أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاوه فتاح بيسارانى - هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في كردستان؟















المزيد.....


هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في كردستان؟


كاوه فتاح بيسارانى

الحوار المتمدن-العدد: 4235 - 2013 / 10 / 4 - 20:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حول الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى كردستان
هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في كردستان؟

أظهرت النتائج الاخيرة التي حصل عليها الحزب الشيوعي الكردستاني في الانتخابات البرلمانية الاخيرة مدى انحسار دور ومكانة الحزب وعزلته عن الجماهير الكردستانية، فقد كان يعتبر في فترة من الفترات من الستينات الى ثمانينات القرن الماضي، واحداً من أقوى الاحزاب والتنظيمات على الساحة السياسية، و كان ينظر اليه كحزب جماهيري ذو تأريخ نضالي عريق وله دور متميز فى الحياة السياسية الكردستانية. بالأحرى ما كان يمكن أن تمر أي معضلة سياسية بدون حساب لموقف الحزب الشيوعي، حتى ان القيادة التقليدية للحركة القومية الكردية كانت تضع فى حساباتها موقف الشيوعيين وأرائهم ودورهم في العملية السياسية او المعادلة السياسية. يقال بأن الزعيم الكردي المرحوم مصطفى البارزاني سأل وهو على فراش الموت عن عزيز محمد وكريم أحمد وملازم خضر، وهذا يعكس قرب ومكانة الحزب وشخصياته في مجمل الوضع السياسي في كردستان.
هذا الموقف جاء نتيجة لجماهيرية الحزب وقربه ودوره فى النضال الوطن والديمقراطى والطبقى لشعب كردستان. لم يكن غريبا أن ترى الكثير من ألمع مثقفى كردستان من الشعراء والكتاب والصحفيين كانوا أما أصدقاء أو أعضاء في الحزب الشيوعي. لم يقتصر نفوذ الشيوعيين على المثقفين والأدباء فقط مع أهميته بل امتد الى قطاعات واسعة من الشغيلة وفقراء وطبقات أجتماعية كادحة من العمال في مدن والأقضية، والى الفلاحين في قرى وأرياف كردستان. كما كان له دور متميز أيضا في تنظيم النساء ونشر الوعي في صفوفهن والدفاع عن حقوقهن وتنظيمهن في المنظمات المهنية والحزبية للدفاع عن حقوقهن فى المساواة وحق التعليم وضد التقاليد البالية القديمة، وظهرت بينهن مناضلات لعبن أدوارا متميزا في النضال المطلبي والوطني والقومي والديمقراطي.
لقد قدم الحزب الشيوعي المئات بل الآلاف من المناضلين على مذبح الحرية في مسيرته النضالية، اما في ساحات الاعدام، من أمثال جمال الحيدري، شيخ حسين البرزنجي، على برزنجي، أو في ساحات العمل الانصاري في جبال و سهول كردستان، من قره داغ الى سهل أربيل و حلبجة و بادينان.. الخ، أو على أيادي الغدر من اغتيالات وتصفيات سياسية. يقال عن الشهيد أكرم حبسة، وهو عامل كادح من السليمانية أعدم فى أذار 1980 في سجن الموصل السيء الصيت، يقال عنه على لسان بعض من الشباب الأكراد من أحزاب كردستانية من السليمانية قضوا عدة أيام معا في نفس الزنزانة قبل أعدامه، كيف كان هذا المناضل يشجع هؤلاء الشباب على روح المقاومة والصمود ضد جلادي السجن! وعندما نفذوا حكم الاعدام فيه فى آذار 1980 كان هو في أصلب موقف في مواجهة جلاديه. وكان الشهيد مجرد عامل أعتقل وهو يقوم بعمله النضالي الثوري وهو في مقتبل عمره، في العشرينات، تاركا زوجته وطفله الصغير. هكذا كانوا يواجهون الموت دفاعا عن قيمهم ومبادئهم وحزبهم.
