أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال عبد الفتاح - لا لدستور الثوره المضاده















المزيد.....


لا لدستور الثوره المضاده


جمال عبد الفتاح

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 11:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعم لمقاطعة الاستفتاء على الدستور
تقول " جمعيه السروجيه " لتفصيل الدستورأنه باذن الله سيكون معبرا عن هويه الامة !! وتطلعات واهداف ثورة 25 يناير فى الحريه والكرامه الانسانيه، وعلى أسس من التوافق بين كل أطياف المجتمع وتياراته السياسيه المختلفه.
وحقيقه الامر ان تاريخ المجتمعات والثورات يؤكد ان اى دستور يعبر فى الواقع عن الانجازات الاجتماعيه والثقافيه لواضعيه ، وعن موازين القوى الطبقيه لحظه وضعه. ولن يعبر بأى حال من الاحوال عن امال وطموحات الشعوب فى الحريه والعداله الاجتماعيه ، مهما كانت تضحياتها طالما موازين القوى والسلطه ليست فى صالحها .
فكيف لنا وقوى الثوره لم تتمكن من الوصول للسلطه بعد ، واستطاع تحالف العسكر والاخوان ان يوجه ضربات عنيفه متتاليه لقوى الثوره وانهاكها بشده. والالتفاف على شعاراتها واهدافها ، بالاستفتاء والانتخابات المتتاليه والاعلام الزائف لانهاك الشعب ، وتفجير كثير من الازمات الاقتصاديه والفوضى الامنيه والطائفيه فى وجهه لدفع الجميع الى دوامه من اليأس والاحباط , والزج به فى سجون الخوف من جديد , لتصبح النقمه على الثوره هى النغمه الأعلى .. ولكن قوى الثوره مازالت تقاوم برغم ما اصابها من تشرزم وضعف . وقد فتحت باصرارها على مواصلة النضال امام الطبقات الكادحه افاقا ارحب للاحتجاجات الاجتماعيه الواسعه مما يعود على العمليه الثوريه بمزيد من الزخم و الوعى ، فيتصاعد الصراع بين قوى الثوره وقوى الثورة المضاده من جديد . ان طريق الثوره مازال مفتوحا على كل الاحتمالات , برغم ان قوى الثورة المضاده بقيادة الاخوان تسرع الخطى لترتيب اوضاعها فى السلطه بعد تراجع العسكر الى خلفية المشهد السياسي ، ثم تصنع دستورها وبرلمانها لتكتمل سيطراتها على باقى مفاصل الدوله والمجتمع . فتتمكن من انجاز المهمه المقدسه لكل اعداء الثوره المحليين والعالميين بالاجهاز الكامل على الثوره.
وفى اللحظه الراهنه فرضت قوى الثورة المضاده غصبا جمعيتها التأسيسيه للمرة الثانيه بمباركه من العسكر. الاغلبيه فيها للاخوان والتيار الاسلامى والباقى لتيارات سياسيه غير ثوريه تواطؤا مع الاغلبيه لمصالحهم الخاصه مهما اظهروا من خلافات اثناء النقاشات الدائره داخل الجمعيه لتضفى بعض الحيويه المفتعله عليها.
فكيف لنا والامر هكذا ان نتوقع غير دستور 71 القبيح مع اضافات تحمل بصمات الاستبداد الدينى الذى تمكن من اختطاف الثوره فى لحظه من الفوضى والارتباك ، تراجعت فيها قوى الثوره الى الوراء لضعف الرؤيه الثوريه وغياب تنظيمها القادر على الهام الجماهيروتطوير نضالاتها فى الاتجاة الصحيح للاستيلاء على السلطة والاستمرار بالثورة حتى تحقيق كامل اهدافها.
