أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم ابراش - الدين لا يمنح شرعية لحاكم














المزيد.....

الدين لا يمنح شرعية لحاكم


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 3742 - 2012 / 5 / 29 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


باستثناء الأنبياء والرسل فإن الله عز وجل لم يفوض سلطة سياسية لأي من البشر،كما أن الأنبياء لم يفوضوا سلطة سياسية لأي من البشر بعدهم .السلطة السياسية المرتبطة بالدولة وإدارة أمور الناس الحياتية كانت دوما سلطة دنيوية بشرية ،وكل محاولات تأسيس دولة دينية أو دولة يقودها رجال دين يدَّعون تطبيق شريعة دينية مُنزلة من السماء ،كانت دوما سلطة استبدادية وجاهلة،وهذا ينطبق على أوروبا خلال القرون الوسطى – عصر الظلمات - وعلى فترات طويلة من التاريخ الإسلامي.حالات النجاح والاستقرار التي حققها أمراء وخلفاء إسلاميون لا تعود لتطبيقهم الشريعة الإسلامية بحذافيرها بل لقوتهم وعقلانيتهم في فهم والتعامل مع الشريعة الإسلامية ،بالإضافة لظروف داخلية وخارجية مواتية،وهنا نلاحظ أنه عبر التاريخ الإسلامي فإن الإسلام المنفتح على غير المسلمين وعلى الحضارات الأخرى وعلى العقل هو الذي أسس الحضارة وأُوجد الاستقرار وليس الإسلام المنغلق على وحول النص المقدس.
وما أشبه اليوم بالبارحة ،فعندما ينشغل المسلمون بالإسلام الشكلاني،من الانشغال: بلحية الرجل ولباسه،حجاب المرأة وعلاقتها بالرجل،تشييد المساجد والتباهي بعددها وبعدد حفظة القرآن أكثر من التباهي بعدد الجامعات والعلماء،الغرق في تفاصيل قضايا ثانوية كإرضاع الكبير ومضاجعة الزوجة المتوفاة ومحاكمة الفن والفنانين، وتكفير كل من يخالفهم الرأي الخ ،فإنهم يبتعدون عن روح وجوهر الإسلام ويبقون خارج التاريخ وخارج الفعل الإنساني،وهذا هو حال المسلمين العرب الخاضعون اليوم لهيمنة أيديولوجية جماعات الإسلام السياسي الشكلاني.أما عندما يأخذون بالإسلام العملي الذي يقوم على إعمار الأرض وإعمال العقل وبفقه الواقع فإنهم يؤسسون لأمة إسلامية حضارية،وتركيا تعطينا نموذجا معاصرة على الإسلام العملي.
لم يستمد حكام المسلمين - منذ بيعة السقيفة إلى اليوم - شرعيتهم من الدين بل من قوتهم ودهائهم أو من توافق الناس عليهم قناعة ورضا أو خوفا ومداراة،لا يعني هذا أن حكام الدول الإسلامية كانوا خارجين عن الدين أو لا يطبقون الشريعة الإسلامية،بل أنهم كانوا يطبقونها حسب رؤيتهم وفكرهم ومصالحهم موظفين (فقه الواقع) ،ذلك أن القول بتطبيق الشريعة لا يعني أن الشريعة ستُطبق على مستوى نظام الحكم من تلقاء نفسها بل ستُطبق من خلال البشر الذين سيفسرون ويؤولون النصوص حسب فهمهم ومصالحهم ومصالح الجماعة حسب متطلبات العصر،نفس الأمر بالنسبة للقول (الإسلام هو الحل) فهذا القول لا يعني شيئا ذلك أن مشاكل الناس الدنيوية من فقر وبطالة وتعليم وصحة وتلوث البيئة والتصحر الخ تحتاج لحلول دنيوية من أولي الخبرة والاختصاص وهي غالبا حلول لا يوجد عليها نص في القرآن والسنة،ومن الحكمة الإلهية عدم وجود نصوص عليها.
إنه لَوَهم كبير الاعتقاد بأن الدين يمنح شرعية سياسية لحاكم أو حزب سياسي، حتى إن حَكَم البعض باسم الدين لحين من الزمن فإنه سرعان ما يأتي من يسقطه من الحكم باسم الدين أيضا أو بثورة تكشف زيف شرعيته الدينية .حتى في هذا الحين من الزمن الذي يغلف به الحاكم سلطته بشعارات الدين فإن خضوع الناس لحكمه الديني أو الثيوقراطي لا يعود لقناعة الشعب بالصفة الدينية للحاكم بل نتيجة سلطة القهر والاستبداد التي يمارسها الحاكم باسم الدين،ومن يرجع لتاريخ الأمم الإسلامية والمسيحية ماضيا وحاضرا والتي مرت بحكم جماعات وايديولوجيات دينية سيلمس بأن المراحل التي سادها حكم ديني كانت أشد مراحل الفتنة والفوضى والتخلف،لأنه كما يستطيع هذا الحاكم خداع الناس باسم الدين فسيأتي من هو أكثر خداعا ونفاقا منه ليعيد توجيه تفكير الناس ضد الحاكم وباسم الدين أيضا فتحدث مواجهات بين جماعات كل منها تَزعُم بأنها الأكثر فهما وتمثيلا للدين من غيرها ،بينما في واقع الأمر هي جماعات تسعى للسلطة والجاه والدين منها براء،في مثل هكذا صراعات يكون العنف والقتل أكثر شراسة من قتال غير المسلمين لأن كل فئة تنظر للأخرى كجماعة ضالة وكافرة من الواجب على المسلمين قتالها .
الخلل ليس في الدين بحد ذاته ،فحيث لم تتعير النصوص المقدسة في كل الديانات عبر مراحل صعود وهبوط الأمم والحضارات فهذا يعني أن الخلل ليس في النصوص المقدسة بل في البشر وكيفية توظيفهم لها . طوال أكثر من أربعة عشر قرنا من تاريخ الإسلام تفاوت حال المسلمين ما بين نهضة وكبوة ،نصر وهزيمة،حضارة سيطرت على العالم ثم شعوب خانعة متخلفة،وطوال هذه الحقبة لم يتغير النص المقدس لا قرآن ولا سنة ،فلماذا هذا الهبوط والصعود؟. الأمر لا يتعلق بجوهر الدين أو بالنص المقدس بل بالبشر وما يريدون وكيف يفهمون ويوظفون الدين . المشكلة في توظيف الدين من طرف أشخاص وأحزاب طامعة بالسلطة والجاه لا تتوفر على قدرات عقلية وعملية واقناعية لتحشيد الشعب حولهم بخطاب عقلاني عملي يضع اليد على مشاكل الناس وهمومهم ويطرح حلولا عملية واقعية لهذه المشاكل ويقوموا بدلا من ذلك بتوظيف الدين من خلال تفسير وتأويل وتلوين للنصوص الدينية وتحويلها لأيديولوجيا ولوعي زائف،وفي مجتمعات يسودها الجهل والجوع وتخضع لحاكم استبدادي يصبح من السهل استقطاب الناس لهذا الخطاب الديني كمخلص من الواقع الرديء،إلا أن هذا الاستقطاب لن يطول طويلا،لأن الشعب لا يثور لنقص في إيمان الحاكم أو لأنه غير ملتح،بل لحاجتهم لسكن أفضل وتعليم أفضل وصحة أفضل ولفرص عمل، وليس لأسياد جُدُد.



