أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حزب الكادحين في تونس - تونس: أزمة الدّولة أم أزمة -الثّورة- ؟















المزيد.....

تونس: أزمة الدّولة أم أزمة -الثّورة- ؟


حزب الكادحين في تونس

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 22:57
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الدّولة والثّورة ظاهرتان اجتماعيتان وسياسيتان متناقضتان ومتصارعتان، إذ تسعى الدّولة القائمة إلى القضاء على ثورة الطبقة أو الطبقات التي تضطهدها إن كانت هذه الثورة قائمة أو إلى منع حدوثها إن كانت قادمة، فيما تضع الثورة وقواها الاجتماعية والسياسية نصب أعينها القضاء على الدّولة القائمة كهدف لها وتعويضها بدولة تخدم مصالح الطبقات الاجتماعية الثائرة و صولا الى التخلص نهائيا من الدولة كجهاز قمع .
في تونس، خلخلت الانتفاضة الشعبيّة أجهزة الدّولة القائمة دون أن تبلغ مرحلة القضاء عليها وهو ما يثبت أنّ ما حدث ويحدث في تونس لم يرتق إلى طور الثورة عكس ما يدّعيه أغلب الانتهازيين. غير أنّ النّظام تمكّن من استعادة قوّته ولملمة أطرافه قبل أن تتهاوى جميعها بفعل عوامل داخليّة تمثّلت في ضعف القوى السياسيّة الثّوريّة وفي ضيق أفق قوى ثوريّة أخرى رأت أنّ الثورة قد تحققت وأنّ النظام قد سقط وسقطت بالتالي في ما روّجت له القوى الدّاخليّة والخارجيّة المعادية للثّورة وخصوصا منها عناصر بارزة في الحزب الحاكم السابق وفي أجهزة الدّولة وكذلك الإمبرياليّة الأمريكيّة التي وقف شيوخها يحيّون الثورة التونسيّة وهي لعمري سابقة طريفة وخطيرة في آن واحد أن تحيّي الإمبريالية ثورات الشعوب التي تضطهدها. هذه العوامل ستمثّل عائقا أمام تقدّم الانتفاضة وتحوّلها إلى ثورة حقيقيّة يمكنها تحقيق شعارها المركزي المتمثّل في إسقاط النظام من جهة ومن جهة أخرى وفي نفس الوقت ستمنح أعداء الجماهير الثائرة الفرصة لبلورة مشروع انقاذ النظام القائم الذي لا يمكن تنفيذه إلاّ على حساب التخطيط لمشروع الانقضاض على الانتفاضة وإجهاض المسار الثوري. وهذان المشروعان سيتمّ تنفيذهما بخطى متناسقة ومدروسة وهذا ما حدث فعلا من خلال المحطّات النضالية والسياسيّة التي شهدتها تونس طوال ما يقرب السنتين من اندلاع الانتفاضة.
لقد اجبر صمود الشعب التونسي أمام آلة القمع الوحشي الذي واجهت به السلطة المنتفضين الإمبرياليّة الأمريكيّة على التضحية برأس النظام، بعد أن فشلت محاولات إسكات الغاضبين في سيدي بوزيد بإرسال وفود وإبدال الوالي ورشوة عائلة البوعزيزي من أجل القضاء على الجمرات الأولى قبل أن يمتدّ اللّهب وبعد أن أسقطت محاولات المعارضة الصورية إنقاذ بن علي ورمت عرض الحائط عروضه ووعوده الإصلاحيّة، وتمكّنت جماهير المعتصمين في القصبة الأولى والثانية من إسقاط حكومتي محمد الغنوشي. غير أنّ شعارا جديدا تسلّل إلى اعتصام القصبة الثاني عن المجلس التاسيسي وأخذ يجد رواجا في صفوف المعتصمين وما إن تمّ فكّ الاعتصام بإسقاط الحكومة الثانية حتّى تمّ الإعلان عن القبول من طرف الوزير الأوّل الجديد (السبسي) بهذا المطلب "المجلس التأسيسي" ، فصفّق المروّجون له واعتبروه الحلّ السّحري الذي سيحقّق مطالب الجماهير المنتفضة والشّعب بأكمله. والحال أنّ هذا المطلب سيحوّل المطالب الرئيسية إلى ثانويّة حتّى أنّ أغلبها بات منسيّا وأصبح هو المطلب الأساسي. وهكذا، فإنّ النّظام نجح في تحويل وجهة الانتفاضة من إسقاط النظام إلى انتخاب مجلس تأسيسي وأصبح بذلك يتحكّم في إدارة الصّراع لصالحه بفتح الباب أمام الإعداد لانتخابات ستبذل الطّبقات السائدة كلّ ما لديها من طاقة لاستدراج الجماهير إلى "أوّل انتخابات ديمقراطية وشفافة في تاريخ تونس من أجل استكمال أهداف الثّورة". وبذلك انخرط السياسيون البرجوازيون و الإقطاعيون و البرجوازيون الصغار في الصّراع حول الترتيبات الخاصّة بتنظيم الانتخابات (الهيئة العليا، القانون الانتخابين تاريخ التصويت...) فيما ظلّ الشّعب موزعا بين نضاله اليومي الذي لم يتوقّف وبين تسويق الساسة للانتخابات.
ولئن شغل موضوع الانتخابات وحملتها المشهد السياسي وبُذلت من أجلهما جميع الإمكانيات من الدّاخل ومن الخارج، فإنّ نسبة المشاركة في الاقتراع وما شاب العمليّة من تجاوزات رغم مدح جميع المشاركين فيها بما فيهم الخاسرون لها. وتمّ تنصيب المجلس التأسيسي وتعيين الحكومة التي صرّحت بأنّها ستواصل نهج سياسة الاقتصاد الليبرالي. ومع مرور الأيّام ثبت لدى الشعب أن الانتخابات هي مجرّد أكذوبة لن تغيّر وجه النظام بقدر ما هي وسيلة لضمان ديمومة نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعيّة والثقافيّة والسياسات الخارجيّة، بما أنّ لا شيء تغيّر في وضعه إيجابا، واكتشف أنّ المجلس التأسيسي هو مفتاح لم يفتح إلاّ بابا واحدا هو باب نهب المال العام المتأتّي من الضّرائب الموظّفة على فقراء الوطن، فيما أنّ وظيفته لم تتجاوز المصادقة على سياسات الحكومة، وهذا ما جعل المجلس وأعضاءه محلّ تهكّم وتندّر وأصبح هدفا للاحتجاجات الشّعبيّة. لقد أصبح الحكام الجدد و معارضيهم الصوريين في واد والجماهير الشعبيّة في واد آخر، ففي الوقت الذي تصعّد فيه الجماهير من احتجاجاتها ضدّ النظام القائم داعية إلى إسقاطه وسياساته التي اتضح فشلها في تجاوز الأزمات المتراكمة، في نفس الوقت تتمسّك المعارضة باحترام الشّرعيّة الانتخابيّة وما أفرزته الصناديق محاولة تقديم الحلول لإنقاذ النظام موهمة الشعب بأنّ النظام قد تغيّر وأنّ الديمقراطيّة قد حلّت وأنّ الانتخابات "القادمة" سيحلّ الأوضاع القائمة كما وعدت بذلك خلال الانتخابات الفائتة. وبهكذا معارضة لن يجد النظام الذي يمرّ بأزمة عميقة صعوبة في ضمان استمراريته واستغلال ضعف القوى الثوريّة ليضرب مختلف الاحتجاجات مستعملا جميع الوسائل المتاحة.
تتوضّح إذن، بعد مرور حوالي سنتين على اندلاع انتفاضة 17 ديسمبر، اللّوحة التالية: من جهة شعب سُرقت منه أحلامه وتضحياته ويزداد استغلاله واضطهاده وبؤسه المادّي ومع ذلك يواصل انتفاضته من خلال أشكال عديدة ومتنوّعة من الاحتجاجات والمواجهة، ومن جهة أخرى نظام عاجز عن إنتاج وإعادة إنتاج غير الفقر والجوع والغلاء والجريمة والبطالة والتكفير والانتحار حرقا وغرقا ورهن البلد وثرواته للدوائر الإمبرياليّة والرّجعيّة، وما بين الجهتين تنتصب معارضة صورية مرتبطة بالامبريالية همّها الوصول إلى السّلطة ومن أجلها تراوح بين استغلال نضالات الجماهير من ناحية والانخراط في مؤسسات الدّولة لإنقاذها وإضفاء الشّرعية عليها من ناحية أخرى. ويتبيّن أنّ الجماهير في مواصلة احتجاجاتها لم ترضخ للغة الاستسلام والهدنة وأنّها بذلك تبرهن أنّها تتوق الى الحقيقة الثّوريّة ولم تغتر بعبارات مزيّفة على غرار الثورة وما بعد الثورة وتحقيق أهداف الثورة وغيرها، وقد ترتقي في لحظة ما بانتفاضتها إلى مستوى الثورة الحقيقيّة.

