أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية















المزيد.....

هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 1036 - 2004 / 12 / 3 - 08:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


مع كل دورة تغيير في المناصب الإدارية في كليات وأقسام جامعة تشرين تقفز إلى السطح الخلافات المؤسفة بين القيادة السياسية في الجامعة ممثلة بقيادة فرع حزب البعث أو بعض أعضائه،وبين القيادة الإدارية ممثلة بشخص رئيس الجامعة. ولا فرق هنا من هو في موقع رئيس الجامعة أو في موقع أمانة الفرع ،فالمشكلة منذ أكثر من خمس وعشرين عاما وهي تتكرر بنفس الشكل وحول ذات الموضوع، من هو رئيس القسم الفلاني، أو من هو عميد الكلية الفلانية..الخ. ومما يؤلم حقاً أن الكثيرين من العاملين العلميين في الجامعة أصبحوا ينظرون إلى هذه المشكلة على أنها معركتهم، ولذلك فهم يستعدون لها من خلال استقطاب الأنصار والمؤيدين بالطرق المختلفة. وعندما يفوز مرشحو هذا الطرف أو ذاك بالمناصب الإدارية المشار إليها ترى الابتسامات تعلو وجوه الفائزين وأنصارهم، والتبرم والوجوم يسيطر على سلوك الخاسرين، وللأسف لا يتساءلون في كلا المعسكرين فيما إذا كان هناك فائز حقاً؟ أم أن الجامعة ككل تخسر من سمعتها ومن حياتها الأكاديمية الكثير. لا نريد بالطبع الانزلاق إلى مواقع المتعاركين، فمعركتهم تخصهم، إنها معركة من لا معركة حقيقية له، ونود بدلا من ذلك تركيز اهتمامنا على تشخيص واقع الحياة الأكاديمية في جامعاتنا، في محاولة تقديم مساهمة في تطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية.
بداية لا بد من الإقرار بان ما تم إنجازه على صعيد التعليم العالي هو كبير بكل المقاييس وهو شاهد على نفسه سواء من خلال الجامعات الحكومية الأربع، وكلياتها الجامعية المنتشرة في محافظات القطر، يضاف إليها الجامعات الخاصة التي سمح بها مؤخراً، وكذلك الجامعة الافتراضية، والتعليم المفتوح، والتعليم الموازي..الخ، أم بعدد الطلبة الذين يتابعون تحصيلهم الجامعي فيها، أم بعدد الأساتذة والمدرسين والقائمين على العملية التعليمية ..الخ.
لكن هذا الواقع المنجز على الرغم من أهميته، لا يشعرنا بالرضا، فنحن نتطلع إلى المزيد من الإنجازات على هذا الصعيد، في سياق سعينا إلى مزيد من التقدم والتطور، فالحياة سباق يفوز فيها من يراجع نفسه، وما أنجزه باستمرار، فالرضا عن النفس والوقوف عند حدود ما تم تحقيقه، واجتراره في كل مناسبة، بل في غير مناسبة، هو بداية طريق الانحدار والتراجع والتخلف، الذي للأسف الشديد قطعنا عليه شوطاً بعيداً.
ومما لا شك فيه أن التعليم العالي هو عملية تجري في الجامعة، يمهد لها ما قبلها من تعلم وتعليم، يؤطرها المجتمع بما فيه من قيم وعادات واستعدادات ونظرات فلسفية واجتماعية. تكاد تكون وظيفة الجامعة واحدة في جميع البلدان، على الأقل من الناحية النظرية، غير أن نظرة المجتمع إلى الجامعة وتفاعله معها، وما يتوقعه منها، بالإضافة إلى موقف السلطة السياسية منها، قد يختلف كثيراً.
وعندما نتحدث عن الجامعة كمفهوم يقفز إلى الذهن خمسة مكونات تشكل معاً محتوى المفهوم ودلالته، وهذه المكونات هي التالية:
-البناء الجامعي – الأستاذ الجامعي – الطالب الجامعي – الدرس الجامعي – التنظيم والإدارة.
