|
الصيف يأتي زائراً / قصة قصيرة
صباح نيسان
الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 02:17
المحور:
الادب والفن
في صيف عام 1985 جلست ليلى تحت ضوء القمر ، كانت اصوات الحرب لاتزال بعيدة ، والموت يأتي زائراً للرجال فقط .. ليلة امس اغلقت الصفحة الاخيرة من كتاب الف ليلة وليلة ، ولكن سندباد لم يعد من مهران في رحلة غيابه التي بلغت اثنين وعشرين يوماً ، ليشعل سيجارته في حضورها البعيد ، في الجهة المقابلة لبيت اهلها ، واول امس انهت مشاهدة الحلقة الاخيرة من مسلسل ( النسر وعيون المدينة ) ، وعلقت على جدار غرفتها بوستر رياضي كتب فيه : ( فولكس واجن تحيي المنتخب العراقي الصاعد الى مونديال المكسيك ) وتحته علقت صورة لملاك شارلي فرح فاوست ، والى رف مكتبتها اعادت كتاب العرس الوحشي ليان كيفيلك ، بجانب مجلة ( اليقظة ) ، لأنها قررت ان لا تحتمل مأساة تاتاف ، ولا ذوبان نيكول في نور الشمس .. سارت ليلى والقمر لايزال خالياً من الوجوه ، الا وجه جبران وظل سلمى كرامة ، كان ثوبها يزهو بأزهار ( الاورزدي باك ) الصناعية ، وعلى ياقته رسمت امها دون ان تعلم وجه سندباد بخيوط ماكنتها ال ( برذر ) ، ولونته بأشرطة من الحرير التجاري . في الغد الذي بلغته كثيراً واوقدت فيه كل مصابيح ديوجن ، لم تفهم فيه لغو غادة السمان ، ولا نبؤة ماركيز للسيد الرئيس ، ولا الرسائل التي اصبحت الكترونية ، ولا الشاشات التي سرقت شمس عشتار ، ولا الرسائل النصية التي تقول اجمل الكلام لكل الناس بمعنى واحد ، ولا اشكالية الريال والبرشة ، تلك الضرورة التي دقت اسفين الطائفية بين الاخوة ، ولا الغزو العثماني الجديد بقيادة مراد علم دار ، ولا تكرارات الفيسبوك وهي تندلق من بين ازرار الكيبورد ، ولا تلك الكتل الكونكريتية التي استقطبت باب الحارة من الشام ، ولا جيوش الغبار التي تمر من جسدها كل يوم وتترك فيه اثراً ، حشرجة ، واصوات صباحية صاخبة . في اليوم الذي تلا الغد قررت العودة الى امسها الغابر في اودية ذاتها ، فتذكرت رحلتها الاسبوعية الى بغداد ، التي كانت تقطهعا كل صباح سبت ، قاصدة جامعة بغداد ، وتعود منها كل يوم خميس عصراً ، في سيارة ( الكوستر ) التي تعبر بها نهر دجلة من السدة ، كانت ترى وجه سندباد ببدلته العسكرية ، وهو يحرق انفاسه وينفث دخانها الى اعشاب الطريق البرية ، الاعشاب الندية بفعل امطار ليلة امس ، وتلك الوجوه التي ترسل نظراتها نحوها ، وهي صامتة ، ترسم على دفترها خرائط وهمية بطرف اصبع سبابتها .. لغة الصمت هي السائدة في طريق تفر من على جانبيه طيور ( القُبّر ) لتعود مرة اخرى تتربص بالقادمين المحمولين في سيارات ملونة ،مؤثثة بمقاعد تتكدس عليها روائح المسافرين نزولاً وصعوداً . امعنت النظر في فضاء غرفتها ، فرأت صور الاعلانات تزين ليلها المضيئ ( لاتفوتكم مشاهدة فيلم 6 على 6).. بجانبها جلس سندباد المحارب ، وهو يرتدي قميصاً ابيض ، والانارة الخافتة واضواء الفيلم تسقط على ساعته الصفراء ، فتلتمع في الظلام ، كل شيئ جدي بطريقة طبيعية ، حتى الابتسامة التي كانت ترسلها بين الحين والاخر ، كانت تحمل رومانسية فيها الكثير من الخجل والخوف ، على عكس صديقتها التي كان تطلق التعليقات بصوت خافت ، وتقهقه بصوت مكبوت .. هربت تلك الليلة تحت غطاء نومها ، وتساءلت : ماذا يحمل لي القادم من الايام ؟؟ المسافات البعيدة لاتزال بعيدة ، والاماني خاضعة دوماً للخوف ؟؟ رن هاتفها ال ( كالاكسي ) بنغمة الرسائل ، فتقطعت خيوط اتصالها مع تفسيرات عبد الواحد لؤلؤة لقصيدة ( الارض اليباب ) التي ناقشتها مع المحارب في الليلة الاخيرة قبل هجوم الفاو الاخير ، مع انه كان من محبي ( مطبك ) سعدي الحديثي ...... تناولت هاتفها وبلمسة من طرف اصبعها فتحت صندوق السندباد السحري : ( هلوو ام محمد صدك اكو حضر تجوال يمكم ) ؟؟؟
#صباح_نيسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدراما العراقية : قراءة في مسلسل ( فاتنة بغداد )
المزيد.....
-
فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي
...
-
“ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام
...
-
محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة
...
-
الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز تتحدث عن حصولها عن الأموال ف
...
-
“نزلها خلي العيال تتبسط” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 وكيفي
...
-
بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
-
“مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي
...
-
-النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو
...
-
بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو
...
-
فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|