ولكن الاحتجاجات الاجتماعيه التى تعم الوطن ، وتجمع الغضب السياسي من حكم الاخوان ينذر بانفجار قريب
فماذا يحمل لنا دستور جماعه الاخوان وحلفائها؟
القراءه المتأنيه للمواد المتفق عليها داخل تأسيسيتهم وما دار حولها من نقاشات فى القضايا الجوهريه كهويه الدوله وشكل الحكم وسلطات الرئيس والمساواه والمواطته والحريات وغيرها ينبئ بشر كثير ..
عن هويه الدوله تقول الماده التانيه أن الاسلام دين الدوله وهى منقوله عن دستور 71 الاستبدادى، ثم ينتقلون للنص على ان ميادئ الشريعه الاسلاميه هى المصدر الرئيسى للتشريع ، ويثير السلفيون كثير من الجدل حول ضروره حذف كلمه مبادئ واستبدالها بأحكام الشريعه وانتهوا الى ان الاحكام متضمنه فى المبادئ وتفصيل لها ، ثم طوروا النقاش الفقهى للعوده للنص القديم أذ كان ولابد استمرار خداع الرأى العام وأرضاء بعض النخب الليبراليه المتهافته وفتحوا الباب من جهه أخرى لأضافه مرجعيه محدده كالأزهر لتطبيق مبادئ الشريعه ومراجعه القوانين التى تصدر عن الهيئه التشريعيه لتكون على مقاس الشريعه وأحكانها .
فأذا كانت الدوله كما نعرفها أداه بيد الطبقات المالكه للثروه . ووظيفتها الرئيسيه حمايه مصالحها الاقتصاديه والاجتماعيه ولفرض سيطرتها على باقى الطبقات الكادحه والمنتجه للثروه ، اى ان الدوله اداه للعنف المنظم لقهر واستغلال المجتمع وضبط حركه الصراع فيه لصالح الاغنياء.فدين الدوله فى مثل هذه الحاله يتراجع عن قدسيته الا فيما هو شكلى كالعبادات والزى والمقابر ولا قيمه بما يقولونه عن جوهره من مبادئ العداله والمساواه ومصالح الناس.. ليصبح الدين أداه ايديولوجيه تفرض هيمنه الطبقات المستغله ( بكسر الغين ) وأرادتها على باقى طبقات المجتمع أى أداه للقهر والاستغلال فى يد النظام الحاكم .وهذا التوظيف للدين ليس سمه خاصه لمجتمعنا المتخلف ورأسماليته الحاكمه والأخوان المسلمين كتعبير عن احد أجنحتها الرجعيه فى اللحظه الراهنه ، وانما هو سلوك عام تلجأ اليه الطبقات الرأسماليه فى البلدان المتقدمه اكثر عندما تتعرض للازمات الاقتصاديه والاجتماعيه . فبرغم علمانيه الدوله نرى رومنى المرشح الجمهورى فى الانتخابات الامريكيه الحاليه ينتقد منافسه اوباما فى أحد مؤتمراته "أوباما ينكر الأرث الدينى للولايات المتحده .لن أزيل الرب من برنامجى ولن ازيل الرب من قلبى . اننا امه أغدق عليا الرب "..(طبعا بالاستعمار والحروب ونهب ثروات الشعوب . وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى والامم المتحده كأدوات للهيمنه الاستعماريه على العالم) وأضاف رومنى "الشعب الامريكى يحتاج رئيسا يلتزم بأمه تعيش فى ظل الرب.(كما يرى ويعيش محمد مرسى ورجال حكمه فى المساجد لتضليل البسطاء من الناس ). ويعترف رومنى بأننا كشعب امريكى تلقينا حقوقنا ليس من الحكومه بل من الرب نفسه "..هذا نفس ما يقوله مرسى ورجال حكمه والسلفيين معه.وبنفس المنهج والثقافه يضع الاخوان والاسلاميين المسيطرين على التأسيسيه الدستور الحالى . ولنفس الاسباب يفرض الاخوان المسلمون حكمهم الاستبدادى على شعبنا ويزيدوه افقار وبطاله وتخلفا تحت رايه الماده الثانيه فى الدستور التى تنشر ظلها على باقى مواده .