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الرئاسية المصرية وإشكالية الشراكة السياسية
- استراتيجية الحفاظ على الذات الوطنية
- نحو تعديل حكومي يؤسَس على تفاهمات المصالحة
- المطلوب ما قبل وما بعد تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين
- القدس ليست بحاجة لفتاوى رجال الدين بل لإعمارها وتحريريها
- هل سيمتد الانقسام الفلسطيني إلى منهاج التعليم ؟
- فشل تسوية الاتفاقيات ونجاح تسوية الأمر الواقع
- في ذكرى رحيل أبو جهاد نستحضر الزمن الجميل
- الثورات العربية وصعود الإسلام السياسي ومستقبل الصراع العربي ...
- مفارقات (الربيع العربي)
- رسال مفتوحة إلى السيد الرئيس محمود عباس
- مصر وأزمة كهرباء غزة والانقسام
- العدوان على غزة وكشف مستور التهدئة
- ثورة على الذات كمدخل للثورة على الاحتلال
- من استراتيجية التحرير لاستراتيجية الإلهاء
- دراسة بعنوان :من مصالحة إدارة الانقسام إلى المراجعة الاسترات ...
- من مصالحة إدارة الانقسام إلى المراجعة الاستراتيجية
- كسر الحصار ودولنة غزة
- حول مقولة أن الإسلاميين وصلوا للسلطة في العالم العربي
- جدية التهديدات الإسرائيلية بالعدوان على غزة


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إبراهيم ابراش - الدين لا يمنح شرعية لحاكم