أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشدة الحزب الشيوعي العمالي"















المزيد.....



مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشدة الحزب الشيوعي العمالي"


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 247 - 2002 / 9 / 15 - 01:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

مَنْ ينصح مَنْ؟!!

رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشدة الحزب الشيوعي العمالي"

 

 

 

اطلعت من على صفحة موسوعة النهرين على مقالة قصيرة لصاحب مهدي الطاهر والمنشورة في يوم الاثنين (9 ايلول) تحت عنوان "رد على مناشدة الحزب الشيوعي العمالي العراقي. وقد وردت فيه عدة مسائل اود الرد عليها باختصار عبر هذه الصفحة.

تتحدث المقالة، مخاطبة حزبنا، عن "لانستطيع ان نقدم لكم النصرة لان قطار تحرير العراق قد تحرك ولايستطيع احد الوقوف امامه لمنعه من الوصول". ولم يوضح نصرتنا بماذا!! ومن المؤكد انه يقصد انتقاد موقف حزبنا من مسالة قرع امريكا لطبول الحرب  ضد جماهيرالعراق والذي مفاده بضرورة التصدي لمساعي امريكا هذه.

قبل ان ابدء ردي، اود ان اشير الى مسالة فنية معينة الا وهي  ان اول سؤال يطرح نفسه هنا هو من هم هؤلاء الـ"انهم"؟! ومن المؤكد ان قصدي ليس الاستخفاف والاستهانة باحد لانه ليس من تقليدنا السياسي، ولكن لغرض ان تكون اطراف الحديث معلومة. هل يتحدث عن حزب، جماعة، منظمة او جمعية؟ ان كان كذلك، فما اسمها؟ وماهي مكانته وموقعه فيها؟! ان قال انه يتحدث عن "الشعب العراقي"، فاود ان اعرف من اين، ووفق اي سبيل وطريقة استمد هذا التخويل للحديث باسمها؟ اما اذا كان يتحدث عن نفسه، فانه الضمير المستخدم في مثل هذه الحالات هو "لا استطيع" و"انصحكم" وليس "لانستطيع" و"ننصحكم"!!.

 انه يتحدث عن قطار تحرير العراق!! من الممكن ان يكون هذا القطار قطار تغيير صدام، من الممكن ان يكون قطار تغيير النظام البعثي (علما ان المسؤولين الامريكيين لايتحدثون عن النظام البعثي  وليس لديهم اي مشكلة معه. اذ طالما تحدثوا عن ان لاباس بمجيء احد من بين صفوف البعث او الجيش بدل صدام )، لكن ان يكون قطار  تحرير جماهير العراق فهذا الشيء يحتاج له وقفة جدية.

 اي تحرير ينتظره كاتب المقالة من امريكا؟ امريكا صاحبة السجل الدموي على صعيد العالم: من فيتنام، هيروشيما وناكازاكي، دعم العصابات الدموية المسلحة في امريكا اللاتينية والدول الاستبدادية في المنطقة والعالم، مجازرها في العراق ويوغسلافيا، الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي في العالم، امريكا الملطخة اياديها بدماء مئات الالاف من الشباب الذين راحوا ضحية مجزرتها في حرب الخليج، امريكا الملطخة اياديها بتلك الماساة التي يصعب وصفها، الحصار الاقتصادي، الذي راح ضحيته اكثر من مليون ونصف انسان معظمهم من الاطفال والشيوخ؛ ناهيك عن ما الحقته من دمار روحي ومعنوي وتراجع رهيب على جميع الاصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية، امريكا الحليف القح لدولة اسرائيل ونظام شارون الفاشي القذر في احتلاله فلسطين و حملة الابادة الجماعية التي يرتكبها يوميا ضد العزل والابرياء من جماهير فلسطين؟ ماذا تنتظر من خير ياتيك على يد امريكا والقطار الامريكي؟! ان افضل هدية تقدمها امريكا لجماهير العراق هو ان تسحب يدها من حياة ومصير وخبز ودواء الجماهير. انه ليس بقطار تحرير! ان تحرر الجماهير العراق مرهون، في جانب اساسي منه، بتحررها من تطاول امريكا على خبزهم ودوائهم، بتحررها من الاوضاع الشاذة التي خلقتها امركا والنظام البعثي المجرم، اوضاع الحرب والقصف والدمار والتجويع، من تلاعبها بحياتهم ومصيرهم.

