أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رينا ميني - لبنان..فينيقي أم عربي















المزيد.....



لبنان..فينيقي أم عربي


رينا ميني

الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 23:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


اسمحوا لي ان انقل اليكم تاريخا عريقا لوطن جريح ربما لتضميد هذه الجراح او ربما لاكثر من ذلك.. لاسترداد اهم ما سُلب منه على مرّ السنين.
واود ان اشير ان مقالتي تلك ليست موجهة ضد احد ولا تنكراً لاحد وانما هي محافظة على هوية ارفض التخلي عنها مهما كان لان "من ينكر اصله.....لا اصل له".
المقالة بعنوان "لبنان...فينيقي ام عربي" وهي مهداة لكل من يزال محافظا على هويته الحقيقية وايضا لكل من يزال مثابرا على الدفاع بشراسة على ما ليس له.

ما زلت اذكر حتى اليوم مقولة درسناها في كتب التاريخ على انها بند من بنود الدستور اللبناني "لبنان بلد ذو وجه عربي".وحينما سالت معلمتي عن معنى تلك المقولة اجابتني بان وطننا الحبيب فينيقي لا يمت للعرب بصلة سوى انه ناطق باللغة العربية.لم اتوانى وقتها عن سؤالها ما دمنا فينيقيين لنا حضارة عريقة ولنا لغتنا فلماذا نتحدث العربية؟واجابتني قائلة بان لبنان نظرا لجغرافيته ولموقعه الاستراتيجي في هذا الشرق ونظرا لانفتاح الحضارة الفينيقية على كل العالم ما زال منذ القدم وحتى اليوم موطئا لشعوب الارض كلها.ولاننا للاسف الشديد تأثرنا الى حد الامتزاج والانصهار بالجحفل العربي الذي فرض حضارته على كل ما فتحه في طريقه،نسينا اصلنا وهويتنا وكل ما يمت لنا بصلة الى امجاد اجدادنا وعظائمهم.
وها نحن قضينا على هذه الحضارة وهذا التاريخ العريق الممتد الى ما يقارب 6 الاف سنة بوثيقة اتفاق الطائف التي مع كل الخراب التي الحقت به بهذا الوطن الصغير لم تنسى ان تنفيه وتسوّيه ارضاً كي تبني بلدا اخر ذو ملامح مقتبسة فيصبح لبنان بلد عربي بامتياز.
تمزقت اوصال هذا البلد بين فريقين احدهما يرفض التخلي عن اصله الفينيقي واخر يستميت للدفاع عن هويته العربية وان كانت ليست له.

*نبذة عن الفينيقين:
إن الحضاره الفينيقيه من أهم الحضارات التي شهدها التاريخ..
وما زالت محط نظر الكثير من التجار والعلماء والتي من خلالها يتزودون بكثير من المعلومات والخبرات.
وقد عنيت الحضاره الفينيقيه بإهتمام الكثير من العلماء حيث اصبحوا يقتفون أثر الفينقيين حاليا عن طريق الحمض النووي..
كذالك استخدم العلماء الحمض النووي لاقتفاء اثر الفينيقيين الذين بسطوا نفوذهم على البحر المتوسط منذ آلاف السنين.
وكان الفينيقيون بحارة مغامرين قامت حضارتهم في لبنان.
وقد أسس الفينيقيون إمبراطورية تجارية على امتداد البحر المتوسط في الألفية الأولى قبل الميلاد.
وكشفت دراسة حديثة الأثر الجيني الذي ورثوه لأبناء العصر الحديث.
ويقدر الباحثون عدد المنحدرين من أصول فينيقية في منطقة البحر المتوسط بواحد من بين كل 17 شخصا.

فينيقيا هو الاسم الذي أطلقه قدماء الإغريق على الإقليم الذي تحتله الآن المناطق الساحلية من سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، ويمثل النَّهر الكبير الحدود الشمالية له بينما يشكل جبل الكرمل حدوده الجنوبية.كذلك تحده جبال لبنان من الشرق والبحر المتوسط من الغرب.

الفينيقيون مجموعة سامية الأصول، فرع من الكنعانيين من العماليق. سكنوا سواحل البحر الأبيض المتوسط أكثر من 4000 سنة قبل الميلاد. وفي فترات محددة، سيطر الفينيقيون على معظم جزر البحر المتوسط حتى امتدت مستعمراتهم من قرطاج في شمال أفريقيا إلى كورسيكا و جنوب إسبانيا. دعا الإغريق سكان هذه والتي تعني البنفسجيين وذلك بسبب لون ملابسهم وأقمشتهم الأرجوانية (phoinikies)المناطق بالفوينيكوس والتي اشتهروا بصباغتها من أصداف الموركس البحرية. اشتهر الفنيقيون بالأبجدية الخاصة بهم وكتاباتهم الأكثر تطوراَ، والتي اعتمدت على مخارج الحروف بدلا من الكتابة التصويرية مثل الهيروغليفية والمسمارية ويجتمع معظم علماء اللغات و الآثار على أن أختراع الأبجدية الأم, التي ولدت منها جميع لغات و أبجديات العالم مثل اليونانية و العربية و العبرية و الصينية الخ... تمّ على أيدي الفينيقيين اللبنانيين. المؤرخ هيرودوتس اليوناني نسب الأختراع إالى قدموس الفينيقي الصوري، اللبناني الأصل. ولما انتقل قدموس إلى طيبة نشرها بين شعوب أوروبا. وهناك آثار في مدينة طيبة عبارة عن نقش لصورة قدموس يعلم ابناءه الحروف الأبجدية. ومن أقدم الكتابات التي كتبت بالأبجدية الفينيقية منقوشات قبر أحيرام ملك جبيل أو "بيبلوس". يذكر أنه وجد آثار لنصوص فينيقية في كل من مصر و قبرص و في أكثرية حوض البحر المتوسط حتى ان آثار الفينيقيون وصلت إلى القارة الامركية, وكانت تكتب اللغة الفينيقية من اليمين إلى اليسار.
عاصمة فينيقيا هي "جبيل" أو "بيبلوس". مدينة "جبيل" موجودة إلى يومنا هذا في لبنان و تعد أقدم مدينة في العالم على الإطلاق

