أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جاكلين صالح أبو طعيمة - قصة بعنوان أجهضوا الطفلا .. بقلم جاكلين صالح ابو طعيمة














المزيد.....

قصة بعنوان أجهضوا الطفلا .. بقلم جاكلين صالح ابو طعيمة


جاكلين صالح أبو طعيمة
(Jaklin Saleh Abutaima)


الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 23:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أمي قولي لي الحكاية..
هيا يا أمي ..
قولي لي الحكايات التي كنتِ تخبرينا إياها ونحن صغار
رضيعي لا ينام يا أمي يريد أن يسمع حكاية...
تيقظت كانت الغرفة معتمة والليل عميق... ويدي على رأس طفلي الرضيع ... لم يهدأ الليل طوله وهو يبكي..
ناديت أمي بصوت عالٍ لتسمعني، وتأتي لترى الطفلا...
جاءتني أمي مسرعة، أشعلت نور الغرفة.. وقالت بسم الله الرحمن الرحيم.. ما بك؟
حين أشعلت أمي النور.. باغتت الحقيقة حلمي وخيالي.. إنها الساعة تشير إلى الثالثة، والطفل ليس هنا.
التكمت الكلمات في حلقي وأنا أنظر إليها وإلى الطفل الذي ليس هنا..
لم يسكن الخجل ملامحي بل كان وجوم الصدمة يخط عنفه على وجهي.. وانفجر الدمع من عيني
أدرت وجهي للأرض ورفعت أمي الغطاء للأعلى، وتمتمت بكلمات تاه فكري عنها فلم يسمعها..
وما شعرت إلا بدفقة دماء من جسدي فتيقنت أني بالأمس أجهضت الطفلا...
السعادة كانت ترتجف في أوصالي وأنا أنتظر نتيجة التحليل لدى المختبر.. العشر دقائق عمراً طويلاً، الآن يأتي يخبرني بأنني سأكون أماً لطفل صغير أسميه سليمان أو صغيرة أسميها بلقيس، بل سأسميها الجليلة بلقيس، كم جميل أن يكون لدي طفل، وارتجف الألم في قلبي فاهتز كل جسدي ... وربما لا يكون هناك طفلاً.. سالت دموعي على خدي بوهن والخوف يربك ما تبقى متماسك في جسدي.. فوجدت لسان حالي يردد: "رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِين"..
وإذ بالطبيب ينظر إلي بنظارته الطبية الغليظة وابتسامة تخفيها ملامح الجدية في وجهه يسألني أهو حملك الأول، أجبته: نعم، فقال لي مبتسماً: ألف مبروك .. اهتمي بحملك.. أخذت نتيجة التحليل وحالة الوجوم سيدة موقفي ودموعي تنحدر كمن كان ينتظر خلاصه، شكرته كثيراً ورفعت سماعة الهاتف لأخبر أمي بأنها ستكون جدةً لطفلي..
طرقت أمي الباب مجدداً بكأس من الليمون، وهي تدعو على من حرق قلبي بحرقة في فؤاده لا تنتهي..
أمسك عنقي من الأسفل ورفعه للأعلى يسألني: من قال أننا نريد أطفالاً الآن، ستجهضين الطفلا.. صرخت لن أفعل.
وضعت يدي على أسفل بطني وأنا أحميه بيدي، لن يقترب منك أحد يا صغيري، لن يمسك سوء.. ستبقى وينجيك الله كما أنجى موسى من فرعون، أسطورة الطاغوت انتهت يا صغيري، ستعيش وتعانق الحياة، لن تموت يا قلبي.
جاءت معه امرأة تحمل بيدها سيجارة ميكادوا نوع رخيص كرخصه معها.. واقتربت مني، لم أشأ أن أدفعها حتى لا أتحرك حركة قوية فأفقد مضغتي الحبيبة، فدفعتني بقوة وأمسكت بشعري المجدول وشدته بعنف، كان الألم قاسياً لكن يداي لا تجروء أن تبتعد عن بطني كي لا تصيب أي ضربة طفلي المضغة فأفقده، وألقت بي إليه وهو يشرب السيجارة نفسها ميكادو الرخيصة كرخصه، قد كان محكم الضربات فكانت أسفل بطني حتى أودتني أرضاً.. فلم أرى إلا قدمه تنهال على بطني بقوة خشيت أن تتمزق بها أحشائي فأرى مضغتي أمام عيني تموت..
صراخي كان مكتوماً مسروقاً بأبواب مغلقة وهاتف تم تدميره لكيلا أستجير بأحداً.. لم يكن وقت للتفكير، لكنها الصورة وانا في الخامسة أتذكرها لجندي صهيوني كان قد أردى إحدى الشباب أرضاً وأخذ يركله في كل مكان في جسده، ونزف كثيراً، لم تكن الضربات التي أتلقاها هي الألم بل التقلص العنيف في أسفل بطني وظهري هي القاضية..
تركاني بعدما لم أستطع الحراك.. وتلمست أسفل جسدي لأجد يدي مبللة بلون أحمر، إنه دم. إني أنزف.. النزف كثير.. قوي ..
صرخت..
صرخت .. ناديت الله..
كانت مضغتي تتمزق .. تتفتت.. لا تلبث يدي أن تنزل للأسفل لأرى الدم .. إنه حقيقة
أنا أنزف.. إنه الطفلَ .. أُجهض طفلي ..
لا . لا . لا
لملمت نفسي وجلست بجانب الجدار في تلك الغرفة التي شهدت قتل طفلي.. أضم رجلي بقوة على بعضهما لكيلا يسقط المضغة... لأحتفظ به.. كنت أناديه .. ابقَ يا حبيبي .. لا تنزف
يارب.. يارب. يا من وضعته في جوفي .. أبقيه لي لا تأخذه.. لا تسقطه.. أريده أن يبقى...
وجاء الطاغوت بيده ذات السيجارة، وعينيه ملؤها غضب وشماتة... وأنا أصرخ بحق الله أن يتركني، لكن سرعان ما هدأ حين رأى رجليّ غارقة في الدم.. عرف أن الطفل قد سقط.. لم يعد هناك طفلا.. ومضى يغلق الأبواب ويغلق صنبور المياه ويطفئ الكهرباء ويتركني ثلاثة أيام دون حياة..
كان الدم قد تيبس على رجليّ ولم أصحو إلا على يدين مكبلتين وقدمين مكبلتين وبقايا السجائر حولي.. لقد كنت وليمة العشاء لهما.. انتصرا .. انتصرا على المضغة ... حاربا حتى أسقطاها .. ذبحوا المضغة على مسلخ لم تذنب فيه شيئاً..
لم أرى نور الشمس وقتها.. ونوراً ما خبا في قلبي حين فك قيدي وتلمست بطني لأتذكر أني فقدت ولدي.. لم تهمني الحياة عندها.. كان في المضغة الصغيرة حياتي.. وهو أجضهضها .. لن يهم اليوم أن يحبسني حتى اليوم العشرين.. ما حافظت عليه لساعات في القتال أفقدني إياه بضربات في قدمه في أسفل البطن..
ياربي أين ولدي .. أين مضغتي .. ياربي ألم تعدني بأن تحميه لي .. ياربي هو الحق ما تقول " ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ" .. ياربي أنت حميته في القرار المكين.. وأجهضه طاغوت..
ربتت على كتفي بحنانها قائلةً: اشربي الليمون يا حبيبة .. ما أخذ منك إلا ليعطيك وما أبكاك إلا ليضحكك وما حرمك إلا ليتفضل عليك وما ابتلاك إلا لأنه يحبك..
سال كأس الليمون في جسدي وكأني بالمضغة ترتوي وتكبر وتغني لي أمي .. أمي .. أمي ما أحلاها..



