أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - دياب أحمد رئيس - لغز - بْحَارِْمات -















المزيد.....


لغز - بْحَارِْمات -


دياب أحمد رئيس

الحوار المتمدن-العدد: 3923 - 2012 / 11 / 26 - 08:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لغز " بْحَارِْمات " (1)
حوار حول أمور غير إعتيادية
رسلان ناشخويف

ترجمة من الروسية: دياب أحمد رئيس

مقدمة: لمحة عن الكاتب والكتاب
عن كتاب رسلان ناشخويف

في السنين الأخيرة ظهرت في وسائل الإعلام مختلف النشرات مخصصة لما مضى من تاريخ الشعب ألشيشاني. فأي تقارب صوتي لكلمات أية لغة أخرى مع كلمات من اللغة الشيشانية يعتبر أساسا لدى مؤلفي مثل هذه النشرات لتنسيب هذه الكلمات إلى اللغة الشيشانية - لدرجة إعتبار القرآن الكريم أيضاً مكتوبا باللغة الشيشانية, ولا يأخذون بعين الاعتبار حتى قول الله جل جلاله - "لغة عربية..." ومثل هذه "الاكتشافات العلمية" إن صح القول، لا ترفع من شأن مروجيها.
إن هذا المؤلف للكاتب والناشر رسلان ناشخويف، يتميز بشكل واضح عن كثير من المؤلفات، بعمق الفكرة، وعلمية المعالجة، مما يعكس أهلية المؤلف وأخلاقيته. إن المؤلف لا يدخل في نقاش مع العلماء، بل، وبكل حذر ودقة، يعرض آراء العلماء في مختلف البلدان، تاركا المجال للقارئ نفسه أن يستنتج ويقتنع بصحة إستنتاجه.
إن موضوع علاقات القربى للغات الناخية مع اللغات السومرية، والحورية، والاورارتية، ليس بجديد. وأكد على ذلك العديد من العلماء البارزين في مختلف البلدان، الذين يستند ناشخويف على أعمالهم العلمية. لقد جازف بعض من هؤلاء العلماء كثيراً، فترة تهجير الشيشان والإنجوش، حين أعلن بدون خوف عن رأيه العلمي حول هذا الموضوع.
إن البحث الذي تناوله رسلان ناشخويف، عن تاريخ وفحوى الأسطورة الشيشانية "بحارمات"، والتي وصلتنا منذ آلاف السنين، يعطي صدى مميزا لتلك الحقائق التاريخية، ويقارن هذا التراث القومي الفولكلوري العظيم مع الأساطير الإغريقية والشيشانية عن (بروميثيوس).
إن اللغة الحية، المتزنة، المفهومة، والأسلوب الشيق في سرد الحقائق التاريخية "المحضة"، تمكن القارئ كما يقولون من أن "يلتهم" الكتاب دفعة واحدة. ويجعل القارئ شاهد عيان لكثير من الحقائق والأحداث التاريخية. ولهذا، فإن الكتاب لن يكون مقبولا من العلماء الجادين فحسب، بل، ومن قبل أولئك الذين يهتمون بالتاريخ والثقافة الروحية لشعوب روسيا المتعددة القوميات.

