أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طريف سردست - القمل عند النبي والصحابة وفي الفقه الاسلامي















المزيد.....


القمل عند النبي والصحابة وفي الفقه الاسلامي


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 22:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


على صفحات الانترنيت تجري معارك شعواء، يستخدمون فيها نصوص التراث الاسلامي. يعرض البعض الاحاديث التي تشهد ان النبي محمد كان يعاني من القمل، فينبري البعض الاخر دفاعا، اعتقادا ان وجود القمل احد الادلة على سوء العناية الصحية. القسم الاخر يوافق على ان الاحاديث مسيئة، لانها ليست احاديث حكماء طائفته ولان النبي فوق البشر في اعتقادهم. اليوم نعلم ان وجود القمل لاعلاقة له بالقذارة، على الخصوص، فالقمل يمكن ان يتواجد لدى جميع الفئات والطبقات، فهو يسعى للوصول الى الدم ، وقادرا على مقاومة النظافة، وقد اصبح مشكلة تعاني منها مدارس اوروبا اليوم.

ومن الناحية التاريخية، القمل عاصر الانسان منذ عصور سحيقة وحتى قبل ظهور الانسان كنوع. وقد وصل الامر الى ظهور انواع من القمل متخصصة على الانسان وحده. وكان المصريون القدماء بما فيهم الفراعنة انفسهم والاغريق والرومان، يعانون من القمل. لذلك ليس غريبا ان النبي محمد عانى منه ايضا، ولم يجد علاجا له، والادلة على ذلك كثيرة وطريفة.

في الصحيحين عن كعب بن عجرة قال كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى الجهد قد بلغ بك ماأرى وفي رواية فأمره أن يحلق رأسه وأن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام
وفي الجامع الصحيح، للبخاري، عن أنس بن مالك أمه قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته ، وجعلت تفلي رأسه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك ، قالت : فقلت : وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ( ناس من أمتي ، عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة ، أو : مثل الملوك على الأسرة ) . شك إسحاق ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك ، فقلت : وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ( ناس من أمتي ، عرضوا علي غزاة في سبيل الله ) . كما قال في الأول ، قالت : فقلت يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : ( أنت من الأولين ) . فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر ، فهلكت .
الجماع الصحيح، برقم 2788 (وورد في نفس الكتاب، برقم 7001، 1912، 3080، 2491، 129/4، 729،3171)

وقد جاء في (سنن أبي داود السجستاني ج 3 ص 179) و (سنن البيهقي الكبرى ج6 ص156) و (جامع الأصول لابن الأثير ج9 ص625) وغيرها "عن زَيْنَبَ أنها كانت تَفْلِي رَأْسَ رسول اللَّهِ وعنده إمرأة عثمان بن عفان .." وجاء في (المعجم الكبير للطبراني ج 23 ص 321) "عن أُمِّ سَلَمَةَ أنها كانت تُفَلِّي رَأْسَ رسول اللَّهِ فَجَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ فَجَعَلَتْ تُكَلِّمُنِي وَأُكَلِّمُهَا، وَرَفَعْتُ بَصَرِي إِلَيْهَا، فقال رسول اللَّهِ أَقْبِلِي على فِلايَتِكِ فَإِنَّكِ لَسْتِ تُكَلِّمِينهَا بِعَيْنَيْك" وجاء في (كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي ج 4 ص 468) "كان النبي يُقِيِّل في بيت خالة أنس بن مالك وكانت تفلي رأس رسول الله .. وقد روى أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد عن ابن وهب: إن أم حرام كان يقيل عندها الرسول وينام في حجرها، وتفلي رأسه" وفي (الدر المنثور لجلال الدين السيوطي ج 8 ص 74) "عن عِكرمة إن امرأة أخي عبادة بن الصامت جاءت إلى رسول الله تشكو زوجها وامرأة تفلي رأس رسول الله فرفع رسول الله نظره إلى السماء فقالت التي تفلي لامرأة أخي عبادة بن الصامت واسمها خولة بنت ثعلبة يا خولة ألا تسكتي فقد ترينه ينظر إلى السماء"

جاء في جاء في كتاب (الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 208) "عن أبي سعيد الخدري قال جئنا النبي فإذا عليه صالب من الحمى ما تكاد تقر يد أحدنا عليه من شدة الحمى فجعلنا نسبح فقال لنا رسول الله ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء .. فالنبي من أنبياء الله يسلط عليه القمل حتى يقتله .. " ويحكي المرجع نفسه (الطبقات الكبرى لابن سعد ج 5 ص 109) قصة رجل مات بسبب القمل بقوله: "عن أبي حمزة قال: قد رأيت القمل يتناثر من محمد بن علي فلما قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة فمكث ثلاثة أشهر ثم توفي"

