أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - ذكريات من الحرب














المزيد.....

ذكريات من الحرب


أمير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

ذكريات من الحرب
تقدمت تمشي ألهوينا..حاملة "صينية" الغداء ومتجهة إلى غرفة تقع في مقدمة البيت خصصت جزئا منها لتناول الطعام ...وضعت الصينية على الأرض ونادت على صغارها فخرجوا من إحدى الغرف.. ثلاث أطفال.. واتجهوا نحو الصينية وجلسوا جميعا يأكلون ..لكن أصغرهم نظر إلى أمهم الواقفة تتأمل وجوهم وهم يتناولون ..جلست القرفصاء وقبلته وأشارت له إن يشرع بالأكل فهي ليست جائعة ألان..وقفت مرة أخرى وجالت بنظرها في الغرفة الخاوية ..لم يبقى منها شيء سوى أشياء معدودات ..تلفزيون صغير ابيض واسود وراديو قديم وقطع من القماش العتيقة مملوءة بالقطن البالي افترشتها ليجلسون..كانت الغرفة قد قدمت جميع أثاثها قربانا لأفواه الأطفال ..ونظرت الغرفة إلى قريناتها من الغرف الأخرى التي تنتهي جميع أبوابها بها فوجدتها في حال لا يحسد عليه ..تقدمت إلام نحو النافذة وأزاحت الستار قليلا فكانت غيوم السماء تبكي مدرارا لكي تروي الأرض فتحيى ..وتحيى الأرض فيحيى النبات ..ويحيى النبات ليحيا الإنسان والحيوان هكذا هي دورة الحياة..الكل يضحي ليعيش الأخر سواء كان ذلك بإرادته أو رغم عنه ..ابتعدت عن النافذة واتجهت نحو المدفأة النفطية فتذكرت إن نفطها قد جف فسارعت إلى المطبخ حيث توجد دبات صغيرة للنفط وضعتها هناك ..تناولت أحداها وملئت المدفأة وعندها جف نفط البيت ..وتذكرت إن المدفأة تحتاج لتبديل فتيلتها ..ماذا تصنع ألان ؟ الجو ممطر والمبلغ المتبقي عندها اقترب من النفاذ وإغراض البيت نفذت كذلك ..دخلت إلى غرفة نومها الخالية لكي تبكي هناك حيث لا احد يراها سوى صورة زوجها المعلقة على الحائط ..لم يكن وضعها بوجوده أفضل من ألان بكثير لقد كان عاملا بسيطا غير مرتبط بجه رسمية وعندما ذهب إلى الحرب ترك مبلغا صغيرا لها ولثلاث أفواه ..باعت ذهبها وأثاثها منذ ذهابه إلى ألان والمبلغ في طريقه إلى المغادرة..بكت كثيرا هناك وخرجت إلى الغرفة التي تركت فيها أطفالها يأكلون ..ونظرت إلى التلفون الساكت الذي لم يرن لينبأ عن صوت يسألها عن حاجتها..كيف تعيش هي وأولادها ..لا احد يسأل الكل صامت الكل يقاتل الكل يبحث عن لقمة العيش ..فتحت الراديو يا ترى هل من إنباء جيدة؟ هل ستنتهي الحرب؟ خرجت منه كالعادة فحيح الثعابين ونقيق الضفادع..نقيق الطرفين مقرف وفحيحهم سام يتطاير منه الشر ليزيد نار الحرب ذاك القائد قابع في قصره والأخر مختبئ في جحره والشعب حطب لنار شهواتهم القاتلة..هنا دق الباب فتقدمت نحوه وفتحته فكانت " نونو" صديقتها من أيام الابتدائية ..الصديقة التي طالما حذرتا والدتها منها وحثها والدها على عدم الاختلاط بها ..طبعا لم يكن اسمها نونو آنذاك فاليوم أصبح..أدخلتها وأشارت لأولادها إن يدخلوا غرفتهم فكانوا قد أنجزوا طعامهم بدأت الغجرية تنظر للغرفة بعينيها المملوءتين بالإصباغ نظرة ازدراء وقالت بتهكم :
-الم يعود؟ -لا لم يعد (قالتها بضجر)
-منذ أخر مرة زرتك فيها كنت أفضل
- اسمعي ..إني أحب زوجي وسوف انتظره إلى الأبد وسأكدح لأعيل أطفالي إلى حين عودته ..فهمتي؟
-حبي..لكن الحب لا يمكن تحوله إلى مال لكي نشتري به الملابس ونطعم بيه الأفواه ..كلنا نحب أزواجنا ..لكن أزواجنا رحلوا يا سيدتي وخلفوا ورائهم أطفالا ونساء والظروف صعبة أني..........
-كفا ..كل فترة تأتين وتنفثين سمومك في هذا البيت الآمن المستقر وتجعلينه فوضى وتشويش وتجعليني إلف وأدور إلف مرة باليوم ..ماذا تريدين؟(قالتها بعصبية وكانت تنتفض)
-الحرب هي التي جعلتك تلفين وتدورين ..فقدان الزوج هو الذي نفث السم في هذا البيت ولست إنا ..إنا جئت لأساعدك خذي(ومدت يده بورقة)هذا عنواني إذا احتجتني
وخرجت......فأقفلت الباب ورائها بعنف وكورت الورقة ورمتها في النفايات
وبعد أيام عاد الزوج الفقيد..لكن بلا روح عاد جثة هامدة أنفقت في دفنها ما تبقى لديها من مال ..كان وحيدا لامه وأبيه الذين ماتا منذ طفولته ورعته جدته التي ماتت أيضا في شبابه فلم يبقى لها احد غيرها إما أهلها فقد قاطعوها بسبب الزواج ..
انتهى الدفن..وانتهى العزاء أو الشبه عزاء ورحل كلا إلى بيته وبقت وحدها بلا زوج بلا طعام بلا نفط بلا فتيلة بلا أثاث ما سبيل لأفواه أطفالها؟ تقدمت بخطوات صعبة وثقيلة تصارع فيها الشرف والعفة والإخلاص إلى سلة النفايات وأخرجت الورقة ...........
************************
نشرت في طريق الشعب
العدد 16 السنة 77
الثلاثاء 23 اب 2011



#أمير_علي_الجشعمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سر الصندوق الصغير
- لقاء مع الزمن القديم


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمير علي الجشعمي - ذكريات من الحرب