يعقوب إسخادجييف
دكتور العلوم / الجامعة الحكومية

من المؤلف

في فترة زمنية قصيرة من تاريخ حياتي الواعية، وقعت في دوامة الاحداث الهائجة، التي لا يتصورها العقل: لقد عانيت من المآسي إثنتين – النفي مرتين لشعبي. ففي سنة 1944، وأنا في السابعة من العمر كمهجر غير عادي، كنت منفيا مع أهلي الى كازاخستان. أما ما بين العامين 1994 و1996، وكذلك في 1999 – 2002 خلال العمليات الحربية على أرض الشيشان، فقدت مسكني وممتلكاتي مرتين.
في الفترة بين هذين الحدثين المصيريين، لي، ولشعبي، وحتى يومنا هذا، تمكنت من أن أنهي الدراسة المتوسطة في مدينة "الما آتا" (كازاخستان), ثم كلية الصحافة في جامعة اورالسك الحكومية عام 1960, والمدرسة الحزبية العليا للجنة المركزية للحزب الشيوعي لللاتحاد السوفيتي عام 1974، وعملت لمدة إثنتي عشر سنة في صحيفة "لينين نيق" (طريق لينين)، وست عشرة سنة في اللجنة المنطقية للحزب في جمهورية الشيشان- انجوش، بداية كرئيس قسم المطبوعات، ثم مساعدا لرئيس قسم الدعاية والترويج، ثم مراسلا خاصا لصحيفة "روسيا" التابعة لرئاسة مجلس السوفيت الأعلى لروسيا الفدرالية. وفي ذات الوقت، ولفترة، عملت في صحيفة "جريدة روسيا"، ورئيسا للشركة المساهمة "نوختشو"، وموظف مسؤول في مديرية الطرق والمواصلات "تشيتشين اوتو دور" (حاليا وزارة المواصلات لجمهورية الشيشان)، ورئيس تحرير" داربه – نشرة الطب الشعبي" الجريدة الطبية الوحيدة في شمال القوقاز.
في كانون الأول عام 1999 عينت رئيس تحرير للجريدة السياسية الاهلية لعامة روسيا " مجلس الوطن ". وفي ايلول عام 2000 ونتيجة لدمج الجريدتين " مجلس الوطن " و " نداء الزمن " في جريدة واحدة " الجريدة المتحدة " نقلت اليها كمساعد لرئيس التحرير.
إن سنين النشاط الحيوي تزامن مع قمة التطور ثم إنهيار الإمبراطورية السوفيتية، ألتي كانت تشغل سدس الكرة الارضية، وما تبعه من الفوضي في جميع مرافق الحياة، وإحياء الدولة الشيشانية، ألتي منحتنا دقائق وساعات، وأيام من البهجة والندم المرير، والأمل، ثم الإحباط.
ومع هذا، فإن هذه الفترة من الزمن منحت الفرص العديدة للقاءات مع أناس أصدقاء في الجمهورية ومن خارجها من مختلف الدرجات الإجتماعية، ومختلف القوميات والإختصاصات، والذين كانت لديهم في معظم الأحيان آراء سياسية معاكسة.
إن بعض اللقاءات والأحاديث والمناقشات، وأحيانا العمل المشترك مع المثقفين البارزين، تمخضت عن ظهور مقالات وإجراء مقابلات صحفية نشرت وقائعها في الصحف المحلية والمركزية؛ كالرواية الوثائقية " محمود إسيمبايف – ساحر الرقص"، والتي طبعت ستة مرات، وترجمت إلى اللغة العربية وصدرت في الأردن ؛ وكتاب "على أجنحة الامل" عن الطيارة الشيشانية الأولى لاليا ناسوخانوفا- بيتاروفا؛ وكتاب "جيل اليوم". وكواحد من المبادرين للنشر وكعضو في هيئة التحرير شاركت بإصدار النشرة الأولى باللغة الروسية للكتب الأساسية في الانتاج القومي الشفوي، الذي صنعه شعب الويناخ على مر آلاف السنين، منها : "إلْلّي"، "ألأغاني البطولية- العصورية للشيشان-إنجوش"، " قصص وأقاويل وحكايات الشيشان- إنجوش" والتي علق عليها ألشاعر ألروسي ألكبير ليف تولستوي، في رسالة إلى صديقه الشاعر المشهور أفاناسي فيت، قائلاً - "... إن حكايات وأغاني الجبليين وكنوز شعرهم – هي أشياء غير عادية".
وهذا الكتاب، هو محاولة من المؤلف، يستذكر فيها بعضاً من صفحات التاريخ أكثرها إشراقا، على صورة حوار مع شخص وهمي- "ليوما"- صديق متفهم، وشاهد لكثير من الأحداث, وذلك في الحقبة التي يلج فيه شعبنا مع جميع البشر في الألفية الثالثة؛ ومراجعة ما شوهد سابقا، وما نشهده في الحاضر الذي بدأ يشرق من خلال الصراع الشديد بين البحارماتيين (بروميثيوس) والأشرار، ما بين أولئك الذين يضحون ويهبون وبين الذين يسلبون، وما بين الذين يبنون وبين الذين يهدمون.


