أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - هل يترقى الإنسان روحيا مع الزمن؟














المزيد.....

هل يترقى الإنسان روحيا مع الزمن؟


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3787 - 2012 / 7 / 13 - 10:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كثيرا ما يدور الحديث عن ترقي الإنسان وتطوره من الهمجية إلى التحضر، ومن طور البداوة إلى طور الحضارة، ومن الكهف إلى القصر..
لكن الكون لا يلتزم بالقواعد الساذجة التي نود أن نفرضها عليه، لأن الإنسان منذ أن خلقه الله كان فيه كل مميزات التحضر والترقي. أما الحديث عن ترقي الإنسان روحيا مع الزمن فهو محض خطأ لا أساس له من التاريخ.
لاشك أن الإنسان يترقى روحيا مع تقدم عمره الخاص، من الطفولة إلى المراهقة والشباب والكهولة.. أما أن يترقى جنسُ الإنسان مع تقدم عمر الكون، فهذه هي الفكرة الساذجة التي وقع فيها البشر قديما ولا يزالون، بسبب بدأ التقويم وإضافة رقم إلى التاريخ عند طلوع كل شمس. فظن الناس أن التاريخ يسير في خط زمني متدرج ومستقيم؛ كما تسير المسطرة الهندسية المقسمة إلى سنتيمترات..
وهذا خلاف ما ذهب إليه المفكرون المعاصرون أخيرا بأن الأحداث التاريخية تكشف عن نفسها في صورة أنماط أو دورات منتظمة تظهر عبر الزمن، على عكس الرأي السائد بأن أحداث الكون والتاريخ تسير إلى الأمام على شكل خط مستقيم، وهذا ما ألمع إليه ابن خلدون في مقدته.

فالزمن يسير في شكل دوري في صورة دورات كلما انتهت دورة حلت مكانها أخرى؛ وهكذا.. فعلى سبيل المثال عندما ننظر إلى عصر الإلحاد أو عصر التكنولوجيا فليس هذا تطورا إنما هذه دورات تتعاقب على الكون وتستمر في الهيمنة والسيطرة عليه مدة من الزمن ثم تنزاح وتحل محلها دورة أخرى غيرها، فهذه العصور قد مر أشباهها في الماضي.
فعلى السبيل كما ظهر في التاريخ الحديث ملحدون هيمنوا على الكون ردحا من الزمن، حتى وُصف عصرهم بأنه عصر الإلحاد؛ كذلك ظهر في القديم أمثال هؤلاء الملحدون الذين قدموا مفاهيم الحادية حسب ثقافتهم وعصرهم القديم الذي كان يعيشون فيه..
وهكذا قل في عصر الثورات وفي عصر الالكترونيات، فقد ظهرت هذه الدورات قديما. فعلى سبيل المثال هيمنت مفاهيم الالكترونيات على الكون فترة من الزمن من خلال السحرة. لأن السحر هو تكنولوجيا العصر القديم؛ والسحرة هم علماء العصر القديم، ومن خلال السحر كان يمكن فعل ما تفعله التكنولوجيا في العصر الحديث، فمن خلال السحر كان يمكن رصد أخبار شخص ما، ومن خلال السحر كان يمكن الانتقال من مكان إلى مكان والطيران في الهواء، ومن خلال السحر كان يمكن الغوص في البحار، ومن خلال السحر كان يمكن هزيمة الأعداء، وكلما تمكن ملك من الملوك من السيطرة على السحرة كلما تمكن من السيطرة على الناس، فالسحرة هم علماء العصر القديم.