كما ساهم الشيوعيون الكردستانيون في رفع مستوى النضال الطبقي والقومي في كردستان ليتجاوز الشعارات القومية الضيقة الى مستويات أرقى من الوعي فى النضال الوطني والطبقي لشعب كردستان.
هكذا كان دور ومكانة وموقع الشيوعيين في الحياة السياسية في كردستان حتى الأمس القريب؟
والآن ماذا جرى بحيث وصل الحزب الشيوعي الكردستاني الى هذا الوضع المؤسف والمأساوي بحيث يحصل بحدود ال12000 الف صوت من مجموع الناخبين البالغ عددهم مليونان وثمانمائة الف (2,900,000) ، أي 0,4% من أصوات وثقة الناخبين؟؟
ماذا حدث؟ ولماذا وصل هذا الحزب من تلك المكانة والموقع الجماهيري الى هذا الوضع بحيث لا يحسب أحد اي حساب له و لموقعه ولتأريخه؟ وأصبح معزولاً بشكل كامل عن الجماهير الكردستانية وبالاخص الاجيال الجديدة من الشبيبة الذين ولدوا ونشأوا بعد الانتفاضة، خلال العشرين السنة الماضية في ظروف سياسية بعيدة عن قمع السلطة وارهاب صدام؟
ليس هذا فقط بل انه فقد ثقة كثير من الشيوعيين الذين قضوا زهرة شبابهم في صفوف الحزب الشيوعى وفئات واسعة من الديمقراطيين وأصدقاء الشيوعيين من الذين كانوا الى الأمس القريب يعتبرون الرصيد الجماهيري للحزب الشيوعي الكردستاني؟ ويمكن أن يقال نفس الشىء بالنسبة الى موقع الحزب داخل الوسط النسوي حيث كان الشيوعيون رافعي راية التحرر والمساواة.
هناك من يحاول أن يهرب من المسؤولية والأسباب الحقيقية لهذا الانهيار واضمحلال دور الحزب الشيوعي الكردستاني بأن يعزي هذا الانهيار الى ظروف انحسار أفكار الاشتراكية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي فى بداية تسعينات القرن الماضى، كأن التأريخ توقف وأن النضال الثوري من أجل مجتمع أفضل تسوده العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان والمساواة، المجتمع الخالي من الاستغلال انتهى مع انتهاء وانهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية.
ان هذا أسهل ما يمكن للتهرب من المسؤولية التأريخية ووضع اليد على الاسباب الحقيقية لهذا الوضع المأساوي والتراجعات وابتعاد جماهير واسعة عن هذا الحزب، وما وصل اليه من انهيار حقيقي. أن هؤلاء نسوا أو تناسوا الدور البطولي الذى لعبه شيوعيو كردستان في انتفاضة 1991 وموقع ومكانة الشيوعيين فى ضمير الجماهير الكردستانية الواسعة في نفس الوقت الذي انهارت فيه تجربة البلدان الاشتراكية السابقة. حدثني أحد المناضلين من الذين ساهموا فى تخطيط وتنفيذ وقيادة انتفاضة مدينة أربيل في 1991 بأن عدد أعضاء بيشمه ركه الحزب , و مؤازريه بعد انتصار الانتفاضة كان بحدود 8000 بيشمه ركه
ان عدم تشخيص الاسباب الحقيقية لهذا الوضع هو استمرار للنهج الذي مارسته القيادة السياسية للحزب الشيوعي الكردستاني خلال العشرين سنة الماضية على أيدي نفس الوجوه التي حولت الحزب الى امبراطوريات واملاك شخصية وتوجيهه بأساليب بيروقراطية ولّى عليها الزمن، وفي بعض الاحيان أستغلوا مواقعهم القيادية لتعزيز مصالحهم الشخصية والاستفادة منها للمناصب والنفع الشخصي من سيارات ووظائف ورواتب تقاعدية وأراضي ومنح مالية وسفرات وفيلات وقصور، التي حصلوا عليها وكل اشكال الفساد الاداري والمالي والوظيفي لهم ولجماعاتهم، وحولوا الحزب الى مجرد أداة ووسيلة لأستخدامها لموقعهم الاجتماعي ومراتبهم الوظيفية وتعزيز مواقعهم الشخصية مع أحزاب السلطة لحصول على الامتيازات الشخصية من خلال هذه المواقع. انهم حقاً لم يعطوا المثل الجيد للقيادي الشيوعي الذي يفترض أن يعكس أرقى القيم والصفات وأن يكون مثالا يحتذى به.