أ- البناء الجامعي:
يقصد بالبناء الجامعي الهيكل العظمي للمؤسسة الجامعية، أو البنية التحتية لها، بما يعني ذلك من توفر المكان الجامعي المناسب لإعطاء الدروس وإجراء التدريبات والتمارين العملية والمكتبات وغرف الأساتذة والعاملين الجامعيين الآخرين، وكذلك أماكن استراحة وحركة الطلاب. يشمل البناء الجامعي أيضاً مختلف التجهيزات الضرورية للعملية التعليمية سواء ما تعلق منها مباشرة بتوصيل الدرس الجامعي إلى متلقيه، من مخابر ومواد مخبرية وتجهيزات..الخ، أم بالاستعداد لذلك من تجهيزات ومواد تخص العاملين العلميين أو الإداريين. البناء الجامعي هو الفضاء المكاني الذي تجري فيه الحياة الجامعية والعملية التعليمية، وبصفته هذه فهو ليس مكاناً جامداً، بل على العكس هو في تغير مستمر من جراء الثورة العملية والتكنولوجية. لقد أحدثت ثورة الاتصالات والمعلوماتية تغييراً جوهرياً فيه، بل هي تهدده في وجوده. لقد أصبح بمقدور الطالب أن يتلقى دروسه وان يجري امتحاناته، وأن يناقش أبحاثه ودراساته وهو موجود في بيته..الخ. بالطبع تجري في سورية محاولات لمواكبة هذه التغيرات التي طرأت على مفهوم المكان الجامعي، فاستحدث ما يسمى بالتعليم المفتوح، والتعليم الافتراضي. وباعتبار أن المكان الجامعي يغلب عليه الطابع الفني، فإن تطوره يخضع لاعتبارات فنية ومادية بحته. إن ما يرصد للتعليم العالي في سورية لا يزيد عن %0.35 من إجمالي الدخل الوطني، وهو في عام 2000 كان حوالي 0.33%. في ذلك العام بلغ إجمالي اعتمادات الموازنة الجارية لصالح التعليم العالي نحو 2.99% من إجمالي اعتمادات الموازنة العامة للدولة، ارتفع إلى نحو 3.02% من اعتمادات الموازنة في عام2001، وهي مخصصات تقل كثيراً عن مخصصات قوى الأمن الداخلي مثلا.
مع ذلك يمكن مضاعفة معدل الانتفاع بالبنية التحتية الجامعية القائمة، من خلال تكثيف استخدامها. يكون ذلك من خلال التعليم الموازي حيث يمكن إنشاء جامعات كاملة بدوام مسائي كامل، في إطار الجامعات الحكومية. لو تحقق ذلك وهو ممكن وفي متناول اليد كما يقال لنتج عنه ما يلي:
- رفع معدل الانتفاع من البنية التحتية القائمة والتي تقدر بمئات المليارات من الليرات السورية بنسبة 100%.
-مضاعفة الطلب على اليد العاملة العلمية المتوفرة في الجامعات الحكومية، وخلق فرص عمل جديدة.
- مساهمة التعليم الموازي في تغطية جزء كبير من نفقات التعليم الحكومي، وحل مشكلة العاملين العلمين فيه بصورة جذرية.
ب- الأستاذ الجامعي:
الأستاذ الجامعي هو العنصر الأكثر نشاطا وفعالية في المؤسسة الجامعية، فهو الذي يحدد، إلى درجة كبيرة، نوعية الحياة الجامعية، مستوى المعارف الجامعية ونوعية الدرس الجامعي، ومستوى البحث العلمي والتجديد والابتكار ..الخ. وهو يلعب هذا الدور سلباً أو إيجاباً بالعلاقة مع حسن اختياره، وكيفية إعداده وتأهيله، ومجمل الشروط المادية والمعنوية المحيطة به في المؤسسة الجامعية، بل في خارجها أيضاً.
في جامعاتنا عدد كبير من العاملين العلميين من أساتذة ومحاضرين، بعضهم من نوعية عالية وأغلبهم ليس أكثر من موظفين عاديين. الأستاذ الجامعي لا يكون بصفته تلك إلا إذا كان مسكوناً بروح التساؤل والبحث والتعلم والنقد والتجديد. وهذا يتوقف بداية على كيفية اختياره، فكلنا يعلم كيف يتم اختيار المعيدين الذين سوف يصبحون أساتذة المستقبل، ودور العلاقات الشخصية والمعايير الأمنية والحزبية في ذلك. لماذا مثلا لا يتم اختيار المعيدين من الطلبة الأوائل في كل كلية، ففي ذلك حسن اختيار وتشجيع للطلبة على الدراسة. بل من حق الطالب المجتهد على الدولة أن تؤمن له ما يليق به من عمل ينتفع به، ويقدم من خلاله مساهماته في تطوير العلم والحياة الجامعية في بلده، بدلا من اختيار من يصبح عالة على الحياة الجامعية، كما حصل في الماضي ولا يزال يحصل في الوقت الراهن بكل أسف.
