أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - في مفاهيم:الحراك، الانتفاضة -المغرب كنموذج-















المزيد.....

في مفاهيم:الحراك، الانتفاضة -المغرب كنموذج-


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 3589 - 2011 / 12 / 27 - 01:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كل مقاربة، لكي تكتسي طابع الجدية والقدرة على التحليل والنقد، تقتضي أولا ضبط أدوات اشتغالها التي من أهمها المفاهيم. لقد استرعى انتباهنا ونحن نتابع أحداث العالم العربي، على مستويي الميدان والكتابات، نوعا من التعامل الفضفاض والغموض لعدد من المفاهيم التي من بينها مفهومي الحراك والانتفاضة تاركين مفهوم الثورة إلى فرصة أخرى؛لذا خصصنا هذه المقاربة لرفع هذا الالتباس والغموض .
بالنسبة للمفهوم الأول، مفهوم الحراك،حددناه في كونه نشاط عقلي وجودي تحكمه جدلية القضايا المجتمعية والذاتية التي تصبح مطلبا حيويا يقتضي أسلوبا متمردا ومنظما لتحقيق إشباع تلك المطالب، قضايا تأخذ صيغة الأمر الذي يصبح مطلبا لا مندوحة عنه وفق أسلوب يأخذ شكل التمرد المنظم لفرض الحصول على المطالب تلك.وفي هذا الإطار، لا يمكن فصل الحراك عن التراكم الذي تختلف درجة حدة مستوياته حيث أن هذه الأخيرة كلما وصلت درجة وجود الهوية العليا كلما حدث ، وبالضرورة، معنى جديدا للوجود العربي.
ولتحديد المفهوم أكثر وتلافيا لتجنب ما ألصق به من ميوعة، لا بد من التمييز بين نوعين من الحراك على مستوى مختلف مجالات البنية المجتمعية كالاقتصادي والسياسي والاجتماعي والمعرفي. الحراك الأول يكون حراكا ثوريا يكتسي طابع الشرعية والمشروعية الإنسانية في أشكالها الوجودية والقانونية والحقوقية؛ وهو حراك يتبنى سلم الارتقاء من درجة هوية الوجود الدنيا القريبة من الصفر إلى درجة هوية الوجود العليا؛ وترى مجمل الدراسات والأبحاث أن هذا النوع من الحراك تحكمه قوانين وحدة المتناقضات التي هي قوانين الصراع المتمثلة في البناء والتطور والتقدم حيث الانتقال من أشكال الظلم والاستبداد إلى العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ أما النوع الثاني من الحراك الذي ، كعادته، يعمل على توظيف الجديد، وباستمرار، لدعم وتجذير الماضي وكل أشكال الرجعية محاربا بذلك التطور والحداثة أو قل النهضة؛ لذا ، فهو حراك يدافع عن القبلية والطائفية والعشائرية والجهل والتخلف والاستبداد أو قل معاداة الإبداع والديمقراطية والحرية.
هكذا يمكننا القول أن المفهوم،أي مفهوم، ليس مفهوما مطلقا بقدر ما أنه مفهوم محدد ومحكوم بعدد من العوامل والشروط؛ فالمفهوم الواحد يمكن أن يحمل أكثر من دلالتين متناقضتين كما هو الحال بالنسبة لمفهوم الحراك؛ لذا، فالمفهوم على المستوى المنطقي يبقى مفهوما مجردا، يعني كل شيء ولا يعني أي شيء،فصدق بذلك قول أستاذنا نجيب بلدي:"العض لا يعض". والمعنى الأول للحراك هو المعنى الذي يهمنا نظرا لتجسيده حاليا في الشارع العربي من جهة، وتبنيه من طرف الجماهير العربية من جهة ثانية، وحالة للوجود أفرزتها قوانين الصيرورة التاريخية التي يستحيل رفضها من جهة ثالثة.
بناء على ما سبق، نقول أن الحراك دائرة كبرى تحتوي عددا من الدوائر الصغرى ذات التراتبية النوعية المختلفة التي منها الانتفاضة. وفي هذا الإطار نحدد مفهوم الانتفاضة في كونها عملية المطالبة برحيل المتغيرات التي لا جذور شرعية لها؛ ومن هنا ، وللتوضيح أكثر، يقول القاموس،أي قاموس،" نفض الثوب"أى "حركه ليزول عنه ما علق به"؛ وبطبيعة الحال، فالغبار مادة قابلة للغبار لأنها متطفلة على الثوب بمعنى أن الانتفاضة هي أحد آليات التغيير التي يمكن أن تتخذ أشكالا تراتبية وأحيانا متقطعة وأحيانا تصاعدية. وفي هذا الإطار