و قد أستغلت فعلا هذه الممارسات من قبل العديد من الذين لم يستطيعوا مقاومة مغريات الحياة ، لذا لاحظنا أعداداً غير قليلة من هؤلاء يتركون صفوف الحزب للانضمام الى أحزاب السلطة التي وفرت لهم رواتب وفى بعض الاحيان اغراءات أخرى من سكن وسيارات، بالأخص لنخبة معروفة. و يقال بأن أجهزة الخاصة لاحزاب السلطة كانت دائما عندها صورة جيدة لما جرت و تجرى داخل الحزب الشيوعى الكردستانى نتيجة لوجود مجساتهم هنا و هناك و لذا كانت لا خوف على سياساتها و تحالفاتها ،( أى بمعنى الكردى هم بالجيب).
هكذا أستخدمت الحزب و تأريخها و نضالاتها بدلا من تعزيزها و تلبية مطاليب الجماهير و تصدى لكل تجاوزات و خروفات و سياسات الخاطئة. أقول بدل هذا أستخدمت كأداة لتعزيز موقع و مكانة الشخصية لمجموعت من البيروقراطين الذين رفضوا أن يدركوا بأنهم لا يستطعون أن يقدموا شى جديد بل أصبحت بقاءهم على رأس الحزب عرقلة فى تطوير الحزب و مكانته.
إضافة الى ما ذكر، بإعتقادي ان هناك مجموعة من العوامل الذاتية الاخرى التى لعبت دوراً اساسياً في الخسارة الانتخابية للحزب الشيوعي الكردستاني وابتعاد الجماهير الكردستانية منه ووصوله الى ما وصل اليه الآن و أحاول هنا أن أغطى بعض منها.
لقد كان تحويل تنظيم أقليم الحزب الشيوعي العراقي الى تنظيم الحزب الشيوعي الكردستاني فى عام 1992 برأيي خطوة صحيحة جاءت فى الظروف السياسية المستجدة من طرد بقايا النظام الديكتاتوري من كردستان والتطور النوعي في وضع الحركة التحررية الكردستانية على المستوى العراقي وفي المنطقة والعالم وما أفرزه الواقع الجديد من إجراء انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة أقليم كردستان لإدارة المنطقة والتعامل مع الوضع السياسي المستجد فى الاقليم.
في هذه الظروف كانت هناك حاجة فعلاً الى تطوير الوضع التنظيمي ليرتقي ويستجيب لمتطلبات الوضع الجديد فى بناء هيكلية وآلية جديدة تستند الى التأريخ النضالي الطويل لتعبئة الشيوعيين فى المعارك الوطنية والطبقية وأن يكون جزءا لا يتجزأ من الحركة الثورية الكردستانية من جهة، ومن جهة أخرى يكون أمتدادا طبيعيا لحركة الشيوعية فى العراق والمنطقة. هذا الموقع المتميز كان من الممكن أن يعطيه موقعا ومكانا فريدا لربط النضال الوطني القومي الديمقراطي الكردستاني بمجمل نضال الحركة الثورية في العراق والمنطقة بالاستفادة من التجربة الغنية التى تمتد أكثر من ستين عاماً والعمق الاستراتيجي لها داخل العراق من خلال ارتباطه العضوي مع الحزب الشيوعي العراقي وعموم الحركة الديمقراطية والمدنية في العراق.
لقد أثبتت تجربة الصراع السياسي على مدى عشر السنوات ألاخيرة مدى أهمية هذا الترابط العضوي والعمق الاستراتيجي للحركة التحررية الكردية في بغداد ضمن هذا الصراع والمعادلات السياسية المعقدة في الخارطة السياسية العراقية بأخص مع ظهور التيار ألاسلامى قوى مدعوم من دول أقليمية و محاولة أرجاع العراق و المنطقة مئات سنين الى الوراء، و ما دام نحن الحركة التحررية الكردية تعيش فى وسط هذا الصراع جغرافيا كان لابد ان يؤثر و يتأثر الوضع السياسى لأقليم بما تجرى حولنا ، لذلك كان من الممكن إضافة هذا الترابط و العمق الآستراتيجى ان تعطى بعداً طبقياً لهذا النضال و عاملا مسعدا للحركة الديمقراطية و المدنيى فى العراق و المنطقة و هذا بدون شك كان يساهم فى عزيز موقع و مكانة الحلركة التحررية الكردستانية فى المنطقة و العالم.
