أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السيد نصر الدين السيد - كهنوت الإسلام















المزيد.....

كهنوت الإسلام


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 19:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تثيرعبارة "الكهنوت الإسلامى" حفيظة أحبابنا من الإسلاميين، وليس كل المسلمون بالطبع، وتدفعهم للرد بلهجة واثقة جازمة قاطعة بأنه "لاكهنوت فى الإسلام". وما أخبيش عليكم فإنى ألتمس لهم بعض العذر فى ردهم هذا... !. فرجل الدين فى الإسلام لايملك الحق فى غفران خطايا الإنسان. وهو الحق الذى يتمتع به رجل الدين فى المسيحية، الأرثوذكسية والكاثولكية، إنطلاقا من تفسيرهم لآية إنجيل متى "الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا فى السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولا فى السماء" (متى 18: 18). ومن عجائب الأمور أن تساير الغالبية العظمى من مثقفى التجديد الإسلاميون فى رأيهم هذا...! إلا أن أحبابنا من الإسلاميين، وغيرهم ممن يوافقهم فى الرأى، قد غاب عنهم أمران. الأمر الأول هو ما تخبرنا به دراسة تاريخ الأديان، بكافة أشكالها، من أنه "لادين بدون كهنوت". أو بعبارة أخرى لايستغنى أى دين عن وجود طائفة من المؤمنين به تقوم على رعايته والحفاظ على بقائه حيا فى نفوس أتباعه، وتعمل على نشره بين غير المؤمنين به. وفى البداية تتكون هذه الطائفة من مجموعة صغيرة العدد من المقربين من صاحب الدعوة عقب وفاته مباشرة، وهم الذين يعرفون بالصحابة أو الحواريون. إلا أنه مع مرور الزمن يزداد عدد أفراد هذه الطائفة لتضم أناسا لم يشهدوا ميلاد الرسالة ويرافقوا صاحبها. وتتعدد مسميات هذه الطائفة من دين لآخر فهى فى المسيحية "الإكليروس"، وهى فى الإسلام قد تكون "الفقهاء" أو "علماء الدين" أو "أهل العلم"، أو ما يمكن أن نطلق عليهم، على وجه العموم، إسم "الكهنوت".

وبمرور الزمن وتزايد المساحة التى ينتشر فيها الدين الجديد وتزايد أعداد المنتمين لطائفة الكهنوت هذه تبرز الحاجة لـ "أشكال تنظيمية" تنتظم فى إطارها أنشطتهم. وتتعدد هذه الأشكال تعددا شديدا ما بين "منظمات رسمية" Formal Organizations، من ناحية، و"منظمات غير رسمية"Informal Organization، من ناحية أخرى، وما بينهما من "منظمات شبه رسمية"Semi-Formal Organization.

وتتميز "المنظمات الرسمية" التى ينتظم فيها أفراد الكهنوت، التى من أبرز أمثلتها الكنائس المسيحية الكاثوليكية أو الأرثوذكسية، بعدة خصائص من أهمها "الإستقرار"، "التنظيم الهرمى" Hierarchy، و"وجود قواعد وقوانين مدونة تحكم عملها". وأولى هذه الخصائص، "الإستقرار"، تعنى حفاظ هذه المنظمات على هيئتها وبنيتها عبر الشروط الصارمة لقبول أعضاء جدد بها، هذا بالإضافة إلى تمسكها المستميت بالتقليد والتقاليد. أما "التنظيم الهرمى" فهو التنظيم الذى يأخذ شكلا هرميا تتركز أغلب السلطات فى أيدى من يشغل قمته بينما تقل السلطات تدريجيا فى أيدى التابعين ممن يشغلون الطبقات الأدنى من طبقات الهرم. ومن أمثلة هذا التنظيم تنظيم الكنيسة الأرثوذكسية الذى يتبدى فى رتب رجال الدين المسيحى (لإكليروس) الثلاث: "رتبة الشمامسة" (بدرجاتها الخمس: المرتل، القارئ، مساعد الشماس، الشماس الكامل، ورئيس الشمامسة)، و"رتبة القسيسية" (بدرجاتها الثلاث: القس، القمص، والخورى إبسكوبس)، و"رتبة الأسقفية" (بدرجاتها الثلاث: الأسقف، المطران، والبطريرك). وأخيرا يتميز هذا النوع من التنظميات بوجود ما يعرف بـ "القوانين الكنسية" التى تعتبر تطبيقا للإيمان المسيحى وتشكل الأساس للسلوك المسيحى على مستوى الفرد والكنيسة ككل.