ثم لماذا لا يتم اختيار أو تعيين المعيدين من قبل الأقسام المختصة بالتعاون مع إدارة الكليات المعنية؟ استناداً إلى خطة دوران اليد العاملة العملية في القسم المعني أو في مراكز الأبحاث المعنية.
ولماذا يتم إيفاد المعيدين إلى الخارج للتحصيل العلمي العالي(الدكتوراة)،هذا إذا تم إيفادهم أصلاً بعد سنوات عديدة من تعيينهم؟!قبل أن يحصلوا في جامعاتنا على شهادتي الدبلوم والماجستير؟.
إن في صواب اختيار المعيد الجامعي، وفق معيار الأهلية والكفاءة لا الولاء ،المدخل السليم لإعداد أستاذ الجامعة والباحث العلمي، على أن يحاط خلال فترة تحصيله العلمي بكل المتابعة الجدية، وتأمين المستلزمات الضرورية لذلك، المادية، والعملية، والمعنوية..الخ.
في دردشة مع بعض الزملاء حول الهموم الجامعية طرحت فكرة أن يعين الدكتور العائد من الإيفاد مباشرة في وظيفة أستاذ، وبعد خمس سنوات وهي المدة المحددة قانونياً لترقيته، يعين بوظيفة أستاذ مساعد، وبعد خمس سنوات أخرى يعين بوظيفة عضو هيئة تدريس ..، أي بدلاً من أن يرقى يكسر وظيفياً. وليس في هذه الفكرة أية دعابة، بل تصيب عين الحقيقة بالنسبة للأغلبية الساحقة من العاملين "العلميين" في جامعاتنا، مهما كانت هذه الحقيقة مؤلمة. نعم عندما يعود الدكتور من الإيفاد حاملا شهادته يكون مفعما بالحماس، وفي ذروته معرفياً، وما إن يصطدم بواقع الحياة الجامعية حتى يبدأ يفقد حماسه، وتبدأ معلوماته ومعارفه التي اكتسبها خلال تحصيله العالي بالتدهور، ليتحول مع الزمن، وبالتدريج إلى مجرد موظف عادي، عينه دائماً على آخر الشهر.
في الحقيقة، الملامة لا تقع على الدكتور وحده، بل لا يقع عليه سوى الجزء القليل منها، فهو إما تعين معيدا دون أن يكون مستوفياً شروط التعيين، أو ليس لديه ميل للعمل الأكاديمي أصلاً، وبالتالي فهو ينظر إلى عمله باعتباره وظيفة تؤمن له دخلا للعيش، وربما الحالتين السابقتين هما السائدتان، أو إنه يملك كل مواصفات العامل العلمي، لكنه لا يجد لعمله طلباً، سوى طلب التدريس التلقيني. وتبقى فئة رابعة، يمكن فعلاً أن تلقب بفئة العلماء، وهي قليلة العدد على كل حال، تصارع من أجل تأكيد ذاتها علمياً وإنسانياً رغم قسوة الظروف.
كثيراً ما يجري الفصل بين الوظيفة التدريسية للعامل العلمي، ووظيفته البحثية، واعتبار الأولى هي الوظيفة الرئيسة، والثانية هي الوظيفة الثانوية أو المشتقة. في واقع الأمر المسألة معكوسة، أو هكذا يجب أن تكون، فالعامل العلمي لا يكون إلا من خلال مساهمته في إنتاج المعرفة العلمية ومتابعته لها، ومن ثم العمل على نشرها أو تعليمها للطلبة. وباعتبار المسألة في جامعاتنا تأخذ الوضعية الأولى لذلك ليس مستغربا أن يكون الإنتاج العلمي من بحوث ودراسات أو ابتكارات في أدنى مستوى، بالمقارنة مع مستوياته العالمية. ومما لا شك فيه أن السلطة وحكوماتها المتعاقبة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن ذلك، فالأموال المرصودة للبحث العلمي في سورية لا تشكل سوى جزء بسيط من مخصصات التعليم العالي التي هي بالأساس متدنية جداً، (لا تزيد عن 0.35% من الدخل الوطني)، علماً أن منظمة اليونسكو كانت قد أوصت بأن لا تقل مخصصات البحث العلمي عن 1% من الدخل الوطني، وهي في فرنسا نحو 2.54% وفي أمريكا نحو 2.62%.