وقد وردت في صيغة اخرى في مسند أحمد: باقي مسند المكثرين، ومسند أبي سعيد الخدري حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏زيد بن أسلم ‏ ‏عن ‏ ‏رجل ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال ‏‏وضع رجل يده على النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حماك فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إنا معشر الأنبياء ‏ ‏يضاعف لنا ‏ ‏البلاء ‏ ‏كما يضاعف لنا الأجر إن كان النبي من الأنبياء ‏ ‏يبتلى ‏ ‏بالقمل حتى يقتله وإن كان النبي من الأنبياء ‏ ‏ليبتلى ‏ ‏بالفقر حتى يأخذ العباءة ‏ ‏فيخونها ‏ ‏وإن كانوا ليفرحون ‏ ‏بالبلاء ‏ ‏كما تفرحون بالرخاء

وحديث ابتلاء الانبياء بالقمل رواه احمد والبزار والحاكم من حديث ابي سعيد الخدري وصححها البوصيري في الزوائد وصححها العراقي في تخريج الاحياء وهي موجودة في رواية احمد والحاكم وقد صححها على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

وفي الجامع الصغير ورد عن عائشة رضي الله عنها، من طريق معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن عمرة انها قالت: (كان يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه )
رواه البخاري في مواضع من صحيحه والترمذي من طريقه في الشمائل واحمد في المسند من رواية والبزار

وروى ابن عبدالبر في التمهي: ذكر نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان يقتل القمل في الصلاة أو قتل القمل في الصلاة". قال نعيم: هذا أول حديث سمعته من ابن المبارك.

وقال المناوي في شرح الشمائل في شرح الحديث المذكور: ( ثم ان ظاهر هذا ان القمل كان يؤذي بدنه لكن ذكر ابن سبع وتبعه بعض شراح الشفاء انه لم يكن فيه قمل لآنه نور ولأن أصله ( يقصد القمل) العفونه ولا عفونه فيه وأكثره من العرق وعرقه طيب ومن قال أن فيه قملا فهو كمن نقصه ولا يلزم من التفلية وجود القمل فقد يكون للتعليم أو التفتيش لما فيه من نحو خرق ليرقعه أو لما علق فيه من نحو شوك ووسخ وقيل انه كان في ثوبه قمل ولا يؤذيه وانما كان يلتقطه استقذارا له).

ويبدو ان هذه الرؤية في تفسير أسباب وجود القمل عند النبي محمد كانت منتشرة انطلاقا من الاوهام الشائعة آنذاك عن الاسباب التي تقف خلف ظهور القمل، وهي ذاتها الاسباب التي تدفع الكثيرين اليوم لنفي وجود القمل عند النبي، حسب الاسباب التي جرى ذكرها في مجموعة من الكتب التي وصلت الينا مثل كتاب زاد المعاد، الجزء الثالث، حيث يقول:.
" القمل يتولد في الرأس والبدن من شيئين خارج عن البدن وداخل فيه فالخارج الوسخ والدنس المتراكم في سطح الجسد والثاني من خلط رديء عفن تدفعه الطبيعة بين الجلد واللحم فيتعفن بالرطوبة الدموية في البشرة بعد خروجها من المسام فيكون منه القمل وأكثر ما يكون ذلك بعد العلل والاسقام وبسبب الأوساخ وإنما كان رؤوس الصبيان اكثر لكثرة رطوباتهم وتعاطيهم الأسباب التي تولد القمل ولذلك حلق النبي رؤوس بني جعفر ومن أكبر علاجه حلق الرأس لتنفتح مسام الأبخرة فتتصاعد الأبخرة الرديئة فتضعف مادة الخلط وينبغي ان يطلى الرأس بعد ذلك بالأدوية التي تقتل القمل وتمنع تولده". (نقل النص عن موقع نصرة محمد، بتاريخ 23/07/2013

وبطبيعة الحال لم يكن النبي وحده مصابا بالقمل، وعلى الاغلب جميع من كانوا حوله كانوا مصابين به، ولكن لدينا ادلة عن اصابة بعض الصحابة على اية حال.
في الصحيحين من حديث قتادة ، "عن أنس بن مالك قال : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما في لبس الحرير لحكة كانت بهما" .
وفي رواية : "أن عبد الرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما ، شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة لهما ، فرخص لهما في قمص الحرير ، ورأيته عليهما " .

