أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - إعلان شيعة العراق.. ما له وما عليه!!















المزيد.....



إعلان شيعة العراق.. ما له وما عليه!!


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 242 - 2002 / 9 / 10 - 01:00
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هناك قانون في علم الفيزياء يفيد أن (لكل فعل رد فعل، يساويه في المقدار ويعاكسه في الإتجاه.). أما في الحياة الإجتماعية والسياسية فرغم أن رد الفعل يكون معاكساً له في الإتجاه إلا إنه دائماً يكون أضعافاً له في المقدار وأكثر خطورةً في النتائج. وبسبب هذه الحقيقة نرى ردود الأفعال الشديدة ضد المظالم وأعمال الإرهاب. فعندما تندلع ثورة ضد حكومة جائرة تحصل الفوضى وتقع أخطاء فادحة.

 

ترددت كثيراً في الكتابة عن (إعلان شيعة العراق) الذي صدر قبل أكثر من شهرين من قبل بعض الأخوة العراقيين العاملين في مجال الثقافة والسياسة وجلهم، إن لم يكن كلهم، من المذهب الشيعي. فالإعلان هو رد فعل على التمييز الطائفي الذي مورس بحق الشيعة منذ تأسيس الدولة الأموية ولحد الآن. وقد أحدث صدوره ردود فعل تتراوح بين التشنج والإعتدال وفق القاعدة المذكورة أعلاه.

لا شك أن طرح المشاكل للسجال مسألة مفيدة لحلها بالوسائل الحضارية. والجدل مفيد لأنه بدونه لا يمكن الوصول إلى الحقيقة. ونحن "المحظوظين" المقيمين في الدول الغربية الديمقراطية نلاحظ كيف تُمارس الديمقراطية في هذه البلدان حيث يطرح الناس مشاكلهم على الرأي العام في وسائل الإعلام المتاحة، ويناقشونها بكل حرية وصراحة وشفافية. لذلك فنحن أبناء الشعوب المحرومة من ممارسة الديمقراطية في بلداننا المغتصبة من قبل الأنظمة الديكتاتورية، يجب علينا إستثمار ظروفنا هذه و نمرِّن أنفسنا على ممارسة الديمقراطية وتعلم قواعدها وألا نتطير من طرح هذه التظلمات وغيرها خوفاً من أن نزعج هذه الجهة أو تلك. وعليه، أرى من المفيد ممارسة الديمقراطية في هذه البلدان وتعلم قواعدها لنكون قدوة لأبناء شعبنا عندما نعود إلى الوطن المحرر ونقود عملية نشر الديمقراطية وممارستها بالطريقة الصحيحة.

نعم، الطائفية مرض خبيث عانى منه شعبنا العراقي كثيراً خلال قرون عديدة. وهي ليست من صنع العراقيين أنفسهم، بل من صنع القوى الخارجية التي اتخذت من العراق مسرحاً لحروبها وفتوحاتها كما حصل إبان الإحتلال العثماني بالتناوب مع الدولة الصفوية.. ومن المؤسف أن الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921، وبدفع من الإنكليز، قد تبنت الموروث التركي وما كان سائداً في العهد العثماني من إجحاف بحق الشيعة حيث عوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم. وهذه حقيقة يجب مواجهتها بشجاعة وعدم التستر عليها وألا نتطير أو نتخوف من طرحها، ومن أجل معالجتها بالوسائل الحضارية.

وقد تجنب المثقفون في الماضي مناقشة هذه المشكلة إعتقاداً منهم أن من يتورط في إثارتها وإدانتها، لا ينجو من تهمة الإسهام في العمل الطائفي وبمثابة الدعوة لها. وهذا خطأ فضيع. فمن يدين العنصرية لا يعني أنه عنصري. كذلك من يدين الطائفية لا يعني أنه طائفي. كما ويعتقد البعض، أنه من الأفضل الابتعاد عن الخوض في المشكلة، إذ يرى هؤلاء أن في إثارتها ضرراً على وحدة المعارضة، ويذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، فينكرون وجودها أساساً، ويكتفون بإلقاء اللوم على صدام حسين بأنه وحده المسبب لإثارة النعرة الطائفية وكل ما حدث في العراق،.وكأن المشكلة هي وليدة اليوم ولم تكن موجودة منذ قرون. إن موقف أولئك وهؤلاء ليس فقط لا يقدم تفسيراً للمعضلة العراقية المزمنة بل ويلقيها في مستنقع من الضبابية ويضفي عليها طابعاً هلامياً لا يفيد إلا المنتفعين بالطائفية ذاتها. أعتقد أنه قد حان الوقت لتجنب سياسة النعامة في طمس الحقيقة في الرمال.

