أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - الفن.. وخلخلة الضريح














المزيد.....

الفن.. وخلخلة الضريح


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4196 - 2013 / 8 / 26 - 02:35
المحور: الادب والفن
    


صدرت رواية "ضريح أبي"عن دار العين للنشر، للروائي "طارق إمام"،وهي إذ تبتعد ظاهريا تماما عن الواقع السياسي الذي تعيشه مصر في هذه المرحلة الثائرة ، إلا إنها شديدة الإشتباك مع الواقع الثقافي والاجتماعي الذي رسخ، ثم أسفرعن هذه الاضطرابات والفوضي التي نحياها في مجتمعاتنا العربية رفضا للتحديث والتحرر.

يتشكّل الصراع الرئيسي بالرواية بين وطأة وثقل الموروثات الثقافية القديمة، التي استمرت تشكل العقل الجمعي والوجداني لدرجة التكلس، في مواجهة مع كل محاولة للإبداع الإنساني: العقلي، والفني، والعلمي، خروجا عن كل ما هونمطي،وأصولي وأسطوري.

يخرج "طارق إمام" من عالم روايته السابقة "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس"، المؤلف من علاقة ملتبسة بين شاعر يوناني شاذ يعيش بالأسكندرية، وله فكره المغاير و شعريته الخاصة، ومدينة ذات وجوه متعددة، يتعالي عليها، وفي الوقت ذاته لا يستطيع الفكاك من أسرها ، ليخطو في منطقة أخري جديدة، يوظف فيها التراث الديني الشعبي بتنويعاته؛ بغية الوصول إلي فكر متحرر، يشمل الوجود الإنساني بمعناه الكوني .

يخرج من دائرة "شعرية كفافيس"، مستنبتا منها دوائر صغيرة لم تزل تتشكل، قيد البحث واكتمال النضج؛ ليدخل دائرة "علاقة الإبداع بالموروث"، فتظل بعض عوالم الروائي الملحة والمتكررة في مشروعه الفني تطل برؤسها في نصه "ضريح أبي" ، فهناك ظلال من مجموعته القصصية " حكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة مات فيها" 2010 قائمة، فيعود لتقديم عالم الحلم ومدن الأخرة مرة أخري في "ضريح أبي" ، تلك الظواهر الملتبسة في الحياة البشرية، وتخضع جميعها لتأويلات افتراضية، تستثمر انفتاحها علي الخيال ذي العلاقات السريالية ، فتصبح عالما خصبا يبدع فيه الفنان عوالم الغرابة والوحشة.

تظل أيضا الكائنات العجيبة، والوجوه المشوهة، وهذا العالم الغرائبي العلاقات، يشغل حيزا كبيرا في سردية "إمام" مجتمعة، مكونة من كل أعماله ، كما تعد المقابر عالما للمتناقضات لديه، فمن قلب عتمتها يطلق البالونات ، والأغنيات والموسيقي، كما يطلق فيها المسوخ المشوهة، وموت الأحلام، وكائنات الليل المخيف.

تظل المدن الغريبة وحكاياها، وغرابة النماذج التي تعيش فيها، هاجسا يلح علي الكاتب في منحي غرائبي ، في "ضريح أبي" تبدو مدينة "جبل الكحل" نموذجا لمدينة مصرية مستدعاه من"كتاب الموت" الفرعوني ، نفس ذات الملامح ــ إن تحسستها بحدسك ــ.

حين شرعت أجسد شخصية "إسحق" في خيالي مثلما رسمها الروائي، استدعي شخصية "ثيوفيليس" أخر الفلاسفة السكندريين في نصه "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس"، ليست الملامح المشوهة فقط، بل أيضا المحمول الرمزي العميق الذي تحمله كل شخصية منهما، يقول إسحق:"لقد جئت لأمنح الوجوه لمن يريدون تغيير وجوههم ، وليس لأحصل علي مال ..المقابل الوحيد الذي سأحصل عليه من أي شخص يريد تغيير وجهه ..هو الحصول علي وجهه الأصلي . سأنزعه برقة دون أي ألم ، سأكشطه بنعومه دون نقطة دماء واحدة ، وأمنحه بدلا منه الوجه الذي يختاره بنفسه.. سأثبته مكان ملامحة القديمة ليصير وجهه الجديد الذي اختاره ..بدءا من هذه اللحظة لن يكون أحد منكم مجبرا علي الحياة بوجه ورثه عن آبائه دون أن يختاره"ص146 ،147

يتبدي إسحق بائع المعجزات، والرأس المقطوع الذي خدعه، كيانين إن اتحدا أو تكاملا أثرا بقوة في البشر: قد يكونا القدرة علي التغير والتبدل، قد يكونا تحالف المعجزة المقيدة بأصفادها حين تحررها الأفكار التي تحولت لها الرأس، حين يصفها الكاتب بأنها قائدة جيش الورق الائي كلهن من النساء ص154 .

وتبقي المعضلة الرئيسية في النص كما الواقع، أن من يبدل الوجه الموروث عن الأباء، ويستبدله بآخر، تبلي ملامحه وتضيع هويته، ونظل في محيط التناقضات الذي لا يجف ماؤه من الدعاوي المتباينة، رغبت للحظات وأنا انتهي من النص، أن أجد قولا ثائرا، يؤكد موت الولي، ويخلخل أعمدة ضريحه بقوة من الوجود..، وعدت أقول لذاتي: واهمة إن ظننت ذلك..تدريجيا للفن والفكر أن يخلخل أركانه، ويسكنه منطقته الرمزية.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القهر والزمن فى الزينى بركات
- مهجة.. وهنادي
- نحو عقد ثقافى جديد
- وكلاء الله..والمراهقة السياسية
- التنازلات تبدأ تباعا..
- البوابة الذهبية للأنوثة..
- المفاهيم الخاصة بالمرأة فى وسائط الإعلام
- المرأة ثورة لم تنجز فى أدب -نجيب محفوظ-
- العيد.. ودموع في المآقي
- فلتكن رؤية بحجم اللحظة الثورية التي نعيشها
- رسائل إلى الفريق السيسي


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أماني فؤاد - الفن.. وخلخلة الضريح