أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - من الحزب القائد إلى الدين القائد















المزيد.....

من الحزب القائد إلى الدين القائد


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 3644 - 2012 / 2 / 20 - 19:43
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


لم يأت مشروع الدستور الجديد في مناخ سياسي يسوده الاستقرار وحرية الرأي عبر المنابر السياسية والثقافية . ولم يأت في ظروف تتيح للقوى الطبقية الاجتماعية أن تعبر عن مصالحها عبر منظمات ومؤسسات نقابية ، بل جاء في غمرة أزمة سياسية عنفية شاملة تم اختراقها إقليمياً ودولياً وإرهابياً ، قد تنقل البلاد إلى الأسوا .. إلى حال يفقد السوريون فيها قدرتهم على السيطرة على سير الأحداث وعلى الحفاظ على وطنهم وتقرير مصيرهم .

ولهذا ، فإن مشروع الدستور ، قد جاء بالمجمل ، توافقياً ، بين القوى السياسية والاجتماعية القابضة على الحكم أو المنتفعة به ، حيث عزز في نصوصه وما بين نصوصه من ا ستدامة مصالح هذه القوى ومن بقائها في الحكم ، وجاء متلاقياً نسبياً مع قوى معارضة تعمل على تحقيق برنامجها الوطني الديمقراطي حيث ا ستجاب لمطالبها ، وخاصة ، في إنهاء امتيازات " الحزب القائد " الذي كان يتمتع به حزب البعث في قيادة الدولة والمجتمع ، وفي إحياء التعددية الحزبية السياسية وآليات التعبير الحرة المتعددة عن الرأي ، وفي تحديد سقف زمني لولاية رئيس الدولة . كما جاء محافظاً على عدد من المكاسب الاجتماعية التي تحققت في المراحل السابقة ، لاسيما ، أن يكون نصف مقاعد مجلس الشعب للعمال والفلاحين ، وأن تتكفل الدولة بمجانية التعليم والخدمات الصحية وغيرها .

لكن مشروع الدستور هذا ، لم يستطع التجاوب الحاسم مع متطلبات الواقع الاجتماعي المتردي على كل الأصعدة وأبرزها .. العمل .. السكن .. وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب والأجور في أوساط الطبقات الشعبية . فقد اكتفى بتوسيع مفهوم الحد الأدنى العام للأجور ، والتأكيد على دور القطاعين العام والخاص في تحقيق النمو الاقتصادي ، الذي عليه أن يتوخى العدالة الاجتماعية ، تاركاً هذا الحسم وتحديد مضامين العدالة الاجتماعية للقوى ، التي ستفرزها العملية السياسية تحت سقف الدستور الجديد ولبرامجها السياسية الاجتماعية .

وإذا كان هناك الكثير من الملاحظات على مضامين مشروع الدستور الجديد ، فإن هناك ثلاثة مسائل مثيرة للإنتباه ، حول طريقة إعداده وطرحه على الاستفتاء ، وحول الثقة أو الضمانات لإلتزام النظام القائم بما جاء فيه ، وحول دين رئيس الدولة وتحديد الفقه الاسلامي مصدراً رئيسياً للتشريع .

من البديهي في غمرة الأحداث وتداعياتها الخطيرة أن يتم اللجوء إلى تشكيل لجنة لإعداد صيغة مشروع لدستور جديد ، وقد كان من الأفضل في ظروف أخرى يسودها الاستقرار والحرية ، أن توكل هذه المهمة إلى برلمان منتخب ديمقراطياً ، وبما أن اللجنة قد أدت مهمتها وسلمت مشروعها الدستوري للرئيس ، فقد كان من الأجدر قبل طرحه على الاستفتاء أن يطرح على الرأي العام لإبداء الرأي في نصوصه ومضامينه ، ومن ثم تعاد صياغته على ضوء الآراء السديدة حوله . وبعد ذلك يطرح على الاستفتاء لإقراره .

على أية حال ، فإن مشروع الدستور الذي سيتحول بعد الاستفتاء يوم الأحد القادم ، من مشروع إلى دستور ستعمل الدولة السورية بمقتضاه ، أو هكذا يجب أن يكون ، يطرح السؤال ، إذا سلمنا جدلاً بواقع ، أن مشروع الدستور رغم ما يحمله بنظر البعض هنا أو هناك من سلبيات قد جعله الاستفتاء نافذاً ، فما هي الضمانات أن يلتزم النظام بما جاء فيه من إيجابيات ، لاسيما المتعلقة بالحريات العامة ، والتعددية الفعلية الحزبية ، وكفالة الدولة للتعليم المجاني والخدمات الصحية ، ومفاهيما الحد الأدنى العام للأجور ، والعدالة الاجتماعية ؟

لاشك أن ارتقاء السياسة في سوريا من نظام أحادي إلى نظام تعددي ، يشكل افتراقاً هاماً بين مرحلتين سياسيتين . وحسب درجة هذا الافتراق التي سيحددها ميزان القوى السياسي الداخلي والإقليمي والدولي ، سيكون الحكم الايجابي أو السلبي الحاصل ، وسيكون الحكم على مدى التزام النظام الحاكم بما اقترحه وعمل من أجله " من إصلاحات " .. وكما أعتقد أن عامل الضمان الأساس هو الشعب .. هو مجموع القوى والتعبيرات الشعبية التي ناضلت طويلاً للحصول على الحرية ، والتي تقع عليها مهمة تكريس الافتراق الحقيقي بين المرحلتين المذكورتين .. وأكاد أعتقد جازماً ، أن حلفاء النظام على المستويين الإقليمي والدولي وفي مقدمتهم روسيا والصين ، لايمكن أن يتابعوا دعمهم للوضع السوري إن لم تتحقق الإجراءات المنوط بها إشاعة مناخ سياسي ديمقراطي جديد التي يعد بها النظام .