الاقتصاد
--الزّراعة
لم يهمل الفينيقيّون أيًا من مواردهم الاقتصاديّة، فقد أنبتوا في أرضهم كلّ ما كان بإمكانها أن تعطيهم. ونوّعوا من الصّناعات حتّى لا يشتروا من الخارج. لكنّهم اهتمّوا بالتّجارة لأنّها المورد الأساسي.
--معطيات الطّبيعة
لم يكفِ سكّان فينيقيا ما كانت تُنتجه أرضهم من غلال. لا لأنّهم أهملوا الزّراعة، بل لآنّ مساحات البلاد ضيّقة. ففينيقيا ساحل مستطيل، تتعاقب على شواطئه السّهول الرّسوبيّة والرّؤوس الصّخريّة. وتغطّي الغابات جباله فلا تترك للزّراعة إلاّ قدرًا ضئيلاً من السّفوح المطلّة على المتوسّط. وتتوزّع المزروعات في منطقتين: سهليّة تغلب فيها الخضار والحبوب والنّخيل، وجبليّة تغلب فيها الكرمة والزّيتون. ولم يوفّر الفينيقيّون أيّ مساحة، من أيّ سعةٍ كانت، دون زراعة. لذا جدّوا في تمهيد الجلول منعًا لانجراف الأتربة مع الأمطار والسّيول.
--الإنتاج
واشتهرت خمور فينيقيا في الخارج. وقرطاجة بنت صور باعت خمورها اللّذيذة من روما. واستبدل الفينيقيّون أغراس الزّيتون البرّي أغراسًا جديدة من الخارج. فاستعاضوا بإنتاجهم عن الاستيراد. وافتنّوا في زراعة الرّمّان، ونقلوها إلى قرطاجة. وذاع صيت بعض الكتب الزّراعيّة في قرطاجة فنقلت إلى اللاّتينيّة.
-الغابات
وكانت سببًا في إثارة أطماع جيران فينيقيا بها. وقد غطّت كلّ الجبل حتّى بدت معينًا لا يشحّ. فأسرف الفينيقيّون في قطعها. ومصر كانت أوّل من اتّجر مع جبيل من أجل أخشابها، حتّى إذا تضاءلت إمكانات تصدير الأخشاب من جبيل أفل نجمها. ولمّا دانت فينيقيا لسلطة الآشوريّين والكلدانيّين والفرس، باهى هؤلاء ببناء قصورهم من خشب الأرز في لبنان. وكثيرًا ما فرضت الضّريبة على فينيقيا خشباً.
الصّناعة
-الصّباغ الأرجواني
احتكرت صناعته صور وصيدون. وهو كناية عن صدف طبيعي، منشأه صدف "الموريكس". تكاثر على شواطئ فينيقيا. فجمعوا منه كميّات ضخمة حتّى غدا نادرًا اليوم. والصّدف بعد انتزاعه عن الشّاطئ، يَنْضح منه سائلٌ أصفر تُلوّن به الأنسجة. حتّى إذا جفّ النّسيج المصبوغ استحال لونه بنفسجيًّا. وازداد رونقًا كلّما تعرّض للنّور. وافتنّ الفينيقيّون في جعله قاتمًا أو زاهيًا. ويتّضح من ذلك أنّ الصّباغ لم يكن أرجوانيًّا بل بنفسجيًّا إنّما الدّعاية صوّرته أحمر قرمزيًّا. وقد تشهد مصانع الأرجوان بالقرب من مدينتي صيدون وصور. وتشهد على ذلك تلول صدف الموريكس الباقية حتّى الآن جنوبي صيدا. ولمّا كانت الرّائحة المنبعثة منه كريهة، اهتمّ الفينيقيّون بإقامة المصانع خارج نطاق المدينة. وطوّروا صناعته حتّى قضوا على المضاربة الإيجيّة، بعد أن كانت متفوّقة في أواخر الألف الثّاني قبل الميلاد.
-المصنوعات المعدنيّة
من بين المواد الأوّليّة المعدنيّة نذكر القصدير والنّحاس والحديد والذّهب. والقصدير استقدموه في البدء من آسيا، من بلاد عيلام، ومن آسيا الصّغرى. ولمّا برعوا في الملاحة أتوا به من "أتْرَوْرِيَا" في إيطاليا اليوم، ومن أسبانيا، وانتهى بهم المطاف إلى جنوبي إنكلترا (بلاد الكورنواي). والنّحاس استوردوه من جبال أمانوس، والحديد استخرجوه محليًّا. وكفاهم من هذه المعادن كميّات ضئيلة نظرًا للاستعمال المحدود، لتأمين حاجاتهم من السّلاح والأواني والتّماثيل والكؤوس والنّقود، الّتي تحمل سكّتها رسم مركب فينيقي، أمّا الذّهب فقد خصّوا به الحليّ وما شابهها من الكماليّات.
-الزّجاج والعاج
لم يبتكر الفينيقيّون طريقة صناعة الزّجاج، بل أخذوه عن المصريّين. ولكنّهم جعلوه شفّافًا، ونوّعوا من أصنافه. فصنعوا منه الكؤوس والقناني وقوارير الطّيب. وافتنّت كلٌّ من صور وصيدون في تلوينه. فأخرجتا منه الأبيض والأصفر والأحمر والأزرق. وجعلتا من صناعته فنًّا حتّى وصل الاعتداد لديهم إلى توقيع أسمائهم على منتجاتهم الزّجاجيّة (من أمثال جَاسُون وأرْتَاس) وقد غدت الأقراط والأساور والخواتم والعقود مرصّعة بأحجار زجاجيّة، شديدة الشّبه بالحجارة الكريمة. والكؤوس الزّجاجيّة الفينيقيّة كان غالبًا جوائز للفائزين في المباريات الرّياضيّة والجسمانيّة لدى الإغريق. والإلياذة غنيّة بالشّواهد على ذلك. أمّا العاج، وهو مادّة غريبة عن فينيقيا، فقد استُقدِم من الهند عن طريق ما بين النّهرين، أو من أفريقيا عن طريق مصر. صنع منه الفينيقيّون صناديق صغيرة، وتماثيل وزخرفوها. ووجدت أعداد ضخمة من مصنوعات العاج في النّواويس والمقابر، لأنّها كانت تودع مع الميّت. ومعظمها موجودٌ اليوم في المتحف البريطاني.
-صناعة الخزف
برع الفينيقيّون في صناعة الخزف. وصنعوا منه كميّات ضخمة من الآنية والتّماثيل الصّغيرة. ولمّا كان اهتمامهم بالنّاحية التّجاريّة قبل كلّ شيء، لم يسهروا على إخراج تحفٍ فنّيّة، بل على إخراج آنيةٍ رخيصة، وتماثيل مرغوبة في الأسواق. وتطوّرت صناعته حتّى جبلوا منه النّواويس. وأكثر الآنية الخزفيّة وجدت في المقابر، إذ حوت العطور أو لوازم معينة تُدْفن مع الميّت. وبعض الآنية الّتي وجدت في "كفر جرَّه" (بالقرب من صيدا) تدلّ على أنّهم توصّلوا إلى جعل الخزف رقيقًا متماسكًا لا بل رنّانًا وفي ذلك الكمال.
-صناعة السّفن
