أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أزمة الإرادة الشعبية!














المزيد.....

أزمة الإرادة الشعبية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3447 - 2011 / 8 / 4 - 11:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




حتى وهي خاضعة تماماً لأنظمة حكم دكتاتورية فاسدة عَرَفَت شعوبنا العربية، وجرَّبت، الانتخابات السياسية (النيابية والرئاسية) التي لم تنتهِ دائماً، وعلى وجه العموم، إلاَّ إلى نتيجة (عملية واقعية) واحدة لا غير، هي تثبيت وإدامة أنظمة الحكم هذه، وخضوعها لها.

وكانت كل انتخابات سياسية تنتهي دائماً إلى إظهار وتأكيد أنَّ الفرضية (النظرية) الكامنة فيها، ألا وهي فرضية أنْ يُصوِّت الناخب بما يعكس إرادته السياسية الانتخابية الحُرَّة من كل ما يمكن أنْ يُفْسِدها ويشوِّهها، لا تلقى من الواقع ما يؤيِّدها ويسندها؛ فثمَّة بون شاسع بين "التصويت"، الذي يعكس ما تعرَّضت له إرادة المصوِّت، أو الناخب، من إفساد وتشويه، وبين إرادته السياسية الحقيقية التي قَلَّما يُعبِّر عنها ويُظْهِرها عند إدلائه بصوته.

وهذا البون الشاسع هو خير مقياس نقيس به المنسوب الحقيقي للديمقراطية في الانتخابات السياسية، والوزن الحقيقي لقوى الإفساد والتشويه لإرادة الناخب.

الإرادة الحقيقية للناخب، وللمواطن على وجه العموم، تُقاس بمقياسين متفاوتيِّ الأهمية، أوَّلهما، والأقل أهمية، هو آراء ومواقف الناخب في مَنْ يَنْتَخِب قبل أنْ يذهب إلى صندوق الاقتراع، ويدلي بصوته، وثانيهما، والأكثر أهمية، هو مدى توافق هذه الآراء والمواقف (والتي تتناقض مع تصويته) مع مصالحه الحقيقية التي ليست دائماً مشمولة بوعيه وشعوره.

والإرادة السياسية لشعوبنا العربية، في ربيعها الثوري، لم تتحرَّر بما يكفي لجعل الجماهير من المواطنين المنتفضين الثائرين تعي وتُدْرِك "مرادها الإيجابي" بعدما وعت وأدركت "مرادها السلبي"؛ فالشعب (في مصر مثلاً وعلى وجه الخصوص) الذي أجمع تقريباً على ضرورة وأهمية إطاحة نظام الحكم الدكتاتوري الفاسِد المكروه شعبياً لم يُحْرِز من حرية الإرادة السياسة ما يكفي لجعله مُجْمِعاً الإجماع نفسه تقريباً على طبيعة وخواص نظام الحكم الجديد الذي تستصلحه مصالحه الحقيقية (لا الوهمية) ويكمن في حاجاته التاريخية؛ فإنَّ إرادة الشعب اعتراها، حتى في الربيع العربي، كثيرٌ من الفساد والتشويه والمسخ، وأصبحت، من ثمَّ، عُرْضَة للتمزُّق والتفتُّت؛ وهذا إنَّما يؤكِّد الأهمية (والضرورة) الثورية لنَبْذ العبادتين الضارتين معاً: عبادة الفرد، أي الحاكم، وعبادة الشعب.

إنَّ الشعب في مصر أجمع (تقريباً) في "السلبي" من إرادته السياسية على أهمية وضرورة إطاحة نظام حكم مبارك، فثار على نفسه أوَّلاً، وانتزع الخوف من قلبه ليلقيه في قلب نظام الحكم الدكتاتوري، فنجح، من ثمَّ، في إرغام المؤسَّسة العسكرية على خلع وعزل "الرئيس".

أمَّا الأسباب الحقيقية الواقعية لهذا الإجماع الشعبي الثوري، والكامنة في ثورة الخامس والعشرين من يناير، فليست، في معظمها، وعلى وجه العموم، بالأسباب غير المشتركة بين شعب مصر وسائر الشعوب؛ وكيف لها أنْ تكون خاصَّة بالشعب المصري وحده، وغير مشتركة بينه وبين سائر الشعوب التي ثارت، أو توشك أنْ تثور، وهي تضرب جذورها عميقاً في الفقر، والبطالة، والفساد، واستئثار فئة اجتماعية ضئيلة بنصيب الأسد من السلطة والثروة، وانعدام الحرية السياسية، و"الدولة الأمنية" التي هي حرب مستمرة، ويومية، على الحقوق الإنسانية والديمقراطية للمواطنين.