لا شك إن الشعب العراقي مضطهد من قبل النظام الجائر وبجميع مكوناته القومية والدينية والمذهبية. ونحن نعرف أن النظام لا دين له ولا مذهب. أما تستره وراء طائفة معينة ونشر الشتائم ضد الشيعة وبهذه الصراحة والعلنية والصفاقة والهمجية بنعت الشيعة بالروافض وأبناء زنى ..الخ، كما جاء ذلك في سلسلة مقالات نشرتها صحيفة بابل في شهر نيسان (أبريل) من هذا العام، فهذه سابقة لا مثيل لها في تصعيد التمييز الطائفي في تاريخ الشعوب ودليل على إستماتة صدام حسين في محاولته اليائسة لإثارة النعرة الطائفية ضد الشيعة، إعتقاداً منه أن بعمله هذا، يستطيع خدع العرب السنة للإلتفاف حوله والدفاع عن نظامه المتهاوي، ولكن هيهات. فغرضه من ذلك هو (فليكن من بعدي الطوفان). لذلك فإن طرح هذه الأمور الخطيرة ومناقشتها وحلها في المنفى الآن، مفيد جداً لتجنب الفوضى وانفجار النزعات الإنتقامية بعد سقوط النظام.

اطلعت على النص الكامل لإعلان شيعة العراق، في صحيفة (النهار) اللبنانية في عددها الصادر يوم 21/6/2002. ومن قراءتي المتأنية له، خرجت برأي أن فيه جوانب إيجابية وأخرى سلبية:

 

إيجابيات الإعلان:

1-حطم الإعلان لغة المجاملات المعهودة في المجتمع العراقي، وطرح مظلومية الشيعة التي دامت  قروناً، وبلغة واضحة وصريحة لم يسبق لها مثيل. فما كان يقال على شكل همس وفي الكواليس أو وراءها، أطلق الإعلان صرخة مدوية في الوسط السياسي والثقافي العراقي لقول ما كان محظوراً في الماضي. صحيح أنه طُرِحَتْ في الماضي مشكلة التمييز الطائفي في العراق من قبل عدد قليل من المفكرين العراقيين مثل الأستاذ حسن العلوي في كتابه القيم (الشيعة والدولة القومية في العراق) وكذلك  الدكتور علي الوردي، ذكر عن هذه المشكلة نتفاً متناثرة هنا وهناك في كتبه العديدة المنشورة، كما وخصص الوردي كتاباً كاملاً حول (الصراع الطائفي في العراق) إلا إنه تراجع عن نشره .. لذلك يمكن القول بأن هذا الإعلان هو الأول من نوعه ينشر من قبل مجموعة من المثقفين والسياسيين وبهذه الصراحة. وبذلك فهو خروج على ما كان مألوفاً ومحرماً (تابو) في الماضي.

2- يدعو الإعلان إلى قيام نظام ديمقراطي لا مركزي و إلغاء التمييز الطائفي والعنصري. وهذا ما تدعو إليه الأغلبية كما أعتقد.

3- لا يدعو الإعلان إلى دولة دينية أو طائفية، وهذا يعني أن البديل للنظام البعثي الفاشي الراهن هو نظام ديمقراطي. وسواء ذكر موقعو الإعلان أم لم يذكروه، شاءوا أم لا، فهذا يعني أن النظام الديمقراطي البديل، لا يمكن تحقيقه إلا في ظل نظام حكم علماني. وهذه مسألة مهمة جداً يجب على الديمقراطيين العلمانيين، وأنا منهم، الإصرار عليها والتبشير بها.

4-كما ويقر الإعلان (إن الخروج بالعراق من أزماته السياسية، ورسم معالم مستقبله السياسي لا يتمّان إلا بإبعاد المشكلة الطائفية من نظام الحكم القادم، والتعامل على أساس وطني كامل في تصميم السلطة، بعيداً عن التقسيمات والنسب الطائفية) .. ويرفض النموذج اللبناني. وهذه مسألة في غاية الأهمية.

4-يؤكد الإعلان بحق، على عدم وجود طائفية إجتماعية فيقول: " فليست هناك مشكلة اجتماعية بين السنة والشيعة، والعراق هو نموذج متقدم للانسجام الوطني بين فئاته وقومياته وطوائفه، وعاش السنة والشيعة، في انسجام وتوافق يندر أن نجد لهما نموذجاً في البلدان الأخرى..".