إنّ العامل الأساسيّ لازدهار صناعة السّفن، هو توفّر المادّة الأوّليّة، ألا وهي الخشب. واعتماد الفينيقيّين على البحر في تنقّلاتهم وتجارتهم اضطرّهم إلى تطوير هذه الصّناعة، فانتهوا إلى المراكب الكبيرة. وهذه تنقسم إلى فئتين: مراكب تجاريّة ومراكب حربيّة. والمركب التّجاري طويل، يجلس في كلِّ جانبٍ منه صفٌّ أو اثنان من المقذّفين حسب حجم السّفينة. مقدّمته مرتفعة تنتهي برأس حيوان. وفي وسطه سارٍ يحمل شراعًا. أمّا المركب الحربي فمقدّمته حادّة معدّة للصّدام. وتحمل المراكب في مؤخّرتها عارضتين طويلتين تقومان مقام الدّفّة. وذاع صيت الأساطيل الفينيقيّة. حتّى غدت فينيقيا قوّة بحريّة تطمع بها جميع الإمبراطوريّات المجاورة في مصر وما بين النّهرين وفارس. وعن مراكب قرطاجة نقلت روما نماذج مراكبها فيما بعد.
-ميزة الصّناعة الفينيقيّة
إذا استثنينا صناعة السّفن، نجد أنّ مُجمل المصنوعات الفينيقيّة تمتّ بصلةٍ وثيقةٍ إلى الكماليّات. شأن الزّجاج، والصّباغ الأرجواني، والخزف والعاج. احتكروا بعضها (كالأرجوان) وضخّموا أسعاره. وحين قصّروا حيال براعة غيرهم في المصنوعات، عمدوا إلى إخراج نماذج تجاريّة غير متقنة ولكنّها سهلة التّصريف كالمصنوعات الخزفيّة مثلاً. ومعظم النّماذج المعتمدة لديهم كانت صغيرة الحجم، سهلة الحمل، لا خوف من عطبها في المراكب. وهذا ما يفسّر توزّع المنتجات الفينيقيّة في كلّ أنحاء المتوسّط، أو في البلاد الدّاخليّة التي اتّجرت معهم. وما اعتماد هذه الصّناعات وإتقانها إلاّ في سبيل تحاشي شرائها من الخارج، لئلا يحدّ شراؤها من أرباحهم. فلم يكن الفينيقيّون صلة وصلٍ فقط، بل غدوا المنتجين لهذه المصنوعات الكماليّة. والطّبيعة بدورها لم تكن لتهيئ فينيقيا لأيّ دورٍ صناعيّ، وبالرّغم من ذلك استطاع الفينيقيّون أن يأتوا الكثير من المنتجات الصّناعيّة. وحتّى في تقليد صناعات غيرهم، أضفوا على إنتاجهم مسحة من الإتقان البارع، ممّا يدلّ عليه صفاء زجاجهم وتلوينه واستعماله مكان الحجارة الكريمة. وصناعة السّفن كانت المدى الأرحب لإبراز براعة الفينيقيّين الصّناعيّة، إذ تضافرت لإتقانها جميع العوامل البشريّة والطّبيعيّة؛ من خشب وخبرة ملاحيّة ومعلومات جغرافيّة وفلكيّة وملاءمة السّاحل للصّيد والسّفر.
--الملاحة
نشطت الملاحة في فينيقيا نتيجة اعتباراتٍ عدّة منها: صعوبة التّنقّل البرّي، ووفرة الخشب، وملاءمة الموقع الجغرافي بالنّسبة للعالم القديم. وعزّز الفينيقيّون ملاحتهم بنشاطات خاصّة، كتطوير صناعة السّفن، وحسن اختيار مواقع المرافئ، وتسخير المعارف الجغرافيّة والفلكيّة، وأخيرًا إنشاء المستعمرات لتكون أداة اتّصال.
--ظروف الملاحة
جهل الفينيقيّون استعمال البوصلة. ولكنّهم اهتدوا إلى الشّمال بواسطة النّجم القطبي، وقد سمّاه الإغريق باسمهم أي "النّجم الفينيقي". وشرعوا في التّنقّل على طول الشّاطئ، لا يغامرون في عرض البحر، وتجنّبوا المغامرة في اللّيل حتّى لا يضيعوا. وجعلوا مدنهم محطّات تجاريّة، بين الواحدة والأخرى مسيرة نهار. واستفادوا من الجزر المنتشرة في بحر إيجه، ورادوا جميع مناطق الأرخبيل الإغريقي. أمّا الوصول إلى مصر في الجنوب فقد تمّ على مراحل. لازموا الشّاطئ حتّى وصلوا إلى الدّلتا. وهكذا دواليك حتّى انتهى بهم إلى خارج المتوسّط.
--الرّحلات
وزاد الكسب التّجاري من طموح الفينيقيّين. فنظّموا رحلات استكشافيّة. وكان إحداها لحساب الفرعون "نِخَأوْ". ويخبرنا هيرودوتس بأنّ هذا الفرعون قد طلب من الفينيقيّين، حوالي عام 1600 ق.م، أن يقوموا برحلة غطّى نفقاتها، انطلقت من شواطئ البحر الأحمر. واستمرّت 3 سنوات ودارت حول "ليبيا" والمقصود أفريقيا. وعادت عن طريق البحر المتوسّط إلى مصر. وعندما وصلت مراكب الرّحلة العشرة غربيّ الشّاطئ الأفريقي، تمكّنت العاصفة من إحداها ففصلته عن سائر المراكب. وحملته التيّارات المائيّة والرّياح التّجاريّة حتّى شرق البازيل (أنظر نقش بارايبا). أمّا الرّحلة الثّانية فقد قام بها أحد مواطني قرطاجة، واسمه "حَنُّون" بتكليفٍ من مجلس الشّيوخ. والغاية من هذه الرّحلة التّفتيش عن أسواقٍ جديدة. وقد سار "حنّون" في عكس اتّجاه رحلة "نخاو". وثمّة رحلة ثالثة قام بها مواطن آخر من قرطاجة هو "حَمْلَكُن". فعبر مضيق جبل طارق. واستمرّ في سيره أربعة أشهر وصل في نهايتها إلى جنوبي إنكلترا. وقد تمّت الرّحلتان القرطاجيّتان ما بين 450 و350 ق.م.
-المستعمرات-
--في الحوض الشّرقي
في الحوض الشّرقي من المتوسّط، أحاط الفينيقيّون قبرص بعقدٍ من المخازن. وتصدّوا للمنافسة الإغريقيّة التي اشتدّت خلال القرنين الرّابع والثّالث ق.م والطّمع بقبرص عائد لغناها بالنّحاس والحجارة الكريمة، ثمّ لوفرة حبوبها وخمورها وزيتونها، ولموقعها الوسط بين عالمين. أمّا في آسيا الصّغرى فقد اهتمّوا بمناطق كيليكيه و"طرطوس" خاصّة. ومن هنالك وصلوا إلى "رودس" المواجهة للشّاطئ. إذّاك ازداد الخطر المحدق بهم، إذ قرّبهم من مناطق النّفوذ الإغريقيّة. وبالرّغم من ذلك استقرّوا في "كريت" وجزر "السّيكلاد". ولكنّهم لم يتعدّوا "الدّردنيل" في إنشاء المستعمرات خشية الابتعاد عن البلد الأم، وإن تكن قوافلهم قد وصلت إلى شواطئ البحر الأسود و"أرمينيا". وفي الجنوب لم يكن يسيرًا إنشاء المستعمرات على حساب مناطق النّفوذ المصريّة. بل اكتفوا بإقامة المخازن في "ممفيس"، حيث تمتّعوا بحريّة التّجارة. وأنشئوا حيًّا خاصًّا بالصّوريّين منذ القرن الثّاني عشر قبل الميلاد، وأقاموا فيه معبدًا لعشتروت.
--في الحوض الغربي