وكان من الممكن لهذا المعادلة أن يضع الحزب الشيوعي الكردستاني في وضع متميز يميزه عن باقى الاحزاب القومية الكردستانية. و أن يقدم الحزب والتنظيم الجديد نموذجا وتجربة جديدة تغني الحركة الثورية الكردستانية و تستقطب قطاعات واسعة من المجتمع الكردستاني التي تطمح الى بناء المجتمع الديمقراطي الكردستاني الجديد فى مرحلة ما بعد سقوط النظام الديكتاتورى، وتربط النضال الوطني القومي بالنضال الطبقي لبناء مجتمع الجديد المبنى على أسس الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والمساواة والعدالة الاجتماعية.
لكن الذين أشرفوا ونادوا وطالبوا بتشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني و الذين كانوا دائما و بإستمرار يحاججون بأن بقاء الشيوعيين الكردستانيين في داخل إطار الحزب الشيوعي العراقي يعرقل دورهم ونشاطهم ويسلبهم الاستقلالية وحرية الحركة، وكانوا يزعمون بأن تشكيل حزب وإطار تنظيمى جديد يسهّل ويخدم توجهاتهم الفكرية والسياسية ( كلمة الحق يراد لها الباطل).
لكن الذى حدث فى الواقع أنهم سلخوا تنظيم الشيوعيين الكردستانيين من محتواه الثورى و الطبقى و حولوها الى تنظيم و حزب سياسى قومى أخر ، ليست فقط لا يختلف عن أخرين بل فى الواقع أسوأ وأضعف ، ووضعوه على طبق من ذهب لتقديمه الى أحزاب السلطة لإستغلاله حيثما يحتاجوه فى مناوراتهم السياسية، بدون إستفادة من تجربة التحالف مع البعث فى السبعينات وتأثيراتها الكارثية على الحزب الشيوعي العراقى. أنهم كنوا يعيشون فى أحلامهم الوردية.
وهكذا، وفى الواقع، لم يكونوا أمناء وصادقين في توجهاتهم بل كانوا أكثر من أي شىء آخر يريدون إطاراً وحزباً وتنظيماً في أيديهم حتى يعززون مواقعهم الشخصية، بالأخص مع الاحزاب الكردستانية الحاكمة.
و بدأت تدريجياً كل الملامح والمظاهر البيروقراطية والعمل المكتبي. وبدأت الاسماء التقليدية بالسيطرة على الحزب وإستغلال الشرعية الثورية التي كانوا يتمتعون بها نتيجة لنضالهم الطويل فى العمل الحزبي من العمل السري وفي صفوف أنصار البيشمه ركة لفرض سيطرتهم على تنظيمات الحزب والتصدى لكل الآراء والافكار التى لا تروق لهم بدلا من الشرعية الديمقراطية التى كانوا يحتاجوها
. وفى الوقت الذي كانت فيه كل توجهات العصر وداخل الحزب تتطلب التجديد والتحديث ونبذ الاساليب البيروقراطية وإفساح المجال للآراء والاساليب الجديدة من أجل تطوير الحزب وتجديد وجذب الشبيبة الى صفوفها، كانت تصرفات قادة الحزب الشيوعي الكردستاني في الواقع هي بالعكس تماما، للسيطرة على الحزب، بقمع الآراء التى كانت تتقاطع مع أسلوبهم، واستخدام أساليب انضباطية ولّى عليها الزمن وأثبتت فشلها، وسد الطريق أمام الجيل الجديد من الشبيبة التي تربّت في زمن النضال ضد الفاشية من الثمانينات وكانت متعطشة للعمل السياسي. وبدأوا تدريجيا ببناء امبراطوريات شخصية من مكاتب فارهة وسواق وسيارات وحمايات، وكانوا يتصرفون كأنهم حزب في السلطة. أدت هذه الاجراءات الى خروج أعداد هائلة من صفوف الحزب بالأخص الشبيبة التي شعرت بأن هذا الحزب لم يبقى حزب المستقبل بل حزب مجموعة من أسماء وأشخاص يعيشون على التأريخ ومشددوين الى الماضي وليس المستقبل.
أما فيما يتعلق بسياساتهم للدفاع عن الشغيلة و الكادحين ورفع مستوى المعيشة وتطوير وتحسين الخدمات الصحية والدراسية وتوفير نوع من الضمان الاجتماعي للفقراء ورفع مستواهم الاقتصادي بما يتلائم مع زيادة الامكانيات الاقتصادية والمالية لحكومة الاقليم، فانها أصبحت مجرد أسطر جميلة مسطّرة في سياسات وبرامج في كتب وكراريس مصفوفة على رفوف المكاتب الفاخرة الفارغة لأعضاء المكتب السياسي.