شعب مصر، وبثورته العظيمة، أنهى رمزياً تلك "الأسباب ـ المشكلات" إذ أطاح رأس نظام الحكم الدكتاتوري الفاسِد؛ لكنَّ الإنهاء الحقيقي والواقعي والتام لها ظلَّ المهمة الثورية التاريخية التي لم تُنْجَز بعد؛ فلماذا؟

لأنَّه لم يَعِ حقوقه ومصالحه الحقيقية، ولم يُحرِّر إرادته السياسية، بما يكفي لإنجاز هذه المهمة، التي لن تُنْجَز على خير وجه، أي بما يجعل ثورته ثورة من أجل حقوقه ومصالحه فحسب، إلاَّ إذا أجاب، بما يوافِق حقوقه ومصالحه الحقيقية، عن سؤال "هل نظام حكم مبارك جدير بالسقوط لأنَّه منافٍ للإسلام أم لأنَّه منافٍ للديمقراطية، بقيمها ومبادئها التي انتشرت من موطنها الغربي حتى غدت عالمية؟".

الشعب في مصر (أو غالبيته، أو جزء كبير منه) قد يميل إلى أنْ يعي حقوقه ومصالحه، وإلى أنْ يفهم نظام حكم مبارك ونظام الحكم الذي يخلفه، بما يوافق المبادئ والقيم والمعايير والمقاييس التي يشتمل عليها "الخطاب الإسلامي"، وخطاب جماعة "الإخوان المسلمين" على وجه الخصوص، فتُتَرْجَم الإرادة الشعبية، هذه المرَّة، بزيادة النفوذ السياسي، والثقل الشعبي، لتلك الجماعة، وبجعل نظام الحكم الجديد شبيهاً بها، سياسياً وفكرياً.

وهذا الميل الشعبي الإسلامي يمكن أن يتصالح مع "ديمقراطية نُزِعَ منها كثيرٌ من قيمها ومبادئها الغربية"؛ ويمكن، من ثمَّ، أنْ يزعموا، في معرض تبرير هذا الميل مع عواقبه، أنَّ الديمقراطية لا تعلو، ويجب ألاَّ تعلو، على إرادة الشعب، وأنْ ليس من الديمقراطية في شيء أنْ يُحْظَر على الشعب أنْ يختار له نظام حكم إسلامي.

إنَّ الشعب في مصر (ومعه سائر شعوبنا العربية) يحتاج الآن، أي في ربيعه الثوري الديمقراطي، إلى أنْ يَجِد حلاًّ لهذه المشكلة الكبرى مشابهاً للحل التركي؛ لكن من طريق غير طريق "المؤسَّسة العسكرية".

وأعني بهذا الحل أنْ تُتَّخَذ الديمقراطية، بقيمها ومبادئها العالمية، أساساً لحياة المجتمع السياسية؛ فالأحزاب الإسلامية يحق لها ما يحق لغيرها، على ألاَّ يتناقض هذا الحق (وممارسته) مع حق المجتمع في أنْ تظل هذه الديمقراطية "ثابت التغيُّر" في حياته السياسية؛ وهذا إنَّما يعني، على وجه الخصوص، أنَّ تداول السلطة لا يتمخَّض، ويجب ألاَّ يتمخَّض، عن نبذ الديمقراطية بصفة كونها نمط عيش سياسي (وفكري) للناس جميعاً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الآن- في الكون هي الماضي!
- الثورة المصرية إذ أشهرت إسلامها!
- تأمَّلوا هذه -الشعوذة الكوزمولوجية- للدكتور زغلول النجار!
- ثورات وقودها -الخوف-!
- حاجتنا إلى الفلسفة لن تنتهي أبداً!
- إلاَّ السعودية!
- توضيح ضروري في شأن -ثبات سرعة الضوء-
- -المؤمن- و-الملحد-.. و-ثالثهما-!
- فساد ميتافيزيقي يعتري -الرياضيات الكونية-!
- مصر تَطْلُب مزيداً من الثورة!
- -ثورة- إبليس!
- كان ينبغي ل -الزيدي- أنْ يَخْرُج في استقباله!
- ردٌّ على أسئلة وتساؤلات
- لماذا نحتاج إلى تخطِّي التناقض بين نيوتن وآينشتاين؟
- ردود على ردود
- معالي الوزير.. سعادة النائب!
- في القرآن.. لا وجود لفكرة -الخلق من العدم-!
- هذه هي خُطَّة بشار للبقاء!
- هذا المسخ والتشويه ل -مادية- المادة!
- هذا التشويه لحقيقة الثورات العربية!


المزيد.....




- بريطانيا: فرض عقوبات على إسرائيليين متشددين بسبب أعمال عنف ف ...
- السعودية.. وفاة و20 حالة في العناية المركزة بتسمم غذائي بمطع ...
- السعودية تكشف جنسية وافد عربي ابتز فتاة ودردشتهما -مموهة-
- الأردن.. الملكة رانيا تكشف عن نصيحة الملك الحسين لها عندما ت ...
- من هو المرشح الرئاسي الذي قد يستحوذ على دعم الشباب في تشاد؟ ...
- المشروب الكحولي الأقل ضررا للكبد
- المشكلات الصحية التي تشير إليها الرغبة الشديدة في تناول الحل ...
- أنطونوف: اتهامات واشنطن بتورط روسيا في هجمات إلكترونية على أ ...
- انجراف التربة نتيجة الأمطار الغزيرة في هايتي يودي بحياة 12 ش ...
- الجزائر تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن المقابر الجم ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أزمة الإرادة الشعبية!