أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامية نوري كربيت - الطريق نحو الهاوية













المزيد.....

الطريق نحو الهاوية


سامية نوري كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 4179 - 2013 / 8 / 9 - 21:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن من يحاول إن يستقرئ الأحداث يلاحظ أن العالم الإسلامي يسير في طريق اقل ما يقال عنه انه طريق خطير وملغم لا يعلم سوى الله ما هو مصيره بين كل هذه الصراعات الدينية والمذهبية والصراعات بين الأيديولوجيات الليبرالية والعلمانية وكذلك الصراعات الفكرية المؤدلجة والتي تتخذ منها طريقا للوصول إلى السلطة ولا شئ غير السلطة ، وفي المقابل يدفع الشعب ثمن هذه الصراعات بدون أن يكون له فيها ناقة أو جمل وما يحصل في العراق الآن من تفجيرات وأعمال عنف والتي تؤدي إلى سقوط الآلاف بين قتل وجريح سوى ابرز مثال على الهاوية التي انحدر إليها العالم الإسلامي .
ليس جديدا إذا قلنا أن حكام العراق وصلوا إلى السلطة تحت شعارات دينية شيعية تزعمها رجال الدين الذين استطاعوا أن يقودوا أغلبية الشيعة في العراق تحت مسميات مظلومية أهل البيت وأحقيتهم في حكم العالم الإسلامي ، وكل من له اطلاع ولو بسيط على علم السياسة يدرك جيدا بان الصراعات الدينية والمذهبية كانت ولا زالت مدفوعة بالرغبة للوصول إلى سدة الحكم وممارسة السلطة تحت شعارات دينية أو مذهبية ، والتاريخ الإسلامي يعطينا ابرز الأمثلة على هذا الصراع منذ وفاة النبي محمد حيث بدأ الصراع قبل دفن الرسول ، وما حدث في سقيفة بني ساعدة من صراع بين الأنصار والمهاجرين على الخلافة هو خير مثال على ذلك ومن ثم رفض الإمام علي بيعة أبو بكر الصديق وما تلا ذلك من الصراعات على الخلافة والتي أدت إلى مقتل ثلاثة من أربعة من الخلفاء الراشدين ، وما رافق ذلك من الحروب بين الصحابة أنفسهم ومقتل الآلاف منهم حتى إن الصراع لم يعفي أم المؤمنين عائشة من قيادة جيشا من الصحابة لمحاربة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في معركة الجمل بسبب كرهها للإمام علي منذ حادثة الأفك .
ومنذ خلافة أبو بكر انقسم العالم الإسلامي إلى طائفتين ( شيعة وسنة ) والطائفتين انقسمت إلى طوائف ومذاهب متعددة ولحد الآن لا زالت الانقسامات تتوالى وفي جميع هذه الانقسامات وما رافقها من حروب وثورات وصراعات كان الهدف منها الوصول إلى السلطة ، إن دارسي التاريخ وخاصة المتعمقين بدراسة التاريخ الإسلامي يستطيعون إعطاء عشرات الأمثلة على ذلك وما يحدث الآن في العراق هو واحد من هذه الأمثلة التي احترق بنارها الشعب العراقي وما يزال ، ومن المعلوم إن الانقسام ازداد بعد مقتل الإمام الحسين بن علي على يد قوات الخليفة الأموي يزيد بن معاوية حوالي قبل ألف وأربعمائة عام والذي طبع الواقع العراقي بصراع مذهبي يخفت أحيانا ويشتد أحيانا أخرى إلى الحد الذي يصبح فيه دمويا حسب قوة وضعف السلطة الحاكمة ، ومنذ سقوط العراق تحت الحكم الإسلامي أصبح الشعب العراقي وقود هذه الخلافات ففي معارك خالد بن الوليد مع الفرس قدم العراق ألاف القتلى وقبل ذلك قتل خالد الآلاف من العراقيين عندما أجبرهم على اعتناق الدين الإسلامي ، كما أصبح العراق ساحة للصراع بين الإمام علي ومعاوية على الخلافة وما تلى ذلك من صراعات على السلطة بين الأمويين والعباسيين ومن ثم تناوب الغزاة على احتلال العراق من أقوام مختلفة الهويات حكمت أحيانا كثيرة باسم المذهب والى يومنا هذا .
إن النزعة الشيعية للحكم ليست جديدة في الشرق الإسلامي فقد ظهرت منذ الحكم العباسي خاصة في إيران والعراق ومن ثم في شمال إفريقيا حيث استطاع الفاطميون إقامة دولتهم ومن ثم قيام الدولة الصفوية الشيعية في إيران وبعد ذلك استيلائها على العراق حيث أصبح العراق ساحة للحرب بين الدولة العثمانية السنية التي كان مركزها تركيا والدولة الصفوية الشيعية التي كان مركزها إيران ، وحتى بعد سقوط الدولة العثمانية والدولة الصفوية الفارسية استمر الصراع المذهبي بين الشيعة والسنة وما حرب العراق وإيران في عهد صدام حسين والتي استمرت ثمان سنوات سوى تجسيد لهذا الصراع وان غلف تحت مسميات أخرى كخلافات على أراضي أو مياه ، ومذ قيام الثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه وجاءت بالخميني إلى الحكم تحت شعارات التخلص من حكم الشاه ماهي إلا غطاء للأهداف المذهبية التي تدعو إلى إقامة دولة شيعية متشددة مذهبيا والعمل على تصدير الثورة وإقامة حكومات شيعية في الوطن العربي ، وفعلا استطاع الإيرانيون الشيعة مد نفوذهم إذ أصبح في العراق الآن حكومة يسيطر عليها الشيعة ، وفي لبنان قوية شوكة الشيعة تحت زعامة حسن نصر الله وفي سوريا يحكم العلويين الذين يخوضون الآن حربا شرسة مع السنة ومن ناصرهم من الجماعات الإرهابية السنية ، وفي البحرين امتد النفوذ الإيراني مستغلين وجود الكثير من الشيعة وكذلك في الكويت والقسم الشرقي من المملكة العربية السعودية .
