أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فخرية صالح - اذا كان هـــــذا هو الإسلام فأعـــــــلن بـــــــــراء تي منه















المزيد.....

اذا كان هـــــذا هو الإسلام فأعـــــــلن بـــــــــراء تي منه


فخرية صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1216 - 2005 / 6 / 2 - 13:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نَزَفَ محمد ، جريح صدفة الإنفجار العشوائي في بغداد ، نَزَفَ حتى الجفاف. وما تبقى منه ليس سوى جثة هامدة. أعلى جثته يتوسد مقود السيارة، والي جانبها الأيسر تتمدد قطرات الدم لتغطي المقعد وأرضية السيارة . و بلازما الدم يرطب نعل السائق وحوافي بنطلونه الممزق العتيق. ويمتد نهير الدم السائل الذي يأخذ مجراه داخل السيارة ، التي بدأت بألاحتراق، ليعبرَ ويغطي شظاياً تناثرت وقذفها عصفُ وضغط الانفجارالمدوي . يلتقي نهير الدم الذي جاء من اليسار بنهيرات اخرى من كل مكان لتشكل بحيرة دم يتخثر في لحظات ، كما شاءت الطبيعة أو كما شاء الله أو شاء التطور البشري ـ سمي الخالق ما شئت ـ الدمُ يتخثرويشكل طبقة عازلة، كالجلد يَسدُّ فتحة الجرح . وتمضي الحياة كما هي بحلوها ومرها... لكن بحيرة الدم المجانية الحمراء الراكدة هذه تكتسب في دقائق معدودة إسوداداً. تكتسي بالأسود حداداً.
تفوح رائحة خاصة ، تشكل نقطة جذب وخلق للآلاف من الذ باب ؛ صغيره’ وكبيره يتراقص حول وعلى بحيرة الدم الراكدة كمن يخلق للشياطين أجواء الرقص والمرح لإمتصاص الروح الانسانية ودم العراقيات والعراقيين البسطاء أولئك الذين لم يوفر لهم ، من قبل ، جلاوزة البعث وصدام أجواء حياةٍ أفضل.
تتمدد بحيرة الدم، وتتسع دائرة تراقص الذباب الارهابي المسمن بدم البشر الى المقعد الآخر المجاور لمقعد محمد، سائق تلك السيارة المرقعة بقطع الالمنيوم الملحومة مرات ومرات، وتحط افواج الذباب التي ازداد عددها وانتفخت بسرعة عجيبة علىمكان كان يسمى قبل الانفجار الانتحاري وجه كائن صغير، وتبين بعد التدقيق في بقايا أشلائه انه طفل في الحادية عشرة من العمر، ومن بطاقة ودفاتر يحملها تم التعرف على اسمه ـ وهو مصطفى طالب في مدرسة ابتدائية كان في طريقه
الى البيت مع جدته فاطمة بعد أن انهى امتحانه السنوي في ذلك اليوم . كان ذ نبها وسبب وجودهما في هذه السيارة ، إذا أعتبرَ ذنباً ، في هذا اليوم ، بل وفي هذه اللحظة بالذات ، هو خوفها عليه من الاختطاف او القتل والتفجيرات اليومية ، فكان قرارها ان ترافقه في الاياب والذهاب الى المدرسة.

تهشُّ غيمة الذباب السوداء من على قطعة من كبد المصطفى للموت . قطعة الكبد التي التصقت بسقف السيارة ، لتحط على سلسلة مفاتيح دار وجدت مكانها على ارضية المقعد الخلفي قرب قطع متناثرة لقماش عباءةٍ سوداء هي للجدة بالتأكيد ، التي ارادت ان يقضي حفيدها الوحيد سويعات من يومه للّعب مع صديقه . ففي بيتها الذي تعيش فيه يسكن الملل والذكريات منذ سنوات في كل زاوية فيه ، بعد ان اختفى ابنها عامل البناء وزوجته بشكل غامض، وبعد أن فتشت عنهما في المقابر الجماعية وفي السجون عنهما، ولم تجد جوابا يسكت لوعتها، ويخفف من أعراض مرض الخوف الذى يسكنها منذ ذلك الحين ، لذا قررت مرافقة مصطفى في الذهاب وفي الإياب .

