أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نصر عبد الرحمن - اعتصام التحرير، وموازين القوى الجديدة















المزيد.....

اعتصام التحرير، وموازين القوى الجديدة


نصر عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 3576 - 2011 / 12 / 14 - 07:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



مرت المليونية الضخمة يوم 18 نوفمبر بسلام ، وعاد كل إلى بيته ولم يبقى في الميدان سوى عشرات من مصابي الثورة المعتصمين بالفعل قبل أيام من مليونية الجمعة. لكن ظهور الأمن المركزى صباح السبت بأعداد كبيرة واستخدام القوة لفض اعتصام مصابي الثورة أثار حفيظة النشطاء الذين تجمعوا بسرعة دفاعاً عنهم . واستمر عنف الأمن المركزي بصورة كبيرة وبدأ الكر والفر وتكررت مشاهد جمعة الغضب . وكلما أفرط الأمن في استخدام القوة وكلما ارتفعت الاصابات، كلما تزايد عدد المتظاهرين حتى سيطروا على الميدان ، وأحبطوا كل محاولات الأمن المركزى المدعومة بالغاز الجديد قوي التأثير لدخول الميدان مرة أخرى ، واعتصم الآلاف .

ثم نجح الأمن المركزى يوم الأحد بدعم من الشرطة العسكرية في اقتحام الميدان ، وصاحب ذلك المشاهد البشعة لإلقاء الشهداء في القمامة أثارت حفيظة الشعب المصري وحركت غضبه ، واستطاع الثوار مرة أخرى استعادة الميدان . وتمركزت المعركة مع الأمن المركزى في شارع محمد محمود ، وسط إصرار شعبى على منع قوات الأمن من التقدم من جديد نحو الميدان مهما كان الثمن ، مما أدى إلى استشهاد العشرات حتى الآن وإصابة الآلاف . وتجلت الإرداة الشعبية في إنشاء مستشفى ميداني وجمع أدوية قدرالباقي منها بمليون جنيه وتحول مسجد عمر مكرم وكنيسة قصر الدوبارة إلى مستشفيات ميدانية ، وشارك مئات الأطباء في إسعاف المصابين ، كما شارك أصحاب الموتوسكلات والتريسكلات في نقل المصابين إلى المستشفيات الميدانية. وفي النهاية استمر الاعتصام ضد حكم العسكر، ودوت الهتافات بسقوط المشير، بل وتبلورت رؤية بتسليم السلطة الآن إلى مجلس رئاسى مدنى.

لكن الراصد للأعداد الضخمة التي توافدت على الميدان طوال الأسبوع الأول من الاعتصام وخاصة يوم جمعة الفرصة الأخيرة، لا بد أن يدرك أن فض اعتصام المصابين بالقوة كان مفجر لموجة من الغضب الجماهيري ضد سياسات المجلس العسكري التي استمرت على نهج مبارك ولم تحدث فارقاً نوعياً في حياة القطاعات الأكثر فقراً في مصر .



حصار الميدان


لقد فشل الأمن المركزى في فرض قبضة النظام على الأرض رغم القوة المفرطة وأدوات القمع الوحشي. فأيام الثورات يكون الناس على حد قول د/ عمار على حسن مثل أسماك القرش، تندفع نحو الدماء، لا تهرب منها. وكان على المجلس العسكرى أن يجرب أداة القمع الاعلامى لفرض حصار على الميدان يوقف تدفق الجماهير نحوه. سواء عبر الصحف أو التليفزيون الرسمى المرفوض شعبياً وضعيف التأثير، أو عبر فضائيات رجال الأعمال، بالدفع بالمحللين الاستراتيجيين والكتاب الصحفيين والمفكرين من محترفى الدفاع عن الأنظمة.

المسار الثانى في حصار الميدان كان تقديم تنازلات للإسلاميين والليبراليين، وإصرار المجلس العسكرى على إجراء الانتخابات في موعدها وإصدار قانون العزل السياسي ضد فلول الحزب الوطنى الذى تأخر كثيراً، وهو ما جعل هذه القوى تحسم ترددها بل وترى في الاعتصام عقبة تقف في طريق طموحها السياسي. وبدأت هذه القوى تردد أكاذيب النظام عن البلطجية الذين يريدون اقتحام وزارة الداخلية وأن ما يحدث مكيدة مدبرة نحو الفوضى، بل وصل الأمر إلى محاولة إفساد مليونية الفرصة الأخيرة وطرح مليونية الأقصى. وللمرة الثانية تقدم أحزاب الطبقة المتوسطة وممثليها طوق النجاة لنظام ينهار، بعد أن قدمته في المرة الأولى بسرعة الانسحاب من ميدان التحرير يوم 12 فبراير. وهو ما يثبت عدم رغبة الطبقة المتوسطة المصرية في الإطاحة بنظام فاسد واستبداله، بل سعيها إلى الشراكة معه..

