أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - حرق القرآن















المزيد.....

حرق القرآن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 21:28
المحور: كتابات ساخرة
    


كنتُ أجلس في البيت وحدي يوم الأمس بعد عودتي من نهاية يوم متعب جدا في العمل وشاق جدا,وكنتُ متكئا على وسادتين حين جاءت إلى فمي وأنفي رائحة حرق أوراق في خارج المنزل فخرجت مستطلعا الوضع وبيدي أحملُ كرسيا مصنوعا من البلاستيك المقوى وكنتُ أخشى بأن الصبية من أولاد الحارة هم من يلعب هذه اللعبة فلطالما أمسكتُ بهم متربصين وهم يحرقون بالأوراق والكراتين أمام منزلي وحين وصلتُ إلى الساحة الكبيرة أمام البيت رأيت منظرا مذهلا لو فعلت مثله أنا لقامت الدنيا وقعدت بسببه, لقد رأيتُ الحاج (أبو إبراهيم) ما بين ساحة منزله ومنزلي يحرق القرآن الكريم!!! وكل الناس تمر من حوله وتقول له: شكرا لك جزاكَ اللهُ خيرا, فذهلت أنا وركضتُ إليه مسرعا أريد إيقافه عن مثل هذا العمل لكي لا يتعرض للأذى وأنا فعلا في هذه اللحظة كنت خائفاً عليه جدا من أن يتعرض له أحد الإرهابيين,وقلت له:

-شو يابو إبراهيم؟ما الذي استأت منه في القرآن لكي تحرقه هكذا على مرأى من الناس والشهود كثيرٌ؟ صدقني أنت مدان علناً,وإذا كنت أنا متهما بالحرية والعلمانية فأنت الآن متهم بحرق القرآن وأنا أول شاهدٍ عليك.

ثم قهقهتُ بصوتٍ عالٍ.

-ليش أستاء من القرآن,أنا رجل حاج لبيت الله ومعتمر مرتين.

-يا بو إبراهيم,الدنيا تقوم وتقعد على مسألة حرق القرآن,أم هل تعتبر نفسك عثمان بن عفان حين أحرق المصاحف؟ ويتهم المسلمون الصليبيين واليهود بالعداوة لهم,وقبل مدة قامت مظاهرة تندد بامرأة مسيحية حرقت القرآن في الشارع العام في إحدى الدول وقد نسيت أسم تلك الدولة,ولكن المهم عليك أن تعرف بأن هذا الموضوع خطيرٌ جدا جدا..انتبه أنت تحفر قبرك بيديك.

-يا رجل يابو علي,أنا أحرق بالقرآن لأنه ممزق ونسخة مهترءةً,وبدل أن تلقيه زوجتي في حاوية الزبالة أقوم بحرقه وهذا هو الأفضل,وأخشى إذا رميناه في الشارع أن تدوسه الأقدام والأحذية.

- أممممممممممممم :هو يستحق الحرق أو التعديل.

- يا أبو علي مش هذا الموضوع.

- فهمت عليك وعلى قصدك,ونستنتج من ذلك أن عثمان بن عفان أحرق المصاحف لأنها كانت قديمة ومهترءة جدا...إذاً ظلم المؤرخون عثمان بن أبي عفان حين ظنوا بأن عثمان أخفى بعض السور والآيات منه.

وأثناء حديثي معه جاء أولاده وبيدهم أيضا عدة مصاحف فعلا ممزقة وممزعة ويريدون حرقها وكل الناس يشاهدون هذا المنظر ولا تتحرك لهم يدٌ أو ساعدٌ ليمنعوا أبا إبراهيم من حرق المصحف وكل الناس تحييه بتحية الإسلام(السلام عليكم) والأغلبية يقولون له جزاك الله خيرا...شكرا لك, وأنا مستغربٌ جدا ومندهش جدا من تحية الناس له وتأييدهم له,وبنفس الوقت يرد عليهم بالابتسامة الناضجة كنضوج التين والعنب ويرد عليهم التحية بمثلها وأحيانا بأحسن منها, وأنا أراقبُ في الوضع عن كثب, فقلت له: أنا عندي في البيت قرائين كان الأولاد يقرؤون بها في المدرسة وقد أصبحت في حالٍ يرثى لها وأيضا عندي بعض الأوراق المتفرقة من سور القرآن وهي لا تصلح للقراءة, شو رأيك أحضرها لك لكي تحرقها جميعا؟ فسرّ الحاج كثيرا وقال لي أحضرها, فدخلت المنزل وجمعت ما به من مصاحف لا تصلح للقراءة وجمعت أيضا كثيرا من الأوراق التي عليها آيات وسور من القرآن الكريم وأخذ هذا مني وقتا طويلا حتى جمعتها وحين خرجتُ فيها إلى باب الدار حيث توجد المحرقة وجدت النار ما زالت مشتعلة ومستعرة فسألت عن الحارق,أقصد الحاج أبو إبراهيم فقيل لي ذهب لصلاة المغرب في الجامع فقلت في نفسي: ممتاز أنا سأريح الحاج من هذه الإشكالية وسأحرق أنا باقي المصاحف التي معي والتي ما زالت بجوار النار تنتظر من يحرقها لتصبح رمادا يتطاير في الهواء,فشمرتُ عن يدي اليمنى وبدأتُ أطعم النار المصاحف التي معي واحدة تلوى الأخرى وبدأتُ أُمزمزُ عليهن وأقطعهن من خلاف وألقيهن في فم النار التي تأكل الأخضر واليابس, فمر من جانبي شقيق الحاج أبو إبراهيم ورأى ما أفعله فنظر في وجهي وقال:

-لعنة الله عليك.

-ليش تقول لعنة الله عليّ؟

-لأنك كافر وفي النار يوم القيامة.

-شو ذنبي يا سيدنا الشيخ؟

-أنت تحرق بالقرآن علناً,هل أنت مسيحي؟أم علماني؟ أهذه هي العلمانية التي تدعيها؟ تحرق القرآن.

وما أن أنهى كلامه حتى خرج من باب البيت ابن عمي يريد الذهاب إلى صلاة المغرب فنظر إلى ما أفعله وقال:

-إلى جهنم وبئس المصير.

-ليش إلى جهنم؟ شو أنا عامل؟

-يا رجل أن حاقد على الإسلام والمسلمين إلى درجة كبيرة وتريد حرق القرآن لكي تشفي غليلك.

فقلت:

- هل تظنني أنني أنتهز هذه الفرصة لحرق القرآن؟..طيب..ماشي..أصلا مش أنا اللي بدأ بهذه الحملة وهي حملة التنظيفات, هذه الحملة بدأها الحاج أبو إبراهيم, هو أول من حرق المصاحف لأن المصاحف قديمة على حسب ادعائه ويريد التخلص منها بدل اتلافها في حاوية النفايات, وبناء على طلبه أحضرتُ ما عندي من نسخ بالية وأردت أن أعطيها له لكي يحرقها ولكنني وجدته قد ذهب إلى المسجد لصلاة المغرب..واسألوه.

فقالوا:

-كمان تكذب على الحاج أبو إبراهيم؟ يا رجل هل من المعقول أن يحرق أبو إبراهيم
المصاحف؟.
-وخرجت أمي من باب الدار وهي تتكئ على عصاها, وتقول:
شو هاظا يا زلمه؟احنا ناقصنا مشاكل زي العام الماضي؟ هسع بروحوا الشيوخ يشتكوا عليك عند عمك الشيخ.
فقلت لها:
-يا جماعة الخير,أبو إبراهيم حرق أكثر من عشرة مصاحف دون أن يعترض عليه أحد,وأنا لأنني علماني الكل يتهمني بالعداوة رغم أنني أهدف إلى ما هدف إليه الحاج أبو إبراهيم, أنا أخشى على أولادي أن يدوسوا هذا المصحف وهم لا يعلمون بأنه قرآن حين يمرون من فوقه وهو على شكل أوراق منتشرة هنا وهناك في فناء المنزل, وأيهما أفضل حرق القرآن أم إلقاءه في حاوية النفايات؟ لو ألقيته في حاوية النفايات ستقولون عني بأنني كافر وأستحق الموت أو القتل, يا جماعة الخير كل الشيوخ يحرقون أوراق المصحف دون أن يعترض عليهم أحد,أما أنا فكل الناس تسبني وتدعو عليّ .

وكلما مر بجواري رجلٌ يسبني ويشتمني أو ينظر لي نظرة قبيحة, وأنا بدأ الخوف يلعب في قلبي وقد وقع في صدري وبنفس الوقت أقسم للناس بأن الحاج أبو إبراهيم هو أول من بدأ بهذه الحملة, وكل الناس يمرون من جنبي ويسبون على أبو أمريكيا وإسرائيل وعلى العلمانيين ومنهم من قال عني بأنني شيوعي ومنهم من قال بأنني شيعي, وبعد قليل حضر أبو إبراهيم من المسجد وأراد أن يستكمل ما بدأ به منذ ساعة فقصصتُ عليه قصتي مع أهل الحارة فضحك جدا وبدأ هو بالحريق بينما أنا جلستُ على كرسي السامبا أراقب ما تقوله الناس وكل الذين مروا من جواري قبل قليل وشتموني رجعوا من المسجد وهم يسلمون على أبي إبراهيم ويشكرونه شكرا جزيلا.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرح الكتابة
- جعفر الطيار
- الإنجيل غير حياتي
- بيتي هو قصري
- أنا أكثر ثقافة من الأنبياء والرسل
- ليش الدنيا خربانه!
- يجب تعليم العلمانية قبل قراءة سورة الفاتحة
- جهلاء قتلوا علماء
- جهاد الطائش
- شخصية محمد اليتيم
- القانون المدني أفضل من الدين
- أسباب الطلاق في الإسلام ليست منطقية
- لماذا لم يأتِ جبريل بالنسخة الأصلية من الإنجيل؟
- تعليم المسلمة على الرقص
- فضل المسيحيين على المسلمين
- أزمة الإنسان العربي المسلم
- سيدة فاضلة
- الجهل قابل للزيادة
- الأخلاق الإسلامية بين القوة والضعف
- ثلاثة شروطٍ للتغيير وخمسةُ شروطٍ للثورة


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - حرق القرآن