5-يرفض الإعلان (السير في مشاريع النسب الطائفية في مستقبل الحكم، (لأن النسب) بداية تكريس للطائفية السياسية ووضع الوحدة الوطنية العراقية على حافة الهاوية في ظروف مستقبلية غامضة لا يستبعد أن تجر الشعب إلى انقسامات طائفية حادة وخطيرة..).

وعليه يجب إستثمار هذه الإيجابيات في الإعلان والعمل على توسيعها والتأكيد عليها، لتحقيق الاستقرار والتقدم والسلام الاجتماعي في عراق الغد.

 

سلبيات الإعلان:

1- لا يبعث العنوان (إعلان شيعة العراق) على الإرتياح، بل يعطي إنطباعاً وكأنه صادر عن جميع شيعة العراق وأنه قد أجرى الموقعون استفتاءً عاماً في العراق وحصلت موافقة جميع الشيعة عليه هناك. وهذا لم يحصل وغير ممكن عملياً في الظروف الراهنة. فالإعلان لا يمثل إلا المجموعة الموقعة عليه، وعلى الرغم من أنه طرح واقع الحال، إلا إنه لا يعني أنه صادر عن جميع الشيعة كما يفهم من العنوان. لذا كان من الأفضل أن يكون العنوان بإسم (نخبة أو مجموعة من شيعة العراق). وكنا نتمنى لو انتبه الموقعون إلى ما سيثير العنوان من إشكالات وسوء فهم. فيمكن أن يتخذ سبباً في الطعن فيه ويدفع الآخرين إلى التخندق ضده. وهذا ما حصل.

كذلك، كان من الأفضل لو أجرى كاتبو الإعلان لقاءات لا تنحصر على الشيعة وحدهم فقط ولا على مشكلتهم فقط ولا على التمييز الطائفي فقط، بل تشمل رموزاً من جميع مكونات الشعب العراقي، القومية والدينية والمذهبية وبدون استثناء ليتوصلوا إلى عقد ميثاق شرف يتعهدون فيه على نبذ الطائفية والعنصرية وكافة أشكال التمييز في المجتمع العراقي جملة وتفصيلاً ومنع ممارستها والمطالبة بأن يتضمن الدستور العراقي الدائم نصوصاً بهذا الخصوص.

 

2-وفي مجال الحقوق السياسية يطالب الإعلان: " أن ينص الدستور العراقي على إن أغلبية الشعب العراقي هي من الشيعة." لماذا؟ إن هذا المطلب هو تناقض صارخ مع القول بأن الشيعة هم الأغلبية. إن هذه الفقرة طارئة وتعتبر نقطة ضعف شديدة لا يقرها إلا نظم الحكم اللاهوتية الثيولوجية الشمولية التي تتناقض كلياً مع الديمقراطية التي يدعو لها الإعلان. إذ  يتعين علينا، كمثقفين، أن نرفض رفضاً قاطعاً صبغ الدولة العراقية ما بعد الفاشية بصبغة دينية أو طائفية. وإلا عالجنا الطائفية بطائفية مضادة. وهذا خطر كبير يجب منعه بأي ثمن وبشتى الوسائل.

 

3-يركز الإعلان في مجال الحقوق المدنية على حقوق الشيعة فقط. ففي فقرة (ب) يحدد 11 من هذه الحقوق وكلها للشيعة وكأن الشيعة كتلة بشرية معزولة عن بقية الشعب العراقي، مضطهدة من قبل الشرائح الأخرى. نحن نتحدث عن حكم ديمقراطي لا مركزي مبني على حكم القانون واحترام حقوق الإنسان ويقر بالتعددية السياسية والقومية والدينية والمذهبية ونبذ العنصرية والطائفية. فلماذا التركيز على حقوق شريحة واحدة فقط، وهي الشيعة دون غيرهم؟. وهل تحتاج الأكثرية -كما يبيِّن الإعلان- إلى مثل هذا التأكيد في الدستور. إن النظام الديمقراطي الحقيقي هو وحده كفيل بأن يحقق هذه الحقوق ليس للشيعة وحدهم فحسب، بل ولجميع مكونات الشعب العراقي ودون إستثناء.