يمكننا الكلام عن أحد مكوناتها التي هي التظاهر أو التظاهرات التي تحدد باعتبارها التعبير العلني الذي تعبر من خلاله الجماهير عن موقفها وسخطها على طبيعة النظام السائد المتسلط وفق تقنية التجمعات أو الخروج إلى الشارع أو الاعتصام في الساحات الكبرى حاملين لافتات ومرددين شعارات احتجاجا ورفضا للسلطة التسلطية الاستبدادية العربية علما بأن ذلك الشكل من الانتفاضة يتميز دوما بوجوده في الزمن أو قل أنها فعل وفاعل محكومان بالبداية والنهاية. ولا شك أن مصدر وعلة أو علل هذا التظاهر هو من جهة، تلك الوصايا المضروبة على الجماهير تلك فأصبحت وما زالت كائنات ملغاة باعتبار أن ذلك هو حالها الطبيعي؛ ومن جهة ثانية تعرضها الدائم للقمع بفعل آليات السلطة التسلطية التي من أهمها الأجهزة الأمنية؛ ومن جهة ثالثة الدونية البيولوجية وبالتالي اعتبارهم أقرب تراتبيا من فصيل الحيوانات؛ ومن جهة رابعة الاستغلال المتوحش للجماهير العربية تلك المحددة وفق القوانين والتشريعات بمثابة سلع وأشياء لا تختلف عن غيرها من المواضيع الشيئية. لهذه الأسباب وغيرها خرجت الجماهير العربية محتجة في الشوارع ممارسة بذلك حقها في التظاهر والاحتجاج على الأوضاع اللاانسانية واللامشروعة واللاقانونية التي عاشتها وما زالت؛ فهي جماهير حرمتها الأنظمة الاستبدادية العربية من حقها في معنى الوجود الذي هو بالكاد الحرية:الحرمان من الحرية البيولوجية، ومن ممارسة الفكر، ومن حرية الاعتقاد،ومن حرية إبداء الرأي، ومن حرية المساءلة والمحاسبة والمشاركة في البناء. ومعلوم أن غياب امتلاك الحق في الوجود أو قل غياب امتلاك الحرية، هو عملية لها آثارها السلبية على قوة تلك المظاهرات. ولا شك أن للمعرفة التي هي الحرية أهمية كبرى لبناء الانتفاضة وتنظيمها بالشكل الأنجع لأن النقيض الذي هو السلطة التسلطية وحاشيتها قد جندت خبراءها ومستشاريها ومؤسساتها الأمنية والمعرفية لإفراغ الانتفاضة تلك من مضمونها الجماهيري وفق تقنيات تحدد نجاعتها ومداها.لذا، فالتظاهر وبالتالي الانتفاضة تقتضي المعرفة وقوة الإدراك والتنظيم ودرجة ما من المناعة؛ وفي هذا الإطار سنأخذ كمثال لهذا الحراك انتفاضة 20 فبراير في المغرب.
لقد أدت الاحتجاجات التي عرفتها كل من تونس ومصر إلى إشعال فتيل الاحتجاجات كذلك في المغرب بفعل ممارسات النظام وحاشيته أشكالا عدة من الاستبداد والفساد على امتداد عقود وعقود. ولاشك أنه أمام عدم الاستجابة لمطالب الشعب الضرورية وتهافت الأحزاب وضعفها ومحدودية حصيلة أداء العمل الحكومي وتنامي البطالة وتضاءل نسبة الأمل في التغيير، لم يجد الشباب المغربي أمامه سوى ساحة وسائل الاتصال والتواصل المعلومياتية للتواصل والحوار فيما بينهم. ضمن هذه الشروط ظهر ما يسمى بحركة 20 فبراير التي تمكنت من نقل مطالب الشعب المغربي إلى الشارع معتمدة أساليب الانتفاضة من احتجاج وتظاهر ومسيرات علما بأنها حركة تتكون من ناشطي الفيس بوك والمدونين ومستقلين علمانيين وشباب من أحزاب من أحزاب يسارية كالحزب الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الاتحادي والنهج الديمقراطي ومن أحزاب إسلامية كالعدل والإحسان التي سجلت انسحابها مؤخرا لأسباب بدأت تظهر على مستوى ساحات الحراك العربي. هذا وقد أعلنت الحركة حراكها بتنظيم مظاهرات ابتداء من 20 فبراير 2011 باعتبارها أحد أشكال الانتفاضة، في مختلف المدن والأقاليم المغربية مطالبة بتغييرات هيكلية منها ما هو متعلق بإلغاء بالدستور وتأسيس مجلس تأسيسي يتولى مهام إعداد مشروع دستور جديد والدعوة لإرساء نظام ملكية دستورية- علما بأن النهج الديمقراطي المنضبط لمطالب الحركة وشعاراتها لا يخفي تبنيه فكرة إسقاط النظام- تحترم سيادة الشعب من خلال برلمان منتخب بشكل نزيه وشفاف تنبثق عنه حكومة مسئولة وإقرار لفصل السلطات ودعم الحريات العامة والفردية على السواء.