صدر في جريدة طريق الثورة عدد ديسمبر 2012



#حزب_الكادحين_في_تونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افتتاحية العدد الجديد من طريق الثورة .
- الرجعية الدينية تقمع الجماهير الشعبية في سليانة بالسلاح .
- حلم الهجرة إلى الجنة الرأسمالية
- القمع و المقاومة في تونس اليوم .
- من أجل دعم كفاح غزة .
- روسيا و معركة استعادة النفوذ
- تونس : كفاح الشعب و الصراع بين الكتل الرجعية .
- افتتاحية العدد الجديد من جريدة طريق الثورة .
- الكادحون في أرياف تونس
- بيان توضيحى
- حرية الإعلام من حرية الشعب
- حول تأسيس الجبهة الشعبية في تونس
- مقتل السفير الامريكى في ليبيا
- بعد عشرين شهرا من الانتفاض
- افتتاحية جريدة طريق الثورة الناطقة باسم حزب الكادحين في تونس ...


المزيد.....




- استطلاع يورونيوز: تقدم اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخ ...
- بعد أن تعهد رئيسها بتوظيف الطلبة المتظاهرين.. شركة أمريكية ت ...
- أصالة وأهمية الندوة العالمية الأولى لمناهضة الفاشية المرتقب  ...
- الفصائل الفلسطينية تدين دعوات لرفع الأعلام الإسرائيلية بالمس ...
- موقف لافت من حزب الشعب الجمهوري التركي بشأن فلسطين
- العدد الأسبوعي (554 من 2 إلى 8 ماي 2024) من جريدة النهج الدي ...
- الاستشراق والإمبريالية والتغطية الإعلامية السائدة لفلسطين
- نتائج المؤثمر الجهوي الثاني لحزب النهج الديمقراطي العمالي بج ...
- ب?ياننام?ي ??کخراوي ب?ديلي ک?م?نيستي ل? عيراق ب? ب?ن?ي م?رگي ...
- حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حزب الكادحين في تونس - تونس: أزمة الدّولة أم أزمة -الثّورة- ؟