إن الحديث عن مستوى البحوث العلمية المنجزة في جامعاتنا، وفق المعايير الدولية حديث بلا معنى، فهو لا يخاطب سوى حالات استثنائية وخاصة. وحتى في هذه الحالة، نادرا ما يلقى الإنجاز العلمي أو التكنولوجي الاهتمام والرعاية الكافيين. أليس مؤشراً ذو دلالة على تدني مستوى البحث العلمي في جامعاتنا عندما يكون الغرض منه هو الترقي الوظيفي، وعندما لا يوجد في بعض جامعاتنا سوى مجلة علمية واحدة تصدر بصورة غير دورية، وإن بعض الأبحاث التي تقبل للنشر، لا يأتي دورها للنشر إلا بعد سنوات من ذلك.
نحن بحاجة من أجل الإقلاع بالبحث العلمي إلى إعادة النظر في أسسه التنظيمية والإدارية والمالية، وإنشاء مركز وطني يقوم بالتنسيق بين الجهات الطالبة للبحث، والجهات البحثية، واعتماد نظام التعاقد كأساس لإنجاز البحث العلمي المطلوب. يجب أن يكون واضحاً أن الباحث العلمي لا يشتغل بكامل طاقته العلمية إلا في بيئة آمنة ماديا ومعنوياً.
ت-الطالب
الطالب هو الركن الأساسي الأخر المكون لمفهوم الجامعة. فالطالب هو مكتسب العلم اليوم ومنتجه ومعطيه غداً، أو حامله كقوة إنتاجية خبيرة ومؤهلة. ومن البديهي أن ليس كل خريج من المرحلة الثانوية يصلح أن يكون طالباً جامعياً، لذلك تضع كل دولة من الدول قواعد معينة لاختيار الطلبة الجامعيين، بعضها يجري امتحانات قبول خاصة بذلك، وبعضها الآخر يعتمد معدل النجاح في المرحلة الثانوية، وفئة ثالثة تكتفي بدرجات النجاح في الشهادة الثانوية..الخ. لكن لا يوجد بلد في العالم يعتمد العلامات السياسية لمساعدة بعض الطلبة على الدخول إلى الجامعة(علامات الشبيبة..) مثلما يحصل عندنا، وفي الغالب الأعم على حساب طلبة آخرين أكثر جدارة واستحقاقاً.
إن قبول الطلبة في الجامعة يجب أن يسترشد بمعايير معينة منها حاجة الاقتصاد الوطني للكوادر المؤهلة، وميول الطلبة واستعداداتهم ..الخ، على أن تنعكس هذه المعايير في نظام المفاضلة. من حيث المبدأ يمكن اقتراح المعايير التالية للمفاضلة بين المتقدمين:
1- المعدل الوسطي لعلامات النجاح في المرحلة الثانوية.
2-علامات النجاح في الشهادة الثانوية ،مع إمكانية تثقيل علامات بعض المواد بحسب كل كلية.
3- إجراء بعض الاختبارات الخاصة بكل كلية.
ث- المناهج الدراسية
العنصر الرابع المكون لمفهوم الجامعة هو المناهج الدراسية التي يعبر عنها الكتاب الجامعي. من حيث المبدأ نحن من أنصار الكتاب المرجع، وليس الكتاب الجامعي المقرر. لقد أساءت سياسة اعتماد الكتاب الجامعي كثيراً للعملية التعليمية في الجامعة، فمن جهة أدت إلى تراكم كم كبير من الكتب الجامعية ذات النوعية الرديئة، ومن جهة ثانية أضعفت الحافز على التأليف والمتابعة، بل في حالات كثيرة منع التأليف الجديد بقرار إداري بحجة أن الكتب القديمة لم تبع؟!.
إن تطوير المناهج الدراسية في جامعاتنا من القضايا الملحة جداً، من غير المقبول أن يستمر تدريس كثير من الكتب الجامعية لفترة تزيد عن الثلاثة عقود دون أن تتغير. في هذا المجال يمكن أن يلعب دورا حيويا تشكيل ما يسمى بالمجالس العلمية، بحيث يتم تشكيل مجلس علمي لكل مقرر دراسي يتكون من مدرسي هذا المقرر في الجامعات السورية الحكومية والخاصة، ومن المعنيين في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، التي سوف تطلب عمل الخريجين في المستقبل، على أن يجتمع مرة في كل عام للتداول في قضايا المنهاج، وتبادل الخبرات سواء في مجال التدريس أو البحث المتصل به، أو في طرق الامتحان..الخ.
