أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا!















المزيد.....


الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا!


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 10:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


- صديق رغم كل شئ:
اختلفت مع الصديق العزيز الأستاذ/ عبد القادر ياسين، فى تصوره لفكرة اليسار الماركسى المزعوم فى إسرائيل، وخلاصة وجهة نظرى – التى أحترم كل من يختلفون معها علميا وكذلك أيديولوجيا من منطق حرية الرأي- أن الدولة الصهيونية كانت تحمل كل الأوجه والمرجعيات السياسية: الدينية والقومية والاشتراكية وكذلك الماركسية. وأرى أن الصديق العزيز مثله مثل العديد من رجال اليسار الفلسطينى الماركسى، سواء من بقوا بالداخل أو هاجروا إلى الأردن أو رحلوا إلى مصر أو غيرهما، يجد نفسه فى حيرة إنسانية تجاه الموقف التاريخى من الحزب الشيوعى الصهيونى (بمختلف مسمياته وتطوراته وشعاراته المرفوعة)، فهم ما بين موقفين حقيقيين متلازمين ومتعارضين بفعل السياق التاريخى الذى لا دخل لهم به..! على المستوى الفكري والثقافي والإنساني هناك موقف (تطور عند العديدين إلى أيديولوجيا)، وعلى المستوى الواقع والممارسة والأيديولوجيا التاريخية لتيار "الصهيونية الماركسية" هناك موقف (صعب مواجهته والتعامل معه).
- ثنائية القومية وأحادية القومية:
على المستوى الإنساني: يعتبر البعض كل تيارات الصهيونية "ثنائية القومية"، أرحم كثيرا من الصهيونية العنصرية "أحادية القومية" التى تقوم على فكرة دولة الشعب اليهودى فقط ( راجع كتاب معسكر السلام الصهيونى: اتجاهات الثنائية القومية فى الحياة السياسية الإسرائيلية، د.إيمان حمدي)، وكانت "الصهيونية الماركسية" عند "بيير دوف بيرخوف" من أولى التيارات التى كانت تقوم أيديولوجيا على فكرة احتلال غير عنصرى يدعى التقدمية فى حفاظه على حقوق العرب الفقراء، وتوعيتهم طبقيا لينضموا له سياسيا، بفكر وحدة الطبقة العاملة العربية الواقعة للاحتلال، مع الطبقة العاملة الصهيونية القائمة بالاحتلال! وذلك لب الإشكالية التاريخية التى تعرض لها اليسار الفلسطينى؛ وقع –لأسباب موضوعية- بين نارين: كان تيار "الصهيونية الماركسية" يدافع – نسبيا ووفق بعض المعايير الصهيونية التى لا تمس- عن حقوق العرب انطلاقا من أيديولوجيته التى صاغها بيرخوف، كما واجه الحزب الذى حاول المحافظة على أفكار ببيرخوف مشكلة عند محاولة تواصله مع اليسار الماركسى العالمى بعد الحرب العالمية الأولى وقيام الثورة فى روسيا، حيث اشترط عليه أن يرفع شعارات تؤكد على أمميته ونفي الصبغة القومية الصهيونية عنه.