الدين عقيده وشريعه . فاذا كانت العقيده تقوم على مجموعه من الافكار الغيبيه مقدسه الطابع ترتبط بها مجموعه من العبادات لتشكل منهج معتنقيها فى النظر للحياه والطبيعه والانسان , وتسهم فى نسق القيم والسلوك والمشاعر والثقافه لاصحاب هذا الدين. فان الشريعه لا تخرج عن كونها ترجمة لتلك الافكار الكليه على واقع الناس , اى الى قواعد منظمه للعلاقات بين جماعة هذا الدين فى شئون حياتهم كالمعاملات الاقتصاديه والاجتماعيه والزواج والميراثُ...الخ ، و كذلك العقوبات حال خروج الفرد على هذه القواعد. كما تنظم العلاقه بما هو خارجهم من جماعات بشريه اخرى . والتاريخ يعلمنا ان تلك القواعد المنظمه تبدأ من مستوى التطور الاجتماعى والاقتصادى والثقافى لهذه الجماعه المحدده قبل ظهور الدين ، وهى غير منفصله عن تطور المجموعات البشريه الاخرى المحيطه بها فى المكان والزمان ، بل والمجموعات السابقه عليها فى التطور. وبتطور المجموعات البشريه اجتماعيا واقتصاديا تتطور تلك الشرائع مهما كان مصدرها سماويا او ارضيا ، وهى ما نطلق عليها بلغه العصر القوانين. ومن يريد ان يسجن المجتمع المصرى فى سجن الشريعه الاسلاميه باسم المقدس فى دستور الاخوان يفرض رؤيته الرجعيه ويعيد مجتمعنا للقرون الوسطى بثقافتها الاقطاعيه. اما اذا كان الامر ينحصر فيما يسمونه مقاصد الشريعه كالعدل والمساوه ومصالح الناس دون نصوص محدده فهذا امر يصعب الاختلاف حوله حيث انه يلتقى مع شعارات الثوره عش حريه عداله اجتماعيه.
وليس بخاف على احد ان الحياه فى عصرنا طرحت الاف القضايا فى المجالات المختلفه لم تكن موجوده منذ سنوات قريبة كالاستنساخ ونقل الاعضاء والهندسه الوراثيه والحمل بالمناظير ..الخ فلا يصلح التعامل معها بقواعد_الشريعه الموجوده منذ اكثرمن الف عام . والحقيقه التاريخيه تقول بأن الاحكام الشريعه الاسلاميه فى اغلايها بما فيها الحدود موجوده فى الشريعه اليهوديه منذ اكثر من ثلاث الاف عام وغالبيتها قد انتقلت الى الشرائع السماويه من الحضارات القديمه كالمصريه والبابليه والاشوريه . على سبيل المثال حد السرقه والزنا والحرابه..الخ.
ان من يسرقون الدستور والثوره فى بلادنا اذ ينزلون المقدس_ العقيده_ من سماواته , ومجاله القيم والاخلاق والمشاعر لاستخدام سطوتها على الارض , فيتم الخلط المتعمد بين العقيده والشريعه لتصبح الشريعه وهى فعل انسانى فى مرتبه العقيده مستغلين التخلف الثقافى والسياسى المفروض على شعبنا من سنوات طويله، لتوظفه الطبقات المالكه والمستغله_بكسر الغين_ وانظمه حكمها فى فرض هيمنتها السياسيه والثقافيه والقانونيه فى الحفاظ على مصالحها وحكمها قبل اى شىء اخر باسم الرب . ويصبح الرئيس وسلطه الدوله والقانون مقدسين.