ان هدف امريكا واضح للعيان. ليس له ادنى صلة بالمبررات التي تدعيها. اي منطق يجلس فيه  المجرم ليحاكم مجرم اخر! يجب تقديمه للمحكمة على جرائمه، لاتنصيبه قاض على العالم.  ان كان هناك من يجب محاكمته فهو بوش وكلنتون واولبرايت وغيرهم من مجرمي الحروب الامريكيين على جرائمهم لاكثر من خمس عقود بحق البشرية. ان امريكا تسعى نحو حرب لايعرف احد ابعادها. انها، ومن اجل مصالحها في الهيمنة والغطرسة، تسعى نحو جعل العراق حمام دم وكابوس مؤرق اخر لايعرف احد نهايته. ان جماهير العراق هي من ستكون ضحية هذه الحرب. هي اول من تدفع ثمنها. حرب دموية لايعرف ابعادها لجبهتين تعرف البشرية جيداً  اي مصائب جلبوها على رؤوس البشرية في العالم والمنطقة. قد تكون حربا يحرق فيها اليابس والاخضر. انه لتصور يفتقد للحكمة ان يتصور امرء ما ان امريكا ذاهبة لاقتلاع صدام وازاحته وبعدها تنعم الجماهير بعراق ما بعد صدام!! ان هذا التصور المغرض هو استسهال مفرط ستدفع ثمنه جماهير العراق لاجيال واجيال. ان نظام البعث ليس بعصابة طالبان التي فرت مذعورة مع اول قذيفة رماها سادتها في البنتاغون. ان نظام البعث شرس ولن يستسلم بسهولة. سيماطل ويقاوم الى اخر نفس وسيدفع بجماهير العراق لتغدو وقود حربه. ان مخاطر مثل هذا النظام معروفة للجميع حين يكون على حافة الموت في حرب. ان نفس المسؤولين الامريكيين يدركون هذا. يقولون، وبصلافة مجرمي الحروب، "قد نلجأ الى استخدام حتى السلاح النووي التكتيكي اذا استخدم نظام صدام اسلحة كيمياوية ضدنا"!! ان تقدير نفس الخبراء العسكريين الامريكيين  لحجم الخسائر البشرية في حالة استخدامهم للاسلحة المذكورة هي بحدود 200 الف انسان!! من قال ان الاوضاع لن تصل الى هذه النتيجة الماساوية؟! من اعطى الضمانة بعدم حصول هذا؟! ام ان صاحب المقال  من دعاة النظرية الهزيلة التي دعاتها نفس المعارضة البرجوازية العراقية والتي مفادها "ما ان يُضرب صدام حتى لن يبق احد معه"!! كم من الارواح قد تُقتَلْ في هذه الحرب؟! كم من الناس التي تُجرَحْ؟! كم يتشرد؟! كم يتهجر؟! الا يضع صاحبنا هذه الامور في الحسبان؟! ام انه من دعاة امثال علي السوداني الذي رد باستهتار وانعدام مسؤولية يحسد عليها، وبالاحرى لايحسد عليها، على مخاطر نزوح مليوني في حالة الحرب الى الحدود الاردنية بالقول ليس في ذلك اي مشكلة، فالخيام كثيرة !! والاردن لديها تجربة في اقامة المخيمات!!!