- العرب والحزب الصهيونى :
وهو ما جعل هذا الحزب الصهيونى المنتمى لبيرخوف، يلجا لضم مجموعة من الفلسطينيين العرب، الذين حملوا –لأسباب موضوعية وخارجة عن إرادتهم- نفس المشاكل الأيديولوجية المتداخلة التى حملها تيار "الصهيونية الماركسية"، وجد العرب الفلسطينيون المنضمون للحزب الصهيونى (الذى رفع شعارات جديدة تطلبتها المرحلة) أنفسهم فى مأزق شديد؛ أيديولوجي وإنساني بالمقام الأول! هم يتشاركون مع تيار هو الذى قدم الأساس العلماني للصهيونية السياسية، وهو الذى أقام المستوطنات فوق الأراضي الفلسطينية المغتصبة، وهو الذى انشأ المليشيات المسلحة التابعة للمستوطنات.. الخ، وفى نفس الوقت هذا التيار يرفع شعارات: "الاحتلال التقدمي" والحفاظ على حقوق الضحية، وتوعيتها طبقيا لتقبل بوجوده وتنضم له سياسيا، فعلى المستوى الإنساني والثقافي تداخلت المساحات بين اليسار الفلسطينى (الذى تربى داخل الحزب الصهيونى الشيوعى المزعوم) وبين اليسار الصهيونى.. كان المشترك: أفكار اليسار وأدبياته العالمية وبشكل أساسي الموقف من حقوق الضحية العربي الفلسطينى، وكان المنفصل والمختلف والمتباين: هو شرعية قيام ووجود الدولة الصهيونية حتى وفقا لأفكار بيرخوف عن الدولة ثنائية القومية، التى تقوم على الفرز الطبقي العمالي فقط لا غير! وهنا واقع المشكلة الإنسانية لليسار الفلسطينى؛ يريد الجميع الهروب من الحديث عن لب الصراع ووجود وقيام المشروع الصهيونى، كل محاولات ما بعد الصهيونية: هى محاولة إخراج المشروع الصهيونى من النفق المظلم، والبحث عن آليات لتطوير وجوده على المستوى الإنساني والديمقراطي المزعوم، مع اعترافهم بأن تلك الأفكار كانت مطروحة من قبل فى إشارة ضمنية لأفكار بيرخوف ( راجع كتاب: تحديات ما بعد الصهيونية ، إفرايم نيمنى وآخرون).
- تطور الوعي الفلسطينى بالقضية:
غير أن هناك العديد من الفلسطينيين ممن أدركوا مرجعية فكر بيرخوف وأطروحاته "الصهيونية الماركسية" لكل فصائل اليسار الصهيونى المزعوم من أقصاها لأقصاها، واحتواء تلك الأيديولوجيا على كل أطروحات اليسار الشيوعى المزعوم اليوم فى الدولة الصهيونية. فيقول عزيز العظمة فى كتابه: اليسار الصهيونى، من بدايته حتى إعلان دولة إسرائيل، الصادر عن منظمة التحرير الفلسطينية: "إن كان نخمان سيركن الأب الروحي للاشتراكية الصهيونية، فإن بيرخوف هو أبوها الفكري والتأسيسي. فإن تأسيس: عمال صهيون كان تحت زعامة بيرخوف، كما أن أيديولوجيته تحوى كل النزاعات المتأصلة فى الاشتراكية الصهيونية، وتنم عن كل الاتجاهات التى آلت إليها الصهيونية الاشتراكية فيما بعد، على الصعيدين، العملي والأيديولوجى"(ص44). كما تحدث عمر حلمي الغول فى كتابه: عصبة التحرر الوطني فى فلسطين، عن أوهام فكرة التقدمية عند مؤسسي الحزب الشيوعى الصهيونى المزعوم، وتأكيدهم أن طرحهم ومشروعهم حتى فى الإطار الشيوعى لا يخرج عن حدود "الصهيونية الماركسية" بتصورهم لها كما عند بيرخوف، فيقول فى كتابه على لسان أحد المؤسسين الصهاينة للحزب الشيوعى المزعوم: "إن الصهيونية البروليتارية تربط تحقيق المثال الصهيونى بانتصار الثورة الاشتراكية، ففيه، فى هذا الانتصار فقط ترى الضمان الوحيد لتحقيق كل المثل التقدمية والصهيونية أيضا بمدى ما هى تقدمية"(ص36). حيث نرى هنا لب الفكرة التى تجمع بين الصهيونية والتقدمية!
- رومانسية اليسار الفلسطينى:
ولكن بشكل –ربما يكون تلقائى ورومانسى- غلب العامل الإنساني والتاريخ المشترك، على بعض رجال اليسار الفلسطينى الماركسى، وأصبح بعضهم يتخذ موقفا تجاه الحزب الشيوعى الصهيونى المزعوم، يقوم على عدة أسس، أهمها محاولة ربطه باليسار العالمى، القفز على دوره التاريخى فى قيام المشروع الصهيونى، التأكيد على موقفه من الضحية العربى الفلسطينى.. الاستناد لأفكار وأطروحات "الصهيونية الماركسية" عن وحدة مصالح طبقة العمال العرب واليهود، رغم موقفه من قرار التقسيم، الذى قال عنه د.محمود خالد فى كتابه: معسكر اليسار الإسرائيلى: "ورغم أن الحزب دعا إلى دولة واحدة فى فلسطين تحكمها الطبقة العاملة اليهودية- العربية، إلا أنه انسجم بشكل مثير للغرابة مع الوضع السياسى الجديد، الذى نشأ سنة 1948م وغير اسمه مباشرة إلى الحزب الشيوعى الإسرائيلي"(ص10).