المسار الثالث هو تغيير الحكومة وإجراء مشاورات مع بعض الشخصيات المقبولة من الميدان حول تولى الوزارة ، للمناورة وتحويل المعركة من الإطاحة بالمجلس العسكرى إلى التفاوض معه حول صلاحيات وشخصيات الوزارة. وتفجير التناقضات بين القوى الثورية حول الأسماء المطروحة، ومحاولات طرح أسماء بديلة.

كما وافقت الأسماء المطروحة كمجلس رئاسي مدنى على تشكيل حكومة إنقاذ تحت حكم العسكر ثم تراجعت ليظهر إلى الوجود شكل غير محدد الملامح لمجلس استشارى يساعد العسكر في حكم مصر حتى منتصف العام القادم. ومن المدهش ألا تصدر تصريحات من مرشحى الرئاسة بعد إجتماعهم مع المشير، وألا يعودوا مرة أخرى إلى الميدان، وليبقى المعتصمون ضحايا نقاشات الغرف المغلقة والتوازنات البرجوازية.

المسار الرابع وهو الجولة الأولى في الانتخابات البرلمانية وتحول اهتمام الشارع والإعلام عن الميدان لمتابعة ما يحدث في اللجان، وانقسام المعتصمين حول مقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها على اعتبارها فرصة لسحب بعض صلاحيات المجلس العسكرى. والأهم من ذلك تحقق مسار على الأرض تجرى فعالياته على قدم وساق في مقابل سيناريو غائم عن مجلس رئاسى مدنى يتيم الأب، لا يجد من يحركه على الأرض أو بالأحرى يجازف بتحريكه.

أدت هذه المسارات معاً إلى تقليص الاعتصام سياسياً وعملياً ، فرغم أنه أطاح بوزارة شرف إلا أن حكومة الجنزورى ليست بديلاً ثورياً ، كما أن الحديث حول صلاحيات ووزراء حكومة هو تراجع عن هدف الاعتصام الأساسي وهو تسليم العسكر للسلطة الآن. وللمرة الثانية يحتشد مئات الآلاف من الفقراء ويخوضون معارك قوية ضد الشرطة ويضحون بعشرات الشهداء وآلاف المصابين ثم يتعرضون للخديعة، وتجنى البرجوازية مكاسب سياسية هزيلة مقابل الدم والجراح، فالجماهير ما زالت تفتقد قيادة ثورية قادرة على تنظيمهم وبلورة مطالبهم وخلق مسار على الأرض لتحقيقها.



فك الحصار


بات واضحاً لقطاعات عريضة من القوى الثورية الموجودة بالميادين ضرورة وجود الطبقة العاملة في المشهد لتعويض غياب القوى الإسلامية واللبيرالية القادرة على الحشد والتنظيم. لكن الطبقة العاملة لم تكن مستعدة للالتحاق بالميدان في هذا الضباب السياسي وعدم اليقين البرجوازي حول استبدال المجلس العسكري، كما ظهر بوضوح على بعض قيادات النقابات المستقلة خاصة في ضوء القصف الإعلامي وتزييف الحقائق وتشويه الموجودين بالميدان الذي مارسته قوي سياسية على الأرض في مواقع الإنتاج. وهو نفس الدور الذي لعبه الإعلام بالتعاون مع قيادات البرجوازية في تشويه الاحتجاجات العمالية واتهامها بتعطيل عجلة الانتاج .

كما كان ارتباك القيادات العمالية واضحاً بعد إقالة حكومة شرف، وغياب طرف يقوم بعملية التفاوض مع العمال على مطالبهم. أضف إلى ذلك ما رددته أجهزة الدولة وعدد كبير من القوى السياسية أن أزمات الدولة كلها سوف تحل عند استكمال البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية. ومن ناحية أخرى، لم تبذل القوى السياسية حتى الثورية منها الجهد الكافي لدعم العمال في قضاياهم ناهيك عن طرح البدائل السياسية الجذرية لحل مشاكل الواقع عليهم ونقاشها معهم .

لكن هذا لا ينفي ظهور بعض بيانات التضامن مع مطالب الثوار، وتواجد عشرات من القيادات العمالية في قلب الميدان، وتواجد آلاف من العمال بشكل غير منظم في المظاهرات، بالإضافة للدور الإيجابي لاتحاد النقابات المستقلة سواء في تنظيم مسيرة من مقر الاتحاد إلى ميدان التحرير، أو في المساهمة في تنظيم الاعتصام .

الايجابية الأخرى هي اقتناع أعداد كبيرة من الشباب الثوري بأهمية الطبقة العاملة ودورها في التغيير، وهو ما يعني اتساع دائرة الدعم للنضال العمالي في المرحلة المقبلة .







