أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الصمد مرون - العنف إلى متى...














المزيد.....

العنف إلى متى...


عبد الصمد مرون

الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 09:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العنف إلى متى...
القتل لا يولد غير القتل، ومن ثم دوامة طويلة من الدماء والأرواح مهدورة، حتى يضيع خيط الحقيقة بين الجلاد والضحية، مناسبة هذا الكلام ليس فيلما من مصانع الهليود، ولا سلسلة جديدة لهيتشكوك، وإنما حكم المحكمة المصرية بدفع واحد وعشرين شخصا نحو حبال المشنقة، وما خلفه ذلك من رفع درجة الاحتقان ،المتوهجة أصلا، داخل المجتمع المصري، على طرفي الصورة فرحة جمعية الح بين بالحكم الأهلاويين، وغضب أبناء مدينة بور سعيد، ربما ينطبق علي في هذا السياق؛ المثل المغربي المأثور، "ما كيحس بالطبل.." لكن مع ذلك، تكشف الحادثة مستوى الدموية الذي أصبح يعيش عليه مجتمعنا، حيث يتراجع صوت العقل والتفكير الهادئ في المستقبل، لتنطلق في المقابل رغبة عارمة في القتل والانتقام.
الأكيد أننا لن ندعو أو نشجع ،بأي طريقة كانت، على الإفلات من العقاب، فالمنطق السليم يقر مبدأ العقاب، لكن بقى السؤال الحقيقي هنا، هو تجاوز، الأحداث السطحية إلى التوغل في عمق الإشكال، وهو هنا مجزرة بور سعيد، كيف يصل الأمر بالإنسان أن يمارس القتل بهذه الصورة البشعة؟، خاصة في زمن يفترض التفات جميع أطياف المجتمع في سبيل واحد، هو الخروج بهذا الوطن من عنق زجاجة الفساد، الذي عشش طويلا في كيان الدولة لدرجة التماهي، نحو أفاق الحرية والانعتاق، كيف لأبناء الوطن الواحد، أن يستبيحوا دماء بعضهم البعض بهذه الصورة، كيف للعبة مهما كانت أهميتها، أن تثير هذا الكم الهائل من الحقد والضغينة، ألا يكشف هذا الفصل المأسوي عن خلل ما، ومن ثم من المسئول؟ هل هي سنوات الكبت التي عاشها المجتمع أم الاضطهاد والفقر؟ هنا لا ولن نستثني أحدا ففرحة حكم الإعدام، تكشف بدورها هذه الرغبة الدموية. كيف يصبح خبر الموت نبأ سارا مهما كان السياق؟ وبما أن الكرة تجلب كل هذا الدمار، أليس من حقنا أن نتبرأ منها، ونقلع على لعبة تخلق طائفية جديدة؟ مع استفادة رأس المال من هذه اللعبة، كما عودنا على تحويل كل فعالية إنسانية إلى رصيد في إحدى المؤسسات البنكية.
للموضوع وجوه كثيرة من بينها الإعلام أو تسويق الصورة، فقد ساهم لسنوات طويلة في زراعة العنف، حتى حصدنا المجزرة، وهنا يجب أن نتحدث عن المؤسسة الإعلامية لا بوصفها صوت وطني، ولكن بوصفها مؤسسة رأسمالية تسعى إلى الربح بكل الطرق وأحقرها، ولن تجد أبلغ ولا أنسب طريقة من تأجيج العواطف، وإخراج مارد العنف من قمقمه، حتى تجلب جماهيرا لا حدود لها، نحو الشاشة الصغيرة والكبيرة والمتوسطة مستهلكتا للصورة، ومتورطة فيها، مستهلكتا عبر تعاطي كل المنتجات التي تسوق بين ثنايا الصورة، ومتورطتا من خلال صناعتها لهذه الصورة، بكشف عقدها الدفينة أمام من يجتهد في الكشف وتكبير وخلق صورة العنف وتضخيمها حتى تصبح منتجا قابلا للتسويق، والربح بعد ذلك، نتذكر مباراة مصر والجزائر، وما واكبها من مسلسل تهييج غير مسبوق للرأي العام، لدرجة تصورنا معها، أننا على أعتاب حرب حقيقية. تمت تعبئة كل الأصوات والرموز، وانقسم في هذا الصراع، الشريط الجغرافي الممتد من المغرب إلى العراق، قسمين كل واحد يناصر طرفا، ولنحكم ربط الخيوط بشكل أدق لكي تكتمل الصورة أكثر، فقد عرفت هذه المنطقة واحدة من أكبر معدلات، نمو القنوات الفضائية عبر العالم، على هذا الأساس فتجارة العنف تجارة رائجة. يقودنا هذا كذلك إلى القول أن ترويج الحرب والدمار كذلك ليس حدثا بريئا، بل يخفي وراء طياته رغبة في تحقيق الربح ولو على حساب تدمير العالم، لدرجة تجعلنا نتنبأ بتسويق الحرب، كما تسوق المقابلات، فنشاهد مثلا الحرب الأهلية السورية مثلا حصريا على قناة كذا، اشترك الآن، أو مثلا شارك في المسابقة "حروب" السؤال كم قتل الفصيل فلان: أ – ألفين ب- ثلاث ألاف. وقس على ذلك. كما قودنا هذا إلى طرح سؤال أهم: من يصنع الحرب؟
إن معالجة موضوع العنف لم يكن الهدف منها، تحليل الحالة المصرية بصفة خاصة، بل الهدف هو كشف بذور الحقد التي تغذيها رأسمالية متوحشة لا تؤمن بغير الربح دينا، سالكة في ذلك كل الطرق، والتي قد تمر في كثير من الأحيان على جماجم كثيرة، المتأمل في المشهد الإعلامي سيجد بدورا كثيرة للعنف في إعلامنا، والأمثلة عديدة، "مسرح الجريمة وأخطر المجرمين" وغيرهما، والنتيجة شاهدنها ونشاهدها في مؤسساتنا التعليمية، في ملاعبنا، في شوارعنا، فالكارثة قريبة ما لم نتحرك مثقفين ومؤسسات مدنية، نحو هدف واحد هو تكريس المدنية ونبذ العنف بكل الأشكال، وكذلك والأهم فضح المتاجرين بآلام الإنسان في كل مكان.



#عبد_الصمد_مرون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رياح...
- قصة -انتحال صفة مقدسة-
- النمط الخفي للدراما المصرية، -فرقة ناجي عطا الله نمذجا-


المزيد.....




- بلومبرغ: دول مجموعة السبع تبحث تخصيص 50 مليار دولار لأوكراني ...
- كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟
- مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة مت ...
- بعد أن ألمح إلى استعداد فرنسا إرسال قوات إلى كييف.. روسيا تع ...
- وول ستريت جورنال: إسرائيل أمهلت حماس أسبوعاً للموافقة على ات ...
- ماكرون وشولتس -ينسقان مواقفهما- بشأن الصين قبل زيارة شي إلى ...
- بوريل: نهاية الحرب واستسلام أوكرانيا -خلال أسبوعين- حال وقف ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح بوريل حول وقف إمدادات الأسلحة إلى كي ...
- مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات يشهدها جنوب البرازيل منذ 80 عام ...
- قناة -12- العبرية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: وفقا للتقديرات ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الصمد مرون - العنف إلى متى...