أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حبيب فوعاني - احتضار اللبرالية الغربية















المزيد.....

احتضار اللبرالية الغربية


حبيب فوعاني

الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 13:20
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


احتضار اللبرالية الغربية
عندما سئل شو ان لاي، أول رئيس للوزراء بعد الثورة في الصين، والعقل المدبر لسياستها، عن رأيه في تأثير الثورة الفرنسية العظمى، التي وقعت عام 1879، على الحضارة الغربية - أجاب بأن الحكم عليها ما زال مبكرا. بيد أن أستاذ علوم سياسية أميركيا ذا أصول يابانية مغمورا، استعجل في ضوء الأزمة الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي عصفت بالاتحاد السوفييتي في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، لكي لا تفوته الفرصة السانحة، وأطلق نظريته، التي تؤكد نهاية تاريخ الاضطهاد والنظم الشمولية إلى غير رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين وانتصار قيم الديمقراطية الغربية، مشددا على أن المستقبل الزاهر سيكون للرأسمالية، التي تعتمد في الدور الأول على الحرية الاقتصادية غير المحدودة.
وأقسم فرنسيس فوكوياما بأغلظ الأيمان في مقالته حول نهاية التاريخ" في مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية عام 1989 على أن اللبرالية هي "نقطة النهاية للتطور الإيديولوجي البشري"، وأنها "الشكل النهائي للحكومة البشرية"، التي ستملأ الأرض قسطا وعدلا. وأنه لم يبق للوصول إلى أرض الميعاد سوى التخلص بالصواريخ "الديمقراطية" الأميركية المجنحة من نظام الرئيس العراقي صدام حسين والأنظمة الاستبدادية الأخرى، التي ملأت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظلما وجورا.
وعلى الرغم من الشهرة، التي أضفتها المقالة في أجواء أحادية القطب على منظِّـر جماعة "المحافظين الجدد"، الذين أداروا دفة الحكم الأميركية من وراء الكواليس من دون أن ينتخبهم أحد، فإن غثاثة وتهافت هذه النظرية الراديكالية الكاملين ظهرا واضحين للعِيان بعد مرور عقدين ونيِّف من الزمن على نشرها.
إذ إن التمدد الغربي الذي تلا تفكك البنيان الاشتراكي، لم يكن نهاية التاريخ، بل لعله كان بداية الانهيار، الذي يلي انبساط حدود الإمبراطوريات إلى مساحات شاسعة تعجز عن استيعابها. وذلك ليس وقفا على الدولة السوفياتية، هكذا كان الأمر مع الإمبراطورية الرومانية الزراعية، وهذا ما ينتظر الإمبراطورية الغربية ما بعد الصناعية.
فإضافة إلى بلاد الإغريق، التي تقف على شفا الإفلاس، وكذلك القارة العجوز، التي تترنح تحت عبء ديونها، تتخبط الولايات المتحدة في كارثة اقتصادية اعتبرها رئيس المصرف المركزي الأوروبي السابق جان كلود تريشيه الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. وبرأي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، هي الأخطر منذ أزمة "الكساد العظيم" عام 1929، عندما انهارت سوق الأموال الأميركية، ولاسيما أن الديون السيادية الأميركية تجاوزت حاليا 15 تريليون دولار، في حين يطالب باراك أوباما الكونغرس برفع سقفها إلى 16.394 تريليون دولار.