وفي نفس السياق طلبت وتطالب الحركة في حراكها وأشكال انتفاضتها بإعادة هيكلة النظام الاقتصادي وإعادة توزيع الثروة وحصول العدالة الاجتماعية والعيش الكريم لأفراد الشعب والتمتع بحقهم في السكن والصحة والتعليم والنقل والعمل. وهذا ، بطبيعة الحال يتطلب حل الحكومة والبرلمان ومحاسبة المقربين من القصر وكذا محاسبة عائلات أصبحت تمتلك بالوراثة مناصب سياسية دائمة، وكذلك الدعوة لتأسيس هيئة وطنية لضبط والتحقيق في جرائم مختلف أشكال الفساد وخاصة منه الفساد المالي والإداري وتفعيل المسطرة القانونية لاتخاذ الإجراءات الضرورية لاسترجاع أموال الشعب المحولة والمسروقة؛ هذا دون أن ننسى دعوة الحركة أثناء حراكها وانتفاضتها إلى ضرورة دسترة اللغة الأمازيغية لتصبح ،إلى جانب اللغة العربية، لغة وطنية.
إذن، فاستجابة لهذه المطالب المشروعة لحركة 20 فبراير،انطلق الحراك وانتشرت الانتفاضات في مختلف المدن والأقاليم المغربية.وقد شهدت هذه الانتفاضات رفع شعارات سياسية ودستورية واقتصادية واجتماعية وتعليمية بشكل سلمي وتنظيمي مسئول. ولا يمكننا إلا أن نثمن أشكال نقاشات الحركة أثناء تقييم حراكها وانتفاضاتها وكذا مبادراتها الهامة التي فتحت المجال لأصوات كانت مهمشة أو مقصية وتحويل النقاشات إلى الشوارع والأحياء والمقاهي والقرى.
مواجهة هذا الحراك وهذه الانتفاضات فرضت على السلطة المتسلطة تبني أساليب التحايل والمراوغات في مقاربة الملفات كالتشغيل المحدود أو قل الشكلي للمعطلين وحاملي الشهادات، ولقاءات مستشاري الملك مع الأحزاب والنقابات، وتغيير أسماء المجالس بأسماء أخرى شكلا كتغيير، على سبيل المثال لا الحصر، اسم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى تسميته بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان وبمسئولين جدد.ما الجديد؟ استمرار الإختلالات والاختلاسات والفساد وعدم استقلالية القضاء والتغطية على ذلك بالترقيعات السياسية التي يعلنها القصر بين الفينة والأخرى؛ ومن هنا شكلية شعار الانتقال الديمقراطي التي ساهمت فيها أحزاب سياسية رجعية وأخرى محافظة وثالثة إصلاحية اشتراكية.
ردود فعل التغيرات الشكلية هذه، هيجت حراك وانتفاضة حركة 20 فبراير أكثر وهو تصور ساهمت في إنجازه جهات عدة منها القصر واللوبيات الداخلية والقوى الخارجية خاصة منها الأمريكية والفرنسية.
هذا المثال من الحراك وأشكال الانتفاضات في المغرب يبرز لنا دلالة الوضع العربي على مستوى الأنظمة الدكتاتورية العربية التي تتبنى كل أساليب التحايلات والتحالفات وطنيا وإقليميا ودوليا لإفشال هذا الحراك الذي واجهه ويواجهه حراك وأشكال انتفاضات الشباب بإرادة وعزيمة لتحقيق إسقاط الأنظمة الاستبدادية وفرض نظام يتبنى نوعا من الديمقراطية في انتظار فعل قوانين صيرورة التاريخ التي تقتضي القول نظريا وممارسة بأن التغيير صيرورة.
هكذا، نرى أن مفهوم الحراك ليس هو مفهوم الانتفاضة بقدر ما أنه أكثر وأشمل من ذلك؛ بمعنى أنه الفعل الجماهيري الذي يضم مفهوم الانتفاضة ذاتها وبكل أشكالها المتمثلة في التظاهر والاحتجاج والاعتصام.لذا، نرى أن مقاربة الحراك الجماهيري العربي تقتضي استحضار وتحديد ثلاث مفاهيم أساسية طرحنا اثنين منها ،في انتظار طرح الثالث وهي: الحراك، الانتفاضة، الثورة.
محمد بوجنال
-المغرب-



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقل الفلسفي الراهن وأهمية الاقتصاد والاقتصاد السياسي
- الفلسفة العربية وقضايا الوعي بمعنى وجود الحراك الجماهيري


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - في مفاهيم:الحراك، الانتفاضة -المغرب كنموذج-