فبدلا ان يبقى الدين الاسلامى مجاله التوحيد والضمير والمثل العليا وموقعه فى الدستور حريه العقيده والفكر مع ضمانها لجميع المعتقدات السماويه والغير سماويه . وضمان حريه العباده للجميع دون تمييز . اصبح الدين مرتهن للدوله وهى دائما على مدى التاريخ منذ نشأتها اداه قامعيه تحمى الاستغلال والاستبداد، وتقوم بالقمع والحروب العدوانيه ونهب ثروات الشعوب لصالح الطبقات القابضه عليها.
ولم يقف الامر عند هذا الحد ، بل تعداه فى تاسيسيه دستورهم الى ان يصر عدد من السلفيين على ان تكون السياده لله قبل" السياده للشعب وهو مصدر السلطات" اى ان الحاكميه لله ويستمد الحاكم سلطاته منه، فهو يحكم باسمه ولا سلطان لاحد عليه. ومن العجيب ان يحكم الرئيس مرسى بنص الماده قبل اقرارها، ويقرة عليها الدعاه والسلفيين والمحيطين به، فهو مؤيد من الله!! برغم التزوير الواسع الذى حدث فى عمليه انتخابه . ويعلم الجميع انه يحكم باقل من 25% من اصوات من لهم حق التصويت !! بالله عليكم ماذا ينتظر شعبنا من فاشيه دينيه فى ظل حكم مرسى وجماعته؟
ويقترب مبعوثوا العنايه الالهيه فى"جمعيته المقدسه" من اقرار ماده تجريم العيب فى الذات الالهيه والرسل والخلفاء الراشدين ، ولا علم لى ان كانت تحتوى الماده ال البيت ام سقطوا سهوا !! فاذا علمنا الرئيس مرسى منذ مجيئه قد اوعز وجماعته لمجموعه من المحامين باتهام العديد من الصحفيين بالعيب فى الذات الملكيه، عفوا فى الذات الرئاسيه , وتقديمهم للمحاكمه حتى من لا تأخذه الذات الالهيه الواسعه تأخذه الذات الرئاسيه الى السجن، ليستريح السيد الرئيس وجماعته من صداع حريه الرأى والنقد . ويئن الجميع تحت وطأه الفاشيه الدينيه الزاحفه، لتنتهى الثوره ويبدأ عصر الاستقرار، عصر الدوله الدينيه الديموقراطيه الحديثهّ!! ساعتها يصبح الحديث عن المواطنه والمساواه دون تمييز بين المصريين بسبب الدين او اللون او الجنس زائد عن الحاجه ولا طائل ورائه. فالواقع المرير قبل الثوره ببركه وجود الماده الثانيه فى الدساتير القديمه المستمره واكثر منها مع دستور الاخوان ليخرج لسانه للجميع . فالتمييز ضد الاقباط قائم فى كل اركان الوطن بفضل دعاه الفضائيات المموله خليجيا، وائمه المساجد من السلفيين والاخوان الذين يبثون ثقافه الكراهيه والتكفير ضد الاقباط منذ زمن طويل. والتمييز قائم ايضا فى كل مجالات العمل ومؤسسات الدوله ، الوزرات والجيش والبوليس والجامعات والاعلام والمخابرات والقوانين الخاصه بقوانين العباده وغيرها. فماذا ننتظر من دستور يضعه التيار الاسلامى من اخوان وسلفيين؟
اما المرأه وحقوقها , والمساواه بينها وبين الرجل , لم يكن حظها احسن حال من الاقباط على يد دستور الاخوان . اذ يقولون بالمساواه بين الرجل والمرأه فى الحقوق السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه بما لا يخالف الشريعه الاسلاميه .