ولمّا اشتدّت منافسة الإغريقيّين، فضّل الصّوريّون ترك المجال مفتوحًا أمام صيدون. فنقلوا مناطق نفوذهم التّجاري إلى الحوض الغربي من المتوسّط. فاستقرّوا في "صقلية"، و"يوتيقا" (المدينة العتيقة) في تونس اليوم، و"مالطة"، مُراعين في اختيارهم لمستعمراتهم البحريّة المركز التّجاري والموقع الطّبيعي إنشاء المرافئ. ومن هناك انطلق الفينيقيّون إلى جنوبي "سردينيا"، والجزر المجاورة لها "كالباليار". ومن ثمّ خطّوا نحو "ترشيش" (إسبانيا) حيث حوّلوا إحدى محطّاتهم التّجاريّة إلى مستعمرة. ولكنّ الفينيقيّين حين ابتعدوا عن أرض كنعان، لم تعد نقطة ارتكازهم صور، بل قرطاجة أكبر المستعمرات الفينيقيّة على الإطلاق.
--قرطاجة
لم تكن قرطاجة أوّل مستعمرة أُنشئت في شمال أفريقيا، بل سبقتها مستعمرة "يوتيقا" (سنة 1000 ق.م) على نهر المجرّدة، و"زارتيس" (بيزرتا).وسُمّيت قرطاجة (المدينة الحديثة) تمييزًا لها عن جارتها "يوتيقا" (المدينة العتيقة). وقد شيّدت حوالي 814 ق.م. لتكون صلة الوصل بين صور والمستعمرات الفينيقيّة. وقد اختار لها الصّوريّون موقعًا استراتيجيًّا بين الحوضين الشّرقي والغربي للمتوسّط. تتّصل برًّا بالقارّة الأفريقية، وبحرًا بمختلف المحطّات والمخازن والمستعمرات الفينيقيّة في الغرب. ولم يخطر لصور يومًا بأنّ هذه المستعمرة التي بَنَتْ، ستنافسها فيما بعد. وبرزت عظمة قرطاجة يوم أخضع الآشوريّون فينيقيا. ولمّا هدم نبوخذ نصّر الكلداني صور البرّيّة، لم يعد لدى الفينيقيّين مدينة تفوق قرطاجة بعظمتها. فتبنّت هذه المستعمرة العملاقة سياسة صور وصيدون وكانت استمرارًا لهما. وسعت للتّوسّع في الحوض الغربي للمتوسّط حتّى اصطدمت بالإغريق. فنشبت حربٌ بينهما سنة 550 ق.م واستطاعت قرطاجة أن تكسب الرّومان إلى جانبها. ولمّا تنكّر لها الرّومان فيما بعد وتأصّل العداء قضي على قرطاجة إثر حربين عرفتا باسم الحربين البونيتين.
*نبذة عن العرب:
العرب فرع من الشعوب السامية تتركز أساسًا في الوطن العربي بشقيه الآسيوي والإفريقي إضافة إلى الساحل الشرقي لإفريقيا وكأقليات في إيران وتركيا ودول المهجر، واحدهم عربي ويتحدد هذا المعنى على خلفيات إما إثنية أو لغوية أو ثقافية. سياسيًا العربي هو كل شخص لغته الأم العربية ووالده عربي. وتتواجد أقليات عربية وبأعداد معتبرة في الأمريكيتين وفي أوروبا وإيران وتركيا.
تعني لفظة "عرب" البداوة، في كل اللغات الساميّة القديمة التي ما زالت بعض نقوشها موجودة حتى اليوم، ولم تكن تُفهم إلا بهذا المعنى في أقدم النصوص التاريخية التي وصلت الباحثين المعاصرين، وهي النصوص الآشورية، وقد قصدت بها البدو بعامّة، واستعملت بهذا المعنى عند غيرهم.ولمّا توسعت مدارك الأعاجم وزاد اتصالهم واحتكاكهم بالعرب وبشبه الجزيرة العربية، توسعوا في استعمال اللفظة حتى أضحت تشمل أكثر العرب بوصفهم أهل بادية، وأن حياتهم حياة أعراب، ومن هنا غلبت على بلادهم فصارت عَلَمية عند أولئك الأعاجم، على بلاد العرب وعلى سكانها، ولذلك أطلق اليونان والرومان على بلاد العرب لفظة "العربية" ، بالاتينية بمعنى بلاد العرب. )Arabia(
كان موطن العرب الأصلي هو شبه الجزيرة العربية وبعض أنحاء الشام والعراق، وقد استمروا يعيشون في هذه الأقاليم حتى ما بعد بعثة النبي محمد بن عبد الله، عندما انتشر الإسلام في جميع أطراف شبه الجزيرة العربية وتوحدت قبائلها وعشائرها المختلفة في ظل الدين الجديد، فانطلقوا يفتحون الأقاليم المجاورة لهم وينشرون الإسلام فيها، ومع مرور الوقت أصبحت عدّة بلدان من تلك التي فُتحت بلدانًا عربية واعتنق أغلب أهلها الهوية واللغة العربية، فاتسع موطن العرب حتى شمل إلى جانب شبه الجزيرة العربية: كامل بلاد الشام والعراق، وشمال أفريقيا من مصر إلى موريتانيا.
صنّف معظم علماء الأنساب والإخباريين الشعوب العربية في طبقتين: بائدة وباقية.ويُعنون بالبائدة، القبائل العربية القديمة التي كانت تعيش في شبه الجزيرة العربية ثم بادت قبل الإسلام، وانقرضت أخبارها بفعل عاملين: الأوّل هو تغيّر المعالم الطبيعية الناتج عن الرمل الزاحف الذي طغى على العمران القديم في أواسط شبه الجزيرة العربية وفي الأحقاف في الجنوب. أما الثاني فهو ثورات البراكين وما ترتّب عليها من تدمير المدن. ويُطلق على هذه الطبقة اسم "العاربة" إما بمعنى الرساخة في العروبية أو المبتدعة لها بما أنها كانت أوّل أجيالها، وتُسمّى بالبائدة أيضًا بمعنى الهالكة؛ لأنه لم يبق على وجه الأرض أحد من نسلها، وهي تعتبر مادة العرب وأرومتها، وأقدم طبقاتها وأوّل من تكلّم بالعربية، وقبائلها هي: عاد، ثمود، عمليق، طسم، جديس، أميم، وجاسم، وقد يُضاف إليهم أحيانًا: عبيل، جرهم الأولى، ودبار، ويرجعون بنسبهم إلى سام بن نوح.
وأمّا العرب الباقية الذين يُسمون أيضًا بالمتعربة والمستعربة، فهم بنو يعرب بن قحطان، وبنو معد بن عدنان بن أد، الذين أخذوا اللغة العربية عن العرب البائدة. وقد تعرّب قحطان وجماعته عندما نزلوا اليمن، واختلطوا بالناس هناك، وفي رواية بأن يعرب كان يتكلّم السريانية، فانعدل لسانه إلى العربية، فتعرّب. وهؤلاء يُعتبرون العرب الباقين الذين يُشكلون جمهرة العرب بعد هلاك الطبقة الأولى، وهم الذين كُتب لهم البقاء، وينتمي إليهم كل العرب الصرحاء عند ظهور الإسلام، ويرجعون بنسبهم إلى سام بن نوح.