وعلى طرف النقيض من "المنظمات الرسمية" نجد "المنظمات غير الرسمية" للكهنوت، التى أبرز خصائصها "السيولة"، "التنظيم الشبكى" Network Structure، و"غيبة قواعد صريحة تحكم عملها". وأولى هذه الخصائص، "السيولة"، التى تعنى السهولة النسبية لإنضمام أفراد جدد للمنظمة غير الرسمية، هذا بالإضافة إلى التنوع الشديد فى أشكالها. أما خاصية "التنظيم الشبكى" فيعنى توزيع "شبه متساوى" للسلطات بين الأفراد المنتمين للمنظمة حتى وإن تقدم بعضهم لمكان الصدارة. وأخيرا تتميز المنظمات غير الرسمية بعدم وجود قواعد صارمة تحكم أنشطة المنتمين إليها.

أما الأمر الثانى فهو مايخبرنا به علم مقارنة الأديان عن الوظائف الأساسية التى يقوم بها المنتمون لطائفة الكهنوت أيا كانت الهيئة التى ينتظمون عليها، رسمية أو غير رسمية أو شبه رسمية، وأيا كان الدين الذى ينتمون إليه، سماويا كان أو وضعيا. وأولى هذه الوظائف هى إقامة الطقوس والشعائر التى على المؤمنين أداءها. أما ثانى هذه الوظائف فهى تفسير النصوص المقدسة طبقا لفهمهم لها وبيان معانيها للعوام من المؤمنين. وأخيرا تأتى ثالث وظائفهم وهى مراقبة السلوكيات اليومية لجمهور المؤمنين وتوجيههم لما ينبغى عمله ولما يجب عليهم تجنبه.

لهذا كله يمكننا القول أن للإسلام له كهنوته، مثله فى ذلك مثل أى دين، حتى وإن كانت له خصائصه التى تميزه عن الآخرين. ولعل أبرز هذه الخصائص هى طبيعة المنظمات التى تنتظم فيها أنشطة أفراد الكهنوت الإسلامى أيا كانت مسمياتهم "فقهاء" أو "علماء الدين" أو "أهل العلم". فأغلب هذه المنظمات هى "منظمات غير رسمية" تتعدد أشكالها ما بين إتحادات أو روابط أو جمعيات أهلية أو مجمعات فقهية. ولعل "الإتحاد العالمى لعلماء المسلمين"، الذى تأسس عام 2004 تحت رئاسة الشيخ يوسف القرضاوى، هو أحد أبرز أمثلة هذه المنظمات. ويعمل أفراد الكهنوت الإسلامى على تعزيز وتضخيم الدور الذى يلعبونه فى المجتمع، هم ومنظماتهم غير الرسمية، عبر آليتين. الآلية الأولى هى الإعلاء المبالغ فيه من شأن أنفسهم بوصفهم "أصحاب العقول الصحيحة الذين وهبهم الله التمييز بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال" [1]، وبدورهم خماسى الأبعاد [2]: بيانُ الحقِّ، وتبليغهُ للنَّاس؛ تعليمُ النَّاس ما يحتاجونَ إليه من علومِ الكتابِ والسُّنةِ، وتزكيتهم وفق هذا العلمِ الصحيحِ؛ الدَّعوةُ إلى اللهِ؛ وإحياءُ شعيرةِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكر؛ إفتاءُ النَّاسِ، وبيانُ أحكامِ الشَّريعةِ لهم مِمَّا يُشكلُ عليهم منْ مسائلَ في حياتهم؛ التصَدِّي للتياراتِ الجارفةِ بالأمةِ منْ أهلِ البدعِ والضلالِ. أما الآلية الثانية فهى تهميش العلوم الوضعية (غير الشرعية) والتحقير من شأنها فـ "ليس كل علم يسمى علما فإنما العلم علم الديانة، وعلم الشريعة، والعلم الذي علمه ربنا سبحانه لأنبيائه، وبلَّغه أنبياء الله تعالى إلى أممهم، فهذا هو الذى يحصل به الشرف" [3].
المراجع
[1] موقع الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
http://www.binbaz.org.sa/mat/8201
[2] موقع الإسلام الدعوى الإرشادى
http://www.al-islam.com/Content.aspx?pageid=1198&ContentID=2578
[3] عزمى عبدالله عمران، فضل أهل العلم وشرفهم، 2011
http://azmiimran.maktoobblog.com/1617039/%D9%81%D8%B6%D9%84-%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85-%D9%88%D8%B4%D8%B1%D9%81%D9%87%D9%85/



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة النص ومآساة دوماستان
- لماذا أنا عَلمانى؟


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السيد نصر الدين السيد - كهنوت الإسلام