خلف أثر أسطورة بروميثيوس

ليوما: لماذا سميت الكتاب " البداية - في جينات بروميثيوس"؟ هل هو إيماء الى شيء ما، أم أنك توافق بعض المتشدقين الذين يدعون بأن أسطورة بروميثيوس قد إقتبسها الإغريق عن الشيشان، وأن هناك شيء كثير مشترك للويناخ، ليس مع حضارة القفقاسيين فحسب، بل ومع كثيرمن شعوب العالم، وأكثر من ذلك – إن اللغة الشيشانية تكاد تكون أماً لـ 5 – 4 آلاف لغة على الارض.

رسلان: عبثا تستهتزأ. إن في هذه المقولات أموراً تبدوا أقرب الى الصحة والعقل إثر إكتشاف الصورة الحقيقية للتاريخ.
فلنبدأ كما يؤكد العلماء من أنه لا يوجد في العالم شعوب وأقوام نقية. وحتى الأعراق الأساسية – الأوروبية(القوقازية)، ألمنغولية، ألنيجيرية، ألاسترالية كثيرا ما تتداخل فيما بينها مثل الأعراق الصغيرة والمختلطة منها...إذ أن البشر جميعهم أقرباء، إنحدروا من النبي آدم وحواء.
وحسب مدونات العلماء، قبل 27 – 30 ألف سنة كانت هناك لغة واحدة تدوالها بنو البشر وبعد ذلك فقط بدأ الإنقسام إلى الفروع اللغوية الأخرى.

سنة 1992، أثناء الحج في مكة المكرمة، وعلى جبل عرفات، حيث يوجد نصب يشير إلى المكان الذي التقيا فيه آدم وحواء، صليت هناك، وانني أؤمن بالعلماء المسلمين الذين يؤكدون على صحة هذا اللقاء. وليس عبثا أن يسمي الشيشان كل الناس على وجه الارض أداماش ( اش - اداة جمع) [ اي الآدميون – المترجم]، أي من سلالة آدم, وهم بذلك حافظوا على التسمية الأولى للبشر، كما جاء في أساطير الكتب السماوية، وفي حكايات شعوب القوقاز والويناخ.
تبعا لذلك، وإستنادا إلى إحدي الفرضيات الأسطورية، فمن الواجب أن ننسب الشيشان - نوختشي [هكذا يسمون الشيشان أنفسهم – المترجم] (ألناخييون)، إلى نوح عليه السلام ، وبلغة العلم يسمون اليافثيون نسبة إلى يافث أحد ابناء نوح. والإبن الثاني لنوح كان إسمه سام. وهو حسب الأقاويل الاساطيرية مؤسس العرق اليهودي والعربي.
لقد عاش هؤلاء وغيرهم من الاقوام، وعلى مدى آلاف السنين مجاورين في منطقة آسيا القبلية. إن مصائرهم وإن تداخلت وتشابكت مع بعضهم البعض إلا أنها أضحت مختلفة. وخصوصاً الشيشان(نوختشي)، والانجوش (غالغاي)، فإن مصيرهما كان، وحتى يومنا هذا مأساويا.