 

4-يطالب الإعلان ومن أجل مكافحة التمييز الطائفي، (بتشكيل مجلس مركزي لمكافحة الطائفية، وظيفته النظر في عمليات التعيين في الوظائف العليا في الدولة. وينظر في شكاوى وقضايا التمييز الطائفي المرفوعة له، وكذلك يسعى إلى مكافحة الطائفية في المؤسسات الرسمية والأهلية..الخ). أعتقد إن تشكيل هكذا مجلس لمكافحة التمييز الطائفي خطأ، لأن وجود هذا المجلس يفضي إلى تكريس الطائفية وإلى صراع حتى بين أعضاء المجلس المذكور نفسه، ولأنه ليس التمييز الطائفي وحده الذي يعاني منه العراقيون، بل هناك تمييز عنصري وديني ومناطقي وعشائري وقبلي وأسري..إلى آخره. لذلك علينا أن نستفيد من تجارب الدول المتقدمة في هذا المضمار ونتعلم منهم كيف يعالجون هذه المشاكل. ومن خبرتي في بريطانيا لما يقارب من ربع قرن من خلال عملي كطبيب جراح، أعرف أنه إذا شعر المتقدم لوظيفة ما بالغبن والمظلومية، فهناك هيئة تحكيم ( tribunal)  تعمل وفق قانون يسمى بقانون تكافؤ الفرص (equal opportunities خاصة وان العراق الغد سيكون فيه نظام قضائي مستقل وان من يشعر بالغبن لأي سبب كان، ديني او مهني او غيره، يلجأ إلى دائرة المدعي العام للجمهورية العراقية لدراسة الحالة وان لم ينصف فإلى المحكمة العليا وحسب التسلسل القضائي. لذلك لا داعي لتخصيص هيئة متخصصة في مكافحة الطائفية وأخرى للعنصرية ورابعة وخامسة لهذه وتلك، بل جهة قانونية تنظر في كافة أنواع الغبن.

 

5- ما لم يذكره الإعلان: هناك نقاط أعتبرها من سلبيات الإعلان وهي تلك التي لم يتطرق إليها في اللمحة التاريخية، مثل دور علماء الشيعة أنفسهم في التمييز الطائفي. فطالما نريد طرح الأمور بصراحة ودون مجاملات، لذا أرجو من الأخوة أن تسع صدورهم لهذه الملاحظة وبروح رياضية من أجل إستخلاص الدروس والعبر من التاريخ ولكي لا نلدغ عشرات المرات وألا نبقى نلف وندور ونلقي اللوم فيما أصابنا على الآخرين وإعفاء أنفسنا من المسئولية. يمكن إيجاز دور علماء الشيعة  إلى ثلاثة مراحل:

أولاً؛ مرحلة حرب الجهاد: لقد قاد علماء الشيعة حرب الجهاد ضد الإحتلال الإنكليزي في الحرب العالمية الأولى دفاعاً عن الإستعمار التركي الظالم، على أساس أنه حكم إسلامي، علماً بأن الحكم التركي كان يظلم الشيعة بشكل مضاعف ولا يعترف بمذهبهم. بينما تصرف علماء السنة بذكاء لحماية مصالحهم فقفزوا من السفينة العثمانية الغارقة إلى السفينة الناجية وهي سفينة "أبو ناجي"، المحتلين الجدد. وكان لدى علماء الشيعة، مثل زملائهم السنة، سند فقهي واضح يسمح لقعودهم عن الجهاد، وهو: (إن الحاكم الكافر العادل أفضل من الحاكم المسلم الجائر). ولكن مع ذلك قرروا الوقوف إلى جانب الحاكم المسلم التركي الجائر الخاسر. فدفعوا الثمن فيما بعد.

 

ثانياً، معارضتهم للدولة الجديدة: وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة التي كانت نتيجة مباشرة لثورة العشرين والتي قامت بها عشائر الفرات الأوسط وبدفع من رجال الدين الشيعة أنفسهم، وقفت القيادات الدينية الشيعية ضد أغلب الإجراءات اللازمة لبناء الركائز الأساسية للدولة الوليدة الفتية وذلك بإتخاذهم مواقف متشددة من السلطة وإصرارهم على شروط غير قابلة للتحقيق في تلك الفترة، فوقفوا ضد المعاهدات البريطانية-العراقية التي ما كان بالإمكان الإستغناء عنها وإلا لقامت تركية بإعادة إحتلال العراق، وضد الإنتخابات لتشكيل المجلس التأسيسي وضد إقرار الدستور وضد قانون التجنيد الإجباري وضد التعيين في الوظائف الحكومية، وحتى ضد إدخال أبناء وبنات الشيعة في المدارس الحكومية. وفي كل هذه المناسبات كانوا يصدرون الفتاوى يدعون الناس على مقاطعة أوامر وتعليمات السلطة وإلا تحرم عليهم زوجاتهم!! وبذلك ساهموا على عزل الشيعة عن الدولة الحديثة ودفع رجال الدولة والمتحمسين للطائفية وخصوم الشيعة من الإنكليز على تبني التمييز الطائفي ضدهم.