 انظر للمعارضة العراقية التي تنظر للاوضاع المقبلة والعراق كمن ينظر لفريسة، مايهمه منها هو حصته من السلطة السياسية المقبلة. "الشيعة"، الضباط، الاحزاب القومية الكردية، الاشورية، التركمانية، العشائر، ناهيك عن ضباط الجيش الذين في السلطة. كل يبكي على ليلاه. انها ترى في هذا اليوم ، يوم الحرب، عيدها. انها تعد الدقائق لهذا اليوم. انها على اتم الاستعداد لاحالة العراق الى جهنم قومي وديني وطائفي. انها عصابات اكثر مما هي احزاب سياسية. قد يقول ان الاحزاب متفقة بينها وموحدة نفسها. اقول انها على اتم الاستعداد لنسف كل اتفاقاتها متى شعرت بالغبن في نصيبها وحصتها من السلطة السياسية المقبلة. ولاورد لك مثل قريب. الم يتقاتل الحزبين الحاكمين في كردستان في حرب دموية قل نظيرها بين احزاب معارضة؟! اترى من اجل ماذا مد الحزب الديمقراطي يده لنظام البعث واعاد به الى كردستان العراق رغم انف الجماهير في 31 اب المشؤوم؟! اليس من اجل السلطة والهيمنة وازاحة الاتحاد الوطني من اربيل؟! انظر الى كل اختلافاتهم في الشهرين الاخرين، سترى انها كلها حول الحصص. الاحزاب التركمانية يقولون لاتنسوا ان هناك مشكلة اسمها التركمانية ولهذا ان اي تجاهل لنا هو تجاهل لقضية ظلم التركمان ونضال وتضحيات التركمان!! الاحزاب الاسلامية المعارضة للمجلس الاعلى يقولون ان تمثيل الشيعة ليس بكاف باشراك المجلس الاعلى وان الشيعة هو تيار اوسع بكثير من المجلس الاعلى، الحزب الشيوعي العراقي والدعوة والبعث الاشتراكي عقدوا تحالف للهامشيين الذين حرمهم الكبار من الحصة يؤكدون على ضرورة التغيير من الداخل!! لالكونهم اكثر ايمان بدور الجماهير بل هو سلاحهم امام "الكبار" الاربعة او الستة!! ان اول اجتماع فكر المجلس الاعلى بعقده بعد اجتماع احزاب المعارضة الستة مع المسؤولين الامريكيين هو مع قادة ومسؤولي قوات بدر. لماذا؟! انه لااكثر من التحضير نحو الخراب المقبل وفرض النفس على جماهير العراق بقوة السلاح.

ان السيناريو المقبل سيكون صراع اشد واعنف من حرب الخليج. لسبب بسيط ان الهدف المعلن في وقتها هو طرد الغازي من الكويت واستردادها. لهذا فان ما يسمى بوحدة العراق، بقاء النظام، عدم تدخل دول المنطقة ليست مبعث سؤال جدي. اما اليوم فهو الاطاحة بصدام مع ما يرافق هذه العملية من تدخل الدول الاقليمية في اوضاع العراق سواء بشكل سافر او عبر دعم وتسليح هذا الطرف او ذاك. فمن جهة، كلنا اطلعنا على تعهد امريكا لتركيا (بهدف كسب تاييدها ومساهمتها في الحرب ضد العراق) بتسليح التركمان وعدم جعلهم تحت رحمة الاحزاب الكردية في حالة انفجار الاوضاع. فيما تهدد تركيا بالاجتياح العسكري وضم كركوك والموصل، قوات بدر من جهتها تعد العدة لذلك اليوم اذ طالما يتحدث المجلس الاعلى عن سهر الحكيم "على الاطمئنان الى قدرتها القتالية!!، جلال الطالباني ايضا يوعد امريكا بمئات الالاف من المسلحين سيكونوا تحت امرتها في حالة شنها الحرب وان الشعب الكردي يحب الامريكان!! ولايستبعد احد عصيان ضباط طموحين يغريهم في ذلك تواجدهم على ارض العراق وكونهم مدججين بالسلاح والقوات الكافية اللازمة لمثل هذه المغامرة؛ اذ انهم لايرون مبرر كاف لتسليم زمام الامور في العراق الى احد غيرهم. ان كل هذه القوى هي عماد سيناريو اسود ومهيئة كثيرا للعب هذا الدور من اجل مصالحها الخاصة حتى لو كان على حساب حمام دم تقيمه لجماهير العراق. ناهيك عن ان قلع النظام البعثي لن يكون امرا سهلاً لسبب بسيط ان نظام البعث قوة عسكرية وسياسية مجربة واعد نفسه لمثل هذه الاوضاع وان هناك الكثيرين من المنتفعين من هذا النظام من ربطوا بقائهم، حياتهم وموتهم، بهذا النظام. وعلى هذا الاساس، ليس لهم ادنى استعداد على التسليم بسهولة. كذلك يتمترس النظام بالف نوع ونوع من القوات النظامية وغير النظامية والخاصة من الحرس الجمهوري وجهاز الامن الخاص والعديد من الاجهزة القمعية والامنية التي لايعلم بها الا امثال وفيق السامرائي والخزرجي!! مما يجعل الحرب صراع مجموعة عصابات مجرمة وبربرية.