وجاء في كتاب (الحيوان للجاحظ ج 5 ص 383) "رأيت مرةً أنا وجعفر بن سعيد بقَّالا في العتيقة وإذا امرأته جالسةٌ بين يديه وزوجها يحدَّثها وهي تفلِّي جيْبَها، وقد جمعت بين إبهامها وسَبَّابتها عدَّة قمل فوضعتها على ظفرِ إبهامهِا الأيسر، ثم قلبت عليها ظفرها الأيمن فشدخَتْها به، فسُمِعَتُ لها فَرقعةً. فقلت لجعفر: فما منعها أن تضَعَها بين حَجَرين قال: لها لذةٌ في هذه الفرقعة والمباشرةُ أبلغُ عندها في اللذة فقلت: فما تكرهُ مكانَ زوجها قال: لولا أن زوجها يُعجبُ بذلك لنهاها"


واسباب القمل ومنشأه، حسب اعتقاد العرب قديما، مذكور في جملة من الكتب، كما رأينا في كتاب زاد المعاد أعلاه. وقد جاء في في كتاب (الحيوان للجاحظ ج 5 ص 371و372) "قال أبو قطيفة لأصحابه: أتدرون ما يذْرأ [أي يُوْجِد] القمل قالوا: لا نعرف. قال: ذاك واللّه من قلة عنايتكم بما يُصلحُ أبدانكم، ويذرأُ [يوجد] القملَ الفُساء" . وفي كتاب (الحاوي في الطب للرازي ج 1 ص 202) "وأما القمل فنوع واحد (!) وتولد قمل صغار في الأشفار ويعرض لمن يكثر الأطعمة، ويقلل الاستحمام(!)". وفي كتاب (طلبة الطلبة في الإصطلاحات الفقهية للنسفي ج 1 ص 109) "الوسخ يقمل أي يصير ذا قمل" وفي كتاب (أمالي ابن سمعون ج 2 ص 116) "القمل المعروف يتولد من العرق والوسخ إذا أصاب ثوباً أو بدناً أو شعراً، حتى يصير المكان عفناً" وفي كتاب (الحيوان للجاحظ ج 3 ص 331) "كذلك القول في القمل الذي إنَّمَا يُخْلق من عَرَق الإنسان ومن رائحته ووسَخِ جلده وبخار بدنه" وأيضا في كتاب (الحيوان للجاحظ ج 5 ص 369) "القمل يعتري مِنَ العَرَق والوسَخ إذا علاهما ثوبٌ أو رِيشٌ أو شعر حتى يكون لذلك المكانِ عَفَن وخُموم"

ومع ذلك كان هناك حلا لمشكلة القمل، وتحديدا الحلاقة. جاء في (سورة البقرة 196) (مرتلة) "فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك" وجاء في (تفسير الطبري ج 2 ص 235) "من كان مريضا .. أو كان به أذى من رأسه: من قمل فحلق, ففدية: من صيام ثلاثة أيام، أو صدقة تفرق بين ستة مساكين أو نسك [دم ذبيحة] والنسك: شاة" (3) وجاء في (زاد المسير في علم التفسير لعبد الرحمن الجوزي ج 1 ص 205و 206) "قوله تعالى هذا نزل على سبب: وهو أن كعب بن عُجْرة كثر قمل رأسه حتى تهافت على وجهه فنزلت هذه الآية فيه فكان يقول فيَّ نزلت خاصة، وجاء عنه في (سنن سعيد بن منصور ج 2 ص 716) "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ" قَالَ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ؟ قَالَ خَرَجَنْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مُحْرِمِينَ فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبِي فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ بَلَغَ مِنْكَ هَذَا ادْعُ الْحَالِقَ فَجَاءَ الْحَالِقُ فَحَلَقَ رأسي" . وجاء في (معجم ابن الأعرابي لابن درهم البصري ج 4 ص 202) "عن ابن عمر قال: قال رسول الله لكعب بن عجرة: أتؤذيك هوام رأسك؟ يعني قمل رأسك، قال: نعم قال: احلق رأسك وافتد. فافتدى ببقرة"

والغريب ان حلق الشعر لم يكن مباحا في السابق، ويبدو ان ضرورات مكافحة القمل هي التي اباحت حلاقته. جاء في (تفسير الطبري ج 2 ص 235): قال شيخنا علي بن عبيد الله اقتضى قوله: (سورة البقرة 196) (مرتلة) "ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي مَحِلَّه" تحريم حلق الشعر سواء وجد به الأذى أو لم يوجد حتى نزل "فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك" فاقتضى هذا إباحة حلق الشعر عند الأذى [القمل] مع الفدية فصار ناسخا لتحريمه المتقدم" وفي (موطأ مالك ج 1 ص 324) "إذا رَمَى الرجل المحرِم جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَقَدْ حَلَّ له قَتْلُ الْقَمْلِ وَحَلْقُ الشَّعْرِ وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ [أي الشعر المحلوق] وَلُبْسُ الثِّيَابِ"

