أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جواد البشيتي - طريقكَ إلى الثراء في الأردن.. جريسات مثالاً!














المزيد.....

طريقكَ إلى الثراء في الأردن.. جريسات مثالاً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 15:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


جواد البشيتي
ثمَّة شخص في مجتمع رجال المال والأعمال الأردني يُدْعى إلياس جريسات؛ ولو لم يمتد (منذ بعض الوقت) إلى المجتمع الإعلامي الأردني، من طريق تملُّكه (وحده) جريدة "العرب اليوم"، وجَعْلِه لها في أزمة تسبَّبت بتوقفها عن الصدور، وبإلقاء موظَّفيها (مع عائلاتهم) في الشارع، لظلَّ مغموراً.
جريسات من نمط أرباب العمل والمستثمرين الجُدُد في السوق الأردنية، والذين يتَّخِذون من الفساد، بأوجهه كافة، طريقاً إلى الثراء، وإلى مزيدٍ من الثراء؛ فَهْمْ في سعيهم إلى الثراء يمثِّلون الدَّرك الأسفل من "المكيافلية"، بمبدئها "الغاية تُسوِّغ وتبرّر الوسيلة".
قد تَنقم عليه، وتحتقره، وتزدريه؛ لكنَّك لو بَرَّدتَّ رأسك، ونظرت إليه بعين تشبه عين الفيلسوف الإغريقي إبيكوروس، لا تملك، عندئذٍ، إلاَّ أنْ تشفق عليه، وترثي لحاله، بمعناها "الإنساني"؛ فإنَّ "روح الإنسان" قد غادرته، وخرجت منه، لتملأ فراغها "روح رأس المال (بدركه الأسفل الذي ذَكَرْنا)".
إبيكوروس قال لجريسات، ناصِحاً: لا تُضيِّع، ولا تَسْتَنْفِد، وقتك وجهدك لاكتساب المال، أو الشهرة، أو السلطة؛ لأنَّ "الاستمتاع" بما اكتسبت من هذه الأشياء لا يساوي ما بذلت من وقت وجهد، ومن كرامة الإنسان؛ إنَّ سعيكَ هذا مُكْلِف كثيراً، ولا يتناسب، من ثمَّ، مع "النتيجة المنشودة"، ألا وهي "لحظة الاستمتاع" بما أنْجَزْت، أيْ بما اكْتَسَبْت من مال، أو شهرة، أو سلطة.
الحياة ـ يا أَيُّها الثري بالفساد، والفاسِد المُفْسِد بالثراء ـ هي كنَهْرٍ جارٍ، تَقِفُ في وسطه، وتلعب بمياهه؛ فهل تلعب بمياهه التي جَرَت، فأصبَحَت وراءكَ، وبعيدةً عنكَ، أم تلعب بمياهه التي تجري في اتِّجهاكَ؛ لكنَّها لم تصلكَ بَعْد؟
كلاَّ؛ إنَّكَ لا تلعب، لا بهذه، ولا بتلك، من مياهه. إنَّكَ تلعب، وتستطيع أنْ تلعب، بمياهه التي حَوْلكَ فحسب؛ فَعِشْ "الحاضر"؛ لأنَّكَ لا تملك من الزمن غيره؛ فالماضي لا يعود، والمستقبل لم يأتِ بَعْد.
وإنِّي لأعْجَبُ من أمْر إنسانٍ كجريسات، يقضي ويستنفد حاضره (والذي هو الحياة بواقعها) نادِماً آسِفاً على ما مضى، قَلِقاً خائِفاً مِمَّا سيأتي؛ فمتى يحيا ويعيش؟!
وأَعْجَبُ أكثر من استماتته في جَمْع واكتناز الذهب والفضة؛ لقد عَبَد المال حتى استعبده، وكأنْ لا مثل أعلى له في حياته إلاَّ شايلوك؛ تراه يُقتِّر على نفسه، وهو الذي لديه من المال ما لا تأكله النَّار؛ فإذا سأَلْتَهُ عن السبب أجابكَ قائلاً: أُخبِّئ قرشي الأبيض ليومي الأسود!
جريسات لم يكتسب من الوعي ما يجعله مُعْجَباً بالشاعر إيليا أبو ماضي الذي قال: أَحْكَمُ الناس في الحياة أُناسٌ علَّلوها فأحسنوا التعليل؛ أو ما يجعله صديقاً للفيلسوف الإغريقي إبيكوروس في تعليله الحياة، أو راغباً في زيارة "حجر الشاهد" لقبر أرابيوس (في جدارا) الذي نُقِشَت فيه عبارته العظيمة "أيُّها المارُّ مِنْ هنا، كما أنتَ الآن كنتُ أنا؛ وكما أنا الآن ستكون أنتَ؛ فتمتَّع بالحياة؛ لأنَّكَ فانٍ!".
ولو مات جريسات وهو في الخامسة والسبعين لصَحَّ فيه قول بنيامين فرانكلين: "كثيرٌ من الناس يموتون في الخامسة والعشرين؛ لكنهم يُدْفَنون في الخامسة والسبعين"!
جريسات، وبصفة كونه "رب عمل" ينتمي إلى الدَّرك الأسفل من طبقة الرأسماليين، والذي يتصدَّر الآن الحياة الاقتصادية في الأردن، سأل نفسه، غير مرَّة، "ما الذي أُريد؟"، و"كيف أصِل إلى هذا الذي أُريد؟"؛ لكنَّه لم يسأل نفسه السؤلايْن نفسيهما بصفة كونه "إنساناً"، أو "حيواناً ناطِقاً"؛ فـ "وحش الرأسمال" افترس، في داخله، البقية الباقية من "الإنسان"، وما عاد ممكناً أنْ نراه إلاَّ "رأسمالاً، بملامح إنسان، يَقْطُر دماً، يجوب الأسواق بحثاً عن فريسة، ولا فريسة يبحث عنها إلاَّ الضعفاء من البشر، يمتص دمهم، حتى يزداد قوَّةً وحيويةً ونشاطاً".