لا تعد الهوية العربية هوية دينية إسلامية، فهي ترجع إلى ما قبل ظهور الإسلام، وشهدت تاريخيًا ظهور ممالك مسيحية عربية ووجود قبائل يهودية عربية. ومع ذلك، فاليوم يعد معظم العرب مسلمون، مع وجود أقليات من ديانات أخرى، أغلبها مسيحية، حيث يشكل المسلمون السنّة والشيعة والإسماعيلية معظم العرب الآن، في وجود نسبة تتراوح بين 7.1 و 10% من العرب الذين يعتنقون المسيحية.
يمثل المسلمون الناطقون بغير اللغة العربية حوالي 80% من تعداد المسلمين حول العالم، إلا أنهم ليسوا جزءً من العالم العربي، ولكن يشغلون حيزًا جغرافيًا أكبر وهو العالم الإسلامي.
تعد اللغة العربية - السمة المشتركة الرئيسية بين العرب - إحدى اللغات السامية الناشئة في الجزيرة العربية، ومنها انتشرت إلى مجموعة متنوعة من الشعوب في معظم أنحاء غرب آسيا وشمال أفريقيا،مما أدى إلى اندماجهم ثقافيًا ومذهبيًا كعرب. كما يعد التعريب تحولاً ثقافيًا لغويًا، تزامن في كثير من الأحيان، ولكن ليس دائمًا، مع انتشار الإسلام.
مع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، ولأنها لغة القرآن، أصبحت اللغة العربية اللغة المشتركة عبر الشرق الأوسط، بعد انتشار الإسلام عن طريق الفتوحات الإسلامية والتواصل الثقافي.
لم تنتشر الثقافة واللغة العربية بتوسع إلا مع العصر الذهبي للإسلام، فقد انتشرتا أول مرة في غرب آسيا في القرن الثاني الميلادي، بعد أن هاجرت القبائل العربية المسيحية مثل الغساسنة والمناذرة وبنو جذام من الجزيرة العربية شمالاً إلى بادية الشام والعراق وبلاد الشام.
في العصر الحديث، يُحدد العربي وفقًا لمعيار أو أكثر من المعايير الثلاثة التالية بأنه:
نسبًا: الشخص الذي يمكن إثبات نسبه إلى إحدى القبائل العربية - السكان الأصليين للجزيرة العربية وبادية الشام. كان هذا التعريف هو المستخدم عند علماء العصور الوسطى كابن خلدون، ولكن قلّ الاعتماد على هذا التعريف بمرور الوقت، بعد أن فقد ذوي الأصول العربية صلاتهم مع أسلافهم في الوطن الأم. على الرغم من أنه يمكن استخدام اختبارات الحمض النووي في العصر الحديث لإثبات الانتساب إلى الأصول العربية. فعلى سبيل المثال، وجد أن تردد المورثة العربية (هاپلوغروپ J1) ينهار فجأة عند حدود البلدان الناطقة بالعربية.
لغويًا: الشخص الذي تمثل اللغة العربية لغته الأولى، بما في ذلك لهجاتها. يشمل هذا التعريف أكثر من 300 مليون نسمة، وهو المعيار الذي ترفضه بعض الجماعات ذات الأصول غير العربية، كتعريف المصريين أنفسهم في مطلع القرن العشرين.
سياسيًا: وفقًا للقومية الحديثة، العربي هو المواطن في أي بلد تمثل اللغة العربية إحدى لغاتها الوطنية أو الرسمية، أو هو مواطن أي دولة عضوة في جامعة الدول العربية، والتي تضم الدول التي تعد اللغة العربية لغتها الرسمية الحكومية، حتى لو لم تكن لغة غالبية السكان، وهو التعريف الذي يشمل أكثر من 350 مليون نسمة. قد يكون أيضًا التعريف الأكثر إثارة للجدل، لأنه التعريف الأكثر بساطة. إلا أنه يستبعد بالكامل العرب المغتربين خارج العالم العربي، ويشمل الأشخاص الذين لا يُعرّفون أنفسهم كعرب.
تختلف الأهمية النسبية لهذه العوامل الثلاثة عند المجموعات المختلفة وكثيرًا ما كانت محل نزاع. وأحيانًا ما تم الجمع بين بعض الجوانب من كل تعريف، كما فعل الفلسطيني حبيب حسن توما، الذي عرّف العربي بالمعنى الحديث للكلمة، بأنه "مواطن الدولة العربية الذي يجيد اللغة العربية، ويمتلك المعرفة الأساسية للتقاليد العربية، والتي تشمل الأخلاق والعادات والنظم السياسية والاجتماعية للثقافة"، وهو التعريف الذي يعتقد فيه معظم الناس الذين يعتبرون أنفسهم عرب، بغض النظر عن التعريفات السياسية واللغوية.
يعتبر القليل من الناس أنفسهم عربًا وفقًا للتعريف السياسي، بالرغم من أن اللغة العربية ليست لغتهم الأولى أو الأساسية، وهو ما يرفضه الأكراد والأمازيغ. بعض الأقليات الدينية داخل غرب آسيا وشمال أفريقيا والذين يتحدثون اللغة العربية أو أي من لهجاتها باعتبارها لغة مجتمعهم الأولى، قد لا يدرجون أنفسهم تحت الهوية العربية، وأبرزهم الآشوريون والمجتمعات المسيحية السريانية الأخرى وأقباط المهجر.
وتعرّف جامعة الدول العربية، وهي منظمة إقليمية للبلدان التي تمثل العالم العربي، العربي على النحو التالي:
العربي هو الشخص الذي لغته هي اللغة العربية، ويعيش في بلد ناطق بالعربية، وله نفس تطلعات الشعوب الناطقة بالعربية.
ووفق معتقدات العرب فهم يقسمون أنفسهم إلى "عرب عاربة" ينحدرون من جدهم الأكبر قحطان و"عرب بائدة" المذكورين في القرآن الكريم بأنهم بادوا عاقبًا لهم كفرهم، و"عرب مستعربة" وجدهم الأكير عدنان.
يرى بعض العلماء أنه من غير المؤكد ما إذا كان هذا التمييز يمثّل فرقًا حقيقيًا بين المجموعتين، لكن من المؤكد أنه كان هناك اعتقاد قوي بوجود هذا الفرق في العصور الإسلامية المبكرة. حتى أنه في الأندلس كان هناك عداوة بين القبائل القيسية الشمالية والقبائل الكلبية الجنوبية، اللذان كانا يتواصلان بلغة حمير وفقًا للهمداني، وهي لهجة شمالية عربية استخدمت في الجنوب، متأثرة باللغة العربية الجنوبية القديمة.
ومع الفتوحات الإسلامية في القرنين السابع والثامن الميلاديين، أسس العرب إمبراطورية عربية (تحت حكم الخلفاء الراشدين والأمويين، ثم العباسيين) امتدت من الحدود الجنوبية لفرنسا غربًا إلى حدود الصين شرقًا، ومن آسيا الصغرى شمالاً إلى السودان جنوبًا، لذا كانت واحدة من أكبر الإمبراطوريات اتساعًا في التاريخ. وقد نشر العرب الإسلام والثقافة والعلوم واللغة العربية في معظم هذه المناطق، عن طريق التحول الديني والاستيعاب الثقافي.