ومن جهة أخرى بدأ في الشرق الإسلامي عصر جديد يتميز بقيام أنظمة حكم دينية على الرغم من وجود أنواع من هذه الحكومات الدينية ذات الاتجاهات الدينية السلفية متمثلة بالحكم السعودي وحكومة السودان الإسلامية ، ولكن لم يجد الإسلام السياسي في السابق انتشارا واسعا على الساحة العربية لربما بسبب وجود حكومات دكتاتورية متسلطة استفادت من الشعارات والفتاوى الدينية التي يصدرها علماء الدين المأجورين في أحكام سيطرتها واستمرار سلطتها ، ولكننا الآن أمام حكومات عربية سيطر عليها التيار الديني المتشدد والمعروف بأسم تيار الأخوان المسلمون ، ولن أحاول أن اذكر القراء بالأفكار التي يعتنقها قادة الحركات الإسلامية المتطرفة والتي استطاع البعض منها الوصول إلى سدة الحكم في مصر وتونس والتي تحاول الآن القفز على كراسي الحكم في ليبيا وسوريا والأردن ، ومن المعروف إن المنظمات السنية المتطرفة تحمل أفكار محمد بن عبد الوهاب والتي نبعت في السعودية وكان هدفها تثبيت حكم آل سعود عن طريق استخدام الدين والآيات القرآنية التي تدعو الشعب على الطاعة لأولي الأمر لمنع الشعب من المطالبة بحقوقه فتحول الحكم في السعودية إلى ما يسمى في عالم السياسة ( بالحكم الثيوقراطي ) أي بمعنى آخر إن الملك يحكم بتفويض من الله وعلى الجميع إطاعته وعدم مخالفته مدعوما بالمئات من رجال الدين الجاهزين لإصدار الفتاوى المستنبطة من الكتب الدينية الإسلامية والقرآن من قبل هؤلاء والتي تحض الناس على طاعة الملك والأسرة الحاكمة ، وعلى نفس منوال الحكم الشيعي في ايران حيث يحكم الولى الفقيه بأسم الامام المهدي المنتظر وبمعنى اخر اعطاء الحاكم صفة القدسية الدينية التي لا يجوز معارضتها شرعا .
والمصيبة الكبرى إن جماعة الأخوان المسلمين لم يكتفوا بأفكار محمد بن عبد الوهاب المتشددة بل أضافوا لها الكثير من أفكار حسن البنا ومن ثم سيد قطب التكفيرية الذي كفر جميع الناس من مسلمين وغير مسلمين وقسم الإخوان المسلمين ومن ثم السلفيين ، العالم إلى دارين وأصبح جميع العالم الغير مؤمن بمبادئهم دار حرب وأعلنوا الحرب على الجميع واتخذوا التقية وسيلة لتحقيق أهدافهم التي دفعتهم للتعاون مع الكفار الأمريكان في سبيل الوصول إلى السلطة تحت شعار الإسلام هو الحل ، ومن حركة الأخوان المسلمين انبثقت حركات دينية متطرفة من أبرزها القاعدة التي اتخذت القتل سبيلا لتحقيق أهدافها وأصبح العالم يعيش حالة من الهلع مما تقوم به جماعة القاعدة من سفك دماء الأبرياء دون رادع أو وازع من ضمير متخذة من شباب المسلمين المحرومين جنسيا وسيلة لتحقيق أهدافها بعد أن وعدتهم بجنات الخلد التي فيها سينالون ما حرموا منه في هذه الدنيا من ملذات ( كحور العين والغلمان المخلدون وانهار من خمر وعسل ولبن ) وأصبح الشباب يساقون كالخراف إلى مصيرهم مدفوعين بشبقهم وبتصديقهم الأكاذيب التي تصدر من علماء المسلمين المؤدلجين الذين هم خدم لقوى الإرهاب والذين من فتاويهم يرتزقون .
إن المشكلة في هذا الصراع المذهبي هو أن الأبرياء هم وقود هذا الصراع وليس من يعمل على إشعاله وهو نفس ما حدث في أوربا في القرن السادس عشر حيث بدأ خلافا مذهبيا بين الكاثوليك والبروتستانت ثم تحول إلى حرب مذهبية شرسة بين الدول الأوربية استمرت لقرنين من الزمان دمرت وأهلكت الحرث والضرع وراح ضحيتها الآلاف ولم تنتهي إلا بظهور المفكرين المتنورين الذين دعوا لفصل الدين عن الدولة وأبعاد الكنائس ورجال الدين عن التدخل في شؤون الحكم ونجحوا في ذلك بعد جهود مضنية ، ومنذ ذلك الوقت استقرت الأمور في أوربا وابتدأ الناس والحكومات في بناء اقتصاديات الدول وتثقيف الشعوب وبنائها فكريا واجتماعيا وأصبح الدين لله والوطن للجميع مبدأ تبناه الجميع إلى حد الآن فهل تستطيع شعوبنا أن تعبر هذا الطريق الشائك أم أنها مقبلة على حرب مذهبية تأكل الأخضر واليابس
وتعود بنا الى الوراء مئات السنين ويكون وقود هذه الحروب الشعوب التي ليس من حول وقوة بعد ان عمل من لهم مصلحة من طلاب كراسي الحكم ورجال الدين على شحن عقول الناس وخاصة الطبقات البعيدة عن العلم والثقافة بخرافات واساطير ليست موجودة الا في عقولهم المريضة ، وهذا ما يحدث الان في كثير من الدول الاسلامية كالعراق وسوريا وافغانستان وباكستان ودول اخرى هي في الطريق كمصر وتونس وليبيا .
انها دعوة لمفكرينا وكتابنا والمتنورين من ابناء هذه الشعوب ان يعملوا بجد على تنبيه شعوبهم بما سوف يجلبه عليهم قادتهم المتصارعون على كراسي الحكم والمتسترين تحت شعارات مختلفة والتي ابتليت بهم شعوبنا والذين يستخدمون كل اساليب المكر والخداع والكذب للبقاء في السلطة ، نحن بحاجة الى وعي جمعي يستطيع ان يتصدى لهؤلاء المدعين علما بان الطريق ليس معبدا ولكن طريق الألف ميل يبدا دائما بخطوة .