من جهة اخرى، لاتتعدى حركة وذهنية صاحبنا، ومن مثله في المعارضة العراقية، نطاق  "صدام" و"اسقاط صدام". ان اسقاط النظام البعثي هو امل جماهير العراق، ويصعب الحديث عن اي تحسن في حياة الجماهير بوجود هذا النظام الفاشي القومي البربري. انه هدف معلن للحزب الشيوعي العمالي وقد كان اول قرار اتخذه اول اجتماع موسع لللجنة المركزية في 1993. بيد ان السؤال المطروح هنا: لو تمكنت امريكا من تحييد كل العوائق والعقبات امام حربها على جماهير العراق، ماذا سيكون عليه العالم غداً؟  الا يعني تمكنها من فرض الحرب واشعالها يعني انفلات استهتارها بحق الانسانية على الصعيد العالمي؟ الا تمتد ذراعها لاي مكان تريده وتلحق الجرائم بجماهير هذا البلد اوذاك إن فكرت باقامة حكومات غير خاضعة للهيمنة والمصالح الامريكية. ان كانت تشن حربها اليوم "ضد صدام" المجرم، ستكون غداً ضد التحررين والمطالبين باقامة عالم اكثر انسانية وعدالة. سيكون استشراء مساعيها ومخططاتها هزيمة للانسانية ومكتسباتها، الانسانية التي ناضلت عقود من اجل الدفع بامريكا وغيرها من الدول الامبريالية نحو جحرها وفرضت عليها التراجع عن مخططاتها في التدخل والهيمنة والتطاول على البشرية وخياراتها في كل مكان. ان ضيق الافق هذا وعدم النظر الى الاثار الرهيبة التي ستجرها مساعي امريكا هذه على العالم هو رسالة مناهضة للبشرية، رسالة "انا ومن بعدي الطوفان".

ان نداءات مثل هذه هي نداءات جوق يقرع طبول الحرب ويعبد الطريق لامريكا لكي تشن حربها. انها دعوات معارضة يائسة، عاجزة، عديمة الارادة، ليس لها ادنى ثقة بالجماهير وارادتها، وتبغي من امريكا ان تجلبها للسلطة من وراء ظهر الجماهير وبالضد من ارادتها. انا لااعلم النيات التي كتب بها مقالته الصغيرة. ولكنها، عمليا، وفعليا، تصب الماء في طاحونة المحرقة المقبلة لجماهير العراق. ان الترويج لمثل هذه الحملة يماثل الموقف الذي اتخذه الكثيرون من المعارضة في الدعاية لمجزرة حرب الخليج التي لم تكن حربا بقدر ما كانت حملة ابادة جماعية منظمة تحت مبررات كاذبة "سير امريكا من اجل اسقاط النظام" او "فرض الحصار من اجل اضعاف النظام وبالتالي اسقاطه". انها سياسة العمالة لامريكا والتحول الى مروجي سياساتها في العراق والمنطقة. ان هذا ليس بغريب على المعارضة البرجوازية القومية والدينية والليبرالية التي كانت على طول الخط ملحق فج وهزيل للسياسة الامريكية ومخططاتها وجرائمها.