دور طول الشعر في انتشار القمل
غير انه من المستبعد ان النبي قد حلق شعره للتخلص من القمل، فكل الدلائل تشير الى ان النبي محمد كان يملك شعرا طويلا وله غدائر على عادات تلك الايام. بل ان عادة الشعر الطويل بقيت سارية بين بدو الصحراء العربية حتى اوائل القرن العشرين. قال الإمام النووي: (هذا، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه (أي بالكلية) في سني الهجرة إلا عام الحديبية ثم عام عمرة القضاء ثم عام حجة الوداع) . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله)، أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح.
غير ان النبي لم يكتفي بالشعر الطويل والغدائر وانما كان يدهن شعره بالدهون، على عادة تلك الايام، وعلى الاغلب دهون طبيعية، بما يجعل من الصعب مكافحة القمل. روى النسائي في سننه عن أبي قتادة (أنه كان له جمة ضخمة فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم[اي يسرح شعره كل يوم]). وفي رواية : (قلت : يا رسول الله : إن لي جمة أفأرجلها. قال : نعم أكرمها فكان قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين من أجل قوله : أكرمها).
أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن كان له شعر فليكرمه ) . رواه أبو داود (4163) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/368) . وما رواه ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: (احلقوه كله أو اتركوه كله) رواه أبوداود.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أرجِّل رأسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض [والترجيل هو تسريح الشعر] . رواه البخاري (291) .

وكان شعره صلى الله عليه وسلم يصل إلى شحمة أذنيه ، وإلى ما بين أذنيه وعاتقه ، وكان يضرب منكبيه ، وكان – إذا طال شعره - يجعله أربع ضفائر .
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعرُه منكبيه . رواه البخاري (5563) ومسلم (2338) .

وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أذنيه وعاتقه . رواه البخاري (5565) ومسلم (2338) .

وفي رواية عند مسلم : ( كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه ) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة[الوفرة : شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن] ودون الجمة [الجُمَّة : شعر الرأس إذا سقط على المنكبين] . رواه الترمذي (1755) وأبو داود (4187) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .


وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر[والغدائر هي الضفائر] . رواه الترمذي (1781) وأبو داود (4191) وابن ماجه (3631) . والحديث : حسَّنه ابن حجر في "فتح الباري" ، وصححه الألباني في "مختصر الشمائل" (23) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله ، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وضفائر كما أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أم هانئ قالت‏ : ‏ ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر ) وفي لفظ : ( أربع ضفائر ) وفي رواية ابن ماجه : ( أربع غدائر يعني ضفائر ) ‏ وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهده شعره فيها وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه " انتهى باختصار . "فتح الباري" (10/360) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد)، أخرجه البخاري ومسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت إذا أردت أن أفرق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم صدعت الفرق من نافوخه وأرسل ناصيته بين عينيه).


