أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين الناجي - فرصة مقاوم















المزيد.....

فرصة مقاوم


نور الدين الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 4298 - 2013 / 12 / 7 - 15:49
المحور: الادب والفن
    


الساعة تشير الى العاشرة ليلا، الجو بارد و الظلام دامس في مكان بعيد عن باقي المنازل، قرب متلاشيات من الحديد و الخشب، في تلك اللحظة حسم في قرارة نفسه أن يشد الرحال إلى عالم " القحاب"،
أخرج الهاتف و اتصل بنادية "القوادة":
- الو نادية
- اه شكون معايا
- معاك "الفرطاس"
- اه كيف داير لاباس عليك
- لاباس الله يبارك فيك
- فينك انت دبا ؟
- انا في "كافيت لافيت"
- غدا انا جاي.
- جي مرحبا بك.
عاد الى البيت و دخل مباشرة إلى فراشه الدافئ، بدأ يجيء و يروح في أفكار تدور رحاها حول رحلة الغد ، فكر في وضعه المالي الذي يتأزم يوما بعد آخر، فكر في "العاهرة" التي سينكحها غدا، فكر في أمور كثيرة، ظل يفكر بمنطقه الذكوري المجيد منتظرا أن يتغلب على تعب جسده، وعلى مقاومة عقله العنيد، و أن يشفق النعاس على بؤسه، استسلم أخيرا لنهر النوم الجارف.
10:15 صباحا ضربته "الفيقة" ضربة قفز على إثرها من فراشه كالمجنون، بعد الإفطار ارتدى ملابس أنيقة واتجه بخطوات مسرعة نحو المحطة، لاحظ الاكتظاظ المروع وقت وصوله، والبشريات التي تترقب في صمت قاتل مصيرها الغامض. وقف بدوره منتظرا مشاركا الآخرين صمتهم.
ها هو "الطاكسي" المنتظر انقضت عليه حشود الكلاب المسعورة، رشاقة "الفرطاس" وقوته البدنية جعلته الكلب الأكثر شراسة، ظفر بمقعد و بعد حوالي ساعة من الزمن وصل الى بلاد " كافيت لافيت" ، ابتعد قليلا عن المحطة و اتصل بنادية ، الهاتف يرن ويرن و يرن، أجابت "القحبة " ؛ عرف بنفسه، فقالت له : " الدار عامرة كاينين الناس".
كان يحتمل في خلده وقوع هذا الأمر، فهو لا يثق في "القحاب".
ذهب الى المقهى و استعان بالصبر منتظرا نزول غيث من السماء.
مرت ساعات و دقائق ؛ شرب كأس قهوة، و دخن الكثير من السجائر. أخرج هاتفه من جديد ليحاول مرة أخرى الاتصال "بالقوادة"، لعل قلبها الثائر يحن على قضيبه السهامي، و إذا بالمسكين يواجه بالرفض المتجسد في هاتفها غير المشغل.
يكاد يجن من هذه الضربة الموجعة و من خطته التي لم تكلل بالنجاح، داعب الهاتف من جديد في محاولة يائسة بحثا عن المجهول، فتصادف وجود رقم " قوادة" أخرى على هاتفه، قفز من مكانه محتفلا بنصر غير مؤكد، لم يسبق له أن ذهب عند هذه القوادة، و قد حصل على رقمها من أحد الخبراء في الميدان، اتصل على مولانا الكريم.
أجابت، فحياها بسلام حار و محترم، قدرت تحيته و أمرته بأن يكشف عن هويته، أخبرها أنه لا يعرف باب المنزل و لكنه يعرف الزقاق، وأطلعها على بعض قدماء المحاربين ليوطد الثقة ويطرد الشك. استحسنت " حبيبة " فعله هذا، و اطلعته على خطة الدخول، انتهت المكالمة و سار بخطى سريعة مختصرا الطرق خوفا من أن تخرق القحبة الإتفاق كما فعلت " خايبة السيفة ".
يحاول أن يتغلب على ارتباكه، و على ضميره الخائن، يخيل له أن الجميع ينظر إليه، و أنه مقبل على ذنب عظيم لا يغفره الرب ولا يحمده العباد، ولكن أي ذنب هذا الذي يخلص " الفرطاس" من الانتصاب الدائم لقضيبه الملحاح، كيف يعقل أن نسميه ذنبا وهو البديل الوحيد لشاب بلغ 34 من عمره و مازال عاجزا عن تحقيق شروط الزواج المضنية في الوقت الراهن.
