أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيبة هرّابي - هذيان














المزيد.....

هذيان


حسيبة هرّابي

الحوار المتمدن-العدد: 4075 - 2013 / 4 / 27 - 15:58
المحور: الادب والفن
    


هذه أيضا ليلة أخرى تنقضي و الوريد مقيد الى وهم من شفاء....ليلة أخرى و هذا الدواء ينقط برياء قطراته في دمي...ليلة أخرى تنقضي و لا أفلح في سبك حلم بطعم وجهك المحفور على جذع النخلة نبيذا و أمنيات....الليلة أيضا أكتشف أنني نسيت كيف يرقص الصوت على حلبة الصمت بوح قصائد أو أغنيات....ليلة أخرى على فراش غريب...في غرفة غريبة في مشفى غريب...مع اطلالة نادرة لطبيب بعينين محايدتين يرفض اهدائي وعدا بالعودة اليّ... ليلة أخرى و لا شيء غير قطرات الدواء تنسل في غير اكتراث الى وريدي و وقع أقدام ممرضات في الردهة....الليلة أيضا أنا جائعة...الليلة أيضا أحاول أن أقولني قبل أن يخاتل الدواء وعيي و يرديني متداخلة الكلمات....الليلة هنا...العقل يجوع و الجلد يجوع ... و صفحة الحلم تجوع...ليلة أخرى تنقضي و لا أقوى على اسراج حنيني للكثيب هناك... الليلة أيضا لا شيء غير المدينة المعدمة تسكنني فلا أحمل اليك النجمات في سلة و لا أتناثر حول عينيك شهبا....الليلة أعجز عن تحويط وجهك بتعاويذ الارتباك...الليلة لا أثر لوجهك يسافر في لحظاتي غرقا....الليلة ليل يجوس بخطى من ضجر على أرصفة تلتمع
هذا الدواء يجعل المعاني تنفلت مني فتنحلّ المفردات على لساني كخلجات البخور عند أول لقائها بالجمر...كدوامة طفل عندما ترتق الحصى....الليلة يتنابني هوسي بين الخوض في مياهك و العبور الى الجسر
يا زمان الجدب...هذا الدواء يجعل للّيل لون الصباح و طعم الغبار ...انزعوا عني الابرة...حرروا وريدي و سأغسل النسمات بزبد البحر و أعجنها بما تعتق من رواسب الأنهار...حرروا وريدي فخدر الدواء يمحو عن صفحة ذاكرتي كل الأبجدية و بعض الغناء....أريد ورقة...أريد قلما...أريدهما الآن فهذا مدّ المعاني يهزني بترف من مجاز و بذخ من صوت
هذه الورقة...أخيرا و هذا القلم...اللعنة...لماذا تتراجع في حلقي الكلمات ....تنحسر الآن.... بعد الورقة يعلق الصدأ بلساني و يصيب الاخصاء حروفي و تظل ورقتي عذراء
أعدّل الوسائد أسند ظهري...القلم بيد و الورقة أمامي و الغرفة في هذا المشفى واسعة جدا و الفراش في هذه الغرفة بارد جدا....أبحث في مسامات جلدي عن رعشة أو عن اختلاج حرف...و أستدعي بعض التفاصيل لعلي أعود اليّ هنا الآن
هذا الدواء يحرمني القدرة على نصب مشانق لانتظاراتي...أشعر بالهذيان يكاد يطبق عليّ...يمتلك ناصيتي...أريد أن أكتب لكن الاعياء يغمض جفون لغتي...أريد أن أكتب لكن الوجع يلوي أعناق حروفي...أحتاج الآن وجهك يحرّضني على الانهمار....أريد أن أستفرد بك و الخاطرة الليلة لكن الدواء و عقد المرأة الريفية تثبط عزائمي...أتمتم باسمك أستدعي وجهك كمن يستحضر الأرواح...لكن...هذه صورة أمي أقلّبها أم هي رائحة الخريف في العراء.. أريد وجهك...لا أطلب غير وجهك فتداهمني أوتاد خيمة القبيلة جمعاء...أذكرها تلك السباسب...أعرفها تلك السباسب الهجينة...أذكرني هناك أطهّر نار الضّيافة بسروج و صليل...و هذه اليمامة لاتزال تخشى لون الاسفلت الصلف و لا تطير أبعد....أحتاج وجهك و أحتاج معه أكثر الى اسمي...اسمئ...أثوب الى حروفه لكنني أظل عند العتبات لا ألجها
هذه ليلة أخرى تنقضي...و هذا الدواء...أفلت القلم من يدي و أكتفي بالبقاء محايدة في انتظار ما تعسّر من آيات جديدة لسورة العودة قد يرتلها صباح الغد...أغمض عيني...و أحتاج وجهك كي لا أنام...أحتاج وجهك أو درعا من يقين أو ترسا من ذكرى تحزّ رقبة الهذيان الذي بدأ يغتصب غفوتي و الصحو... النجمة لا تلد و حبة التفاح تدين للشمس بدفء و شعاع
أيها البوح...خذ كل شيء الليلة و اعطني برعم خاطرة لعلّ الليل يسهو عن تأريقي ...خذ ما يطلبه موكب أوراق التوت من انتحار....أمعن في تعرية السوءات و خذ قربان انكسار ...خذ صوتي ان شئت و كل أمنياتي الهباء...خذ ورطتي في الزمان...خذ وجيب الرفض في طوق المكان....خذ خارطة المسافات على جغرافيا جسدي...خذ نوارس اشتهائي و احتضار الأنفاس...خذ حقد الحصون مشدودة الوثاق الى أرض أنيخت بها ذات هزيمة أو اعياء...خذ اثم بعض الظن و صدّق وعود الصحراء على تخوم أقداح من غيوم....خذ كل شيء و هبني من ترسانتك نزيف قلم
هذا الدواء يرديني بقايا انسان....بين الاغفاءة و الاغماءة ملامحك تسترق الي النظر....أكتشف وجهك مسجّى على أشلاء نشاز لحن ينسيك ما اجتررت من نساء...و تمّحي ملامحك....لم أعد أرى شيئا...بياض الغرفة و بياض ذاكرتي و بياض صفحتي...و بياض اغمائي...لا شيء غير وشم أمازيغي يلبس التجاعيد على جبين جدتي يوشوشني أسرار البدء و يقنعني بمسلّمات البكاء
هذا الدواء يقتل بعض البقية في و يذروني من جديد أنثى خرساء....تظل الورقة بيضاء و أبيت على الطوى...هي ذي ليلة أخرى تنقضي و لا أكتب شيئا... و أيّ غبي غيري يصدّق أنّ الالهام قد يزور المرضى في المستشفيات
صباحا استيقظت و في فمي بقايا من حلم بمخاض لن يكتمل...



#حسيبة_هرّابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر البدايات
- عجز


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسيبة هرّابي - هذيان