جـــولة جديدة


رغم انحسار الاعتصام أمام مقر رئاسة الوزراء في مواجهة حكومة الجنزوري ، ورغم التحرك على الأرض في الجولة الأولى للانتخابات ، لكن لا توجد مؤشرات واضحة لحلول جذرية قد يقدمها النظام بتركيبته الجديدة لحل مشاكل الواقع، ناهيك عن قدرة هذا النظام عن تقديم عقد اجتماعي جديد يحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لقطاعات واسعة من الشعب المصري. فأطراف النظام الجديد يتصارعون حتى قبل إتمام عملية الانتخابات حول المهام والصلاحيات، والقوى الإسلامية الصاعدة لا تملك رؤية سياسية أو اجتماعية مغايرة عن ما كان يقدمه مبارك!! أضف إلى ذلك اتساع رقعة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تهدد الرأسمالية في عقر دارها، والتي تحرم النظام الجديد من إمكانية الحصول على دعم حقيقي من الدول الكبيرة التي لم تنفذ وعودها بعد، ثم قرب وصول تأثيرات هذه الأزمة إلى مصر، مما يجعلنا نستنتج خروج الجماهير مرة أخرى إلى الشوارع والميادين.



موازين القوى


أبرز ما انتجه الاعتصام الأخير هو استقطاب حاد للقوى، قسم مصر إلى جبهتين: الأولى تتكون من الطبقة العاملة وفقراء الريف والمدن وهم بالملايين، أوضاعهم شديدة السوء تدفعهم نحومعركة ضد الرأسمالية المصرية، وهم قوة جبارة قادرة على الحسم إذا ما تخلصت من تأثيرات البرجوازية، وهو ما يتم بالفعل الآن بشكل تدريجي بعد مراوغات الإخوان والسلفين واللبيراليين، وتمسكهم ببقايا النظام القديم، إلى جانب هذه الحشود الضخمة قوى ثورية ذات توجهات اشتراكية، لكنها مازالت صغيرة العدد ضعيفة التأثير بالنسبة لحجم المعركة، ومع ذلك تستطيع باتخاذ مواقف جذرية وتكتيكات صحيحة أن تتحول إلى قطب كبير في غضون شهور قليلة.

أما النظام الذي يتكون الآن فهو غير متماسك وغيرمنسجم سياسياً (عسكر، إخوان، سلفيين، لبيراليين، ويسار إصلاحي) العسكر يريدون العودة إلى ما قبل 25 يناير والإسلاميون يريدون دولة دينية واللبيراليون يسعون إلى دولة مدنية ، إلا أنهم جميعاً متفقون على سياسات اللبيرالية الجديدة، ولن يسمحون لتناقضاتهم بهدم النظام. لذلك سوف يقفون صفاً واحداً وبحزم في مواجهة الموجة الثورية القادمة .

وهذا يعني ان الموجة الجماهيرية القادمة سوف تتسم بثلاث سمات رئيسية : الأولى أنها ستجمع بين الغضب السياسي والاجتماعي بصورة أوضح خاصة بعد أن تتبدد أوهام الطبقة العاملة وبعض السياسيين حول قدرة البرلمان والنظام بشكل عام على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية مما سيجعلها أكثر اتساعاً. السمة الثانية هي غياب القوى اللبيرالية والإسلامية التي بدأت بالفعل عملية اندماجها مع النظام، وهو ما يجعل الموجة القادمة أكثر قوة وجذرية من حيث المطالب. السمة الثالثة أن الموجة القادمة لن تنحصر في الميادين بل قد تشهد موجة إضرابات واسعة وتمتد لفترات زمنية أطول. لذلك على القوى الثورية أن تفكر في ميدان التحرير كمنصة للانطلاق، وليس نقطة تركيز للحركة .

ولكي تستطيع القوى الثورية قيادة الموجة القادمة، عليها العمل بدأب منذ هذه اللحظة لتكوين قيادة موحدة ليست فقط قادرة على قيادة الجماهير وتنظيم حركتها على الأرض، بل ووضع رؤية متكاملة للخروج من الأزمة. فلا ينبغي أن تقف هذه القوى كل مرة في انتظار المخلص الاصلاحي الذي يطرح رؤية انهزامية يخدع بها الجماهير أو على الأقل يربكها ويفتت تماسكها. والأهم من ذلك وضع الآليات التي تقنع الجماهير وتفرض هذه الرؤية على النظام. وفي النهاية يجب أن تدرك هذه القوى الثورية أن ما يحدث منذ 25 يناير حتى الآن من تقدم وتراجع ، وكر وفر ، ومواجهات وتضحيات يصنع على الأرض مساراً واضحاً لانتصار الثورة.



#نصر_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحداث لندن : الواقع والدلالات
- اليسار: الخروج من الأزمة
- ملاحظات حول الديمقراطية
- ثورة يناير: الصراع يتغير


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نصر عبد الرحمن - اعتصام التحرير، وموازين القوى الجديدة