إنها مسألة كبيرة جداً أن يسترد الشعب السوري حريته وحياته السياسية دون حزب قائد يستدعي مصادرة السياسة وقمع الرأي وحق الاختلاف والإبداع . لكن من المؤلم أن تأتي دسترة حرية الشعب ناقصة ، عبر تكريس الطائفية في قيادة الدولة والمجتمع . فقد حدد مشروع الدستور دين رئيس الدولة وربط المصدر الرئيس للتشريع بفقه شريعة دين رئيس الولة . وانتقلنا بذلك من " الحزب القائد " إلى " الدين القائد " . بمعنى أن مشروع الدستور قد ’حمل موروثات عهود الحكم المتخلفة المتعاقبة منذ مئات السنين ، وتجاوز الحاجة الملحة وطنياً وأخلاقياً وحضارياً إلى فصل الدين عن الدولة كخطوة لابد منها.. للحرص على مكانة الدين الإيمانية والأخلاقية والثقافية والإنسانية ، ولانطلاقة الدولة كآلية ، للتحرر من إرث متخلف في ممارسة السلطة ، وفي بناء العقل و حركة الثقافة من خلال ا ستغلال الدين والمؤمنين .

ربما ، بل من المؤكد أن النصوص المتعلقة بدين رئيس الدولة ومصدر التشريع ، لم توضع عفوياً أو جزافاً ، بل هناك اعتبارات موازين ومصالح القوى السياسية والاجتماعية المتصارعة في الأزمة السورية الراهنة الداخلية والإقليمية ، خاصة وأن المعارضة بجل تلاوينها وخلفياتها لاتجرؤ على التصدي لاستحقاقات علمنة الدولة ، بل تراهن على القوى الدينية لاكتساب دعمها في حراكها لاستلام السلطة . وإذا عدنا إلى مكونات " المجلس الوطني " في استانبول لوجدنا قواه الأساسية من القوى الدينية والأخوان المسلمين . وكذلك الأمر بالنسبة لهيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي التي يغمرها الهوى الإسلامي وتتجنب طرح ما يمس علاقة الدين بالدولة . وهذا يدخل في عداد النتائج الكارثية الوطنية والسياسية للصراع اللاديمقراطي واللاعقلاني على السلطة .

وفي هذا المقام لابد من مقاربة بعض الحقائق على الأرض .. هل من العدل ، أن يمنح الانتماء الديني المرأ امتيازاً على غيره في ديانات أخرى ، في الحرية ، والسيادة ، والكرامة .. ويمنحه شرف الزعامة والرئاسة ؟ . إذا كان الأمر كذلك .. كيف لنا أن نفضل عبد الحليم خدام المسلم الذي يدعو حلف الأطلسي الاستعماري لغزو بلده على المطران هزيم أو المطران كبودجي ..اللذين يدافعان عن الوطن والوحدة الوطنية ؟ .. كيف لنا أن نفضل الملك عبد الله آل سعود خادم الحرمين الشريفين الذي اصطف ويصطف علناً مع الدول الاستعمارية وإسرائيل ضد المقاومة وضد ليبيا وسوريا على المطران عطا الله حنا الصامد دفاعاً عن القدس والمقاومة والعروبة ؟ وكيف لنا أن نقيم أنظمة مفوتة في الخليج تزعم أنها تطبق الشريعة الاسلامية وملوكها وأمراؤها عريقون في نهب المال العام ، وحب تعدد الزوجات ، واللعب في البورصات المالية تحت الهيمنة المالية الصهيونية ، ويستمتعون بالولاء للغرب الاستعماري لحماية عروشهم .

من هنا ، فإن لم ’يلغ النص الطائفي في الدستور ، فلن تكون هناك ديمقراطية حقيقة .. ولاحرية حقيقية . إنه من العار أن يظل ’يمارس في سوريا ، التي يمتد تاريخ حضاراتها ، كما يقال ، إلى آلاف السنين ، الطائفية في الحكم بأي شكل كان . إنه لمن المخجل على أي سوري معارض أو من أهل الحكم أن يقبل بقاء النص الطائفي في الدستور .. المساواة في الحقوق تعني المساواة في حرية المعتقد وفي حقوق المواطنة .. ومثلما الكرامة لاتتجزأ .. فإن الديمقراطية والحرية لا تتجزأ ..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضريبة السلاح ولعنة الدم
- دفاعاً عن الرايات الوطنية
- إعادة الاعتبار - للثورة - .. واليسار .. والاشتراكية
- إنتهاء زمن الحزب القائد
- من سيحدد خواتم الأزمة السورية
- الباحثون عن الشرعية والدعم خارج القاعدة والوطن
- العناوين الغائبة في الحوارات والمؤتمرات
- الثورات السلمية المغدورة
- سوريا بين عهدين
- في الحوار واللاحوار
- إيقاعات رقصة الحوار المر
- بين حوار الدم وحوار العقل
- الخطوة الأولى لأي إصلاح أو حوار
- الوطن قبل وفوق الجميع
- أول أيار ومواسم الحرية
- سوريا جديدة ديمقراطية آتية ..
- السوريون على طريق الحرية
- ضد الاستبداد والتدخل الخارجي
- السوريون يتحفزون للثورة
- الثورة الليبية والتدخل التآمري الدولي


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - من الحزب القائد إلى الدين القائد