وصل إلى الزقاق المنشود، فوجد " حبيبة " تطل من النافذة في انتظاره، وجهته إلى باب المنزل بإشارات خجولة، صعد السلالم و قلبه يخفق، صوت مجهول المصدر يشجعه بنبرة حنونة على الصعود.
في النهاية وجد نفسه أمام جسم كروي الشكل يرتدي ملابسا خفيفة بوجه تظهر عليه الخبرة والثبات مع ابتسامة مرحبة، هذه هي " حبيبة" الحبيبة، تبادلا سلاما حارا، دخلت إلى أحد الغرف و تبعها الكلب الشرس دون تردد أو خوف ، الغرفة شبه عارية، أشعلت التلفاز، و تبادلت معه الكلام حول هويته، و حول قدماء المحاربين طبعا هذا لترسيخ الثقة و توطيد العلاقة الشريفة المقدسة.
نعم المقدسة ولم لا تكون كذلك ؟ وهي مخلصته من عذابه، طلبت منه الانتظار إلى أن تأتي القديسة " البابوية ".
انتظر حوالي نصف ساعة أملا ألا يعود خاوي الوفاض من هذه الرحلة المكوكية .
تأتي " حبيبة" و تأمره بأن يتبعها، صعدا الدرج نحو السطوح هناك حيث توجد غرفة العمليات السرية، دخل "الفرطاس" و جلس في زاوية من الزوايا على مائدة مستديرة، دقائق قليلة بعد دخوله جاءت عروسه المؤقتة المؤجرة "المكركرة" (مع فتح الكاف الثانية).
دفع لحبيبة بسخاء، انصرفت موصدة الباب.
اندفع غير مصدق ما هو مقدم عليه، صار يدلك و يرفس و يبعثر الخيرات الربانية وفائض اللحوم المنتشرة في كل الهضاب و المنحدرات، قبلات عناق أخد ورد في جو هادئ لا تسمع فيه الا همسات رقيقة
أخرج قضيبه السهامي، قضيبه الذي علا جبروته و ازدادت قوته، فتمرد على "المايو" مطالبا بالسراح المؤقت .
آه كم هي لحظات جميلة لا تنسى، قبل إيلاج قضيبه في العالم الهلامي قال: " بسم الله"
عقبت عليه القديسة بقولها : " حتى الحوا فيه بسم الله "
لم يعر قولها اهتماما فهو مشغول بما هو أهم من ذلك، استمرت المعركة الوجودية حوالي ساعة، ثم انسحب " الفرطاس" ببطء شديد، قبل جبين " القديسة" و قال لها : " المسامحة "
استحسنت هذه البادرة التي لم تعتدها من الكلاب الأخرى بابتسامة عريضة و عيون براقة بريئة .
ارتدى ملابسه و استرجع انفاسه، ودع " القحبة" التي لم يعرف اسمها و شكرها شكرا حارا
هبط السلالم و جد حبيبة وسط الفناء ودعها، و ودعته هي الأخرى، مضيفة : "مرحبا بك في أي وقت " .
عاد من نفس الطريق التي أتى منها تماما كما فعل قضيبه الذي عاد الى زنزانته المظلمة الضيقة .
كثيرة هي الطرق لنصبح حيوانات، لكن هذه ليست إحداها في مجتمع "الزوامل" بأحكامهم و ترهاتهم القيمية الفارغة، فالإنسانية قاطبة قد اختفت وخلفت وراءها ضوء خافتا وجنديا معتلا يحرسها.
استنشق "الفرطاس" نسيم الحياة بعد شهور من الحرمان، فهو كالآخرين يتضورون جوعا، غارقين في القذارة حتى أذنيهم يركبهم القمل، و تلسعهم البراغيث و بق الفراش و يِؤنبهم ضميرهم. حتى جفت قلوبهم و صدأت أفئدتهم و اسودت أدمغتهم، و بلغ منهم اليأس ما لم يتحمله كائن.
وهاهو في النهاية، حر طليق يمشي بدون ضميره الخائن إلى عالم الأحياء .



#نور_الدين_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى عالم العراء
- ظلام الأنانية
- كارلي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نور الدين الناجي - فرصة مقاوم