ناصر قوطي
الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 11:54
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة جدا
أيام الفاقة والعوز ، وتحت سطوة أعتى الديكتاتوريات ، يوم كنت لا أجيد ارتداء ثيابي وعد أناملي العشر ، لم يكن أبي ليمل من ترديد عبرة تقول (( لا يحسدن مضيماً حسن بزته ... وهل تروق دفينا جودة الكفن )) . في الوقت الذي يخلع فيه ثيابه الجديدة التي لم يمض على ارتدائه إياها إلا يوما واحدا ليهبها لأقرب أصدقائه المعوزين ، كل مرة يكرر ذات العبارة حين يواجهه أخي الكبير الذي يعمل في الخياطة .. ( يا ابني ، لا أحد يرتدي ثياب الميتين ، وأنا أقترب من القبر ، فما دمت حيا فلأهبها الآن .. ) . حين كبرت واستطعت عد النجوم بأبراجها ، عرفت فحوى تلك العبرة ، يوم رجعت ورأيته عاريا إلا من قماشة بيضاء كان يحتفظ بها ، خرقة صغيرة حال لونها إلى الاصفرار وهي تلف جسده النحيل المسجى على حصيرة عتيقة ، وسط باحة الدار ، بين جموع واجمة من الأهل والجيران ، وعلى شفتيه المنفرجتين ترتسم ابتسامة غامضة ، كما لو انه يردد همسا ذات العبارة .
#ناصر_قوطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