والشريعه تضع المرأه فى مرتبه أدنى من الرجل مهما تشدقوا بغير ذلك، فالرجال قوامون على النساء، وشهاده الرجل بشهاده أمرأتين، وفى الميراث للرجل مثل حظ الانثيين، والمرأه عوره متحركه من رأسها الى أخمص قدمها حتى صوتها.وللرجال حق الزواج من أربعه نساء، وما ملكت أيمانهم، وحق الطلاق بيد الرجال، وليس للمرأه حق الأمامه والولايه الكبرى، مثلها مثل الأقباط..وبعد كل هذه القيود من التبعيه والعبوديه التى تجر المرأه وراء الرجل ورغباته، اين هى المساواه فى الحقوق والواجبات بينهما مع هذا النص الرجعى , فى دستور ما بعد ثوره يناير العظيمه الذى يعيدنا اربعه عشر قرنا من الزمان الى الخلف.
ومن يقرأ تاريخ شبه الجزيره العربيه فتره ظهور الاسلام ،وما كان عليه وضع المرأه من عبوديه وتخلف حيث كان وأد البنات ظاهره منتشره ،وكان زواج الرجال من النساء وامتلاك الجوارى بغير عدد , يرى أن ما جاء به الأسلام فى حينه من رفض وأد البنات , وتحديد عدد الزوجات بأربعه , وغيره من الاحكام يعد خطوه متقدمه الى الامام.
ولكن مع تطور المجتمعات تمكنت البشريه بنضالها من الغاء العبوديه والكثير من اشكال التمييز والعنصريه ,ليصبح الحديث عن كل هذه القيود على النساء –فى عصرنا الراهن –باسم الشريعة رده الى الوراء وضرب لحريه النساء وكل حقوقهم , ويصبح الحديث عن المساواه بالرجال فى الدستور لغو فارغ يدين واضعيه , والساكتين عنه..وليس من السهل على قطاعات واسعه من المجتمع المصرى نساءا ورجالا أن يقفوا مكتوفى الايدى امام تلك الهجمه الرجعيه الشرسه على المرأه وحقوقها التى نالتها بنضالها، وبمؤازره واسعه من الرجال على مدى القرن العشرين. فذلك غدر بحقوق المرأه والمساواه والمواطنه وبقضيه الحريات، وغدر بالثوره ممن يجنون ثمارها ولم يشاركوا فيها ..
وأذا انتقلنا لمناقشه شكل الحكم والحريات فى دستور أعداء الثوره سنكتشف تلونهم وخداعهم وتكالبهم على السلطه وبأى ثمن .
عندما كان المجلس العسكرى فى الحكم ، والأخوان والاسلاميين استحوذوا على الأغلبيه فى مجلس الشعب والشورى بدعم منه كانوا يقولون بجمهوريه برلمانيه فى الدستورالجديد فيها معظم السلطات بيد البرلمان من تعيين الوزاره للتشريع والرقابه وأعلان حاله الطوارئ والحرب ...الخ حتى لا يظهر فرعون جديد .
وما أن تغير الحال وأصبح مرسى رئيسا وتم أزاحه العسكر جانبا حتى عدنا للخلف ثانية وظهرت مصر التى لم تتعلم الديموقراطيه بعد ، والقوى السياسيه والاحزاب ليست ناضجه بما يكفى للجمهوريه البرلمانيه ، وما علينا الآن الا ان نقبل بالجمهوريه الرئاسيه لتكون أغلب السلطات بيد رئيس الجمهوريه طبقا لاراده من يضع لنا الدستور، وعلى مقاسه طبعا، ومن لا يعجبه فعليه بأقرب بحر...هكذا هم الاخوان وموقفهم مع الحكم الاستبدادى الفردى ذات الطابع الدينى انطلاقا من ثقافه "فرض على الرعيه طاعه ولى الامر", "وأمرهم شورى بينهم" . والشورى تعنى ان لولى الامر ان يسأل اهل الحل والعقد (فى زماننا البرلمان والمؤسسات ) رايهم فيما يطرحه عليهم من قضايا . وله ان ياخذ بما يراه، وليس ما تراه الاغلبيه، وان كان على خلاف مع رأيه . وعلى الجميع ان ينصاع لولى الأمر.. استبداد الفرد اذاهو جوهر الدوله الدينيه. وفيها تتحول المؤسسات الى مجرد مستشارين للرئيس لتبقى الديكياتوريه السابقه كما كانت , والجديد اضافه هراوه المقدس الى جانب هراوتى الشرطه والجيش . ثم ماذا عن الحريات التى سيأتى بها دستورهم؟ الواقع المرير الذى نحياه تحت حكم جماعه الاخوان لديه ابلغ رد .فهم يتحدثون كثيرا عن حريه الراى والفكر والابداع الادبى والفنى_الذى انتزعته الثوره_, وهم يطاردون الصحفيين والفنانيين وكل صاحب رأى معارض لهم وجرهم الى المحاكم ، ولن تتوقف شرطتهم عن مطارده الثوار بالخطف والاعتقال والتعذيب , فهم فى شريعتهم خارجون عن المله وطاعه ولى الأمر. وارهابهم الاسود يملأ جنبات الوطن، اذ تتسلط فضائيات الحافظ والناس وغيرهما عشرات بما فيها التلفزيون الحكومى على أدمغه الخلق لشل أى قدره على التفكير," فناكر ونكير عن اليمين وعن الشمال قعيد" يعدون على الناس انفاسهم ..
ولمزيد من الحريات يصرون على عوده قانون الطوارئ بشكل جديد , ويبتكرون قوانين جديده لتغليظ العقوبه على "افعال بلطجه"_موجود فى قانون العقوبات الحالى , والأعتداء على قوات الشرطه والجيش،والممتلكات العامه والخاصه ، وقطع الطرق وتعطيل العمل وحركه المرور .. وكلها افعال ارتبطت بالثوره بشكل واسع ويقوم بها الثوار والمعتصمون والمضربون من الطبقات الكادحة لتحقيق مصالحهم . والان يلبسها الاخوان وترزيه قوانينهم اسماء تنكريه لتقع تحت طائله قانون الحريات الجديد!!وقد سبقهم فى ذلك العسكر ولم توقف قوانينهم ومحاكماتهم العسكريه اعتصامات ومظاهلرات واضرابات الثوره حتى الان لتثبت ان الطغاة لا يتعلمون .
وفى مجال حريه الاعتقاد يعترف اعضاء تأسيسية الاخوان بالاديان السماويه الثلاثه فقط ، ومن داخل الاسلام بمذهب اهل السنه والجماعه، ويصادرون حريه العقيده فيما عداهم من الشيعه والبهائيه وغيرهم، فما بالك باللا دينيين. والاغرب ان الاخوان والسلفيين يكفرون اليهود والنصارى لسنوات طويلة مضت.
فأى حريه عقيده تلك يتحدثون عنها فى الدستور وخارجه ، وهناك ما هو ادهى وأمر انهم سيقيمون حد الردة عندما يستتب لهم الأمر على من يخرج عن الأسلام!!
ان استخذاء قوى الثوره والليبراليين والاصلاحيين امام الاخوان والاسلاميين عموما بالامتناع عن مناقشه ورفض الماده الثانيه فى الدستور جعل قوى الثوره المضاده لا تقف عند هذا الحد بل تطرح النص على تطبيق الشريعه، والسياده لله، وتعيين هيئه كبار العلماء لمراجعه القوانين اومرجعيه الأزهر، وضرب قضيه المواطنه والمساواه بين الرجل والمرأه فى مقتل وكذلك حريه العقيده والفكر والرأى .. على طريقه المثل القائل( سكتناله دخل بحماره). ليصبع وطننا مرتعا للاضطراب والفتن الدينيه , تفجرها الأنظمه الاستبداديه الحاكمه كلما واجهتها الأزمات . ولتزييف وعى الطبقات الشعبيه , وتشوية الصراع الاجتماعى ، ليقاتل الفقراء من المسلمين والاقباط بعضهم بعضا على اساس دينى ، بدلا من صراعهم سويا ضدد مستغليهم وقاهريهم من أجل حقوقهم وحرياتهم والعداله الأجتماعيه .