#جاكلين_صالح_أبو_طعيمة (هاشتاغ)       Jaklin_Saleh_Abutaima#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد اليوم والأمس
- موت الشباب في المخيم
- مزيداً من الحصار ومزيد
- هنيئاً لك يا غزة بالإعمار
- ضجيج الموت
- أهداف حرب إسرائيل على غزة بين الإعلام والحقيقة
- رحيل الأمان يا غزة
- لأبي بيت وأرض صغيرة ضاعت في غزة


المزيد.....




- المرأة الجديدة تبحث عن باحثة بدوام جزئي لبرنامج النساء والعم ...
- إعادة بناء وجه امرأة من -النياندرتال- عاشت قبل 75 ألف عام في ...
- يركّز على قضايا الأسرة.. انطلاق فعاليات مؤتمر الدوحة لحوار ا ...
- فرنسا: ناشطات نسويات يلطخن لوحة -أصل الكون- بطلاء أحمر أثناء ...
- تدمير رفح…معبر غزة الوحيد نحو النجاة
- تجربة الأمومة.. جسر تضامن من خارج غزة إلى داخلها
- في الجنوب كما في الشمال تواجه النساء أزمة الديون وسياسات الت ...
- ورشة أهداف التنمية المستدامة وأجندة مصر 2030 للنقابات والجمع ...
- غزة محور جوائز بوليتزر ونيويورك تايمز تستبعد تقريرها عن العن ...
- ساعد الأخطبوسات يتشاقوا


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جاكلين صالح أبو طعيمة - قصة بعنوان أجهضوا الطفلا .. بقلم جاكلين صالح ابو طعيمة