- صديق جديد :
ولقد وجدت صديقا جديدا عزيزا هو الكاتب الفلسطينى المحترم/ سعيد مضيه (والذي سيسعدني كثيرا فى أقرب فرصة إهدائه نسخة من كتابى: خرافة الأدب الصهيونى التقدمي، لأستفيد من تناوله المدقق وخبرته الطويلة لمنهجي فى تناول ومقاربة الموضوع) ، يتداخل فى المناقشة.. والحقيقة شعرت بسعادة غامرة من كم البيانات التى طرحها علينا الصديق المحترم (الذى لم تسنح لي الفرصة بلقائه) الأستاذ/ سعيد، صاحب التاريخ السياسى المعروف فى الحركة الفلسطينية الشيوعية التاريخية( داخل فلسطين وفى الأردن)، وشعرت أنني أنكأ الجراح، لكن فى حقيقة القول: أرى أن الموضوع يستحق الجهد العلمي المبذول فيه..
- نقد منطلقاته النظرية :
يتحدث أ.سعيد من نفس منطلقات اليسار الفلسطينى الماركسى الذى يدافع لأسباب إنسانية ورومانسية عن اليسار الصهيونى الماركسى المزعوم، ويصف تناول الموضوع كلية بـ"العبثية"، ويحاول استخدام نفس المنهج فى دفاعه عن اليسار الصهيونى المزعوم وأيديولوجيته "الصهيونية الماركسية" ، مستندا لأطروحات ما بعد الصهيونية التى هى فى الأساس أفكار بيرخوف عن المشروع الصهيونى الذى لا يقوم على فرز عنصرى، ويقوم على الديمقراطية.. الخ، ويذكر ويعدد الأمثلة على مواقف هذا اليسار المزعوم..!!!؟؟؟؟ كما يحاول أن يتحدث عن موقف الماركسية المحسوم مسبقا تجاه المشروع الصهيونى؛ هو بتلقائية وطبيعية يجد نفسه فى موقف دفاعي، فيحاول أن يصور الأمر – كتكتيك نمطي- على أنه تناول محمل بموقف أيديولوجي مسبق، ويحاول الربط بين اليسار العالمى الماركسى، وبين اليسار الصهيونى المزعوم؛ فى حين أن دراستي فى الكتاب أثبتت صهيونية هذا الفصيل، وتؤكد على الزيف العلمي والتشوه الفكري لأيديولوجيته، وعدم توافقها تماما مع أطروحات الماركسية العمالية العالمية.. وأكرر مع احترامي وكامل تقديري لأفكار كل إنسان فى اختيار تصوره الوجودى والفلسفي والسياسي فى العالم، وفى نفس الوقت احتفاظي لنفسي –كحق طبيعي ومسلم به لكل إنسان- بنفس الحق فى الاختيار.. دون أن يزايد أحد على احد.
- النقد التطبيقي لتفاصيل المقال:
يقول الكاتب سعيد مضيه فى مقاله : " كتابات عديدة قاربت الموضوع ، كان بمقدور الباحث أن يسترشد بها للاستدلال على الأعداء والحلفاء في الصراع ضد الاستيطان الصهيوني" ، فى تقديم للموضوع وكأننا نبحث عن حلفاء داخل المشروع الصهيونى، هى نفس النظرة الرومانسية المرتبكة للحزب الصهيونى الشيوعى المزعوم المستند لأفكار "الصهيونية الماركسية"، التى تحاول الكاتب أن يكون معيار الحكم العلمي هنا: البحث عن أنصار! حتى ولو كان ذلك تبريرا وتدشينا لأهم تيار أقام الدولة الصهيونية وأنشأ المستوطنات ونظم المليشيات التى شاركت فى التطهير العرقى فى حرب 1948م.