على الانسان الذي يفكر بمصلحة الجماهير في العراق ان يقف ضد هذه الحرب والتصدي لسياسات امريكا الهادفة الى ارتكاب مجزرة اخرى بحق جماهير العراق ويعمل على حشد القوى وتعبئتها على الصعيد العالمي من اجل قطع دابر امريكا وسياساتها العدوانية. ولكن في حالة اندلاع الحرب خارج ارادتنا وعدم قدرتنا نحن والجماهير التحررية في العالم على لجمها، عندها يجب ان يرفع راية صيانة حياة وامن المدنيين من عواقبها واثارها. وان اطاحت امريكا بنظام صدام المجرم غير الماسوف عليه وصعود بديل خارج ارادة الجماهير الداعية للتحرر والمساواة، عندها سنرفع راية "اقامة حكومة تقر بالحقوق والحريات السياسية والمدنية للجماهير فوراً". ان هذا هو الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه كل مرحلة من مراحل الصراع ان نشب. اما الفرح بكون "قطار تحرير العراق قد تحرك ولايستطيع احد الوقوف امامه" هو بالضبط دعوة لهذا التحرك، الرقص لهذا التحرك. هل يستطيع الاخ الذي يعضنا ان يجيب على التساؤل التالي: لماذا ان اقسام واسعة من البشرية تناهض الحرب على العراق؟! هل كلها عميلة ومتوهمة بصدام او اشترى ذممها، وهو الوحيد الذي يتمتع بالحصافة والحكمة؟! ان هذا منطق اليائس.

 ينصحنا السيد صاحب بسبيلين لاثالث لهما اما الالتحاق بهذا القطار او بمناشدة الروس على التدخل و يغمز بـ"من الممكن ايقاظ الترابط التاريخي والفكري الذي انتهى في خضم التطورات التي حصلت في الحزب الشيوعي الروسي وقد تنجحون في بلورة فكر جديد لدى الرئيس الروسي الحالي بوتين ليكون نموذج لما كان عليه لينين وستالين والفكر الماركسي" وبعدها يتحدث عن روسيا بوصفها "الحليف الاستراتيجي" لنا وللشعب العراقي. ان يحدثنا عن السبيل الاول، نقول له مبروك عليك ركوبه. راينا مثل هذه القطارات كثيراً. الم تحمل طالبان ونميري وبينوشيت والبعث للسلطة؟! ولكنه، بهذا، يضيف دليل اخر على مناهضته لجماهير العراق وليس حرصا عليها مثلما يدعي.

اما السبيل الثاني، ان اي امرء ملم بابسط المعلومات عن حزبنا وخطنا السياسي والفكري او اطلع على اعداد قليلة من ادبياتنا الحزبية، يدرك جيدا اننا لم نعد في يوم من الايام روسيا بلدا اشتراكياً ولم يمت بادنى صلة باشتراكية ماركس ولينين ولم يكن حليفنا ناهيك عن "الاستراتيجي". ان ما اقيم في الاتحاد السوفيتي هو استلام العمال وعلى راسهم البلاشفة للسلطة السياسية ولكنهم اخفقوا في ارساء البديل الاقتصادي الاشتراكي. ان هذا للعلم فقط ولا انوي الاطالة اكثر من ذلك في هذا الموضوع. ان كلامه هذا لايتعدى دعاية مناهضة للشيوعية.

