أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد فوزي راشد - الطبيب















المزيد.....

الطبيب


محمد فوزي راشد

الحوار المتمدن-العدد: 3542 - 2011 / 11 / 10 - 08:29
المحور: كتابات ساخرة
    


في أحد الأيام اشتكى أحد أبنائي من عينيه و أخبرني أنه يشعر بحكة في عينيه مع صعوبة في مشاهدة الكتابة على السبورة فأصبح لزاماً علي اصطحابه للذهاب إلى طبيب عيون ليقوم بالكشف عليه .
ونظرا لضيق ذات اليد فقد اتصلت بأحد أصدقائي العاملين في المشفى الوطني و شرحت له المشكلة و طلبت منه تسهيل تأمين فحص طبي لإبني في المشفى الوطني .
فأجابني صديقي لماذا لا تأخذه لعيادة الدكتور (ب) فهو يعالج المرضى مجاناً.
الدكتور (ب) صحت باستغراب و هل ترك عمله القديم و عاد لممارسة طب العيون فعلاً .
أجابني نعم : و أعطاني عنوان العيادة .

الطبيب (ب) لمن لا يعرفه قد عاش في كنف أب جبار يهابه الجميع فاجتاز صفوفه الابتدائية والاعدادية بسهولة وكطالب عادي , وفي الثانوية العامة (البكالوريا) نجح بطريقة تحفظ هيبة أبيه و مكانته , ونتيجة لكونه قد خاض دورة مظليين فقد استطاع دخول كلية الطب البشري و التي استطاع النجاح فيها ليتخرج طبيباً عاماً وترافق تخرجه مع تسميه استاذه و المشرف عليه وعميد الكلية ,تسميته وزيرا للصحة نظير تقديره لظروف هيبة والد الطالب (ب) ,

وبعد ذلك ذهب (ب) ليعمل في أكبر المشافي العسكرية في القطر رغم أن درجاته تؤهله للعمل والتخصص في مشافي وزارة التعليم العالي , ربما السبب أن المشفى العسكري يستطيع أن يؤمن له المعاملة اللائقة التي تليق بمكانة أبيه , و خوفاً من أن يحدث ما لا يحمد عقباه في مشافي وزارة التعليم العالي ,فهي مشافي اشتهرت بتخريج الأطباء الأكفاء .وبعد سنتين من وجوده في تلك المشفى العسكري , استطاع بعض الأطباء من رتبة عميد هناك من اقناعه بالسفر إلى دولة أوروبية لدراسة طب العيون ,
فقد أنهكهم هذا الطبيب الصغير المدلل , فنتيجة لقيام بعض الأطباء بتدليله فقد فقدَ الكثير من الجنود بصرهم . حتى جاء يوم فقدت فيه زوجة أحد الضباط عينها اليمنى السليمة , فكان لا بد من وجود حل فقد أصبح يثير المشاكل بسبب قيام بعضهم بالتقرب إليه واستغلالهم لسذاجته و سهولة اقناعه بعبقريته بخلق حالة بلبلة في المشفى نتج عنها مشاكل ادارية و فوضى في التنظيم , فكان اقناعه بالسفر , ضربة موفقة للمشفى التي بدأت تتخبط .

وبعد سفره إلى اوروبا , بقي سنة كاملة وهو يحاول تعلم اللغة الاجنبية ونظراً لوجود مجموعة من الأشخاص من سفارة بلده حوله ورغبتهم في الاستفادة من وضع والده ,والتواجد المستمر لعناصر الحماية حوله , لا أعرف لماذا كان والده يحميه ؟, فقد سبب له لاحقاً آلاف اللعنات على روحه ,هذا الجو من المحيطين به جعله ينسى حتى اللهجة الدمشقية التي يعرفها , وأتقن اللهجة الساحلية الجبلية لهجة موطن والده , وفي الأثناء تعرف إلى فتاة جميلة متعلمة في أوروبا , وهي بنت طبيب (حمصي) مشهور في اوروبا – وسيأتي يوم لاحقاً سيكره فيه اسم مسقط رأس حميه - فأخذ يقضي معظم وقته برفقتها . و أصبح وقته موزع بين الدراسة والفتاة و شلة السفارة ,