ج- التنظيم والإدارة
إن العناصر الأربعة السابقة الذكر لا تكون الجامعة بها إلا إذا تفاعلت مع بعضها، وهنا يأتي دور العنصر الخامس المكون لمفهوم الجامعة، وهو عنصر التنظيم والإدارة.
تنظيم الجامعة يعني إيجاد التناسبات الضرورية بين مكونات الجامعة من الناحية الكمية والنوعية. أما الإدارة فيتحدد دورها في ضبط وتوجيه هذه العلاقات التناسبية بحيث تتحقق الحياة الجامعية بالصورة المرجوة. من المعروف أن هناك معايير ومؤشرات كمية لهذه التناسبات، مثلا عدد الطلبة لكل مدرس جامعي، عدد الساعات التدريسية، وما هو مخصص منها للدروس النظرية والعملية ، عدد العاملين المساعدين لكل أستاذ جامعي، التجهيزات المخبرية بالعلاقة مع عدد الطلاب، حجم الجهاز الإداري..الخ.
إن تنظيم وإدارة الجامعة هي التي تحدد إلى درجة كبيرة طبيعة الحياة الجامعية ومدى فعاليتها وجدواها. في هذا المجال ثمة تساؤلات عديدة تطرح، على سبيل المثال: لماذا لا يتم انتخاب المستويات الإدارية في الجامعة من قبل هيئاتها الانتخابية؟، علما أن القيادة القطرية كانت قد أصدرت توجيهات بهذا الخصوص سرعان ما جمدتها. لماذا لا تعتبر رئاسة القسم منصباً علمياً يحتله الأجدر علمياً، على أن يساعده معاون للشؤون الإدارية ومكتب للسكرتارية. وفي الحد الأدنى وكحل مؤقت لماذا لا تكون رئاسة القسم بالتناوب بين أساتذة القسم، وعمادة الكليات بالتناوب بين الأقسام..الخ.
في ختام عرضنا لهذه الهواجس لإصلاح الجامعة في سورية لا بد من الإشارة إلى أنها سوف تظل غير مكتملة إذا لم نعرض إلى جانب آخر من القضية لا يدخل في صلب مفهوم الجامعة، مع أن تأثيره عليها حاسم إلى درجة كبيرة، ونعني به السياسات المتبعة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي. فمنذ البداية كانت مسألة السيطرة على الجامعة مهمة سياسية من الدرجة الأولى بالنسبة للسلطة السياسية، وقد اتخذت أشكالا مختلفة، كان من أخطرها عملية تبعيث الجامعة، مما خلق مناخا ملائما لنمو العلاقات الشخصانية، وعبد الطريق أمام كل متسلق أو متملق على حساب الكفاءة، فانعدمت أو كادت روح الاستقلالية والاختلاف والحوار التي لا تكون الحياة الجامعية إلا بها. إن الخروج من هذه الحالة لا يكون إلا بتحرير الجامعة من التسييس المباشر، وخروج المنظمات السياسية والنقابية منها .



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوانين الاستثنائية في سورية
- نحو وحدة وطنية قائمة على التنوع
- نحو رؤية وطنية ديمقراطية للإصلاح
- لجان إحياء المجتمع المدني في سورية والمسؤولية التاريخية
- سياسة كسب الأعداء
- المياه العربية: الأزمة، المشكلات، والحلول
- أربع سنوات من عمر العهد الجديد: ما لها وما عليها
- نحو نقد للمعارضة لا يخدم الاستبداد
- أثر الاستبداد في الحياة السياسية السورية
- أنا سوري ما نيالي
- (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) د-منطق التاريخ والبديل الديمقراط ...
- د(بمثابة موضوعات لحزب سياسي) منطق التاريخ والحياة السياسية ف ...
- د (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلوبة ...
- د - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) الوضع الداخلي والمهام المطلو ...
- ج- بمثابة موضوعات لحزب سياسي- الوضع العربي والمهام المطلوبة
- ب - (بمثابة موضوعات لحزب سياسي) طبيعة العصر والمهام المطلوبة ...
- أ - بمثابة موضوعات لحزب سياسي
- كيف ينظر بعض السوريين لما حدث في مساء 27/4 في دمشق
- حول - الإرهاب يدخل إلى سورية -
- تنمية الموارد المائية ف سورية وترشيد استعمالاتها


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - هواجس لتطوير التعليم العالي والبحث العلمي في سورية