ونتيجة للسياسة القيصرية الاستعمارية والنظام الإستبدادي تقلص عدد سكان الشيشان أكثر من مرة، إلى النصف أو أقل. وفي الحربين الأخيرتين (1994-1996 و 1999-2002) مات عشرات الآلاف من السكان المسالمين. دمرت المتاحف والمكتبات والأراشيف، وتقريبا جميع مراكز الثقافة ومرافق العلم والتأهيل. لقد كانت هذه محاولة أخرى لطمس معالم التارخ لهذا الشعب، وتحويله إلى رماد، والتخلص منه. وإلى يومنا هذا تستمر وسائل الإعلام في تأثيرها على الرأي العام، وإقناعه كون الشيشان قطاع طرق، ولصوص، ومجرمون، وإرهابيون، ولم يكن لهم كيان أودولة، وظلوا خارج ركب الحضارة والتاريخ العالميين. في الحقيقة حاول البلاشفة، من وجهة نظرهم، أن "ينقذوننا"، فانتشلونا من "عصر المجتمع القبلى"، مثل ما ينتشل الغريق من شعره، وألحقونا بنظام الإشتراكية. ولكن عندما أدركوا "ثباتنا الحيوي" قاموا بنفينا عن بكرة أبينا إلى معسكرات خاصة عام 1944، لإعادة تربيتنا، وبالأصح لإذابتنا في أرجاء كازاخاستان وسيبيريا الشاسعة.

وكما هو معلوم، فقد سبق وأن نفت السلطة القيصرية شعب ألويناخ المتمرد عدة مرات إلى تركيا "لدى إخوتهم في الدين"، ومنها ارتحلوا طلبا للمأوى والحياة الأفضل إلى الأردن وسوريا والعراق، وإلى بلدان اخرى في الشرق الأوسط.
وحتى بعد أن أعاد السوفييت الحكم الذاتي للشيشان والإنجوش (سنة 1957) فإن الحزب الشيوعي والحكومة السوفيتية حاولتا عن طريق وكلائهما في جمهورية الشيشان – إنجوش أن يعرقلا نهضة الروح القومية للويناخيين: فهم لم يعيدوا للشيشان والانجوش ممتلكاتهم ومنازلهم وعلاوة على ذلك، قاموا بإضطهاد جديد: فكثيرا من سكان القرى الجبلية "غيرالمجدية" هُجِّروا عنوة إلى المقاطعات في السهول، لكي "ينصهروا" وسط القوزاق (الروس الذين تأقلموا في القوقاز، واقتبسوا بعض عاداتهم – المترجم) والنوغيين في المستعمرات التي أسستها السلطة الإمبراطورية الروسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على ضفاف نهر الترك وعلى أرض الشيشلن أيضا.

أذكر في أواسط الثمانينات أحد أعضاء مكتب لجنة المنطقة للحزب الشيوعي، وهو من الإنجوش، ومرشح لمنصب أب الأيديولوجيا، أدلى برأيه في إحدى الإجتماعات للمكتب عند مناقشة مشروع لبرنامج دار نشر الكتب حول كتيب في موضوع تاريخي، وسألني سؤالا، بدا من الوهلة الأولى عابراً: " متى بدأ التارخ الحقيقي للويناخيين؟". إستغربت السؤال وبدأت أشرح له وفجأة قاطعني وبلهجة الآمر قائلاً: " منذ اوكتوبر سنة 1917 ". يا لك من إنسان ساذج - قلت في نفسي، ولكنني فهمت الأمر لاحقاً، إذ أن هذا الموظف كان يظهر ولائه أمام حكام موسكو ويدلي برأي تفرضه الدوائر الرسمية للحزب الشيوعي السوفيتي.
ودليل آخر-نسخة عن البروتوكول رقم 24 لجلسة الحزب الشيوعي السوفيتي في 18 آب سنة "1981بخصوص اليوبيل الستين لجمهورية الشيشان – إنجوش، ومرور 200 عام على الإنضمام (الطوعي) لجمهورية الشيشان – إنجوش إلى روسيا."