ثالثاً؛ موقف علماء الشيعة من حكومة عبدالكريم قاسم: بعد ثورة 14 تموز 1958 قامت حكومة وطنية بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم، الذي حاول ولأول مرة في تاريخ العراق، الخروج على المألوف التركي في التمييز الطائفي والتعامل مع جميع مكونات الشعب العراقي بالتساوي. واتخذ قاسم خطوات عملية بناءة للقضاء على التمييز الطائفي. ولو بقي هذا النظام بضع سنوات أخرى، لكانت الطائفية في خبر كان. ولكن مرة أخرى وعلى الضد من مصالح ومواقف أبناء طائفتهم، وقف رجال الدين الشيعة ضد هذه الحكومة غير المتطيِّفة إلى جانب خصومها إلى أن نجحت مساعيهم في القضاء عليها في إنقلاب 8 شباط 1963. "وباغتيالهم حكومة عبد الكريم قاسم فقد انتهت عملية التخلص من الطائفية، وحرمان العراقيين من نظام سياسي غير متعصب، لم يلتزم بتعميم تمذهب الدولة … وكان بعض علماء الإسلام، والبعثيون، والضباط والوزراء الشيعة الذين اشتركوا في إسقاط عبد الكريم قاسم من ضحايا هذه السياسة."*

"وفي أيامنا هذه، وحيث يحتدم الصراع الدموي بين البعثيين والحركة الإسلامية الشيعية، يلتقي الفريقان مرة في السنة على موقف واحد، في قضية واحدة، عند الذكرى السنوية لمقتل عبد الكريم قاسم، فيركزان وبمصطلحات واحدة على جهود كل منهما في إسقاط "الدكتاتور قاسم"، و"سيطرة الشيوعيين العملاء" ويهاجمان عبد الكريم قاسم وحكومته بمفردات واحدة.."*.

وهكذا نرى رجال الدين الشيعة دافعوا عن الحكم التركي المعادي لهم وساهموا في إسقاط حكم عبدالكريم قاسم المتعاطف معهم. فهل تعلم المدافعون عن حقوق الشيعة شيئاً من تاريخهم المليء بالدماء والدموع والأخطاء، أم ما زالوا يصرون على أنهم معصومين عن الخطأ؟

 

ما العمل؟

أقترح تشكل لجنة من الموقعين على الإعلان، مهمتها تنظيم لقاءات مع عدد آخر من المثقفين والسياسيين العراقيين من رموز الشرائح الأخرى من موزائيك شعبنا وخاصة أولئك الذين ساهموا في التعليق على الإعلان من غير الشيعة، سلباً أو إيجاباً ومن التنظيمات السياسية المختلفة وبدون إستثناء، ومناقشة الموضوع بهدوء وبروح ديمقراطية ومسئولية عالية، وإعادة كتابة الإعلان على شكل ميثاق وطني وعهد شرف، يتعهدون فيه على قيام نظام وطني ديمقراطي لا مركزي يلتكزم بحكم القانون ويحترم حقوق الإنسان ويعامل العراقيين بالتساوي في الحقوق والواجبات وينبذ الطائفية والعنصرية وجميع أشكال التمييز بين المواطنين.

 

*-العبارات بين القويسات مقتبسة من كتاب الأستاذ حسن العلوي (الشيعة والدولة القومية في العراق).

 



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق بعد صدام مثل ألمانيا بعد هتلر
- سجال حول الشرعية الأمريكية لضرب النظام الصدامي
- هل سيعيد التاريخ نفسه في حرب تحرير العراق؟
- العرب والقضية العراقية.. وبرميل البارود!!
- دبلوماسية.. أم توبة بن آوى؟؟
- يكفي العراقيين ما بهم.. فلا تحملوهم المزيد
- قراءة في كتاب رياض العطار: إنتهاكات حقوق الإنسان في العراق
- ثورة 14 تموز لم تكن إنقلاباً فاشلاً
- ثورة 14 تموز وموضوعة تسييس العسكر في العراق
- ثورة 14 تموز وموضوعة الديمقراطية
- ملاحظات حول كتاب عزيز الحاج: شهادة للتاريخ


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبدالخالق حسين - إعلان شيعة العراق.. ما له وما عليه!!