وهكذا نفس الشىء فيما يتعلق بمن كانوا يتشدقون حول بناء الدولة الكردية الطموحة؟ ألا تحتاج الدولة الكردية الى ضمان الامن الغذائي وبناء أقتصاد قوي وتعزيز البنية التحتية وتطوير التنمية البشرية بما يلائم التطور الاقتصادي الذي يمر به الاقليم؟
أما فيما يتعلق بالفساد البشع الذي تمارسها الطبقة الطفيلية البيروقراطية الجشعة الجديدة والتى خرجت من رحم أحزاب السطة الحاكمة وبرعايتها وفي أحيان كثيرة المحرك الاساسي لهذا الفساد، إذ لا يوجد نشاط أقتصادى معين من كل الانشطة الاقتصادية من إنشاءات وأدوية وأراضي واستثمارات واتصالات.. الخ إلاّ وترى كبار مسؤولي هذه الاحزاب في ادارتها مباشرة أو من خلال واجهات او شركات يرأسها أشخاص ما هم الأ واجهات شكلية لهذه الشركات.
كل هذا الفساد الذي حرّك ضمير قطاعات واسعة من الشعب الكردي و أدى الى اتساع مظاهر الاستياء بشكل لم يسيق له مثيل ، بما فيها ظهور أحزاب جديدة بالاخص نتيجة لهذا الفساد وازدياد وتعمق التفاوت واللامساواة في المجتمع، كل هذا لم يحرّك قادة الحزب الشيوعي الكردستاني كي يدينوا هذا الوضع والفساد، بل ظلوا متمسكين بمسامهتم الصورية و الشكلية فى حكومات أقليم المتعاقبىة بل أنجروا الى أن يكونوا مدافعين و مبررين لكل هذه السياسات من خلال وجودهم بحكومة أقليم و قبول كناطق الرسمى لها عندهم من جريدة و. فعلا حواوها الى حزب مقر ووزير و الجريدة.
استندت القيادة التقليدية للحزب الشيوعي الكردستاني في علاقاتها مع أحزاب السطة الى العلاقات التأريخية القديمة أو العلاقات الشخصية التي بنيت خلال سنوات النضال المشترك ضد العدو المشترك. لذلك كانت تقيم نظرتها وتوجهاتها وسياساتها على اساس هذه العلاقات الشخصية والعلاقات القديمة، متناسية مسألتين أساسيتين فى النضال السياسي، وهي كيفية تقييم توجهات وسياسات سلطة الاقليم وأحزاب السلطة، ليس على أساس العلاقات الشخصية والماضي بل على أساس برامجها السياسية ونضالها لبناء مجتمع الجديد والعلاقات الاجتماعية الجديدة في كردستان. كما نسيت مسألة حيوية أخرى، وهي حصول تغيرات اجتماعية وطبقية على تركيبة هذه أحزاب وتحولها من أحزاب قومية تحررية ذات توجهات ديمقراطية الى أحزاب للسلطة تملك أجهزة وقوات أمنية وعسكرية ومالية ضخمة، ولم تعد تلك الاحزاب التي كانت تقاتل ضد النظام البعثي وتهدف الى بناء نظام ديمقراطي كما كان يدعى فى أيام النضال الثوري. ولم تستطع قيادة الحزب التقليدية أن تميز بين هذه التحولات وكيف تتعامل معها.
كما أن بقاء قيادة تقليدية تجاوزت أعمار اعضائها السبعين سنة على قمة القيادة الحزبية بإستغلالها لسمعة النضال الوطني الطويل ألحق أذى كبيراً بالحزب، وأدى الى دفع الحزب وقيادته على ضوء المزاج الشخصي والعلاقات القديمة، والذي أدى الى تضارب مع مصالح الحزب وتوجهاته وتعامله مع التطورات الطبقية والنوعية التي طرأت على الوضع والعلاقات السياسية في كردستان و التى أنعكست من خلال المحاور التالية:
أولاً: فقدان الاستقلالية السياسية والفكرية والتنظيمية للحزب بتحويله الى حزب يسعى للحصول على مقعد وزاري بأي ثمن ويدافع عن السلطة وتوجهاتها وسياساتها بشكل مباشر. بل أصبح جزءاً صغيراً من الحكومة يخضع لمشيئة أحزاب السلطة بدون ان تكون له أي سلطة أو دور حقيقي متميز عدا التغطية على سياسات السلطة ومباركتها.

ثانيا: انتشار الفساد والحفاظ على المصالح الشخصية من قمة قيادة الحزب الى أسفل، من ركض وراء بيوت وشقق وأراضي ومنح مالية و مصالح تجارية وعقود غير نظيفة وما يسمى بالرواتب التقاعدية للانصار والركض وراء تعيينات شخصية وأقارب .. الخ.

ثالثا: سكوت الحزب عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية التي أتبعتها السلطة خلال السنوات العشر الماضية التي تهدف الى بناء مجتمع رأسمالي طفيلي أستغلالي جشع، حيث إتسعت الهوة بين طبقات الشعب بشكل واسع. مثلاً صارت الدراسة بمستويين، الخاص والعام، والخدمات الصحية نفس الشىء. وهكذا في كل مجالات الحياة أصبحت للقطط السمان الجدد كل الامكانيات المتوفرة في أحسن المستشفيات الخاصة والمدارس والجامعات الخاصة، بينما بقية طبقات المجتمع تركض لحصول ما يمكن الحصول عليه من الخدمات السيئة التي تقدمها الدولة.

رابعا: سكوت الحزب حول السياسة النفطية التي تتبعها حكومة الاقليم بأعطاء تراخيص وعقود نفطية بعقود شراكة ونسب خيالية لا يوجد مثيلها في بلد آخر في العالم. وليس هذا فقط بل انهم من خلال شركاتهم الخاصة وواجهاتهم دخلوا كشركاء مع هذه الشركات لنهب خيرات الشعب، التى هى خيرات ليست لهذا الجيل ليس بل للأجيال القادمة، بشكل بشع لا يوجد مثيل له في العالم. كان نضال الشيوعيون و الديمقرطين على طول التأريخ ان تكون ثروات و الخيرات الطبيعية الوطن تكون فى خدمة ومصالح الجماهير و تخصص ريعها لبناء بنية تحتية قوية من مصانع و معامل وتأمين ألامن الغذائى بتطوير الزراعة و شبكة من الطرق و المواصلات و استثمار فى تطوير الكادر البشرى و تطوير مستوى التعليم و التدريس لتواجة التغيرات الاقتصادية و الاجتماعية التى جرت و تجرى داخل المجتمع الكردستانىز و لكن الذى نراه هو عقود نفطية بشراكة التى كانت تجرى فى اربيعينات و الخمسينات فى القرن الماضى فى عصر استعمار فى الزمن كانت التنكلوجيا استخراج النفط محددة بيد عدد محدود من الشركات النفطية الضخمة و كانوا يفرضون شروطهم على شعوب مسلوخة الحرية. و ليس هذا فقط بل ان كثير من دول النفطية العالمية بما فيه قطر و كويت و نرويج الخ اسسوا ما يسموا صنوق أجيال القادمة لتساهم فى دعم أقتصاد بلدانهم و أجيال القادمة عنما تنتهى النفط. مثلا فى نرويج وصلت صنوق المستقبل الى 754 مليار دولار و هى أكبر صندوق فى العالم؟ أما فى كردستان اننا ليس فقط ما نرى صندوق المستقبل بل لا نرى صندوق الحاضر أيضا؟ أين شيوعيون و سياستهم فى هذا المجال التى كانت يعتبر ميميزة بها؟