و ذات صباح باكر وجد نفسه متوجهاً إلى الوطن بسبب وفاة أخيه الأكبر المفاجئة , وبعد انتهاء مراسم عزاء أخيه , تم إلحاقه بالكلية الحربية , وهناك درس العلوم العسكرية لسنة كاملة ليتخرج بعدها ضابط برتبة ملازم أول , ثم ليلتحق بعدها بالخدمة في قطعات الحرس الجمهوري , وهناك انخرط بالجو العسكري الصارم حيث التدريب والعمل لا ينتهيان ,حيث تدرب على مختلف صنوف الأسلحة ,ومنها الدبابة واستطاع اتقان الرمي عليها ,
حيث كان يتدرب على الرمي على أهداف تشبه المآذن , و المدارس , و أحيانا المشافي وكان خلال عمله العسكري يداوم بانتظام على حضور عمليات إعدام الخونة والعملاء و الجواسيس و أعداء الوطن من ضعيفي النفوس , في غرف سرية في أقبية مباني الأجهزة الأمنية و التي جعلت من الوطن بلداً من أوائل البلدان في العالم تقدماً على صعيد الأمن و الأمان والإستقرار .

وكان أكثر مايثيراستغرابه تلك اللحظة من الهدوء والسلام التي تأتي بعد فاصل من التوسلات والبكاء و الصراخ بأن المحكوم مظلوم , تأتي تلك اللحظة , فتبدو كأنها زمن استثنائي ,كان ينظر ملياً في عيني المحكوم في هذه اللحظات في تلك اللحظة يغيب فيها لون العين فكان يستطيع أن يرى أشياء أخرى في عيني المحكوم قبل اعدامه , يظهر فيهما وجوب الصمت الذي يتبعه لمعة رقيقة لمعة ندم ربما على الضعف الذي أبداه , ثم بريق غريب و مرعب كان يلمح نيران يكاد يلفحه حرها تشبه ما يسمى الإرادة والعزم في ذلك البريق , ثم يتبعها وميض يشبه تبصر النساك والقديسين ثم يشاهد ضوء خافت يخرج من العين يشبه التحدي المشوب بالطمأنينة التي يمنحها الإيمان . تلك النظرات لم يستطع أن يفهمها طبيب العيون , حاول أكثر من مرة سؤال الضابط المسؤول ولكنه كان يحجم .

ثم مرت السنوات و كان الطبيب الضابط يقفز والأصح يُدفع أو يُسحب من رتبة إلى رتبة أعلى بنفس طريقة نجاحه في كلية الطب و يأتي يوم و يموت أبوه العجوز, و يجد الطبيب نفسه مطالباً من أبناء وطنه ووطن أبيه بتحمل أعباء الإهتمام بالوطن والشعب , وتكاثرت الأعباء والمسؤوليات الوطنية والأسرية والعائلية , وتشعبت ولكنه كان يملك القدرة على إدارة البلد ولم يتضايق حتى عندما قام بعض افراد اسرته بإدخاله في العمل التجاري بالإضافة للعمل الوطني ,