--الاقتصاد
مارس العرب التجارة منذ أقدم الأزمنة، فقد سمح موقع شبه الجزيرة العربية بين آسيا الوسطى وأفريقيا، سمح لها أن تحتل مركزًا متقدما في التجارة الدولية آنذاك. وكان العرب ينقلون البضائع عن طريق القوافل، وأبرز ما كانوا يتاجرون به: الطيب والبخور، والصمغ، واللبان، والتوابل والتمور، والروائح العطرية، والأخشاب الزكية، والعاج، والأبنوس، والخرز، والجلود، والبرود اليمنية والأنسجة الحريرية، والأسلحة وغيرها مما يوجد في شبه الجزيرة، أو يكون مستوردًا من خارجها. وكان للعرب أسواق مشهورة: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، وعدن، ومكة وبدر، وحجر اليمامة، وهجر البحرين.
ترتكز الاقتصاديات العربية حاليًا كثيرًا على التصدير لا سيما النفط والغاز والتمر. وبعض البلدان العربية تعتمد على الصناعات التحويلية وقليل من الصناعات الثقيلة، ومداخيل المعابر الملاحية. السياحة من أهم عناصر الاقتصاد في العالم العربي، وهي في بعض الدول الركيزة الأساسية في قطاع الخدمات الذي يُشكل بدوره دعامة الاقتصاد المحلي، ومن هذه الدول: مصر ولبنان والمغرب وسوريا والأردن. يعتبر القطاع الزراعي من أكثر القطاعات الاقتصادية إهمالاً في كثير من الدول العربية، إذ أن غالبية الدول العربية تنتج محاصيلها لغرض الاستهلاك المحلي، وتصدّر قليل منه إلى الخارج. تفيد إحدى الدراسات أن البلدان العربية ظلت تعاني دومًا من تقهقر في حجم إنتاجها وتجارتها بالنسبة للإنتاج العالمي والتجارة العالمية، فقد تراجع نصيب البلدان العربية في الناتج العالمي من حوالي 4% عام 1980 إلى أقل من 2% في أواخر القرن العشرين، كما انخفض نصيبها في التجارة العالمية من 6% إلى 2% خلال نفس الفترة.
--العلوم
بزغ نجم العرب في حقل العلوم خلال العصر العباسي بالذات، إذ أنه في ذلك الزمن ابتكر كثير من العلماء العرب اختراعات عظيمة ظلّت تستخدم لسنين طويلة، مثل الأسطرلاب، واقترحوا نظريات عديدة ثبت صحة معظمها، مثل كروية الأرض وحجمها ومحيطها، كما وابتكروا الصفر. ظهر من العرب أطباء مشاهير مثل الحارث بن كلدة، وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى، وقد تميّز علماء العرب في العصر العباسي بابتكار المنهج التجريبي، بالاعتماد على التجارب التي اكتسبوها من الحياة والبيئة والظروف المناخية. وقد بلغ من شدة اهتمام الحكّام العرب بالعلوم والعلماء خلال عصرهم الذهبي أن أنشأوا الجامعات المهمة في الحواضر الكبرى، مثل بغداد والقاهرة وقرطبة والقيروان ومراكش ودمشق،والتي ما زال قسم منها يستمر في منح الشهادات الجامعية حتى اليوم، مثل جامعة القرويين وجامعة الأزهر والجامعة المستنصرية. أما في الوقت الحالي، فإن أغلب المنجزات العلمية للعرب تكاد تكون محصورة عند أولئك المغتربين، بسبب ضعف الإمكانيات لدعم البحوث في الوطن الأم، أو لعدم الاهتمام بها. من أبرز العلماء العرب المعاصرين: أحمد زويل، وحسن كامل الصبّاح، ومصطفى مشرفة، وسميرة موسى، وشارل العشي، وغيرهم.
--الفنون
أدّى اجتناب العرب ممارسة فن التصوير إلى انحصاره في نطاق ضيق، فكان لا يكاد يتجاوز قصور بعض الخلفاء والأغنياء، لكن على الرغم من ذلك فإنه يُعتبر فريدًا ومميزًا عن غيره، وقد اقتبسته عدّة شعوب اعتنقت الإسلام في وقت لاحق. من أبرز أنماط فنون التصوير العربية: المنمنمات والزخرفة. عني العرب بفن البناء وبرعوا فيه، وكان طابعهم في ذلك، وخاصة في القرنين السابع والثامن بسيطًا لا تعقيد فيه، ومع توسّع الدولة واتساع مدارك العرب الهندسية، تميّز كل قطر عربي بتقاليده الخاصة في البناء، وقد تبادلت أقطار العالم العربي هذه التقاليد والمهارات الإقليمية فتلاقت وتفاعلت وأنتجت على مر الأيام ما يُسمى اليوم بالفن العربي في البناء
كان فن الغناء شائعًا بين العرب منذ أيام الجاهلية وطيلة عهد الخلافات الإسلامية، حيث كان بعض الخلفاء يقيمون الحفلات في قصورهم ويقرّبون المغنين ويطربون لسماعهم، وكان يُرافق هؤلاء المغنين في غناهم عازفون يحملون آلات الموسيقى وفي مقدمتها آلات اخترعها العرب، وأبرزها العود والربابة. وقام بعض المترجمين العباسيين بنقل عدد من الكتب اليونانية في الموسيقى، فاطلع عليها أرباب هذا الفن ومحبوه، فأصبحت لهم ثقافة موسيقية مستقلة في مبادئ الصوت الفيزيائية والفسيولوجية
--الاداب
إن تاريخ الأدب العربي موغل في القدم، فهو يرجع لحوالي ألفيّ سنة إلى عهد الممالك العربية البائدة، وهو يُقسم إلى ثلاثة أقسام: الأدب الجاهلي الذي كان الشعر أبرز مظاهره، وسماته التغني بالأمجاد والحبيب والبكاء على الأطلال؛ الأدب الإسلامي الذي ظهرت فيه الروايات والقصص التاريخية والخرافية بعد اطلاع العرب على المؤلفات الأجنبية، وتنوعت فيه أشكال الشعر من غزلي وديني وغيره؛ والأدب المعاصر الذي تُرجمت في ظله روايات عالمية إلى اللغة العربية، وابتدع فيه العرب روايات خاصة بهم، وظهرت في ظله مدرسة جديدة هي المدرسة المهجرية أو مدرسة أدب المهجر، التي ظهرت منها أعمال كتبها أدباء وشعراء عرب مهاجرون تغنوا فيها بالوطن الأم، أو تحدثوا عمّا يعصف به من مشاكل.