خامسا: سكوت الحزب الشيوعي الكردستاني عن السياسات الخارجية لحكومة الاقليم بهيمنة تركيا أقتصاديا و سياسيا و ثقافيا على الأقتصاد الاقليم من خلال مصالح و روابط أقتصادية المشتركة الواسعة بين الطبقة الرأسمالية الطفيلية الجديدة التى هى بأصل هى شريك النخب السياسية الحاكمة . و هذا يعكس مدى خطورة هذه المعادلات الجديدة على المصالح الوطنية و القومية لشعب الكردستان على المدى القريب و البعيد نتيجة هذه المصالح ووشائج أقتصادية المشتركة بين النخبة الحكمة و شركات بلد معين معروف عنه بساساتها المعادية لطموحات الشعب الكردىز
أن الحاق و ربط أقتصاد أقليم بأقتصاد تركيا بهذا الشكل لها مخاطر و أبعاد واسعة و هى شكل من أشكال أستعمار ألاقتصادى الجديد و أخطر فى هذا هو تشابك و أندماج هذه المصالح و يؤدى الى ربط مصير الشعب الكردي والاقليم بتركيا ووضع كل ثرواته تحت هيمنة الشركات التركيةز

وهكذا تدريجيا أضعف الحزب الشيوعي الكردستاني وبقي معتمدا على هيكليته القديمة وتراجعت نفوذه ودوره الى وضع لا يحسد عليه، نتيجة لأخطاء و تجاوزات وإصرار قادته على هذه الاخطاء حفاظاً على مصالحهم رافضين أي تغييرات أو اصلاحات أو الاستماع الى رأي القاعدة الحزبية بعد انتخابات 2009 بضرورة عقد مؤتمر جديد وخروج القيادة الحالية. الاّ إن الاصرار على النهج الانتحاري الاناني من قبل المتنفذين داخل قيادة الحزب ادى الى خروج أعداد اكثر وأكثر من صفوفه. وأظهرت نتائج الانتخابات الاخيرة بأن البعض من حتى الباقين داخل الحزب رفضوا التصويت لمرشحي الحزب لأنه بتصورات وتفسيرات بعضهم ان الفوز لن يستفيد منه الحزب بل سيعزز موقع قيادة حشكع فى أستمرار لسياساتها الخاطئة وأسغلاله لركض وراء مصالحه وتمسكه ببقاء فى السلطة بأى ثمن يكون.

كل هذا من جهة، ولكن الذى يدهشني هو موقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من هذا الوضع المؤسف للحزب الشيوعي الكردستاني خلال السنوات الاخيرة الى ان وصل الى الوضع البائس. أستغرب وأتعجب من هذا الموقف الصامت، المستسلم لما وصل اليه حشكع؟ اليس غريبا هذا الموقف؟ ولماذا هذا السكوت؟ ألا يفترض وجود آلية عمل مشترك تربط بين الحزبين؟ الم يكن حشكع جزءا من تأريخ حشع؟ اليس عدد من قادة حشكع هم قادة فى حشع؟ اذا لماذا هذا الصمت و قبول بالواقع؟
وبالتالى وبرأيي فان قيادة الحزب الشيوعي العراقي تتحمل قسطاً غير قليل من المسؤولية تجاه ما وصل اليه الحزب الشيوعي الكردستاني.
أن نضال من أجل مجتمع كردستانى الجديد مبنى على قيم الحرية و الديمقراطية و يسودها المساواة العدالة ألاجتماعية تستمر و لكنها يبدو انها تستمر بدون وجود ألحزب الشيوعى الكردستانى الذين أختاروا لأنفسهم غير طريق و غير أهداف على ألاقل فى الظروف الحالية و تحت هذه السياسة و القيادة.


كاوه بيسارانى
ناشط سياسى و المدنى



#كاوه_فتاح_بيسارانى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في ...


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاوه فتاح بيسارانى - هل انتهى دور الحزب الشيوعي الكردستاني في الساحة السياسية في كردستان؟