أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع















المزيد.....

دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع


علي آل شفاف

الحوار المتمدن-العدد: 1078 - 2005 / 1 / 14 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"المؤامرة" في اللغة العربية تعني المشاورة, والهم بفعل ما, أو بشخص ما, أو بشئ ما. وتوحي صياغة "التآمر" على وزن "التفاعل", بتبادل الأمر أو الأوامر. حيث يذكر الجوهري في "الصحاح في اللغة", عند الفعل "أمر" ما يلي:
"وآمَرْتُهُ في أمري مؤامرةً، إذا شاورته . . . ويقال: ائْتَمَروا به، إذا هَمُّوا به وتشاوَروا فيه. والائْتِمارُ والاستئْمارُ: المشاورة. وكذلك التَآمُرُ، على وزن التَفاعُلْ . . . ورجلٌ إمَّرٌ وإمَّرَةٌ، أي ضعيف الرأي يأتمر لكلِّ أحدٍ، مثال إمَّعٍ وإمَّعَةٍ".
فيما نجد أن المؤامرة في اللغة الإنكليزية أصلها لاتيني, حيث أن كلمة "conspiracy" هي في الأصل "conspirare" اللاتينية التي تعني "to breathe together" أي (الهمس مع بعض) وهو قريب من معنى "التشاور" في اللغة العربية.

أما تعريف "المؤامرة" المعاصر فهو: "الحالة التي يوافق فيها شخصين أو أكثر على إنجاز عمل غير قانوني أو لا أخلاقي".

وأما قانونيا فـ (المؤامرة) هي: إتفاقية بين طرفين أو أكثر على خطة محددة لتنفيذ غرض غير قانوني أو لتنفيذ غرض قانوني بوسائل غير قانونية. ولا تعتبر "السرية" (عنصرا ضروريا) لهذه الجريمة على الرغم من شيوعها.

فيما يُعَرّف معجم "وبستر" ("Webster s") المؤامرة على أنها: "تجمع من الناس, يعمل بسرية, لغرض شرير أو لا قانوني".

من هنا يتضح أن "المؤامرة" ـ في حد ذاتها ـ هي أمر راجح خلف الكثير من الأحداث التي تجري بتسلسل غير منطقي, أو خلف تكرار الأخطاء بصورة غير معقولة, إذا ما أخذنا الطبيعة "الحيوانية" الجامحة للسيطرة والقوة والغلبة, التي يشترك بها الإنسان مع الحيوان ـ أي ما يسمى بـ "شريعة الغاب". إلا أنها مشذبة ومهذبة لدى الإنسان بطبائع أخرى, ينفرد بها الإنسان عن الحيوان, وبالمبادئ والقوانين الدينية والوضعية.

والآن وقبل أن نبدأ بتعريف ووصف ومناقشة "نظرية المؤامرة" لابد لنا أن نلاحظ أن هناك طريقتين أساسيتين في رؤيتنا للتأريخ هما:

أولا: الرؤية العَرَضية (the accidental view of history).
وفيها تحدث الأحداث التأريخية ـ الإنسانية طبعا! ـ عرضا (بالصدفة) وبدون سبب واضح وليس للقوى المسيطرة (الحكام مثلا) أي قدرة على التدخل فيها.

ثانيا: الرؤية التآمرية (the conspiratorial view of history)
وفيها تحدث الأحداث التأريخية بتدبير مسبق ولأسباب لا تُكشَف ـ عادة ـ للعامة, ولكنها معروفة لذوي السلطة (الحكام) في ذلك الزمان.
وأصحاب هذه الرؤية هم الذين يفكرون أو يعملون على أساس "نظرية المؤامرة".

فما هي "نظرية المؤامرة":

نظرية المؤامرة: هي الإعتقاد بأن الأحداث التأريخية أو الحالية هي نتيجة لتدبير من قبل
قوى خفية أو مؤامرات.

وهذا ـ بحد ذاته ـ تعريف لها كرؤية معرفية للتأريخ. وهي رؤية واقعية ـ في كثير من الأحيان ـ على عكس المعنى العرفي التهكمي الشائع لهذا المصطلح, الذي يعتبر أصحابه أن:
"نظرية المؤامرة" (Conspiracy Theory) هي مصطلح (عرفي) يشير إلى نظريات غير تقليدية (unconventional) حول الأحداث الجارية أو التأريخية, ويتضمن ـ هذا المصطلح ـ الدلالة على أن هذه النظريات لا أساس لها من الصحة (unfounded), وغير مألوفة (outlandish), ولا عقلية (irrational). أو ـ بطريقة ما ـ لا تعتبر ذات جدية عالية.
وعليه يستخدم هذا الإصطلاح ليشير إلى أحداث لا تترافق ـ فعلا ـ مع "مؤامرة" حقيقية, بالمعنى القانوني لها.
فـ "نظرية المؤامرة" (عند هذا الفريق) هي ـ وببساطة ـ إدعاء بحصول عمل (أو مخطط) سري إعتمادا على دليل ركيك أو غير متين. لذلك فهي تعبير يستخدم في اللغة (السياسية أو الفكرية) الدارجة للسخرية والدلالة على أن ادعاء المتكلم خاطئ أو بعيد الإحتمال أو لا دليل عليه.

