أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - سعد حسن - تلك هى عائلتى















المزيد.....

تلك هى عائلتى


سعد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 12:06
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


سريعاً ودنما الخوض فى مُقدمات تُرهق الذهن فى التمعُن والتركيز فى جُزئياتها . سأخُذ بأياديكُم كى أدُخلكُم إلى أغوار عائلتى ومُجتمعى .
مُجتمعى مُجتمع تختلف موازين القوى فيه عن موازين القوى فى أى مُجتمع آخر حيث أنه لا يعتد إلا بأحدى القوتين إما المادية أو الجسدية أو بعمنى آخر هو مُجتمع يُدمن ويُقدس شىء إسمهُ الأثر حيث أنه لا يعترف بأفراده إلا إذا كانوا أحد طرفى علاقة الأثر هذة . فهو مُجتمع يُريد أن يأثر إما بالمال أو بالعضلات فما يبتغيه هو إن يُملى إرادتُه هو على إرادتُك أنت .
مُجتمع لا ينظر إلى قوة الفكر أو قوة العلم أو قوة الإرادة أو قوة الإيمان بالمبادىء أو قوة نُصرة القضايا . بمعنى آخر مُجز مُجتمع سطحى إلا أبعد حد ، لا يرى الحق إلا إذا كان نبته فى عضلات جسدٍ مُتضخم ، أو عُملة فى كيس نقودٍ مُنتفخ .
مُجتمع قبلى بدرجة ليست بالقليلة . تُسيطر القبلية على أغلب مُجريات الأمور بهِ وعلى أعم تفاصيل الحياة لديه . ولكُل عائلة عِزوتها ورجالاتها المغاوير المنوط بهم الزود عن عائلاتهم وقت الخطر .... إلخ .
وعائلتى هى إحدى العائلات المُكونة لبُنيان ذلك المُجتمع . هى عائلة مُحافظة لها تاريخ عريق وماضٍ مُشرف الكُل يشهد لها بالإستقرار وعدم خوض عِمار المخاطر مع الآخرين . عائلة لا تنتقص مكوناتها ولا تخلو تفاصيلها إلى العامل البسيط والفلاح الأجير والصانع الماهر والتلميذ المُجاهد والبنت المُكافحة والعجوز المُثابر والأمُ العطوف التى لا تزال تُضمد جروحها وبالرغم من ذلك تحتضن الجميع بين طيات صدرها الفسيح .
ولا أخُفى عليكُم أيضاً أنهُ من بين أبناء هذة العائلة المُستثمر العجوز الذى كان ولا يزال يمتص دماء أبناء عائلتهُ ، والأرُستقراطى المُتسكع الذى شيد جُدران قصرهُ وصعد سُلمات الثراء على جُثث الفُقراء والمُهمشين من عمال وفلاحى هذة الأرض ، أضُيف إليهم أيضاً الموظف الفاسد الذى لعب دور المُحلل القذر . الذى سهل للص سرقتُه ، وقرب للجانى جريمتُه ، وقدم للمُغتصب فريستُه ، والذى لا تزال يداه مُخضبه بقطرات ليست دماء الأبرياء فحسب بل بقطرات العار والخِسة أيضاً .

لن أطُيل عليكُم فهذا هو مُجتمعى لم ولن أوارى عليكُم شيئاً ولم أبالغ فى بعض الأمور فقط كُل ما أردت أن أضعُه بين أيديكُم هى اللوحة الكاملة التفاصيل لعائلتى الكريمة أعزها الله وأبقانا دائماً تحت أقدامها وفى خدمتها .
على أي حال كانت عائلتى تنعم ولفترة كبيرة بالإستقرار الرابض فوق طياتٍ وطيات من الفاسد المُستشرى. ومُستنقعات الظُلم التى سُرعان ما فارت فأوقعت كُبراء عائلتى تحت أقدام أشد أبناءها وأكثرهم صلابة . فدهستهُم تِلك الأقدام . وما كُنا نعلم أن الظُلم والفساد كانا هُما السائل الذى يجرى ويتدفق فى مجارى جسد عائلتنا المصونة . صبرت وطال الصبر إلا أن طفح الكيل بِها وبنا .
ومُنذ تِلك اللحظة وعائلتى دون رجُل يُنظم شئونها ويُقيم إعوجاج أفرادها . أما الآن فأنا شأنى شأن الكثير من أفراد عائلتى الحيرة تُحيطنا مِن كافة إتجاه . فأمامنا فكرين أو إن صح القول أمامنا شخصين .
أحدهُم يُدعىَ ( نور ) وهو شخص مُتعلم مُثقف واعٍ على قدر كبير من الفِطنة والدراية ، وكان فى الأيام المُنصرمة الكُل يُهرول إليه للأخذ بمُشورته فى الكثير من أمور حياتنا . أما الآخر فيُدعىَ ( ثابت ) وهو رجُل وقور مُبجل يحفظ من كتاب الله الكثير ومن كُتب الفقه والسُنه الأكثر ويجلهُ ويحترمهُ الكثير من أفراد عائلتنا . والآن علينا أن نختار أحدهُم . فنظرت فى أعماق العائلة فوجدتها مُنقسمة على نفسها حيال هذا الأمر وأمام هاتين الشخصيتين ،
كان هذا هو الطيف العام أو النظرة السطحية للأمر ولكن بإمعان النظر وجدت أن العائلة باتت مُنقسمة إلى ثلاث أقسام .