ويقول أيضا : " فأفرزت الصهيونية من أوساطها عناصر ادعت أنها تمثل اليسار الصهيوني( غير ماركسي)"، وكأنه يربط معيار: الادعاء بالانتماء لليسار بمن هم غير ماركسيين!! وكانه يدشن لفكرة أن هناك يسار صهيونى، لكن كل من ينتسب له دعي، سوى اليسار الماركسى المفترض!! هو يريد أن يجعل معيار الانتماء لليسار الصهيونى: = الماركسية! فى حين أن حقيقة الأمر تقول باستحالة وجود تيار يجمع بين المشروع الصهيونى والماركسية فى آن واحد، وأن ذلك الطرح لفكرة اليسار، هو طرح فضفاض قائم على المشاعر العاطفية والرومانسية، ليس إلا.
ويقول أيضا: " أما الباحث حاتم الجوهري فيستهل بحثه التاريخي بالعام 1923، ويخلط بين يسار صهيوني وآخر خارج الحلبة الصهيونية ومناهض لها."، وأقول له ما هى المعايير العلمية لكى تكون تيارا سياسيا داخل دولة المشروع الصهيونى، ونفى نفس الوقت أنت مناهض للمشروع الصهيونى!!؟؟ هو يعود لنفس فكرة الاحتلال التقدمي، والدفاع عن حق الضحية! لا يوجد ما يسمى باحتلال تقدمي وآخر رجعى، هل نقبل بالاحتلال ذى الديباجات الماركسية، ونرفض الاحتلال ذى الديباجات القومية الدينية! فى رأيى الخاص الاحتلال يبقى احتلال، أما منطق النسبية فهذا معيار تكتيكى، وليس معيار للحكم على الأصول الأيديولوجية للحزب الصهيونى الماركسى المزعوم، الذى أقام الدولة على كافة المستويات، ويريدون منا أن نسميه يسار لا صهيونى!
ويقول أيضا: " ما المؤكد تاريخيا ، نقيضا لما سرده الباحث، فهو أن لماركس موقف من المسألة اليهودية ، وأن لينين رفض في مطلع القرن الماضي قبول بوعالي صهيون داخل حزب العمال الاشتراكي الروسي، وأعلن معارضته للصهيونية فكرا وحركة سياسية مؤكدا أنها إيديولوجيا الرأسمال اليهودي. كما أن الأممية الشيوعية اشترطت على الحزب الفلسطيني الوقوف موقفا مناهضا للصهيونية وأن يهتم بجذب العرب إلى صفوفه."، هل معنى ما يقوله أن لينين أعطى صكا لحزب بوعلى زيون وصهيونيته الماركسية بالبراءة؟؟ ماركس كان واضحا فى رفض المشروع، لينين رأى تكتيك توظيف المجموعات العمالية الصهيونية، وهو الموقف الذى نقده الكثيرون عليه، وقالوا انه كان خطئا تاريخيا، أوقع الاتحاد السوفيتي فى موقف تطبيع وجود المشروع الصهيونى، من خلال التأكيد المبكر على وجوده فى العشرينيات، وهو ما ورط الاتحاد السوفيتى فيما بعد فى قرار التقسيم.. كما أن كلام الكاتب سعيد مضيه عن "موقفا مناهض للصهيونية" يعيدنا للتعريف المنضبط لمناهضة الصهيونية، هل تعنى قبول وجود المشروع الصهيونى ولكن بشكل غير عنصرى، هل تعنى الشكل الديمقراطى والوجود المشترك للعرب والصهاينة من اليهود.. تلك هى أفكار بيرخوف ذاتها، أرى أن ذلك نوعا من التدشين للمشروع الصهيونى! هل نقبله، لكن بشكل لطيف وتقدمى وغير عنصرى! تلك أوهام "الصهيونية الماركسية" ومن تداخل معها باسم العاطفة أو الرومانسية أو الدفاع عن حق الضحية.