فالمعارضون لهذه النظرية ـ بالمعنى العرفي أعلاه ـ أو المقللون من شأنها يتهمونها بأنها:
1. ليست مستندة إلى أدلة كافية.
2. مركبة بطريقة معقدة وغير محتملة, أي لا يمكن إخراجها إلى الواقع.

فيجيبهم المدافعون عنها بأن:
1. أصحاب القوة (المتآمرون) يخفون ويدمرون أو يعتمون على الأدلة.
2. المشككين (في آرائهم) ذوي عقليات منغلقة.
3. المشككين قد يكونوا مسيسين ومنتفعين كثيرا من الوضع القائم (الناشئ عن المؤامرة!).

في الحقيقة إن من مبررات التفكير بوجود مؤامرة ما, هو إنعدام التسلسل المنطقي لجريان أحداث ما, أو توالي جريان أحداث متعددة بطريقة خاطئة؛ أو غير معقولة. وتكرار جريانها وتركيبها بصورة معقدة, تعدم احتمال الصدفة في حدوثها. فمثلا:

إذا كان هناك مخططا لأحداث جسيمة ومؤلمة, فإن الأشخاص الذين سيعانون من جراء تأثير هذه الأحداث, سيعملون على منع ظهورها أو حدوثها, إذا ما علموا بها. والشعوب ـ عادة ـ تتوقع أن الحكومات هي التي تحميها من مثل هكذا أحداث كارثية ومؤلمة.
لكن إذا ما استمر ظهور هذه الأحداث, بعد أن توقع الناس من مسؤولي الحكومة منعها. فهذا يعني أن هؤلاء المسؤولين فشلوا في أداء الواجبات الموكلة إليهم, وليس هناك إلا تفسيرين لأسباب فشلهم. وهما:

1. أن الأحداث قهرتهم وسحقتهم ولم يكن منعها ممكنا, أو
2. أن الأحداث قد سمح لها بالحدوث أو الظهور لأن المسؤولين أرادوا لها الحدوث.

فلو أخذنا الوضع في العراق نموذجا, لوجدنا حقا! ليس هناك تفسير لما يجري من أحداث مؤلمة, سوى أحد هذين الأمرين. وهما:
إما (القصور و أو التقصير) وإما "المؤامرة".

وحسب اعتقادي! فإن كلا الأمرين ممكنا ـ بل راجحا ـ لدى واحد من العناصر المتحكمة في مجريات الواقع العراقي, أو أكثر.
وقد ينطبق أحد الأمرين على أحد العناصر, وينطبق الأمر الآخر على العنصر الآخر؛ وقد يجتمع الأمران في عنصر واحد.
ولكي نفكك هذه (الطلسمات) علينا معرفة العناصر (أو القوى) المؤثرة في الوضع العراقي, وأهدافها ووسائلها ومصالحها, ومبادئها ـ إن وجدت.

ينقل عن أحد الرؤساء الأمريكان, وهو "فرانكلين روزفلت" الذي عاصر الكثير من الأحداث التأريخية, والكثير من النظم السياسية, قوله: "في السياسة, ليس هناك ما يحدث صدفة. وإن حدث, فقد خطط له أن يحدث بهذه الطريقة". أي خطط له أن يحدث وكأنه صدفة.

إن الغرض الأساسي للمؤامرة هو الحصول على "القوة". ولابد لضمائر وأخلاق أولئك الذين يسعون للحصول عليها من أن تفسد وتنحرف, نتيجة لسعيهم هذا. لأنهم ستكون لديهم الرغبة والنية في توهين البنى السياسية والإقتصادية والإجتماعية لبلد ما, عن طريق القتل والتدمير والتخريب. ومن ثم تفجير الثورات والحروب, لكي يشبعوا رغبتهم وجشعهم للحصول على قوة أكثر.
وهذه الطبيعة الإفسادية (للسعي لامتلاك القوة), هي التي تفسر لنا لماذا لا يستطيع الفرد ذو الفكر الأخلاقي, والضمير الحي الذي لا يرغب بالإستقواء على الآخرين, ولا يفهم الرغبة لهذا الإستقواء, أن يعي ويتفهم رغبة هؤلاء الساعين وراء القوة في صنع المأساة الإنسانية من خلال الحروب والثورات.

حقيقة! من الصعب على الإنسان العادي تفهم الدوافع وراء سعي هؤلاء لامتلاك "القوة" ولو بالقتل والتدمير والإبادة . . وهذا الأمر موكول إلى علم النفس السياسي ـ ربما.

إذا فلا بد لنا من التمييز بين "المؤامرة" كواقع, و"نظرية المؤامرة" كمصطلح. وبطريقة أخرى, لابد لنا من التمييز بين "نظرية المؤامرة" كمصطلح (عرفي سياسي), يتضمن السخرية والإستخفاف, و"نظرية المؤامرة" كدراسة معرفية لإمكان حصول "مؤامرة" خلف أحداث معينة.

(*) تمت الإستعانة ببعض المقالات باللغة الإنكليزية.



#علي_آل_شفاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعور بالذات . . أثر إجتماعي وتأثر


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي آل شفاف - دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع