أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت














المزيد.....

بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3795 - 2012 / 7 / 21 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منظوماتُ التحولاتِ القومية الاجتماعية العالمية بدأت كلها بالصراخ، وعبرَ شعاراتٍ حادة صاخبة، وتم الترويج لها عربياً، وقد شكلتْ نهضاتٌ قومية حكومية داستْ الملايين بشعاراتها في التحول والبناء.

في خضم هذا الفيضان العالمي شكلت الحماسة إحدى أدوات الخصب، خاصة لدى الشباب وقدموا أوقاتهم وأجسادهم في سبيل تحولات مجتمعاتهم.

كانت موجاتُ تحررٍ من الاستعمار وقد استفادتْ منها الطبقاتُ العليا، مؤسِّسة رأسماليات الدول الشرقية المختلفة، ولكن الشباب المزدهرين بالصراخ والشعارات والصراعات الجانبية لم يتطوروا فكرياً، ولم يتابعوا أفكارهم بأدوات تحليل، وبمناهج معرفة؛ كانت قراءاتُ العمال شديدةَ البساطة والتسطيح، والمثقفون يتغلغلون أكثر في مواد المعرفة، لكن جانب الحفظ وترديد العموميات من الكراريس هو الغالب لديهم، ومازال بعضُهم يؤمن بأن ثمة نموذجا للاشتراكية قد حدث، وأن النواقصَ والخيانات هي السبب في زواله، وقد وصلت هذه المحفوظات حتى لقادة أحزاب كبار، خاضوا نضالات باسلة وتضحيات جساماً، وسيطرت عليهم منطقةُ الغموض غيرُ المدروسةِ في الماركسية ذاتها، وغدا خيال مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية شعاراً مقدساً، ولم يكن حتى مارشيه سكرتير الحزب الشيوعي الفرنسي الراحل في مدحه لانجازات القطاعات العامة المبهرة في الدول الشرقية (الاشتراكية) يقدرُ على إعادةِ التحليل للتجربة، وقراءة سيرورة البشرية بين مستواها الرأسمالي المتقدم في الغرب ومستواها الرأسمالي المتخلف في الشرق، وكان الحزب الشيوعي الفرنسي نفسه جزءا من هذه التحولات، والعودة للتحليل ورؤية خطأ الانفصال بين الاشتراكية الديمقراطية والأممية الثالثة، يعني إلغاء تاريخ الحزب واعتباره خطأً.

بالنسبة الى الفرنسيين تغدو المسألة أكثر سهولة من دول كبيرة وتجارب نضالية تجذرت في الأرض مؤسسات وتنظيمات. إعادة النظر هنا تغدو هي العودة الى التعددية وتداول السلطة ونسبية الحقيقة، أما المكابرة فتؤدي الى دول شمولية عسكرية تقود المجتمعات لحروب أهلية طاحنة حيث تصعد آسيا الآن بأنظمتها الخطيرة هذه.

وكلما تأخر الإصلاحُ غدت الفاتورة أكبر، وهذا ينعكس على الكثيرين الذين خاضوا في هذه التجارب، والذين تجمدوا عند هذه القوالب، والأثمان الباهظة التي يدفعونها هي الانقطاع عن الواقع، والعيش في عالم افتراضي موهوم، لهذا ينتقل هؤلاء الكهول للدين فجأة، كإحدى خيارات عدم التطور والعودة الى المسار العادي للحياة، بلا مقدمات بحثية في تاريخ الدين أيضاً، فتسحبهم مشكلات الحياة للجمود، وتعجز أفكارهم عن الإجابات عن أسئلة الزمن الراهن، والزمن الماضي كذلك.

والشكل الديني هو خيار الرأسمالية الفردية الغالب، وهو متابعة المادة الخام للعصور القديمة، وتغدو خطراً آخر عبر استعمالها في السياسة والعودة الى الوراء وكسر كل القيم التحديثية التي دافع عنها هؤلاء الشباب سابقاً.

ونماذج المحطمين من الحلم كثيرة.

إنهم لا يقوّمون تطوير أفكارهم السابقة، والعودة الى أدوات البحث، وليس للنصوص، وأن يساهموا في الحفر، وأن يشتغلوا على الدراسات الكلاسيكية لتواريخ بلدانهم وتجاربهم الاجتماعية، ولكن ذلك صعب على الكثيرين، والذين يبقون لاتزال شُعلُ الحماسِة فيهم ذاتيةً هوجاء، فأناهم المتضخمة لا تسمح لهم بالانسحاب، والاعتراف بمحدودية مستواهم المعرفي.

إن رأسماليات الدول الشرقية الشمولية تنتقلُ بتناقضاتها إلى مستويات جديدة متنوعة، بعضها خطر جداً كما سبق القول، وتحتاجُ الى خطابات سياسية ديمقراطية جبهوية واسعة، من أجل عدم الارتداد لمستويات أكثر محافظة وأكثر تمزيقاً للبلدان، وأكثر جنوناً من الناحية العقلية.

الذي يبدأ بالصراخ وينتهي بالصمت رغم سلبية مساره الشخصي أكثر معقوليةً من الذي يبدأه صراخاً وينهيه صراخاً، فهو إذ لا يعرف عناصر شخصيته ولا عناصر الأفكار الخاطئة التي عاشها، والتي لم يحللها وينقدها ويتجاوزها، يعيش حالة تدمير ذاتية وخارجية، ويساعد القوى التي يحاربها والمتسعة الحضور حالياً، وتغدو (الأنا) هي المبرر الوحيد للوجود، الذي لم يتسم بالتواضع والموضوعية.

فالعناصر الأشد ضرراً والمتنامية في بعض البلدان المتضخمة ذاتياً هي الأخرى، تطلق قوى عادية شعبية لم تعش فترات تعدد وتنوير وتتداخل مع أشد أشكال الدول الخطرة المستعدة لمغامرات رهيبة.

الأحزاب التي كانت أدوات نضال الناس للعقلانية والديمقراطية اهترأت من الداخل، وهي كانت أدوات لمنع المغامرات السياسية، وغزاها الفيضُ العامي المتخلف، وأنهكتها ضرائبُ الصراع، وتفتت، بسبب غياب تراكمية الثقافة الديمقراطية العقلانية، ونموذخ الصارخ المسيطر هو شكل للأزمة ومظهر شخصي لها.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريقُ
- الإخوان المنشأ والتطور
- صعوباتُ التراكمِ في الخليج بالقرن ال ١٩
- صراعُ المحورين والثقافة الديمقراطية
- المقارباتُ الديمقراطيةُ مطلوبةٌ
- بين قطبينِ اجتماعيين مختلفين
- الدينُ والاشتراكية (٢-٢)
- الدينُ والاشتراكية (١-٢)
- ديمقراطيةٌ من دون برجوازية
- الطريقُ الجنوني للديمقراطية
- التنويرُ الاجتماعي
- مشكلاتُ الفوائضِ الاقتصادية في الدول الخليجية
- تداخلُ الاشتراكياتِ الخيالية
- التثقيفُ الذاتي والحقيقة
- تفكيكُ وحدةِ العمال
- تدويرُ رأسِ المال الوطني
- اشتراكيةُ الفقرِ واشتراكيةُ الغنى
- التحركات الاجتماعية والاقتصاد
- الثورةُ السوريةُ.. بطولةُ شعبٍ
- تحولاتُ العاملين بأجرٍ في الخليج (٣-٣)


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - بدأَ بالصراخ وانتهى بالصمت