 اما حول نصحنا، بصراحة اقول، ولست مجبر هنا على اللجوء الى تواضع كاذب،  ليس السيد صاحب ولا امثاله من ينصح الحزب الشيوعي العمالي العراقي. ان سياسات ومواقف الحزب منذ تاسيسه ولحد الان (وعدة سنوات قبل التاسيس، اي على صعيد (5) من المنظمات الشيوعية العمالية وعشرات من الحلقات والمجاميع العمالية والاشتراكية في العراق) تشهد على حقيقة صحة وعمق نظرته ووقوفه الثابت والراسخ في خندق الجماهير. اوصيه بمطالعة الاعداد الـ(51) من جريدة الحزب، الشيوعية العمالية، على صفحة الحزب التي عنوانها www.wpiraq.org  و(49) عدد من جريدة "النضال الشيوعي" واتحداه ان يجد حرفا يناقض اخر طيلة هذه السنوات او حرف واحدا يدلل على اتخاذنا خندق غير خندق الجماهير الساعية للرفاه والتحرر. اننا وقفنا ضد حرب الخليج وقلنا انها حربا ليست لها ادنى ربط بردع المعتدي ولا بسيادة الكويت، ولا باقامة عالم الديمقراطيات وانهاء الديكتاتوريات، وانها حرب من اجل الهيمنة الامريكية في عالم يشهد فقدان مبررات بقاء هذه الهيمنة و بقاء تزعم امريكا للناتو بعد زوال نقيضها الكتلة الشرقية. اكدنا على ان الحصار جريمة يجب رفعه فورا. وان الحصار سيقوي النظام لايضعفه، انه سياسة مناهضة لجماهير العراق، وان الحصار ليس له ادنى ربط بفرق التفتيش وبموضوعة اسلحة الدمار الشامل. وقفنا بوجه تشكيل المنطقة الامنة وقلنا انها لاتستهدف حماية الاكراد. انها سياسة تحويل مجتمع كردستان الى مخيم لللاجئين، صالون انتظار، ينتظر الصدقات من الغرب. قلنا ان المنطقة الامنة هي اداة بيد امريكا للضغط على النظام البعثي. وبعبقرية مذهلة قال قائدنا منصور حكمت، بعد يومين من 11 ايلول ان العراق سيكون على القائمة الامريكية لتصفية الحساب الجدي معه و.. عشرات المواقف والسياسات والتكتيكات السياسية الصحيحة والراديكالية والانسانية. وفي الوقت ذاته، اوصيه بان يفكر بحال نفسه ويسال نفسه كم من التقلبات السياسية والفكرية التي مر بها طيلة هذه الاعوام؟! اوصيه بقراءة ادبيات مجمل احزاب المعارضة من مجلسها الاعلى الذي تنقل من الطاغوت الاكبر (امريكا) الى دليل استخباراتي له في جلسته الاخيرة، بالاضافة الى الاحزاب المعارضة الخمسة الاخرى، مع امريكا. لينظر الى جلال الطالباني، رمز القرقوزية والتقلبية السياسية الذي هو على اتم استعداد لتغيير مواقفه عدة مرات في يوم واحد، مسعود برزاني الذي  كان يتحدث، ولحد الامس،  عن صدام بوصفه "رئيسه" وقدم ارواح المئات من المعارضة في الموتمر الوطني الموحد الذي هو عضو فيه هدية للنظام البعثي في 31 اب 1996، لينظر الى الحزب الشيوعي العراقي الذي تنقل من تاييد الحصار الى رفعه بدون قيد او شرط مرورا باطروحة "رفع الحصار عن الشعب وابقاءه على النظام"!!. ناهيك عن السامرائي والخزرجي ومشعان الجبوري وغيرهم من المجرمين الذين سجلهم واضح للجميع. ليقرأها ويرى ادبياتها وتحليلاتها السياسية قبل ستة اشهر (لاتذهب بعيداً) هل تشبه في شيء مواقفها اليوم؟!!

لا اتحدث هنا عن مجمل المنظومة الفكرية والسياسية للشيوعية العمالية وحزبيها الايراني والعراقي حول ابحاث انهيار الاتحاد السوفيتي والتجربة السوفيتية، تحولات اوربا الشرقية، حرب الخليج، الاوضاع السياسية في العراق وكردستان، القومية، الديمقراطية، الاسلام السياسي، 11 سبتمبر وغيرها والتي اوصيه واوصي كل المهتمين بقرائتها و دراستها.

