أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - المثقفون والسلطة














المزيد.....

المثقفون والسلطة


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 4218 - 2013 / 9 / 17 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلادنا تتحدد علاقة المثقفين بالسلطة بناء على طبيعة انشغالهم بقضايا أمتهم ، وكيفية النظر إليها ومدى استعدادهم للدفاع عنها .. هذه االفئة الأم تضم طائفة كبيرة من المثقفين الذين يستشعرون من البداية أن الثقافة رسالة إنسانية بالدرجة الأولى ، أي أن جانبا رئيسيا منها مجتمعي ينصرف إلى النظر في شؤون المجتمع السياسية والإنسانية، ولا يكتفي بالانعزال داخل بوتقة الإبداع الأدبي والفني والفكري متخذا سمت الصوفي وكلما لاحظ هؤلاء المثقفون تقاعسا عن تلبية احتياجات الجماهير تصاعدت نبرات الاحتجاج الذي لا يحتمله النظام عادة، وسرعان ما يضيق بالغضب المعلن الذي يهدد الكراسي، فتحتد المواقف وتلتهب لغة الخطاب، وفي المقابل تبدأ الأيدي الخفية في توجيه بعض الضربات بغرض الردع.. يضطر المثقفون إلى التحدي انطلاقا من شرف الرسالة ونبل المقصد واعتمادا على اتساع آفاق النشر والتأثير، مما يضطر السلطة حينئذ إلى كشف الوجه القبيح فتطلق كلابها الرسمية التي تعلمت كراهية أصحاب الرأي، أو على الأقل كل من يخالف السادة شاغلي الكراسي، أرباب الكلمة الأولى والأخيرة
لا يبدأ الاختلاف الحاد و المواجهات بين الطرفين إذن إلا مع اللحظات الأولي التي تشرع فيها السلطة في اتباع أساليب عنيفة عندما تلحظ علو صوت المعارضة ، ثم تتصاعد الحساسية البوليسية لدي السلطة التي كلما استبدت خافت وشعرت رغم قوتها بالهشاشة ، وأصبحت كل صيحة عليهم تدفعهم للاعتقاد أن المثقفين هم العدو .
يتحمل بعض المثقفين في جَلد كل ألوان الضغط والقهر، ولا يصبر آخرون، وينتج عن التفاوت في ردود الأفعال مرحلة كارتخاء الحبل بين طرفين، حيث يرتد الجميع إلى الذوات المنكوبة بالمواقف التعسة للسلطة، ويغرقون في الأسئلة المصيرية والمنطقية...ما السر في غياب الرؤية وتراجع الضمير وتحجر القلوب إزاء مطالب المحرومين؟ ما السر في هذا التمسك المقيت بالباطل والتنكر للمبادئ المعلنة سلفا؟ ما مبرر تجاهل التاريخ ودروسه؟ وهكذا تكشف هذه المرحلة غطاءها لينقسم الجميع تقريبا إلى أربع فرق.
1 - فرقة تقرر التواؤم مع السلطة، ابتعادا عن التهديد والخطر من ناحية، وطلبا للمنفعة من ناحية أخرى،والمنفعة كما لا يخفي مائدتها شهية وتتنوع عليها الطعوم اللذيذة والنعم والأموال والمناصب والسفر والوظائف للأقارب والأصدقاء فضلا عن إعطاء الضوء الأخضر لوسائل الإعلام ورقية وصوتية ومرئية لتلميع من اختاروا المنفعة والكف عن مواصلة الحروب ، على أن العزم على السير في درب المهادنة والبعد عن التنديد بالسلطة وإدمان التعرض لها بأقذع الاتهامات يتطلب قدرا كبيرا من المرونة لإجراء عملية التحول من حالة إلى نقيضها، وترويض النفس على قبول ما يحدث من فساد، وابتلاع النفاق الذي يبذله بسخاء المنتفعون نحو أصحاب المناصب أملا في الرضا السامي، كما أن ذلك يقتضي توفر وجوه مكشوفة لا يندى لها جبين حتى تستطيع مواجهة اللائمين من قدامى المحاربين ، وهذا يعنى بالطبع أن المثقفين ليسوا جميعا قادرين على هذا التحول خاصة إذا كانوا قد رضعوا المبادئ الوطنية منذ نعومة الأظفار ، وهناك منهم من يتحول بمنتهي الليونة واليسر دون أن يهتز له جفن فمن هؤلاء من كان مناضلا حتى أمس فإذا طلع عليه الصباح وكان قد اقتنع بالوعود الوردية فإنه يوجه بوصلته فورا نحو السلطة ويمزق مقالا كان قد أعده ضده ليكتب آخر لا يمدحها فيه ولكن يبين الظروف الصعبة التي تواجهها واضطرت معها أن تلجأ لما لجأت إليه رحمة بالبلاد والعباد ، وهكذا يتم التحول الذي يشهد نقلة نوعية ملموسة في المقال التالي أو الحلقة التالية من برنامجه التليفزيوني..
2 - فرقة متعففة لم تتأثر وطنيتها لكنها بسبب إحساسها بشراسة السلطة وضخامة القلعة البشرية التي تحصنها ترى ألا أمل في مقاومة هذا الكيان المستبد ، فيقرر أبناؤها الانكفاء على الذات، والإقبال على النشاط الشخصي الآمن، يتفرغون للقراءة والكتابة الأدبية والفكرية ويمارسون الأعمال الفنية الخالصة، حريصين على الاختباء وراء فكرة أن التاريخ لن يَحْتسب إلا ما أنجزوا وصنفوا ووضعوا من الكتب العلمية والأدبية، عازمين على قطع الصلة بكل ما ينتمي للسلطة ورفض الاستجابة لها حتى ولو كانت دعوة للتكريم أو التقدير.
3 - فرقة قررت الجمع بين المنزلتين أو المصلحتين، والأفضل أن نقول بين المنفعتين، فهم يرون أنه لا بأس من الآكل على كل الموائد، وماذا في أن يمالئوا السلطة فينالوا نصيبا من الكعكة العامرة، وأن يجاروا الرافضين لها، فقد يكتسبون الصيت بوصفهم من المناضلين، وقد يلحقون قطار التاريخ ولو في عربته الأخيرة، أو على الأقل حتى لا يُتهمون ببيع القضية، ويتطلب البقاء في هذه الفرقة الالتزام بقوانينها ومن ذلك مواصلة القفز فوق الحبال والأسوار، ومحاولة تسريب مواقف متميعة، ونشر كتابات يمينية ويسارية في آن، دينية ومتحررة في الوقت ذاته، لأن الرغبة في التربح تسكن القلوب وتشغل الرؤوس، وتحدد أطر التفكير على حساب الصدق والكرامة.
4 - فرقة تشبثت بالنضال وأبت أن تتخلي عن المجتمع وقضاياه وعزم رجالها على الاستمرار في المقاومة ولو وضعوا الشمس عن يمينهم والقمر على اليسار ما تحولوا ولا تبدلوا مهما تعرضوا لصنوف الإرهاب والتعذيب أو ألوان الإغراء.
أتباع هذه الفرقة يعرفون جيدا طريقهم ويدركون أهمية الدور التاريخي لكفاحهم ضد أطماع السلطة وأفكارها المتخلفة وممارساتها المشبوهة التي تكشف عن التبعية وتجاهل القضايا القومية. ورموز هذه الفرقة ورجالها يتميزون بقدر كبير من التفاؤل ولا يفقدون الأمل لأن عليهم أن يتحملوا الآلام والمعارك الدنبئة ومطاردة أرزاقهم وعليهم أن يقبضوا على الجمر من أجل الدفاع عن حقوق الشعب وآماله في غد أفضل تتحقق فيه كل طموحات الشعب في حياة كريمة وعادلة ونظيفة وآمنة تتوفر فيها كل قيم الحق والخير والجمال والتسامح والسلام..