أما ترقي جنس الإنسان روحيا عبر تقدم الزمن، فهذا خطأ شنيع، روّج له بعض من ادعوا النبوة زاعمين أن الأنبياء القدامى جاءوا لفئة ساذجة من الناس، وأن دياناتهم اللاتي جاءوا به آنذاك لا تناسب الإنسان في عصر العلم الحديث!
إننا لو نظرنا إلى الهمجية والتحضر لتبين لنا أنهما سمتان إنسانيتان وجدتا قديما وحديثا جنبا إلى جنب في نفوس البشر، وهما نزعتان فطريتان من صميم تكوين الإنسان، فمن الناس من فطر على التحضر، ومن الناس من فطر على الهمجية في كل العصور وكل الأزمان، ولا فرق بين القديم والحديث، فلا نقول إن الإنسان في القرون الأولى كان همجيا بعكس الإنسان في العصر الحديث، لأن هناك من الناس من كانوا متحضرين جنبا إلى جنب مع الهمجيين، بالرغم من معيشتهم في الكهوف وامتهانهم الصيد والقنص، فبالرغم من هذه المعيشة البدائية إلا أننا نجده متحضرا في أخلاقة وعاداته وروحه وشعوره، ولا يهم إن كان يأكل الطعام بلا ملعقة أو سكين، أو كان يجلس على الأرض يتناول طعامه بغير ورد وريحان، أو من غير موسيقى وألحان، أو أضواء حمراء وزرقاء تلف المكان!.
هناك من يخلط بين الترقي الصناعي وبين الترقي الأخلاقي، ويظنهما مرتبطان، أو تابعان إتباع العلة للمعلول، والمخترعات الحديثة لم تخرج الإنسان من طور الهمجية إلى طور التحضر، ولم تساعده على النمو الروحاني والأخلاقي، اللهم إلا في الظاهر فقط، أما جوهر الإنسان فلم تمسه بشيء، والمخترعات الحديثة إنما ساعدت فقط في انحصار المظاهر الهمجية من أمام أعين الناظرين، وجعلتها تستقر في النفوس وبين الضلوع والصدور، وأكسبت البشر الحيل المتعددة لإخفاء تلك المظاهر كي لا يلمحونها في سلوك بعضهم البعض.
ولقد وجد ولا زال يوجد من بين القبائل البدائية الزعيم الذكي اللبق، الذي يفوق قبيلته ذكاء ولباقة وكياسة دون تعليم من أحد، ووجد في القبائل البدائية من هم ذوو جاذبية ووسامة، لو جدوا في هذا العصر الحديث لمالت إليهم النساء والفتيات، وأحبتهم بالرغم من بداوتهم وجهلهم بهذه الحضارة الحديثة. وكذلك الهمجية لا تزال في نفوس كثير من البشر بالرغم من الحلل البديعة التي يتزينون بها، والمركبات الحديثة التي يركبونها، وبالرغم من اللغات العديدة التي يرطنونها، وبالرغم من الثقافات المختلفة التي يلمونها، وبالرغم من أصباغ الشعر والأظافر، وفنون الكوافير والماكياج.. لأن الروح هي الروح لم تتغير ولم تتبدل منذ أن خلق الله الإنسان وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لأن الشعور والروح ينموان بمعزل عن الاختراعات ولا تأثير لأحدهما على الآخر، فالشعور ينمو نموا ذاتيا دون تعليم من أحد، ويتفتح كما تتفتح براعم الأزهار عندما يحين الأجل. فالأزهار لم يعلمها أحد كيف تتفتح، وإنما هو شيء مركوز في صميم الزهرة دون تأثير من البيئة المحيطة بها، فمتى جاء الأجل تفتحت كما هو مقدر لها من قبل، وصدق الله العظيم: "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" "ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأزهر
- ما كان خلف الطريق (نقد)
- الوراثة والاكتساب
- المرأة المصرية
- رشة عطر وقصص أخرى (نقد)
- انتهى عصر المعجزات
- الخرافة في الأديان
- يأجوج ومأجوج
- الإسراء والمعراج إشارات علمية ونبوءات مستقبلية
- ساعة بيولوجية تدق للصلاة
- الإنسان وحرية الإرادة
- مفهوم -اللوح المحفوظ- في ضوء العلم الحديث
- تأملات في ملة الصابئة
- ما هي الروح


المزيد.....




- تبدو مثل القطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أد ...
- -مقيد بالسرية-: هذا الحبر لا يُمحى بأكبر انتخابات في العالم ...
- ظل عالقًا لـ4 أيام.. شاهد لحظة إنقاذ حصان حاصرته مياه الفيضا ...
- رئيس الإمارات وعبدالله بن زايد يبحثان مع وزير خارجية تركيا ت ...
- في خطوة متوقعة.. بوتين يعيد تعيين ميشوستين رئيسًا للوزراء في ...
- طلاب روس يطورون سمادا عضويا يقلل من انبعاث الغازات الدفيئة
- مستشار سابق في البنتاغون: -الناتو- أضعف من أي وقت مضى
- أمريكية تقتل زوجها وأختها قبل أن يصفّيها شقيقها في تبادل لإط ...
- ما مصير شراكة السنغال مع فرنسا؟
- لوموند: هل الهجوم على معبر رفح لعبة دبلوماسية ثلاثية؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - هل يترقى الإنسان روحيا مع الزمن؟