أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال الدين - الحنين إلى الفردوس














المزيد.....

الحنين إلى الفردوس


كمال الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 23:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من الغريب أن يوجد ما يتم الإشارة إليه، فيما يختص بتحريم الخروج عن الحاكم، فى ما قبل العصر الإسلامى، أو عصور ما قبل التاريخ عامة. لكن من الغريب أيضا، ألا يتم النظر إلى أعراف وأديان تلك العصور الغابرة، ومحاولة تقفى أثرها إلى عصر بذاته قد خلا أو إلى يومنا هذا. فإذا أخذنا طريقنا إلى ما نريد البحث عنه، وهو تحريم الخروج عن الحاكم، فى يومنا هذا، لا بد لنا الرجوع بعيدا، إلى العصور السحيقة، الهندو-أوروبية والشرق الأدنى القديم -كمثال- حيث كان الملوك والأمراء يحملون على الأكتاف، لئلا تطأ أقدامهم الأرض. فى ذلك الزمان، اعتاد الناس الإيمان بأن الملوك والأمراء مماثلين الآلهة، وحتى يومنا هذا يعتقد فى بريطانيا أن العائلة المالكة هى ذات أصل إلهى. لكن بغض النظر عن وجود الإله من عدمه، إذ أننا لسنا بصدد هذا الأمر، فإنه كان قديما، ولا يزال قائما إلى اللحظة، شعور دفين يجتاح البشر جميعهم: إنه الحنين إلى الفردوس، حيث يعتقد كل البشر، برغم عدد الديانات الهائل، أن موطن الإنسان الأصلى هو السماء لا الأرض، وأنه هبط منها لجرم ارتكبه سلف له أو أنصاف آلهة، وها هو اليوم يدفع ثمن هذا الذنب. يروى أن فى الزمن الفردوسى، زمن الغبطة المقدسة، أن الإنسان كان منعما، لم يكن عليه العمل ولا الكدح، إذ لم يكن قوت يومه أمرا ذا بال، وكان يصاحب الحيوانات ويعرف لغتها، كان يصعد السماء بجسده صعودا حقيقيا -كما فى ديانات الهند- وكان متاحا له مقابلة الإله، بل أحيانا رؤيته وجها لوجه، لكن الإنسان لم يلبث أن خرب كل ذلك، فحدثت الكارثة، وتغير كل شىء رأسا على عقب، فهبط الإنسان إلى الأرض التى أصبحت موطنه بعد الفردوس، وأمسى شقاء الأرض بديل نعيم الفردوس، وهنا حيل بينه وبين السماء أو الصعود إليها، وحيل دونه ودون رؤية الإله الخالق، فتحول إذن، الإنسان، إلى كائن فان ذكر وأنثى محكوم عليه بالشغل والموت لكى يأكل، وهلم جرا.

ظل الحنين إلى الفردوس، موطن الإنسان الأصلى، يحكم جل البشر، لدرجة أن انبعثت ديانات تكرارية -كديانات الهند- وديانات من ذوات الزمن الواحد المستقيم -كديانات التأليه الثلاثة- وتلك الديانات كلها تؤمن بخلق إلهى للكون من ثم فناءه، من ثم إعادة خلقه مرة أخرى. اليهودية، المسيحية، كذلك الإسلام، ديانات التأليه الثلاثة، تعتبر ديانات الإنسان الساقط، آدم، الذى فقد فردوسه بسذاجته. تؤمن الديانات الثلاثة أيضا بالمخلص، ذلك الذى على يديه، بعد أن يحارب الشر المطلق وينتصر نصرا مؤقتا، يعود زمن الغبطة الفردوسى إلى حين، حتى يحيّن الإنسان الشر من مرقده مرة أخرى كما فعل آدم أول مرة، ويتملك الشر من العالم مرة أخرى، وهنا يفنى الكون، ويقوم يوم القيامة باعثا معه الأرواح الزاهقة، فيعود البشر كلهم إلى الحياة حيث يتم تحديد مصيرهم: الفردوس أو الجحيم. وهنا لن نتطرق إلى أطروحة الاختبار المحدود زمنيا وجزاءه الأبدى، فقط سنركز على ما بدأنا له. إن شقاء الإنسان من نعيمه، يوم القيامة، يعتمد لا على أعماله بل دينونته فحسب: أى ما يدين به من دين فى المقام الأول، وربما المقام الأخير.

إن هذا المخلص التى تبشر به الديانات الثلاثة، وهو من يرث الأرض فى اليهودية، وهو ما يدعى المسيح الكاذب فى المسيحة، والمسيخ الدجال فى الإسلام، وهو المسيح ذاته - المخلص المسيحى، والمهدى المنتظر - المخلص الإسلامى، سوف يخلص البشرية مما تلقى من عذاب لامحدود قد فاق كل الحدود، إن هذا المخلص سوف يظهر لا محالة لكى ينقذ العالم من معاناته، وفى ظهوره يحارب الشر، وإذن يمسى الحاكم، الذى ربما يكون هو الحاكم اليوم أو غد أو بعد غد. إن منصب الحاكم يحتل فى نفوس الكثيرين أن توليه يكون عن إرادة إلهية بحتة، فما يمنع إذن أن يكون هو المخلص المنتظر الآن؟ هل يعد ذلك تفسيرا لسر تقديس الحاكم، تحريم أو حتى تكفير الخارج عليه؟ ربما تكون له علاقة تتطلب مزيدا من التعمق فى البحث.



#كمال_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظور جديد حول الصراع العربى الإسرائيلى
- حليف السام للعم سام


المزيد.....




- روسيا تدرج الرئيس الأوكراني في -قائمة المطلوبين-
- -واشنطن بوست- توجز دلالات رسالة روسيا لداعمي كييف بإقامة معر ...
- -كتائب الأقصى- تقصف تجمعا للقوات الإسرائيلية في محور نتساريم ...
- -حتى لو أطبقت السماء على الأرض-.. قيادي حوثي يعرض استضافة صن ...
- مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: كنا قريبين من القضاء على يحي ...
- مقترح لهدنة بغزة.. حماس تفاوض وإسرائيل تستعد لاجتياح رفح
- نائب أوكراني يعترف بإمكانية مطالبة كييف بإرسال قوات غربية دع ...
- -أمر سخيف-.. مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعلق على اليوم ا ...
- جمود بمفاوضات انسحاب القوات الأمريكية
- إدانات أوروبية لهجمات استهدفت سياسيين في ألمانيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كمال الدين - الحنين إلى الفردوس