" في 30 نوفمبر 1982، يصادف مرور ستين عام على تأسيس جمهورية الشيشان – إنجوش السوفيتية الإشتراكية ذاتية الحكم، وفي سنة 1981، وحسب معطيات معهد التاريخ وأكاديمية العلوم للإتحاد السوفيتي – مرّ 200 عام على الإنضمام الطوعي لجمهورية الشيشان – إنجوش إلى روسيا. آخذين بعين الأعتبار تقارب التوقيت للحدثين المذكورين فإن اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي لجمهورية الشيشان – إنجوش، تقدمت بإقتراح إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي تطلب فيه الموافقة على الاحتفال بهما في شهر أكتوبر لسنة 1982.
إن ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى غيرت مصير الشعبين الشيشاني والإنجوشي جذرياً، فهي حررتهما من الإضطهاد القومي والإجتماعي، وفتحت أمامهما المجال الواسع لبناء الدولة والإقتصاد والثقافة.
إن الإنضمام الطوعي لجمهورية الشيشان – إنجوش إلى الدولة الروسية كان له أهمية تقدمية وتاريخية. فقد أعطى الإنضمام ألفرصة للتطور اللاحق لشعب الشيشان – إنجوش، وحفظته من العبودية والفناء من قبل المحتلين الغرباء، وهيأ لهما الفرص للتقارب الإقتصادي والثقافي مع الشعب الروسي وغيره من شعوب بلادنا...
لقد أشارت اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي إلى الفعاليات التنظيمية والترويجية للتحضير لمناسبة مرور 60 عام على منح الحكم الذاتي للجمهورية، ومرور 200 عام على الإنضمام الطوعي للشيشان والإنجوش إلى روسيا...
أعرب المسؤولون في مختلف أقسام الحزب عن موافقتهم على اقتراح اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي السوفيتى الذي ينص على ما يلي:
نشر المواد المخصصة لليوبيل في الصحف المركزية. وحسب العادة المتبعة السماح بدعوة 2 – 3 أشخاص مندوبين من المقاطعات والمحافظات المجاورة وغيرها من الجمهوريات الإتحادية ومن جمهوريات الحكم الذاتي ...
ألتعامل إيجابيا مع إقتراح اللجنة المنطقية للحزب لمنح شهادة الشرف لرئاسة مجلس السوفيت الأعلى، كمكافئة لست مجموعات من المؤسسات، و30 من الأوائل في مؤسسات الثروة الوطنية، ومنح إثنين من الموظفين وسام الشرف لروسيا الفدرالية.

رئاسة مجلس السوفيت الأعلى لروسيا الفدرالية (ياسنوف) تؤيد هذا الإقتراح. وفيما يخص مسألة مكافئة العمال في الجمهورية بمنحهم شهادة الشرف من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، ورئاسة مجلس السوفيت الأعلى، ومجلس الوزراء، والمجلس العام للنقابات، وكذلك مكافأة جمهورية الشيشان إنجوش السوفيتية الإشتراكية ذات الحكم الذاتي نفسها يمكن إرجاؤها للنظر فيها لاحقاً. (قسم التنظيم الحزبي قسم الدعاية قسم الثقافة)

هذا القرار يحكي عن أمور كثيرة، وبالأخص عن الإحتفاء بما يسمى مرور 200 عام على الإنضمام الطوعي لجمهورية الشيشان إنجوش إلى روسيا. الحزب الشيوعي والسلطة السوفيتية بذلك يؤكدان ورثتهما للسياسة القيصرية الإستعمارية، ولو أن مباديء ثورة اوكتوبر سنة 1917، كانت على النقيض منها تماما. في هذه الوثيقة تتراكم الأكذوبات الواحدة تلو الأخرى كقطع اللحم على سيخ الشواء.

من معالم التسعينيات، بعدما بدأ شعبنا يتحرر من السيطرة الشيوعية، والرقابة على المطبوعات، أصبح باستطاعة، ليس فقط المؤرخين المختصين وعلماء اللغة وعلماء الآثار بل والمؤرخين الهواة والمدرسين والبنائين والكتاب والصحفيين التصريح عن مكتشفاتهم وآرائهم. إنني أؤكد وجوب دعمهم، من أجل التخلص من أطنان الأكاذيب والهراء، التي تراكمت على مدى قرون، وإزالتهاعن كاهلنا، إذ من الواجب المقدس على كل شيشاني وإنجوشي أن يبحث عن حقيقة وعن واقع أجداده القدامى. إن كل امريكي واعي مثلا، ينتقي ويخزن على الحاسوب تارخ عشيرته وعائلته لغاية الأب السابع على أقل تقدير. وعلى هذا الأساس يعملون على تنشأة الشباب.

