نفهم آراء وتوجهات المواطنين , وعوامل تكوين هذه الآراء والتوجهات , ونتحدث عنها بصراحة ووضوح , وحين نتساءل عن الاخلاقيات فنحن نقصد الاخلاقيات بما تداوله عامة الناس عنها , ولسنا بصدد مبحث القيم والخيرية , وما اختلف فيه الحدسيون والوضعيون حول فلسفة الاخلاق , فما زلنا بعيدين عن رؤية الأفق , ونحتاج لأجيال لنصل للمبتغى .
أنا أعرف أن بروز نماذج سياسية من شخوص يرتقون الى مستوى المثال المقبول والمناسب أمر لا بد من تحققه لكي تنقرض وتضمحل ظواهر مرضية حققت إصابات في المجتمع , فالأصناف الثلاثة التي ذكرتها لن تصمد أمام النموذج الأمثل للعامل بالسياسة , وستندحر الآراء والتوجهات الرديئة , وتتفتح آراء وتوجهات ذات روائح عطرة , وأشكال نَظِرَة , وشخصية مواطن مستقر وناضج وايجابي .
أن تساؤلنا عن نوع الاخلاقيات السياسية للمواطن تطلب رأياً جاء عن تفكير ودراية , وهو مشروع للتغيير , وهذا يتطلب وقفة للتفكر , والتفحص , والمقارنة , ويتطلب شخصية تحترم ذاتها , وقيمتها كوحدة بناء مُلزمة بأن تتموضع في المكان المناسب بالتراص مع باقي وحدات البناء ليُشيد البناء بشكل مقبول , والمكان المناسب هو الذي تسعى لنيله عبر نتاجك المناسب له , المتطابق مع متطلباته , وأنا أعني الكفاءة , فهل أنت كفوء لتطالب بمنصب , ثم هل تمتلك الكفاءة في الرأي لتنتقد , وهل لديك مشاريع وأفكار حقيقية , وهل تحث نفسك , وتُلزمها , أخلاقياً, لتظل مواطناً نزيهاً, وأنت ما زلت مواطنا , وتظل متفكراً بالصالح العام , وأنت مازلت مواطناً ؟
لنعتبر الاخلاقيات هي الالتزامات تجاه الصالح العام , وهذا يتطلب التحضر , فهل أنت متحضر ؟ تعرف واجباتك فتنفذها جيداً, وتعرف حقوقك , وكيفية المطالبة بها بشكل متحضر , أم أنت تُدين فشل وعدم نزاهة السياسي من منطلق امتعاضك وأنت تراه جالسا على كرسي فخم , ويحمل عنوانا سياسيا مُبهرا , وتتسابق اليه الفضائيات والكاميرات لتغرف من كلامه اغتراف الضامئ من سراب الصحراء , فحركت فيك هذه المشاهد نواقص الشخصية وأمراضها ومكامن العاهات النفسية , فتراك تثور قائلاً:
( هوَ هاذ هم يعتبر نفسة سياسي , لو يروح يبيع طماطة أحسنلة , بس شنسوي للحظ , صعد وين الفاشل , والمثلنة ما حالفهم الحظ , مع الأسف )
طبعاً لم أنقل ما يتفوه به الصنف الأول بالغالب , فبعض التعابير والألفاظ لا يمكن ذكرها , واكتفيت بمثال مجازي , وان وجد , فهو نادر , وإذا نزلنا للصنف الثاني فحدث ولا حرج , وكيف بنا ان هبطنا للصنف الثالث , وللانهيارات الاخلاقية أطياف وكوابيس تداهمنا في الشارع , والعمل , والسوق , وفي وسائط النقل , والانهيار الاخلاقي صار خير منطلق للآراء عند الاصناف الثلاثة بدل إجهاد النفس والعقل والارتقاء بمستوى الفكرة واللفظ , وقد انعكس الحال على الجيل الناشئ , والأطفال , فقبل أيام صادفت طفلاً - يقارب العشر سنوات- وقد اتسخ بالأوحال الناجمة عن الأمطار , يقول إن السياسي الفلاني أجر زوجته لسياسي أميركي معروف , ولمدة ليلة واحدة , لينال المنصب الذي يشغله الآن , وحينما استفسرت منه عن مدى صحة هذه المعلومة , انتقد عدم درايتي بهذه المعلومات , ولست أعلم سبب تأكد الطفل من هذه المعلومة , وكثير من الحالات تواجهني قد تكون أنكى من هذه القصة , وهي قصة حقيقية .
ان السياسيين يستمعون لمثل هكذا طعون , واتهامات إباحية , وهي كثيرة جداً, ويبنون عليها مواقف لا تخدم المواطنين , فالسياسي العراقي لم يصل للنضج المطلوب في تعامله مع المواطن حيث سعة الصدر , والتفهم , والاحتواء , والصبر , ومن المواطنين من لا يُجيد في آرائه ( السياسية ) أو بالأحرى آرائه المتعلقة بالسياسيين , غير المس لزوجة السياسي , أو البنت , أو الأخت , أو الأم , مع أن هذا التشهير لا دخل له بموضوع نقد وتقويم العمل السياسي وفعالية المواطن في هذا الخصوص , ولكن ؛ وكما وضحت , فإن الشتم والسباب والتشهير صارت ( آراء ) لا تُكلف صاحبها عناء تثقيف الذات , وتقويمها , ونقدها , وتصحيح مفاهيمها .
نقول أخيراً , وندعو : أن يُعيذنا الله من الأصناف الثلاثة .



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تديننا.. أضاعنا عشرة اعوام يا ليلى
- كابوس المعادلات العراقية


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - ثلاثة أصناف