يتحدث في خاتمة المقالة القصيرة عن الشعب العراقي بوصفه "شعب على قدر حاله لم يستطع الوقوف امام صدام طيلة اكثر من ثلاثة عقود فكيف يستطيع الوقوف ضد امريكا". ان بقاء النظام وديمومته ليس مدين لـكون الشعب العراقي "شعب على قدر حاله". انه مدين لعدة عوامل ياتي في مقدمتها خلال العقد الاخير هو الحصار الاقتصادي الظالم الذي ركع وانهك الارادة الثورية والطاقات النضالية للجماهير. ان توجب على النظام البعثي ان يعطي شارات تقدير لمن ساهم ببقاءه، فعليه ان يقدمها لامريكا وسياساتها قبل اجهزته القمعية والاستبدادية. ان بقاءه مدين ايضا لعوامل منها سياسات المعارضة العراقية البرجوازية الراهنة التي بثت واشاعت الوهم عند الجماهير لعقود منها، على سبيل المثال، الحزب الشيوعي العراقي الذي دافع عن هذا النظام واضفى على حكمه شرعية طيلة ايام الجبهة الوطنية القومية غير التقدمية، الاحزاب القومية الحاكمة ايضا في كردستان، ناهيك عن رجالاته الذين انشئوا دكاكين اسموها احزاب معارضة للنظام. ان بقاءه مدين للاوضاع الشاذة التي دفع بها المجتمع طيلة اكثر من عقدين. في الحرب العراقية الايرانية الرجعية، كان اكثر من 85% من الذين تتراوح اعمارهم بين 15- 65 عاماً هم في الجبهات او المعسكرات!! اي عماد القوى التحررية والداعية للتغيير وبالاخص الطبقة العاملة. ان جماهير العراق ليست على قدر حالها!! ان ضعف مبادرتها الثورية نتاج اوضاع مادية، سياسية واقتصادية معينة. ولكن المشكلة لاتكمن هنا، بل تكمن في مكان اخر. اذ ان الاستنتاجات العملية لهذه الـ" على قدر حالها" هي "طالما انها كذلك، فاذن يبرر لنا جرها كملحق لنا ولسياساتنا". ان هدف هذا التصور هو التنكر لاي دور لها ورسم البديل السياسي بمعزل وبالضد من ارادتها. ان هذه هي فلسفة الممارسة السياسية للاحزاب البرجوازية التي تبغي اجراء تغيير شكلي في السلطة السياسية وتديم عمر حكم نظامها الراسمالي المشؤوم، تستبدل ثلاثة عقود من الاستبداد البعثي باستبداد قومي اوديني اخر.

ختاما اقول، ان جماهير العراق ليست وحدها في الميدان، ان هناك جبهة عالمية انسانية، عالم متحضر يناضل يوميا وطيلة عقد كامل ضد سياسات امريكا تجاه جماهير العراق سواء ضد الحصار، القصف، الحرب..الخ ولكن دعاة تصور صاحبنا هذا هم طابور خامس بين صفوف جماهير العراق. طابور يجب احباط دوره واثاره المناهضة لجماهير العراق. وانها لمهمة الحزب الشيوعي العمالي وسائر التحررين في العراق.

          

    

 



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص خطاب في مراسيم رحيل منصور حكمت- ستوكهولم
- يجب رفع الحصار فورا ودون قيد او شرط
- ورحل شامخاً!!
- اعلان شيعة العراق.. سيناريو جديد مناهض للجماهير
- قرع امريكا لطبول الحرب سياسة مناهضة لجماهير العراق
- الاوضاع الاخيرة في فلسطين!!
- الاحزاب الشيوعية العربية والاصطفاف في خندق الاسلام السياسي


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشدة الحزب الشيوعي العمالي"