أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مادونا عسكر/ لبنان - الدّين، التّديّن، أم الإيمان ؟















المزيد.....

الدّين، التّديّن، أم الإيمان ؟


مادونا عسكر/ لبنان

الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 13:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



في ظلّ الواقع المرير الّذي نعيشه اليوم، وفي ظلّ الكذبة الكبيرة المسمّاة (الاقتتال الطّائفي) والّتي تخفي في ثناياها اقتتال أهليّ، لا بدّ من تسليط الضّوء على بعض التّعابير الملتبسة الّتي يستخدمها النّاس اليوم. وذلك بهدف الوعي في استخدام تعابيرنا الّتي بتنا نتلفّظ بها ترداداً ليس إلّا، دون التّيقّن لمعناها ولفعلها. ومن هذه الألفاظ الملتبسة، الدّين والإيمان.
الإيمان هو العلاقة الحميمة بين الله والإنسان بغض النّظر عن مفهوم الله في كلّ ديانة. وأعتقد أنّ لا خلاف عند من يؤمن بالله أنّه الحبّ والحرّيّة. ولكنّ الخلاف يمكن أن يكون على كلمة دين. ولا بأس بخلاف مشروع بين من يعتقده منزلاً، ومن يعتبره صياغة بشريّة إلهيّة، أي أنّ مسيرة الإنسان مع الله، خطّها الإنسان بوحي من الله، وبذلك تكون الخبرة الإنسانية لمسيرة الإنسان مع الله. وانطلاقاً من هاتين الكلمتين يحيا الإنسان حياته مع الله باختلاف درجات الوعيّ والنّمو الإيمانيّين. والمؤمن هو من ارتبط بالله الحبّ والحرّيّة ارتباطاً وثيقاً وبالتّالي ارتبط بالإنسان. فلا علاقة مع الله بعيداً عن الإنسان، أي إنسان، والعكس صحيح. وإن ادّعى أحدهم الإيمان واضطهد الإنسان فادّعاؤه إمّا كاذب، إمّا أنّه لا يفهم شيئاً من إيمانه.
أمّا الدّين فهو رسالة راقية إلى الإنسان تحمل الكثير من القيم الإنسانيّة والسّماويّة وهي في خدمة الإنسان ليبلغ نموّه الإنسانيّ كماله، على المستوى الجسديّ والرّوحيّ والنّفسيّ. وهذه الرّسالة إلى الإنسانيّة الّتي يختبر من خلالها الإنسان حبّ الله، لا يجب أن تتدنّى إلى مستوى السّياسات المحاكة لتدمير الإنسانيّة. كما لا يجب الإنجرار في استخدامها لاضطهاد الآخر، كائن من كان، سواء أكان مؤمناً أم لا. ولمّا كان الله حبّاً وحرّيّة فذلك يعني أنّه يتفاعل مع حبّ آخر وحرّيّة أخرى، وبالتّالي فالانسان حرّ. وإن تبيّن أنّ الله يستعبد الإنسان فهذا الله هو من اختراع الإنسان ليس إلّا. وإنّ تبيّن أنّ الدّين يُستخدم لاضطهاد الإنسان، فهذا الدّين اخترعه الإنسان أيضاً ليستغلّ أخيه الإنسان باسم الله.
ونرى اليوم كيف أنّ الدّين يستخدم ضدّ الإنسان في أغلب حالاته، وذلك لأنّ هذا الإنسان يمتلكه الخوف من الآخر، ويأسره حبّ السيطرة على الآخر. وتدنّت الأديان إلى مستوى الأحزاب، ولا أستخفّ بالأحزاب طبعاً، أو بأي فكر حزبيّ. ولكن الدّين متى تحوّل إلى حزب سيتّخذ شكلاً دعائيّاً، وكأنّه يروّج إلى مضمونه، وسينخرط في السّياسات، وسينقسم الأفراد بين مع وضد. ولأنّ الدّين رسالة إلى الإنسانيّة فلا يجب أن يكون سبب انقسام، بل وجب أن يكون هدفه جمع الإنسان بأخيه الإنسان.
إنّ الصّراع الّذي نشهده اليوم بين الأديان والّذي يستتر خلفه تدمير للإنسان، يجرّ بالانسان إمّا إلى ترك الدّين وإمّا الولوج فيه بتطرّف مميت. قلّة من المعتدلين الّذين يعون معنى مفهوم الدّين هم بمنأى عن الأفخاخ المنصوبة للإنسان. ولمّا كان الإنسان يتشبّث في أن يتفرّد بالكون باسم الله، فبالتّالي سيرذل كل من هو خارجاً عنه. ومتى تفرّد بسلطة أو حكم أو سياسة، سيكون في مواجهة شرسة مع الآخر، لأنّ هذا الآخر لا ولن يتنازل عن حرّيّته .
وإذا وصل الدّين الّذي تحوّل إلى حزب إلى سدّة السّلطة، فالمتحالفين معه أو المنتسبين له هم المتديّنون وليس المؤمنون. فالتّديّن يختلف كثيراً عن الإيمان. التّديّن هو الإلتزام بالدّين، ومن يدّعون الإيمان اليوم هم بالأغلب الملتزمون بالدّين وليس بالله (مع احترامي للجميع). لأنّ الالتزام بالله يتطلّب الكثير من الجهاد حبّاً في سبيل حرّيّة الإنسان، وفي سبيل بنائه. أمّا أن نحفظ نصوصاً ونحرّفها كما نريد ونقف عند حروفها، فوكأنّنا نقول أنّ الله مجرّد حرف، إمّا يبقى في الكتب وإمّا يتغيّر عندما تفقد الحروف معانيها. ولكنّ الله لا يتغيّر وإنّما يواكب نموّ الإنسان وتطوّره. وهذا التّمسّك الأعمى بالحرف، يقتل الإنسان روحيّاً ومعنويّاً فيتحوّل إلى أسير في سجن الحروف، وكأنّه يتصحّف قاموساً لمعانٍ محدّدة. ويقتله جسديّاً لأنّ الحروف لا تقبل التّأويل. ولكنّ الله ليس حرفاً وإنّما هو حياة. هو حرّيّة وحبّ مطلق. وأسوء ما يمكن للإنسان أن يفعله، هو أن يستخدم الله في سبيل مطامعه الشّخصيّة ومصالحه الذّاتيّة .
ما نشهده اليوم من تديّن أو من تحزّب، لا يساهم فقط في تدمير الإنسان بل الحضارات أيضاً. هذه الحضارات العريقة يسحقها المتديّن على أساس أنّها أصنام أم وثنية أو مهما كان توصيفه لها... ويخفى عليه أنّ الصّنم الوحيد الّذي يبعده عن الله هو رفض الآخر. هذا الصّنم يسجد له كلّ من افترى على إنسان بغض النّظر عن انتمائه أو دينه أو حتى إلحاده. صنم يعبده من يدّعون عبادة الله .
إنّ كرامة الإنسان مرتبطة بكرامة خالقه، وليست مرتبطة بانتمائه الدّينيّ، فلا يزايدنّ أحد على أحد. ولا يظنّنَّ أحد أنّ المختلف عنه، أقلّ قيمة منه أو بدون كرامة .
ولمّا انجرف الإنسان في هذا الصّراع الدّينيّ، تحوّل إلى وحش يتصرّف بغرائزه، ولا يحكّم العقل والمنطق، وانتفت منه المحبّة وأصبح يرى الآخر على أنّه عدوّ وجب التّخلّص منه. ولو كان مؤمناً حقيقيّاً لفهم أنّ الإنسان الآخر المختلف عنه، له قيمته وكرامته، ومكانته في قلب الله. وأدّى به تديّنه إلى الإنغماس في السّياسات الّتي هو أصلاً ضدّها، وتحالف معها وبات يخاف إزعاجها. وغاب عنه، ربّما، أنّ هذه السّياسات ستنفيه يوماً وستستغني عن خدماته بما يتوافق ومصالحها. فأين حكمة الدّين في ذلك؟ وأيّ دين يدفع الإنسان ليتصرّف وفق مصلحته الشّخصيّة أو يعلّمه أن يكون استغلاليّاً للظّروف؟ وليس خفيّاً على أحد هذه الوحشيّة في السّلوك بين الأفراد فأي دين- من عند الله- يرضى بأن يكون السّلوك غريزيّاً، دمويّاً؟؟
إذن، الإيمان شيء، والتدّيّن شيء آخر، ومنعاً للالتباس، وجب على المؤمنين إعادة النّظر بإيمانهم، وإعادة قراءة كتبهم المقدّسة بعناية ودقّة وحبّ. وليحكّموا المنطق والعقل اللّذين لا يتنافيان وحكمة الله الحبّ. ولينبذوا كلّ من يشجّعهم على نبذ الآخر وإقصائه، كائن من كان. فإن كان المؤمن مرتبط بالله، فعليه أن يرتبط بأخيه الإنسان ويسعى إليه ويحبّه رغم اختلافه عنه، لا بل إن استدعى الأمر أن يموت من أجله فعليه ألّا يتردّد . كما عليه أن يقبله كما هو، لأنّ الله يحبّ الإنسان ويقبله كما هو، ويساعده على النّموّ والتطوّر.
ومتى فقد الإنسان ارتباطه بالحبّ المطلق، فقد صورته الإنسانيّة وانحرف عنها وتحوّل إلى وحش كاسر، لا يرويه دم ولا تشبعه فريسة .



#مادونا_عسكر/_لبنان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مادونا عسكر/ لبنان - الدّين، التّديّن، أم الإيمان ؟