ويقول أيضا: " يقر الباحث، أن حزب الشيوعيين الفلسطيني انشق عام 1923 عن بيرخوف الصهيوني. والمنطق يفيد أنه بذلك طلّق الحركة الصهيونية، وباتت تربطه بالصهيونية علاقة التناقض التناحري . وهذا لا ينفي قيام التأثر والتأثير بصورة غير مباشرة بين الحركتين ، وعلى عدة مستويات، الأمر الذي لا ينعدم بين الحركات السياسية في البلد الواحد. والماركسية خبرت تلاوين التحريفية والانتهازية ومختلف الانحرافات." وكأنه فى لحظة: تداع حر للأفكار، يعترف بانحراف ذلك التيار الصهيونى، بعدما حاول القول بانفصاله عن "الصهيونية الماركسية"، ليتحدث عن التأثير والتأثر، والانحراف..!! أرى المشكلة هنا تكمن فى تطبيع التعامل مع تجربة "الصهيونية الماركسية" وكأنها لم تفعل شئ، وكأنها تيار ماركسي آخر لا يختلف عن غيره فى بلدان العالم! أرى فى ذلك نوعا من التطبيع الثقافي والأيديولوجي مع الاحتلال.
ويقول أيضا: وفي مقال آخر نشر في شهر أكتوبر الحالي يواجه ماركسيا، أي غير "صديق" فيضيق صدره!! وبما لا يليق بباحث، يمضي عبر زقاق ضيق"، هنا يعود الصديق العزيز الكاتب سعيد مضيه، لمنطق التمترس حول فكرة الاضطهاد ومحاولة الإرهاب الفكري العكسي، وتصوير الأمر كأنه مبارزة أيديولوجية. فى حين أرى أن صديقي العزيز الكاتب عبد القادر ياسين وهو المقصود فى حديثه الصديق الكاتب سعيد، مرجع التباين بيننا هو الموقف من تيار "الصهيونية الماركسية"، وليس الموقف من "الماركسية" ذاتها، فالانتماء السياسي والأيديولوجي والميتافيزيقي: حق وحرية واجبة لكل إنسان فى تصوري ومعتقدي الشخصي. وأنا شخصيا أرى أن كل المهتمين الجادين بالبحث عن المعرفة والحقيقة وأصول الأشياء، هم أصدقاء من منطق الدائرة الإنسانية المشتركة المهمومة بالحوار والمعرفة، لذا لا أجد غضاضة فى تسمية من أختلف أو تتباين وجهات النظر بيني وبينهم، بالصديق، خاصة إذا طرح كل منا وجهة نظره وانتهى الأمر، وأصبح الاحترام المتبادل سائدا، وتكون الكلمة العليا للبحث والمنطق العلمي والموضوعي الجاد.
ويقول أيضا: " لنلاحظ أنه يجامل بشأن اليسار الصهيوني ويهاجم بشأن اليسار الماركسي، يرمي الباحث بأشنع المطاعن هذا الموقف.. هل يليق هذا التلون بباحث في الدكتورأه" ، يستمر الكاتب سعيد مضيه، فى محاولة الفصل بين وجود "يسارين" فى المشروع الصهيونى، وذلك يعيدنا لمعيار اليسارية ومعيار الصهيونية، وفكرة الاحتلال التقدمي الذى يجمع بين الاثنين عند بيرخوف فى "الصهيونية الماركسية"، نعود لنفس الدائرة، حيث أرى أن مزاعم اليسار الفلسطينى للدفاع عن اليسار الصهيونى المزعوم واهية ومتهافتة، وأنه لا توجد معايير تجعلني أقبل بالاحتلال، فى كل الأحوال يجب على أن أرفض الاحتلال والقهر والاغتصاب؛ باسم الوجود المشترك، ووحدة مصالح العمال العرب واليهود! يجب أن ننقد جذور "الصهيونية الماركسية" الأيديولوجية، التى تطبع للوجود الأيديولوجي والثقافي للمشروع الصهيونى، فى طبعته الماركسية الصهيونية المزعومة.