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَدثني عن البنات
- الكتابة من الوضع راقدا
- نزهة في حدائق الألم
- خطأ السيسي الفادح
- مصر في قبضة الشياطين
- جمهورية -رابعة -
- لا تصالح
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب ( 2 )
- العلاقات الشائكة بين أمريكا والعرب (1)
- خذوا مرسي وهاتوا أردوغان
- زيارة لسجن طرة
- هل قامت في مصر ثورة؟
- صندوق الحرية الأسود
- هُوية مصر ليست إسلامية فقط
- تعود سيناء أو يذهب مرسي
- مرسي المالك الوحيد لقناة السويس
- محاكمة النظام أو المواجهة
- التحرك الحاسم ولو بالقوة العسكرية
- جرح مفتوح
- ابحثوا معنا عن .. الرئيس


المزيد.....




- ما العقبات التي تواجه نقل المساعدات إلى غزة عبر الرصيف الأمر ...
- دار نشر بريطانية تقدم دفوعها في دعوى الأمير هاري
- أصغر أبناء ترمب سينصب والده في المؤتمر الجمهوري
- بلينكن يؤكد مجددا معارضة واشنطن أي تهجير قسري للفلسطينيين من ...
- نتانياهو: آمل أن أتمكن أنا وبايدن من تجاوز خلافاتنا
- بسبب منطاد -التجسس-.. واشنطن تضيف كيانات صينية إلى اللائحة ا ...
- سناتور جمهوري: أسلحة أمريكية بمليارات الدولارات في طريقها إل ...
- Ulefone تعلن عن هاتف مصفّح بقدرات تصوير ممتازة
- الدفاع الجوي الروسي يعترض طائرة مسيرة في ضواحي موسكو
- حركة -النجباء- العراقية ردا على استهداف صرح ثقافي وإعلامي له ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد قنديل - المثقفون والسلطة