نشطاؤنا أيضاً ليسو بقلائل. نذكر هنا قول الشاعر الكبير أ. س. بوشكين الذي قال:"لغتنا – تاريخنا"، كما ونخص بالذكر العمل الشيق " التاريخ القديم للويناخيين(الشيشان)"، الذي يسرد المعلومات التارخية والثقافية واللغوية والدينية للشعوب الاوروبية والآسيوية على مدى سبع قرون، وهو من تأليف أ.ف. دالاتوف، الأستاذ القدير للجمهورية، الموظف في ديوان البرلمان الشيشاني في التسعينيات من القرن الماضي، ونشره على نفقته الخاصة. وهو نفسه، منشغلاً ببحوثه اللغوية والإثنوغرافية والتاريخية، كتب على صفحة مروسة لأعلى هيئة شرعية في جمهورية الشيشان رسالة الى ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية، مفادها أنه إذا اعترفت حكومةجلالتها بإستقلالية الشيشان فإنه سيكشف لها معلومات عن منشأ الإنجليز.

ليوما: ما هذا؟أهي مزحة؟

رسلان: لا. في الواقع إن رسالة من هذا القبيل أرسلت. إلا أنني لا أعرف إن تمت الإجابة عليها أم لا.
ولكن إذانظرنا إلى الأمر بمنظور أوسع، وكما هو معلوم، فلا مجال لبناء الحاضر والمستقبل إن كنا نجهل الماضي. إن ماضينا مخفي في ظلمات القرون الغابرة. ولكن، والشكر لله، بقيت لغتنا في معظمها على نشأتها الأولى، وظلت مطمورة في أعماق الجبال بسبب التقلبات التاريخية ولم يطرأ عليها من التغيرات ما يمحي من ذاكرتنا أسماء الجبال والأنهار والقرى. إن باحثي الآثار يكتشفون قطعا تمُتُّ الى الثقافة، وكتابات مسمارية على ألواح الجير والحجارة، وعلى ورق البردى.
إنهم يخفون عنا، وعن الجمهور الواسع، مكتشفات العلماء، التي لها صلة بتاريخ شعب الويناخ كما كان أيام حكم القياصرة، وكذلك أيام سلطة البلشفيين، لأهداف سياسية مشبوهة وبدلاً من ذلك كانت تنشر بشكل واسع مؤلفات الموالين للسلطة من الأكاذيب والتلفيقات. علاوة على ذلك، وعلى مدى عشرات السنين، حاولوا جهدهم لعزلنا حتى عن جيراننا – إخوتنا من الناخيين. وقبل حقبة ليست ببعيدة، ومن أجل التآخي، فرضوا علينا عنوة أخوة، الهنغار، من مقاطعة كوماروم – ولو أنهم أناس طيبون ولكن بعيدون عنا من حيث المسافة والدين. وحتى في لغة هؤلاء وجد عالمنا اللغوي يعقوب وهابوف مئات الكلمات المأخوذة من مجموعة اللغات الويناخية. إشارةً إلى تواجد أجداد الهنغاريين في القوقاز. ولهذا السبب ولإكتشافاته الأخرى من هذا القبيل وكذلك لتصريحاته العلنية، في نهاية السبعينيات – بداية الثمانينيات، ضد الفرضية الكاذبة "الإنضمام الطوعي للشيشان–إنجوش ضمن روسيا" حرم هذا الباحث من عمله في الجامعة الحكومية لجمهورية الشيشان- إنجوش ومن عمله في معهد البحث العلمي للتاريخ واللغة والأدب وأوقف قصرا عن تكملة بحوثه العلمية، مما اضطره إلى السفر خارج الجمهورية لمدة ثماني سنوات بحثا عن أسباب الرزق والمعيشة في الأشغال. إن يعقوب الذي عانى كثيرا، بسبب مبدأيته العلمية، من الأيديولوجية الشيوعية وأجهزتها القمعية، لم يستطع تحمل الإبادة العرقية الدورية التي تعرض له شعبه الشيشاني – في الحروب القاسية، التي جرها السياسيون إليها(1994-1996)، رحل عنا سنة 1996 قبل أوانه.