ويقول أيضا: " فهل يريد حاتم الجوهري من خصوم الصهيونية داخل إسرائيل أن يرحلوا ويتخلوا عن النظرة التوظيفية"، أقول مرة ثانية ما هو معيار خصومة الصهيونية، ذلك خلط للأمور، لا يوجد فى المشروع الصهيونى ودولته معادين ومتخاصمين معه، يوجد تيارات ترفض الصهيونية العنصرية والتوسعية والإمبريالية، وتروج فى نفس الوقت لمشروع "الصهيونية الماركسية" التى نظرت لفلسطين كحل لمسالة اليهود فى أوربا، وكآلية لتطبيع وجودهم الطبقى، الذى كان مشتتا فى العالم..! يوجد عندنا نوعان من الصهيونية بالأساس: صهيونية عنصرية توسعية، وصهيونية تقدمية تعايشية، لكن فى النهاية كل منهما تنتميان للمشروع الصهيونى، وليست ضده، إنما لكل منهما وجهة نظرها تجاهه، لكنهما فى النهاية ينتميان للصهيونية، وليسا معاديان لها، كما يحاول أن يروج البعض!
ويقول أيضا: " أخيرا يتوجب القول أن منهجية الباحث ليست فريدة في بابها؛ فالمجتمع الفلسطيني لم يقلع بعد عن مناورات الإقصاء"، وأظن أن هذه الفقرة مرتبطة بما قاله الكاتب فى بداية مقالته معتقدا أنني فلسطيني، حين قال: " أشغل الباحث الفلسطيني ، حاتم الجوهري"، فأقول له فلسطين هى جوهر مشكلة المستقبل العربي ووجوده، فى رأيي الشخصي البسيط والمتواضع: أعتقد أن مشكلة فلسطين هى محور الوجود العربي الحقيقي، وذلك ليس تعاطفا أو رومانسية مضادة، ولكنه قراءة واعية لدروس التاريخ الطويلة، فلسطين قضية ترتبط بالسياق التاريخى الدولى العام للمنطقة والعالم، ومن يهمل قضية فلسطين ووجودها، يفر من مواجهة مشكلة هى: العقبة فى سبيل المشروع العربي، قد يحاول البعض القفز لمشاريع سياسية تتجاوز المشكلة، لكنها تبقى مراهنات تغفل دروس التاريخ. نعم أنا مصري ولست فلسطيني كما اعتقد الصديق العزيز أ.سعيد، والذي أرحب به دائما كعادتي قائلا مجددا أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، ولكنى أرى أن الوجود الحقيقي للعرب كأمة (الوجود بمفهوم محددات الهوية الإنسانية وليس بمفهوم القومية الأيديولوجية الجامدة)، يرتبط بتحديد الموقف من قضية فلسطين، الموقف الذى قد يطول مداه لعشرات السنين، ولكن لابد من وجود الموقف والرؤية والاستراتيجية، بغض النظر عن مداها الزمني وتكتيكاتها وآلياتها..
- الختام: تهافت "الاحتلال التقدمي:
أرى المشكلة فى تصوري العلمي المتواضع: هى عدم قدرة اليسار الفلسطينى الماركسى على الاعتراف بفكرة: تهافت "الاحتلال التقدمي" الصهيونى، تهافت مشروع "الصهيونية الماركسية" قديما وحديثا، ومحاولة الدفاع الرومانسي عن ذلك التيار وتطبيع وجوده أيديولوجيا على المستوى العربى والعالمى، وأرى أن المشكلة إنسانية بقدر ما هى سياسية، ولكن الزمن فى تصورى الشخصى كفيل بحل هذه المعضلة، حيث كان التاريخ السياسي لهذا التيار، يميل دائما لليمين والصهيونية العنصرية، ويخفت كثيرا صوت المنادين بالصهيونية التقدمية به، وذلك لا يغير من موقفى: فى كون كل منهما لونا وضربا من ضروب الصهيونية التاريخية والمعاصرة.





حاتم الجوهرى

باحث بدرجة الدكتوراة – جامعة عين شمس

- ملحوظة علمية : المراجع المستخدمة فى المقال، ذائعة وتوثيقها الكامل متوفر على شبكة المعلومات، لذا لم أثقل على القارئ بكتابة تفاصيل المرجع كاملة، استنادا لوجودها على شبكة الانترنت وذيوعها بين المتخصصين.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يكون الشعر إنسانيا فى المساحة السياسية!
- اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التق ...
- -الصهيونية الماركسية-وجذور: المرحلية والنسبية، فى الفكر الصه ...


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا!