أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الموت على الطريقة العربية















المزيد.....

الموت على الطريقة العربية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1111 - 2005 / 2 / 16 - 10:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا هو العرس الذي لا ينتهي ,في ساحة لا تنتهي,في ليلة لا تنتهي,هذا هو العرس "العربي"لا يصل الحبيب إلى الحبيب إلا قتيلا أو شهيد...ومع الإعتذار للشاعرالكبير عن بعض التحريف.
كان مشهدا دمويا مرعبا بكل المقاييس حيث تطايرت الأشلاء في كل مكان ,بينما كانت الجثث تحترق بانتظار رجال الإطفاء,الذين أفلحوا في إخماد الحرائق بعد حين ولكن بعد فوات الأوان ,لكن من يطفئ النيران المتقدة في الصدور والنفوس والوشائج المحتقنة والمكتنزة للغيظ والسخط والجيشان,وتلك اللواهب الراقدة تحت الرماد؟ كما لم تفلح كل إجراءات الأمن, ,وسيارات الرصد والإستطلاع والإستكشاف,التي كان مزودا بها موكب الراحل , والتي قد تكون قد تعطلت "بفعل ما" , أماجيش المدربين والمؤهلين لصد أية عمليات إرهابية أو تفجيرات, فقد كان عاجزا تماما عن الإتيان بأية حركة وردع العدوان,وكانت سرعة الموت أقوى من كل خطط الأمان,ولم يخطر ببال دهاة الأمن والإستخبارات من أن يواجه رئيس الوزراء اللبناني السابق مصيره بهذه الطريقة الوحشية في أحد شوارع بيروت وعلى الطرقات,بعد حياة العز والجاه, وبرغم تلقيه عدد من التهديدات خلال الأيام القليلة الماضية, لتنتهي بذلك قصة حياة مثيرة لصعود الرجال البسطاء, من القاع إلى قمم النجاح, وقصص الكفاح الشخصية التي تبدو عبثية, وبكل أسف, في كثير من الأحيان في هذه الأصقاع.وكما لن يفلح كل خبراء التفجيرات,مستقبلا, بفك آلاف شيفرات التفخيخ الموجودة في كل الشوارع والأزقة والحارات والطرقات, حيث أصبح كل شيء مفخخا ,ومسكونا بالقنابل والعبوات, وقابلا للإنفجار وبدون صواعق أو متفجرات. ,فيما يستمر سياسيون آخرون بالتحصن في قلاع أمنية, وإجراءات أخرى معقدة تحميهم من شبح الموت الأسود الذي يطارد الجميع في راليات الموت, والسباق المحموم نحو المجهول والإنتحار.وقد ظهر زعيم سياسي, وطائفي بارز وهو مدجج بالسلاح, كناية عن تباشير حمى الموت, واحتقان الموقف بكل أسباب الإنفجار.وقد أدان أكثر من زعيم وقائد بارز هذا الإغتيال,وتم أيضا كالعادة تبادل وتقاذف الإتهامات, وهي جزء من التراث والتوابل في هكذا مناسبات ,وقبل صدور أي شيء عن نتائج التحقيقات.وكان هناك أيضا ,لا مبالاة بكل أسف من البعض,برغم حجم المأساة,لأن مشاهد كهذه أصبحت مألوفة في كل مرابع العربان.

ومع التأكيد الشديد على هول هذه الفاجعة , والأسف البالغ لهذه الخسارة الاليمة لسياسي بارز , وقبل كل شيء آخر, إنسان من هؤلاء البشر الذين نشاركهم الإنسانية, وأخوة أبعد من الدم والإنتساب ,بغض النظر عن فجور السياسات وعهرها ,والتي من المفروض أن توحد الجميع ,ولا تجعلهم كل واحد يصرخ في واد ,كما نتابع في سيرك العربان. وموت البشر بهذه الطريقة المؤلمة, والتي صارت شبه الوحيدة ,فسيبقى أمل الأحياء الوحيد هو أن يموتوا بطريقة "شريفة"و"مستورة", وأن يجدوا من يطفئ أجسادهم "المشتعلة",ويلملم اشلاءهم المبعثرة في الطرقات.وفي نفس الوقت بدأت سيمفونية الطائفية المقيتة بالعزف على كل الأوتار,والدق على كل الآلات, مؤكدة حالة التشرذم والإنشطار التي ستفشل كل الحلول الأمنية الغبية في منع انفجارات أكبر في المستقبل.

لقد ألف الجميع هذ التشهير والمهاترات العنصرية, حتى صارت من أدبياتنا التي تحفل بها كل النشرات وترددها كل الأبواق.وقد أتت هذه العملية لتثبت الفشل الذريع لكل الحلول الأمنية التي لايعرف غيرها جهابذة السياسية,ومنظرو الإستراتيجيات,وإن مسلسلات الموت مستمرة ,ولن تستثني الصغار أو الكبار ,وحالما يحدث أي أختراق, أو فراغ أمني, فهذا يعني كوارث بأبشع الأشكال.وعندما يتمكن أحد من الآخر,ويطاله بعيدا ,ولو لحظة عن سطوة الأمن وقبضة الفولاذ, فهذا يعني عمليا الموت والنهاية والإقصاء لأي كان.ويؤكد أن الأصابع دائما على الزناد بانتظار وصول الهدف داخل المنظار,وأن النفوس مشحونة بكل أنواع العداء,ولايعرف أحد في هذه الحالة من هم الأصدقاء ومن هم الأعداء ,ومن أين ستأتيه الطلقات والرشات.وأصبح الموت الطبيعي وبأمان واسترخاء حلم الأحلام لكل الأحياء.

لقد فشلت كل محاولات جمع الفرقاء وعلى مر السنين والأيام, أو نزع فتيل التشنج والترصد وانتصرت سياسات التصفيات, الحلول الوحيدة المزدهرة عند العربان,لتدخل الجميع في متوالية الإنتقام, وتبقى حالات الفصام والتشرذم والإنفصال هذه لغزا كبيرا من ألغاز الدهر والزمان ,وكيف عجزت كل الجهود في وقف, وفك, وحلحلة معضلات الإستعصاء وفي أكثر من جانب ,وعلى غير مجال.ولن يقدر أحد في يوم من الأيام من الجلوس مع الآخر والحديث معه والحوار,والتوصل إلى أي اتفاق .وظهرت الأوطان دائما كساحة لألعاب التجاذب, والمصالح, والتصفيات, وتحقيق المكتسبات ,فهل لم يكتب لهذا الجزء من العالم سوى الصراع, واستمرار أعراس الموت وحكايات الرعب والمقابر و الأشباح؟

ولقد كانت جرائم الإغتيال السياسية وعلى الدوام وفي أكثر من مكان وسيلة من وسائل إبعاد الساسة الأقوياء, ذوي القوة الطاغية والقادرين على إحداث تغييرات, ولعب أدوار قوية على مختلف الحلبات.وقد يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل اكتشاف الحقائق وبيان المستورات ,هذا إذا ظهرت في يوم من الأيام,فهناك الكثير من عمليات الإغتيال السياسي التي بقيت طي الكتمان,ولعل اغتيال جون فيتزجيرالد كينيدي, واحد من هذه الأمثلة الصارخات, في واحدة من أقوى الإستخبارات التي ظهرت على مر الأيام .ولا تؤخذ الأمور بظواهرها إطلاقا ,فوراء الأكمات الكثير من الدواهي والمخبوءات ,وما حكاية الملتحي الذي ظهر متبنيا الإغتيال, إلا ذرا في العيون من رماد التعتيم ,ومحاولة لضرب أكثر من عصفور وعلى كثير من "الأشجار والأفنان". فلا تغرنكم كل لجان التحقيقات الدولية,وهل أفلحت أصلا في بلدانها لكشف كل الإغتيالات, واجترار المعجزات ,أوهل منعت طائرات من صدم أبراج شاهقات ؟وحين يجوع البعض ويكشر عن أسنانه,فهو ليس بحاجة لدعوة من أحد لموائد الطعام ,أو التذرع بأي من الذرائع والأسباب.وأحيانا ,كل ذلك يدخل في معركة التجاذبات, والدوران في فلك امتصاص صدمة الأنفجار, التي صعقت وصمت كل الآذان.وكم من جريمة سجلت ضد مجهول, في أعتى وأدهى التحريات.وحين يكون هناك مصلحة في تجريم أحد, فليس هناك من حاجة لأية لجان وسيناريوهات وزعبرات.ومسلسل ارتكاب الأخطاء لن يستمر قطعا لنهاية الحياة,ولابد أن تعود الأمور للمسار الصحيح في نهاية المطاف. ورأينا غباء الساسة في قلاع الدولارات في تحميل بن لادن مباشرة مسؤولية الحادث وذلك قبل انهيار الأبراج,وفي ذلك دلالة كبيرة لقارئ الأحداث ,وكأنهم كانوا بانتظار هذه الهدية من السماء. ومهما يكن من أمر,وأيا كان الفاعل والجاني, في هذا المصاب, فهي عملية خلط كبرى للأوراق وبعثرة للملفات المكدسات في الأروقة والردهات.ويبقى السؤال الأهم عمن له مصلحة في موت هكذا رجال,ومن الطبيعي أن يكون هناك أكثر من جواب واحتمال.والبراعة الكبرى تتجلى في التوصل بسرعة عمن يقف وراء الأيادي التي ضغطت على الأزرار.

والسؤال المهم الآن ,لماذا لايترجل الساسة والقادة في دنيا العربان إلا بمشاهد مثيرة , ولماذا لا نراهم في الشوارع يتبضعون مثل نظرائهم في مدن الأحلام ,ولا يظهرون إلا من وراء الجيوش الخضارم, والمرافقة والحراس المدججين, بأنواع السلاح,أومن على الشرفات البعيدة عن أعين الناس, في قصور الشعوب المحكمة الإغلاق ,والمسدودة الطرقات, وهل مصير أي واحد يخرج بدون المصفحات أن يتحول إلى أشلاء على الطرقات؟وهل أقدارهم أن يبقوا حبيسي القصور ويطبق عليهم أيضا حظر للتجول بشكل من الأشكال؟

إنها ثوابت الموت, وطرق الإستئصال, وأساليب النزف وسحب الدماء التي زرعها فينا الأشرار, والكذابون الكبار,فلنحافظ عيها قدر الإمكان ,لتبقى أعلام الجامعة ترفرف فوق الجدران والساريات,ولكن هنيئا لمن كان له مخبأ في بواطن الأرض الغوار, أو باستطاعته الفرار, خلف المجرات هربا من البراكين والإنفجارات والعواصف الماحقات القادمات من خلف بوابات القمع الموصدات.
وللراحل,وآله الكرام بالغ الأسى ,وأسمى آيات العزاء.

فتحيا ,وأدام الله,...........ثوابت العربان.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفالانتاين ..........عيد الحب
- الديكتاتورية هي الحـــل
- العلمــــانية والعولمة
- طل الصيبيح ولك علوش
- حــــروب المقاطعــــة
- إنهم يأكلون الأصــــنام
- السقيفـــــة
- سجناء بلا حــــدود
- فقـــــراء بلا حدود
- لاتحاكمـــوا هذا الرجل
- مواجهـــــــــة مع الذات
- محــارق وأوشفيتزات
- النهايات المنطقيـــة
- البؤســـــاء
- الجحيــــم الموجــــود
- الصدمـــة والرعب
- توم وجيري.........للبالغين سياسيا فقط
- أهل الذمة السياسية
- تسوناميا العظمــــى
- عاصفة الصحــــراء


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - الموت على الطريقة العربية