*المزج بين الهويتين:
بعد ان تطرقنا الى اصل كل من الهويتين وتبيّنا الفرق بينهما،كان لا بدّ لنا ان نزيح الستار عن سبب الخلط الشائع بين هويتين عملاقتين:
اعتماد بعض المؤرخين على التشابه بين الطرفين مما ادّى لنسب الواحدة على الاخرى.
فقد اختلف العلماء على اصول نشأة الفينيقيين، فالبعض منهم نسبهم الى شرقي الجزيرة العربية كسترابون الجغرافي الروماني الذي أشار إلى أن المقابر الموجودة في جزر البحرين تشابه مقابر الفنيقيين وجان جاك بيريي الذي يذكر أن الفنيقيين انطلقوا من مكران إلى الساحل الشامي حيث بنوا مدنهم وأنشؤوا حضارتهم التي نشروها في البحر الأبيض المتوسط. وأما فرنسيس لزمان مؤلف "تاريخ الشرق القديم" فيرى انهم "سلكوا طريق القوافل من القطيف إلى وادي غطفان وجبل طويق في نجد. ثم مروا بالوشم والقصيم فالحناكية. ومنها ساروا في الطريق التي يسلكها الحجاج في كل سنة.
واعاد المؤرخ العربي ابو جرير الطبري نسبهم الى العرب البائدة وايضا ابن خلدون الذي قال ان الكنعانيون هم من العمالقة، كانوا قد انتشروا ببلاد الشام وملكوها.
وكثيرون قالوا انهم اتوا من شواطئ البحر الاحمر،واخرون ارجعهم الى شعب دلمول في الخليج العربي.
-اندثار الحضارة الفينيقية شيئا فشيئا بعد اجتياح الفتوحات والحضارات العربية سواحل المتوسط والبلاد التي دخلوها:
بعد وفاة رسول الإسلام محمد بن عبد الله في المدينة المنورة بويع أبو بكر بالخلافة وحارب قبائل العرب في حروب الردة وبعدها فتح المسلمون بلاد الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين. ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس. بعدها ازدهرت الحضارة الإسلامية في الدول التي دانت بالإسلام ودانت له طواعية تحت ظل الخلافة الراشدة وحكم الدولتين الأموية والعباسية. ولقد ظلت الخلافة الراشدة ثلاثين عاما (632 – 661 م). وكان الخليفة عمر أول من أقيمت المدن الإسلامية في عهده كالكوفة وفسطاط ومدن إسلامية عديدة.
تأسست الدولة الأموية (661 - 750 م) وكانت عاصمتها دمشق وحكمت حوالي قرن. وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا حيث كانت الغزوات الإسلامية وقتها تمتد من شمال أفريقيا إلى إسبانيا وجنوب فرنسا بغرب أوروبا, وبالسند في وسط آسيا وفيما وراء نهري جيحون وسيحون. واقيمت المؤسسات الإسلامية والمساجد والمكتبات في كل البقاع التي غزاها الأمويون.
-الانشقاق بين ابناء الوطن الواحد بسبب الاستعمار فمثلا في عهد الاحتلال العثماني لبلاد الشام والتي كانت تشمل لبنان-فلسطين-سوريا-الاردن فقد انقسمت الشعوب الى فريقين:
الفريق المسيحي الذي اتجّه نحو طلب الحماية من الغرب وفريق المسلمين الذي طالب الحماية العربية.
-عدم كتابة التاريخ بصيغة موضوعية فيقول الكاتب نصري الصايغ ان التاريخ اللبناني جبان. حتى الآن لم يجرؤ على كتابة نصّه بصيغة موضوعية لتدريسه. تاريخ لبنان في الكتب المقررة قديماً، لا تاريخ فيه، والأحداث المذكورة، منتقاة، بحيث لا نعرف أحياناً، أسبابها ونتائجها، تاريخ بلا تاريخ. أمّا التلبيس المزدوج والمزمن فيعود إلى واقعتين: الأولى، إن من زعموا الموالاة من غير شرط لهذا الوطن الجديد معظمهم من المسيحيين، كانوا في الساعات الحرجة على الأخص، يلغون أنفسهم ذائدين لا عن وطن، في المقام الأول، بل عن صيغة بالغة الضيق، فكان ذلك يورث الشلل نظاماً سياسياً أخضع له مجتمعا مفتوحا. الثانية، إن من زعموا أنهم لبنانيون بشروط، ومعظمهم من المسلمين كان لطرح لبنانيتهم أكثر صدقاً مما تظاهروا به، وهذا من البدايات الأولى للجمهورية.
يرى المؤلف أن من مصلحة اللبنانيين أن لا يبحثوا عن تاريخهم لئلا يغرقوا في دمائهم، فتاريخهم ملغوم بقنابل من إنتاج حاضرهم. كتابة تاريخ لبنان الطائفي تعيد انتاج الحروب. ولن يكتب تاريخ لبنان بدقة ووعي ومسؤولية وشفافية، إلاّ إذا تهيأ له نظام غير طائفي. ما معنى لبنان إذا كانت جغرافيته رجراجة وتاريخه مخيفاً؟ هل نصدق معنى لبنان ملجأ الأقليات؟ لجوء الأقليات إن صح عمره أزمنة سحيقة.ألم ينتهِ هذا اللجوء؟ إلى متى تبقى أسطورة اللجوء تقودنا إلى ترتيب وطن على شكل ملاجئ ومعازل؟.
-رواسب الماضي وتركيب هويات مختلفة لدعم مصالح سياسية وطائفية فيقول عالم الاجتماع والمؤرخ بطرس لبكي ان كل طائفة ارادت اضفاء الشرعية التاريخية على خياراتها السياسية وعلى نفوذها من خلال الهوية. وراء كل اعلان عن الهوية كان يوجد مشروع سياسي.”
ويشير لبكي الى جدل عقائدي بدأ مع القرن العشرين بين المسيحيين الموارنة، الذين شكلوا الطائفة الاكثر نفوذا في لبنان منذ الاستقلال وحتى اندلاع الحرب الاهلية (1975 – 1990)، والمسلمين في شكل عام.
وتباهى اللبنانيون عبر تاريخهم الحديث بأن استقلال بلدهم نتج من تنازل المسلمين عن فكرة ضم لبنان الى دولة عربية اكبر، وتخلي المسيحيين عن الوصاية الغربية التي كانت متمثلة بالانتداب الفرنسي.