ما أنْ بدأ السَّيْر في مسار "الثراء بالفساد" حتى شرع يستخذي، ويمتثِل، لمنطقه وشريعته؛ ففرَّط وضحَّى بكل ما يميِّز "الإنسان بإنسانيته" من "الوحش بوحشيته"؛ وكانت كرامة الإنسان فيه هي الضحية الأولى؛ فأسلافه (في السَّيْر في هذا المسار) نفثوا في روعه أنَّ "التقدُّم" و"الوصول" لن يكونا إلاَّ بتخلُّصه من كل ما يجعل الإنسان في أحسن تقويم؛ فلا كرامة إنسانية، ولا عزة نفس، ولا إباء، ولا مبادئ سامية، ولا صدق، ولا أمانة، ولا استقامة، ولا..، لكل من وطَّن نفسه على السَّيْر في مسار "الثراء بالفساد".
وأحسبُ أنَّه "قاوَم"، في البداية؛ لكنَّ مقاومته انهارت وتلاشت سريعاً؛ فغدا على الهيئة التي أُريد له أنْ يكون عليها، لا رأي له، ولا عقل، ولا أقدام، يبيع كل ما لا يُباع من أجل أنْ يفوز برضا مَنْ يُمْسِكون بيده لإصعاده "سُلَّم الثراء والذل والعار"، ولإهباطه، من ثمَّ، من "أحسن تقويم" إلى "أسفل سافلين".
وحتى يتصالح مع نفسه، في عهده الجديد، نَفَثوا في روعه أنَّه خير مَنْ يعرف مِنْ أين تؤكل الكتف، والألعبان، والذكاء إذ اتَّقد، والحنكة والخبرة، والزئبيقة، والطموح إلى العلا؛ فمن يتهيَّب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر!
لو ذهب جريسات إلى ما يشبه "غار حراء"، وقضى فيه بعض وقته مفكِّراً متأمِّلاً، ناظِراً بعَيْنَيْن مختلفتين إلى "تجربته (في الحياة والثراء، والفساد والإفساد)"، لَوَقَف على الحياة بمعناها الحقيقي والبسيط، ولمَيَّز الغث من السمين، والزائف من الحقيقي، ولعَرَف أنَّ كل ما اكتسبه من سيره في مسار "الثراء بالفساد" لا يعدو كونه قطرة في بحر ما خَسِر من حياة حقيقية، ومن مقوِّمات إنسانية الإنسان، ومكانته في الكون؛ فهل تساوي "لحظة الاستمتاع" التي عاشها، إذا ما عاشها، كل هذا الثَّمن الذي دفعه من سمعته وكرامته وإنسانيته؟!
كلُّ رأسمالي لص (من وجهة نظر اقتصادية علمية موضوعية) لكن ليس كل لص رأسمالياً؛ وإنَّ لكم في جريسات لخير دليل على الأمر الثاني.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما أَغْمَض كيري عَيْنَيْه حتى يرى السيسي!
- بين -رئيسَيْن سجينَيْن- يدور الصراع ويحتدم!
- كيري يسعى لحلِّ المشكلات من طريق الاحتيال عليها!
- أُعْلِن استقالتي من -الصحافة الأردنية- كلها!
- فجر اليوم لفظت ثورة 25 يناير أنفاسها الأخيرة!
- مقالة قديمة عن ثورة يناير
- هكذا يُفْهَم الصراع في مصر الآن!
- السيسي أشعل فتيلها!
- -العرب اليوم-.. معانٍ كبيرة في شأنٍ صغير!
- كيري الذي تَفرَّع من -الملف السوري- إلى -الملف الفلسطيني-!
- نقابة الصحافيين الأردنيين -بيت أبي سفيان-.. مَنْ يَدْخُله فه ...
- -العرب اليوم-.. أزمة صحيفة أم أزمة صحافة؟
- لو حدثت هذه -الثورة الطبية-!
- مصر الآن.. صراع بلا وسيط!
- ما معنى أنَّ -الحركة- تتسبَّب في -إبطاء الزمن-؟
- تأمُّلات مصرية!
- إنَّها الثورة المضادة يقودها بونابرت صغير.. فالحيطة والحذر!
- مِنْ -مرسي- إلى الأَمَرِّ منه.. -المُرْسيسي-!
- هذا ما أتوقَّعه في الساعات المقبلة
- ما يجب أنْ يُقال قبل فَوْت الأوان!


المزيد.....




- فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لم ...
- المظاهرات في جورجيا.. لا للتبعية لموسكو وواشنطن لن تكون البد ...
- طلاب محتجون في جامعة جونز هوبكنز الأميركية ينفون إجراء مفاوض ...
- عشرات الالاف من المتظاهرين الاسرائيليين يطالبون بإسقاط قاتل ...
- م.م.ن.ص// استمرار النكبة
- أضواء على حراك التعليم المجيد
- استنتاجات تجربة نقابية مديدة بقطاع التعليم: مقابلة مع الرفيق ...
- حراك شغيلة التعليم 2023: تقييم ودروس للمستقبل
- اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين يطالبون بانجاز اتف ...
- معركة الأجور.. وفرص المقاومة العمالية


المزيد.....

- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جواد البشيتي - طريقكَ إلى الثراء في الأردن.. جريسات مثالاً!