القمل في الفقه الاسلامي
والقمل له دورا هاما في الفقه الاسلامي. جاء في (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لابن علي الزيلعي ج 2 ص 66) "لو قَتَلَ أحد قَمْلَةً سَاقِطَةً على الْأَرْضِ لا شَيْءَ عليهِ .. وَإِنْ قَتَلَ قَمْلا كَثِيرًا أَطْعَمَ نِصْفَ صَاعٍ من بُرٍّ [قمح] وَلَوْ وَقَعَ في ثَوْبِهِ قَمْلٌ كَثِيرٌ فَأَلْقَاهُ على الشَّمْسِ لِيَمُوتَ الْقَمْلُ وَجَبَ عليه نِصْفُ صَاعٍ من بُرٍّ وَإِنْ لم يَقْصِدْ بِهِ قَتْلَ الْقَمْلِ لا شَيْءَ عليه" وللشافعي رأي آخر: فقد جاء في كتاب (الأم لابن إدريس الشافعي ج 2 ص 200 و201) "من قَتَلَ من الْمُحْرِمِينَ قَمْلَةً ظَاهِرَةً على جَسَدِهِ أو أَلْقَاهَا أو قَتَلَ قَمْلا حَلالٌ فَلا فِدْيَةَ عليه" وجاء في كتاب (المحلى لابن حزم ج 3 ص 86) "َإِنْ تَأَذَّى إنسان بِوَزَغَةٍ أو بُرْغُوثٍ أو قملة فوجب عليه دَفْعُهُنَّ عن نَفْسِهِ فَإِنْ كان في دَفْعِهِ قَتْلُهُنَّ دُونَ تَكَلُّفِ عَمَلٍ شَاغِلٍ عن الصَّلاَةِ فَلاَ حَرَجَ في ذلك لأننا قد رُوِّينَا عنه صلى الله عليه وسلم "الأَمْرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ" من طَرِيقِ أبي هُرَيْرَةَ وَسَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ وَأَمِّ شَرِيكٍ. وَلاَ يَجُوزُ له التَّفَلِّي في الصَّلاَةِ، وَلاَ أَنْ ينشغل بِرَبْطِ بُرْغُوثٍ أو قَمْلَةٍ في ثَوْبِهِ إذْ لاَ ضَرُورَةَ إلَى ذلك" وجاء في كتاب (الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف للنيسابوري ج 3 ص 277) "اختلفوا في قتل القمل في الصلاة فرخصت فيه طائفة، رُوِّينا عن أنس أنه كان يقتل القمل في الصلاة، وكان الحسن يقتل القمل في الصلاة" وجاء أيضا في كتاب (المحلى لابن حزم ج 7 ص 247) "عن عِكْرِمَةَ قال لاَ بَأْسَ أَنْ تُمَشِّطَ الْمَرْأَةُ الْحَرَامُ الْمَرْأَةَ الْحَرَامَ وَتَقْتُلَ قَمْلَ غَيْرِهَا" وفي (مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني ج 4 ص 412) تأتي قصة نرى منها ان بن عمر كان يتهكم على فقه القملة، إذ ورد: "حدثنا بن البيلماني قال كنت مع بن عمر إذ جاء رجل فقال ما تقول في محرم قتل قملة فقال بن عمر ينحر بَدَنَة [أي يذبح ذبيحة]. فضحكت فنظر إلي وقال لا تلمني. يسألني عن القملة، وأحدهم يثب على أخيه بالسيف!!!"

وحتى الازهر يرى علاقة للقمل بالدين الصحيح. ففي فتوى الأزهر رقم ( 685) بتاريخ 27 مايو 1919م عن تفشى حمى التيفوس: أفتى فضيلة الشيخ محمد بخيت المفتى قائلا: "كل من الحمى التيفوسية والحمى الراجعة تنتقل من شخص إلى آخر بواسطة القمل ، وشر المهلكات أمراض تتفشى وحميات تنتشر وتفتك بالنفوس فتكا ذريعا بإهمالنا تعاليم الدين الصحيحة . هذا المرض يسبب ارتفاع درجة الحرارة ويؤدي إلى الموت". فهل اصابة محمد بالقمل تفتح الباب لاتهامه بأهمال تعاليم الدين الصحيح، او انه مات بالحمى التيفوسية؟
غير ان كل ذلك لم يمنع ان بعض الشيوخ كانوا يعتقدون التمسك بالقمل جزء من العقيدة حيث ورد في (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام لابن عثمان الذهبي ج 50 ص 255و 256) أن "الشيخ محيي الدين النووي .. كان إماما بارعا وكان شديد الورع والزهد .. وترك الملبس إلى الثياب الرثة المرقعة، ولم يدخل الحمام .. وحكى لنا الشيخ أبو الحسن بن العطار أن الشيخ قلع ثوبه ففلاه أحد الطلبة، وكان فيه قمل فنهاه وقال: دعه"



#طريف_سردست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمعات تعدد الازواج
- الاختلاف بين دماغ المرأة ودماغ الرجل
- علم الاورجازم
- جيمس راندي: مليون دولار لمن يثبت وجود السحر
- حقيقة الهموباتي والحقل المغناطيسي
- الاتصال بالارواح وتحضيرها.
- حقيقة البارسيكولوجي والعلوم الزائفة
- هل يدل النظام على وجود مُنظم؟
- العثمانيون وإبادة الارمن -8
- العثمانيون وإبادة الارمن -7
- العثمانيون وإبادة الارمن -6
- العثمانيون وإبادة الارمن -5
- العثمانيون وإبادة الارمن -4
- العثمانيون وإبادة الارمن -3
- العثمانيون وإبادة الارمن -2
- العثمانيون وإبادة الأرمن -1
- تقادم تصميم الانسان
- الصواعق والبرق، من الدين الى العلم
- من مجزرة الثورة الفرنسية الى الديمقراطية
- العراق، الملعون ارضا وشعبا


المزيد.....




- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طريف سردست - القمل عند النبي والصحابة وفي الفقه الاسلامي