ورغم النجاح التجاري الباهر الذي حققه في مجال (البيزنس ) فإنه لم يتوانى لحظة عن متابعة شؤون وطنه حيث أوكل لمجموعة من الرجال الأوفياء من أبناء وطنه والمخلصين مهام إدارة شؤون الوطن , فسار الوطن على خير مايرام , وأصبحت التقارير ترتفع إليه يومياً عن المستوى الرفيع الذي أصبح يعيشه أبناء وطنه ,وكان يتابع بنفسه الأوضاع الحياتية لآبناء وطنه فكان يسأل خاله (م.م ) مرة كل اسبوع أو كل شهر فكان يثلج صدره بأنباء التطور وكان يضرب له مثلاً أبنه (ر.م) الذي تحسنت أوضاعه المعيشية بفضل نشاطه و عمله المتنوع ,
ووجد صدى صدق هذه الكلام والتقارير عندما كان يذهب إلى أحد المطاعم الراقية في العاصمة فكان يلمس المستوى الراقي الذي يعيشه أبناء وطنه ,
كان كلما التقى بصحفي أجنبي لا يستطيع أن يخفي سعادته من المستوى العالي الذي يعيشه ابناء وطنه فكان يوزع الابتسامات البريئة , وحتى الضحكات العفوية المرحة خلال هذه اللقاءات وخصوصاً عندما يتحدث عن زوجته و أطفاله السعداء .

كان رجلاً سعيداً بكل معنى الكلمة حتى جاء يوم تحركت فيه غيلان الحقد والحسد و طيور الظلام و أخذت خيوط المؤامرة التي حيكت بليل , تظهر في شوارع الوطن , وأخذ العملاء و المندسون و الحاقدون يروجون بأن أباء وطنه فقراء و مظلومون و منهوبون و أشباه هذا الكلام فنهض ليستطلع هذا الكلام فوجده محض مؤامرة فطلب من رجاله المخلصين وبغمزة من عينه لم يرها أحد وكان فحوى هذه الغمزة أنه لا مانع من معاقبة الخونة في الشارع بدل الأقبية وذلك لتسريع عودة الهدوء و الطمأنينة .فبدأت عمليات الإعدام في الشوارع , وكان كل يوم يتوقع هدوء الشارع نظراً لإعدام الخونة ولكنه كان يتفاجأ بتزايد أعداد الذين يخرجون .فقد كان الخونة والعملاء يتكاثرون كالجراثيم ولكن رجاله الأوفياء كانوا بالمرصاد للخونة والعملاء فكانوا يعدمونهم فورا وبدون تردد فيجب وأد المؤامرة والفتنة في مهدها .هكذا قال له خاله وأبن خاله .

استيقظ ذات صباح لتخبره أمه أو زوجة أبيه فلم يعد يذكر لتقول له , لقد حان الوقت يابني لترتاح فقد أصابك التعب , فاتصل بمستشاره الروحي , ذالك الشيخ العالم ذو السريرة النقية واستشاره , فكانت الإستخارة , قام الشيخ و توضأ و ذهب إلى الغرفة الأخرى ليصلي , وهناك , كانت أصوات هامسة ,توحي إليه , إين ستكون الخيرة , وعندما عاد افتر , لا بل انشق فمه عن ابتسامته الأبوية اللاهوتية المعتادة مع إمالة رأسه يميناً بحنان , وقال له: يا سيد الوطن , أيها الطبيب , لقد أوتيت البصيرة والعلم , فلم لا تخدم أبناء وطنك بطريقة أخرى .عالجهم , داوهم ,ساعدهم بعلمك .فأنت قد أوصلت بلدك إلى شاطئ الأمان فدع غيرك يحمل العبء بدوره
.
وبعد أيام كان الطبيب في عيادته , كانت عيادة تشبه المشفى المصغرة وكانت مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية والأثاث النفيس .وفي صالة الأستقبال الواسعة على أحد الجدران يمكنك أن تشاهد , صورة كبيرة معلقة , لضابط , يشبه الطبيب ولكن شعره داكن أكثر , وهو حليق الشاربين , ويلبس النظارات السوداء التي تخفي تحتهما النظرات الصارمة . كان مكتوب أسفل الصورة ,
رب الوطن , المهندس (م) ..................الخ .



#محمد_فوزي_راشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف سنجبر العالم على الاعتراف بالمجلس الوطني السوري
- نقابة الفنانين تحكم سوريا
- لماذا قال : أيها الشعب السوري العظيم ؟؟
- عندما رفع بشار الأسد المصحف
- لماذا استجداء الحظر الجوي


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد فوزي راشد - الطبيب