وتبقى القضيه الرئيسيه المسكوت عنها فى دستور الثوره المضاده العداله الأجتماعيه مستبعدة من اى نقاش , لأنها تفضح الانحياز الاجتماعى والسياسى لكل المشاركين فى وضع الدستور ضد الطبقات الفقير فى بلادنا.
فكل مليارديرات عصر مبارك سواء من رجال الأعمال أو كبار رجال الدوله والعسكر جاءت ثرواتهم من سرقه اراضى الدوله والفساد والأحتكار بمباركه السلطه . وقد تراجع دور الدوله فى المجالات المختلفه ليقتصر على الحمايه والجبايه كما هو الحال فى عصر المماليك . اى حمايه الدكتاتور والاسره الحاكمه من قبل اجهزه الشرطه والجيش والمخابرات ، والجبايه للضرائب والجمارك ، ونهب الثروات الطبيعيه من بيع اراضى الدولهوالبترول والغاز والمناجم وقناه السويس ، وامتصاص عرق العمال والفلاحين وكل المنتجين فلا يجدون ما يسد رمقهم .
وأدت هذه الاوضاع الى خلل رهيب فى توزيع الثروه لتصل الهوه بين الحد الادنى للدخل والحد الاقصىواحدالى عشرة الاف ضعف001 طبقا لاحصائيات الامم المتحده ، والواقع الفعلى يقول اكثر من ذلك .. وتحت الضغوط الاجتماعيه الرهيبه الواقعه على غالبيه السكان كانت الثوره.. وجاء الاخوان الى السلطه بعد العسكر ليستمروا بنفس السياسات القديمه التى انتجت الغتى الفاحش للقله القائم على السرقه والفساد والاحتكار من جهه، وافقار اغلبيه الشعب الكادح من جهه اخرى . فلا غرابه ان لا يقترب دستورهم من مناقشه هذه القضيه الخطيره . السبب الرئيسى فى الثوره ، ودون حلها لن تنطفئ جذوتها . وكان كل همهم فى الدستور الجديد تاكيد حريه التملك والتجاره وقدسيه الملكيه الخاصه ، قدس اقداس الطبقه الراسماليه السائده ، والتى تعبر عنها وتقوم على مصالحها فى هذه اللحظه سلطه الاخوان واجهزه الدوله كما كانت فى السابق .
الثوره قامت تحت شعار( عيش _حريه_ عداله اجتماعيه)ولم يتحقق منها غير الحريه التى انتزعها الشعب بدماء ابنائه ، واعدائها يصرون على احتوائها والاجهاز عليها بهدف اغلاق الطريق امام سلطه الثوره ودستورها وتحقيق العداله الاجتماعيه ، مربط الفرس فى الثوره وخبره الثورات تعلمنا انه بدون تطوير قوى الثوره _ من العمال وفقراء الفلاحين والعاطلين عن العمل والمهنيين والحرفيين وفقراء المدن عموما_ لنضالهم الاقتصادى والسياسى الواسع والمكشوف حتى الاطاحه بسلطه الاخوان والعسكر واقامه سلطه الديموقراطيه الشعبيه المعبره عن قوى الثوره ومصالحها سيبقى الدستور والعداله الاجتماعيه شعارات مع وقف التنفيذ على يد سلطه اللاخوان وحلفائهم ودستورهم الرجعى . ولن يتحقق دستور الثوره الا بالحاق الهزيمه بقوى الرجعيه الدينيه والدوله القديمه .