وإضافة إلى كل ذلك، فإن السلطة البلشفية كانت تهاب الحقيقة التاريخية. ولذا لم يفتح أمام علماء الشيشان والإنجوش الطريق الى العلم الواسع. واليوم حل الوقت الذي يمكن إزاحة الستار عما كان مخفيا وراءه، والبوح بالحقيقة عن تاريخنا. إذ جاء في القرآن الكريم: "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون".

والآن نعلم، ولو أنه يبدوا لبعضهم غريبا: لقد أدرك علماء مشهورين عالميا منذ زمن بعيد، حقائق عن الويناخ، وغيره من شعوب القفقاس ودورها الكبيرفي تاريخ البشرية. وبهذا الخصوص يخطر الى الذهن كلمات تنبأها صديق والدي "مانتسه" واستاذي في الأدب الشيشاني الكلاسيكي والناشط الإجتماعي المشهور محمد ممكايف:

من قال لك يا أرض أجدادي أنك في الماضي
عشت من دون أحرفٍ في ذل وظلام
إن التي نقشت على صحافك الحجرية
في صراعك المرير مع الزمن ...
هي الكتابة العميقة التي ورثها أجدادنا.

إن علماء الشيشان والإنجوش: المؤرخون، واللغويون، وعلماء الآثار، وعلماء الفنون القومية، في السنوات الأخيرة، أضافوا الشيء الكثير الى العلم. من بينهم يو.ديشرييف - د. مالساجوف - ي. أخمادوف - ك. تشوكايف - إ. أليرويف - خ. توركايف - د. جاكايف - أ. بوغايف - يو. أيدايف - إ. داخكيلجوف - ي. إسخادجييف - م. باغايف - و. أكايف وغيرهم كثيرون. فمثلا الدكتور في العلوم اللغوية، البروفيسور، العضو المراسل في أكاديمية العلوم لجمهورية الشيشان، وعميد كلية جامعة الشيشان الحكومية واخا تيمايف، يحوي في جعبته العلمية أكثر من 50 مؤلف، نشر في مختلف أنحاء إتحاد الدول المستقلة (بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي)، من ضمنها المونوغرافيا "قواعد درجات الجنس في اللغة الناخية"، المكتوبة مع تفعيل اللغات الداغستانية، والكارتفيلية (الجورجية - المترجم)، والأبخازية – الأديغية. وبقرار من رئاسة أكاديمية العلوم الجورجية تم ضمه إلى هيئة التحرير لـ "النشرة السنوية لعلوم اللغات الإيبيرية – القوقازية"، وفي المؤتمر السابع للجمعية الأوروبية في مدينة ماجديبورغ (المانيا سنة 1994)، بعد محاضرته في موضوع "التحليل التكويني للمتشابهات اللفظية بين اللغتين الاورارتية والناخية " إنتخب و. تيمايف، عضوا فاعلا في هذه المؤسسة العلمية العالمية الكبيرة، وفي سنة 1999 منح جائزة الأكاديمي أ. تشيكوبافا.
وللأسف لم يوحد أي من العلماء إلى الآن ويضع في إطار منظم، تلك الشواهد المتبعثرة عن التاريخ القديم للشيشان وغيرهم من ممثلي مجموعة اللغات الناخية. وقد قام ي. أخمادوف ، س-خ. نونويف ، إ سيغاؤوري بملئ جزء من هذا الفراغ الشاسع.

(1) - بروميثيوس – إله النار عند الإغريق

يتبع......



#دياب_أحمد_رئيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - دياب أحمد رئيس - لغز - بْحَارِْمات -