أولهُما : مع الشخص المُتعلم فأغلب الأشخاص المُتعلمين والمُثقفين والمُلمين بتفاصيل الأمور والذى لا يؤثر عليه الخِطاب الدينى ، يجدن فيه ضالتهم المنشودة . ويآملون فى الخلاص من أزمتهم هذة على يديه ، وهذا قسم كبير .
وثانيهُما : مع الشخص المُتدين فأغلب أئمة المساجد وطُلاب العلم بها وآخرين مِمن يآملون فى إصباغ العائلة بصِبغة دينية جميلة معهُ ، يُباركونهُ كى يضُم إمامة العائلة إلى إمامة المساجد أيضاً . وهذا قسم كبير .
وثالثهُما : لا مع هذا ولا مع ذاك ، فهُم مع من سيوفر لهُم أقواتهم أرزاق يومهم هُم لا يعنيم أن تُصبغ الدولة بالصبغة العِلمية فتلحق بركب الدولة المُتحضرة ، أو تُصبغ الدولة بالصبغة الدينية فتكون كنظيرتها على الساحة . قوم يومهم ، الخُبز الموضوع على موائدهم الأمان فى أعُين أبناءهم السعادة بين جنباتهم . كلها أمور يبحثون عنها . فهذا كُل ما يعنيهم بصرف النظر عن ماهية الشخص الذى سيوفر لهم هذا .وهذا القسم هو الأكبر بين الثلاثة .

وعليه أصبحت العائلة بكافة مكنوناتها وأطيافها وتفاصيلها أمام هاذين الفكرين أو هاتين الشخصيتين .
نغوص داخل أغوار من يُناصرون السيد ( نور ) تجدهُم يقولون : أننا نشعُر معهُ بالأمان أكثر ،فمنهُم من يقول : نحُس معهُ أننا نمتلك شىء وكأنما هذة المرة هى الأولى التى نشعُر بها أننا نمتلك شىء يُدعىَ ( العقل ) ، بمقدورنا من خلاله مُجابهة الكون كُله . نحُس معهُ أننا شُركاء فى المهام المُلقاه على أكتافنا من أجل رِفعة عائلتنا إلا أنه رغم ذلك ينفرد دون غيره بتحمُل المسئولية كاملة أمامنا وننفرد دون غيرنا بالحق فى مُحاسبته .
وعلى الجانب الآخر وبإمعان النظر وسط مؤيدى السيد ( ثابت ) تجدهُم يقولون : أنهُ يُشعرهُم بأن العالم ملىء بالظلام من حولهُم وهو وحده من يملُك الشمعة التى على بصيص نورها يهتدون ، ومنهُم من يقول : تغمُرنا الفرحة عندما نكون أتباعاً لهُ ، أيُعقل أن نهتدى إلى شخص أتباعاً مُصليين ولا نهتدى إليه أتباعاً محكومين !!! .
أما الفئة الثالثة ، مِلح هذة الأرض سواد العائلة الأعم لم يُقرروا بعد . أيُشاركوا السيد ( نور ) ويُجربوا أن يُشغلوا ذلك الشىء الذى يعتلى أجسادهم المدعوا ( العقل ) ويُضيفون إلا أعبائهم آخر جديد ؟؟؟ أم يتبعوا السيد ( ثابت ) ولا يُفكرون فى فى تفاصيل المُستقبل مُلقين على عاتقه كُل أمور العائلة دونما التفتيش وراءهُ ؟؟؟ حيث أن هذا الأمر سيجعل الوقت أمامهُم فسيح للهث خلف أقواتهم وأرزاقهم .

وجدوا أنهُم بشراكتهم للسيد ( نور ) سيكون لزاماً عليهم التنبُه والإستيقاذ دائماً وإعمال العقل فى كُل شىء وشغل البال بكُل صغيرة وكبيرة بالعائلة بدعوى أن هذا فى الصالح العام للعائلة . على الأقل إن لم يكُن تيُقذنا كى نُشاركُه فليكُن تيُقذنا لنُحاسبه . ولكن بتبعيتهم للسيد ( ثابت ) لا شىء عليهم سوى مُباركتهم له فقط . ولا شىء عليهم غير ذلك .
وهكذا تلخصت الرسالة وتبلورت الفكرة فى أذهانهم .

إما أن يكونوا شُركاء لسفير العِلم ، أو يكونوا أتباع لإمام المسجد .
Sa3d 7assan



#سعد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يريدون الشريعة ولماذا نخشاها ؟؟؟


المزيد.....




- فتح: حماس تقدم الأسرى لإسرائيل على طبق من ذهب وتل أبيب ترفض ...
- هكذا فشل مخطط إسرائيل لتفكيك الأونروا
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا بإعادة النظر في عضو ...
- تفاقم معاناة النازحين في خيام الإيواء في رفح
- الأونروا: نحو 150 ألف شخص فروا من رفح
- برنامج الأغذية العالمي: لم تصل المساعدات إلى غزة منذ 3 أيام ...
- فيديو.. متحدث الأونروا يروي تفاصيل اعتداء مستوطنين متطرفين ع ...
- اعتقال نجل وزيرة في زيمبابوي بتهمة حيازة جهاز -ستارلينك- للأ ...
- طهران تعلق على قيام سفير إسرائيل بتمزيق -ميثاق الأمم المتحدة ...
- الحكومة العراقية تدعو الأمم المتحدة لإنهاء مهمتها السياسية ب ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - سعد حسن - تلك هى عائلتى