واستمرت افواج الذباب المتعطش للدم تنهش من بحيرات دم محمد ومصطفى وفاطمة ، فيما استمرت مجموعات ذباب ارهابي شيطاني اخرى تجوب شوارع ومدن بغداد والموصل والناصرية وبعقوبة وكركوك وغيرها من المدن العراقية التي ابتلت بهذا الذباب الارهابي الشيطاني استمرت ترتشف الدم العراقي وتزدرد المتخثر منه عبر تفجيرات يومية سوا ء بالسيارات المفخخة أو بالعمليات الانتحارية ، وهي البدعة الاجرامية التي ابتدعها البعض خلال سنوات الحرب اللبنانية ونقلوا الآن خبراتهم التي طوّروها الى العراق، بدعة لمخصيين ومرضى العجز الذهني والجنسي منحهم أمثالهم وسادتهم صكوك غفران من كل ذنب، كما منحوهم صكوك لقب " المجاهد في سبيل الله والاسلام " وليس اخيرا ربما وعدوهم بمفاتيح الجنة حيث الحواري وكعابا اترابا ينتظرونهم بفارغ الصبر على ابواب الجنة.
لا ادري لماذا يقوم هؤلاء المانحين لبركات الجنة بحرمان اولادهم و انفسهم واقاربهم من نعم الصكوك والوعود هذه.

في أجواء حرارة صيف قائظ مقرفة حتى الغثيان، وفي مدن مستباحة للقتل في العراق، هيأ المجرمون الذين أتخمهم حكم الدكتاتور، الأجواء لذبح البشر ونشر أشلاء جثثهم ، بل وحتى تقرير مصير العراقيين بدل الله الذي خلقهم ، بصور بشعة لا إنسانية ، واتخذوا الساحة العراقية لنشر الذباب الارهابي المسمن بدم البشر، حتى عاد العراقييون لا يتحسسون أجواء الخلاص ، على الاقل من صور صدام ـ الرب وقتلته يومياً على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد والجداريات بضخامة قسوتها، والتي كان احد الاهداف من اقامتها نشر الرعب في كل شارع ومنعطف ونفس ، و لتأكيد الحضور الدائم للدكتاتور بقبعاته الاوربية والروسية وبدلاته الراقية وقصوره التي سعى بكل جهده لمنافسة أغنى ساسة ورجال الاقتصاد في العالم ، بل وحتى أغنى القوادين .

هذا الذباب المسمن بروح القتل و الحقد على الحرية ابتدع اساليب قصاص لرفض الظلم والمقابر الجماعية التي عانى منها شعب العراق،
اساليب الاقذاع في القتل والترويع والابادة تحسدهم عليها أعتى الاجهزة القمعية والمخابرات العالمية ذات الخبرة الطويلة في هذا المضمار.
ان من يريد الوصول الى الجنة، فليجد طريقاً آخرغير العبور على أجساد محمد ومصطفى وفاطمة وأجساد آلاف العراقيات والعراقيين الابرياء الذين قضوا حتى الآن ( ولا اقول استشهدوا، كما يوزع الكثير من العرب هكذا تسميات على الضحايا في فلسطين وليس اخيرا في السعودية ، فيما يستنكفون بوقاحة فجة عن اطلاقها على ضحايا الارهاب في العراق، وكأنهم هم ايضا أوصياء على الاسلام و على إرادة الله وخلق ِ الله ) بسبب اعمال الارهاب و التخريب من التفجيرات والتجويع والتعطيش عبر تفجير انابيب الماء و النفط ومحطات الكهرباء، وتعطيل عمل المؤسسات المدنية وخطف الاطفال والنساء وقتل العلماء وتفجير مراكز الشرطة ، والى اخر ماتنقله لنا وسائل الاعلام من اعمال اجرامية لتعطيل الحياة البشرية الكريمة في هذه البقعة من العالم التي يستحق شعبها كل خير وسلام وكرامة.

ان التسبب في موت محمد والمصطفى وفاطمة وقتل الاف الارواح الاخرى بأسم الاسلام والدين والجهاد لهو جريمة بحق الانسانية ، وكفر بحق البشر في التمتع بحق الحياة، وتدخل سافر في تقرير مصير الناس، وحرمانهم وحرمان عوائلهم واحبائهم منهم ، وهي في النهاية قراءة مقلوبة للاسلام وللشريعة وللقرآن ، وصياغة جديدة لها جاءت على هوى القتلة ومتعطشي الارهاب والدم .
اذا كان هذا هو الاسلام فانا اعلن براءتي منه احتراما لارواح قتلى الارهاب في العراق.



#فخرية_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولادة
- المحارق النازية للكتب ايريش كستنر : نموذجا موقف وقصائد
- لكي لاننسى من هم القتلة ، المقابر الجماعية تحذير
- صناديق الاقتراع كانت مكة العراقيات والعراقيين يوم الاحد التا ...
- لماذا لا انتخب قائمتك( 24 ) ساعة قبل الانتخابات فرصة للتفكير
- اين الناشطات من اجل حقوق المرأة؟ الانتخابات العراقية


المزيد.....




- مصر.. شهادة -صادمة- لجيران قاتل -طفل شبرا-: متدين يؤدي الصلو ...
- السعودية.. عائض القرني يثر ضجة بتعداد 10 -أخطاء قاتلة غير مع ...
- كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط ...
- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فخرية صالح - اذا كان هـــــذا هو الإسلام فأعـــــــلن بـــــــــراء تي منه