وهنا لا بد من التذكير بأن جذور الأزمة الحالية تعود إلى سياسة الانفلات المالية الأميركية، التي بدئ بتطبيقها عام 1971 وأسفرت عن تخلي الإدارة الأميركية عن التغطية الذهبية للدولار، وبلغت هذه السياسة أوجها في عامي 1983-1984 من عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان، التي تلخصت نظريته الاقتصادية في إطلاق العِـنان للسلطات المالية الأميركية لطبع ما تشاء من الأوراق الخضراء من دون غطاء إنتاجي حقيقي، وللتخفيض الحاد لسعر الفائدة، والسخاء في الإقراض من دون تدقيق في جدارة المقترضين الائتمانية. كل ذلك كان في سبيل حفز الاستهلاك الداخلي والرهن العقاري وتمويل السوق المعلوماتية الصاعدة و"حرب النجوم" الخيالية.
وبما أن جل التعاملات الاقتصادية الدولية تُجرى بالعملة الأميركية، فإن الدولارات الجديدة، التي تم إصدارها خلافا للمبادئ النقدية السليمة، كانت تغادر الولايات المتحدة وتهيم في أسواق البلدان الأخرى‏،‏ ليعود الرأسمال الأميركي المصدَّر على الولايات المتحدة بأرباح هائلة لا أساس اقتصاديا حقيقيا لها، وذلك على حساب بقية بلدان العالم‏.
بقي الأمر كذلك حتى نهاية التسعينيات، عندما اصطدم الأميركيون بصعوبة إيجاد أسواق جديدة يُصدّر إليها رأسمالهم المتراكم في ظل بدء تنامي اقتصادات الدول الصاعدة.
آنذاك بدأت الأموال الفائضة تتجمع في القطاع المالي، حيث كانت تنتفخ "الفقاعات المالية"، وتنفجر أحيانا، كما حدث عام 2000 عندما انهارت سوق المعلوماتية للشركات الأميركية العاملة في تقديم خدمات الإنترنت.
وإذا كانت الرأسمالية الغربية قد نجحت في الماضي حسب صاحب نظرية «نهاية التاريخ»، في تمكين الطبقات الاجتماعية الدنيا من بعض المكاسب، لحفزها على التشبث بالنظام الرأسمالي والدفاع عنه، فإن العولمة واقتصاد ما بعد الصناعة، قد وضعا حداً لذلك.
وفاقمت الأزمة الحالية حيثية يتجاهلها المسؤولون والإعلاميون الأميركيون المعاصرون، وتتمثل بازدياد شهية المجمع الصناعي العسكري الأميركي النافذ، الذي حذر من خطره على اقتصاد البلاد الرئيس الأميركي العسكري الراحل دوايت إيزنهاور عام 1953. إذ تنفق واشنطن مبالغ مهولة على قواتها بما في ذلك في أفغانستان والعراق وغيرهما.
غير أن ما يعانيه الغرب اليوم ليس أزمة اقتصادية فحسب. بل إنّ ما يظهر في الاقتصاد إنما هو قمة جبل جليد تتوارى تحته أزمات أعمق، في الفكر والاجتماع والسياسة وغيرها. والأمر أخطر بكثير من الأرقام المتداولة عن تفوّق معدلات النمو الاقتصادي في دول "البريكس" – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا - على مثيلاتها في الغرب، والتي تشير إلى اقتراب الصين من أن تصبح صاحبة الاقتصاد الأول في العالم. فالواقع الغربي ينبئ باستنفاد الغرب لرسالته الحضارية، التي تقزمت الآن إلى اللهاث وراء موارد الطاقة وإرسال الجيوش للاستحواذ على منابعها.
إنّ جدلية التاريخ تعمل الآن ضد العملاق الأميركي، والعد التنازلي لنهاية هذه الحضارة اللبرالية المنفلتة من عقالها بغير ضوابط أو قيود قد بدأ.
بيد أن الحديث في ضوء هذه الانتكاسة الدورية الأميركية عن "أفول الغرب" لا يزال مبكرا. وكذلك القول إن أيام الإمبراطورية الأميركية معدودة، إذ إن البعض مثل زبيغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر يمنحها 50 سنة أخرى من الاحتضار.
ومع ذلك، يمكن القول وبكل ثقة إن عصر هيمنة اللبرالية الغربية على العالم إلى زوال قريب.



#حبيب_فوعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو السيد بوتين؟
- كما تكونون يولى عليكم!
- بروتوكولات حكماء صهيون - أكذوبة لا تموت
- البطريرك الروسي كيريل - سياسي بامتياز
- -ويكيليكس- تكشف خفايا العلاقات الإسرائيلية-الأذربيجانية


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حبيب فوعاني - احتضار اللبرالية الغربية