واذا كان شعار العيش والعداله الاجتماعيه يتجسد فى حق العمل للجميع ، والاجر العادل دون استغلال ، وحق الصحه والتعليم المجانى ، وحق الغذاء والسكن والثقافه والتأمين الاجتماعى ضد العجز والشيخوخه ، وان تكون الملكيه اجتماعيه ، واداره العمليه الانتاجيه للمنتجين . فلن يتحقق كل ذلك بدون مصادره كل الثروات المنهوبه من قبل مبارك واسرته ورجال حكمه وكبار رجال الدوله بما فيها قيادات الجيش والشرطه ورجال الاعمال الذين اقتنصوا ثرواتهم بالسرقه والفسادوالحتكار والزواج من السلطه . واستعاده كل المشروعات الاقتصاديه التابعه للمؤسسه العسكريه الى ملكيه المجتمع واداره المنتجين فى الوحدات المختلفه ,واسترداد كل شركات القطاع العام المنهوبه عن طريق الخصخصه وكذلك استعاده اراضى الدوله المباعه لمصريين او اجانب بأقل من سعرها الحقيقى.
جلاصه القول ان دستور الاخوان لن يحقق شيئا من شعارات واهداف الثوره ، ولن يختلف فى الحريات وشكل الحكم وسلطات الرئيس عن دستور 71 الاستبدادى ، ويزيد عليه الطابع الدينى الفاشى الذى يقدمونه اوراق اعتماد لشريعتهم ، فهم شاركوا العسكر فىاغتصاب السلطه حتى تمكنوا من عوده العسكر لخلفيه المشهد ليتصدروا مقدمه السلطه تظللهم حراب العسكر .
ان رفض دستورهم , ومقاطعه الاستفتاء عليه , ودعوه كل المصريين باوسع الاشكال للانخراط فى هذة المعركة تضع العراقيل امام شرعيه الاخوان .. فما زالت الشرعيه الوحيده القائمه هى شرعيه الثوره والقوى الثوريه والطبقات الشعبيه . وما زالت الثوره قادره على المقاومه وتحقيق الانتصارات فى معارك جزئيه للافراج عن المعتقلين ، ورفض الخروج الامن ومحاكمه العسكر , وقيادات النظام القديم . ومقاومه فرض قانون الطوارئ من جديد ، والدفاع عن حريه الرأى والصحافه والأبداع ضد الغوغائيه الدينيه ، والانتشار الواسع للتظاهر والاعتصام والاضراب من قبل عموم الشعب فى المدن والقرى دفاعا عن الحقوق الاقتصاديه والاجتماعيه فى كافه مجالات العمل والانتاج لكافة الكادحين .
ان هذه الموجه من تقدم قوى الثوره ما زالت قادره على تعطيل اجراءات قوى الثوره المضاده القمعيه واضعافها والتقدم الى الامام ولتكن معركه مقاطعه الاستفتاء على دستور الثوره المضاده لحظه ثوريه جديده تدفع الثوره على طريق الانتصار , والتطويح بسلطة الاخوان والدولة القديمة..
المجد للشهداء.. وليسقط دستور الاخوان والعسكر



#جمال_عبد_الفتاح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوره ، العسكر والأخوان الآن والى اين؟
- مقتله الجنود المصريين وأتفاقيه كامب ديفيد
- رئيس الوزراء الجديد مباركى أخوانى / وصفعه على وجه - الانتهاز ...
- مغزى زياره كلينتون الأخيره لمصر
- الثورة وسلطة الديموقراطية الشعبية
- وطنيه الجيش على محك الثوره
- انتخاب رئيس قبل اسقاط النظام خيانة للثورة
- هل كل ما ينقص الشعب الفلسطينى دويلة بشرعية استعمارية ؟
- صفقه الاسرى ومأزق النضال الفلسطينى
- أنتخابات مجلس الشعب عار وخيانه للثوره
- المجد للشهداء
- الأخوان المسلمون والثوره
- عصر الأنحطاط ما بين أضمحلال الدوله والطبقات


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال عبد الفتاح - لا لدستور الثوره المضاده