#سامية_نوري_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والشريعة
- حقيقة مسيحية الشرق قبل الغزو الاسلامي - 2
- عيد القيامة وعادة تلوين البيض
- حقيقة مسيحية الشرق قبل الغزو الاسلامي
- في القرن الواحد والعشرين لازال حكامنا قتلة ولصوص
- ردي على المعلقين على مقالتي المعنونة (الدكتور كامل النجار عل ...
- الدكتور كامل النجار على قناة الحياة المسيحية
- يا شباب الأمة لا تدعوهم يسرقون ثورتكم
- رد على مقالة النصب والاحتيال في الكتاب المقدس
- أطلاق فضائية التمدن ضرورة ملحة قبل فوات الاوان
- الخلط بين السياسة والدين في تحليل مجزرة كنيسة سيدة النجاة
- لماذا نرى القشة في عيون الاخرين ولا نرى الخشبة التي في عيونن ...
- يجب احالة حكومتي امريكا وبريطانيا الى المحاكم الدولية المختص ...
- هنيئا لكم يا شهداء مذبحة كنيسة سيدة النجاة في بغداد
- دعوة الى مؤرخينا في العراق
- أحتفلوا بعيدكم التاسع ومشاعل النصر والفوز المؤزر بأيدكم
- الحياة الجنسية في الغرب هل هي اكثر ابتذالا وانحرافا منها في ...
- تخليدا لغزوة مانهاتن الترهيب بعد الترغيب لتنفيذ مشروع مسجد ق ...
- هل يدفع العراقيون ثمن صراع على الحكم بدأ قبل 1400 بين الامام ...
- الاسلام السياسي ومستقبل الديمقراطية والتحديث في العالم العرب ...


المزيد.....




- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامية نوري كربيت - الطريق نحو الهاوية