ختاما اشير انّه لا بدّ لنا ان نعي حقيقتنا واصلنا وان نجاهر به امام العالم اجمع والا نبحث عن اصول ليست لنا والا ننصهر في ما لسنا عليه،لبنان موطئ اهمّ الحضارات التي شهدها العالم يجب ان يبقى كذلك،ومن اراد ان يندمج مع اخرين حتى نكران جذوره فليفعل،ولكن فليدرك ان الاخرون سينكرونه يوما وسيتقيأونه لأنّه من البدء ليس منهم وانّما تمّ اجتذابه فقط من اجل تحقيق المصالح والمكاسب. اذكر دائما ايّها اللبناني ان "من له سيعطي وأما من ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه."(مر 4:25).
افيقوا،فلبنان يضيع،يموت.افيقوا قبل ان يأتي اليوم الذي لا تصبحون فيه على وطن، قبل ان تجدوا ان لا وطن لكم،وان لبنان مجرّد كلمة عالقة في الاذهان ولكننا نسينا معناها.
لبنان.....فينيقي وليس عربي،ومن له اذنان سامعتان للسمع فليسمع....



#رينا_ميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الدين والوطن-
- المرأة ... من العبودية الى الفوضى
- الانسانية على شفير حفرة


المزيد.....




- بعد مظاهرات.. كلية مرموقة في دبلن توافق على سحب استثماراتها ...
- تل أبيب.. اشتباكات بين الشرطة وأفراد عائلات الرهائن في غزة
- مقتل رقيب في الجيش الإسرائيلي بقصف نفذه -حزب الله- على الشما ...
- دراسة تكشف مدى سميّة السجائر الإلكترونية المنكهة
- خبير عسكري يكشف ميزات دبابة ?-90? المحدثة
- -الاستحقاق المنتظر-.. معمر داغستاني يمنح لقب بطل روسيا بعد ا ...
- روسيا.. فعالية -وشاح النصر الأزرق- الوطنية في مطار شيريميتيف ...
- اكتشاف سبب التبخر السريع للماء على كوكب الزهرة
- جنود روسيا يحققون مزيدا من النجاح في إفريقيا
- الأمور ستزداد سوءًا بالنسبة لأوكرانيا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رينا ميني - لبنان..فينيقي أم عربي